دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الأول 1430هـ/8-03-2009م, 10:00 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تصرف المحجور عليه في ماله

ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُه في مالِه بعدَ الْحَجْرِ ولا إقرارُه عليه، ومَن باعَه أو أَقْرَضَه شيئًا بعدَه رَجَعَ فيه إن جَهِلَ حَجْرَه وإلا فلا، وإن تَصَرَّفَ في ذِمَّتِه أو أَقَرَّ بدَيْنٍ أو جِنايةٍ تُوجِبُ قَوَدًا أو مالًا صَحَّ ويُطالَبُ به بعدَ فكِّ الْحَجْرِ عنه.


  #2  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:24 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ولا يَنْفَذُ تَصَرُّفُه)؛ أي: المَحْجُورِ عليه لفَلَسٍ (في مَالِه) الموجودِ والحادِثِ بإِرْثٍ أو غيرِه (بعدَ الحَجْرِ) بغيرِ وَصِيَّةٍ أو تَدبيرٍ. (ولا إِقْرَارُه عليه)؛ أي: على مَالِه؛ لأنَّه مَحْجُورٌ عليه.
وأمَّا تَصَرُّفُه في مالِه قبلَ الحَجْرِ عليه فصَحيحٌ؛ لأنَّه رَشِيدٌ غيرُ مَحْجُورٍ عليه، لكن يَحْرُمُ عليه الإضرارُ بغَرِيمِه. (ومَن بَاعَهُ أو أَقْرَضَه شَيْئاً) قبلَ الحَجْرِ ووَجَدَه بَاقياً بحالِه، ولم يَأْخُذْ شَيئاً مِن ثمنِه فهو أَحَقُّ ؛ لقَولِه عليه السَّلامُ: ((مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ إِنْسَانٍ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ)) مُتَّفقٌ عليه من حديثِ أبِي هُرَيْرَةَ. وكذا لو أَقْرَضَه أو بَاعَه شَيْئاَ (بعدَه)؛ أي: بعدَ الحَجْرِ عليه (رَجَعَ فيه) إذا وَجَدَه بعَيْنِه (إن جَهِلَ حَجْرَه)؛ لأنَّه مَعْذُورٌ بجَهْلِ حَالِه. (وإلا) يَجْهَلِ الحَجْرَ عليه (فلا) رُجُوعَ له في عَيْنِه؛ لأنَّه دَخَلَ على بصيرةٍ، ويَرْجِعُ بثَمَنِ المبيعِ وبَدَلِ القَرْضِ إذا انفَكَّ حَجْرُه. (وإن تَصَرَّفَ) المُفْلِسُ (في ذِمَّتِه) بشراءٍ أو ضمانٍ أو نَحْوِهما، (أو أَقَرَّ) المُفْلِسُ (بدَيْنٍ أو) أَقَرَّ بـ (جِنَايةٍ تُوجِبُ قَوَداً أو مَالاً صَحَّ) تصرُّفُه في ذِمَّتِه وإقرارُه بذلك؛ لأنَّه أهلٌ للتصرُّفِ، والحَجْرُ مُتَعَلِّقٌ له بمالا= بذِمَّتِه، (ويُطَالَبُ به)؛ أي: بما لَزِمَه مِن ثَمنِ مَبيعٍ ونَحْوِه وما أَقَرَّ به (بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه)؛ لأنَّه حَقٌّ عليه. وإنَّما مَنَعْنَا تعلُّقَه بمالِه لحَقِّ الغُرَمَاءِ فإذا اسْتَوْفَى فقَدْ زَالَ العَارِضُ.


  #4  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ولا ينفذ تصرفه) أي المحجور عليه لفلس (في ماله) الموجود، والحادث بإرث أو غيره (بعد الحجر)([1]) بغير وصية أو تدبير ([2]) (ولا إقراره عليه) أي على ماله، لأَنه محجور عليه ([3]) وأما تصرفه في ماله قبل الحجر عليه فصحيح ([4]) لأنه رشيد، غير محجور عليه ([5]).
لكن يحرم عليه الإضرار بغريمه ([6]) (ومن باعه أو أقرضه شيئًا) قبل الحجر، ووجده باقيًا بحاله ([7]) ولم يأْخذ شيئًا من ثمنه، فهو أحق به ([8]) لقوله عليه السلام ((من أدرك متاعه عند إنسان أَفلس فهو أحق به)) متفق عليه، من حديث أبي هريرة ([9]).
وكذا لو أقرضه أو باعه شيئًا (بعده) أي بعد الحجر عليه (رجع فيه) إذا وجده بعينه ([10]) (إن جهل حجره) لأنه معذور بجهل حاله ([11]).
(وإلا) يجهل الحجر عليه (فلا) رجوع له في عينه، لأنه دخل على بصيرة ([12]) ويرجع بثمن المبيع، وبدل القرض، إذا انفك حجره([13]) (وإن تصرف) المفلس (في ذمته) بشراء، أو ضمان أو نحوهما ([14]) (أو أقر) المفلس (بدين ([15]) أو) أقر بـ(ـجناية توجب قودًا، أو مالاً صح) تصرفه في ذمته، وإقراره بذلك، لأنه أهل للتصرف، والحجر متعلق بماله لا بذمته ([16]).
(ويطالب به) أي بما لزمه من ثمن مبيع ونحوه ([17]) وما أقر به (بعد فك الحجر عنه) لأنه حق عليه ([18]) وإنما منعنا تعلقه بماله لحق الغرماء، فإذا استوفي فقد زال العارض ([19])



([1])هذا أحد الأحكام الأربعة المتعلقة بالحجر على المفلس، وهو تعلق حق الغرماء بماله الموجود قبل الحجر، والحارث بإرث أو غيره، كأرش جناية، ووصية وصدقة، وهبة، ونحو ذلك بعد الحجر، فحكمه كالموجود حال الحجر، لا ينفذ تصرفه فيه تصرفًا مستأنفًا، كبيع وهبة، ووقف، وعتق، وإصداق، ونحوه، لأنه محجور عليه فيه، أشبه الراهن، فلم يصح تصرفه، وهو قول مالك، والشافعي.
([2])لأنه لا تأثير لذلك إلا بعد الموت، وخروجه من الثلث بعد وفاء دينه، و "أو" هنا بمعنى الواو، ويصح أن يتصدق بالشيء اليسير، قال أحمد: وقضاء دينه أوجب. وصوبه في الإنصاف، وقال: يصح بما جرت العادة بمثله، ويتسامح به، بلا خلاف، ومن عليه نفقة واجبة فلا يملك التبرع بما يخل بالنفقة الواجبة وكلام أحمد يدل عليه.
([3])أي ولا يصح إقراره على ماله، لأن حقوق الغرماء متعلقة بأعيان ماله، فلم يقبل الإقرار عليه، ولو بعتق عبده، لأنه لا يصح منه عند الجمهور، فلم يقبل إقراره به، ولأنه محجور عليه بحكم حاكم، فأشبه السفيه، قال الشيخ: ويصح إقراره إن أضافه إلى ما قبل الحجر، يعني وأمكن.
([4])نافذ، من بيع، وهبة، وإقرار، وقضاء بعض الغرماء، وغير ذلك، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا، ولو استغرق جميع ماله.
([5])أي فنفذ تصرفه كغيره، ولأن سبب المنع الحجر، فلا يتقدم سببه.
([6])استدراك من قوله: وأما تصرفه في ماله. يفيد أنه لا يفهم من عموم الصحة عدم الحرمة، بل يكون صحيحًا مع الحرمة، وقال ابن القيم: إذا استغرقت الديون ماله، لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون، سواء حجر عليه الحاكم، أو لم يحجر عليه، هذا مذهب مالك، واختيار شيخنا، وهو الصحيح، وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره، بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده، لأن حق الغرماء قد تعلق بماله، ولهذا يحجر عليه الحاكم، ولولا تعلق حق الغرماء بماله، لم يسع الحاكم الحجر عليه، فصار كالمريض مرض الموت، وفي تمكين هذا المدين من التبرع، إبطال حقوق الغرماء، والشريعة لا تأتي بمثل هذا، فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق، بكل طريق، وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها. اهـ. ونصره غير واحد من أهل التحقيق، وجزم به ابن رجب وغيره، وعليه: لو رهن بعد أن ضاق ماله لم يصح. وصوبه في الإنصاف.
([7])أي ما باعه أو أقرضه ونحوه لم ينقص ماليته، لذهاب صفة مع بقاء عينها وكذا عين مؤجرة لم يمض من المدة شيء، فهو أحق بذلك، إن شاء الرجوع فيه.
([8])أي ولم يأخذ البائع ونحوه شيئًا من الثمن، ولا أبرأ من بعضه، فهو أحق به، وهذا مذهب الجمهور.
([9])أي من أدرك متاعه بعينه، لم يتغير بصفة، ولا زيادة، ولا نقص، «عند رجل قد أفلس» أي صار إلى حال لا يملك فيها فلسا «فهو أحق به» من غيره أي من الغرماء، فيأخذه دون الغرماء، ولمسلم في الرجل الذي يعدم «إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه، أنه لصاحبه الذي باعه» ولأحمد عن الحسن عن سمرة مرفوعًا: ((من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به)) حسنه الحافظ.
([10])أي عين ما باعه، أو أقرضه ونحوه، كما لو كان قبل الحجر عليه، ولا يكون أسوة الغرماء.
([11])لعموم الخبر، ولا يعد مقصرا بعدم السؤال عنه، لأن الغالب على الناس عدم الحجر، وكمشتري المعيب، ويشترط لرجوع من وجد عين ماله عند مفلس ستة شروط، كون المفلس حيًا إلى أخذها، وهذا مذهب مالك، وقال الشافعي: له الفسخ؛ لما روي «مات أو أفلس» رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الحاكم، وحسنه الحافظ، وقال: يجب المصير إليه، وقال ابن عبد البر: يرويه المعتمر، وهو غير معروف بحمل العلم، ثم هو غير معمول به، لجعله المتاع لصاحبه بمجرد موت المشتري، والأمر بخلاف ذلك عند جميع العلماء، ولأبي داود عن أبي هريرة «فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء» وظاهر كلام ابن القيم صلاحه للاحتجاج به، فالله أعلم، والثاني بقاء كل عوضها في ذمته، وكونها كلها في ملكه، سواء رضي بأخذ الباقي بكل الثمن أو قسطه، لفوات شرطه، إلا إذا جمع عددًا كثوبين فأكثر، فيأخذ البائع ونحوه – مع تعذر بعضه – ما بقي، وكون السلعة بحالها، بأن لم توطأ بكر، ولم يجرح قن، ونحو ذلك، وكون السلعة لم يتعلق بها حق، كشفعة، وجناية، ورهن، وكون السلعة لم تزد زيادة متصلة،
وهذا مذهب الجمهور، ولا يفتقر الفسخ إلى حكم حاكم لأنه ثبت بالنص، وقال أحمد: لو حكم حاكم أنه أسوة الغرماء نقض حكمه وأخذه، ولو قال المفلس: إنما لك ثمنه، فأنا أبيعه وأعطيك. فربه أحق به، فإن وجد شيء من ذلك منع الرجوع، لأنه فسخ بسبب حادث، فلم يملك الرجوع، وهو أسوة الغرماء.
([12])أي بخراب ذمة المفلس، أشبه من اشترى معيبا يعلم عيبه.
([13])هذا الحكم الثالث، وهو انقطاع المطالبة عنه، وإنما يرجع من باعه، أو أقرضه ونحوه بثمن المبيع، وبدل القرض، إذا انفك حجره، لأنه هو الذي أتلف ماله، بمعاملته من لا شيء معه.
([14])كقرض أو إجارة، صح تصرفه، ويتبع بما لزمه من ثمن مبيع، أو قرض أو ضمان، ونحو ذلك، بعد فك الحجر عنه.
([15]) سواء كان قبل الحجر أو بعده، بأن قال: أخذت منه كذا قبل الحجر، أو بعده، أو أطلق.
([16])وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، لكن ليس للبائع – ولا للمقرض ونحوهما – مطالبته في حال الحجر، لأن حق الغرماء تعلق بعين ماله الموجود حال الحجر، وبما يحدث له من المال، فقدموا على غيرهم ممن لم يتعلق حقه بعين المال، وتقدم قول الشيخ: إن أضافه إلى ما قبل الحجر وأمكن.
([17])كبدل قرض، وضمان، وإجارة.
([18])أي لأن ما لزمه من ثمن مبيع، أو بدل قرض، أو إقرار لشخص، ونحو ذلك حق عليه، كما لو ابتاع، أو اقترض ونحوه، أو أقر لإنسان بمال بعد الحجر عليه.
([19])أي فلمن باعه ونحوه بعد فك الحجر مطالبته بحقوقهم، قولاً واحدًا.


  #5  
قديم 3 جمادى الآخرة 1431هـ/16-05-2010م, 12:09 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُه في مالِه بعدَ الْحَجْرِ ولا إقرارُه عليه(10)، ومَن باعَه أو أَقْرَضَه شيئًا بعدَه رَجَعَ فيه(11) إن جَهِلَ حَجْرَه(12) وإلا فلا(13)، وإن تَصَرَّفَ في ذِمَّتِه أو أَقَرَّ بدَيْنٍ أو جِنايةٍ تُوجِبُ قَوَدًا أو مالًا صَحَّ(14) ويُطالَبُ به بعدَ فكِّ الْحَجْرِ عنه(15).

(10) يتعلق بالحجر على المفلس أحكام أربعة أولها : ما ذكره هنا من عدم نفوذ تصرفه في ماله أو إقراره عليه .
الثاني : أن من باعه أو أقرضه شيًئا قبل الحجر عليه أو بعده جاهًلا ا لحجر عليه ووجده باقيًا بحاله فهو أحق به .
الثالث : أن الحاكم يبيع ماله ويقسم ثمنه بين الغرماء .
الرابع : انقطاع المطالبة عنه حتى ينفك الحجر عنه .
(11) لقوله صلى الله عليه وسلم (( من أدرك متاعه عند إنسان أفلس فهو أحق له )) متفق عليه .
(12) لأنه معذور بجهل حاله لعموم النص .
(13) أى : وإن لم يكن جاهلاً الحجر عليه فلا رجوع له ؛ لأنه دخل على بصيرة .
(14) أي : تصرفه في ذمته وإقراره ؛ لأنه أهل للتصرف والحجر متعلق بماله لا بذمته .

(15) أي : بما لزمه ؛ لأنه حق عليه وقد زال العارض وهو تعلق حق الغرماء بماله .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 01:23 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَلاَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بَعْدَ الحَجْرِ، وَلاَ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ بَاعَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ شَيْئاً بَعْدَهُ رَجَعَ فِيهِ إِنْ جَهِلَ حَجْرَهُ وَإِلاَّ فَلاَ،
قوله: «ولا ينفذ تصرفه في ماله بعد الحجر» يعني بعد أن نحجر عليه لا ينفذ تصرفه في ماله، لا ببيع ولا شراء ولا تأجير ولا هبة ولا رهن ولا وقف، فأي تصرف في المال لا ينفذ؛ لأنه محجور عليه فأصبحت أمواله مشغولة بحقوق الغرماء، فصار كالراهن يبيع الرهن، وبيع الرهن ـ كما سبق ـ غير صحيح، وهذه فائدة الحجر، أن نمنعه من التصرف في ماله لحق الغرماء، فهذا محجور عليه لحق غيره.
مثال ذلك: رجل حجرنا عليه وعنده سيارة قد وضعها في المعرض قبل الحجر عليه، فهل يمكن أن يبيعها؟
الجواب: لا يمكن؛ لأنه إذا حجر عليه لا يمكن أن يتصرف.
وقوله: «في ماله» يؤخذ منه أنه يصح تصرفه في ذمته، بأن يشتري شيئاً بثمن مؤجل، وهو كذلك، فلو اشترى المحجور عليه في ذمته لم نمنعه؛ لأن المال الذي حجر عليه لا يتضرر بذلك، ولكن البائع لا يدخل مع الغرماء فيما حجر عليه فيه هذا الشخص، فإذا اشترى من شخص سيارة فنقول: الشراء صحيح، لكن لا ينقد ثمنها من المال الذي عنده، وتكون السيارة للمحجور عليه.
وصاحب السيارة لا يدخل مع الغرماء في ماله السابق؛ وذلك لأنه حجر عليه قبل هذا التصرف.
وقوله: «بعد الحجر» يؤخذ منه أن تصرفه قبل الحجر صحيح، ولو أضر بالغرماء، فلو كان عليه دين وماله أقل من دينه، وتصرف فيه بالهبة بأن وهب من وجد من الناس، فتصرفه صحيح.
مثاله: إنسان عليه عشرة آلاف، وليس عنده إلا ثمانية آلاف، فذهب يتبرع للناس، فكل من وجد تبرع له، فنقول: لا يصح التبرع، مع أنه بالغ عاقل رشيد؛ لأن المال الآن تعلق به حق الغرماء.
فظاهر كلام المؤلف أن تصرفه صحيح ولو أضر بالغرماء ولكنه آثم، وهذا هو المذهب.
واختار شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أن تصرفه قبل الحجر، إن كان مضراً بالغرماء فهو غير صحيح ولا نافذ، وإن كان غير مضر فهو صحيح ونافذ، وهذا أصح؛ ووجهه أن تصرفه في ماله تصرفاً يضر الغرماء حرام ـ حتى على المذهب ـ والشيء الحرام لا يجوز أن ينفذ؛ لأن تنفيذ ما حرم الله مضادة لله ـ عزّ وجل ـ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط)) [(1)]، ولهذا سئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن المدين، هل يتصدق أو لا؟ قال: بالشيء اليسير كالخبزة وشبهها، وأما ما يضر بالغرماء فلا يجوز، على أننا نرى أنه لا يجوز أن يتصدق ولو بالقليل ما دام عليه دين أكثر مما عنده من المال؛ لأن القليل، مع القليل كثير، فإذا قلنا تصدق ـ مثلاً ـ بدرهم على هذا الفقير، فجاء فقير آخر تصدق بدرهم وهلم جراً، فصار القليل كثيراً فالمنع أولى؛ ولأننا إذا منعناه من الصدقة، وقلنا: لا يمكن أن تتصدق، صار ذلك أشحذ لهمته في وفاء دينه؛ لأن الإنسان قد لا يحتمل أن يبقى لا يتصدق.
ولو أراد أن يعتمر وعليه دين أكثر من ماله، ومعه مال الآن يستطيع أن يعتمر به، فإننا نقول: لا تعتمر، وهذا حرام عليك، قال: ما أديت الفريضة، قلنا: لا فريضة عليك؛ لأن من شرط وجوب العمرة والحج ألا يكون على الإنسان دين، فليس عليك فريضة الآن، قال: زملائي يحجون، قلنا: ولو كان، فلا يمكن حتى توفي الدَّين، فإذا قال: يريدون أن أذهب معهم مجاناً، فهذا فيه تفصيل:
إن كان يمنعه من عمل يكسب به فلا يجوز، وإن كان لا يمنعه وهو إنسان عاطل ليس عنده عمل، أو جاءت الإجازة ـ مثلاً ـ فلا حرج؛ لأنه هنا لا يضر بالغريم في شيء.
والعجب أن بعض الناس ـ نسأل الله لنا ولهم الهداية ـ تكون عليهم الديون ويقومون بإكرام الناس ودعوتهم كما يفعل الغني، هذا خطأ! وهو آثم في ذلك؛ لأن قضاء الدين واجب، ومثل هذه الأمور مستحبة وليست بواجبة؛ لكن أكثر الناس لا يعقلون هذا الأمر ويستهينون بأمر الدَّيْن، مع أن أمر الدَّيْن عظيم جدّاً، حتى إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يفتح الله عليه كان إذا قدمت إليه جنازة وعليها دين يمتنع من الصلاة عليها[(2)]، وهذا أمر عظيم، الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يشفع له! وكذلك ـ أيضاً ـ الرجل يقتل في سبيل الله، تكفر الشهادة كل شيء إلا الدَّين، ولهذا لما سئل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الشهادة قال: ((إنها تكفِّر كل شيء)) ، فانصرف الرجل فناداه فقال: ((إلا الدَّين أخبرني بذلك جبريل آنفاً)) [(3)]، فالتهاون بالدين ليس من العقل ولا من الشرع أيضاً.
والخلاصة الآن: يحجر على المدين إذا كان ماله أقل من دينه، لكن بشرط سؤال الغرماء أو بعضهم، فإن لم يسألوا فلا حرج إذا لم يحجر عليه، لكن الصحيح أنه محجور عليه شرعاً، لا حكماً، والدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((مطل الغني ظلم)) ،[(4)] والتبرع بماله يؤدي إلى المطل، وعدم الوفاء، فيكون ذلك ظلماً، لكن يفترق عن المحجور عليه حكماً، بأن هذا يصح أن يتصرف في ماله بغير التبرع، فيجوز أن يتصرف لكن لا يتبرع فيبيع ويشتري ـ مثلاً ـ ولا حرج، فهذا هو الفرق.
ولهذا نقول للمدين الذي ماله أقل من دينه ولم يحجر عليه: بع واشتر ليس ثمة مانع، لكن لا تتصدق ولا تتبرع، وإذا جاءه صاحب له وأراد أن يبيع عليه ما يساوي عشرة بثمانية فهذا لا يجوز؛ لأن هذا تبرع في الواقع.
قوله: «ولا إقراره عليه» يعني لا يصح بعد الحجر أن يقر على شيء من ماله الذي بيده، ويصح إقراره في ذمته.
مثال ذلك: لما حجرنا عليه قال: هذه السيارة لفلان، فلا يقبل إقراره على المال، لكن يقبل في ذمته وكيف ذلك؟ نقول: أما السيارة الآن فإنها تباع ويوفى منها الدين، وأما الذي أقر له بالسيارة فيطالبه بعد فك الحجر عنه، ويقول: أعطني قيمة السيارة، فإقراره على عين ماله لا يقبل.
والحكمة من أنه لا يقبل؛ لئلا يتواطأ الغريم وآخر على الإقرار، بأن هذا الشيء للآخر؛ من أجل ألا يباع في دينه.
مثاله: إنسان حجرنا عليه وعنده سيارة تساوي خمسين ألفاً، فجاءه صاحب له فقال: يا فلان أقر بأن السيارة لي؛ من أجل ألا تباع في الدين، هذا وارد لا شك، ولهذا يسد الباب.
كذلك لو قال لشخص: إن له علي ألف درهم في ذمتي، بعد أن حجرنا عليه، فهنا لم يقر بعين وإنما أقر بدين.
قلنا: لا يقبل بمعنى أنه لا يدخل مع الغرماء، ولكن يطالب بعد فك الحجر عنه؛ لأن التهمة حاصلة، فقد يأتي إنسان صاحباً له ويقول: أنت عليك دراهم للناس، أقر لي بشيء حتى أشاركهم، وإذا أخذته أعطيتك إياه، وهذا وارد، فإننا نقول: لا يقبل إقراره بالنسبة لمشاركة الغرماء، أما بالنسبة لبقاء الدين في ذمته فهو باق، ولهذا قال: «ولا إقراره عليه» أي: على ماله، يعني على أعيان ماله لا يقبل.
قوله: «ومن باعه أو أقرضه شيئاً بعده» أي: بعد الحجر.
قوله: «رجع فيه» أي: فيما باعه أو أقرضه.
قوله: «إن جهل حجره وإلا فلا» يعني إنسان باع على المحجور عليه شيئاً وهو لا يعلم ـ والمراد أنه باعه في ذمته؛ لأنه سبق أنه لو باعه بماله لم يصح ـ ثم علم أنه محجور عليه، فإننا نقول له: ارجع بمالك ولا ضرر؛ لأن التصرف معه بعد الحجر غير نافذ، حتى لو فرض أن هذا المحجور عليه استعمله يومين أو ثلاثة أو أكثر، فيكفيك أن يرجع إليك عين مالك.
مثال هذا: رجل باع على هذا المحجور عليه سيارة بخمسين ألفاً، وهو لا يدري أنه محجور عليه ثم علم، فنقول: خذ السيارة ما دمت لم تعلم، فإن كان عالماً فإنه لا يرجع وتدخل السيارة في دينه، تباع وتوزع على الغرماء، ولا يدلي مع الغرماء؛ لأن هذا التصرف وقع بعد أن منع هذا من التصرف.
وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ أقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ قَوَداً أَوْ مَالاً صَحَّ وَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الحَجْرِ عَنْهُ، قوله: «وإن تصرف في ذمته» المحجور عليه لا يصح تصرفه في عين ماله، فإذا حجرنا على الرجل لوجود دين عليه أكثر مما معه فإنه لا يمكن أن يبيع شيئاً من ماله ولو قلّ، فلا يمكنه أن يبيع قلماً، ولا ساعة، ولا غيره؛ لأن أعيان ماله تعلق بها حق الغرماء، لكن إن تصرف في ذمته فلا بأس، ومعنى تصرفه في ذمته أي: لو استقرض من شخص شيئاً فلا حرج، فهذا الرجل الذي حجرنا عليه لو احتاج إلى مال واستقرض من غيره فلا حرج، فإذا كان عليه دين يبلغ عشرة آلاف، والمال الذي عنده يساوي ثمانية آلاف، فإننا نحجر عليه ولا يتصرف في ماله، فإذا استقرض من شخص مالاً فالقرض هنا صحيح؛ لأنه لم يتصرف في المال الذي حجرنا عليه فيه وإنما يتصرف في ذمته، وكذلك ـ أيضاً ـ لو اشترى شيئاً لكن لم يشتر بعين ماله، كما لو اشترى من شخص بيتاً أو سيارة فلا بأس؛ لأن الحجر عليه إنما هو في أعيان المال فقط، أما الذمة فليس عليها حجر.
قوله: «أو أقر بدين» أي: حال الحَجْر أقر بدَين، يعني أن هذا الرجل الذي عليه عشرة آلاف، وعنده ثمانية وحجرنا عليه، بعد الحجر قال: في ذمتي لفلان أربعة آلاف، فإننا لا نقبله على المال الموجود نقبله في ذمته، فنقول: الآن ثبت في ذمتك للذي أقررت له أربعة آلاف، لكن لا تؤخذ أربعة الآلاف من المال؛ لوجهين:
الأول: أن هذا التصرف بعد الحجر والتصرف بعد الحجر لا يمكن أن يصح فيما يتعلق بالمال.
الثاني: أن هذا المدين ربما يتفق مع شخص ويقول: سأقر لك بخمسين ألف ريال من أجل أن يشارك الغرماء، فإذا وزعت الدراهم وأخذ هذا المُقَرُّ له الدراهم، أعادها على المحجور عليه.
قوله: «أو جناية توجب قوداً» أي: أقر بجناية توجب قوداً، فقال: إن عبده قطع يد إنسان من المفصل، أو أقر بأنه قطع يد إنسان من المفصل واختار المجني عليه الدية.
فكلمة «توجب قوداً» تشمل ما إذا أقر على نفسه بجناية توجب قوداً فإنه يصح، لكن لا يطالب بالدية إلا بعد فك الحجر.
والجناية التي توجب قوداً مثل أن يقر أنه قطع يد إنسان من المفصل عمداً، فهذه جناية توجب القود وهو القصاص، فنقول: الإقرار صحيح، لكن المُقَرَّ له إذا اختار الدية لا يشارك الغرماء؛ لأن هذا الإقرار بعد الحجر ولا يطالبه إلا بعد فك الحجر، ما لم يطالب بالقود، فإن طالب بالقود فلا بأس أن يقاد، بأن قال المقر له: أنا أريد أن يقتص منه وتقطع يده، قلنا: لا بأس؛ لأن هذا لا يتعلق بماله.
قوله: «أو مالاً صح» الجناية التي توجب المال، مثل القطع من دون المفصل، يعني لو قطعه من الذراع من دون المفصل فلا قود فيه، وإنما يجب المال، والمال إذا كان في الإنسان شيئان فإن في أحدهما نصف الدية، فهذا قطع يده من نصف الذراع فلا قود ولكن فيه نصف الدية، فإذا أقر بذلك يقبل الإقرار، ولا يطالب به إلا بعد فك الحجر.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن تكون الجناية جديدة أو قديمة، فلو فرض أن هذا الرجل الذي أقر المحجور عليه بأنه هو الذي قطع يده، أن يده قد برئت منذ زمن والحجر ليس له إلا عشرة أيام فقط، فهنا نعلم أن القطع كان قبل الحجر، وأن الدية وجبت قبل الحجر، لكن نقول: شرط وجوب الدية هو الإقرار ولم يكن إلا بعد الحجر، واحتمال أن يكون المحجور عليه كاذباً في إقراره وارد، فالمهم أنه لو أقر بجناية توجب قوداً أو مالاً فالإقرار صحيح، لكن لا يطالب به إلا بعد فك الحجر.
وكذلك لو كان له عبد وأقر بأن عبده جنى، والعبد من جملة المال يباع في الدين، فإننا لا نقبله إلا بعد فك الحجر، أما الآن فلا.
قوله: «ويطالب به بعد فك الحجر عنه» أي: بما أقر به بعد فك الحجر، ويفك الحجر إذا أعطينا الغرماء ما وجدوه من ماله، فإذا قسم ما وجدنا من ماله على الغرماء فقد انتهى الحجر، فيطالب بما أقر به ويطالب بما ثبت في ذمته، فإن حجرنا عليه مرة ثانية شارك من أقر لهم غرماءه الأولين، فالأحكام التي تترتب على الحجر هي:
الأول: لا ينفذ تصرفه في ماله.
الثاني: أن إقراره بعد الحجر لا يصح على ماله، ولكن يصح في ذمته ويطالب به بعد فك الحجر.



[1] سبق تخريجه ص(100).
[2] سبق تخريجه ص(182).
[3] أخرجه مسلم في الجهاد/ باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدَّين (1885) عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ.
[4] سبق تخريجه ص(271).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المحجور, تصرف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir