دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأقسام العلمية العامة > سير العلماء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الأولى 1431هـ/9-05-2010م, 03:16 AM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي الامام العلامة ابن قيم الجوزية

عندما تجتمع غزارة العلم وقوة الحجة وعذوبة الأسلوب وروحانية العبارات وبراعة الاستدلال والاستنباط فأنت في حضرة الامام ابن القيم !
العالم الذي اجتمعت طوائف الاسلام على تباين أنواعها واختلاف مشاربها على الافادة من كتبه والاستشهاد بأقواله .
الرجل الذي يذكر اسمه يوميا على المنابر وحلقات العلم , وتخصص الرسائل الجامعية في استخراج مكنونات الدرر النفيسة من اسهاماته العلمية .
النموذج الفريد لمن أراد الجمع بين العلم والعبادة والتواضع والزهد والصدع بالحق في أسمى المعاني وأرفع الدرجات الممكنة .
اسمه ونسبه :
هو: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي الحنبلي

يكنى بـأبي عبد الله ، ويلقب بـشمس الدين ، ويعرف بـابن قيم الجوزية ،

وهذه الشهرة قد تختصر فيقال: ابن القيم ، وقد يقع الخطأ في تسميته كما هو واقع من كثيرين، فيقال: ابن القيم الجوزية أو ابن الجوزية وهذا وذاك غير صحيح. فالقيم: هو الذي يقوم على الأمر، ويكون قائماً بشئونه وما يحتاج إليه، فيقال مثلاً: قيم المسجد: أي: المسئول عنه، القائم بشئونه، وقد كان أبوه قيماً على الجوزية، والجوزية مدرسة ودار فيها كتب، فـابن قيم الجوزية هو ابن الرجل الذي كان قيماً على الجوزية، ولو اختصرت فقلت: ابن القيم لكفى بغض النظر عما كان قائماً بشأنه من الأمور والأعمال. كانت ولادته رحمة الله عليه في السابع من شهر صفر عام (691هـ) أي: في أواخر القرن السابع الهجري.
أخلاقه وخلاله التي تحلى بها وعرف بها وأقوال العلماء فيه
قال ابن كثير -وقد كان من أقران ابن القيم وزملائه وأحبابه-: كان ابن القيم حسن القراءة والخلق، وكان كثير التودد، لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يعيبه، ولا يحقد على أحد. وهذه الكلمات الموجزة تنبئنا عما ينبغي أن يتصف به المسلم الحق، والعالم الذي فقه العلم حق الفقه، فهذا ابن كثير يخبرنا عن حسن سلوك ابن القيم رحمة الله عليه. وتأمل إلى قوله: كان كثير التودد. فهذا نور ينبغي أن نقتبسه، فإن المؤمن يألف ويؤلف، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون)، فالمؤمن منبسط الوجه باش الوجه دائم التبسم، محب لإظهار السرور على إخوانه؛

وبهذا يتميز كل صاحب إيمان وصاحب علم، وليس من ضرورة الالتزام والعبادة والتهجد الغلظة والفضاضة والتجهم، فإن بعض الناس ربما غلب عليه هذا السمت، لذلك لا تراه إلا مقطب الجبين، عابس الوجه، ويظن أنه بذلك يحقق مقتضى تعبده ولوازم تعلمه! وليس الأمر كذلك. ويقول ابن كثير رحمة الله عليه واصفا ابن القيم : لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يعيبه. جاء في مسند الإمام أحمد قصة الرجل الذي بشره النبي عليه الصلاة والسلام أنه من أهل الجنة ثلاث مرات، ثم صحبه بعض الصحابة ليرى حاله ويعرف سر بشارة النبي عليه الصلاة والسلام له، فلم ير عنده شيئاً يتميز به من كثير قيام أو صلاة أو نحو ذلك، إلا أن الرجل قال له: إني أبيت وليس في صدري غش ولا غل لأحد من المسلمين، فقال: هذه التي بها بلغت، وهي التي عنها نعجز. فغاية التهذيب الإيماني أن يكون المرء حسن السريرة على إخوانه، يحسن الظن بهم، ولا يحمل الحقد في قلبه عليهم وإن أخطئوا عليه. كانت هذه الصفة في ابن القيم بالرغم أن له خصومات مع بعض من خالفه في الآراء، حتى سجن وأوذي، ومع ذلك كان لا يحمل حقداً، فالرجل الكبير العظيم يكون مترفعاً عن الدنايا والصغائر، ولا يجعل لخلاف الرأي أثراً على محبة القلوب، وحسن الظن بالآخرين، والتماس العذر لهم. ولذلك كان وصف ابن كثير مطلقاً، يقول: كان لا يحسد أحداً، ولا يؤذيه، ولا يعيبه، أي: ينتقصه بالعيب أو يقدح فيه سواءً في علمه أو في سمته أو غير ذلك. وقال كذلك: ولا يحقد على أحد. ولا يظنن ظان أن هذا السمت يدل على الهوان والضعف والذلة، وإنما كما قال ابن حجر عندما ذكر كثيراً من صفات ابن القيم : كان جريء الجنان، شجاع القلب، يقول الحق لا يخشى في الله لومة لائم، وقد خالف كثيرين وأصر على رأيه وأنه الحق، وسجن وأوذي فما تردد، ولا ارتجف قلبه ولا خاف ولا داهن في دينه. فتجد أن تبسمك وإدخالك السرور على إخوانك فيهما تنقية قلبك وتهذيب نفسك، بما لا يفضي إلى أن تداهن في الحق أو أن تتراجع عما تعتقده صواباً، وإنما تجمع بين هذه المحاسن كلها، وهكذا كان ابن القيم رحمة الله عليه كما في بعض هذه الكلمات اليسيرة الوجيزة التي ذكرها عنه بعض من ترجم له من أهل العلم.
قال ابن كثير -وقد كان من أقران ابن القيم وزملائه وأحبابه-: كان ابن القيم حسن القراءة والخلق، وكان كثير التودد، لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يعيبه، ولا يحقد على أحد. وهذه الكلمات الموجزة تنبئنا عما ينبغي أن يتصف به المسلم الحق، والعالم الذي فقه العلم حق الفقه، فهذا ابن كثير يخبرنا عن حسن سلوك ابن القيم رحمة الله عليه. وتأمل إلى قوله: كان كثير التودد. فهذا نور ينبغي أن نقتبسه، فإن المؤمن يألف ويؤلف، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون)، فالمؤمن منبسط الوجه باش الوجه دائم التبسم، محب لإظهار السرور على إخوانه؛ وبهذا يتميز كل صاحب إيمان وصاحب علم، وليس من ضرورة الالتزام والعبادة والتهجد الغلظة والفضاضة والتجهم، فإن بعض الناس ربما غلب عليه هذا السمت، لذلك لا تراه إلا مقطب الجبين، عابس الوجه، ويظن أنه بذلك يحقق مقتضى تعبده ولوازم تعلمه! وليس الأمر كذلك. ويقول ابن كثير رحمة الله عليه واصفا ابن القيم : لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يعيبه. جاء في مسند الإمام أحمد قصة الرجل الذي بشره النبي عليه الصلاة والسلام أنه من أهل الجنة ثلاث مرات، ثم صحبه بعض الصحابة ليرى حاله ويعرف سر بشارة النبي عليه الصلاة والسلام له، فلم ير عنده شيئاً يتميز به من كثير قيام أو صلاة أو نحو ذلك، إلا أن الرجل قال له: إني أبيت وليس في صدري غش ولا غل لأحد من المسلمين، فقال: هذه التي بها بلغت، وهي التي عنها نعجز. فغاية التهذيب الإيماني أن يكون المرء حسن السريرة على إخوانه، يحسن الظن بهم، ولا يحمل الحقد في قلبه عليهم وإن أخطئوا عليه. كانت هذه الصفة في ابن القيم بالرغم أن له خصومات مع بعض من خالفه في الآراء، حتى سجن وأوذي، ومع ذلك كان لا يحمل حقداً، فالرجل الكبير العظيم يكون مترفعاً عن الدنايا والصغائر، ولا يجعل لخلاف الرأي أثراً على محبة القلوب، وحسن الظن بالآخرين، والتماس العذر لهم. ولذلك كان وصف ابن كثير مطلقاً، يقول: كان لا يحسد أحداً، ولا يؤذيه، ولا يعيبه، أي: ينتقصه بالعيب أو يقدح فيه سواءً في علمه أو في سمته أو غير ذلك. وقال كذلك: ولا يحقد على أحد. ولا يظنن ظان أن هذا السمت يدل على الهوان والضعف والذلة، وإنما كما قال ابن حجر عندما ذكر كثيراً من صفات ابن القيم : كان جريء الجنان، شجاع القلب، يقول الحق لا يخشى في الله لومة لائم، وقد خالف كثيرين وأصر على رأيه وأنه الحق، وسجن وأوذي فما تردد، ولا ارتجف قلبه ولا خاف ولا داهن في دينه. فتجد أن تبسمك وإدخالك السرور على إخوانك فيهما تنقية قلبك وتهذيب نفسك، بما لا يفضي إلى أن تداهن في الحق أو أن تتراجع عما تعتقده صواباً، وإنما تجمع بين هذه المحاسن كلها، وهكذا كان ابن القيم رحمة الله عليه كما في بعض هذه الكلمات اليسيرة الوجيزة التي ذكرها عنه بعض من ترجم له من أهل العلم.
قال ابن كثير -وقد كان من أقران ابن القيم وزملائه وأحبابه-: كان ابن القيم حسن القراءة والخلق، وكان كثير التودد، لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يعيبه، ولا يحقد على أحد. وهذه الكلمات الموجزة تنبئنا عما ينبغي أن يتصف به المسلم الحق، والعالم الذي فقه العلم حق الفقه، فهذا ابن كثير يخبرنا عن حسن سلوك ابن القيم رحمة الله عليه. وتأمل إلى قوله: كان كثير التودد. فهذا نور ينبغي أن نقتبسه، فإن المؤمن يألف ويؤلف، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون)، فالمؤمن منبسط الوجه باش الوجه دائم التبسم، محب لإظهار السرور على إخوانه؛ وبهذا يتميز كل صاحب إيمان وصاحب علم، وليس من ضرورة الالتزام والعبادة والتهجد الغلظة والفضاضة والتجهم، فإن بعض الناس ربما غلب عليه هذا السمت، لذلك لا تراه إلا مقطب الجبين، عابس الوجه، ويظن أنه بذلك يحقق مقتضى تعبده ولوازم تعلمه! وليس الأمر كذلك. ويقول ابن كثير رحمة الله عليه واصفا ابن القيم : لا يحسد أحداً ولا يؤذيه ولا يعيبه. جاء في مسند الإمام أحمد قصة الرجل الذي بشره النبي عليه الصلاة والسلام أنه من أهل الجنة ثلاث مرات، ثم صحبه بعض الصحابة ليرى حاله ويعرف سر بشارة النبي عليه الصلاة والسلام له، فلم ير عنده شيئاً يتميز به من كثير قيام أو صلاة أو نحو ذلك، إلا أن الرجل قال له: إني أبيت وليس في صدري غش ولا غل لأحد من المسلمين، فقال: هذه التي بها بلغت، وهي التي عنها نعجز. فغاية التهذيب الإيماني أن يكون المرء حسن السريرة على إخوانه، يحسن الظن بهم، ولا يحمل الحقد في قلبه عليهم وإن أخطئوا عليه. كانت هذه الصفة في ابن القيم بالرغم أن له خصومات مع بعض من خالفه في الآراء، حتى سجن وأوذي، ومع ذلك كان لا يحمل حقداً، فالرجل الكبير العظيم يكون مترفعاً عن الدنايا والصغائر، ولا يجعل لخلاف الرأي أثراً على محبة القلوب، وحسن الظن بالآخرين، والتماس العذر لهم. ولذلك كان وصف ابن كثير مطلقاً، يقول: كان لا يحسد أحداً، ولا يؤذيه، ولا يعيبه، أي: ينتقصه بالعيب أو يقدح فيه سواءً في علمه أو في سمته أو غير ذلك. وقال كذلك: ولا يحقد على أحد. ولا يظنن ظان أن هذا السمت يدل على الهوان والضعف والذلة، وإنما كما قال ابن حجر عندما ذكر كثيراً من صفات ابن القيم : كان جريء الجنان، شجاع القلب، يقول الحق لا يخشى في الله لومة لائم، وقد خالف كثيرين وأصر على رأيه وأنه الحق، وسجن وأوذي فما تردد، ولا ارتجف قلبه ولا خاف ولا داهن في دينه. فتجد أن تبسمك وإدخالك السرور على إخوانك فيهما تنقية قلبك وتهذيب نفسك، بما لا يفضي إلى أن تداهن في الحق أو أن تتراجع عما تعتقده صواباً، وإنما تجمع بين هذه المحاسن كلها، وهكذا كان ابن القيم رحمة الله عليه كما في بعض هذه الكلمات اليسيرة الوجيزة التي ذكرها عنه بعض من ترجم له من أهل العلم.
عبادته وزهده:
نقتبس أنواراً أخرى من أمر وحال عبادته رحمة الله عليه، وقد ذكر المترجمون له في هذا الشأن حالاً عجيبة، وأوصافاً غريبة، وأموراً يتعجب منها كثير منا، وقد ضعفت هممنا، وكثرت بالحياة الدنيا انشغالاتنا، وقصرنا في الطاعات، وفرطنا في كثير من الخيرات.
شهادة الامام ابن كثير: كان ابن كثير من أصحابه وجلسائه الذين عرفوه وخبروه، يقول: وكنت من أصحب الناس له، وأحب الناس إليه، ومعنى هذا: أنه سيكون مطلعاً على خبايا أمره، وعلى أحواله الخاصة. ثم يقول ابن كثير رحمة الله عليه -وتأمل هذه الكلمات عندما يقولها الإمام ابن كثير وهو من هو في علمه وفضلة وتأريخه وتراجمه المعروفة-: ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادةً منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع ولا ينزع من شأن عبادته وطوله فيها، وتفرغه لها وبذله من جهده ووقته فيها. ولم يكن ابن القيم رحمة الله عليه رجلاً منقطعاً عن الناس متفرغاً للعبادة، حتى نقول: إن هذا الوصف يليق به؛ لأنه لم يكن عنده شأن آخر، بل كان عالماً صنف مصنفات يحار العقل في فهمها وتدبرها، ومعرفة ما فيها من غزير العلم، ودقائق المسائل، وكان مع ذلك مجاهداً في الدعوة إلى الله عز وجل، ينشر العلم ويلقنه، ويرد على المخالفين، ويقوم المبتدعين، ونحو ذلك، ومع ذلك كله ما شغل عن أمر هو من أهم الأمور وأعظمها وآكدها للعالم والداعية والمسلم على وجه العموم، وهو أمر الصلة بالله عز وجل، وأمر العبادة وربط القلب به، واستمداد العون منه.
شهادة الامام ابن رجب الحنبلي :ويقول ابن رجب - وهو ممن تتلمذوا على ابن القيم رحمة الله عليه، وقد وصفه في ذلك وصفاً أطول وأعجب مما ذكره ابن كثير -: وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشغف بالمحبة والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله عز وجل، والانكسار له والانطراح بين يديه على عتبة عبوديته، ثم يقول على غرار ما قال ابن كثير : لم أشاهد مثله في ذلك، وكان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن والتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف. قال: وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمراً يتعجب منه. فذاك قرينه، وهذا تلميذه، وهما من المقربين إليه والمختصين به، العارفين بحاله، فإذا بهما يذكران هذا الوصف الذي يغلب على السامع عندما يسمعه أن هذا الرجل لم يكن له شأن إلا العبادة وحدها، ومع ذلك كان رحمة الله عليه يجمع مع هذا الشأن شئوناً أخرى عظيمة وجليلة.
علومه وثناء العلماء عليه :
يقول الامام ابن كثير: سمع الحديث، واشتغل بالعلم، وبرع في علوم متعددة لاسيما علم التفسير والحديث والأصلين، وبالجملة كان قليل النظير في مجموعه. يعني: قل أن يوجد له نظير في مجموع أحواله، من علمه، وعبادته، وأخلاقه، إلى غير ذلك كله.
يقول الامام ابن رجب الحنبلي :في وصف علمه -وقد توسع في ذلك؛ لأنه تلميذه الذي تلقى عنه وأخذ منه-: تفقه في المذهب، وبرع، وأفتى، ولازم ابن تيمية وأخذ عنه، وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفاً بالتفسير لا يبارى فيه، وبأصول الدين وإليه فيها المنتهى -تأمل هذه العلوم والأوصاف- والحديث ومعانيه وفقهه ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه والأصول والعربية وله فيها اليد الطولى، وتعلم الكلام والنحو وغير ذلك، وكان عالماً بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم، وله في كل من هذه الفنون اليد الطولى.ما رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه -ثم يستدرك ويدلنا ذلك على دقة العلماء- قال: وهو ليس بمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله.
يقول الامام الذهبي :-وهو من نعلم في تقويم الرجال-: عني بالحديث وفقهه، ومعرفة بعض رجاله، وكان يشتغل في الفقه، ويجيد تقريره وتدريسه، وفي الأصلين، وتصدى للاشتغال وإقراء العلم، ونشره.
وقال برهان الدين الزرعي : عن ابن القيم : ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه، وقد درس في الصدرية -وهي إحدى مدارس الشام نسبة إلى صدر الدين الدمشقي- وأم بالجوزية، أي: كان إماماً فيها.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : كان جريء الجنان واسع العلم عارفا بالخلاف ومذاهب السلف .
وقال الامام السيوطي : قد صنف وناظر واجتهد وصار من الأئمة الكبار في التفسير والحديث والفروع والأصلين والعربية .
وقال الامام الشوكاني :برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتهر في الآفاق، وتبحر في معرفة مذاهب السلف.
تصانيف ابن القيم وتآليفه:
يقول ابن كثير في شأن مؤلفاته:( وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير، وكتب بخطه الحسن شيئاً كثيراً، واقتنى من الكتب ما لا يتهيأ لغيره تحصيل عشره من كتب السلف والخلف). و ابن رجب يقول:( كتب بخطه ما لا يوصف كثرةً، وصنف تصانيف كثيرةً جداً في أنواع العلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتنى من الكتب مالم يحصله غيره). وكان كلام ابن حجر في وصفه في هذا الباب من أجمل وأنفس ما يقال، يقول:( وكان مغرماً بجمع الكتب، فحصل منها ما لم يحصل غيره). يعني كان يجمع الكتب ويقتنيها، ونحن نعلم أن الكتب في ذلك العصر لم تكن مطبوعة بآلاف وعشرات الآلاف كما هو في عصرنا، فكان تحصيلها وجمعها وتتبعها ونسخها أمراً فيه مشقة وجهد وعناء لا يعرفه إلا من كابد ذلك أو بعضاً منه أو اطلع عليه. يقول ابن حجر : (وكان مغرماً بجمع الكتب، فحصل منها ما لم يحصل غيره، حتى كان أولاده يبيعون منها بعد موته دهراً طويلاً سوى ما اصطفوه لأنفسهم. من أولاده إبراهيم و عبد الله كانا من العلماء، وقد درسا بعد موت والدهما في المدرسة الصدرية، وكان أحدهما من أهل الفتيا والقضاء، وهما من أهل العلم، فاصطفوا لأنفسهم كتباً، ومع ذلك كانت كتبه من الكثرة أنهم باعوا بعضاً منها على مدىً طويل من الدهر والزمن). وقال ابن حجر في وصف تصانيفه -وهذا إطلاق عجيب دقيق مفيد من ابن حجر -: وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف، وهو طويل النفس فيها، يتعاني الإيضاح جهده فيسهب جداً، ومعظمها من كلام شيخه يتصرف فيه في ذلك، وله في ذلك ملكة قوية، ولا يزال له يد في ذلك، ويبسط مفرداته وينتصر لها. يقول الشوكاني معلقاً بعد نقل كلام ابن حجر : وله من حسن التصرف مع العذوبة السائدة وحسن السياق ما لا يقدر عليه غالب المصنفين، بحيث تعشق الأفهام كلامه، وتميل إليه الآذان، وتحبه القلوب، وليس له على غير الدليل معول في الغالب، وقد يميل إلى المذهب الذي نشأ عليه، ولكنه لا يتجاسر على الدفع في وجوه الأدلة بالمحامل الباردة كما يفعل غيره من المتمذهبين. وانظر إلى هذا المعنى الذي أضافه الشوكاني وهو معنى ً جميل جيد وواقعي حقيقي، فإن ابن القيم رحمة الله عليه اشتهر بعذوبة عبارته، وسلاسة أسلوبه، وعلو بلاغته، وحسن عبارته، وكثرة استشهاده بالأمثلة والأشعار والبلاغات ونحو ذلك، مما يجعل كلامه مقبولاً في النفوس، وله وقع في القلوب كما قال: تميل إليه الآذان، وتعشقه وتحبه القلوب، وهذا قول واقعي يعرفه من قرأ في كتبه رحمة الله عليه. وهذا أمر نحتاج إليه، وهو ما قاله عنه ابن حجر : يتعانى في التوضيح والتبيين وبسط المسائل حتى تعرف، فليس أمر التعليم وتفهيم الناس أمراً هيناً، وإنما يحتاج إلى معرفة طرق التدريس والتعليم، وقد كان ابن القيم قد أخذ بالحظ الأوفى والأوفر من هذا الوصف، وكتبه مع وضوحها وجمالها فيها العلم والتفصيل والتفريع الذي هو من شأن تخصصات العلوم ودقائقها، إلا أنه كان يسهب بحيث يفهم عنه ويقبل منه، ويكون قد أقام الحجة والدليل بالطريقة الواضحة البينة.
تتلمذه على شيخه وصبره معه في محنته:
اقتنع ابن القيم واعجب أيما اعجاب بشيخه ابن تيمية، فنشر له ودعا إليه وجادل عنه وحامى عليه. وهو كان قد التقاه أول مرة بعد أن عاد الشيخ من مصر عام [ 712هـ ]، فلزمه ونهل الكثير منه. وكان هم ابن تيمية في ذلك الحين قد انصرف للفقه والفتاوى وتأكيد ما نافح عنه في العقائد، فتأثر به ابن القيم وأخذ يتشرب العلم منه إلى أن توفى الله ابن تيمية عام [ 728هـ ].

وما فترت عزيمة ابن القيم بموت شيخه، فواصل جهاده ضد خصومه محيياً السنة قامعاً للبدعة وداعياً لآثار السلف الصالح. وانصرف ابن القيم لجمع كتب شيخه وتهذيبها ونشرها في زمانه لما رأى فيها من سلامة العقيدة وانكارها على المبتدعين والملاحدة والمتكلمين ممن تأثر بالفلاسفة في ذلك العصر.

وقد مرّ ابن القيم بمراحل المحنة والمجاهدات الشاقة مع أستاذه وشيخه ابن تيمية رحمهما الله جميعاً. وأوذي وامتحن معه ودونه مرات، وعندما حُبِسَ شيخ الإسلام في القلعة في المرّة الأخيرة حُبِسَ هو معه أيضاً ولكن فُرّق بينهما في السجن، وأفرج عنه بعدَ وفاة شيخه، وقد ظلّ طوال هذه المدة مشغولاَ بتلاوة القرآن ودراسة معانيه والتدبر فيه ففتح الله عليه من ذلك خيراً كثيراً، وكانت تلك المحنة معينة له على التأمل والتفرغ للتأليف في مختلف صنوف العلم التي برع وأبدع فيها.
منهج ابن القيم:
كان عالمنا ذا عقيدة صافية... يتحرى السنة ومنهج السلف الصالح فيما يتبناه من آراء وإتجاهات. ولقد كان شيخه - شيخ الإسلام ابن تيمية - القدوة التي سار على أثرها فيما يتعلق بضرورة تخليص الأمة من قيود عصبية المذهب... فاقتنع بآرائه، وشد على يديه مؤيداً وناصراً، ثم لما توفى الله الشيخ حمل ابن القيم اللواء من بعده فسلك ذات الدرب ونافح عن ذات المبادىء، وظل على ذلك إلى أن أسلم الروح للبارىء تعالى مجاهداً ومهموماً بنصرة الدين ورفعة المسلمين.

وكان - رحمه الله - عازفاً في مؤلفاته وآرائه عن طريق الفلاسفة ومنهج المتكلمين الذي استشرى في ذلك الوقت، موجداً الفرقة وداعياً للإلحاد ومهمشاً للكتاب والسنة. فانبرى لها ولأئمتها مفنداً... مبيناً ضلالها وكاشفاً أهدافها ومصادر إنطلاقها لمحاربة الأمة.

وكان لا يقدم رأياً على القرآن والسنة... ولا يعدل بأقوال الصحابة أقوال غيرهم. ثم يلجأ للقياس إن لم يجد من أولئك شيئاً... على ألا يتعارض مع نص ثابت معلوم. ونراه قد التزم بهذا المنهج وشدد عليه... وما خصوماته ومناظراته مع المبتدعة إلا لأجل ذلك وما يدور حولها من اتباع للهوى وتعطيل النصوص وتضييع للسنة.
شيوخه:
تلقى ابن القيم العلم عن كثير من شيوخ عصره:

* فسمع الحديث من الشهاب النابلسي. والقاضي تقي الدين بن سليمان، وأبي بكر ابن عبد الدائم، وعيسى المطعم، واسماعيل بن مكتوم، وفاطمة بنت جوهر وغيرهم.

* وأخذ الفقه والأصول على المجد الجعراني اسماعيل بن محمد، والشيخ صفي الدين الهندي والشيخ ابن تيمية، فقرأ عليهم ( الروضة ) لابن قدامة المقدسي، و ( الأحكام ) للآمدي و ( المحصل ) و ( المحصول ) و( الأربعين ) للرازي و ( المحرر ) لابن تيمية الجد.

* وأخذ الفرائض على أبيه فقد كان أبوه علماً مشهوراً بعلم الفرائض.

* وأخذ العربية عن ابن أبي الفتح البعلي، فقرأ عليه: ( الملخص ) لأبي البقاء وغيرهم وقرأ على الشيخ مجد الدين التونسي قطعة من المقرب لابن عصفور، وقرأ العلوم على شيخه تقي الدين بن تيمية شيخ الإسلام، فقد لازمه ست عشرة سنة من سنة [ 712 هـ ] إلى أن توفي سنة [ 728هـ ] حتى غدا أشهر تلامذته وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه من بعده.

تلامذته:
أما من أخذ عنه العلم فخلق كثير من حياة شيخه ابن تيمية وبعد وفاته، فاستفادوا من مناهل علمه فسلكوا دربه واعتنوا بمؤلفاته واشتغلوا بها كثيراً. وقد كان علماء عصره وتلامذته يبجلونه كثيراً ويرون التلمذة عليه شرفاً كبيراً. ومن مشاهير طلابه:

* الإمام الحافظ زين الدين أبو الفرج عبدالرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي الدمشقي الحنبلي صاحب المؤلفات المتوفى سنة [795هـ ].

* الحافظ عمادالدين اسماعيل بن عمر بن كثير البصري الدمشقي صاحب ( التفسير ) و ( البداية والنهاية ) المتوفى سنة [774هـ ].

* الشيخ الإمام الحافظ عمدة المحدثين صاحب التصانيف الكثيرة البديعة أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الجماعيلي الصالحي المتوفى سنة [744هـ ].

* الشيخ شمس الدين أبو عبدالله محمد بن عبد القادر بن محيي الدين عثمان النابلسي الحنبلي المتوفى سنة [797هـ ] وغيرهم كثير.

مؤلفاته :
تنوعت مؤلفات الامام ابن القيم وانتشر ذكرها وهذا ثبت بأهم مؤلفاته :
* حاشية ابن القيم (حاشية ابن القيم على سنن أبي داود)
* الطب النبوي (الطب النبوي)
* بدائع الفوائد (بدائع الفوائد)
* زاد المهاجر (الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه)
* تحفة المولود (تحفة المودود بأحكام المولود)
* طلاق الغضبان (إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان)
* زاد المعاد (زاد المعاد في هدي خير العباد)
* أحكام أهل الذمة (أحكام أهل الذمة)
* جلاء الأفهام (جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام)
* هداية الحيارى (هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى)
* الوابل الصيب (الوابل الصيب من الكلم الطيب)
* عدة الصابرين (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين)
* الفوائد (الفوائد)
* الصواعق المرسلة (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة)
* إغاثة اللهفان (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)
* الروح (الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء)
* إعلام الموقعين (إعلام الموقعين عن رب العالمين)
* عقيدة الفرقة الناجية (الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية)
* شفاء العليل (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل)
* الأمثال في القرآن الكريم (الأمثال في القرآن الكريم)
* نقد المنقول (نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول)
* الداء والدواء (كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)
* الطرق الحكمية (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية)
* صيغ الحمد (جواب في صيغ الحمد)
* مؤلفات ابن تيمية (أسماء مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية)
* التبيان في أقسام القرآن (التبيان في أقسام القرآن)
* اجتماع الجيوش الإسلامية (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية)
* الرد الوافر (الرد الوافر)
* الفروسية (الفروسية)
* الصلاة وحكم تاركها (الصلاة وحكم تاركها وسياق صلاة النبي من حين كان يكبر إلى أن يفرغ منها)
* المنار المنيف (المنار المنيف في الصحيح والضعيف)
* حادي الأرواح (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح)
* روضة المحبين (روضة المحبين ونزهة المشتاقين)
* طريق الهجرتين (طريق الهجرتين وباب السعادتين)
* مدارج السالكين (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين)
* مفتاح دار السعادة (مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة)
* رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه (رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه)
وفاته:

وكانت وفاته في السابع عشر من شهر رجب عام (751هـ) ودفن في مقبرة الباب الصغير عند والدته بعد الصلاة عليه في المسجد الأموي وجامع جراح ,وكانت جنازته حافلة حضرها أعيان العلماء والصالحين .وذكر له منامات كثيرة حسنة ومنها ما ذكره أحد تلاميذه عن الامام ابن القيم قبل موته فقال :
(وكان هو - رحمه الله - "قد رأى قبل موته بمدة الشيخ تقي الدين - رحمه الله - في النوم، وسأله عن منزلته؟ فأشار إلى علوها فوق بعض الأكابر، ثم قال له: وأنت كدت تلحق بنا، ولكن أنت الآن في طبقة ابن خزيمة رحمه الله")
فَرَحِم الله ابن القَيِّم رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام وأهله خيراً، وأسكنه فسيح جناته، آمين.


أسأل الله أن يغفر لي تقصيري في ترجمته , فلن أستطيع توفية حقه علي وعلى المسلمين ممن انتفع بعلمه ودعوته مما انتقل الينا من بطون كتبه .

تلميذ ابن القيم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 رمضان 1431هـ/24-08-2010م, 05:22 AM
ام عبد الله ام عبد الله غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 4
افتراضي

تلخيص رائع
جزاك الله كل خير

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 07:07 AM
ام عبدالله العلي ام عبدالله العلي غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 277
افتراضي

اذا قرأت مثل هذه التراجم احزن علي حالنا والله المستعان
رحم الله عالمنا رحمة واسعة

* تنبيه :: البداية فيها تكرار للكلام

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الامام, العلامة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الامام مسلم بن الحجاج علي بن عمر سير العلماء 1 15 رمضان 1431هـ/24-08-2010م 05:23 AM
مختصر و رؤوس أقلام من شرح الأربعين النووية لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله جل و علا . رشيد مكتبة المعهد 2 26 جمادى الأولى 1431هـ/9-05-2010م 10:34 PM
نبذة مختصرة عن العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز علي بن عمر سير العلماء 0 13 جمادى الأولى 1431هـ/26-04-2010م 09:33 PM
النصيحة الغالية لطلاب العلم للشيخ العلامة عبد الكريم الخضير فيصل بن المبارك المنتدى العام 0 1 صفر 1430هـ/27-01-2009م 12:00 PM


الساعة الآن 01:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir