دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 05:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


أسْمَاءُ الأْفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ

تَعْرِيفُ اسمِ الفعْلِ وأقسامُهُ
627- مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ وَصَهْ = هُوَ اسْمُ فِعْلٍ وَكَذَا أَوَّهْ وَمَهْ
628- وَمَا بِمَعْنَى افْعَلْ كَآمِينَ كَثُرْ = وغَيْرُهُ كَوَيْ وَهَيْهَاتَ نَزُرْ
اسمُ الفعْلِ: ما نابَ عن الفعْلِ في المعنى والعملِ ولم يَتَأَثَّرْ بالعواملِ؛ نحوُ: صَهْ إذا تَكَلَّمَ غَيْرُكَ. فـ(صَهْ): اسمُ فعلٍ مُتَضَمِّنٌ معنى فعْلِ الأمْرِ (اسْكُتْ)، ويَعملُ عمَلَهُ، فالفاعلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، ولا يَتأثَّرُ بالعوامِلِ، فلا يكونُ مُبتدأً ولا خبراً ولا فاعلاً ولا غيرَ ذلكَ.
وهذا القَيْدُ يُخْرِجُ المصدَرَ النائبَ عنْ فِعْلِهِ؛ نحوُ: إِكْرَاماً المسكينَ؛ فإنَّهُ نائبٌ عنْ فِعْلِهِ في المعنى والعملِ، لكنَّهُ يَتَأثَّرُ بالعواملِ، فيَقَعُ فاعِلاً نحوُ: سَرَّنِي إكْرَامُكَ المسكينَ، أوْ مُبتدأً نحوُ: إِكْرَامُكَ المسكينَ تُثابُ عليهِ، أوْ غيرَ ذلكَ.
واسمُ الفعْلِ مِنْ حَيْثُ زَمَنُهُ ثلاثةُ أقسامٍ:
1- اسمُ فعْلِ أمْرٍ: وهوَ الكثيرُ فيها؛ نحوُ: عَلَيْكَ نفْسَكَ فهَذِّبْهَا. فـ(عليكَ): اسمُ فعْلِ أمْرٍ بمعنى (الْزَمْ) مَبنيٌّ على الفَتْحِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، (نفْسَكَ): مفعولٌ بهِ لاسمِ الفعْلِ منصوبٌ بالفتحةِ، والكافُ: مُضافٌ إليهِ.
ومِنْ هذا القِسْمِ نوعٌ قِياسيٌّ مُطَّرِدٌ على وزْنِ (فَعَالِ) مَبنيًّا على الكَسْرَةِ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ ثُلاثيٍّ تامٍّ مُتَصَرِّفٍ؛ نحوُ: سَمَاعِ النُّصْحَ. وقدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في بابِ (أَسْمَاءٌ لازَمَت النِّدَاءَ).
2- اسمُ فعْلٍ ماضٍ: وهوَ سَمَاعِيٌّ وقَلِيلٌ؛ نحوُ: شَتَّانَ الشَّجَاعَةُ والجُبْنُ. فـ(شَتَّانَ): اسمُ فعْلٍ ماضٍ بمعنى (افْتَرَقَ) مَبنيٌّ على الفتْحِ، (الشجاعةُ): فاعِلٌ.
3- اسْمُ فعْلٍ مضارِعٍ: وهوَ سَماعيٌّ وقليلٌ كالذي قبلَهُ؛ نحوُ: وَيْ لِشَبَابٍ لا يَعْمَلُ. فـ(وَي): اسمُ فعْلٍ مُضارِعٍ بمعنى (أَعْجَبُ) مَبنيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ لهُ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أَنَا. ومنهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.
وهذا معنى قولِهِ: (ما نَابَ عنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ وَصَهْ.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ اسْمَ الفِعْلِ هوَ ما نَابَ عن الفعْلِ. وَبَقِيَّةُ التعريفِ يُستفادُ مِن الأَمْثِلَةِ؛ كَـ(شَتَّانَ): اسمُ فعلٍ ماضٍ بمعنى: افْتَرَقَ. و(صَه): اسْمُ فِعْلِ أمْرٍ بمعنى: اسكُتْ. وَ(أُوَّه): اسمُ فعْلٍ مُضَارِعٍ، بمَعْنَى: أَتَوَجَّعُ. وَ(مَه): اسْمُ فِعْلِ أمْرٍ بمعنى: اكْفُفْ.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ اسمَ فِعْلِ الأمْرِ الذي بمعنى (افْعَلْ) كثيرٌ في كلامِ العرَبِ، وكَفَى بِكَثْرَتِهِ أنَّ منهُ نوعاً مَقِيساً. أمَّا الذي بمعنى غيرِ (افْعَلْ) كالَّذِي بمعنى الماضِي أو المضارِعِ فهوَ قليلٌ، وهوَ سَمَاعِيٌّ ليسَ منهُ شَيْءٌ مَقِيسٌ.

أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ المَنْقُولَةِ
629- وَالْفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا = وَهكَذَا دُونَكَ مَعْ إلَيْكَا
630- كَذَا رُوَيْدَ بَلْهَ نَاصِبَيْنِ = وَيَعْمَلانِ الْخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ
اسمُ الفعْلِ مِنْ حيثُ الوضْعُ والأصالةُ في الدَّلالةِ على الفعْلِ نَوْعَانِ:
الأوَّلُ: مُرْتَجَلٌ، وهوَ ما وُضِعَ مِنْ أوَّلِ الأمْرِ اسمَ فعْلٍ، ولم يُستعمَلْ في غيرِهِ مِنْ قَبْلُ، مِثلُ: هَيْهَاتَ، شَتَّانَ، وَيْ، صَهْ.
الثاني: منقولٌ، وهوَ ما وُضِعَ أوَّلَ الأمْرِ لِمَعْنًى ثمَّ نُقِلَ إلى اسمِ الفعْلِ، وهوَ أقسامٌ:
1- منقولٌ مِن الجارِّ والمجرورِ؛ مثلُ: عَلَيْكَ بمعنى: الْزَمْ، إليكَ بمعنى: ابتَعِدْ وتَنَحَّ. تقولُ: عَلَيْكَ نفْسَكَ، إِلَيْكَ عَنِّي أيُّها الكذَّابُ. فـ(عليكَ وإليكَ): اسمُ فعْلِ أمْرٍ مَبنيٌّ على الفتْحِ لا مَحَلَّ لهُ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ.
2- منقولٌ مِنْ ظَرْفِ المكانِ، مثلُ: أَمَامَكَ بمعنى: تَقَدَّمَ، ودُونَكَ بمعنى: خُذْ. تقولُ: دُونَكَ الكتابَ. فـ(دُونَكَ): اسمُ فعْلِ أمْرٍ بمعنى: خُذْ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، و(الكتابَ): مفعولٌ بهِ.
3- منقولٌ مِنْ مَصْدَرٍ، وهوَ نوعانِ:
1- منقولٌ مِنْ مَصْدَرٍ لهُ فعْلٌ مُستعمَلٌ؛ مثلُ: (رُوَيْدَ) - بلا تنوينٍ - في قولِكَ: رُوَيْدَ خالداً؛ أيْ: أَمْهِلْهُ. فـ(رُوَيْدَ): اسمُ فعْلِ أمْرٍ مَبنيٌّ على الفتْحِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، و(خالداً): مفعولٌ بهِ لاسمِ الفعْلِ. وأصْلُ هذا المصدَرِ (إِرْوَادٌ) مَصدرُ الفعْلِ الرُّبَاعِيِّ (أَرْوَدَ) بمعنى: أَمْهَلَ، ثمَّ صُغِّرَ تصغيرَ ترخيمٍ بحذْفِ حُرُوفِهِ الزوائدِ، فصارَ (رُوَيْدَ).
2- منقولٌ مِنْ مَصْدَرٍ ليسَ لهُ فِعْلٌ مِنْ لَفْظِهِ، لَكِنْ لهُ فِعْلٌ مِنْ مَعناهُ؛ مثلُ: (بَلْهَ) - بلا تَنوينٍ - بمعنى: اتْرُكْ أوْ دَعْ؛ نحوُ: بَلْهَ الإهمالَ. فـ(بَلْهَ): اسمُ فعْلِ أمْرٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، والفاعلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، (الإهمالَ): مفعولٌ بهِ.
ويَجوزُ استعمالُ (رُوَيْدَ) مَصدراً بَاقِياً على مَصدرِيَّتِهِ، إمَّا مُضافاً إلى مفعولِهِ؛ نحوُ: رُوَيْدَ خالدٍ، أوْ مُنَوَّناً ناصِباً لهُ نحوُ: رُوَيْداً خَالِداً. فـ(رُويداً) فيهما مَصدرٌ نائبٌ عنْ فعْلِ الأمرِ المحذوفِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، و(خالدٍ) بالجَرِّ مُضَافٌ إليهِ مِنْ إضافةِ المصدَرِ إلى مفعولِهِ، وبالنصْبِ مفعولٌ بهِ للمصْدَرِ. وقدْ يُستعمَلُ مُنَوَّناً غيرَ ناصبٍ مفعولَهُ؛ نحوُ: رُوَيْداً يا سَائِقُ. وإعرابُ المصدَرِ كالذي قبلَهُ.
ويَجوزُ استعمالُ (بَلْهَ) مَصدراً مَنصوباً على الْمَصدريَّةِ، نائباً عنْ فعْلِ الأمْرِ، مُضافاً إلى ما بَعْدَهُ؛ نحوُ: بَلْهَ الغِيبةِ.
وهذا معنى قولِهِ: (والفعلُ مِنْ أَسمائِهِ عَلَيْكَا.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ أسماءَ الأفعالِ منها ما هوَ منقولٌ مِنْ جارٍّ ومجرورٍ؛ مِثلُ: (عليكَ) و(إليكَ). أوْ ظَرْفٍ؛ مِثْلُ: (دُونَكَ). أوْ مَصْدَرٍ؛ مثلُ: (رُوَيْدَ) و(بَلْهَ)، وهما يَكُونَانِ اسْمَيْ فِعْلٍ إذا نَصَبَا ما بعدَهما، ويُعْمِلانِ الْخَفْضَ إذا بَقِيَا على أَصْلِهما مَصْدَرَيْنِ مُضَافَيْنِ لِمَا بعدَهما.

عَمَلُ أسماءِ الأفعالِ
631- وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَلْ = لَهَا وَأَخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَلْ
أسماءُ الأفعالِ تَعملُ عَمَلَ الفعْلِ الذي تَنوبُ عنهُ وتَدُلُّ عليهِ، فتَرْفَعُ الفاعِلَ مِثْلَهُ، وتُسايِرُهُ في التَّعَدِّي واللُّزُومِ، فإنْ كانَ ذلكَ الفعْلُ يَرْفَعُ فقطْ كانَ اسمُ الفعلِ كذلكَ؛ مِثْلُ: صَهْ إذا تُلِيَ القُرْآنُ، بمعنى: اسْكُتْ. ومَهْ عنْ كلِّ ما لا يَلِيقُ، بمعنى: اكْفُفْ. ففي (صَهْ) و(مَهْ) ضميرانِ مُسْتَتِرَانِ كما في (اسْكُتْ) و(اكْفُفْ).
ومنهُ قولُهُ تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ}. فـ (هَيْهَاتَ): اسمُ فعْلٍ ماضٍ، (هَيْهَاتَ): توكيدٌ لَفْظِيٌّ، (لِمَا): اللامُ صِلَةٌ للتوكيدِ، و(مَا): فاعلٌ لاسمِ الفعْلِ.
وإنْ كانَ ذلكَ الفعْلُ يَرْفَعُ فاعِلاً ويَنْصِبُ مفعولاً كانَ اسمُ الفعْلِ كذلكَ في الغالِبِ؛ نحوُ: دُونَكَ الكِتَابَ. فـ(دُونَكَ): اسمُ فِعْلِ أمْرٍ مبنيٌّ على الفتْحِ بمعنى (خُذْ)، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: أنتَ، (الكتابَ): مفعولٌ بهِ لاسمِ الفعْلِ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}. فـ (عَلَيْكُمْ): اسمُ فعْلِ أمْرٍ بمعنى (أَلْزِمُوا) مَبنيٌّ على الضمِّ، والميمُ: علامةُ الجمْعِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجُوباً تقديرُهُ: أنْتُمْ، (أَنفُسَكُمْ): مفعولٌ بهِ، والكافُ: مُضافٌ إليهِ، والميمُ: علامةُ الجمْعِ.
ومِنْ أحكامِ معمولِ اسمِ الفعْلِ أنَّهُ لا يَجُوزُ تقديمُهُ عليهِ، بلْ يَلْزَمُ تَأْخِيرُهُ، فلا يَجوزُ أنْ تقولَ: نَفْسَكَ عليكَ.
هذا معنى قَوْلِهِ: (وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَلْ لَهَا.. إلخ). فـ(مَا): مبتدأٌ، و(لهَا): خبرُ المبتدأِ؛ أي: العملُ الذي اسْتَقَرَّ للأفعالِ التي نابَتْ عنها هذهِ الأسماءُ مُسْتَقِرٌّ (لَهَا)؛ أيْ: لهذهِ الأسماءِ. ثمَّ قالَ: وأَخِّر المَعْمُولَ الذي عَمِلَتْ فيهِ هذهِ الأسماءُ.

دُخولُ التَّنْوِينِ على أسماءِ الأفعالِ
632- وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ = مِنْهَا وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ بَيِّنُ
مِنْ أسماءِ الأفعالِ ما لا يُنَوَّنُ؛ مِثلُ: هَيْهَاتَ، آمِينَ، وكلُّ ما كانَ منها على وزْنِ (فَعَالِ) القِياسيِّ. ومنها ما لا يَتَجَرَّدُ مِن التنوينِ؛ مِثلُ: وَاهاً، بمعنى: أَتَعَجَّبُ. ومنها ما يَلْحَقُهُ التنوينُ حِيناً لِغَرَضٍ مُعَيَّنٍ، وقدْ يَخْلُو لغَرَضٍ آخَرَ؛ مِثلُ: صَهْ، فيَلْحَقُهُ التنوينُ للدَّلالةِ على التنكيرِ، فإذا قُلْتَ: صَهٍ، فمعناهُ: اسْكُتْ عنْ كُلِّ كلامٍ، وإذا قُلْتَ: صَهْ، فمعناهُ: اسكُتْ عنْ هذا الحديثِ الْمُعَيَّنِ، ولا مانِعَ مِنْ غيرِهِ.
ومنهُ قولُهُ تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا}. فـ (أُفٍّ) بالتنوينِ: اسمُ فعْلٍ مضَارِعٍ مَبنيٌّ على الكسْرِ بمعنى الضجَرِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: (أَنَا). وهذهِ قِراءةُ نافعٍ وحَفْصٍ. وقرأَ ابنُ كثيرٍ وابنُ عامرٍ بفتْحِ الفاءِ مِنْ غيرِ تنوينٍ، وقَرأَ بَقِيَّةُ السَّبْعَةِ بكسْرِ الفاءِ مِنْ غيرِ تنوينٍ. ومعنى الآيَةِ: لا يَقَعْ منكَ لهما تَكَرُّهٌ ولا تَضَجُّرٌ.
وهذا معنى قولِهِ: (واحْكُمْ بتَنكيرِ الذي يُنَوَّنُ منها.. إلخ)؛ أي: احكُمْ بتنكيرِ ما نُوِّنَ مِنْ أسماءِ الأفعالِ، وما لم يُنَوَّنْ فتَعريفُهُ (بَيِّنُ)؛ أيْ: واضِحٌ؛ لِتَجَرُّدِهِ مِن التنوينِ الذي يَدُلُّ وُجودُهُ على التنكيرِ.

أَسْمَاءُ الأصواتِ
633- وَمَا بِهِ خُوطِبَ مَا لا يَعْقِلُ = مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الْفِعْلِ صَوْتاً يُجْعَلُ
634- كَذَا الَّذِي أُجْدَى حِكَايَةً كَقَبْ = وَالْزَمْ بِنَا النَّوْعَيْنِ فَهْوَ قَدْ وَجَبْ
أسماءُ الأصواتِ: هيَ ما وُضِعَ لخطابِ ما لا يَعْقِلُ، أوْ ما هوَ في حُكْمِ ما لا يَعْقِلُ مِنْ صِغارِ الآدَمِيِّينَ، أوْ لِحِكَايَةِ الأصواتِ.
فالدالُّ على خِطابِ ما لا يَعْقِلُ: ألفاظٌ تُوَجِّهُها العرَبُ إلى الحيوانِ لطلَبِ الامتناعِ أوْ لطَلَبِ الأداءِ، ولا يكونُ ذلكَ إلاَّ بالتدريبِ والتمرينِ. فالأوَّلُ: كقولِهم في زَجْرِ الإبِلِ عن التأخيرِ: (جَهْ)، وفي زجْرِ الغَنَمِ: (إِسَّ، هَجْ). والثاني: كقولِهم للإبِلِ: (نِخْ) إذا طَلَبُوا منها الإناخةَ.
والذي في حُكْمِهِ كالْخِطابِ الذي يُوَجَّهُ للأطفالِ؛ مثلُ: (كَِخْ)، بفتْحِ الكافِ وكَسْرِها وسكونِ الخاءِ، ويَجوزُ كسْرُها معَ التنوينِ، وهيَ كَلِمَةُ زجْرٍ للأطفالِ عن المُسْتَقْذَرَاتِ، فيُقالُ لهُ: كَِخْ؛ أي: اتْرُكْهُ وارْمِ بهِ. وقدْ قالَها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ للحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ لَمَّا أخَذَ تَمرةً مِنْ تَمْرِ الصدَقَةِ وجَعَلَها في فِيهِ.
وأمَّا حِكَايَةُ صَوْتٍ مِن الأصواتِ؛ فإمَّا ألفاظٌ صادِرةٌ مِن الحيوانِ أوْ ممَّا يُشْبِهُهُ كالْجَمادِ ونحوِهِ، فيُرَدِّدُها الإنسانُ ويُعِيدُها كما سَمِعَها تَقليداً ومُحاكاةً لأصحابِها؛ فقدْ كانَ العَرَبِيُّ يَسمَعُ صوتَ الغُرابِ فيُقَلِّدُهُ قائلاً: (غَاقْ)، أوْ صوتَ وُقوعِ الْحِجارةِ فيُحاكِيهِ: (طَقْ)، أوْ صوتَ ضَربةِ السيْفِ فيُرَدِّدُهُ: (قَبْ) إلى غيرِ ذلكَ.
وأسماءُ الأصواتِ كُلُّها مَبنيَّةٌ على ما سُمِعَتْ عليهِ عن العرَبِ، فمَثَلاً:
(قَبْ): اسمُ صَوْتٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعرابِ. (إِسَّ): مَبنيٌّ على الفتْحِ.. وهكذا.
وهذا معنى قولِهِ: (وما بهِ خُوطِبَ ما لا يَعْقِلُ.. إلخ)؛ أيْ: ما خُوطِبَ بهِ ما لا يَعْقِلُ يُجْعَلُ صَوْتاً؛ أي: اسمَ صوتٍ، وهوَ يُشْبِهُ اسمَ الفعْلِ في أنَّهُ لا يَحتاجُ في أداءِ المُرادِ منهُ إلى لَفْظٍ آخَرَ. ثمَّ ذَكَرَ النوعَ الثانيَ بقولِهِ: (كَذَا الَّذِي أُجْدَى حِكايَةً)؛ أيْ: أفادَ حِكايَةَ صوتٍ مِن الأصواتِ.
وقولُهُ: (مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفعلِ)، ليسَ على إطلاقِهِ؛ فأسماءُ الأصواتِ لا تُشْبِهُ أسماءَ الأفعالِ مِنْ كلِّ وَجْهٍ؛ فإنَّ أسماءَ الأفعالِ تَرْفَعُ وتَنْصِبُ وفيها ضميرٌ، وأسماءَ الأصواتِ لَيْسَتْ كذلكَ.
وقولُهُ: (والْزَمْ بِنا النَّوْعَيْنِ)، يُحتمَلُ أنْ يُرِيدَ بالنَّوْعَيْنِ أسماءَ الأفعالِ وأسماءَ الأصواتِ، وهوَ ما ذَكَرَهُ في (شَرْحِ الكافيَةِ)، ويُحْتَمَلُ أنْ يُريدَ نَوْعَيِ الأصواتِ؛ لأنَّهُ تَقَدَّمَ الكلامُ على أسماءِ الأفعالِ في أوَّلِ الكتابِ. وقولُهُ: (فَهْوَ قدْ وَجَبْ)، إمَّا تتميمٌ لصِحَّةِ الاستغناءِ عنهُ بقولِهِ: (والْزَمْ)، أوْ لبيانِ الوُجوبِ؛ لأنَّ مُلازَمَةَ البناءِ لا تَستلزِمُ وُجوبَهُ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أسماء, الأفعال

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir