دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو الحجة 1429هـ/11-12-2008م, 10:55 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الكتاب الأول: القرآن [تعريف القرآن]

الكتاب الأول
في الكتاب ومباحث الأقوال
الْكِتَابُ الْقُرْآنُ، وَالْمَعْنِيُّ بِهِ هُنَا اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ، وَمِنْهُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ غَيْرَ بَرَاءَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لَا مَا نُقِلَ آحَادًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَالسبع مُتَوَاتِرَةٌ قِيلَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ، كَالْمَدِّ وَالْإِمَالَةُ وَتَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ، قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَالْأَلْفَاظُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ، وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ.
وَقِيلَ: مَا وراء السَّبْعَةُ.
أَمَّا إجْرَاؤُهُ مُجْرَى الْآحَادِ فَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَلَا يَجُوزُ وُرُودُ مَا لَا مَعْنَى لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، خِلَافًا لِلْحَشَوِيَّةِ، وَلَا مَا يُعْنى بِهِ غَيْرَ ظَاهِرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ خِلَافًا لِلْمُرْجِئَةِ، وَفي بَقَاءُ الْمُجْمَلِ غَيْرُ مُبَيَّنٍ، ثَالِثُهَا: الْأَصَحُّ لَا يَبْقَى الْمُكَلَّفُ بِمَعْرِفَتِهِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَدِلَّةَ النَّقْلِيَّةَ قَدْ تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْضِمَامِ تَوَاتُرٍ أَوْ غَيْرِهِ.

  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 09:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي منع الموانع للقاضي: عبد الوهاب السبكي


الحادي عشر: ما شرح قولكم: (الكتاب القرآن، والمعنيُّ به هنا: اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإِعجاز بسورة منه، المتعبد بتلاوته)، فإنكم زدتم في الحد قيوداً؛ لم يذكرها غيركم، ويخرج بالمتعبد بتلاوته ما نسخت تلاوته وبقي حكمه، ويدخل به عكسه؟
. . .
تعريف القرآن:
وأما تعريف الكتاب، فإن قلنا: (الكتاب القرآن، والمعني به هنا اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه، المتعبد بتلاوته) انتهى، فقولنا (الكتاب القرآن) كقولك الإنسان البشر، والقمح البر، وهذا لأن الألف واللام في الكتاب للعهد، والمراد الكتاب الذي يتعارفه المسلمون وهو حجة الله بينهم: وهو المفهوم، حيث نقابله بالسنة والإجماع، فنقول الكتاب والسنَّة والإجماع، وقولنا: (المعني به هنا) إشارة إلى أن القرآن يطلق تارةً، ويراد به المعنى القائم بالنفس وذلك محل نظر المتكلمين، وأخرى ويراد به الألفاظ المقطعة المسموعة، وهذا محل نظر الأصوليين والفقهاء وسائر خدمة الألفاظ كالنحاة والبيانيين والبديعيين والتصريفيين واللغويين.
وقولنا: (اللفظ): هو أول التعريف، فاللفظ جنس، واخترناه هنا على التعبير بالقول، وإن كنا في حد الكلمة وافقنا شيخنا أبا حيان رحمه الله، وقلنا: (الكلمة قول)، ولم نقل لفظ، فإن أبا حيان قال: التعبير بالقول أولى لأنه أخص من اللفظ والإتيان بالجنس القريب في التعاريف أولى من البعيد. فقفونا أثره في حد الكلمة، وأما في حد القرآن فلم نتمكن من ذلك، لأن مرادنا التنصيص على أن بحثنا عن الألفاظ، ولو قلنا (القول) لم يفهم ذلك. لأن القول كما يطلق على اللساني يطلق على النفساني، فكان التعبير باللفظ هنا هو الصواب.
فإن قلت: إذا كان القول يطلق على النفساني فليس حينئذٍ أخص من اللفظ مطلقاً كما زعم أبو حيان، بل يكون بينهما عموم وخصوص، وهذا لأن اللفظ كالكلم، أعم من المفيد وغيره، والقول كالكلام مخصوص بالمفيد، ولكنه أعم من اللفظ من حيث إنه يطلق على النفساني كما يطلق على اللساني. قلت: أبو حيان لا ينكر ذلك، ولكن صناعته لفظية، ولا حديث له في مسألة النفساني البتة، فلما كان نظره مقصوراً على الألفاظ كان التعبير بالقول أولى، لأن المعني به عند النحاة لفظ مفيد، فهو أخص من مطلق اللفظ من كل وجه.
وقولنا: (المنزل) فصل: يخرج اللفظ غير المنزل، وقد عرفناك في (شرح المختصر) ما نعنيه بالمنزل هنا، وأن الألفاظ لا تقبل حقيقة النزول، وعرفناك في هذه الأجوبة أن التعاريف لا تخلو عن ضرب من المجاز.
وقولنا: (على محمد صلى الله عليه وسلم): فصل ثانٍ يخرج المنزل على غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كموسى وعيسى وغيرهما، سلام الله عليهم ورحمته وبركاته.
وللإعجاز فصل ثالث يخرج المنزل لا للإعجاز، كالأحاديث القدسية، وقولنا: (بسورة منه) من تتمة الفصل الثالث، والمعنى أن الإعجاز واقع بسورة منه، فإنا لو أطلقنا المنزل للإعجاز لأوهم أن الإعجاز بكله وليس كذلك، ولا ينبغي أن يتوهم أنه فصل رابع يخرج ما نزل للإعجاز ولكن لا بسورة منه، فإن ذلك لم يوجد، أعني كلاماً نزل للإعجاز على محمد صلى الله عليه وسلم لا بسورة منه.
فإن قلت: التوراة والإنجيل؟ قلت: (إن كانتا نزلتا) للإعجاز لا بسورة منهما فقد خرجتا بقولنا قبلُ: (على محمد صلى الله عليه وسلم).
و(المتعبد بتلاوته) فصل رابع، يخرج منسوخ التلاوة مثلاً، وقولكم: إنا زدنا في الحد قيوداً لم يذكرها غيرنا. فهل رأيت في هذا الكتاب تعريفاً خالياً أو مسألة خالية عن زيادة أو زيادات لا توجد في غيره حتى يخص هذا الموضوع بالذكر.

  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 09:24 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(الكتاب الأول): في الكتاب ومباحث الأقوال
الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَالْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ وَنَحْوِهَا (الْكِتَابُ) الْمُرَادُ بِهِ (الْقُرْآنُ) غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِ الْكُتُبِ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ (وَالْمَعْنِيُّ بِهِ) أَيْ الْقُرْآنُ (هُنَا) أَيْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ) يَعْنِي مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ هَذَا مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى آخَرِ سُورَةِ النَّاسِ الْمُحْتَجُّ بِإِبْعَاضِهِ خِلَافَ الْمَعْنَى بِالْقُرْآنِ فِي أُصُولِ الدِّينِ عَنْ مَدْلُولِ ذَلِكَ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا حَدُّوا الْقُرْآنَ مَعَ تَشَخُّصِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَوْصَافِهِ لِيَتَمَيَّزَ مَعَ ضَبْطِ كَثْرَتِهِ عَمَّا لَا يُسَمَّى بِاسْمِهِ - مِنْ الْكَلَامِ فَخَرَجَ عَنْ أَنْ يُسَمَّى قُرْآنًا بِالْمُنَزَّلِ عَلَى مُحَمَّدٍ الْأَحَادِيثُ غَيْرُ الرَّبَّانِيَّةِ وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ مَثَلًا وَبِالْإِعْجَازِ أَيْ إظْهَارُ صِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَعْوَاهُ الرِّسَالَةَ. مَجَازًا عَنْ إظْهَارِ عَجْزِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ عَنْ مُعَارَضَتِهِ الْأَحَادِيثَ الرَّبَّانِيَّةَ كَحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي} إلَخْ وَغَيْرِهِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِعْجَازِ، وَإِنْ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ لِغَيْرِهِ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّمْيِيزِ وَقَوْلُهُ بِسُورَةٍ مِنْهُ أَيْ أَيِّ سُورَةٍ كَانَتْ مِنْ جَمِيعِ سُوَرِهِ حِكَايَةً لِأَقَلَّ مَا وَقَعَ بِهِ الْإِعْجَازُ الصَّادِقُ بِالْكَوْثَرِ أَقْصَرِ سُورَةٍ وَمِثْلُهَا فِيهِ قَدْرُهَا مِنْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا وَفَائِدَتُهُ كَمَا قَالَ دَفْعُ إيهَامِ الْعِبَارَةِ بِدُونِهِ أَنَّ الْإِعْجَازَ بِكُلِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَبِالْمُتَعَبَّدِ بِتِلَاوَتِهِ أَيْ أَبَدًا مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ كَمَا قَالَ مِنْهُ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلِلْحَاجَةِ فِي التَّمْيِيزِ إلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ زَادَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِهِ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهِيَ لَا تَدْخُلُ الْحُدُودَ.
(وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ (الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ غَيْرَ بَرَاءَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ كَذَلِكَ بِخَطِّ السُّوَرِ فِي مَصَاحِفِ الصَّحَابَةِ مَعَ مُبَالَغَتِهِمْ فِي أَنْ لَا يُكْتَبَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى النَّقْطُ وَالشَّكْلُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَتْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْفَاتِحَةِ لِابْتِدَاءِ الْكِتَابِ عَلَى عَادَةِ اللَّهِ فِي كُتُبِهِ وَمِنْهُ سُنَّ لَنَا ابْتِدَاءُ الْكُتُبِ بِهَا وَفِي غَيْرِهَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهِيَ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ النَّمْلِ إجْمَاعًا وَلَيْسَتْ مِنْهُ أَوَّلُ بَرَاءَةٍ لِنُزُولِهَا بِالْقِتَالِ الَّذِي لَا تُنَاسِبُهُ الْبَسْمَلَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِلرَّحْمَةِ وَالرِّفْقِ (لَا مَا نُقِلَ آحَادًا) قُرْآنًا كَإِيمَانِهِمَا فِي قِرَاءَةِ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا إيمَانَهُمَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ (عَلَى الْأَصَحِّ) ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ لِإِعْجَازِهِ النَّاسَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَفْسِهِ تَوَاتُرًا وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَوَاتِرًا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ لِعَدَالَةِ نَاقِلِهِ وَيَكْفِي التَّوَاتُرُ فِيهِ
(وَ) الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ الْمَعْرُوفَةُ لِلْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ أَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَعَامِرٍ وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ (مُتَوَاتِرَةٌ) مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْنَا أَيْ نَقَلَهَا عَنْهُ جَمْعٌ يَمْتَنِعُ عَادَةً تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ لِمِثْلِهِمْ وَهَلُمَّ (قِيلَ) يَعْنِي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ (فِيمَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ) أَيْ فَمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهِ بِأَنْ كَانَ هَيْئَةً لِلَّفْظِ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهَا فَلَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ وَذَلِكَ (كَالْمَدِّ) الَّذِي زِيدَ فِيهِ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى بَلَغَ قَدْرَ أَلِفَيْنِ فِي نَحْوِ جَاءَ وَمَا أَنْزَلَ وَوَاوَيْنِ فِي نَحْوِ: السُّوءُ، وَقَالُوا: أَنُؤْمِنُ، وَيَاءَيْنِ فِي نَحْو: جِيءَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِنِصْفٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ بِنِصْفٍ أَوْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ طُرُقٌ لِلْقُرَّاءِ (وَالْإِمَالَةُ) الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ مَعَ الْفَتْحِ مَحْضَةٌ أَوْ بَيْنَ بَيْنَ بِأَنْ يُنَحِّيَ بِالْفَتْحَةِ فِيمَا يُمَالُ كَالْغَارِ نَحْوَ الْكَسْرَةِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبِ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَتْحَةِ.(وَتَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ) الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ مِنْ التَّحْقِيقِ نَقْلًا نَحْوَ {قَدْ أَفْلَحَ} وَإِبْدَالًا نَحْوَ يُؤْمِنُونَ وَتَسْهِيلًا نَحْوَ أَيِنَّكُمْ وَإِسْقَاطًا نَحْو {جَاءَ أَجَلُهُمْ} (قَالَ أَبُو شَامَةَ وَالْأَلْفَاظُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ) أَيْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَدَاءِ الْكَلِمَةِ يَعْنِي غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ كَأَلْفَاظِهِمْ فِيمَا فِيهِ حَرْفٌ مُشَدَّدٌ نَحْوَ {إيَّاكَ نَعْبُدُ} بِزِيَادَةٍ عَلَى أَقَلِّ التَّشْدِيدِ مِنْ مُبَالَغَةٍ أَوْ تَوَسُّطٍ وَغَيْرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَبِي شَامَةَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا قَالَاهُ وَالْمُصَنِّفُ وَافَقَ عَلَى عَدَمِ تَوَاتُرِ الْأَوَّلِ وَتَرَدَّدَ فِي تَوَاتُرِ الثَّانِي وَجَزَمَ بِتَوَاتُرِ الثَّالِثِ بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ، وَقَالَ فِي الرَّابِعِ: إنَّهُ مُتَوَاتِرٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَقْصُودُهُ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي شَامَةَ الْمُتَنَاوِلُ بِظَاهِرِهِ لِمَا قَبْلَهُ مَعَ زِيَادَةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الَّتِي مَثَّلَهَا بِمَا تَقَدَّمَ. عَلَى أَنَّ أَبَا شَامَةَ لَمْ يُرِدْ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ إذْ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ مَا شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمُقْرِئِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَ مُتَوَاتِرَةٌ نَقُولُ بِهِ فِيمَا اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ دُونَ مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ نُفِيَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ لَا سِيَّمَا كُتُبِ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ فَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نَلْتَزِمُ التَّوَاتُرَ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْقُرَّاءِ أَيْ بَلْ مِنْهُمَا الْمُتَوَاتِرُ، وَهُوَ مَا اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُمْ وَغَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَهُوَ مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَتَنَاوَلُ مَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ وَمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهِ، وَإِنْ حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ
تعريف بالقراءة الشاذة والعشرة:
(وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ) أَيْ مَا نُقِلَ قُرْآنًا آحَادًا لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا خَارِجِهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَكَانَ قَارِئُهُ عَامِدًا عَالِمًا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ) أَيْ السَّبْعَةِ وَقِرَاءَاتُ يَعْقُوبَ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَخَلَفٍ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا (وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ) وَالِدِ الْمُصَنِّفِ ; لِأَنَّهَا لَا تُخَالِفُ رَسْمَ السَّبْعِ مِنْ صِحَّةِ السَّنَدِ وَاسْتِقَامَةِ الْوَجْهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَمُوَافَقَةِ خَطِّ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْعَزْوِ إلَى الْبَغَوِيُّ عَدَمُ ذِكْرِهِ خَلَفًا، فَإِنَّ قِرَاءَتَهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ الْقِرَاءَاتِ التِّسْعَةِ إذْ لَهُ فِي كُلِّ حَرْفٍ مُوَافِقٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ لَهُ هَيْئَةٌ لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَجُعِلَتْ قِرَاءَةٌ تَخُصُّهُ (وَقِيلَ) الشَّاذُّ (مَا رَوَاهُ السَّبْعَةُ) فَتَكُونُ الثَّلَاثُ مِنْهُ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا عَلَى هَذَا، وَإِنْ حَكَى الْبَغَوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجَوَازِ غَيْرَ مُصَرَّحٍ بِخَلَفٍ كَمَا تَقَدَّمَ (أَمَّا إجْرَاؤُهُ مَجْرَى) الْأَخْبَارِ (الْآحَادِ) فِي الِاحْتِجَاجِ (فَهُوَ الصَّحِيحُ) ; لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ خُصُوصِ قُرْآنِيَّتِهِ انْتِفَاءُ عُمُومِ خَبَرِيَّتِهِ، وَالثَّانِي وَعَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا نُقِلَ قُرْآنًا وَلَمْ تَثْبُتْ قُرْآنِيَّتُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ احْتِجَاجُ كَثِيرٍ مِنْ فُقَهَائِنَا عَلَى قَطْعِ يَمِينِ السَّارِقِ بِقِرَاءَةِ أَيْمَانِهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ بِقِرَاءَةِ مُتَتَابِعَاتٍ، قَالَ الْمُصَنِّفُ كَأَنَّهُ لَمَّا صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَزَلَتْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَسَقَطَتْ مُتَتَابِعَاتٌ.
(وَلَا يَجُوزُ وُرُودُ مَا لَا مَعْنَى لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ خِلَافًا لِلْحَشَوِيَّةِ) فِي تَجْوِيزِهِمْ وُرُودَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ قَالُوا لَوَجَدُوهُ فِيهِ كَالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ أَوَائِلَ السُّوَرِ وَفِي السُّنَّةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْكِتَابِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحُرُوفَ أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ كطه ويس وَسُمُّوا حَشَوِيَّةً مِنْ قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لَمَّا وَجَدَ كَلَامَهُمْ سَاقِطًا وَكَانُوا يَجْلِسُونَ فِي حَلْقَتِهِ أَمَامَهُ رَدًّا وَهَؤُلَاءِ إلَى حَشْيِ الْحَلْقَةِ أَيْ جَانِبِهَا. (وَلَا) يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (مَا يَعْنِي بِهِ غَيْرَ ظَاهِرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ) يُبَيِّنُ الْمُرَادَ كَمَا فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِمُتَأَخِّرٍ (خِلَافًا لِلْمُرْجِئَةِ) فِي تَجْوِيزِهِمْ وُرُودَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ حَيْثُ قَالُوا الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الظَّاهِرَةِ فِي عِقَابِ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ التَّرْهِيبُ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى مُعْتَقَدِهِمْ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ وَسُمُّوا مُرْجِئَةً لِإِرْجَائِهِمْ أَيْ تَأْخِيرِهِمْ إيَّاهَا عَنْ الِاعْتِبَارِ (وَبَقَاءُ الْمُجْمَلِ) فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْأَتْي مِنْ وُقُوعِهِمْ فِيهِمَا (غَيْرُ مُبَيَّنٍ) أَيْ عَلَى أَحْمَالِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَّضِحْ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَى وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: لَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْمَلَ الدِّينَ قَبْلَ وَفَاتِهِ لِقَوْلِهِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْت لَكُمْ دِينَكُمْ} ثَانِيهَا نَعَمْ قَالَ تَعَالَى فِي مُتَشَابِهِ الْكِتَابِ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ} إذْ الْوَقْفُ هُنَا كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (ثَالِثُهَا الْأَصَحُّ لَا يَبْقَى) الْمُجْمَلُ (الْمُكَلَّفُ بِمَعْرِفَتِهِ) غَيْرَ مُبَيَّنٍ لِلْحَاجَةِ إلَى بَيَانِهِ حَذَرًا مِنْ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عَلَى أَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ بِالْعَمَلِ بِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ بِالْعِلْمِ بِهِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إذْ وَقَعَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ (وَالْحَقُّ) كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ (أَنَّ الْأَدِلَّةَ النَّقْلِيَّةَ قَدْ تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْضِمَامِ تَوَاتُرٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْمُشَاهَدَةِ كَمَا فِي أَدِلَّةِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ عَلِمُوا مَعَانِيَهَا الْمُرَادَةَ بِالْقَرَائِنِ الْمُشَاهَدَةِ وَنَحْنُ عَلِمْنَاهَا بِوَاسِطَةِ نَقْلِ تِلْكَ الْقَرَائِنِ إلَيْنَا تَوَاتُرًا فَانْدَفَعَ تَوْجِيهُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ بِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمُرَادِ مِنْهَا.

  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 09:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


ص: (الكتاب الأول: في الكتاب ومباحث الأقوال: الكتاب: القرآن، والمعني به هنا: اللفظ المنزل على مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للإعجاز بسورة منه، المتعبد بتلاوته).
ش: لما كانَ الكتاب أصلاً لسائر الأدلة الشرعية، قدم البحث عنه على البحث عن سائرها، والألف واللام فيه للغلبة؛ لأنَّ المراد به الذي يتعارفه المسلمون، المقابل للسنة، فيقال: الكتاب والسنة، فقوله: (الكتاب القرآن) هو قولنا: الإنسان البشر، والقمح البر، وقوله: (والمعني) إشارة إلى أن القرآن يطلق تارة ويراد به مدلول اللفظ، وهو المعنى القائم بالنفس، وذلك محل نظر المتكلمين وأخرى ويراد به الألفاظ الدالة على ما في النفس، قالَ تعالى: {فأجره حتى يسمع كلام الله} والمسموع هو العبارات، وهذا محل نظر الأصوليين والفقهاء والنحاة وغيرهم، فقوله: (اللفظ) كالجنس، فيخرج به النفسي، وإنما عبر به دون القول، وإن كانَ القول أخص من اللفظ فإنَّه لا يتناول غير المستعمل ـ لأنَّ القصد هنا التنصيص على أن البحث عن الألفاظ، ولو أتي بالقول لم يفهم ذلك، وقوله: (المنزل) فصل أول، يخرج اللفظ غير المنزل، وقوله: (على مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فصل ثان، يخرج المنزل على غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، و (للإعجاز)،ـ فصل ثالث، يخرج المنزل لا للإعجاز كالأحاديث، كذا قالُوا، وساعدهم قول الحليمي في المنهاج: علوم القرآن توجد في السنة إلا الإعجاز، فإنَّه من خصائص الكتاب، ولهذا جوزوا رواية الحديث بالمعنى، وينبغي أن يكون مرادهم: أن الأحاديث لم تنزل للإعجاز، أي لقصده، فإنَّها لا تخلو عنه، كيف وهو القائل: ((أوتيت جوامع الكلم)) وبذلك يؤول قول الحليمي، وقوله: (بسورة منه) من تتمة الفصل الثالث، وهو بيان للواقع لا الإخراج، والمعنى فيه: أن الإعجاز واقع بسورة منه، فلو أطلق (المنزل للإعجاز) لأوهم أن الإعجاز بكله، وليس كذلك، ولا ينبغي أن يتوهم أنه فصل رابع يخرج ما نزل للإعجاز، ولكن لا بسورة منه، فإنَّ ذلك لم يوجد، أعني كلاماً نزل للإعجاز على مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا بسورة منه، و (المتعبد بتلاوته) فصل رابع يخرج منسوخ التلاوة، مثلا، وقوله: (بسورة) يقتضي أنها أقل ما وقع التحدي به، لقوله تعالى: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مثله} لكن قوله تعالى: {فليأتوا بحديث مثله} يقتضي الإعجاز بآية.
ص: (ومنه البسملة في أول كل سورة غير (براءة) على الصحيح).
ش: هي آية من أول الفاتحة بلا خلاف عندَنا، وكذا فيما عداها من باقي السورة سوى (براءة) على أظهر قولي الشافعي، والثاني: ليست من القرآن بالكلية ونسبه بعضهم للأئمة الثلاثة، وهو مقابل الصحيح في كلام المصنف، وعمدتنا ثبوتها في شواذ المصحف أول كل سورة، وأجمع الصحابة على أنه لا يكتب في المصحف ما ليس بقرآن، وأن ما بينَ الدفتين كلام الله تعالى، قاله القاضي الحسين، والغزالي، والنَّوَوِيّ، وغيرهم، وهو أحسن الأدلة، وإذا قلنا بأنها من القرآن، فالمشهور أنها آية كاملة، وفي قول: بعض آية، وحكى ابن الرفعة وجهاً، إن كانَ الحرف الأخير من السورة قبله ياء ممدودة كالبقرة، فالبسملة آية كاملة منها، وإن لم يكن كـ {اقتربت الساعة} فبعض آية، وعلم من قوله: (أول كل سورة) أنها آية منها، والمخالف فيه أبو بكر الرَّازِيّ، من الحنفية إلى أنها آية مفردة، أنزلت للفصل بينَ السور، حكاه عنه ابن السمعاني في (الاصطلام) وسيأتي عن رواية الرَّبِيع، عن الشافعي ما يقتضيه، نعم ظاهر كلام المصنف يقتضي أنها من القرآن على سبيل القطع كسائر القرآن، وهو وجه مرجوح، حكاه الماوردي والإمام وغيرهما، قالَ الماوردي: والجمهور على أنها آية حكماً لا قطعاً لاختلاف العلماء فيها، ومعنى حكماً: أنه لا تصح الصلاة إلا بها في أول الفاتحة، وضعف الإمام قول من قالَ: إنها قرآن على سبيل القطع، وقالَ: هذه غباوة عظيمة من قائله؛ لأنَّ ادعاء العلم حيث لا قاطع، محال، وصحح النَّوَوِيّ أنها قرآن على سبيل الحكم، واستدل إلى أنه لا يكفر بالإجماع، ولو كانت على سبيل القطع لكفر، وبنوا على هذا الخلاف أنه هل يقبل في إثباتها خبر الواحد؟ إن قلنا: آية حكماً فنعم كسائر الأحكام، وإن قلنا: قطعاً، فلا كسائر القرآن، وكان شيخنا بهاء الدين بن عقيل ـ رَحِمَه اللهُ تعالى يقول: الذي يظهر أن إثباتها قرآناً لا يكون إلا بقاطع كغيرها، ويَجُوز كونه خبر الواحد الذي احتفت به القرائن وهو إجماعهم على كتبها في المصاحف كلها بقلم القرآن، وعدم تكفيرنا فيها لكون القطع ناشئاً عن ثبوت الخبر المحتف بالقرائن، وهذا لم يحصل للنافي، على أن العمراني حكى في زوائده عن صاحب (الفروع) أنا إذا قلنا: إنها من الفاتحة قطعاً كفرنا نافيها، وفسقنا تاركها، ولكن المعروف الأول، قالَ ابن السمعاني: وقولهم: لو كانت قرآنا لنقلت بدليل يفيد القطع ـ مردود؛ لأنَّا نريد بكونها من القرآن في رأس كل سورة عملاً لا علماً، ونظيره الحجر هو من البيت بدلائل لا توجب العلم، بل توجب العمل، وهو الطواف عليه، وسائر الكعبة قبلة بدليل مقطوع يوجب العلم، وبهذا التقرير يندفع الإشكال، ويرتفع خيال القاضي في قطعه بتخطئة من جعلها من القرآن؛ لأنَّه لا يثبت إلا بقاطع، وهو مفقود لأنَّه بان مراد المثبت بكونها قرآناً، وتزول الشبهة في التكفير من الجانبين، وهو من أجل ما يستفاد في هذا الموضع، ومن الفوائد ما حكاه ابن خالويه في (الطارقيات) عن الرَّبِيع بن سليمان، سمعت الشافعي يقول: أول الحمد بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وأول البقرة الم).
ولهذا وجه حسن، وهو أن البسملة لما ثبتت أولاً في سورة الفاتحة فهي من السور إعادة لها وتكرار، فلا تكون من تلك السورة ضرورة، فلا يقال: هي آية من أول كل سورة، بل هي آية في أول كل سورة.
ص: (لا ما نقل آحاداً على الأصح).
ش: حكاية الخلاف في هذا على الإطلاق لم أره في شيء من كتب الأصول معَ كثرة التتبع، وابن الحاجب وإن أشار إلى الخلاف فيها، حيث أفردها بمسألة، ونصب فيها الأدلة، لكن ظهر أن مقصوده فيها البسملة بخصوصها، وأنها ليست من القرآن، وأما المصنف فغاير بينهما، وأفهم أن البسملة من القرآن بالتواتر لا بالآحاد، وقد سبق ما فيه، والحق أن ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله لا خلاف في شرط التواتر فيه، وأما بحسب محله ووضعه وترتيبه، فهل يشترط فيه التواتر، أم يكفي فيه نقل الآحاد؟ هذا الذي يليق أن يكون محل الخلاف، ثمَّ رأيت الخلاف مصرحاً به في كتاب (الانتصار) للقاضي أبي بكر، فقال ما نصه: وقالَ قوم من الفقهاء والمتكلمين: يَجُوز إثبات قراءات وقراءة حكماً لا علماً بخبر الواحد دون الاستفاضة، وكره أهل الحق ذلك وامتنعوا منه انتهى، ولا تتخيل من إفراد الأَئِمَّة كتباً في القراءات الشواذ ـ أنها ملحقة عندَهم بالقرآن، بل إنما فعلوا ذلك لفوائد: منها ما يتعلق بعلم العربية، ومنها الاستشهاد بها في تفسير القرآن، وعلى هذا اقتصر ابن عبيد في كتاب فضائل القرآن، فقالَ: القصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المتواترة، وتبين معناها، وذلك كقراءة عَائِشَة {والصلاة الوسطى} (وصلاة العصر) وقراءة سعد، {وله أخ أو أخت} (من أم) وإذا كانوا يرجعون لأقوال التابعين في التفسير فما ظنك بالصحابة؟
ص: (والسبع المتواترة، قيل: فيما ليس من قبيل الأداء، كالمد، والإمالة، وتخفيف الهمزة، قالَ أبو شامة: والألفاظ المختلف فيها بينَ القراء).
ش: أمَّا كون السبع متواترة، فمما أجمع عليه من يعتد به، بشرط صحة إسناده إليهم؛ لأنَّها لو لم تكن متواترة لكان بعض القرآن غير متواتر، واللازم باطل وتشعب بعض المتأخرين، وقالَ: لا شك في تواترها عن الأَئِمَّة السبعة، وأما بأسانيدهم عن النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي أخبار آحاد كما يعرف من طرقهم، وجوابه: لعلها كانت متواترة فيما بينهم، واقتصروا على بعض الطرق، ولا يلزم من عدم النقل ألا يكون كذلك، وقوله: (قيل) يشير به إلى ما ذكره ابن الحاجب، وإنما أورده بصيغة التمريض؛ لأنَّه وإن وافقه في استثناء ما ليس من قبيل الأداء، لكن لا يوافق في التمثيل، فإنَّ أصل المد والإمالة متواتر بلا شك، وإنما اختلف القراء في اختياراتهم، فمنهم من رآه طويلاً، ومنهم من رآه قصيراً، ومنهم من بالغ في القصر، فمنهم من تزايد، حمزة وورش بمقدار ست ألفات، وقيل خمس، وقيل أربع، وصححوه، وعن عاصم: ثلاث، وعن الكِسَائِيّ ألفين ونصف، وعن قالون: ألفين وعن السوسي: ألف ونصف) وقالَ الداني في التيسير: أطولهم مداً في الضربين جميعاً ـ يعني المتصل والمنفصل ـ ورش وحمزة، ودونهما عاصم ودونه ابن عامر والكِسَائِيّ ودونهما أبو عمرو من طريق أهل العراق فهذه الأمارات والطرق في كيفية التلفظ بالمد ليست متواترة، ولهذا كره أحمد ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قراءة حمزة لما فيها من طول المد وغيره، ولو كانت متواترة لما كره.
وأما الإمالة فقسمان: محضة، وهي أن ينحو بالألف إلى الياء، وبالفتحة إلى الكسرة، وبين بين، وهي كذلك إلا أن الألف والفتحة أقرب، وهي أصعب الإمالتين، وهي المختارة عندَ الأَئِمَّة، فلا شك في تواتر الإمالة، وإنما اختلفوا في كيفيتها مبالغة وقصداً، فهذا هو الذي لا تواتر فيه، وكذلك تخفيف الهمز، أصله متواتر، وإنما الخلاف في كيفيته، وأما الألفاظ المختلف فيها بينَ القراء، فهي ألفاظ قراءة واحدة، والمراد تنوع القراء في أدائها، ولذلك، قالَ: وألفاظ القراء: ولم يقل: القراءات، ومثاله: أن منهم من يرى المبالغة في تشديد الحرف المشدد، فكأنه زاد حرفاً، ومنهم من لا يرى ذلك، ومنهم من يرى الحالة الوسطى فهذا الذي ادعى أبو شامة عدم تواتره وتوقف فيه المصنف، وقالَ: الظاهر تواترها، فإنَّ اختلافهم ليس إلا في الاختيار، ولا يمنع قوم قوماً، فقول ابن الحاجب: فيما ليس من قبيل الأداء ـ لو اقتصر عليه لأمكن حمله على ادعاء التواتر في المد والإمالة بالمعنى السابق، لكنه لما مثل بهما دل على أن مراده أصل المد والإمالة، فلا يمكن رده إلى ما قررناه إلا بتأويل، بأن يقال: المراد بالمد كيفية المد، وكذلك الإمالة، لكنه يعكر عليه قراءته بتخفيف الهمز.
ص: (ولا تجوز القراءة بالشاذ).
ش: حكى ابن عبد البر فيه الإجماع قالَ النَّوَوِيّ في (شرح المهذب): لا في الصلاة ولا في غيرها، لكن عبارة الرافعي: يسوغ القراءة بالسبع، وكذا القراءة بالشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى، ولا زيارة حرف ولا نقصانه، وكلام النَّوَوِيّ في (شرح المهذب) يفهمه أن الرافعي لم يتكلم إلا في الصحة لا في الجواز.
ص: (والصحيح أنه ما وراء العشرة، وفاقاً للبغوي والشيخ الإمام، وقيل: ما وراء السبعة).
ش: السبعة معروفة، والمراد بالثلاثة الزائدة: قراءة يعقوب وخلف وأبي جعفر يزيد بن القعقاع وهذه لا تخالف رسم السبع فمن الناس من عدها من الشواذ، ورجح المصنف التحاقها بالسبع، قالَ: والقول بأنها غير متواترة في غاية السقوط، ولا يصح القول به عمن يعتبر قوله في الدين، وما حكاه عن البغوي فالذي رأيته في أول تفسيره، التعرض لاثنين، فقالَ: وقد ذكر الأَئِمَّة السبعة، ثمَّ زاد، وأبو جعفر ويعقوب، ثمَّ قالَ: فذكرت قراءة هؤلاء للاتفاق على جواز القراءة بها، هذا لفظه، نعم، قالَ الشيخ أثير الدين أبو حيان وكان من أئمة هذا الشأن: لا نعلم أحداً من المسلمين حظر القراءة بالثلاثة الزائدة على السبع، بل قرئ بها في سائر الأمصار.
ص: (أما إجراؤه مجرى الآحاد، فهو الصحيح).
ش: ضمير (إجراؤه) يرجع إلى الشاذ، والمراد بإجرائه مجرى الآحاد، في الاحتجاج به؛ لأنَّه بطل خصوص كونه قرآناً، لفقد شرطه وهو التواتر فبقي عموم كونه خبراً، كذا وجهوه، وهو يقتضي أن الخلاف فيما إذا صرح برفعه إلى النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن الشافعي أطلق في (البويطي) الاحتجاج بالقراءة الشاذة، وتابعه جمهور الأصحاب، ولهذا احتجوا في إيجاب قطع اليمين من السارق بقراءة ابن مَسْعُودٍ (فاقطعوا أيمانهما) ومقابل الصحيح قوله: إنه ليس بحجة، واختاره ابن الحاجب، وأغرب إمام الحرمين في (البرهان) فعزاه للشافعي، مستنبطاً له من عدم إيجابه التتابع في صوم كفارة اليمين، معَ علمه بقراءة ابن مَسْعُودٍ، وهذا لا يدل، فإنَّ الشافعي في الجديد أجراها مجرى التأويل، ولم يثبت عندَه أنه قالَ على أنه قرآن، نعم، ذكر الماوردي في تفسيره أن الشافعي إنما أوجب التتابع في أحد قوليه، لأجل قراءة ابن مَسْعُودٍ، فإنَّ صح ذلك كانَ في المسألة قولان.
ص: (ولا يَجُوز ورود ما لا معنى له في الكتاب والسنة خلافاً للحشوية).
ش: فإنَّهم قالُوا: يَجُوز ذلك، بل هو واقع مثل {كهيعص} ونحوها من الحروف المتقطعة أوائل السور، ومثل: {كأنه رؤوس الشياطين} والصحيح أن ذلك ممتنع، إذ اللفظ بلا معنى له، هذيان لا يليق بعاقل، فكيف الباري سُبْحَانَهُ وتَعَالَى وأما هذه الحروف فالصحيح أنها أسماء للسور، وأما (رؤوس الشياطين) فإنَّ العرب عادتها ضرب الأمثال بما يتخيلونه قبيحاً ومستهجناً، وحكى ابن برهان في (الوجيز) القولين، ثمَّ قالَ: والحق التفصيل بينَ الخطاب الذي يتعلق به تكليف، فلا يَجُوز أن يكون غير مفهوم المعنى، وما لا يتعلق به تكليف فيَجُوز، فتحصل ثلاثة مذاهب.
تنبيهات: الأول: إلحاق الحديث ذكره صاحب (المحصول) وقالَ الأصفهاني في شرحه: لم أره لغيره.
الثاني: أن خلاف الحشوية فيما له معنى لكن لم نفهمه، كالحروف المقطعة وآيات الصفات، وقالوا: لا طريق لدركها أصلاً؛ لأنَّ موجب العقل فيه خالف موجب السمع، ولا يمكن رد إحداهما فأشبه الأمر حتى سقط طلب المراد منه، أمَّا ما لا معنى له أصلاً فاتفاق العقلاء، لا يَجُوز وروده في كلام الله نعم، كلام صاحب العهد يفهم أن الخلاف في أنه هل يَجُوز أن يتكلم الله بشيءٍ ولا يعني به شيئاً؟ وهو بعيد.
الثالث: كثر على الألسن فتح الشين من الحشوية، قالَ ابن الصَّلاَحِ: وهو غلط، وإنما هي بالإسكان، وجوز غيره الفتح؛ لأنَّهم كانوا يجلسون أمام الحسن البصري في حلقته فلما أنكر خلافهم قالَ: ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة، أي: إلى جانبها.
ص: (ولا ما يعنى به غير ظاهره إلا بدليل، خلافاً للمرجئة).
ش: قالَ المرجئة: يَجُوز أن يكون في كلام الله ما المراد به غير ظاهره من غير بيان، والصحيح أن ذلك لا يَجُوز؛ لأنَّ اللفظ بالنسبة إلى غير ظاهره لا يدل عليه فهو كالمهمل، واحترز (بالدليل) عن جواز ورود العموم وتأخير الخصوص ونحوه ولو قالَ: (فيهما) لكان أدل على مراده في الكتاب والسنة، وقد قالَ الشافعي في (الرسالة) وكلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظاهره.
ص: (وفي بقاء المجمل غير مبين، ثالثها: الأصح لا يبقى المكلف بمعرفته).
ش: اختلفوا هل في القرآن مجمل لا يعرف معناه بعد وفاة النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمنعه بعضهم؛ لأنَّ الله تعالى أكمل الدين، وقالَ آخرون بإمكانه، وفصل إمام الحرمين، فجوزه فيما لا تكليف فيه، ومنعه فيما فيه التكليف خوفاً من تكليف ما لا يطاق، والظاهر أن هذا تنقيح للقول الثاني لا مذهب ثالث مفصل.
ص: (والحق أن الأدلة النقلية قد تفيد اليقين بانضمام تواتر أو غيره).
ش: الأدلة النقلية هل تفيد اليقين؟ فيه مذاهب، أحدها تفيده مطلقاً ونقله الآمدي في (الأبكار) عن الحشوية قالَ: حتى بالغوا وقالوا: لا يعلم شيء بغير الكتاب والسنة، والثاني أنها لا تفيده مطلقاً، لتوقف النفس فيها على أمور غير متيقنة، وما توقف على غير اليقين فليس بمتيقن، قالُوا: ولا يحصل اليقين إلا بأمور لا طريق إلى القطع إلا بها أحدها: عصمة رواة مفردات ألفاظها إن نقلت بطريق الآحاد، وإلا فيكفي التواتر، وثانيها: صحة إعرابها وتصريفها: وثالثها: عدم الاشتراك فيها والمجاز، والتخصيص، والإضمار، والتقديم، والتأخير ونحوها مما يوجب حمل اللفظ على غير المعنى الظاهر منه بانفراده، والاحتمال معَ اليقين متضادان ورابعها: عدم التعارض العقلي، فمتى وجدت هذه الأمور أفاد الدليل اللفظي اليقين، لكن ذلك قلما يوجد، بل ربما يمتنع وجوده، بناء على أنه لا عصمة لغير الشارع، وإن انتفى بعضها لم يفد؛ لأنَّه إن انتفت عصمة الناقل جاز عليه التحريف، وقد وقع كثيراً، وحينئذ فلا يوثق به فلا يفيد الظن فضلاًَ عن اليقين، وإن اختلف الإعراب أو التصريف وقع اللبس لأنَّ الإعراب هو المصحح للمعاني؛ وذلك كاختلاف أهل السنة والشيعة في قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ما تركنا صدقة)) برفع صدقة ونصبها، واختلاف أهل السنة والقدرية في قَوْلِهِ عليه السلام: ((فحج آدم موسى)) في رفع (آدم) ونصبه، واختلاف الحنفية والشافعية في قَوْلِهِ: ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) في رفع (ذكاة) ونصبه، وكتردد نحو: مختار ومنقاد بينَ اسم الفاعل والمفعول، وأما الاشتراك وما بعده فظاهر إخلاله بالوثوق بدلالة اللفظ، وأما المعارض العقلي فيجب عندَهم تقديمه؛ لأنَّ الدليل العقلي إنما ثبت به، فلو قدم النقلي لكان قدحاً في الأصل والفرع، الثالث وهو الحق: أن الدليل اللفظي إن وجدت فيه الأمور الأربعة أفاد اليقين باتفاق، وإن لم يوجد، فقد يقترن بمحسوس، وهو اختيار الآمدي في (الأبكار) والإمام في (المحصول) و (الأربعين) فإنَّه حكى أنه لا يفيده، ثمَّ قالَ: وهذا على إطلاقه ليس بصحيح؛ لأنَّه ربما اقترنت بالدلائل النقلية أمور عرف وجودها بالأخبار المتواترة، وتلك الأمور تنفي هذه الاحتمالات، وحينئذ تكون مفيدة اليقين، انتهى، وبه يعلم غلط من نقل عنه اختيار المنع مطلقاً، نعم كلامه في المعالم يقتضيه، وأشار الشيخ نجم الدين الطوفي إلى أن الخلاف لفظي، فإنَّ ما احتجنا فيه إلى اليقين فقد قرر القرآن نواهيه العقلية كأدلة التوحيد والمعاد وغيرهما، وما عدا ذلك فهو عندَنا من الاجتهاديات، والأدلة اللفظية تفي بإثباته، وإن لم تفد اليقين فاندفع عنا إفادة الدليل اللفظي اليقين أم لا؟ والظاهر أن الخلاف معنوي، ومن فوائده: إذا تعارض السمع وما أدركه العقل من أحكام العقائد، فأيهما يقدم؟ وستأتي هذه المسألة في باب الأخبار إن شاء الله تعالى، وقسم بعض المتأخرين تقسيماً حسناً إلى: نقلية، وغير نقلية، فغير النقلية ثلاثة أضرب: ما اتفق على أنه قطعي، وهو الإجماع المُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وما اتفق على أنه ظني كالاستصحاب، وشرع من قبلنا إذا قلنا بحجيتهما وكذلك دلالة الإشارة والتنبيه ومفهوم المخالفة بأنواعه، وما اختلف فيه كالقياس الجلي ومفهوم الموافقة، وأما النقلية ـ والمراد بها الكتاب والسنة ـ فهي على أربعة أضرب: أحدها ما هو قطعي السند والمتن كالآيات الصريحة، والأحاديث المتواترة المجمع على أن المراد بها مدلولاتها.
وثانيها: ما هو ظنيهما، كأخبار الآحاد التي لم يقترن بسندها شيء مما قيل: إنه يفيد العلم، وليست متونها نصوصاً في مواردها.
وثالثها: قطعي السند ظني المتن، كالآيات العامة والمطلقة التي دخلها التخصيص أو التقييد.
ورابعها: عكسه، كأخبار الآحاد التي متونها نصوص لا تحتمل غير مدلولها، ولم يقترن بسندها شيء مما قيل: إنه يفيد العلم، فهذه الأربعة قطعها وظنها مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ووراءه ضربان: أحدهما: ما اختلف في متنه: قطعي أو ظني، كالعام الذي لم يخص، فإنَّ مذهب الحنفية أن دلالته على أفراده بطريق النصوص فتكون نقلية، وعندنا بطريق الظهور بأنها ما اختلف في سنده، هل يفيد القطع أو الظن؟ كالخبر المحتف بالقرائن، والذي تلقته الأمة بالقبول، واتفقوا على العمل به.

  #5  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 09:26 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: الكتاب الأول في (الكتاب)
ومباحث الأقوال
الكتاب: القرآن، والمعني به هنا: اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته.
ش: قدم الكلام في الكتاب لكونه أصلاً لبقية الأدلة الشرعية، وهو في الأصل جنس، لكن غلب استعماله في المراد هنا، فصارت اللام فيه للعهد، وتفسيره بالقرآن هو تفسير اللفظ بمرادفه، كقولنا: البر: القمح، وقوله: (والمعنى به هنا) أشار به إلى أن القرآن يطلق، ويراد به مدلول اللفظ، وهو المعنى القائم بالنفس وهو محل نظر المتكلمين، وأخرى ويراد به الألفاظ الدالة على ما في النفس، ومنه قوله تعالى: {فأجره حتى يسمع كلام الله} والمسموع هو العبارات، وهذا محل نظر الأصوليين والفقهاء والنحاة وغيرهم.
فقولنا: (اللفظ) كالجنس خرج به النفسي.
وقولنا: (المنزل) فصل أول أخرج اللفظ غير المنزل
وقولنا: (على محمد) أخرج المنزل على غيره، كالتوراة.
وقولنا: (للإعجاز) أخرج المنزل لا للإعجاز كالأحاديث.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: السنة وحي يتلى.
وقال الحليمي: علوم القرآن توجد في السنة، إلا الإعجاز.
وقولنا: (بسورة) من تتمة هذا الفصل، وهو بيان للواقع، لا للإخراج، وليس احترازا عن شيء نزل على نبينا عليه الصلاة والسلام للإعجاز، لا بسورة.
منه وأشار به إلى أن السورة أقل ما وقع به التحدي، لكن قوله تعالى: {فليأتوا بحدث مثله} قد يقتضي بآية.
وقولنا: المتعبد بتلاوته ـ أخرج منسوخ التلاوة.
ص: ومنه البسملة أول كل سورة غير براءة على الصحيح.
ش: ومنه أي من القرآن البسملة في أول كل سورة على الصحيح.
والثاني: إنكار ذلك، وحكي عن الأئمة الثلاثة، وتحرير مذهب الشافعي على أنه لا خلاف في أنها آية من أول الفاتحة وإثبات الخلاف في غيرها من السور والصحيح: إنها آية من جميعها أيضاً، ومحل الخلاف في غير براءة فليست آية من أولها بلا خلاف، وفي غير سورة النمل، فهي بعض آية منها بلا شك.
ثم اختلف القائلون بإثباتها أول كل سورة: هل هي آية منها؟ أو بعض آية؟ أو آية مستقلة في أولها؟ والقائلون بالثالث أبو بكر الرازي، ومن أحسن أدلتنا ثبوتها في سواد المصحف أول كل سورة بقلم القرآن، مع إجماع الصحابة على أنه لا يكتب في المصحف غير القرآن، ذكر ذلك القاضي حسين والغزالي والنووي وغيرهم.
والجمهور ـ كما قال الماوردي ـ: على أنها آية حكماً لا قطعاً، لاختلاف العلماء فيها.
ومعنى الحكم: أنه لا تصح الصلاة إلا بها في أول الفاتحة، وهي نظير كون الحجر من البيت أي في الحكم، وهو الطواف به، ولم يثبت ذلك بقاطع، وكذا صحح النووي: أنها قرآن على سبيل الحكم، قال: ولو كانت على سبيل القطعي لكفرنا فيها، وهو خلاف الإجماع، لكن في الزوائد للعمراني عن صاحب (الفروع) وهو سليم الرازي أنا إذا قلنا: إنها من الفاتحة قطعاً كفرنا نافيها وفسقنا تاركها، ونقل الشارح عن شيخنا الإمام بهاء الدين ابن عقيل أنه قال: (الذي يظهر أن إثباتها قرآناً لا يكون إلا بقاطع كغيرها، ويجوز كونه خبر الواحد الذي احتفت به القرائن، وهو إجماعهم على كتبها في المصاحف كلها بقلم القرآن، وعدم تكفير نافيها لكون القطع ناشئاً عن ثبوت الخبر المحفوف بالقرائن، وهذا لم يحصل للنافي) انتهى.
ص: لا ما نقل آحاداً على الأصح.
ش: نقل المصنف خلافاً في أن القرآن هل يثبت بأخبار الآحاد أم لا؟
وقال الشارح: حكاية الخلاف فيها على الإطلاق لم أره في شيء من كتب الأصول بعد التتبع، ومقصود ابن الحاجب الكلام في البسملة خاصة، ولما أفرد المصنف هذا الكلام عن البسملة أفهم ثبوته على الإطلاق، وأن البسملة ثبتت بالتواتر، قال: والحق أن ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله، لا خلاف في شرط التواتر فيه، وأما بحسب محله ووضعه وترتيبه فهل يشترط فيه التواتر أم يكفي فيه نقل الآحاد؟ هذا الذي يليق أن يكون محل الخلاف, قال: ثم رأيت الخلاف مصرحاً به في كتاب (الانتصار) للقاضي أبي بكر، فقال ما نصه: (وقال قوم من الفقهاء والمتكلمين: يجوز إثبات قرآن وقراءة حكما لا علماً بخبر الواحد دون الاستفاضة، وكره أهل الحق ذلك وامتنعوا منه) انتهى.
قلت: الظاهر أن القاضي أبا بكر إنما أراد مسألة البسملة خاصة، ولهذا قيد ما ذكره بقوله: (حكما لا علماً) فلا يكون سلفاً للمصنف في حكاية الخلاف على الإطلاق، ولعل المصنف انتقل ذهنه من الخلاف في أن المنقول بخبر الواحد على أن يكون قرآناً هل يكون حجة إجراء له مجرى الأخبار أم لا؟ فإن الخلاف في ذلك معروف، وأما في ثبوته قرآناً فلا، والله أعلم.
ص: والسبع متواترة، قيل: فيما ليس من قبيل الأداء، كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة، قال أبو شامة: والألفاظ المختلف فيها بين القراء.
ش: القراءات السبع متواترة بإجماع من يعتد به، بشرط صحة إسنادها إلى أولئك القراء، ولا التفات إلى قول بعض المتأخرين، هي متواترة عن السبعة، ولكن أسانيدهم بها آحاد، لأنا نقول بل هي متواترة، واقتصارهم على بعض طرقهم لا يدل على أنه لا طريق لهم سواها، وقوله: (قيل) أشار به إلى قول ابن الحاجب: إن التواتر إنما هو فيما ليس من قبيل الأداء فأما ما كان من قبيل كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة، فليس متواتراً، وضعف المصنف هذا، ومال إلى تواتره أيضاً، وإنما الآحاد كيفيته، فاختيار القراء مختلف في تقدير المد، فعن حمزة وورش المد بقدر ست ألفات، وقيل: خمس، وقيل: أربع، وصحح، وعن عاصم: ثلاث، وعن الكسائي: ألفين ونصف، وعن قالون: ألفين، وعن السوسي ألف ونصف، وكذلك الإمالة اختلفوا في كيفيتها مبالغة وقصوراً وكذا كيفية تخفيف الهمزة،ـ فهذا هو الذي لا تواتر فيه، وأما أصل المد والإمالة وتخفيف الهمزة فمتواتر.
وقال الشارح: إنما أورد كلام ابن الحاجب بصيغة التمريض، لأنه وإن وافقه في استثناء ما ليس من قبيل الأداء، لكن لا يوافقه في التمثيل.
قلت: وهذا كلام معكوس، فإنه وافقه في التمثيل على أنه ليس متواتراً، أما أصل الاستثناء فلم يوافقه عليه، بل ادعى أنه متواتر، ثم حكى المصنف عن أبي شامة أن الألفاظ المختلف فيها بين القراء ليست متواترة أيضاً، والمراد تنوع القراء في أدائها، فإن منهم من يبالغ في تشديد الحرف المشدد، فكأنه زاد حرفاً، ومنهم من لا يرى ذلك، ومنهم من يرى الحالة الوسطى، ولذلك قال: (وألفاظ القراء) ولم يقل: القراءات، وتوقف المصنف في ذلك، وقال: الظاهر تواترها، فإن اختلافهم ليس إلا في الاختيار ولا يمنع قوم قوماً.
ص: ولا تجوز القراءة بالشاذ.
ش: حكى ابن عبد البر فيه الإجماع، قال النووي في (شرح المهذب): لا في الصلاة ولا في غيرها، وعبارة الرافعي تسوغ القراءة الشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى، ولا زيادة حرف، ولا نقصانه، وعبر عنه في (الروضة) بقوله: تصح.
ص: والصحيح أنه ما وراء العشرة وفاقاً للبغوي والشيخ الإمام، وقيل ما وراء السبعة.
ش: السبعة معروفة، والثلاثة الأخرى: قراءة يعقوب وخلف وأبي جعفر بن يزيد بن القعقاع، فرجح المصنف أن الشاذ ما وراء هذه العشرة، وحكاه عن البغوي ووالده.
وقال الشارح: والذي رأيته في أول تفسير البغوي: ذكر أبي جعفر، ويعقوب، دون خلف، ثم قال: فذكرت قراءة هؤلاء للاتفاق على جواز القراءة بها، وقال أبو حيان: لا نعلم أحداً من المسلمين حظر القراءة بالثلاثة الزائدة على السبعة، بل قرئ بها في سائر الأمصار.
وقال المصنف: القول بأنها غير متواترة في غاية السقوط، ولا يصح القول به عمن يعتبر قوله في الدين.
ص: أما إجراؤه مجرى الآحاد فهو الصحيح.
ش: إجراء الشاذ مجرى أخبار الآحاد في الاحتجاج به هو الصحيح، لأنه بطل خصوص كونه قرآناً لفقد شرطه، وهو التواتر، فبقي عموم كونه خبراً، ولهذا احتجوا على إيجاب قطع يمين السارق بقراءة ابن مسعود (فاقطعوا أيمانهما) ونص عليه الشافعي في (البويطي) واختار ابن الحاجب أنه ليس بحجة، وحكاه إمام الحرمين في (البرهان) عن الشافعي، لكونه لم يوجب التتابع في كفارة الحنث مع علمه بقراءة ابن مسعود (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
ص: ولا يجوز ورود ما لا معنى له في الكتاب والسنة خلافاً للحشوية.
ش: منع الأكثرون أن يرد في الكتاب أو السنة ما لا معنى له، لأنه هذيان، فلا يليق النطق به بعاقل، فكيف بالبارئ سبحانه؟! وجوزه الحشوية، وهم قوم يجرون آيات الصفات على ظاهرها، بل قالوا بوقوعه في الحروف المقطعة أوائل السور، وفي قوله: {كأنه رؤوس الشياطين} وأجاب الجمهور بأن الحروف المقطعة أسماء للسور، وأن رؤوس الشياطين مثل في الاستقباح على عادة العرب في ضرب الأمثال بما يتخيلونه قبيحاً، وقال ابن برهان: الحق التفصيل بين الخطاب الذي يتعلق به تكليف، فلا يجوز، وما لا يتعلق به تكليف فيجوز، وهو مذهب ثالث.
تنبيهات:
أحدهما: إلحاق الحديث بذلك، ذكره في (المحصول) وقال الأصفهاني في (شرح المحصول): لم أره لغيره.
ثانيها: الظاهر أن خلاف الحشوية فيما له معنى ولا نفقهه، أما ما لا معنى له أصلاً فمنعه محل اتفاق.
ثالثها: الحشوية بفتح الشين، لأنهم كانوا يجلسون في حلقة الحسن البصري أمامه، فلما أنكر كلامهم، قال: ردوهم إلى (حشى) الحلقة أي جانبها، وقال ابن الصلاح: الفتح غلط، وإنما هو بالإسكان.
ص: ولا ما يعنى به غير ظاهره إلا بدليل خلافاً للمرجئة.
ش: لا يجوز أن يقع في الخطاب الشرعي ما يراد به غير ظاهره من غير بيان ذلك، خلافاً للمرجئة، وهم طائفة يقولون: بأنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، قالوا: إن آيات الوعيد التي في القرآن الكريم توعد بها الفساق، ليست على ظاهرها، بل المراد بها خلاف الظاهر، وإن لم يبين الشرع ذلك.
ص: وفي بقاء المجمل غير مبين ثالثها الأصح لا يبقى المكلف بمعرفته.
ش: هل يجوز أن يبقى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن مجمل لا يعرف معناه؟ منعه بعضهم، لأن الله تعالى أكمل الدين، وقال آخرون بإمكانه، وفصل إمام الحرمين، فجوزه فما لا تكليف فيه، ومنعه فيما فيه تكليف، وصححه المصنف، وقال الشارح: الظاهر أن هذا تنقيح للقول الثاني، لا مذهب ثالث مفصل.
ص: والحق أن الأدلة النقلية قد تفيد اليقين بإنضمام تواتر أو غيره.
ش: اختلف في أن الأدلة النقلية هل تفيد اليقين أم لا؟ على مذاهب:
أحدها: تفيده مطلقاً، حكاه الآمدي عن الحشوية.
والثاني: لا، مطلقاً لتوقف اليقين فيها على أمور، لا طريق إلى القطع بها.
والثالث: وهو اختيار الآمدي في (الأبكار) والإمام في (المحصول)، و(الأربعين) أنها قد تفيده إذا انضم إليها تواتر أو غيره من القرائن الحالية ولا غيره بالاحتمال فإنه إذا لم ينشأ عن دليل لم يعتبر، وإلا لم يوثق بمحسوس.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الكتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir