دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 11:16 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعريف الصحابي

مَسْأَلَةٌ: الصَّحَابِيُّ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَرْوِ وَلَمْ يُطِلْ بِخِلَافِ التَّابِعِيِّ مَعَ الصَّحَابِيِّ وَقِيلَ: يُشْتَرَطَانِ وَقِيلَ: أَحَدُهُمَا وَقِيلَ: الغَزْوُ أَوْ سَنَةٌ وَلَوْ ادَّعَى المُعَاصِرُ العَدْلُ الصُّحْبَةَ قُبِلَ وِفَاقًا للقَاضِي، والأكثر عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، وَقِيلَ: كَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ: إلَى قُتِلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ: إلَّا مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا.

  #2  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي منع الموانع للقاضي: عبد الوهاب السبكي


العشرون: ما شرح تعريفكم الصحابي والتابعي؟ وهل يشمل الذكور والإناث أم الذكور فقط؟
. . .
تعريف الصحابي:
وأما تعريفنا الصحابي: فقولنا: (من اجتمع مؤمناً بمحمد صلى الله عليه وسلم وإن لم يرو، ولم يطل).
فشرحه: أن (من) موصولة، والمعنى الذي اجتمع، والاجتماع معروف لغة وعرفاً، وهو: المجالسة، أو المماشاة، وهو جنس، (ومؤمناً) حال من (من) وهو فصل خرج المجتمع حال كفره، و(بمحمد صلى الله عليه وسلم): فصل ثان، يخرج المجتمع بغيره).
وإنما غيرنا لفظ (رأى) الواقع في مختصر ابن الحاجب وغيره؛ لأنك إن نصبت النبي صلى الله عليه وسلم في قولك: (من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأظهر لم يطرد، لورود ابن أم مكتوم، وأُبي، وغيرهما، من عميان الصحابة، فإنهم لم يروه، ولم ينعكس لأن من رآه في النوم فقد رآه حقًّا وليس بصحابي.
وإن رفعت لزم أن يكون من وقع بصر محمد صلى الله عليه وسلم عليه صحابيًّا، وإن لم يقع بصره هو على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم أحداً قال بذلك. ولو قيل به لزم أن يكون كل من عاصره بهذه المثابة، لأنه كشف له ليلة الإسراء وغيرها عنهم أجمعين، ورآهم كلهم، بل نقول: يلزم أن يكون كل أمته أصحابه، لأنه رأى الكل، أراه الله تعالى إياهم، وأيضاً فالخصوصية إنما هي لوقوع بصرنا على تلك الطلعة البهية، التي ينطبع منها في القلب نور يشرق به، فلذا عدلنا إلى لفظ الاجتماع، وزدنا لفظ الإيمان، وقد ذكره الشيخ أبو عمر بن الصلاح، من المحدثين، والآمدي من الأصوليون، ولا بد منه، فإن من اجتمع كافراً به صلى الله عليه وسلم لا تثبت له صحبة، قاله البخاري في صحيحه، حيث قال: (من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه) وحكاه القاضي عياض وغيره عن أحمد بن حنبل.
وأما اشتراط أحد الأمرين: من الغزو، أو مدة سنة، فهو قول سعيد بن المسيب رحمه الله، حكاه ابن الصلاح وغيره، وهو ضعيف، يلزم منه إخراج جرير بن عبد الله، ووائل بن حجر، ومعاوية بن الحكم السلمي وغيرهم ممن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم عام تسع وبعده، فأسلم وأقام عنده أياماً ثم رجع إلى قومه، وروى عنه أحاديث، ولا نعرف خلافاً بين الناس في عدهم من الصحابة.
إذا عرفت ما عرَّفنا به الصحابي، فإنا منبهوك هنا على مهمات:
أحدها: أنك قد تقول: المفهوم من الاجتماع المجالسة أو المماشاة ولو شيئاً يسيراً. وهذا يلزم عليه خروج من لم يجالس ولم يماش، بل رأى على بعد مع كونه صحابيًّا.
فنقول: الرائي على بعد، إن لم يكتف له بهذا القدر في ثبوت الصحبة؛ كان لفظ الاجتماع على ما يزعمون أصح، وإن اكتفى به (وهو ظاهر إطلاقهم لفظ الرؤية) فإنا ندعي أنه مجتمع به، فإن الاجتماع يحصل إما بالمجالسة وإن لم يكن معها رؤية، وإما بالرؤية وإن لم يكن معها مجالسة، هذا الذي يظهر.
فنحن دائرون بين منع كون الرائي عن بعد صحابيًّا، ودعوى كونه مجتمعاً. ثم نحن لا نضمن سلامة (جمع الجوامع) عن كل اعتراض، بل كل أحد يؤخذ من قوله ويترك، إلاَّ صاحب القبر صلى الله عليه وسلم.
فإن صح لغة أو عرفاً أو شرعاً ما يظهر لنا من صدق الاجتماع على كل من هذين، أو أن الرائي من بعد غير صحابي لم يصح الاعتراض، وإلاَّ فالاعتراض صحيح، ولكن يسهل أمره أنه لم يثبت لنا أن أحداً اتفقت له الرؤية على بعد دون الاجتماع أو سماع الكلام حتى نبحث عنه.
والثاني: أن من اجتمع كافراً به صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم ولم يره بعد الإسلام، ولكن روى شيئاً سمعه منه في حال كفره أو لم يرو، هل يكون صحابيًّا فظاهر كلام الإمام أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما أنه لا يكون صحابيًّا، ولذلك لم يذكر أحد عبد الله بن صياد في الصحابة رضي الله عنهم، وقد كلمه النبي صلى الله عليه وسلم ووقف معه في قصته المشهورة، مع كونه أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وحج، فلم يعتدوا له بذلك اللقاء والكلام في حال الكفر.
والثالث: من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث، وحادثه ثم أسلم بعد المبعث، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، فهل يكتفي بذلك اللقاء الأول مع إسلامه في زمنه؟ وهذا بخلاف من لم يسلم إلاَّ بعد وفاته، ففيه نظر واحتمال. وقد روى أبو داود في السنن عن عبد الله بن شقيق عن أبيه عبد الله بن أبي الحمساء قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، وبقيت له بقية، فوعدته أن آتيه بها في مكانه، ونسيت ثم ذكرت بعد ثلاث، فجئت فإذا هو في مكانه، فقال يا فتى لقد شققت علي، أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك).
فهذه القصة كانت قبل النبوة، ولم يكن ابن أبي الحمساء أسلم إذ ذاك قطعاً، ولكنه أسلم بعد ذلك، ولم يثبت لنا أنه صحبه بعد الإسلام، فلو فرض أنه لم يلقه بعد الإسلام جاء فيه هذا النظر والاحتمال، فهو دون ابن صياد من جهة أن مجالسته إياه قبل المبعث، وفوقه من جهة أنه أسلم في حياته.
والرابع: من اجتمع به بعد المبعث وأسلم قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضاً فيه نظر واحتمال، وهو أولى بالصحبة من القسمين السابقين.
الردة هل تحبط العمل في الحال أو بشرط الموافاة:
والخامس: من صحبه ثم ارتد بعد وفاته، ثم عاد إلى الإسلام هل تحبط ردته الصحبة؟ فيه نظر، والأظهر عندي على أصول أصحابنا عدم الإحباط، وعلى أصول الحنفية الإحباط، وذلك لأنهم يجعلون هذا إسلاماً جديداً، يجب فيه استئناف الحج، ولا يعتدون بما سبق.
وأما علماؤنا فإن الحبوط عندهم مشروط بالوفاة على الردة.
وأصل هذا مسألة الشقاوة والسعادة الآتية، ويؤيد أصحابنا أن المحدثين لم يختلفوا في عد الأشعث بن قيس من الصحابة، وجعل أحاديثه مسندات وكان ممن ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع بين يدي أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وزوّجه أخته.
والسادس: من كان مسلماً في حياته صلى الله عليه وسلم، ولم يره قبل موته، ولكن رآه بعد الموت قبل الدفن، هل يكون صحابيًّا؟ أما من يثبت الصحبة لمن أسلم في حياته صلى الله عليه وسلم وإن لم يره، وهو قول ابن عبد البر فلا ريب عنده في أن هذا صحابي، ونحن إنما نتكلم على المذهب المختار، وهو اشتراط أحد الأمرين، من الرؤية أو المجالسة الذي يعبر عنه بالاجتماع، والأظهر عندنا أن هذا غير صحابي.
فإن قلت ومن الذي اتفق له ذلك حتى تبحثوا عنه؟ قلت: أبو ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي الشاعر، وقصته مشهورة: فإنه أخبر بمرض النبي صلى الله عليه وسلم فسافر نحوه، فقبض صلى الله عليه وسلم قبل وصوله المدينة بيسير، وحضر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه مسجى، وشهد دفنه، ولم يثبت عندي أنه لما رآه مسجى كشف له عن وجهه الكريم، فإن لم يكشف له عن وجهه، فلا ريب في انتفاء الصحبة على مساق المذهب المختار.
لفظ الصحابي يشمل الذكور والإناث:
وأما قولكم: هل يشمل الذكور والإناث؟ فالجواب نعم، وكأنكم تصورتم أن لفظ الصحابي لا يصلح إلاَّ للمذكر، لأنك تقول صحابي وصحابية للمذكر والمؤنث، ونحن نقول إنما يقال ذلك إذا قصد بالصحابي واحد بخصوصه.
أما إذا قصدت الحقيقة من حيث هي فلا نقول صحابية أصلاً، فافهم ذلك، واستعمله في الأسماء المشتقة كلها فهو دقيق، وله تحقيق يطول ذكره.
وقد ظفرت له بدليل من الكتاب العزيز وهو قوله تعالى: {أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى}، فلو كان قوله: (عاملاً) يختص بالذكر، لقيل: أو عاملة.
فإذن لفظ الصحابي يطلق ويراد به مقابل المرأة، وليس المراد، ويطلق ويراد به الجنس وهو المقصود. ونظير ذلك قول النحاة في (لا) إنها إذا قصد بها خلوص العموم ونفي الجنس تنصيصاً عملت عمل إن، وسميت البترية، فتقول: (لا رجل) بمعنى نفي هذه الحقيقة، ولذلك لا تقول: (بل رجلان)، لأنه يناقض قولك: (لا رجل)، الذي هو بمعنى لا رجولية. وإن لم يقصد خلوص العموم احتملت نفي العموم، ونفي الوحدة، وعملت عمل ليس، وتعين الرفع، وجاز قولك بل رجلان، على إرادة لا رجل، مقيد بقيد الوحدة.
وأما قولنا: (بخلاف التابعي مع الصحابي) فإشارة إلى أنه لا يكتفي في كون المرء تابعيًّا بمجرد اجتماعه بالصحابي، كما يكتفي في الصحابي، والفارق أن طلعة المصطفى صلى الله عليه وسلم ينطبع مع رؤيتها أو مجالستها نور لا يتهيأ لأحد من خلق الله مثله، فالمرجع في تفسير التابعي إلى العرف.

  #3  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةٌ: الصَّحَابِيُّ) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي يُسَمَّى صَحَابِيًّا أَيْ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ اجْتَمَعَ) حَالَ كَوْنِهِ (مُؤْمِنًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَخَرَجَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ كَافِرًا فَلَيْسَ بِصَاحِبٍ لَهُ لِعَدَاوَتِهِ وَفُصِلَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَمُتَعَلَّقِهِ بِالْحَالِ لِتَلِي صَاحِبَهَا، وَهُوَ ضَمِيرٌ اجْتَمَعَ وَعُدِّلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَشْمَلَ الْأَعْمَى مِنْ أَوَّلِ الصُّحْبَةِ كَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ (وَإِنْ لَمْ يَرْوِ) عَنْهُ شَيْئًا (وَلَمْ يُطِلْ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ اجْتِمَاعَهُ بِهِ (بِخِلَافِ التَّابِعِيِّ مَعَ الصَّحَابِيِّ)، وَهُوَ صَاحِبُهُ فَلَا يَكْفِي فِي صِدْقِ اسْمِ التَّابِعِيِّ عَلَى الشَّخْصِ اجْتِمَاعُهُ بِالصَّحَابِيِّ مِنْ غَيْرِ إطَالَةٍ لِلِاجْتِمَاعِ بِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي الصُّحْبَةِ وَإِنْ قِيلَ: يَكْفِي كَالْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَثِّرُ مِنْ النُّورِ الْقَلْبِيِّ أَضْعَافَ مَا يُؤَثِّرُهُ الِاجْتِمَاعُ الطَّوِيلُ بِالصَّحَابِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ فَالْأَعْرَابِيُّ الْجِلْفُ بِمُجَرَّدِ مَا يَجْتَمِعُ بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ بِبَرَكَةِ طَلْعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَقِيلَ: يُشْتَرَطَانِ) أَيْ الْمَذْكُورَانِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَإِطَالَةِ الِاجْتِمَاعِ فِي صِدْقِ اسْمِ الصَّحَابِيِّ نَظَرًا فِي الْإِطَالَةِ إلَى الْعُرْفِ، وَفِي الرِّوَايَةِ إلَى أَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ صُحْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ
(وَقِيلَ:) يُشْتَرَطُ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ يَعْنِي قَالَ بَعْضُهُمْ يُشْتَرَطُ الْإِطَالَةُ وَهَذَا مَشْهُورٌ وَبَعْضُهُمْ يَشْتَرِطُ الرِّوَايَةَ، وَلَوْ لِحَدِيثٍ كَمَا حَكَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَقِيلَ:) يُشْتَرَطُ فِي صِدْقِ اسْمِ الصَّحَابِيِّ (الْغَزْوُ) مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوْ سَنَةٌ) أَيْ مُضِيُّهَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ بِهِ ; لِأَنَّ لِصُحْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَفًا عَظِيمًا فَلَا يُنَالُ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ طَوِيلٍ يَظْهَرُ فِيهِ الْخُلُقُ الْمَطْبُوعُ عَلَيْهِ الشَّخْصُ كَالْغَزْوِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى السَّفَرِ الَّذِي هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، وَالسَّنَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الْمِزَاجُ وَاعْتُرِضَ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ، وَلَا يُسَمَّى صَحَابِيًّا بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ رِدَّتِهِ مُسْلِمًا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى قَبْلَ الرِّدَّةِ وَيَكْفِي ذَلِكَ فِي صِحَّةِ التَّعْرِيفِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمُنَافِي الْمُعَارِضِ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَرِزُوا فِي تَعْرِيفِ الْمُؤْمِنِ عَنْ الرِّدَّةِ الْعَارِضَةِ لِبَعْضِ أَفْرَادِهِ وَمَنْ زَادَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمُحَدِّثِينَ كَالْعِرَاقِيِّ فِي التَّعْرِيفِ وَمَاتَ مُؤْمِنًا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّنْ ذُكِرَ أَرَادَ تَعْرِيفَ مَنْ يُسَمَّى صَحَابِيًّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الصَّحَابَةِ لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَزِمَهُ أَنْ لَا يُسَمَّى الشَّخْصُ صَحَابِيًّا حَالَ حَيَاتِهِ، وَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ مَا أَرَادَهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ التَّعْرِيفِ (وَلَوْ ادَّعَى الْمُعَاصِرُ) لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْعَدْلُ الصُّحْبَةَ) لَهُ (قُبِلَ وِفَاقًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ ; لِأَنَّ عَدَالَتَهُ تَمْنَعُهُ مِنْ الْكَذِبِ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ لِادِّعَائِهِ لِنَفْسِهِ رُتْبَةً هُوَ فِيهَا مُتَّهَمٌ كَمَا قَالَ أَنَا عَدْلٌ وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ (عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ) فَلَا يُبْحَثُ عَنْهَا فِي رِوَايَةٍ، وَلَا شَهَادَةٍ ; لِأَنَّهُمْ خَيْرُ الْأَمَةِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي} رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَنْ طَرَأَ لَهُ مِنْهُمْ قَادِحٌ كَسَرِقَةٍ أَوْ زِنًا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ (وَقِيلَ:) هُمْ (كَغَيْرِهِمْ) فَيُبْحَثُ عَنْ الْعَدَالَةِ فِيهِمْ فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا مَنْ يَكُونُ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ أَوْ مَقْطُوعَهَا كَالشَّيْخَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (وَقِيلَ:) هُمْ عُدُولٌ (إلَى) حِينِ (قُتِلَ عُثْمَانُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ مِنْ حِينِ قَتْلِهِ لِوُقُوعِ الْفِتَنِ بَيْنَهُمْ مِنْ حِينَئِذٍ، وَفِيهِمْ الْمُمْسِكُ عَنْ حَوْضِهَا (وَقِيلَ:) هُمْ عُدُولٌ (إلَّا مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُمْ فُسَّاقٌ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي قِتَالِهِمْ لَهُ فَلَا يَأْثَمُونَ، وَإِنْ أَخْطَئُوا بَلْ يُؤْجَرُونَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَقَائِدِ.

  #4  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


(ص) مسألة: الصحابي: من اجتمع مؤمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإن لم يرو ولم يطل، بخلاف التابعي مع الصحابي، وقيل: يشترطان وقيل: أحدهما، وقيل: الغزو أو سنة.
(ش) (من) موصولة بمعنى: الذي، وهو مع الاجتماع جنس، (ومؤمنا) حال من الموصول، وهو فصل يخرج المجتمع حال كفره، (وبمحمد) صلى الله عليه وسلم فصل ثان يخرج المجتمع بغيره، وإنما غير المصنف لفظة: (رأى) الواقع في مختصر ابن الحاجب وغيره لأنك إن نصبت النبي في قولهم: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر – لم يطرد، لورود ابن أم مكتوم وأبي وغيرهما من عميان الصحابة، فإنهم لم يروه ولم ينعكس لأن من رآه في النوم فقد رآه حقا وليس بصحابي وإن رفعت لزم أن يكون من وقع بصر محمد صلى الله عليه وسلم عليه صحابيا وإن لم يقع بصره على محمد صلى الله عليه وسلم ولا قائل به ولو قيل به لزم أن يكون كل من عاصره بهذه المثابة، لأنه كشف له ليلة الإسراء وغيرها عنهم أجمعين ورآهم كلهم فلهذا عدل المصنف إلى لفظة الاجتماع وزاد الإيمان وقد ذكره ابن الصلاح من المحدثين، والآمدي من الأصوليين ولا بد منه، فإن من اجتمع كافرا به صلى الله عليه وسلم لا تثبت له صحبة، قاله البخاري في (صحيحه) حيث قال: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه.
وحكاه القاضي عياض وغيره عن أحمد بن حنبل، وأشار بقوله: وإن لم يرو ولم يطل – إلى الاكتفاء بمجرد الرواية والصحبة ولو ساعة، سواء روى عنه أو لم يرو عنه، وسواء اختص به أم لا، وهو مقتضى لفظ الصحبة من حيث الوضع بدليل أنه يصح تقسيم الصحبة إلى الصحبة ساعة وإلى الصحبة مدة طويلة، وكذا يصح أن يقال: صحبه ولم يرو عنه، وأشار بقوله: بخلاف التابعي إلى أنه لا يكتفى في كون الشخص تابعيا بمجرد اجتماعه بالصحابي كما يكتفى في الصحابي والفرق أن طلعة المصطفى صلى الله عليه وسلم ينطبع من رؤيتها أو مجالستها نور لا يتهيأ لأحد من خلق الله مثله فالمرجع في تفسير التابعي إلى العرف. وقيل يشترطان، أي: طول المجالسة والرواية عنه وقيل تشترط الرواية (ولا تشترط الصحبة الطويلة، وقيل: تشترط) الصحبة الطويلة ولا تشترط الرواية، وهذا مراد المصنف بقوله: وقيل: أحدهما، لأنه لم يذهب أحد إلى اشتراط الرواية، دون المجالسة كما يوهمه ظاهر هذه العبارة قال الهندي: والخلاف لفظي، والوضع يصحح مذهب االأولين، والعرف مذهب المتأخرين، وكذا قال ابن الحاجب، لكن لفظه وإن ابتنى عليه الخلاف في تعديلهم وقيل: يشترط الغزو أو مدة سنة، وهو قول سعيد بن المسيب، حكاه ابن الصلاح وهو ضعيف يلزم منه إخراج جرير بن عبد الله ووائل بن حجر. ومعاوية بن الحكم السلمي ممن وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تسع وبعده، فأسلم وأقام بعده أياما، ثم رجع إلى قومه وروى عنه أحاديث، ولا خلاف في أنهم من الصحابة.
(ص): ولو ادعى المعاصر العدل الصحبة قبل وفاقا للقاضي.
(ش): لأن وازع العدل يمنعه من الكذب وإنما حكاه المصنف عن القاضي لأن كلام ابن الحاجب يقتضي أن المسألة غير منقولة، وتوقف فيها من حيث إنه يدعي رتبة لنفسه، فهو متهم فيها كما لو قال: أنا عدل.
(ص): والأكثر على عدالة الصحابة وقيل: هم كغيرهم، وقيل: إلى= قتل عثمان، وقيل: إلا من قاتل عليا.
(ش): جمهور الخلف والسلف على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم عدول فلا حاجة إلى الفحص عن عدالتهم، لقوله تعالى:{كنتم خير أمة أخرجت للناس} والخطاب للموجودين، قال إمام الحرمين: ولعل السبب فيه أنهم حملة الشريعة، فلو ثبت توقف في روايتهم لانحصرت الشريعة على عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما استرسلت على سائر الأعصار، وقيل: إن حكمهم في العدالة كغيرهم فيجب البحث عنها ومعرفتها في كل واحد منهم، ومنهم من زعم أن الأصل فيهم العدالة إلى أيام قتل عثمان لظهور الفتن، ومنهم من زعم أن من قاتل عليا فهو فاسق لخروجهم على الإمام الحق. وهذه المذاهب كلها باطلة، سوى مذهب الجمهور.

  #5  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: الصحابي من اجتمع مؤمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإن لم يرو ولم يطل بخلاف التابعي مع الصحابي وقيل: يشترطان وقيل: أحدهما، وقيل: الغزو أو سنة.
ش: عدل عن تعبير ابن الحاجب وغيره بـ (الرؤية) إلى (الاجتماع) لتناول من اجتمع به من العميان كابن أم مكتوم.
وقيد الاجتماع بحالة الإيمان ليخرج من اجتمع به في حالة الكفر، فإنه ليس صحابيا.
ولا يشترط في ذلك أن يروي عنه حديثا، ولا أن تطول صحبته له هذا هو الصحيح المشهور.
قوله: (وقيل: يشترطان) أي: الرواية عنه، وطول الصحبة له فلا يسمى صحابيا إلا باجتماعهما.
وقوله: (وقيل: أحدهما) مقتضاه أنه يكتفى على هذا القول بالرواية أو طول الصحبة.
وقال الشارح: مراد المصنف بقوله: (وقيل أحدهما) أنه يشترط الصحبة الطويلة، ولا تشترط الرواية لأنه لم يذهب أحد إلى اشترط الرواية دون المجالسة كما يوهمه ظاهر هذه العبارة.
وقيل: يشترط أحد أمرين، إما الغزو معه أو صحبته سنة، وهو المحكي عن سعيد بن المسيب وهو ضعيف لإخراجه مثل جرير البجلي ووائل بن حجر، وغيرهما ممن لم يشهد معه غزوة، ولا أقام معه سنة مع أن الإجماع على عدهم من الصحابة، وهذا بخلاف التابعي فإنه لا يثبت له هذا الاسم بمجرد رؤية الصحابي بل لا بد من صحبته له، هكذا ذهب إليه جماعة منهم الخطيب البغدادي.
والفرق: شرف رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فمن اجتمع به ولو مرة انطبع قلبه على الاستقامة بخلاف رؤية الصحابي، وذهب آخرون إلى الاكتفاء فيه بمطلق الاجتماع كالصحابي بل هو أولى بذلك منه من حيث الاشتياق لتأكد الأمر في الصحبة بخلاف التبعية، والله أعلم.
ص: ولو ادعى المعاصر العدل الصحبة قبل وفاقا للقاضي.
ش: إنما حكاه المصنف عن القاضي لأن كلام ابن الحاجب يقتضي أن المسألة غير منقولة وتوقف فيها من جهة أنه يدعي لنفسه (رتبة) فيتهم في ذلك كما لو قال: أنا عدل.
قلت: وفي النفس من عمل المحدثين في ذلك شيء، وهم أنهم يثبتون الصحبة لكن من ادعاها في العصر الذي كان الصحابة فيه موجودين ثم يستدلون على عدالته بصحبته لا يطلبون على ذلك مزيدا وذلك يقتضي اكتفاءهم في معرفة العدالة بمجرد دعوى الصحبة، ولعلهم اكتفوا في ثبوت عدالته برواية من روى عنه ادعاءه للصحبة، فإنه لولا معرفته بعدالته لما روى عنه وتلقى دعواه بالقبول والله أعلم.
ص: والأكثر على عدالة الصحابة وقيل: كغيرهم وقيل: إلى قتل عثمان وقيل: إلا من قاتل عليا.
ش: جمهور العلماء من السلف والخلف على أن الصحابة كلهم عدول لا يحتاج إلى البحث عن عدالتهم من لابس منهم الفتنة وغيرهم لأن الله تعالى عدلهم في آيات منها قوله: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال إمام الحرمين: ولعل السبب في أنهم حملة الشرع، فلو ثبت توقف في رواياتهم لانحصرت الشريعة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ولما استرسلت على سائر الأعصار.
ووراء ذلك مذاهب شاذة:
أحدها: أن حكمهم في ذلك كغيرهم فيجب في كل منهم البحث عن عدالتهم.
الثاني: أنهم على عدالتهم إلى قتل عثمان رضي الله عنه لظهور الفتن فيحتاج بعده للبحث عن العدالة.
الثالث: أن من قاتل عليا رضي الله عنه فهو فاسق لخروجه عن الإمام الحق.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصحابي, تعريف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir