بَابُ مَا جَاءَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:
{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}[الْوَاقِعَةُ:82].
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ بِالأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ)).
وَقَالَ: ((النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ))رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَهُمَا عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ((هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟)) قَالُوا: (اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) قَالَ: ((أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ)).
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ، وَفِيهِ: ((قَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَاتِ: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّو تَعلَمُونَ عَظِيمٌ * إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنونٍ * لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالمينَ * أفَبِهذا الحَديثِ أنتُم مُّدْهِنونَ * وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُم أنَّكَم تُكَذِّبُونَ}[الْوَاقِعَةُ:75-82])).
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
تَفْسِيرُ آيَةِ الْوَاقِعَةِ.
الثَّانِيَةُ:
ذِكْرُ الأَرْبَعِ الَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.
الثَّالِثَةُ:
ذِكْرُ الْكُفْرِ فِي بَعْضِهَا.
الرَّابِعَةُ:
أَنَّ مِنَ الْكُفْرِ مَا لاَ يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ.
الْخَامِسَةُ:
قَوْلُهُ: ((أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ)) بِسَبَبِ نُزُولِ النِّعْمَةِ.
السَّادِسَةُ:
التَّفَطُّنُ لِلإِيمَانِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
السَّابِعَةُ:
التَّفَطُّنُ لِلْكُفْرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
الثَّامِنَةُ:
التَّفَطُّنُ لِقَوْلِهِ (لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا).
التَّاسِعَةُ:
إِخْرَاجُ الْعَالِمِ لِلْمِتَعَلِّمِ الْمَسْأَلَةَ بِالاِسْتِفْهَامِ عَنْهَا؛ لِقَوْلِهِ: ((أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ)).
الْعَاشِرَةُ:
وَعِيدُ النَّائِحَةِ.