دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 05:26 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعريف أصول الفقه

أُصُولُ الْفِقْهِ: دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ.
وَقِيلَ: وَمَعْرِفَتُهَا

  #2  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 09:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي منع الموانع للقاضي: عبد الوهاب السبكي


السؤال الأول: لم حذفتم من حد أصول الفقه لفظ المعرفة، ولم تحذفوا من حد الفقه لفظ العلم؟
. . .

بسم الله الرحمن الرحيم
الأجوبة:
صفة جواب سيدنا ومولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام والمسلمين، بقية المجتهدين، سيد المحققين، موضح المشكلات بالدلائل الواضحات؛ بلغه الله أعلى المقامات، وختم أعماله بالصالحات.
قال عبد الوهاب بن السبكي عامله الله بخفي الألطاف، بعد أن نظر في هذه الأسئلة بعين الإنصاف متحلياً في الجواب عنها من طرح رداء العصبية بأجمل الأوصاف.
الحمد لله الذي أسس قواعد دينه على أثبت دعائم، وقدس مباني شرعه عن وضر الشكوك ودنس أوهام كل هائم، ونفّس بحكمته البالغة كرب العلماء إذا اطلخمت شبهات تقود أناساً كالبهائم.
نحمده على كماله الدائم، وجماله الذي يستروح إليه كل رقيق الفؤاد ملائم، وجلاله الذي ترعد لديه فرائص الآساد وتجر ذيول الهزائم، ونشكره على نعمه العظائم، وديمه التي تخجل صوب الغمائم، وكرمه الذي شمل ذوات البراقع وعم ذوي العمائم.
ونشهد أن لا إله إلاَّ الله واحداً أحداً فرداً صمداً لا تحيط به الأفهام وإن طلعت ثمارها من الكمائم، ولا تحتوشه الأوهام وإن جالت في ميدان البراهين بقوادم القوائم، ولا تكتنفه الإشارات وإن خطرت في أفئدة الكرام والكرائم.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي ابتعثه وظلام الضلال مدلهم قائم. وضياء الهدى ضمير مستكن أو ظاهر ظهور نائم، فرفع به منار الحق ونكس أعلام ذوي الجرائم، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قام بهم عماد دينه وغردت عليه الحمائم، ووضح بجدهم منهاج الحق لكل رائد ورائم، واستقرت بعزيمتهم قواعد الملة في المشارق والمغارب.
وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
أما بعد: فإن العالم وإن امتد باعه واشتد في ميادين الجدال دفاعه، واستد ساعده حتى خرق به كل باب سد بابه وأحكم امتناعه.
فنفعه قاصر على مدة حياته، ما لم يصنف كتاباً يخلد بعده، أو يورث علماً ينقله عنه تلميذ إذا وجد الناس فقده، أو تهتدي به فئة مات عنها وقد ألبسها به الرشاد برده.
ولعمري إن التصنيف لأرفعها مكاناً، لأنه أطولها زماناً، وأدومها إذا مات أحياناً، ولذلك لا يخلو لنا وقت يمر بنا خالياً عن التصنيف، ولا يخلو لنا زمن إلاَّ وقد تقلد عقده جواهر التأليف. ولا يخلو علينا الدهر ساعة فراغ إلاَّ ويعمل فيها القلم بالترتيب والترصيف.
وكان مما دعوت له الجَفَلَى ولم ألف غير ملب يبادر ويسارع، ورقيت به إلى سماء التحقيق فأنشد: (لنا قمراها والنجوم الطوالع) وحشدت فيه فكري حتى فاض على الإناء، وناداه لسان الفكر (جمع الجوامع).
طويت فكري فيه على همة سائراً في نشر العلم سيراً حثيثاً، وملأت داري منه بمسودات أرى قديمها لكثرة ما أعاوده حديثاً، وشغلته أو شغلت نفسي فيه بما تنوع كلاماً وأصولاً وفقهاً وحديثاً، وأيم الله لقد استوعب مني كثيراً من أوقات الفراغ. وأخذ من أقلامي وأفكاري ما كاد يستفرغ مدد المداد والدماغ، وسمع من كلمي وحكمي ما ليس عند ذوي البلاغ بلاغ.
فلو كان ذا لسان لادعى أنه نفيس عمري ونخبة فكري، والذي شمرت فيه عن ساق الجد، وقد عدمت في الديجور أعواناً على سهري.
وقد دار على ألسنة الناس، وصار في كل محفل كمضغة تلوكها الأشداق وتتردد تردد الأنفاس، وطار بناؤه وأنا أنادي (ما في وقوفك ساعة من باس) ولست أدعي أنه جمع سلامة، ولا أبريه كلما توجَّهَت نحوه الملاءة، ولا أتعصب له فبئست الخصلة إذا قلت لكل من اعترضه في الملامة كلا.
ولا أبيعه بشرط البراءة من كل عيب، بل أقول: يؤخذ من قوله ويترك والله العليم بالغيب، وينظر فيه مع تجويز اعتراض الشك له والريب.
وقد وردت عليَّ هذه الأسولة وكثير منها لا يختص به فأخذت في جوابها جميعاً، حبًّا للعلم وطلبه، ورغبة في إزالة كل مشتبك ومشتبه، وضممت إليها بعد ذلك سؤالات أخر، وردت من جنسها، فأجبت عنها بما أرجو أن يطمئن به القلب ويقر البصر.
فأقول، والله المستعان وعليه التكلان فيما نأتي ونذر:
موضوع أصول الفقه:
أما قولكم لم حذفتم من أصول الفقه لفظ المعرفة وأتيتم في تعريف الفقه بلفظ العلم؟ فجوابه أن الأدلة الكلية لها حقائق في أنفسها؟ من حيث دلالتها ومن حيث تعلق العلم بها.
وقد اضطرب رأي المتأخرين في أن موضوع أصول الفقه هو تلك الحقائق في أنفسها أو العلم بها؟
وكلام الإمام الرازي وغيره يقتضي الأول، وهو الصواب عندي، لأن أهل العرف يسمون العلم أصولاً، ونقول: هذا كتاب أصول.
ولأن الأصول في اللغة: الأدلة فَجَعْلُهُ اصطلاحاً نفس الأدلة أقرب إلى المدلول لغةً. وكلام صاحب (الحاصل) والبيضاوي يقتضي الثاني ولا أراه. إذا عرفت هذا جئنا إلى الفقه، فنقول: الفقه عندنا هو العلم بالأحكام لا نفسها، لأن ذلك هو الأقربُ إلى استعماله اللغوي؛ إذ الفقه لغة الفهم، وليس كذلك الأصول فهذا فارق ما بين الأصول والفقه. وقد أشار إليه الشيخ الإمام الوالد رحمه الله تعالى في القطعة التي عملها على منهاج البيضاوي، وكملنا نحن عليها.
فقال ما نصه: (والأولى جعل الأصول للأدلة، والفقه للعلم، لأنه أقرب إلى الاستعمال اللغوي) انتهى.
وذلك هو ما أورده إمام الحرمين في (البرهان) وغيره من المحققين. كلهم جعلوا الأصول نفس الأدلة.

  #3  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:00 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


الكلام في المقدمات
افْتَتَحَهَا بِتَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ لِيَتَصَوَّرَهُ طَالِبُهُ بِمَا يَضْبِطُ مَسَائِلَهُ الْكَثِيرَةَ لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي تَطَلُّبِهَا إذْ لَوْ تَطَلَّبَهَا قَبْلَ ضَبْطِهَا لَمْ يَأْمَنْ فَوَاتَ مَا يُرَجِّيهِ وَضَيَاعَ الْوَقْتِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ فَقَالَ:
(أُصُولُ الْفِقْهِ) أَيْ الْفَنُّ الْمُسَمَّى بِهَذَا اللَّقَبِ الْمُشْعِرُ بِمَدْحِهِ بِابْتِنَاءِ الْفِقْهِ عَلَيْهِ إذْ الْأَصْلُ مَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ (دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ كَمُطْلَقِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَفِعْلِ النَّبِيِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَالِاسْتِصْحَابِ الْمَبْحُوثِ عَنْ أَوَّلِهَا بِأَنَّهُ لِلْوُجُوبِ حَقِيقَةً وَالثَّانِي بِأَنَّهُ لِلْحُرْمَةِ كَذَلِكَ الْبَاقِي بِأَنَّهَا حُجَجٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ فَخَرَجَ بِالدَّلَائِلِ التَّفْصِيلِيَّةِ نَحْوُ {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} وَصَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ كَمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنْ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ حَيْثُ لَا عَاصِبَ لَهُمَا وَقِيَاسُ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ فِي امْتِنَاعِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاسْتِصْحَابُ الطَّهَارَةِ لِمَنْ شَكَّ فِي بَقَائِهَا فَلَيْسَتْ أُصُولُ الْفِقْهِ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ بَعْضُهَا فِي كُتُبِهِ لِلتَّمْثِيلِ
(وَقِيلَ) أُصُولُ الْفِقْهِ (وَمَعْرِفَتُهَا) أَيْ مَعْرِفَةُ دَلَائِلِ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةِ وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ إذْ الْأُصُولُ لُغَةً الْأَدِلَّةُ كَمَا فِي تَعْرِيفِ جَمِيعِهِمْ الْفِقْهَ بِالْعِلْمِ بِالْأَحْكَامِ لَا نَفْسِهَا إذْ الْفِقْهُ لُغَةً الْفَهْمُ.

  #4  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


ص: (أُصُولُ الفِقْهِ: دلائلُ الفِقْهِ الإجماليَّةُ، وقيلَ: مَعْرِفَتُها).
ش: الدلائلُ جِنْسٌ، والإجماليَّةُ فَصْلٌ أَخْرَجَ به الأدِلَّةَ التفصيليَّةَ بحَسَبِ مسألةٍ مسألةٍ، وهو الفِقْهُ، ومعنى الإجماليَّةِ كما قالَ أبو الحُسينِ في المُعْتَمَدِ: إِنَّها غيرُ مُعَيَّنَةٍ، ألاَ تَرَى أنَّا إذا تَكَلَّمْنَا في أنَّ الأمرَ للوجوبِ، لم نُشِرْ إلى أَمْرٍ مُعَيَّنٍ، وكذلك النهيُ والإجماعُ والقياسُ، وليسَ كذلك أَدِلَّةُ الفِقْهِ؛ لأنَّها مُعَيَّنَةٌ، نحوُ قولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)). قالَ: ولهذا كانَ قولُ مَن قالَ: أصولُ الفقهِ كلامٌ في أَدِلَّةِ الفقهِ - يَلْزَمُ عليه أنْ يكونَ كلامُ الفقهاءِ في أدلَّةِ الفقهِ المعيَّنَةِ كلاماً في أصولِ الفِقْهِ؛فلهذا قَيَّدْنَا الأدِلَّةَ الإجماليَّةَ. انْتَهَى.
وهذا هو المُخْتَارُ في تَعْرِيفِهِ، أعنِي أنَّ الأصولَ نَفْسُ الأدِلَّةِ،لا مَعْرِفَتُها؛ لأنَّ الأدِلَّةَ إذا لم تُعْلَمْ لا تَخْرُجُ عن كَوْنِها أُصُولاً، وهو الذي ذَكَرَه الحُذَّاقُ؛ كالقاضي أبي بكرٍ، وإمامِ الحَرَمَيْنِ، والرَّازِيِّ والآمِدِيِّ وغيرِهم، واختارَهُ الشيخُ تَقِيُّ الدينِ بنُ دَقِيقِ العِيدِ.
وقيلَ: بل أصولُ الفقهِ مَعْرِفَةُ الأدِلَّةِ. وعليه جَرَى في (المِنْهَاجِ).
وكذا ابنُ الحاجِبِ، إلاَّ أنَّه عَبَّرَ بالعلمِ بها، ووَجَّهَهُ بعضُهم بأنَّ العِلْمَ بالأدِلَّةِ مُوصِلٌ إلى المَدْلُولِ، والأدِلَّةُ لا تُوصِلُ إلى المدلولِ إلا بواسطةِ العِلْمِ بها.
والحاصلُ: أنَّ الأدِلَّةَ لها حقائِقُ في أَنْفُسِها من حيثُ دَلاَلَتُها،ومِن حيثُ تَعَلُّقُ العِلْمِ بها، فهل موضوعُ أصولِ الفقهِ تلكَ الحقائقُ أو العِلْمُ بها؟ والمختارُ الأوَّلُ؛ لأنَّ أهلَ العُرْفِ لا يُسَمُّونَ العلومَ أُصُولاً، ويقولُ: هذا كتابُ أُصُولٍ، ولأنَّ الأصولَ لُغَةً: الأدِلَّةُ، فجَعْلُه اصطلاحاً نفسَ الأدِلَّةِ أقربُ إلى المدلولِ اللُّغَوِيِّ، ومِن هنا جَعَلَ المصنِّفُ وغيرُه الفِقْهَ: العلمَ بالأحكامِ، لا نَفْسَها؛ لأنَّه أقربُ إلى الاستعمالِ اللُّغَوِيِّ؛ إذ الفِقْهُ لغةً: الفَهْمُ، وليسَ كذلك الأصولُ، وبهذا يَنْفَصِلُ عن سؤالِ جَعْلِ الأصولِ الأدِلَّةَ،والفِقْهِ العِلْمَ بالأحكامِ.
هذا تقريرُ كلامِ المصنِّفِ، وفيه كَلِمَاتٌ:
الأُولَى: أَنَّه إنَّما يُحَدُّ اللَّقَبِيُّ،لا الإضافيُّ؛بدليلِ أنَّه لم يُعَرِّفِ الأصولَ بمفردِهِ، وحينَئذٍ فكيفَ يَصِحُّ جَعْلُه نفسَ الأدِلَّةِ؟! فإنَّ اللَّقَبِيَّ هو ما نُقِلَ عن الإضافةِ وجُعِلَ عَلَماً على الفَنِّ، أو صارَ عَلَماً بالغَلَبَةِ،لا نَقْلَ فيه.
وكيفَ يَصِحُّ أنْ يَحْكِيَ فيه قَوْلاً: إنَّه معرفةُ الأدِلَّةِ، وليسَ ذلك خِلافاً مُتَوَارِداً على مَحَلٍّ واحدٍ، بل هما طريقانِ لمقصوديْنِ مُتَغَايِرَيْنِ، فمَن قَصَدَ الإضافِيَّ فَسَّرَهُ بالأدِلَّةِ، ومَن قَصَدَ اللَّقَبِيَّ فَسَّرَهُ بالعِلْمِ بها؛ولهذا لَمَّا جَمَعَ ابنُ الحاجِبِ بينَهما عَرَّفَ اللَّقَبِيَّ بالعِلْمِ، والإضافِيَّ بالأدِلَّةِ، ومَن أَوْرَدَ عليه أنَّ أصولَ الفقهِ نفسُ تلكَ القواعدِ، لا العِلْمُ بها؛لِثُبُوتِها في نفسِ الأمرِ، عَلِمَ بها أم لا - فقد غَفَلَ عن هذا المعنَى، ولم يَقَعْ على مُرَادِهِ؛فإنَّه قبلَ العِلْمِيَّةِ بمعنى الأدِلَّةِ، وأمَّا بعدَه فصارَ معنى أصولِ الفقهِ عِلْمَ أُصُولِهِ، كما يُقالُ: سورةُ البقرةِ، ثمَّ يقالُ: البقرةُ؛باعتبارِ النقلِ إلى عِلْمِ السورةِ.
وإمامُ الحَرَمَيْنِ لَمَّا عَرَّفَه في (البُرْهَانِ) بالأدلَّةِ قالَ شَارِحُه الإبياريُّ: أرادَ الإضافِيَّ. نَعَم المصنِّفُ تابَعَ والدَه الشيخَ الإمامَ، فإنَّه اقْتَنَصَ ذلك مِن تَخَالُفِ عبارةِ (المِنْهَاجِ) (والمحصولِمعَ أنَّ كُلاًّ مِنهما حَدَّ اللَّقَبِيِّ، فالبَيْضَاوِيُّ جَعَلَه العِلْمَ بالأدلَّةِ والكَيْفِيَّتَيْنِ، والإمامُ جَعَلَه عبارةً عن الثلاثةِ،قلتُ: وتَابَعَه الهِنْدِيُّ على ذلك، وقالَه قبلَهما ابنُ بُرْهَانَ في (الأوسطِونَقَلَ إجماعَ المُتَقَدِّمِينَ على أنَّ أَدِلَّةَ الفِقْهِ تُسَمَّى أُصُولَ الفِقْهِ، والناظِرُ فيها يُسَمَّى أُصُولِيًّا، وقالَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ: أُصُولُ الفِقْهِ عندَ الفقهاءِ: طُرُقُ الفِقْهِ التي يُؤَدِّي الاستدلالُ بها إلى معرفةِ الأحكامِ. انْتَهَى.
ويُمْكِنُ رَفْعُ الخلافِ؛ فإنَّه كما يَتَوَقَّفُ الفِقْهُ على هذه الحقائقِ يَتَوَقَّفُ على العِلْمِ بها، فيَجُوزُ حينَئذٍ إطلاقُ أصولِ الفقهِ على الأدلَّةِ نفسِها، وعلى العلمِ بها، لكِنَّ إطلاقَه على نفسِ الأدلَّةِ أَوْلَى؛ لأنَّ الغرضَ ما يُسْتَنْبَطُ منه الأحكامُ، لا العلمُ بتلك الطرقِ، نَعَمْ يَنْبَغِي تخريجُ خلافٍ في أنَّ الفقهَ هل هو مدلولُ تلك الأدلَّةِ أو العلمُ بالمدلولِ من الخلافِ الكلاميِّ، فيما إذا أَقَمْنَا دليلاً على حدوثِ العالَمِ مثلاً،فهل المدلولُ حُدُوثُ العالَمِ أو العلمُ بحدوثِ العالَمِ؟ والصحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ حدوثَ الأكوانِ دالٌّ على حدوثِ الجواهِرِ،سواءٌ أَنَظَرَ الناظِرُ أم لا، والدليلُ مُرتبِطٌ بالمدلولِ؛نَظَرَ الناظِرُ أم لا، وهذا الخِلافُ قيلَ: إنَّه لَفْظِيٌّ؛ إذ لا يَصِحُّ ثُبُوتُ العلمِ دونَ المعلومِ.
الثانيةُ: جَعْلُه (الإجماليَّةَ) قَيْداً (للأَدِلَّةِ)،والأَشْبَهُ - كما قَرَّرَهُ والِدُه - أنَّه قَيْدٌ (للمعرفةِفإنَّ أدلَّةَ الفِقْهِ لها جِهَتَانِ: إحداهما: أعيانُها، والثانيةُ: كُلِّيَّاتُها، فلَيْسَتِ الأدلَّةُ تَنْقَسِمُ إلى ما هو إجماليٍّ غيرِ تَفصيليٍّ، أو تفصيليٍّ غيرِ إجمالِيٍّ، بل كلُّها شيءٌ واحدٌ لها جهتانِ، فالأُصُولِيُّ يَعْلَمُه مِن إِحْدَى الجِهَتَيْنِ، والفقيهُ يَعْلَمُه مِن الجِهَةِ الأُخْرَى، نَعَمْ يَصِحُّ أيضاًً جَعْلُها قَيْداً (للأدلَّةِ) باعتبارِ أنَّ لها نِسْبَتَيْنِ، فهي باعتبارِ إحداهما،غيرُها باعتبارِ الأُخْرَى.
الثالثةُ: المرادُ بالأدلَّةِ الكتابُ والسنَّةُ والإجماعُ والقياسُ والاستدلالُ، وقالَ إمامُ الحَرَمَيْنِ والغزاليُّ: ثلاثةٌ فقطْ، وأَسْقَطَا القياسَ والاستدلالَ، فالإمامُ بَنَاهُ على أنَّ الأدلَّةَ لا تَتَنَاوَلُ إلاَّ القَطْعِيَّ، فلَزِمَ إخراجُ القياسِ مِن أُصُولِ الفِقْهِ، ثمَّ اعْتَذَرَ عن إدخالِهِ فيه بِقِيَامِ القاطِعِ على العملِ به، والغزاليُّ خَصَّ الأدِلَّةَ بالمُثْمِرَةِ للأحكامِ، فلهذا كانَتْ ثلاثةً، وجَعَلَ القياسَ من طرقِ الاستثمارِ؛فإنَّ دَلالَتَه من حيثُ مَعْقُولُ اللفظِ، كما أنَّ العمومَ والخصوصَ دَلالَتُه من حيثُ صِيغَتُه.
الرابعةُ: أُورِدَ على المُصَنِّفِ أنَّه هَلاَّ قالَ: أُصُولُ الفقهِ: دلائلُه الإجماليَّةُ. وأجابَ بثلاثةِ أجوبةٍ:
أَحَدُها: أنَّه لو أَعَادَهُ مُضْمَراً لأَوْهَمَ عَوْدَه إلى نفسِ الأصولِ؛ لأنَّها المُحَدَّثُ عنها.
وثانيها: أنَّ التعاريفَ يُجْتَنَبُ فيها الضمائرُ ما أَمْكَنَ الإتيانُ بالمُظْهَرِ؛ لأنَّها موضوعةٌ للبيانِ، فإذا قلنا: الإنسانُ هو الحيوانُ الناطِقُ، لا يقالُ: هو الحيوانُ الناطقُ، تعريفٌ؛ لأنَّ (هو) ضميرٌ يَفْتَقِرُ إلى الوقوفِ على ما قبلَه.
ثالثُها،وهو المُعْتَمَدُ: أنَّ الفِقْهَ في قَوْلِهِ: (دلائلُ الفقهِ) غيرُ الفقهِ في قَوْلِهِ: أصولُ الفقهِ؛ لأنَّ الفقهَ في قولِنا: أصولُ الفقهِ. أحدُ جُزْئَيِ اسمِ لَقَبٍ مُرَكَّبٍ مِن مُتَضَايِفَيْنِ، وفي قولِنا: دلائلُ الفقهِ العَلَمُ المعروفُ.

  #5  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:02 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي



تعريف أصول الفقه

ص: الكلام في المقدمات، أصول الفقه: دلائل الفقه الإجمالية، وقيل: معرفتها.
ش: هذا تعريف لأصول الفقه باعتبار مدلوله اللقبي، وهل هو دلائل الفقه الإجمالية أو معرفة دلائل الفقه الإجمالية؟ فيه خلاف، ذهب إلى الأول القاضي أبو بكر، وإمام الحرمين والرازي، والآمدي، واختاره ابن دقيق العيد، لأن الأدلة إذا لم تعلم لم تخرج عن كونها أصلاً، ومشى على الثاني البيضاوي وابن الحاجب، إلا أنه عبر بالعلم، ولكل وجه، لأن الفقه كما هو متفرع عن أدلته هو متفرع عن العلم بأدلته، وقيدت الدلائل بالإجمالية لإخراج التفصيلية، فإن النظر فيها وظيفة الفقيه، لأنه يتكلم على أن الأمر في قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} للوجوب, والنهي في قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنى} للتحريم، بخلاف الأصولي فإنه يتكلم على مقتضى الأمر والنهي، من غير نظر إلى مثال خاص.
والدلائل تتناول الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والأشبه ـ كما قال السبكي ـ: أن الإجمال قيد للمعرفة، فإن أدلة الفقه لها جهتان، فالأصولي يعرفها من إحداهما، وهو الإجمال، والفقيه يعرفها من الجهة الأخرى وهو التفصيل، وليست الأدلة منقسمة إلى ما هو إجمالي غير تفصيلي، وتفصيلي غير إجمالي، ووجه جعلها قيداً للأدلة أن لها نسبتين، فهي باعتبار إحداهما غيرها باعتبار الأخرى.
وقد أورد على المصنف أنه هلا قال: أصول الفقه: دلائله الإجمالية؟‍ وأجاب بأجوبة أحسنها: أن الفقه في قولنا: (دلائل الفقه) غير الفقه في (أصول الفقه) لأنه في أصول الفقه أحد جزئي لقب مركب من متضايفين، وفي قولنا: (دلائل الفقه) العلم المعروف.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أصول, تعريف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir