دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > منتدى المسار الثاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1443هـ/9-06-2022م, 02:01 PM
جوري المؤذن جوري المؤذن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 215
افتراضي

المجموعة الرابعة: لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1.
أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
*أحكام الطلاق :
-أدلة مشروعية الطلاق من الكتاب :
شرع -سبحانه- الطلاق بين الزوجين و بين ذلك في كتابه العزيز ، فقال -تعالى- :" يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا (1) " الطلاق .
-أنواع الطلاق :
1-الطلاق السني : وهو أن يطلق الزوج زوجته مرة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ، أو يطلقها و هي حامل قد تبين حملها ، أو يطلقها وهي آيسة أو صغيرة . و من طلق في أحد هذه الأحوال فهو طلاق مشروع له أن يراجعها ما دامت في العدة .
2-الطلاق البدعي : وهو أن يطلق الزوج زوجته أكثر من واحدة ، أو يطلقها وهي حائض أو نفساء ، أو يطلقها في طهر قد وطئ فيه ولم يتبين حملها . ومن طلق في أحد هذه الأحوال فهو آثم متعدّ لحدود الله .
-أنواع الرجعة و حكم كل نوع :
1-الرجعة من طلاق رجعي : و هي الرجعة من طلاق باثنتين بلا عوض . وحكمها : للزوج أن يراجع زوجته ما دامت في العدة لقوله -تعالى- :" وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ " [البقرة:228] . سواءً رضيت الزوجة أو كرهت .
2-الرجعة من طلاق بائن : وهي الرجعة من طلاق بالطلقة الثالثة . وحكمها : في هذا النوع من الطلاق لا تحل الزوجة لزوجها حتى تنقضي عدتها و تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، أي يطأها زوجها الثاني ثم يطلقها و هو راغب في طلاقها ، حتى إذا انقضت عدتها منه فللزوج الأول أن ينكحها برضاها و ببقية شروط النكاح من الولي والصداق وغيره . و بذلك تحصل الرجعة .
-أحكام في الرجعة :
1-لا يحل لولي المرأة أن يمنع الزوجة من الرجوع إلى زوجها الأول إذا رغب كل منهما في الآخر و كان سبب ذلك المنع بغضه للزوج أو غضبه عليه ، بل الواجب عليه أن يسعى في الجمع بينهما و يسعى لزيادة الألفة بينها وبين زوجها .
أما إذا كان سبب منع الزوجة من الرجوع إلى زوجها أنه ليس كفوْاً في دينه أو لسوء أخلاقه ومعشره ، فيعتبر الولي محسن للمرأة في هذه الحالة ؛ لأن منع المرأة عما فيه ضرر لها إحسان عليها .
2- اعتبار شرط إقامة حدود الله في التراجع ؛ لقوله -تعالى- :" فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۗ " [البقرة:230] .

*أحكام العدد :
-أنواع العدد حسب أحوال الزوجة :
1-المفارقة بطلاق إن كانت تحيض ، حكمها : تعتد ثلاثة قروء من بعد وقوع الطلاق عليها ، لقوله -تعالى- :"وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ " [البقرة:228] .
2-الآيسة التي لم تحض لصغر ونحوه ، حكمها : تعتد ثلاثة أشهر ، لقوله -تعالى- :" وَٱلَّٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ " [الطلاق:4] .
3-المفارقة بموت زوجها ، حكمها : تعتد أربعة أشهر وعشرا ، لقوله -تعالى- :"وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ " [البقرة:234] .
4-الحامل المفارقة لزوجها بطلاق أو موت ، حكمها : تنتهي عدتها بوضع حملها ، لقوله -تعالى- :" وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ " [الطلاق:4] .
5-معتدة فارقت زوجها بطلاق و نحوه و لم يدخل أو يخلُ بها ، حكمها : ليس عليها عدة بل لها أن تتزوج بمجرد أن يطلقها ، لقوله -تعالى- :" يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ " [الأحزاب:49] .
-أحكام النفقة على المعتدة :
المعتدة من حيث استحقاقها للنفقة نوعان :
1-معتدة حامل ، لها النفقة بكل حال ، لقوله -تعالى- :" وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ " [الطلاق:6] .
2-معتدة غيرحامل ، وهي نوعان :
- مفارقة بائنة ، إما بموت أو فسخ أو خلع أو ثلاث أو عوض ، و حكم هذا النوع : لا نفقة ولا كسوة ولا مسكن لهن ، إلا إن كان بإحسان من الزوج .
- مفارقة رجعية : لها النفقة والكسوة والمسكن ما دامت في العدة فلها ما للزوجة التي في عصمة زوجها باستثناء القسم فلا قسم له .

*أحكام الإيلاء :
-المراد بالإيلاء ودليله :
الإيلاء هو أن يحلف الزوج بالله على ترك وطء زوجته أبداً أو مدة طويلة تزيد على أربعة أشهر إذا كان قادراً على الوطء ، وهو ما ورد في قوله -تعالى- :" لِّلَّذِينَ يُؤۡلُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ تَرَبُّصُ أَرۡبَعَةِ أَشۡهُرٖۖ فَإِن فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (226) وَإِنۡ عَزَمُواْ ٱلطَّلَٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ (227) " البقرة .
-الأحكام المترتبة على الإيلاء :
إذا حلف الزوج على ترك وطء زوجته فإنه يترتب على هذا الحلف حالتين ، وكل حالة لها حكمها وكفارتها :
الحالة الأولى : إذا لم تطالب الزوجة زوجها بحقها من الوطء .
حكمها : إن وطئ الزوج زوجته في مدة الإيلاء فقد حنث ، وعليه كفارة يمين .
و إن لم يطأها فلا كفارة عليه .
الحالة الثانية : إن طالبت الزوجة زوجها بحقها من الوطء .
حكمها : أُمر بذلك و جعل له مدة أربعة أشهر ، فإن فاء إليها و وطئها فهو الأحسن والأكمل .
وإن أبى وطء زوجته وهي متمسكة بحقها من الوطء و مضت الأربعة أشهر، فهو مجبر على أحد الأمرين إما أن يرجع إلى زوجته و في هذه الحالة يكفر كفارة يمين ، وإما أن يطلق زوجته .

*أحكام الظهار :
-المراد بالظهار ودليله :
الظهار هو أن يحرم الزوج زوجته على نفسه فيقول لها : أنت علي كظهر أمي . و ورد ذلك في قوله -تعالى- :"ٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمۡۖ إِنۡ أُمَّهَٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّٰٓـِٔي وَلَدۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَيَقُولُونَ مُنكَرٗا مِّنَ ٱلۡقَوۡلِ وَزُورٗاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ " [المجادلة:2] .
-كفارة الظهار :
إذا ظاهر الزوج زوجته فكفارة ذلك على الترتيب :
1- عتق رقبة قبل أن يمس زوجته .
2- فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين قبل أن يمس زوجته .
3- فإن لم يستطيع الصيام فإطعام ستين مسكيناً .
فإذا كفّر الزوج عن نفسه انحلت يمينه و أصبحت زوجته تحل عليه .
وهي كما وردت في سورة المجادلة في قوله -تعالى- :" وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ (3) فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) " .

*فوائد دراسة أحكام الطلاق والعدد الإيلاء والظهار :
شرع الله -تعالى- الأحكام لتبين للناس ما لهم وما عليهم حتى يعيشوا في استقرار و على بصيرة فلا يظلم بعضهم بعضا ، فمن فوائد دراستها :
1- أهمية الصبر بين الزوجين والتروي قبل اتخاذ قرار الطلاق ، فإن كان لابد فعلى كل طرف منهم العمل بما جاءت به الشريعة حتى لا يتظالموا .
2- الدين الإسلامي يحفظ حقوق المسلمين حتى في حال الخلاف و الفراق و رتب على ذلك أحكام تسعد بها النفس وتطمئن ، ولا يحظى بذلك إلا من طبقها وعمل بها .
3- إرشاد الله -تعالى- عباده إلى الإحسان والتفضل على الغير حتى في حال الخلاف ، كما جاء في قوله -تعالى- :" وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ " [البقرة:237] . ففي الشدائد تتأكد الأخلاق الفاضلة من عفوٍ و تسامح و تنازل عن الحقوق .
4- تعظيم أمر النكاح وعدم الاستهتار به فهو ميثاق غليظ لا ينبغي حله في أي وقت و بأي سبب ، و إن ورود هذه الأحكام العظيمة في الطلاق إنما هو دليل على عظم هذا الميثاق .


2.
قصة نوح عليه السلام
*سبب بعثة نوح -عليه السلام- إلى قومه :
كان الناس بعد آدم -عليه السلام- على طريق الهدى ، ثم حلت فتنة عظيمة عليهم سببها الشيطان ، عندما مات أُناس صالحون من قوم نوح فحزن الناس عليهم فدخل عليهم الشيطان من هذا الباب فأمرهم بأن يصوروهم على تماثيل حتى يستأنسوا بها و لا ينسوهم ، وكانت هذه أول خطوات الشيطان ، فلما هلك الذين صنعوا التماثيل لهذا الغرض -الاستئناس بهم- جاء أناس من بعدهم لا يعلمون حقيقة التماثيل فاقتنص الشيطان هذه الفرصة و وسوس إليهم بأن هؤلاء رجال هم : ( ود وسواع ويغوث و يعوق و نسرا ) كان الذين من قبلكم يدعونهم و يطلبون الشفاعة منهم وأنهم السبب في نزول الأمطار و زوال الأمراض ، واستمر في الوسوسة حتى وصل بهم الحال إلى عباداتهم من غير الله -تعالى- فبعث الله نوح -عليه السلام- ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فقال -تعالى- :" لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ " [الأعراف:59] .

*بداية دعوة نوح -عليه السلام- ومواجهة المستكبرين :
بدأ نوح -عليه السلام- دعوته بأمر قومه بإخلاص العبادة لله -تعالى- وترغيبهم في خيري الدنيا والآخرة ، قال -تعالى- :" قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ (2) أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (4) " نوح .
فما وجد إلا الاستكبار و ردّ الحق والتكبر على من كان معه من المؤمنين ، قال -تعالى- :" فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرٗا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ " [هود:27] .
فما كان منه -عليه السلام- إلا أن بين لهم أنه ليس بكاذب و لا ضال و إنما هو السبيل الذي تزول به الضلالة عن الناس إن اتبعوه و طبقوا أمر الله ، و أنه لا يجوز طرد المؤمنين وليس له الحق في ذلك ، قال -تعالى- :" وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزۡدَرِيٓ أَعۡيُنُكُمۡ لَن يُؤۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِيٓ أَنفُسِهِمۡ إِنِّيٓ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ " [هود:31] .
ولم ييأس -عليه السلام- من دعوتهم بل استمر يدعوهم ليلاً ونهاراً سراً وجهراً رغم فرارهم و إعراضهم و ذلك من أخلاق الداعية العالية وهو الصبر على المدعوين والحلم والأناة وعدم اليأس .
إلى أن وصل الحال بأن التذكير لا جدوى منه فدعا عليهم بالهلاك واستجاب الله دعوته ، قال -تعالى- :" وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا (27) " نوح .

*صناعة الفلك ونجاة المؤمنين به وهلاك الكافرين :
أمر الله -تعالى- نوح -عليه السلام- أن يصنع الفلك وألهمه تعلّم هذه الصنعة فكان أول من بدأ بهذه الصناعة التي انتفع بها من جاء بعده من الأمم .
واستمر في صناعة الفلك غير مستمع لسخرية الساخرين ، وأخذ معه بأمر الله من كل زوجين اثنين من البهائم ؛ حتى يتكاثروا ، و حمل معه المؤمنين من الرجال والنساء وكانوا قليل ، وأمرهم عند ركوبهم السفينة أن سبحوا الله كلما جرت وكلما رست ، قال -تعالى- :" ۞وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ " [هود:41] .
و جاء الوقت الذي فجر الله فيه عيوناً في الأرض وأنزل من السماء ماء كثيراً فالتقت المياه ببعضها البعض ، فارتفعت السفينة حتى وصلت قمم الجبال ، وهم في هذه الحال رأى نوح -عليه السلام- ابنه الكافر " وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ " ، فما كان جواب ابنه إلا أن " قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ " [هود:42-43]
فأغرق الله جميع الكافرين و من بينهم ابن نوح -عليه السلام- وأنجى المؤمنين بفضله ورحمته ، ثم نقص الماء شيئاً فشيئاً واستوت السفينة على الجودي -جبل في نواحي الموصل- .

*عتاب الله -تعالى- لنوح -عليه السلام- :
لما دعا نوح -عليه السلام- " فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ " ، قال الله -تعالى- :" إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ " [هود:45-46] .
إن الله يعلم أن نوح دعا بهذا الدعاء شفقة ورحمة بابنه ، لكن الله عاتبه وعلمه أن الواجب في الدعاء أن يكون الحامل له العلم و الإخلاص في طلب رضى الله ، فما كان من نوح -عليه السلام- إلا الانقياد والطاعة ، قال -تعالى- :" قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ " [هود:47] .

*الفوائد من قصة نوح -عليه السلام- :
1- اتفاق دعوة جميع الرسل على أمر واحد ألا وهو عبادة الله وحده والنهي عن الشرك بالله .
2- أن نوح -عليه السلام- هو القدوة لمن بعده من الدعاة في التحلي بآداب الدعوة ، و من هذه الآداب : الترغيب في ثواب الآخرة و خيرات الدنيا والترهيب بالعقاب وزوال النعم ، الصبر والحلم على المدعوين ، أسلوب الخطاب المقنع اللين الذي يستميل به القلوب ، عدم اليأس و القنوط أمام ما يواجهه من إعراض وتكبر .
3-الاستعانة بالله في أمور الحياة جميعها ، والإكثار من ذكر الله في السراء والضراء .

4-دعاء الله بصلاح الذرية في دينها ودنياها .

5-الاستغفار سبب في البركة وتعدد النعم من كثرة في الأولاد والأرزاق و نزول المطر و مغفرة الذنوب و السلامة من الآفات .

6-الحذر من وسوسة الشيطان واتباع خطواته وذلك بالاستعاذة من شروره في كل وقت ، والالتزام بالأذكار والتحصينات وذكر الله .



3.
قصة صالح عليه السلام
*سبب بعثة صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود :
كان قوم ثمود -عاد الثانية- يسكنون في الحجر وكانوا أصحاب خير و نعمة كان لهم مواشٍ كثيرة وحرث و زروع ، و لهم قصور مزخرفة ، ومنّ الله عليهم باتخاذ بيوت من الجبال ينحتونها بإتقان ، و مع كل هذه النعم العظيمة إلا أن قوم ثمود قابلوها بالجحود و البطر و الطغيان ، و زيادة على ذلك عبدوا غير الله ، فأرسل الله -تعالى- إليهم صالح -عليه السلام- من قبيلتهم وهو معروف بينهم بنسبه و حسبه و أخلاقه العالية و ذلك ليدعوهم بدعوة جميع الرسل ألا وهي عبادة الله وحده و النهي عن الشرك ، قال -تعالى- : " وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥ ۖ" [الأعراف:73] .


*التآمر على عقر ناقة صالح -عليه السلام- :
واجه صالح -عليه السلام- ما واجهه قبله من الرسل من إعراض قومه و تكبرهم عن سماع الحق ، فجعل الله -تعالى- له ناقة لا تشبه غيرها من النوق دلالة على صدقه ، فقال لقومه : " هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ " [الأعراف:73] .
إلا أنه كان من بينهم في مدينتهم تسعة رهط مستكبرين استولى عليهم الشيطان ، فقاوموا ما جاء به صالح -عليه السلام- و جعلوا يفسدون في الأرض ، فحذرهم صالح من عقر الناقة ، فما كان منهم إلا العناد فاتفقوا و تآمروا على عقر الناقة فعقروها فكان ذلك العقر بداية هلاكهم .

*عقاب المتآمرين على قتل صالح -عليه السلام- ونجاة المؤمنين :
لم يكتفي التسعة رهط بعقر الناقة بل تمادوا إلى الاتفاق في ما بينهم على قتل صالح -عليه السلام- وتعاهدوا فيما بينهم أن يكتموا الأمر إذا أتموه ويحلفون لأوليائه أنهم ما شهدوا مهلكه ، لكن هيهات .. ما إن كمنوا في أصل الجبل ليتحينوا فرصة قتل نبي الله صالح ، أرسل الله عليهم صخرة من أعلى الجبل قتلتهم شرّ قتلة ، ثم جاءتهم صيحة من فوقهم و رجفة من اسفلهم فأصبحوا خاسرين ، فكان جزاء الكفار الهلاك ، و جزاء المؤمنين النجاة .

*فوائد من قصة صالح -عليه السلام- :
1- اتفاق دعوة الرسل على إخلاص عبادة الله والنهي عن الشرك .
2- الطغيان والتكبر على نعم الله سبب في الهلاك والعقاب .
3- الحذر من رفاق السوء الذين يأمرون بالشر ولا يخافون الله في أفعالهم فهم سبب في هلاك المرء .


4.
قصة داوود وسليمان عليهما السلام
*شجاعة داود -عليه السلام- أمام جالوت وجنوده :
داود -عليه السلام- من اعظم أنبياء بني إسرائيل و كان من العسكر الذين مع طالوت و كان ملكاً على بني إسرائيل وتميز بشجاعته وقوته وعلمه في سياسة و نظام الجيوش ، وكان هناك قتال بين طالوت وجنوده و جالوت قائد جيش الأعداء ، ونصر الله -تعالى- طالوت وجنوده بشجاعة داود -عليه السلام- أمام جالوت فقد قام بقتل جالوت بنفسه فحصلت هزيمة الأعداء إثر مقتل ملكهم .

*فضائل وصفات داود -عليه السلام- :
ميز الله -تعالى- داود -عليه السلام- بفضائل وصفات جليلة جعلته من أعظم أنبياء بني إسرائيل ، و من جملة فضائله و صفاته :
1- أن الله -تعالى- جعله من أنبياء بني إسرائيل و أعطاه الحكمة والملك القوي . قال -تعالى- :" وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ " [ص:20] .
2- وهبه الله قوة في العبادة والبصيرة وهي من الصفات العالية الرفيعة . قال -تعالى- :" وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ " [ص:17] .
3- تفضّل الله -تعالى- عليه بتسخير الطير والجبال له فتسبح الله معه . قال -تعالى- :"إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ يُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ (18) وَٱلطَّيۡرَ مَحۡشُورَةٗۖ كُلّٞ لَّهُۥٓ أَوَّابٞ (19) " ص.
4- أكرمه الله بحسن الصوت الذي لا مثيل له ولم يؤت أحد مثله من العالمين .
5- و من صفات عبادته : أنه ينام نصف الليل و يقوم ثلثه وينام سدسه ، و يصوم يوم ويفطر يوم .
6- كان يتحلى بأعظم الصفات ألا وهي الشجاعة التي لا يُرى لها مثيل .
7- أنعم الله -تعالى- عليه بتعلم صناعة دروع الحرب بأن سخر له الحديد فألانه له ، وهو بذلك يكون أول من صنع الدروع الواقية . قال -تعالى- :" وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ " [سبأ:10] .

*عتاب الله -تعالى- لداود -عليه السلام- :
رغم أن الأنبياء منزلتهم عالية عظيمة ليس لأحد مثلها ، إلا أن مشهد عتاب الله -تعالى- لهم يتكرر، ففي سرعة رجوعهم للحق تعليم لنا للانقياد والطاعة لله -تعالى- . وسبب عتاب الله -تعالى- لداود -عليه السلام- بسبب ذنب أذنبه أثناء الحكم بين خصمين دخلا عليه وهو في محرابه ففزع -وكانا ملكين أرسلهما الله- و قالا له : " لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ " [ص:22] .
فقص عليه أحد الخصمين القصة ، فقال : " إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ " [ص:23] . فردّ عليه داود -عليه السلام- :" قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ " [ص:24] ، هنا علم داود بذنبه وانتبه لذلك " وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ" [ص:24] ، وهذا نهج الأنبياء في سرعة التوبة و الانقياد لله -تعالى- وطلب مرضاته ، فقال الله التواب الرحيم :" فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ " [ص:25] .

بعد أن طمأن الله قلب داوود -عليه السلام- بمغفرة ذنبه وجهه لما فيه صلاح له فقال -تعالى- :" يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ " [ص:26] .


*فضائل وصفات سليمان -عليه السلام- :
ورث سليمان -عليه السلام- النبوة والعلم و الملك من أبيه داود -عليه السلام- ، و تفضل الله عليه بفضائل وصفات لم تحصل لأحد من قبله ولا من بعده فكان من أعظم أنبياء بني إسرائيل ، و من فضائله وصفاته الجليلة :
1- سخر الله -تعالى- له الريح تخدمه و تجري بأمره حيث أراد .
2- سخر الله -تعالى- له الجن والشياطين يعملون له الأعمال التي يريدها فكانوا يعملون له ما يشاء من محاريب -مساجد للعبادة- ، وتماثيل -صور من نحاس ومن زجاج- ، وجفان كالجواب -قصاع كبيرة كالأحواض التي يجتمع فيها الماء- ، وقدور راسيات ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمتهن .
3- لم يقتصر جنوده على الإنس بل سخر الله له جنود من الجن والطير ، وعلّمه منطق الطير وكل الحيوانات فيخاطبهم ويخاطبوه كما حدث معه في قصة النملة التي سمعها تنادي في قومها " حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا " [النمل:18-19] .
4- تميز بحسن نظامه وحزمه فكان يتفقد الجيوش بنفسه حتى مع وجود المدبرين ، مثل ما حدث حين تفقد الطيور لينظر هل هي لازمة لمراكزها .
5- اختص سليمان -عليه السلام- بزيادة الفهم ، ويظهر ذلك في حكمه على قضايا حدثت بين أناس ، منها : قضية المرأتين اللتين خرجتا و مع كل واحدة منها ابنها ، فعدا الذئب على واحد من الأبناء ، فادّعت كل واحدة أن الذي اعتُدي عليه هوابن الأخرى ، فتحاكما أولاً إلى داود -عليه السلام- فحكم اجتهاداً منه للمرأة الكبرى ؛ رحمةً بها . ثمّ لما رُفعت القضية لسليمان -عليه السلام- قال : ائتوني بالسكين أشقه بينهما ، فرضيت المرأة الكبرى بذلك ، أما الصغرى قالت : هو ابنها ؛ لأن بقاؤه في يد امرأة أخرى أهون من ذبحه . هنا يظهر فهم سليمان -عليه السلام- للأمور فعلم أنه ليس ابن المرأة الكبرى ؛ لأنها رضيت هلاكه . و حكم للمرأة الصغرى ؛ لأنها تنازلت عن دعواها حفاظاً على روح ابنها .


*قصة سليمان -عليه السلام- مع ملكة سبأ :
بعد أن جاء الهدهد بمعلومات عن ملكة سبأ و كانت تتنعم بجميع النعم ، ولما كان سليمان -عليه السلام- يختص بزيادة الفهم عرف من ملكهم و قوتهم أنهم مشركون يعبدون الشمس ، بعد ذلك قال سليمان -عليه السلام- للهدهد : "قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ (27) ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ (28) " النمل
فما كان من الهدهد إلا الطاعة ، وذهب بالكتاب و ألقاه على ملكة سبأ ، فلما قرأته فزعت منه وجمعت رؤساء قومها وقالت : " قَالَتۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ إِنِّيٓ أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَٰبٞ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ (31) " النمل .
وطلبت المشورة منهم و ذلك دلالة على حنكتها و معرفتها بأمور السياسة ، واختارت السلم و قامت بإرسال هدية له لعلّه يغير رأيه فتسلم منه . فلما جاء الرسل لسليمان بالهدية قال :" أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ (36) ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ (37) " النمل .
و كانت ملكة سبأ تُعرف برجاحة عقلها و رأيها السديد ، فأراد سليمان أن يتحقق من ذلك فقال : " نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ " [النمل:41] . فمن هذا الموقف تأكد سليمان و عرف رجاحة عقلها ، و ذكر الله -تعالى- إسلام ملكة سبأ في قوله -تعالى- :" قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ " [النمل:44] .

*إبطال دعوى تعليم سليمان -عليه السلام- للسحر :
إن مما وهبه الله لسليمان -عليه السلام- تسخير الشياطين له ، لكن الله ألهمه أنه باجتماع الشياطين بالإنس يعلمونهم السحر، فجمع سليمان الشياطين وتوعدهم و أخذ كتبهم ودفنها . و بعد وفاة سليمان -عليه السلام- وجدت الشياطين مدخلاً يدخلون به على الناس فقالوا للناس : إن ملك سليمان مشيّد على السحر ، وقاموا بإخراج الكتب التي دفنها ، وافتروا على سليمان بأن جعلوا هذه الكتب له و أنه ساحر ويعلم السحر ، ولم تتوانى طائفة من اليهود في ترويج هذه الدعوة الباطلة ، لكن الله -تعالى- أبطل دعواهم و برأ سليمان -عليه السلام- فقال -تعالى- :" وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ " [البقرة:102] .

*فوائد من قصة داود وسليمان -عليهما السلام- :
1- إن ما مرّ به داود وسليمان -عليهما السلام- من مواقف يعطي دروس وعبر لمن يتأملها ففيها تثبيت للنفوس أمام الابتلاءات والفتن ، فكانت قصتهما وقصص غيرهم سلوى لرسول الله وتثبيتاً لقلبه و أنهم تعرضوا للأذى كما يتعرض له ، و هذه أحد فوائد قصص القرآن .
2- أن الأنبياء يتعرضون للابتلاءات ليرجعوا إلى الله بأحسن مما كانوا عليه ، ولنا في ذلك قدوة حسنة .
3- كل من ولّي على المسلمين وكان في خدمة أمنهم فعليه أن يتحلّى بعدة صفات تحفظ أمن المسلمين وتراعي مصالحهم ، ومن ذلك : الشجاعة في الحرب ، حسن السياسة وسداد الرأي ، قوة الدين والبدن ، مشورة الرؤساء ، تفقد الجند بنفسه ، و اختبار من تحته من الرجال بالقول والفعل .
4- التأسي بالأنبياء في عبادتهم و قربهم من الله وسرعة الرجوع إليه .
5-على المسلم تعلم الصناعات التي تعود عليه وعلى المسلمين بالنفع والخير و تكون سبب في كسب المال الحلال منها .
6- في إنكار الهدهد لعبادة الناس الشمس دليل على أن الحيوانات تعرف ربها وتعظمه و توحده و تحب المؤمنين و تدين لربها بذلك وتبغض الكفار ، فعلى الإنسان التحلي بذلك من باب أولى .
7-على العبد استعمال نعم الله عليه في الطاعات وفي أوجه الخير فذلك من شكر النعمة ودوامها ، فداود وسليمان -عليهما السلام- استعملا ما أنعم الله عليهما في خدمة الدين وإعلاء كلمة الحق .


5.
قصة ذي القرنين
*التعريف بذي القرنين :
ذو القرنين ملك صالح ، وهبه الله ما لم يكن لغيره من قوة وأسباب الملك و اتساع الفتوحات ، و أعطاه الله من كل شيء تحصل به قوة الملك و حسن السياسة والتدبير وكثرة الجند وغيرها من الأسباب التي وُفق في استعمالها والاستفادة منها والعمل بها .

*اتساع الفتوحات في زمن ذي القرنين :
إن الله -تعالى- أعطى ذي القرنين من أسباب الملك الشيء الكثير و وُفق بالعمل بها ، ومن ذلك أنه غزا بجيوشه أدنى أفريقيا حتى بلغ بحر المحيط الغربي و هو منتهى بلاد أفريقيا ، وبعد أن فتح مغرب الأرض استمر في الفتوحات حتى وصل إلى مشارق الأرض من بلاد الصين و شواطئ المحيط الهادي وهي منتهى الشرق ، ولم يتوقف بل استمر قاصداً الشمال حتى إذا بلغ بين السدين و هو محل متوسط بين سلاسل جبال في بلاد الترك فوجد في تلك الفجوة قوماً لا يكادون يفقهون قولاً قالوا :" يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِنَّ يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ سَدّٗا " [الكهف:94] . وبذل أسبابه كما هو معهود منه في بناء عظيم يحتاج إلى قوة في الأبدان ، فعلّم من كان معه كيفية البناء و ذلك بأن يجمعوا له قطع الحديد ويركموه بين السدين حتى يصبح تلولاً عظيمة ، ثم أمر بالنحاس المذاب ليصب بين قطع الحديد ؛ ليلتحم بعضه البعض فصار الحديد جبلاً هائلاً متصلاً بالسدين ، وبذلك يمنعهم من ضرر يأجوج و مأجوج -بإذن الله- و عزا ما عمله ذو القرنين إلى توفيق ربه إليه .

*فوائد من قصة ذي القرنين :
1- على العبد استعمال الأسباب في طاعة الله ، و الاستفادة منها في أمور الدنيا النافعة .
2- سؤال الله -تعالى- العون في العدل بين الناس وأن يلهمه الله حسن التدبير والرأي .
3- إرجاع الفضل لله أولاً وآخراً لله -تعالى- في كل أمور الحياة .
4-عدم الاغترار بالقوة والذكاء بالنعم عموماً ؛ لأن الله -تعالى- هو من يرزقها من يشاء من عباده .
5-عدم الاعتماد على الأسباب فقط ؛ لأن قدرة الله فوق كل شيء ، فهو -سبحانه- قادر على تغيير الأحوال في أي وقت يريده .
6-الرجوع إلى الأحاديث الصحيحة في معرفة صفات يأجوج ومأجوج .



6.
قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
*أهمية دراسة سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- :
تظهر أهمية دراسة سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أنها تعين المسلم على معرفة تفسير كتاب الله وفهم معانيه ؛ لأن غالب آيات القرآن سبب نزولها ما كان يحدث خلال حياته -عليه الصلاة والسلام- سواء من أقواله أو سؤال يسأله أحدهم له فينزل القرآن جواباً عليه و يبين للناس ما أشكل عليهم .

*مقامات النبي -عليه الصلاة والسلام- في إنزال القرآن عليه :
- الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة :
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولد على الفطرة السليمة الصحيحة ، فكان يبغض عبادة الأصنام ويبغض كل ما هو قبيح من قول أو فعل ، فكان يتعبد الله على فطرته في غار حراء ، و يحسن إلى الخلق ، فالله -تعالى- علّمه و اصطفاه و كمّله .
- بدء نبوته -عليه الصلاة والسلام- :
بداية الخير للبشرية عندما بلغ رسول الله الأربعين من عمره ، جاء أمر الله وأرسل إليه جبريل لأول مرة ، فلما رآه رسول الله فزع ، وقال له جبريل : "اقرأ" ، و قال رسول الله : "مأنا بقارئ" فهو -عليه الصلاة والسلام- لا يعرف القراءة والكتابة . و بنزول سورة العلق ابتدأت نبوته -عليه الصلاة والسلام- .
- بدء رسالته -عليه الصلاة والسلام- :
بعد مجيء جبريل -عليه السلام- للنبي أول مرة ، فتر الوحي مدة عن رسول الله وحكمة ذلك ؛ أن يشتاق النبي إليه فيكون أعظم وقعاً في قلبه . ثم ما لبث أن جاءه جبريل -عليه السلام- المرة الثانية و النبي -عليه الصلاة والسلام- ترتعد فرائصه من المنظر فقال لزوجته خديجه : "دثروني دثروني" . و بنزول سورة المدثر ابتدأت رسالته -عليه الصلاة والسلام- وقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطاعة ربه وبذل جهده في دعوة الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور .
- أعظم مقامات دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- :
بُعث رسول الله في قوم مشركين مستكبرين فكان غالب نزول الآيات يناسب حالهم ويقرر مقام عظيم هو من أعظم المقامات ألا وهو : الدعوة إلى توحيد الله -تعالى- و إخلاص العبادة لله -سبحانه- والنهي عن الشرك . وبيّن القرآن الكريم أحوال الناس في قبول الدعوة فمنهم منقادين له -سبحانه- هداهم الله إلى ذلك ، ومنهم من اختار الضلال فأعرض عن سماع الحق و تكبر و طغى ، وذكر الله -تعالى- الفريقين في قوله -تعالى- :" فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ " [الأعراف:30].
-تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المكذبين له ، وبيان القرآن لصدق رسالته :
إن الله -تعالى- جمّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأجمل الصفات وأكملها ، فهو -عليه الصلاة والسلام- رغم ما يجده من إعراض وعناد المكذبين إلا أنه يتعامل معهم بأخلاقه السامية فكان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتي هي أحسن مطبقاً لأمر الله في ذلك ، و يذكرهم بالقرآن في كل وقت و لا ييأس من دعوتهم بل يرحمهم ويرجو رجوعهم إلى الحق . و مقابل هذا الإحسان كان المكذبين يتقولون عليه بأقاويل باطلة لينفروا الناس عنه و القرآن يرد عليهم و يبطل أكاذيبهم ، مثل قولهم : أنه شاعر يؤلف القرآن وأنه كاهن ، فيرد عليهم القرآن " وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (43) " الحاقة .
وغيرها من الأقاويل التي جاء القرآن مبطلاً لها مبيناً لصدق نبيه -عليه الصلاة والسلام- .
-النبي -عليه الصلاة والسلام- مع المؤمنين :
نزلت آيات عديدة في القرآن الكريم تبين مقامات النبي مع المؤمنين ، ومنها قوله -تعالى- :" لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ " [التوبة:128] . فكان رسول الله يتعامل مع المؤمنين برأفة و رحمة لا مثيل لها ويكنّ لهم الحب العظيم و يُظهر حبه لهم في أقواله وأفعاله ويحنوا عليهم ويتواضع لهم ، فهو لهم كالأب الرحيم .
-فرض الصلاة :
فرض الله -تعالى- عبادة الصلاة وميزها عن غيرها من العبادات بطريقة فرضها على نبيه الكريم ، ففي حادثة الإسراء والمعراج التي ذكرها الله -تعالى- في قوله الكريم :" سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ " [الإسراء:1] . أُسري بالنبي -عليه الصلاة والسلام- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و عُرج به إلى السماء السابعة ليفرض عليه -سبحانه- الصلوات الخمس ، وعلمه جبريل أوقاتها وكيفيتها ، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات .
-هجرة المسلمين :
كان المسلمين في مكة يتعرضون للأذى من كفار قريش ، فأذن لهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- في بادئ الأمر للهجرة إلى الحبشة ، ثم لما زاد عدد المسلمين صارت هجرة المسلمين إلى المدينة . وإثر هذه الهجرة ، خاف كبراء القوم الكافرين في مكة واتفقوا على قتل النبي -عليه الصلاة والسلام- ، فأوحى إلى نبيه ذلك ثم خرج ليهاجر واصطحب معه صاحبه الصديق و لبثا في الغار و الكفار يطلبونهم من كل جهة ، و ذكر الله -تعالى- ذلك في قوله : " إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [التوبة:40] . فحماه الله منهم وهاجر إلى المدينة واستقر بها .
-السنة الثانية من الهجرة :
في السنة الثانية فرض الله على المسلمين فريضتي الزكاة والصيام ، و نزلت آيات الزكاة والصيام وقت فرضها ، وشهد المسلمون في هذه السنة أعظم وقعة على المسلمين ألا وهي وقعة بدر التي أنزل الله فيها سورة الأنفال تبين ما كان فيها من أحداث ودروس وعبر .
-السنة الثالثة من الهجرة :
وقعت في السنة الثالثة من الهجرة غزوة أحد التي كان من أبرز أحداثها تخلف الرماة عن مراكزهم التي أمرهم الرسول بها ، وذكر -سبحانه- تفاصيل الغزوة في سورة آل عمران .
-السنة الرابعة من الهجرة :
في السنة الرابعة تواعد المسلمون و المشركون في بدر ، فحضر المسلمون والتزموا بوعدهم وتخلّف المشركون عنها ، فأنزل الله -تعالى- :" فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ " [آل عمران:174] .
-السنة الخامسة من الهجرة :
في السنة الخامسة كانت غزوة الخندق التي أنزلها الله فيها صدر سورة الأحزاب .
-السنة السادسة من الهجرة :
في السنة السادسة اعتمر رسول الله وأصحابه عمرة الحديبية ، وواجهوا صد المشركين لهم ومنعهم لهم من دخول المسجد الحرام ، فلما رأى رسول الله حميتهم قدّم مصلحة حفظ بيت الله و عقد صلح الحديبية الذي يتمثل في عدم دخول النبي المسجد الحرام هذا العام و يقضي عمرته العام المقبل وأن لا حرب لمدة عشر سنين . وأنزل الله في هذا الموقف سورة الفتح كاملة .
-السنة الثامنة من الهجرة :
كما هو المعهود في أخلاق الكفار نقض العهود ، فقريش نقضت العهد الذي كان بينها و بين رسول الله ، لكن الله نصر رسوله ورزقه فتح مكة و أتم نصره بغزوة حنين و في ذلك أنزل الله أول سورة التوبة .
-السنة التاسعة من الهجرة :
كانت غزوة تبوك في السنة التاسعة ، وذكر القرآن الكريم ما كان فيها من تخلف أهل الأعذار والمنافقين ، و ثلاثة من صلحاء المؤمنين و أنزل الله في غزوة تبوك آيات كثيرة من سورة التوبة فيها بيان لما وقع فيها وما واجهه المسلمين من شدائد . وفي هذه السنة فُرض الحج على المسلمين و حجّ أبو بكر -رضي الله عنه- بالناس .
-السنة العاشرة من الهجرة :
في السنة العاشرة حج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع مع المسلمين وعلّمهم مناسك الحج والعمرة قولاً وفعلاً ، وأنزل الله في كتابه الكريم آيات الحج ، و أنزل الله يوم عرفة قوله الكريم : " ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ " [المائدة:3] .

*فوائد من قصة خاتم النبيين وإمام المرسلين و من أُنزل عليه القرآن هدى ورحمة للمؤمنين :
1- شكر الله -تعالى- على بعثة الرسول الكريم إلينا فهو السبب في إخراج الناس من الظلمات إلى النور و إعلاء كلمه الحق إلى يومنا هذا .
2- التقرب من الله والتخلق بالأخلاق الفاضلة سبب في التوفيق والصلاح وحصول النعم .
3- أهميه دور الزوجة الصالحة في حياة الداعية .
4-الصبر أمام الصعوبات في سبيل رفع راية التوحيد وإعلاء كلمة الحق من أخلاق المسلم الصادق .
5- تتأكد أخلاق المسلم النبيلة في الشدائد والمواقف الصعبة .
6- أهمية الصلاة و مركزيتها في الإسلام .
7- أن للمسلم الفرار بدينه من البلاد التي تؤذيه إلى بلاد يأمن نفسه فيها ؛ خوفاً من ضياع دينه وحفاظاً على نفسه من الأذى .
8- أخذ العظة والعبرة من قصص القرآن .






-وصلّ اللهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين-.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ذو القعدة 1443هـ/18-06-2022م, 10:32 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوري المؤذن مشاهدة المشاركة
المجموعة الرابعة: لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1.
أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
*أحكام الطلاق :
-أدلة مشروعية الطلاق من الكتاب :
شرع -سبحانه- الطلاق بين الزوجين و بين ذلك في كتابه العزيز ، فقال -تعالى- :" يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا (1) " الطلاق .
-أنواع الطلاق :
1-الطلاق السني : وهو أن يطلق الزوج زوجته مرة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ، أو يطلقها و هي حامل قد تبين حملها ، أو يطلقها وهي آيسة أو صغيرة . و من طلق في أحد هذه الأحوال فهو طلاق مشروع له أن يراجعها ما دامت في العدة .
2-الطلاق البدعي : وهو أن يطلق الزوج زوجته أكثر من واحدة ، أو يطلقها وهي حائض أو نفساء ، أو يطلقها في طهر قد وطئ فيه ولم يتبين حملها . ومن طلق في أحد هذه الأحوال فهو آثم متعدّ لحدود الله .
-أنواع الرجعة و حكم كل نوع :
1-الرجعة من طلاق رجعي : و هي الرجعة من طلاق باثنتين بلا عوض . وحكمها : للزوج أن يراجع زوجته ما دامت في العدة لقوله -تعالى- :" وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ " [البقرة:228] . سواءً رضيت الزوجة أو كرهت .
2-الرجعة من طلاق بائن : وهي الرجعة من طلاق بالطلقة الثالثة . وحكمها : في هذا النوع من الطلاق لا تحل الزوجة لزوجها حتى تنقضي عدتها و تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، أي يطأها زوجها الثاني ثم يطلقها و هو راغب في طلاقها ، حتى إذا انقضت عدتها منه فللزوج الأول أن ينكحها برضاها و ببقية شروط النكاح من الولي والصداق وغيره . و بذلك تحصل الرجعة .
-أحكام في الرجعة :
1-لا يحل لولي المرأة أن يمنع الزوجة من الرجوع إلى زوجها الأول إذا رغب كل منهما في الآخر و كان سبب ذلك المنع بغضه للزوج أو غضبه عليه ، بل الواجب عليه أن يسعى في الجمع بينهما و يسعى لزيادة الألفة بينها وبين زوجها .
أما إذا كان سبب منع الزوجة من الرجوع إلى زوجها أنه ليس كفوْاً في دينه أو لسوء أخلاقه ومعشره ، فيعتبر الولي محسن للمرأة في هذه الحالة ؛ لأن منع المرأة عما فيه ضرر لها إحسان عليها .
2- اعتبار شرط إقامة حدود الله في التراجع ؛ لقوله -تعالى- :" فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۗ " [البقرة:230] .

*أحكام العدد :
-أنواع العدد حسب أحوال الزوجة :
1-المفارقة بطلاق إن كانت تحيض ، حكمها : تعتد ثلاثة قروء من بعد وقوع الطلاق عليها ، لقوله -تعالى- :"وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ " [البقرة:228] .
2-الآيسة التي لم تحض لصغر ونحوه ، حكمها : تعتد ثلاثة أشهر ، لقوله -تعالى- :" وَٱلَّٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ " [الطلاق:4] .
3-المفارقة بموت زوجها ، حكمها : تعتد أربعة أشهر وعشرا ، لقوله -تعالى- :"وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ " [البقرة:234] .
4-الحامل المفارقة لزوجها بطلاق أو موت ، حكمها : تنتهي عدتها بوضع حملها ، لقوله -تعالى- :" وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ " [الطلاق:4] .
5-معتدة فارقت زوجها بطلاق و نحوه و لم يدخل أو يخلُ بها ، حكمها : ليس عليها عدة بل لها أن تتزوج بمجرد أن يطلقها ، لقوله -تعالى- :" يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ " [الأحزاب:49] .
-أحكام النفقة على المعتدة :
المعتدة من حيث استحقاقها للنفقة نوعان :
1-معتدة حامل ، لها النفقة بكل حال ، لقوله -تعالى- :" وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ " [الطلاق:6] .
2-معتدة غيرحامل ، وهي نوعان :
- مفارقة بائنة ، إما بموت أو فسخ أو خلع أو ثلاث أو عوض ، و حكم هذا النوع : لا نفقة ولا كسوة ولا مسكن لهن ، إلا إن كان بإحسان من الزوج .
- مفارقة رجعية : لها النفقة والكسوة والمسكن ما دامت في العدة فلها ما للزوجة التي في عصمة زوجها باستثناء القسم فلا قسم له .

*أحكام الإيلاء :
-المراد بالإيلاء ودليله :
الإيلاء هو أن يحلف الزوج بالله على ترك وطء زوجته أبداً أو مدة طويلة تزيد على أربعة أشهر إذا كان قادراً على الوطء ، وهو ما ورد في قوله -تعالى- :" لِّلَّذِينَ يُؤۡلُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ تَرَبُّصُ أَرۡبَعَةِ أَشۡهُرٖۖ فَإِن فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (226) وَإِنۡ عَزَمُواْ ٱلطَّلَٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ (227) " البقرة .
-الأحكام المترتبة على الإيلاء :
إذا حلف الزوج على ترك وطء زوجته فإنه يترتب على هذا الحلف حالتين ، وكل حالة لها حكمها وكفارتها :
الحالة الأولى : إذا لم تطالب الزوجة زوجها بحقها من الوطء .
حكمها : إن وطئ الزوج زوجته في مدة الإيلاء فقد حنث ، وعليه كفارة يمين .
و إن لم يطأها فلا كفارة عليه .
الحالة الثانية : إن طالبت الزوجة زوجها بحقها من الوطء .
حكمها : أُمر بذلك و جعل له مدة أربعة أشهر ، فإن فاء إليها و وطئها فهو الأحسن والأكمل .
وإن أبى وطء زوجته وهي متمسكة بحقها من الوطء و مضت الأربعة أشهر، فهو مجبر على أحد الأمرين إما أن يرجع إلى زوجته و في هذه الحالة يكفر كفارة يمين ، وإما أن يطلق زوجته .

*أحكام الظهار :
-المراد بالظهار ودليله :
الظهار هو أن يحرم الزوج زوجته على نفسه فيقول لها : أنت علي كظهر أمي . و ورد ذلك في قوله -تعالى- :"ٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمۡۖ إِنۡ أُمَّهَٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّٰٓـِٔي وَلَدۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَيَقُولُونَ مُنكَرٗا مِّنَ ٱلۡقَوۡلِ وَزُورٗاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٞ " [المجادلة:2] .
-كفارة الظهار :
إذا ظاهر الزوج زوجته فكفارة ذلك على الترتيب :
1- عتق رقبة قبل أن يمس زوجته .
2- فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين قبل أن يمس زوجته .
3- فإن لم يستطيع الصيام فإطعام ستين مسكيناً .
فإذا كفّر الزوج عن نفسه انحلت يمينه و أصبحت زوجته تحل عليه .
وهي كما وردت في سورة المجادلة في قوله -تعالى- :" وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مِّن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۚ ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ (3) فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) " .

*فوائد دراسة أحكام الطلاق والعدد الإيلاء والظهار :
شرع الله -تعالى- الأحكام لتبين للناس ما لهم وما عليهم حتى يعيشوا في استقرار و على بصيرة فلا يظلم بعضهم بعضا ، فمن فوائد دراستها :
1- أهمية الصبر بين الزوجين والتروي قبل اتخاذ قرار الطلاق ، فإن كان لابد فعلى كل طرف منهم العمل بما جاءت به الشريعة حتى لا يتظالموا .
2- الدين الإسلامي يحفظ حقوق المسلمين حتى في حال الخلاف و الفراق و رتب على ذلك أحكام تسعد بها النفس وتطمئن ، ولا يحظى بذلك إلا من طبقها وعمل بها .
3- إرشاد الله -تعالى- عباده إلى الإحسان والتفضل على الغير حتى في حال الخلاف ، كما جاء في قوله -تعالى- :" وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ " [البقرة:237] . ففي الشدائد تتأكد الأخلاق الفاضلة من عفوٍ و تسامح و تنازل عن الحقوق .
4- تعظيم أمر النكاح وعدم الاستهتار به فهو ميثاق غليظ لا ينبغي حله في أي وقت و بأي سبب ، و إن ورود هذه الأحكام العظيمة في الطلاق إنما هو دليل على عظم هذا الميثاق .


2.
قصة نوح عليه السلام
*سبب بعثة نوح -عليه السلام- إلى قومه :
كان الناس بعد آدم -عليه السلام- على طريق الهدى ، ثم حلت فتنة عظيمة عليهم سببها الشيطان ، عندما مات أُناس صالحون من قوم نوح فحزن الناس عليهم فدخل عليهم الشيطان من هذا الباب فأمرهم بأن يصوروهم على تماثيل حتى يستأنسوا بها و لا ينسوهم ، وكانت هذه أول خطوات الشيطان ، فلما هلك الذين صنعوا التماثيل لهذا الغرض -الاستئناس بهم- جاء أناس من بعدهم لا يعلمون حقيقة التماثيل فاقتنص الشيطان هذه الفرصة و وسوس إليهم بأن هؤلاء رجال هم : ( ود وسواع ويغوث و يعوق و نسرا ) كان الذين من قبلكم يدعونهم و يطلبون الشفاعة منهم وأنهم السبب في نزول الأمطار و زوال الأمراض ، واستمر في الوسوسة حتى وصل بهم الحال إلى عباداتهم من غير الله -تعالى- فبعث الله نوح -عليه السلام- ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فقال -تعالى- :" لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ " [الأعراف:59] .

*بداية دعوة نوح -عليه السلام- ومواجهة المستكبرين :
بدأ نوح -عليه السلام- دعوته بأمر قومه بإخلاص العبادة لله -تعالى- وترغيبهم في خيري الدنيا والآخرة ، قال -تعالى- :" قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي لَكُمۡ نَذِيرٞ مُّبِينٌ (2) أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (4) " نوح .
فما وجد إلا الاستكبار و ردّ الحق والتكبر على من كان معه من المؤمنين ، قال -تعالى- :" فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرٗا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ " [هود:27] .
فما كان منه -عليه السلام- إلا أن بين لهم أنه ليس بكاذب و لا ضال و إنما هو السبيل الذي تزول به الضلالة عن الناس إن اتبعوه و طبقوا أمر الله ، و أنه لا يجوز طرد المؤمنين وليس له الحق في ذلك ، قال -تعالى- :" وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزۡدَرِيٓ أَعۡيُنُكُمۡ لَن يُؤۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِيٓ أَنفُسِهِمۡ إِنِّيٓ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ " [هود:31] .
ولم ييأس -عليه السلام- من دعوتهم بل استمر يدعوهم ليلاً ونهاراً سراً وجهراً رغم فرارهم و إعراضهم و ذلك من أخلاق الداعية العالية وهو الصبر على المدعوين والحلم والأناة وعدم اليأس .
إلى أن وصل الحال بأن التذكير لا جدوى منه فدعا عليهم بالهلاك واستجاب الله دعوته ، قال -تعالى- :" وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا (27) " نوح .

*صناعة الفلك ونجاة المؤمنين به وهلاك الكافرين :
أمر الله -تعالى- نوح -عليه السلام- أن يصنع الفلك وألهمه تعلّم هذه الصنعة فكان أول من بدأ بهذه الصناعة التي انتفع بها من جاء بعده من الأمم .
واستمر في صناعة الفلك غير مستمع لسخرية الساخرين ، وأخذ معه بأمر الله من كل زوجين اثنين من البهائم ؛ حتى يتكاثروا ، و حمل معه المؤمنين من الرجال والنساء وكانوا قليل ، وأمرهم عند ركوبهم السفينة أن سبحوا الله كلما جرت وكلما رست ، قال -تعالى- :" ۞وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ " [هود:41] .
و جاء الوقت الذي فجر الله فيه عيوناً في الأرض وأنزل من السماء ماء كثيراً فالتقت المياه ببعضها البعض ، فارتفعت السفينة حتى وصلت قمم الجبال ، وهم في هذه الحال رأى نوح -عليه السلام- ابنه الكافر " وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ " ، فما كان جواب ابنه إلا أن " قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ " [هود:42-43]
فأغرق الله جميع الكافرين و من بينهم ابن نوح -عليه السلام- وأنجى المؤمنين بفضله ورحمته ، ثم نقص الماء شيئاً فشيئاً واستوت السفينة على الجودي -جبل في نواحي الموصل- .

*عتاب الله -تعالى- لنوح -عليه السلام- :
لما دعا نوح -عليه السلام- " فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ " ، قال الله -تعالى- :" إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ " [هود:45-46] .
إن الله يعلم أن نوح دعا بهذا الدعاء شفقة ورحمة بابنه ، لكن الله عاتبه وعلمه أن الواجب في الدعاء أن يكون الحامل له العلم و الإخلاص في طلب رضى الله ، فما كان من نوح -عليه السلام- إلا الانقياد والطاعة ، قال -تعالى- :" قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ " [هود:47] .

*الفوائد من قصة نوح -عليه السلام- :
1- اتفاق دعوة جميع الرسل على أمر واحد ألا وهو عبادة الله وحده والنهي عن الشرك بالله .
2- أن نوح -عليه السلام- هو القدوة لمن بعده من الدعاة في التحلي بآداب الدعوة ، و من هذه الآداب : الترغيب في ثواب الآخرة و خيرات الدنيا والترهيب بالعقاب وزوال النعم ، الصبر والحلم على المدعوين ، أسلوب الخطاب المقنع اللين الذي يستميل به القلوب ، عدم اليأس و القنوط أمام ما يواجهه من إعراض وتكبر .
3-الاستعانة بالله في أمور الحياة جميعها ، والإكثار من ذكر الله في السراء والضراء .

4-دعاء الله بصلاح الذرية في دينها ودنياها .

5-الاستغفار سبب في البركة وتعدد النعم من كثرة في الأولاد والأرزاق و نزول المطر و مغفرة الذنوب و السلامة من الآفات .

6-الحذر من وسوسة الشيطان واتباع خطواته وذلك بالاستعاذة من شروره في كل وقت ، والالتزام بالأذكار والتحصينات وذكر الله .



3.
قصة صالح عليه السلام
*سبب بعثة صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود :
كان قوم ثمود -عاد الثانية- يسكنون في الحجر وكانوا أصحاب خير و نعمة كان لهم مواشٍ كثيرة وحرث و زروع ، و لهم قصور مزخرفة ، ومنّ الله عليهم باتخاذ بيوت من الجبال ينحتونها بإتقان ، و مع كل هذه النعم العظيمة إلا أن قوم ثمود قابلوها بالجحود و البطر و الطغيان ، و زيادة على ذلك عبدوا غير الله ، فأرسل الله -تعالى- إليهم صالح -عليه السلام- من قبيلتهم وهو معروف بينهم بنسبه و حسبه و أخلاقه العالية و ذلك ليدعوهم بدعوة جميع الرسل ألا وهي عبادة الله وحده و النهي عن الشرك ، قال -تعالى- : " وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥ ۖ" [الأعراف:73] .


*التآمر على عقر ناقة صالح -عليه السلام- :
واجه صالح -عليه السلام- ما واجهه قبله من الرسل من إعراض قومه و تكبرهم عن سماع الحق ، فجعل الله -تعالى- له ناقة لا تشبه غيرها من النوق دلالة على صدقه ، فقال لقومه : " هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ " [الأعراف:73] .
إلا أنه كان من بينهم في مدينتهم تسعة رهط مستكبرين استولى عليهم الشيطان ، فقاوموا ما جاء به صالح -عليه السلام- و جعلوا يفسدون في الأرض ، فحذرهم صالح من عقر الناقة ، فما كان منهم إلا العناد فاتفقوا و تآمروا على عقر الناقة فعقروها فكان ذلك العقر بداية هلاكهم .

*عقاب المتآمرين على قتل صالح -عليه السلام- ونجاة المؤمنين :
لم يكتفي التسعة رهط بعقر الناقة بل تمادوا إلى الاتفاق في ما بينهم على قتل صالح -عليه السلام- وتعاهدوا فيما بينهم أن يكتموا الأمر إذا أتموه ويحلفون لأوليائه أنهم ما شهدوا مهلكه ، لكن هيهات .. ما إن كمنوا في أصل الجبل ليتحينوا فرصة قتل نبي الله صالح ، أرسل الله عليهم صخرة من أعلى الجبل قتلتهم شرّ قتلة ، ثم جاءتهم صيحة من فوقهم و رجفة من اسفلهم فأصبحوا خاسرين ، فكان جزاء الكفار الهلاك ، و جزاء المؤمنين النجاة .

*فوائد من قصة صالح -عليه السلام- :
1- اتفاق دعوة الرسل على إخلاص عبادة الله والنهي عن الشرك .
2- الطغيان والتكبر على نعم الله سبب في الهلاك والعقاب .
3- الحذر من رفاق السوء الذين يأمرون بالشر ولا يخافون الله في أفعالهم فهم سبب في هلاك المرء .


4.
قصة داوود وسليمان عليهما السلام
*شجاعة داود -عليه السلام- أمام جالوت وجنوده :
داود -عليه السلام- من اعظم أنبياء بني إسرائيل و كان من العسكر الذين مع طالوت و كان ملكاً على بني إسرائيل وتميز بشجاعته وقوته وعلمه في سياسة و نظام الجيوش ، وكان هناك قتال بين طالوت وجنوده و جالوت قائد جيش الأعداء ، ونصر الله -تعالى- طالوت وجنوده بشجاعة داود -عليه السلام- أمام جالوت فقد قام بقتل جالوت بنفسه فحصلت هزيمة الأعداء إثر مقتل ملكهم .

*فضائل وصفات داود -عليه السلام- :
ميز الله -تعالى- داود -عليه السلام- بفضائل وصفات جليلة جعلته من أعظم أنبياء بني إسرائيل ، و من جملة فضائله و صفاته :
1- أن الله -تعالى- جعله من أنبياء بني إسرائيل و أعطاه الحكمة والملك القوي . قال -تعالى- :" وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ " [ص:20] .
2- وهبه الله قوة في العبادة والبصيرة وهي من الصفات العالية الرفيعة . قال -تعالى- :" وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ " [ص:17] .
3- تفضّل الله -تعالى- عليه بتسخير الطير والجبال له فتسبح الله معه . قال -تعالى- :"إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ يُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ (18) وَٱلطَّيۡرَ مَحۡشُورَةٗۖ كُلّٞ لَّهُۥٓ أَوَّابٞ (19) " ص.
4- أكرمه الله بحسن الصوت الذي لا مثيل له ولم يؤت أحد مثله من العالمين .
5- و من صفات عبادته : أنه ينام نصف الليل و يقوم ثلثه وينام سدسه ، و يصوم يوم ويفطر يوم .
6- كان يتحلى بأعظم الصفات ألا وهي الشجاعة التي لا يُرى لها مثيل .
7- أنعم الله -تعالى- عليه بتعلم صناعة دروع الحرب بأن سخر له الحديد فألانه له ، وهو بذلك يكون أول من صنع الدروع الواقية . قال -تعالى- :" وَأَلَنَّا لَهُ ٱلۡحَدِيدَ " [سبأ:10] .

*عتاب الله -تعالى- لداود -عليه السلام- :
رغم أن الأنبياء منزلتهم عالية عظيمة ليس لأحد مثلها ، إلا أن مشهد عتاب الله -تعالى- لهم يتكرر، ففي سرعة رجوعهم للحق تعليم لنا للانقياد والطاعة لله -تعالى- . وسبب عتاب الله -تعالى- لداود -عليه السلام- بسبب ذنب أذنبه أثناء الحكم بين خصمين دخلا عليه وهو في محرابه ففزع -وكانا ملكين أرسلهما الله- و قالا له : " لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ " [ص:22] .
فقص عليه أحد الخصمين القصة ، فقال : " إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ " [ص:23] . فردّ عليه داود -عليه السلام- :" قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ " [ص:24] ، هنا علم داود بذنبه وانتبه لذلك " وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ" [ص:24] ، وهذا نهج الأنبياء في سرعة التوبة و الانقياد لله -تعالى- وطلب مرضاته ، فقال الله التواب الرحيم :" فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ " [ص:25] .

بعد أن طمأن الله قلب داوود -عليه السلام- بمغفرة ذنبه وجهه لما فيه صلاح له فقال -تعالى- :" يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا نَسُواْ يَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ " [ص:26] .


*فضائل وصفات سليمان -عليه السلام- :
ورث سليمان -عليه السلام- النبوة والعلم و الملك من أبيه داود -عليه السلام- ، و تفضل الله عليه بفضائل وصفات لم تحصل لأحد من قبله ولا من بعده فكان من أعظم أنبياء بني إسرائيل ، و من فضائله وصفاته الجليلة :
1- سخر الله -تعالى- له الريح تخدمه و تجري بأمره حيث أراد .
2- سخر الله -تعالى- له الجن والشياطين يعملون له الأعمال التي يريدها فكانوا يعملون له ما يشاء من محاريب -مساجد للعبادة- ، وتماثيل -صور من نحاس ومن زجاج- ، وجفان كالجواب -قصاع كبيرة كالأحواض التي يجتمع فيها الماء- ، وقدور راسيات ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمتهن .
3- لم يقتصر جنوده على الإنس بل سخر الله له جنود من الجن والطير ، وعلّمه منطق الطير وكل الحيوانات فيخاطبهم ويخاطبوه كما حدث معه في قصة النملة التي سمعها تنادي في قومها " حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا " [النمل:18-19] .
4- تميز بحسن نظامه وحزمه فكان يتفقد الجيوش بنفسه حتى مع وجود المدبرين ، مثل ما حدث حين تفقد الطيور لينظر هل هي لازمة لمراكزها .
5- اختص سليمان -عليه السلام- بزيادة الفهم ، ويظهر ذلك في حكمه على قضايا حدثت بين أناس ، منها : قضية المرأتين اللتين خرجتا و مع كل واحدة منها ابنها ، فعدا الذئب على واحد من الأبناء ، فادّعت كل واحدة أن الذي اعتُدي عليه هوابن الأخرى ، فتحاكما أولاً إلى داود -عليه السلام- فحكم اجتهاداً منه للمرأة الكبرى ؛ رحمةً بها . ثمّ لما رُفعت القضية لسليمان -عليه السلام- قال : ائتوني بالسكين أشقه بينهما ، فرضيت المرأة الكبرى بذلك ، أما الصغرى قالت : هو ابنها ؛ لأن بقاؤه في يد امرأة أخرى أهون من ذبحه . هنا يظهر فهم سليمان -عليه السلام- للأمور فعلم أنه ليس ابن المرأة الكبرى ؛ لأنها رضيت هلاكه . و حكم للمرأة الصغرى ؛ لأنها تنازلت عن دعواها حفاظاً على روح ابنها .


*قصة سليمان -عليه السلام- مع ملكة سبأ :
بعد أن جاء الهدهد بمعلومات عن ملكة سبأ و كانت تتنعم بجميع النعم ، ولما كان سليمان -عليه السلام- يختص بزيادة الفهم عرف من ملكهم و قوتهم أنهم مشركون يعبدون الشمس ، بعد ذلك قال سليمان -عليه السلام- للهدهد : "قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ (27) ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ (28) " النمل
فما كان من الهدهد إلا الطاعة ، وذهب بالكتاب و ألقاه على ملكة سبأ ، فلما قرأته فزعت منه وجمعت رؤساء قومها وقالت : " قَالَتۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ إِنِّيٓ أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَٰبٞ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ (31) " النمل .
وطلبت المشورة منهم و ذلك دلالة على حنكتها و معرفتها بأمور السياسة ، واختارت السلم و قامت بإرسال هدية له لعلّه يغير رأيه فتسلم منه . فلما جاء الرسل لسليمان بالهدية قال :" أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ (36) ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ (37) " النمل .
و كانت ملكة سبأ تُعرف برجاحة عقلها و رأيها السديد ، فأراد سليمان أن يتحقق من ذلك فقال : " نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ " [النمل:41] . فمن هذا الموقف تأكد سليمان و عرف رجاحة عقلها ، و ذكر الله -تعالى- إسلام ملكة سبأ في قوله -تعالى- :" قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ " [النمل:44] .

*إبطال دعوى تعليم سليمان -عليه السلام- للسحر :
إن مما وهبه الله لسليمان -عليه السلام- تسخير الشياطين له ، لكن الله ألهمه أنه باجتماع الشياطين بالإنس يعلمونهم السحر، فجمع سليمان الشياطين وتوعدهم و أخذ كتبهم ودفنها . و بعد وفاة سليمان -عليه السلام- وجدت الشياطين مدخلاً يدخلون به على الناس فقالوا للناس : إن ملك سليمان مشيّد على السحر ، وقاموا بإخراج الكتب التي دفنها ، وافتروا على سليمان بأن جعلوا هذه الكتب له و أنه ساحر ويعلم السحر ، ولم تتوانى طائفة من اليهود في ترويج هذه الدعوة الباطلة ، لكن الله -تعالى- أبطل دعواهم و برأ سليمان -عليه السلام- فقال -تعالى- :" وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ " [البقرة:102] .

*فوائد من قصة داود وسليمان -عليهما السلام- :
1- إن ما مرّ به داود وسليمان -عليهما السلام- من مواقف يعطي دروس وعبر لمن يتأملها ففيها تثبيت للنفوس أمام الابتلاءات والفتن ، فكانت قصتهما وقصص غيرهم سلوى لرسول الله وتثبيتاً لقلبه و أنهم تعرضوا للأذى كما يتعرض له ، و هذه أحد فوائد قصص القرآن .
2- أن الأنبياء يتعرضون للابتلاءات ليرجعوا إلى الله بأحسن مما كانوا عليه ، ولنا في ذلك قدوة حسنة .
3- كل من ولّي على المسلمين وكان في خدمة أمنهم فعليه أن يتحلّى بعدة صفات تحفظ أمن المسلمين وتراعي مصالحهم ، ومن ذلك : الشجاعة في الحرب ، حسن السياسة وسداد الرأي ، قوة الدين والبدن ، مشورة الرؤساء ، تفقد الجند بنفسه ، و اختبار من تحته من الرجال بالقول والفعل .
4- التأسي بالأنبياء في عبادتهم و قربهم من الله وسرعة الرجوع إليه .
5-على المسلم تعلم الصناعات التي تعود عليه وعلى المسلمين بالنفع والخير و تكون سبب في كسب المال الحلال منها .
6- في إنكار الهدهد لعبادة الناس الشمس دليل على أن الحيوانات تعرف ربها وتعظمه و توحده و تحب المؤمنين و تدين لربها بذلك وتبغض الكفار ، فعلى الإنسان التحلي بذلك من باب أولى .
7-على العبد استعمال نعم الله عليه في الطاعات وفي أوجه الخير فذلك من شكر النعمة ودوامها ، فداود وسليمان -عليهما السلام- استعملا ما أنعم الله عليهما في خدمة الدين وإعلاء كلمة الحق .


5.
قصة ذي القرنين
*التعريف بذي القرنين :
ذو القرنين ملك صالح ، وهبه الله ما لم يكن لغيره من قوة وأسباب الملك و اتساع الفتوحات ، و أعطاه الله من كل شيء تحصل به قوة الملك و حسن السياسة والتدبير وكثرة الجند وغيرها من الأسباب التي وُفق في استعمالها والاستفادة منها والعمل بها .

*اتساع الفتوحات في زمن ذي القرنين :
إن الله -تعالى- أعطى ذي القرنين من أسباب الملك الشيء الكثير و وُفق بالعمل بها ، ومن ذلك أنه غزا بجيوشه أدنى أفريقيا حتى بلغ بحر المحيط الغربي و هو منتهى بلاد أفريقيا ، وبعد أن فتح مغرب الأرض استمر في الفتوحات حتى وصل إلى مشارق الأرض من بلاد الصين و شواطئ المحيط الهادي وهي منتهى الشرق ، ولم يتوقف بل استمر قاصداً الشمال حتى إذا بلغ بين السدين و هو محل متوسط بين سلاسل جبال في بلاد الترك فوجد في تلك الفجوة قوماً لا يكادون يفقهون قولاً قالوا :" يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِنَّ يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ سَدّٗا " [الكهف:94] . وبذل أسبابه كما هو معهود منه في بناء عظيم يحتاج إلى قوة في الأبدان ، فعلّم من كان معه كيفية البناء و ذلك بأن يجمعوا له قطع الحديد ويركموه بين السدين حتى يصبح تلولاً عظيمة ، ثم أمر بالنحاس المذاب ليصب بين قطع الحديد ؛ ليلتحم بعضه البعض فصار الحديد جبلاً هائلاً متصلاً بالسدين ، وبذلك يمنعهم من ضرر يأجوج و مأجوج -بإذن الله- و عزا ما عمله ذو القرنين إلى توفيق ربه إليه .

*فوائد من قصة ذي القرنين :
1- على العبد استعمال الأسباب في طاعة الله ، و الاستفادة منها في أمور الدنيا النافعة .
2- سؤال الله -تعالى- العون في العدل بين الناس وأن يلهمه الله حسن التدبير والرأي .
3- إرجاع الفضل لله أولاً وآخراً لله -تعالى- في كل أمور الحياة .
4-عدم الاغترار بالقوة والذكاء بالنعم عموماً ؛ لأن الله -تعالى- هو من يرزقها من يشاء من عباده .
5-عدم الاعتماد على الأسباب فقط ؛ لأن قدرة الله فوق كل شيء ، فهو -سبحانه- قادر على تغيير الأحوال في أي وقت يريده .
6-الرجوع إلى الأحاديث الصحيحة في معرفة صفات يأجوج ومأجوج .



6.
قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
*أهمية دراسة سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- :
تظهر أهمية دراسة سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- في أنها تعين المسلم على معرفة تفسير كتاب الله وفهم معانيه ؛ لأن غالب آيات القرآن سبب نزولها ما كان يحدث خلال حياته -عليه الصلاة والسلام- سواء من أقواله أو سؤال يسأله أحدهم له فينزل القرآن جواباً عليه و يبين للناس ما أشكل عليهم .

*مقامات النبي -عليه الصلاة والسلام- في إنزال القرآن عليه :
- الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة :
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولد على الفطرة السليمة الصحيحة ، فكان يبغض عبادة الأصنام ويبغض كل ما هو قبيح من قول أو فعل ، فكان يتعبد الله على فطرته في غار حراء ، و يحسن إلى الخلق ، فالله -تعالى- علّمه و اصطفاه و كمّله .
- بدء نبوته -عليه الصلاة والسلام- :
بداية الخير للبشرية عندما بلغ رسول الله الأربعين من عمره ، جاء أمر الله وأرسل إليه جبريل لأول مرة ، فلما رآه رسول الله فزع ، وقال له جبريل : "اقرأ" ، و قال رسول الله : "مأنا بقارئ" فهو -عليه الصلاة والسلام- لا يعرف القراءة والكتابة . و بنزول سورة العلق ابتدأت نبوته -عليه الصلاة والسلام- .
- بدء رسالته -عليه الصلاة والسلام- :
بعد مجيء جبريل -عليه السلام- للنبي أول مرة ، فتر الوحي مدة عن رسول الله وحكمة ذلك ؛ أن يشتاق النبي إليه فيكون أعظم وقعاً في قلبه . ثم ما لبث أن جاءه جبريل -عليه السلام- المرة الثانية و النبي -عليه الصلاة والسلام- ترتعد فرائصه من المنظر فقال لزوجته خديجه : "دثروني دثروني" . و بنزول سورة المدثر ابتدأت رسالته -عليه الصلاة والسلام- وقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطاعة ربه وبذل جهده في دعوة الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور .
- أعظم مقامات دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام- :
بُعث رسول الله في قوم مشركين مستكبرين فكان غالب نزول الآيات يناسب حالهم ويقرر مقام عظيم هو من أعظم المقامات ألا وهو : الدعوة إلى توحيد الله -تعالى- و إخلاص العبادة لله -سبحانه- والنهي عن الشرك . وبيّن القرآن الكريم أحوال الناس في قبول الدعوة فمنهم منقادين له -سبحانه- هداهم الله إلى ذلك ، ومنهم من اختار الضلال فأعرض عن سماع الحق و تكبر و طغى ، وذكر الله -تعالى- الفريقين في قوله -تعالى- :" فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ " [الأعراف:30].
-تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المكذبين له ، وبيان القرآن لصدق رسالته :
إن الله -تعالى- جمّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأجمل الصفات وأكملها ، فهو -عليه الصلاة والسلام- رغم ما يجده من إعراض وعناد المكذبين إلا أنه يتعامل معهم بأخلاقه السامية فكان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتي هي أحسن مطبقاً لأمر الله في ذلك ، و يذكرهم بالقرآن في كل وقت و لا ييأس من دعوتهم بل يرحمهم ويرجو رجوعهم إلى الحق . و مقابل هذا الإحسان كان المكذبين يتقولون عليه بأقاويل باطلة لينفروا الناس عنه و القرآن يرد عليهم و يبطل أكاذيبهم ، مثل قولهم : أنه شاعر يؤلف القرآن وأنه كاهن ، فيرد عليهم القرآن " وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (43) " الحاقة .
وغيرها من الأقاويل التي جاء القرآن مبطلاً لها مبيناً لصدق نبيه -عليه الصلاة والسلام- .
-النبي -عليه الصلاة والسلام- مع المؤمنين :
نزلت آيات عديدة في القرآن الكريم تبين مقامات النبي مع المؤمنين ، ومنها قوله -تعالى- :" لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ " [التوبة:128] . فكان رسول الله يتعامل مع المؤمنين برأفة و رحمة لا مثيل لها ويكنّ لهم الحب العظيم و يُظهر حبه لهم في أقواله وأفعاله ويحنوا عليهم ويتواضع لهم ، فهو لهم كالأب الرحيم .
-فرض الصلاة :
فرض الله -تعالى- عبادة الصلاة وميزها عن غيرها من العبادات بطريقة فرضها على نبيه الكريم ، ففي حادثة الإسراء والمعراج التي ذكرها الله -تعالى- في قوله الكريم :" سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ " [الإسراء:1] . أُسري بالنبي -عليه الصلاة والسلام- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و عُرج به إلى السماء السابعة ليفرض عليه -سبحانه- الصلوات الخمس ، وعلمه جبريل أوقاتها وكيفيتها ، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات .
-هجرة المسلمين :
كان المسلمين في مكة يتعرضون للأذى من كفار قريش ، فأذن لهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- في بادئ الأمر للهجرة إلى الحبشة ، ثم لما زاد عدد المسلمين صارت هجرة المسلمين إلى المدينة . وإثر هذه الهجرة ، خاف كبراء القوم الكافرين في مكة واتفقوا على قتل النبي -عليه الصلاة والسلام- ، فأوحى إلى نبيه ذلك ثم خرج ليهاجر واصطحب معه صاحبه الصديق و لبثا في الغار و الكفار يطلبونهم من كل جهة ، و ذكر الله -تعالى- ذلك في قوله : " إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [التوبة:40] . فحماه الله منهم وهاجر إلى المدينة واستقر بها .
-السنة الثانية من الهجرة :
في السنة الثانية فرض الله على المسلمين فريضتي الزكاة والصيام ، و نزلت آيات الزكاة والصيام وقت فرضها ، وشهد المسلمون في هذه السنة أعظم وقعة على المسلمين ألا وهي وقعة بدر التي أنزل الله فيها سورة الأنفال تبين ما كان فيها من أحداث ودروس وعبر .
-السنة الثالثة من الهجرة :
وقعت في السنة الثالثة من الهجرة غزوة أحد التي كان من أبرز أحداثها تخلف الرماة عن مراكزهم التي أمرهم الرسول بها ، وذكر -سبحانه- تفاصيل الغزوة في سورة آل عمران .
-السنة الرابعة من الهجرة :
في السنة الرابعة تواعد المسلمون و المشركون في بدر ، فحضر المسلمون والتزموا بوعدهم وتخلّف المشركون عنها ، فأنزل الله -تعالى- :" فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ " [آل عمران:174] .
-السنة الخامسة من الهجرة :
في السنة الخامسة كانت غزوة الخندق التي أنزلها الله فيها صدر سورة الأحزاب .
-السنة السادسة من الهجرة :
في السنة السادسة اعتمر رسول الله وأصحابه عمرة الحديبية ، وواجهوا صد المشركين لهم ومنعهم لهم من دخول المسجد الحرام ، فلما رأى رسول الله حميتهم قدّم مصلحة حفظ بيت الله و عقد صلح الحديبية الذي يتمثل في عدم دخول النبي المسجد الحرام هذا العام و يقضي عمرته العام المقبل وأن لا حرب لمدة عشر سنين . وأنزل الله في هذا الموقف سورة الفتح كاملة .
-السنة الثامنة من الهجرة :
كما هو المعهود في أخلاق الكفار نقض العهود ، فقريش نقضت العهد الذي كان بينها و بين رسول الله ، لكن الله نصر رسوله ورزقه فتح مكة و أتم نصره بغزوة حنين و في ذلك أنزل الله أول سورة التوبة .
-السنة التاسعة من الهجرة :
كانت غزوة تبوك في السنة التاسعة ، وذكر القرآن الكريم ما كان فيها من تخلف أهل الأعذار والمنافقين ، و ثلاثة من صلحاء المؤمنين و أنزل الله في غزوة تبوك آيات كثيرة من سورة التوبة فيها بيان لما وقع فيها وما واجهه المسلمين من شدائد . وفي هذه السنة فُرض الحج على المسلمين و حجّ أبو بكر -رضي الله عنه- بالناس .
-السنة العاشرة من الهجرة :
في السنة العاشرة حج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع مع المسلمين وعلّمهم مناسك الحج والعمرة قولاً وفعلاً ، وأنزل الله في كتابه الكريم آيات الحج ، و أنزل الله يوم عرفة قوله الكريم : " ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ " [المائدة:3] .

*فوائد من قصة خاتم النبيين وإمام المرسلين و من أُنزل عليه القرآن هدى ورحمة للمؤمنين :
1- شكر الله -تعالى- على بعثة الرسول الكريم إلينا فهو السبب في إخراج الناس من الظلمات إلى النور و إعلاء كلمه الحق إلى يومنا هذا .
2- التقرب من الله والتخلق بالأخلاق الفاضلة سبب في التوفيق والصلاح وحصول النعم .
3- أهميه دور الزوجة الصالحة في حياة الداعية .
4-الصبر أمام الصعوبات في سبيل رفع راية التوحيد وإعلاء كلمة الحق من أخلاق المسلم الصادق .
5- تتأكد أخلاق المسلم النبيلة في الشدائد والمواقف الصعبة .
6- أهمية الصلاة و مركزيتها في الإسلام .
7- أن للمسلم الفرار بدينه من البلاد التي تؤذيه إلى بلاد يأمن نفسه فيها ؛ خوفاً من ضياع دينه وحفاظاً على نفسه من الأذى .
8- أخذ العظة والعبرة من قصص القرآن .






-وصلّ اللهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين-.


أحسنت نفع الله بك

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 صفر 1444هـ/10-09-2022م, 11:29 PM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

⚪* المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:

🔷️ 1. أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]

⚪ ️أحكام البيوع
🔹️أدلة مشروعية البيع
قال تعالى : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}
🔹️حكم البيوع
الأصل في البيوع* والتجارات والمعاملات* كلها الحل والجواز* والإطلاق
متى استوفت الشروط* والوثائق وسلمت من المحاذير الشرعية
🔹️أنواع التجارات
* تجارة الإدارة : وهي التى يديرها التجار بينهم ، هذا يأخذ العوض وهذا يعطي المعوض
* تجارة الديون* :* مثل السَلم* والبيع بأثمان مؤجلة و تجارة التربص وتجارة التصدير والتوريد وأنواع التجارات بين أفراد وشركاء🔹️

🔹️الحكمة في إباحة البيوع والتجارات
رحمة من الشارع الحكيم* بالعباد ، لقيام مصالحهم بها ولدفع الإضرار عنهم
🔹️ المحاذير المانعة* من صحة المعاملات
الربا - الغرر - الظلم
🔸️️أولا : الربا*** { وأحل الله البيع وحرّم الربا }
{ يمحق الله الربا ويربي الصدقات }
🔹️ أنواعه :
*ربا الفضل* - وهو بيع المكيل بالمكيل من جنسه متفاضلا وكذا بيع الموزون بالموزون من جنسه* متفاضلا* ، ويشترط لحليته ، التماثل* بين المبيعين* والقبض للعوضين قبل التفرق
* ربا النسيئة -* هو بيع المكيل بالمكيل إلى أجل أو غير قبض ، ولو من غير جنسه ، وبيع الموزون بالموزون إلى أجل* أو بلا قبض
*أشد ربا النسيئة : مضاعفة* الدين متى حل الأجل* ولم يقضِ المدين* وهو الذي قال تعالى في حرمته: { لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } لان الشريعة جاءت بإنظار المعسر* ، قال تعالى :
{ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة }
* ربا القرض الذي يجر نفعا -* لأن الأصل في القروض الإحسان والرفق بين العباد فمتى* دخلتها المعاوضة واشتراط المنفعة أوالمحاباة صارت من الربا
🔸️ثانيا : الغرر
كالميسر الذي حرمه الله في* كتابه ، ويراد* به ما كان في المعاملات* والمغالبات والبيوع القائمة على الغرر والمخاطرة* والجهالات هي أيضاً داخلة في الميسر** وما أجمع* الكلام النبوي وهو* يوجز* فيعمّ : ( نهى عن بيع الغرر )
🔸️ثالثا :* الظلم والغش والتدليس
بكل صوره ومن ذلك بخس المكاييل والموازين وبخس الحقوق أخذا وعطاء
والغصب والسرقة* ، لأنها كلها داخلة في حكم** قوله تعالى* :
{ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }

⚪ ️ كتابة الديون
🔹️ حكمها :* الندب والاستحباب ، عند جمهور العلماء* ، وتكون واجبا متى وجب حفظ المال وكان على دين مؤجل أو غير مقبوض
🔹️شروط الكتابة
* الإشهاد على الكتابة
* يكون الكاتب عدلا* عارفا بالكتابة
* لا يكتب الإ مايملى عليه من عليه الحق متى كان رشيدا* ووليه إن كان عاجزا
ضعيفا كالمجنون والصغير
* على صاحب الحق أن يقر بالحق كله بلا بخس

⚪ أحكام الإجارة
🔸️مشروعية الإجارة
قال عز من قائل : { إن خير من استأجرت القوي الأمين }
وقال تعالى : { اجعلني على خزائن
🔸️شروط الإجارة* وما في حكمها* كالأمانات والجعالات والولايات

* القوة على العمل وما يلزمه من كفاءة* وحفظ ودربة* وغيرها
* الأمانة شرط ثان عينته الآية الكريمة وخصته بعد الشرط الاول :
{ إن خير من استأجرت القوي الأمين }

🔷️* الفوائد* المستفادة من دارسة أحكام المعاملات المالية
🔸️* أولاً البيوع :
** هذه المعاملات المتنوعة الممتدة إباحة وسعة* ، بشروطها القريبة* ، لتسهل حياة العباد بها* ويتعايشون بها بلا عنت ولا مشقة.

** جاء تحريم الربا* سياجا منيعا ليحمي* اقتصاد الدولة* ومالية الناس* من تبعاته الماحقة الساحقة .
*أعلى الشارع الحكيم من شأن* البيع الصحيح والقرض الصحيح وغيرها من ضروب التعاملات الشرعية* والمكاسب الطيبة ، لتحل بركتها على الأفراد والمجتمع وتساهم في بث أخلاق الأمانة والصدق والتكافل فيجني الجميع ثمارها* وكريم عواقبها.

*ر سخ تحريم التدليس والغرر والظلم* وما في معناه من التعاملات* المالية والمكتسبة ، من معنى أن الأصل في العلاقة بين أهل الإسلام الأخوة والمحبة والتناصح .

🔸️️ثانياً : كتابة الدين :
جاءت آية الدين ، بأحكام واحترزات ، بلغت حد الكمال والإحكام ، منها:
* الإقرار سبيل عظيم لإثبات الحقوق
* التوجيه إلى حفظ* الحقوق بالإشهاد والكتابة والرهن في حال السفر
* التفصيل في كون الشهداء رجلان ، أو رجل وأمرتان* ومافيه من مصلحة وحكمة .
* لاشهادة إلا بيقين ثابت ، والناسي للشهادة تُقبل شهادته وتصح متى ذكرها .
* لا تُترك الشهادة في الأمور الهامة* ولابأس بتركها فيما يشق ويكثر التعامل به كالتجارات الحاضرة
* يُؤدي الكاتب والشهيد واجبهما كاملا ، وكذا لا يُبخسا حقهما ولا يضارا
* كل نعمة شكرها بأن يُطاع بها الله { ولا يأبى كاتب* أن يكتب كما علمه الله }
* شروط الكتابة* شُرعت لحفظ واعتماد* المكتوب والثقة فيه .
* وجوب الشهادة متى تعينت على مؤديها ، وكتمانه لها يدخله في الكبائر .
* شهادة الزور* بصورها المتعددة وكتمان الشهادة من كبائر الذنوب ،لما فيها من إضاعة الحق ونصرة للظلم .
* التأكيد على مشروعية الوثائق بالحقوق ، وهي : الشهادة والرهن والضمان والكفالة .
* إثبات الولاية للقاصرين كالمجنون والصغير والسفيه.
* التقوى سبيل يُمهد للعلم والتعلم** { واتقوا الله ويعلمكم الله }
* أهمية وضرورة تعلم العلوم الدنيوية* المتعلقة بالمعاملات فإن فيها حفظ أمور الدنيا والدين للعباد.
* الأمانة وما تقتضيه من الشكر للأمين والوفاء بحقه.
🔸️ثالثا : الإجارة
* اختيار الأمين القوي وتوخيّ هاتين الصفتين قدر الإمكان في الإجارات والأمانات والجعالات* مهما كانت كبيرة أو صغيرة
* القوة تعني الكفاءة والمقدرة* على العمل ، وبالأمانة يتحقق بذل الوسع في أداء الواجب
* اختيار الأمثل فالأمثل* والأقرب لهاتين الصفتين ، متى تعذر* حصولهما على وجه التمام .

🔶️2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
🔸️ ️حقيقة وجوهر الحكم بالحق والقسط بين الناس
قال تعالى :
{ وأن احكم بينهم بما أنزل الله }
{* لتحكم بين الناس بما أراك الله }***
- إذا الحكم* بالعدل والحق يعود في جوهره إلى الحكم بما أنزل الله* ، الذي هو ردّ الأحكام إلى الله ورسوله* لأنها أحكم الشرائع وأحسنها عدلا وصلاحا* وقطعا لمادة الفساد والشر وسداً للذرائع المفضية إلى سوء الحال والمآل في أمور الدنيا والدين ، قال تعالى :
{ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام .

🔶️ الأحكام المتفرعة عن هذا الأصل العظيم

🔸️ القواعد التى عليها تدور جمهور القضايا :
* أن إقرارمن عليه* الحق معتبر في القليل والكثير
*أن البينة على المدعي لإثبات الحق ، وأن اليمين على من أنكر
🔸️ تعريف البينة:
شرعاً: هي اسم جامع لكل ما يبين الحق
🔸️مراتب البيّنة :
اليقين -* القرائن* - شواهد الأحوال* - الترجيحات
وعند تساوي الترجيحات ، يُصار إلى* القسمة بالتساوى أو بالقرعة عند تعذر القسمة .
🔶️ ️ أنواع الأحكام الكلية العادلة :

🔸️إلغاء المعاملات* الظالمة كأنواع الغرر والحيف والانحياز مع أحد المتعاملين بغير حق
🔸أعتبار ️التراضي وبذل المال* عن طيب نفس ، أصلاً في عقود المعاوضات والتبرعات ،* للتعامل مع المعاهد والمسلم
🔸️لا ضرر ولا ضرار* بغير الحق في كل* تعامل وجوار* واتصال
🔸️الوفاء بحق العمل من العمال ، والوفاء بحق الأجرة للعمال من رب العمل
🔸️وجوب الوفاء بالعقود والشروط مما تم اشتراطه بين المتعاقدين* مالم يكن شرطا يحل حراما أو يحرم حلالا* فهو هدر .
🔸️النيات والمقاصد معتبرة في أبواب المعاملات والأعمال كما هي معتبرة في باب العبادات
🔸️كل العقود ، اللازمة والجائزة ، كعقود المعاوضة ووالتبرع* والفسوخ ، تنعقد بدلالة* الألفاظ التى تعارف عليها المتعاقدين
🔸️الضمان والعوض لما أتلفه الظالم ،كالغاصب* ونحوه ، سواء بتفريط منه أو بغيرتفريط ، ولا ضمان على الأمين إن أتلف شيء مالم يفرط أو يتعد
🔸️المشكوك فيه في العبادات والمعاملات يرجع فيه إلى اليقين ، فا الأصل مقبول* ومن ادعى خلافه فعليه البينة ، والأصل براءة الذمة ، فعقود المسلمين
صحيحة حتى نعرف دخول ما أفسدها .
🔸️لا تكتمل ولاتتم الأحكام فروعا وأصولا ويحصل مقتضاها ، إلا باستيفاء جميع شروطها وأركانها مع انتفاء الموانع والمفسدات
🔸️المماثلة في المتلفات والمضمونات إن أمكن بمثلها وإلا بقيمتها أن تعذر
وكذا في الأعمال
🔸️وجوب العدل بين الأولاد والزوجات* ،
🔸️️ من أحكامه الكلية
وجوب العدل بين ذوي الحقوق الذي لاتمايز بينهم ، مثل قسمة المال بين الغرماء والعول الداخل على أهل الفروض بالسوية وكاشتراك الملاك في الزيادة* والنقصان على قدر أملاكهم

🔸️ إثبات الخيار* في كل عقد ظهر في العوض المعين أو المعوض عيب ينقصه، ومتى تعذر الرد ، تعيّن الإرش وإسقاط النقص

🔸️جعل المجهول كالمعدوم
ويندرج تحت هذا الأصل الأموال المجهولة الملك
فيتصدق بها عن ملاكها* أو تبذل في المصالح* نيابة عنهم
ويندرج تحتها تملك اللقطة* ، وأن توضع تركة من لاوارث له في بيت مال المسلمين.

🔸️️* الرجوع للعرف إذا تعذر*التعيين* شرعا ولفظا ، كمثل الرجوع للعرف والعادة في نفقة الزوجات والأقارب والأجراء، والقبض والحرز ونحوها كثير
🔸️أن الأصل في العبادات الحظر* والأصل في المعاملات والاستعمالات الإباحة
🔸️الحث على الصلح والإصلاح بين ذوي الحقوق ، بتفاصيل وأحكام فيها من الخير المترتب والفوائد مالا عد له ولاحصر
🔸️اعتبار العدالة في الشهود ، وإسقاط شهادة الكاذب والقاذف قبل التوبة
والتثبت في خبر الفاسق والمجهول
🔸️السابق إلي المباح له الحق ، كمثل السبق إلى الجلوس في المساجد* واستخراج المعادن من البحار وغيره قياسا
🔸️الأمناء* تقبل أقوالهم على ما في أيديهم ، مما لهم عليه ولاية* مباشرة أو من طريق الوكالة* والوصية* والنظارة* وغيرها ،* وهذا لا يعفيهم شرعا من المحاسبة* والمتابعة للتفاصيل* المتعلقة بتوليهم هذه الأمانات والولايات
🔸️الواجب* يسقط* بالعجز التام ، وما قدر منه من الواجب* وجب عليه* ويسقط ماهو عاجز عنه ، وهذه قاعدة في العبادات والحقوق
🔸️الضرورة تبيح المحظورة* وتقدر بقدرها
🔸️إقامة البدل مقام مبدله في أحكام العبادات والمعاملات* والحقوق* وغيرها ومنها أن النماء تابع للأصل
🔸️ ما وجب من أمر على المرء أجبر عليه بحق ، والمرء لايضمن ما أتلفه دفعا للأذى* ويضمنه إن أتلفه انتفاعا🔸️🔸️
🔸️اعتبار الاستثتناءات والقيود والأوصاف الملحقة بالألفاظ وهي مقيدة للكلام
بشرط الاتصال لفظا أو حكما
🔸️الشركاء في المنافع والأملاك ملزمون جميعهم بتحصيل المنافع الضرورية ودفع المضار
🔸️المباشر لإتلاف الأموال أو المتسبب في ذلك ضامن متى تعمد* ،و إن كان ناسيا أو جاهلا
🔸️من أذى الدين الواجب عن غيره ناويا الرجوع ، رجع ولو لم يأذن له في ذلك
🔸️وصف مافي يد الغير* ، بينة متى لم يدعيه هذا الغير* لنفسه
🔸️من تعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه
🔸️عند تزاحم المصالح قدم الأهم والأعلى ، وعند تزاحم المفاسد* أرتكب أخفها مفسدة
🔸️إطلاق التشريك في الوصايا والهبات* والإقرارات ، وإيقاع العقود* والفسوخ* وغير ذلك* يقتضي المساوة ،* والمفاضلةبينهم تكون بدلالة الدليل
وخير ما تختم به هذه القواعد الشرعية* العظيمة :
أن الشريعة وضعت لتحصيل* المصالح وتكميلها* ، وتقليل المفاسد وتعطيلها
*فلا مزيد على شريعة السماء* ولا سواء* بينها وبين أحكام العقول

🔸️الفوائد
* أعدل الشرائع وأحكمها ما أنزلها الله وقررها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم* ، تقطع مادة الشر* ، وتسد ذرائعه وتحول دون وخيم عواقبه.

* القواعد الكلية الكبرى* تفرعت عنها قواعد وتفصيلات كلها تصبّ في تحصيل المصالح وتكمليها وتقليل المفاسد* وتعطيلها

* المعاملات* بأنواعها* بداية من التعامل المالي ، أُقصي عنها كل صور الظلم والمرباة والغش والغرر لسلامة الحقوق* وسلامة الصدور

* التأكيد على( اعتبار) النية في التعاملات كما هي معتبرة في العبادات لأن المجتمع المسلم قائم في الأصل على الإيمان بالله و مراعاة المقاصد .

* قيم العدل و القيام بالواجب* ، ومراعاة الحقوق ، هي أصل في التعامل بالشراكة في الاموال والأعمال ، في البيوت والقسط بين الزوجات والأبناء* في الضمانات* والكفالات ،* وفي ، وفي ،،، وغيرها

* المنع في العبادات* لحفظ الدين* من البدع والمحدثات* ، والإباحة في المعاملات والاستعمالات* للتسهيل على العباد وتيسير العيش بينهم .

* الضرورة تبيح المحضورة ، ارتكاب أخف المفاسد ، لاضرر ولاضرار، صور من كمال الشريعة واستثناءات لرفع الحرج ودرء* المفسدة وتقريب الأصل



⚪ قصة* إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم

🔸️في كتاب ربنا* تكرر ذكر الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فهو محل الإسوة والقدوة على وجه الخصوص ، وإن كان الأنبياء جميعهم لنا في سيرهم ونهجهم أسوة واتباع* ،* فالحنفية والملة القويمة تنسب إليه:
{ ملة إبراهيم حنيفا} .

🔸️مزايا الخليل عليه السلام* وجميل صفاته
ألهمه الله رشده وآتاه الحكمة* صغيرا* واستدل بالملكوت في السماوات والأرض على ألوهية الله* وأحقيته سبحانه بالتوحيد ، فاستكمل يقينه وعظُم علمه وإيمانه .

🔸️القوم الذين بُعث فيهم
كان قومه يتعبدون الشمس والقمر من دون الله* على نهج الصابئة وفلسفتهم
طريقة خبثث جذورها وأظلمت* فروعها .

🔸️مناظرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه
🔸️أصل المناظرة وأسها:
هي تخالف صورا من المحاجّة والبرهنة في كونها تُبنى على غير اعتقاد المناظر ، ليقيم عليه حجته ويصل إلى هدمها فيتغلب على الخصم .

🔸️أسلوبه في مناظرة قومه
دعاهم بضروب* شتى من الدعوة* ، حتى* ناظرهم بعقلانية* من صميم معتقدهم في السيارات السبع التى يعبدونها وبنوالها الهياكل
ناظرهم : أن افسحوا* للنظر والعقل في آلهتكم هذه* ،هل هي للعبادة أهل ؟
بعد أن أهوى إلى آلاهتهم تحطيما* وتكسيرا* وأبقى على كبيرها قائما
وكانوا سألوه في فزع : { أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ }
فأجابهم مقررا* محاجا لهم :** { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}
وتدرج معهم* وهو يستعرض الكواكب والشمس* ، ويقرر قائلا : { هذا ربي}
وهو إنما يلزمهم الحجة على بطلان هذه الدعاوي ، فلم غابت الشمس وأفلت وهي أكبر وأجلى* أعلن في قوة وحزم :
{ لا أحب الآفلين} فما هذا الإله الذي* يوجد ويغيب !
ثم يقول* في صورة تقلد موقفهم وتعيش حالهم بعد الحيرة :
{ لئن لم يهدني ربي* لأكونن من القوم الضالين }
عندها يعلن في قوة الذي ألزم* الحجة وصرع الخصم :
{ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ - أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}

🔸️خطاب الخرافة* في مقابل حجاج العقل
لما* خاطبهم بمنطق عقلي لايرده الإ من أزرى بعقله وأبعده ،* وأن من خلق هذه الأنجم والأفلاك* المدبرات أحق أن يُعبد ويُوحد ،* قابلوه بوعيد الخرافة وتخويفه أن تناله الآلهة( المحطمة )* بسوء وانتقام

🔸️ حقيقة الإمن والخوف
قررت الآيات في إجابة على السؤال :* {فأي الفريقين أحق بالأمن ؟ }
أن أهل الإيمان* والتوحيد أولى بالأمن وهم أهل الهداية
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } أي: بشرك {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}
🔸️بقاء قوم إبراهيم على الباطل بعد تبيين حجج الحق وظهوره
بعد أن هُزم باطلهم وسقطت* مبانيه ، فهاهو يدعوهم عموما وخصوصا حتى* دعى والده في ترفق ولين وأدب جمّ* :
{ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا - يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ}
فيرد الوالد المكابر :
{ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا }
فيختم معه قضية الدعوة في بنوة عالية الأدب مشفقة :
{ سلامٌ عليك }
وطال جداله ودعوته لقومه حتى أجمعوا أمرهم على التنكيل به بعد أن حطم آلهتهم وترك كبيرها ليقول لهم في توبيخ صريح لا لبس فيه ، أن كبيرهم الباقي هو من اقترف هذا الجرم ، فأسلوه ؟ فتحرك الحق برهة في نفوسهم :
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ}

🔸️كيدهم لإبراهيم خليل الله
ولكن باطلهم وقد تمكن من قلوبهم واستوطنها ، سرعان ما عاودهم فقالوا في عناد وغرور : { حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين }
فقال الخليل* ، كلمة الافتقار والتوكل* : حسبي الله ونعم الوكيل
فقال الله للنار آمرا :* { يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}

🔸️إبراهيم عليه السلام والملك
ولا تقف معركة الحق والباطل ، فهاهو الخليل* يُحاجّ الملك :
{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

🔸️إبراهيم مهاجرا بدينه
ويهاجر إبراهيم من بلد ه ومعه زوجه سارة* وابن أخيه لوط إلى بلاد الشام
ومنها يذهب إلى مصر ، فيرى جبار مصر وملكها جمال* سارة التى استكملت الحسن* ، فيريدها عن نفسها ، فتدعو عليه مرتين بعد ان تمتد يده بالسوء* وتبوء بالشلل والخذلان ، فيطْلِقها
ويخدمها هاجرالقبطية،** هدية* ، فتهبها سارة
لزوجها إبراهيم لعله يرزق منها الولد بعد عُقر سارة منذ الشباب

🔸️أم إسماعيل
ولدت هاجر إسماعيل على كبر إبراهيم ، أدركت سارة الغيرة لمّا عاينت فرحة إبراهيم الكبرى بقدومه ، خرج بهاجر* إلى بلد الله الحرام بعد أن أقسمت أن لا تجاورها وكان الوقت أزف لهذا ، بوادي غير ذي زرع وضعها بمكة وزودهما* بسقاء فيه ماء وجراب تمر وأولهما ظهره منصرفا ، فلما كان بالثنية دعا الله ربه:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يشكرون}

🔸️قصة زمزم
نفذ التمر والماء وعضّ العطش هاجر ورضيعها إسماعيل ، فجعلت تصعد الصفا وتنظر لعل من مغيث ثم تصعد المروة وتشرف منه لعلها ترى أحدا ، حتى صارت سبع مرات* وهي في كرب تستغيث بربها ، حتى حث* المَلكُ *الموضع فنبعت زمزم ، فقرت عينا بها* وما لبثت أن نزل عندها قبيلة جرهم العربية* فأنست بهم وتمت لها النعمة .

🔸️شمائل إسماعيل وصفيّ أخلاقه
شبّ عليه السلام مكتمل الأخلاق بعيد الهمة ، فزوجوه جرهم حبا وكرامة ، حتى كان يوم وجاء إبراهيم الوالد في غيبة ابنه إسماعيل ، فسأل الزوجة عن زوجها وعن عيشها معه ؟ فأجابته إنه خرج يتصيد وأنهم في شدة من العيش* وشطف ، فأوصاها قبل أن يغادر ، أن تقريءزوجها منه السلام وتقول له يغير عتبة داره
فأعلمته ، فقال لها : ذاك أبي ، وأنت العتبة ، وسرّحها و تزوج بغيرها ، ثم في المرة الثانية لمجيء إبراهيم ، كرر نفس السؤال على زوجه ، فأجابت إجابة الشاكر الذي يحمد النعمة ، حينها أوصاها إبراهيم أن تقرأه السلام وأن يثبت عتبة بيته .

🔸️لقاء الخليل بابنه إسماعيل بعد غياب طال
في هذا اللقاء* ، أعلم إبراهيم ابنه أنه أُمر ببناء البيت* ، معبدا ومثابة للعباد حتى يوم القيامة ، فأخذا في رفع قواعده* ضارعين قائلين :
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
فأذن الخليل للناس بالحج ، فجاؤا من كل مصر وفجّ .

🔸️الابتلاء العظيم
ماكان ليكون خليل الرحمن حتى يمتحن في خلته ، فأُمر مناما أن يذبح* إسماعيل ، قال لابنه :
{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }
فكان عاقبة الصبر والتسليم والرضا واليقين :
{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ - وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }
كان ابتلاء فصار سنة وعبادة وقربى يتقرب بها العباد لله* تعالى .

🔸️البشارة باسحاق عليه السلام
بشرت الملائكة إبراهيم باسحاق ومن ورائه يعقوب ، جبرا ورحمة* لسارة* بعد عقم وكبر ، وقد أضافهم بعجل مشوي* ، فلما تأخروا عن أكله ، قال :
{ ألا تأكلون }
{ قالوا لاتخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط }
فتمت للخليل النعمة ، فأثنى على ربه قائلا :
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}
وتم له الثناء الجميل في الأولين والآخرين :
{ سَلامٌ على إبراهيم }

🔸️الفوائد
* اتباع الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام* في التوحيد ووالأخلاق والعقائد* من صميم الملة والدين :
{ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم }

* فضائله* وكراماته عليه الصلاة والسلام ، عظيمة* جليلة ، فهو خليل الرحمن وأخرج الله من صلبه أكرم الأمم وأفضلها ، العرب وبنو إسرائيل ، وهو من بنى بيت الله في الأرض ورزق الذرية على كبر* وجعل له ربه ذكرا ومحبة في قلوب* الخلق .وأثنى عليه ربه أنه أفضى إليه بقلب سليم .

* همته وتوقه العظيم عليه الصلاة والسلام لنيل أعلى العلم وغايته وذلك لمعرفته بمنزلة العلم وفضله وأنه سبيل لنيل أرفع الدرجات
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}

* لا قدوة ولا أسوة الإ في رشاد وسداد :
{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} فهذا لا اتباع فيه ،بل براءة من كل مشرك .

*إنما الأعمال بالنيات - حتى وإن نالها النقص* ،* متى كان القصد مرضيا والقلوب عازمة :
{ قد صدقت الرؤيا }

* كل المناسك ، تُذكِر بهذا النبي الكريم وأهل بيته ، عليهم الصلاة والسلام ، بيت إيمان وطاعة وانقياد* :
{ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }
* أصدق* الوصايا وأنفعها* تأتي من الوالدين ، لأنهم أرحم الخلق بالأبناء

* سنّ هذا النبي الكريم ، ضيافة الضيف* وإكرامه ، وراعى أدق التفاصيل وأصغرها لمزيد العناية بضيوفه و كرامتهم .

* طهارة بيوت الله* واجب* متحتم من نجاسة الحس والمعنى :
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}

* أولياء الله ، أقرب الناس لكرامته وعطائه ، وعظيم فضله ، كيف بُشرت سارة* العجوز العقيم* بإسحاق ويعقوب* تراهما* وتشهدهما في حياتها .
{إنا كذلك نجزي المحسنين}



⚪ قصة يونس عليه السلام

🔹️* نبي الله يونس عليه السلام
من عظماء أنبياء بني إسرائيل وكبرائهم .

🔹️ مبعثه
بُعث عليه السلام* إلى أهل نينوى من أرض الموصل .

🔹️خروجه مغاضبا قومه
لما دعاهم* وكرر وأعاد فأبوا إلا* رداً وكفراً ، أوعدهم العذاب وفارقهم مغاضبا لهم ، ضيق الصدر* ، لم يستوفي معهم مزيد* الصبر :
{ وذا النون إذ ذهب مغاضبا }
🔹️أوبة القوم وتوبتهم
طالع القوم مقدمات العذاب التى* أوعدهم نبيهم وحذرهم وقوعه بهم ، فتابوا
وأنابوا فرُفع عنهم العذاب .

🔹 ركوبه عليه السلام في الفلك المشحون
قال تعالى : { إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ }
وقعت القرعة على نبي الله يونس وآخرين* ليُلقى بهم في البحر بعد أن شارفت السفينة على الغرق* وصار* التخفيف من الراكبين هو ️الخيار الأولى لينجو الباقين :** { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} *

🔹️بطن الحوت قرارا لنبي الله يونس عليه السلام
ما إن أُلقي به في البحر حتى ابتلعه الحوت* دونما أذى أو ضرر ناله ، وفي الظلمات* كان يسبح ضارعا :
{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }
ألقاه الحوت بالعراء بأمر كما ابتلعه بأمر ، وتوالت عليه لطائف الله ، فشجرة اليقطين أنبتت فأظلته بعد أن صار كفرخ ضعيف اشتد وهنه .

🔹️ إيمان قوم يونس عليه السلام
لما عادت له عافيته واشتد قوةً* ، أُمر بالعودة إلى قومه ودعوتهم مجددا ،* فاستجاب له* ، مائة ألف أو يزيدون .

🔶 ️الفوائد
* ️المصائب والمكاره كفارات ، مكث نبي الله يونس في بطن الحوت ، ليعجل الله له الكفارة* ،* كرامة له ولطفا .

* ️القواعد الكلية وما يتفرع عنها من فروع* لتنظيم حياة العباد ، يسر الشريعة* وحكمة التشريع ، القرعة في قصة يونس عليه السلام وارتكاب أخف الضررين.

* لما كان يونس عليه السلام من الذاكرين الطائعين في السعة والرخاء ، كشف الله عنه في الضراء : {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ - لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
وكذا الإيمان ينجي* ويقي من العظائم والنوازال:
*{وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} .

* تسبيحته عليه السلام واستغفاره : {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
امتد خيرها لكل مكروب مضطر ، كما بشر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام

⚪ قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام

أفردت قصة* النبي الكريم يوسف وصبر أبيه نبي الله يعقوب بسورةكاملة هي سورة (يوسف)* امتلأت عبرة وحكمة ، وكأنها تحكي قصة الدنيا وكيف تدور بأهلها ، إن كانوا سعداء بالإيمان أو أشقياء بالكفرا :
{ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ }

🔸️رؤيا يوسف الصبي
رأى عليه السلام احد عشرا كوكبا* والشمس والقمر له ساجدين* ، استمع له أبوه يعقوب وأوصاه ألايخبر بها أخوته ، حذرا وتحرزا ، ولكن القدر المقدور ، يجري بما جرت به الأقلام .
{ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا }

🔸️كيد أخوة يوسف له
يُخرجوه معهم إلى البرية ليلعب !** ويلقوه في الجبّ لأمر دبرّوه* ، ثم يبكونه عند أبيهم فقد أكله الذئب !
{ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ }

🔸️يوسف في بيت العزيز
يُباع هذا الحر الكريم ويشتريه عزيز مصر* ويعيش في كنفه
يبلغ سن الرجال فيَكمُل حسنا وعقلا فتهواه امرأة* العزيز .

🔸️ولاية الله ليوسف
ترواده السيدة عن نفسه فيعصمه ربه
{ لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ }
فتكيد له بالسجن بضع سنين رغم قرائن البراءة البينة .
{ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ }
وتنادى النساء المنكرات عليها ليعذرّنها :
{ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَـًٔا وَءَاتَتْ كُلَّ وَٰحِدَةٍۢ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُۥٓ أَكْبَرْنَهُۥ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَآ إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ }

🔸️نبي الله يوسف في السجن
شرف النبوة وأمانة التبيلغ ، كانت دأب نبي الله يوسف عليه السلام في السجن
ويرى الملك الرؤيا ويُرسل رفيق يوسف ليعلم تأويلها منه ، فيجيبه جوابا تاما بلا عتاب ولا لوم بعد أن أوصاه قبل سنين :
{اذكرني عند ربك }
بل يُمحض لهم النصح ويدبر لهم أمر تلك السنين العجاف والمخصبات
{ ثمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }*

🔸️براءة نبي الله يوسف عليه السلام
لا يتعجل الخروج من السجن الطويل* ،حتى ينظر الملك في مظلمته ، عندها تُقرّ امرأة العزيز :
{ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }

🔸️التمكين ليوسف عليه السلام
يُقرب الملك يوسف الناصح الحصيف ، ويجعله على خزائن الأرض فهو لها أهل
{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }*

🔸️قدوم أخوة يوسف عليه السلام
لما قل الخصب ، وصارت مصر موئلا* للقاصدين لوفرة الخير فيها ، جاء أخوة يوسف ، مرة أولى و ثانية برفقتهم أخوهم بنيامين ، بعد أن أعطوا أبيهم العهود والمواثيق لحفظه ، بعد أن قال لهم :
{ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}

🔸️المحنة الثانية لنبي الله يعقوب عليه السلام
يخبر الأخوة العائدين من مصر* أن العزيز أخذ أخاهم بعد أن سرق ، ينكر هذا
ويقول : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا [يوسف}
يشتد الحزن في القلب وتبيض العين من الحزن ، فيصبر نفسه ضارعا:
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}

🔸️عاقبة الصبر الجميل

تتتالى الأحداث* وينبلج فجر الفرج والتيسير ، ويلتقي نبي الله يوسف بأبيه النبي يعقوب عليهما السلام* ويأتي أوان تحقق الرؤيا وتأويلها ، فيحمد الله يوسف في شكر وامتنان لربه المدبر الرحيم الكريم :
{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ }

🔶️ الفوائد
* دلالة الشمس والقمر والكواكب في رؤيا يوسف عليه السلام على الأنبياء والعلماء والصلحاء وأنهم* يُهتدى بهم وتزدان بهم الأرض ،كم يُهتدى بأنوار السماء في الظلم على مالها من منظر بهيّ وزينة ظاهرة .

* اعتبار تأويل الرؤى علم وأنه من منة الله واجتبائه للعبد .

* قصة نبي الله يوسف عليه السلام في القرآن من أدلة نبوة الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد جاءت مصدّقة لما في الكتب تناولت حتى التفاصيل.

* التحرز والأخذ بالأسباب لاتقاء الشر ما أمكن.

* لابأس بالنصح أحيانا للمرء بما يحزنه أو يكشف له حال من يتعامل معهم ، ليكون على حذر وحيطة .

* جعل الله من سننه في الكون ، أن الغايات والمعالي ، لا يُتوصل إليها إلا بعد* مكابدة ومصابرة .

* بالعدل في كل أمور الحياة وفي التعامل والعلاقات يمضي العيش هينا لا ظلم فيه ولا بخس .

* المعاصي قد تبدأ صغيرة ، ثم لشؤمها تتعاظم وتكبر ، وكذا الطاعات مباركة والحسنة تجر أختها .

*التوبة النصوح تّجُبّ ما قبلها ، مهما كانت الخطيئة .

* العاقبة والخاتمة هي مدار العمر كله ، تأمل خاتمة أخوة يوسف عليه السلام وكيف عفا عنهم،* وتأمل وصفهم في الرؤيا أنهم كواكب نيرة ، يُهتدى بها .

* التزام الشرع في التعامل مع النساء الأجنبيات ، يُبعد الجميع عن الفتن .

** وجود دواعي المعصية* ،ومكابدة هجرانها ، دليل على صدق الإيمان ، وقربى وزلفى* للرحمن .

* أهل الإيمان والإخلاص ، يدفع الله عنهم وهم في ولايته وحفظه .

* يهرب المؤمن من أزمنة الفتنة وأمكنتها* جهده.

* الدعوة إلى الله وتوحيده ، في كل حال ، ديدن المؤمن وقضية عمره .

* قيمة العلوم وكيف ترفع صاحبها.

* علم التعبير داخل في الفتوى ، فلا يتقحّمه الإ عالم به .

* إن كانت النية صالحة ، والحالة تستدعي ، يُصرّح الصالح بما لديه من خير
لتقلد الأعمال والمهام .

* لاشيء يعدل ثواب الآخرة وعلو مقاماتها ، لاقياس مع حظوظ الدنيا ونيل طيّب لذاتها .

* الضيافة من سنن المرسلين عليهم السلام .

* الفقه في الأحكام والأخذ بالقرائن* وغيرها* ، من سعة الشريعة وعدلها .

* جواز التحيّل بالحيل والمكايد* للوصول للحقوق الواجبة .

* تكون البلايا والمصائب* لأهل التقوى ، رفعا لدرجاتهم وعلو منازلهم في الآخرة.

* يشتكي العبد ما يجد بغير تسخط وجزع* ، ولا يخرج عن حد الكلام وشرح الحال .

* لطف الله بعباده جلى وخفي ، نراه ولا نعلمه في أحايين كثيرة :
{ إن ربي لطيف لما يشاء }

⚪ قصة خاتم النبيين وإمام المرسلين** * محمد عليه الصلاة والسلام *

🔸️ قبل البعثة
عاش عليه الصلاة والسلام في الجاهلية وبين ظهراني المشركين ، لكنه لكماله ظاهرا وباطنا* تنزه عن شركهم فأبغض الأوثان ، وتعالى عن كل ما يشين من قول أو عمل بفطرة سليمة حاضرة لتكون أهلا لتنزل الحق* ، فكان من تجافيه عن هذه البيئة* وقوة رغبته في الخلوة بربه ، يتحنث في غراء* حراء* أياما وأياما ، فإذا خالط الناس كان أحسنهم عشرة وخلقا .

🔸️إرهاصات النبوة
تقدمت بعتثه عليه الصلاة* السلام ، علامة* وإشارة ، انه كان لا يرى رؤيا الإ وتكون حقا كفلق الصبح.

🔸️أول البعثة (النبوة)
في الأربعين من عمره وقد أكتمل عقلا ورشدا ، ظهر له جبريل عليه السلام فارتعد لرؤياه وهاله منظره ، فقال له : اقرأ ، ثلاثا* وهو يجيبه : ما أنا بقاريء
فغطه ، مرتين أو ثلاث ، ليتهيأ للأمر العظيم من تنزل* الوحي وثقل الرسالة
فقرأ الملك :
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }
فكانت بداية النبوة .

🔸️خديجة رضي الله عنها - الزوجة والعون
رجع صلى الله عليه وسلم* إلى زوجه *خديجة * في حالة كبيرة من الخوف* والفرق وقصّ عليها الخبر
فبشرته وأسكنت روعه* وذكرته بجميل صفاته وكريم عطاياه وأن الله تعالى
لا يخزي من كان مثله أبدا .

🔸️الرسالة والتبيلغ
- فتر الوحي ، ليحصل* الارتباط به والشوق إليه ويزاداد جلالا في قلب النبي وروعه ، ثم يجيء الملك ، فيهوله مراءه وصورته* ويعود إلى كنف الزوجة الحصيفة* ،يرتعد قائلا : دثروني ، فينزل الوحي إيذانا بالتبليغ والتكليف:
{ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}

🔸️بداية الدعوة
يتصدى عليه الصلاة والسلام لمهام الدعوة بكليته ويجعلها غاية وجوده
لأنه سيعادي بهذا الحق القريب والبعيد ، ويتلبث الوحي زمنا لا يتنزل ، ويشمت أهل الكفر قائلين : أن رب محمد قلاه ، فينزل الوحي مؤيدا* ومبشرا:
{ وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى }

🔸️كفر الجحود والتكذيب
اتخذوا قرارهم برد الحق ومعاداته ، لم يسمعوا ولم يعطوا أنفسهم فرصتها لتفهم وتنظر ، فطبع على القلوب* وصًمت الآذان* وعميت الأبصار عن معاينة الحق
على الرغم من أن النبي المرسل* كان معهم أخاً مترفقا بهم ، يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتي هي أحسن . وكان الوحي يتنزل* منجما ، ليتابع الواقائع و يجيب عن الأسئلة* ويقارع الباطل اللجوج :
{ كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا }

🔶️ أحوال أهل الكفر مع النبي عليه الصلاة والسلام 🔶️

1-🔸️التهم والأوصاف التى ألصقت بنبي الدعوة عليه السلام
كماهي عادة الجهلاء والطغاة إذا ردوا الحق ، شوهوه وبهتوه ، فقد قالوا عن نبي التوحيد انه ساحر وكاهن وانه شاعرولو كان نبي لتنزلت عليه الملائكة نهارا ولأغناه ربه عن السعي للرزق ، وتمادوا فقالوا : أما قرآنه الذي يتلوه ماهو إلا سحر يؤثر وإنه من* أساطير الاولين يتحفظه.

2-🔸️ طلبهم المهادنة في آلهتهم
وماذاك إلا لتمام علمهم بنقصها ، ولايخفى عليهم عيبها ، فإذا تركها تركوه
قال تعالى :
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}

3- 🔸️ اقتراح الآيات والمعجزات
فيتعجلون العذاب* أو أن تنزاح عنهم جبال مكة الصلدة او أن تجري الأنهار من تحتهم ، فينزل الوحي مسفهاً لقولهم ،مُبيناً أن الآيات تترى مصدقات* لخبر النبي ووحي السماء ، لكل قلب يعقل وبصيرة تعي، وأنها لا تأتي* رحمة بهم لئلا يُهلكوا بعذاب عاجل ، وان الرسل مبلغين ومنذرين والأمر كله لله .
وصل بهم الأمر أن تعجبوا واعترضوا أن النبي لم يكن :
{ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم)
فنزلت الآيات:
{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ*}

🔸️نبي الرحمة
كان عليه الصلاة والسلام تام الرحمة كبير الشفقة ، محبا صادقا مع المؤمنين
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }

🔸️تشريفه عليه الصلاة والسلام بالإسراء والمعراج
- أٌ سري به صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى تكريما له وليحضى بعظيم الآيات .

🔸️عماد الدين (الصلاة)
لا أدل على علو منزلتها في الدين والإيمان من أنها فُرضت ، من رب العزة
* * سبحانه * دون واسطة الملك ، هناك فوق السموات السبع
وينزل جبريل عليه السلام ليضع قواعد ومعالم هذا الركن الركين في الإسلام على مدى يومين متتالين .

🔸️الإسلام يشرق في أرجاء المدينة
جاور اليهود الأوس والخزرج في بلدهم لانتظارهم لنبي يُبعث سمّوا لهم صفته ووصفه ، فبايع نفر من الأوس والخزج رسول الله في مكة سرا لأن صفة النبي المنتظر التى أخبرتهم اليهود ،* طابقت وصفه وسمته . صلى الله عليه وسلم

🔸️الهجرة إلى الحبشة
هاجر عدد من المؤمنين إلى الحبشة بإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمَا لاقوا من المشركين من النكال الشديد والأذى.

🔸️الهجرة إلى المدينة
لما فشى الإسلام في أهل المدينة تحولت هجرة المؤمنين إليها بدلا من الحبشة
فهال هذا الأمر أهل مكة وتواطؤ على مكيدة لقتله عليه الصلاة والسلام ،فخاب كيدهم واندحر .

🔸️نبي وصدّيق في الغار
في الليلة التى تملاؤا فيها على القتل ، جاء الوحي بالهجرة والخروج من مكة
فخرج عليه الصلاة والسلام برفقة أبي بكر واستخفوا من الرصد والعيون في غار بجبل ، بعد أن غُصّ الجبل بعددهم مطاردين لهم* ، حتى قال الصدّيق : يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا. فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ وأنزل الله تعالى :
{ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

🔸️الأذن بقتال الكفار
قال تعالى :
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }
في السنة الثانية للهجرة* جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم* يرسل السرايا لنشر دعوة التوحيد .

🔸️فرض الزكاة والصيام
كان فرض الصلاة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات ،ثم فرضت الزكاة والصيام في السنة الثانية للهجرة.

🔸️وقعة بدر
خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم في نحو ثلاثمائة وسبعين ،* يتصيدون تجارة كبيرة لقريش قادمة من الشام وكانوا ألف مقاتل* في عدة وخيل ، فنصر الله جنده وقُتلت صناديد الكفر وساداتهم ، عدا من أُ سر منهم .

🔸️ظهور فئة المنافقين
هذه الفئة اسْتَخْفت بالإسلام الظاهر عن النفاق والكفر الذي تعتنقه ، بعد النصر الكبير في *بدر* خوفا وكيدا ،* فلم ينزل الوحي يُحدِث عن هذه الفئة الإ بعد غزوة بدر الكبرى .

🔸️ غزوة أحد
زحف جيش المشركين بأعداد كبيرة حتى أطراف المدينة والتقوا مع أهل الإيمان يقودهم خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام ، وكان النصر لحزب الله وجنده ،حتى خالف الرماة وتعجلوا النزول من الجبل ، فاستشهد جمّ غفير من المسلمين ، وتنزلت في سورة* آل عمران * تفاصيل وعبر* من هذه الغزوة .

🔸️غزوة الخندق
تمالآ أهل الشرك من الحجاز ونجد مع اليهود من بني قريظة ، على غزو المدينة وتكاثروا حتى بلغوا قرابة عشرة آلاف مقاتل ، فخندق المسلمون على المدينة
وأحاطوا بالمدينة كما وصفتهم الآيات :
{ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } [الأحزاب
فخيّب الله سعيهم وردهم منهزمين بأسباب من عنده فهو العزيز الغالب :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَ ا}
ثم التفت رسول الله إلى أهل الغدر من بني قريظة فحاصرهم ، وحكم فيهم سعد بن معاذ أن تقتل مقاتلتهم* وتسبى ذراريهم ، ونزلت الآيات :
{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }

🔸️عمرة الحديبية
صدّ المشركين من اهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه لمّا أقبلوا معتمرين يؤمون البيت ، وفي الحديبية تصالح معهم على عهود حقنا للدماء ، في بيت الله الحرام ، فرجع عليه السلام وغالب المسلمين كرهوا هذه العودة* ، ثم كانت *عمرة القضاء * في العام المقبل،* في سنة سبع من الهجرة
وتنزلت الآيات :
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }
وأتاح هذا الصلح انتشار دعوة التوحيد ودخول الكثرين في الإسلام .

🔸️ قصة غدر بني النظير
ألفوا الخيانة واستمرأوها ، فهذا فريق آخر من يهود يَهمُّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ثم غزاهم وتحصنوا منه بالحصون بعد ان وعدهم حلفاؤهم من أهل النفاق بالنصرة والحماية،فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لهم ما تحمل الإبل والأرض والعقار للمسلمين ، وتنزلت الآيات :
{ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ }

🔸️ فتح مكة
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا ومعه نحو عشرة آلاف من المسلمين ، وأعقبها بغزوحنين وثقيف ، فتمّ النصر وعمّت دعوة الحق .

🔸️ غزوة تبوك
حشد عليه الصلاة والسلام لغزوة تبوك جمع المسلمين حتى لم يتخلف عنها إلا المنافقين وثلاثة ممن لا يُشك في صلاحهم وهم كعب بن مالك وصاحباه ، فرجع عليه الصلاة والسلام بعد عشرين يوما* ،دون ملاقاة للعدو* ، فكانت أشد ماتكون غزوة* في قيظ وعسر وكثرة في العدو ، وتنزلت الآيات :
{ *لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِىِّ وَٱلْمُهَٰجِرِينَ وَٱلْأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِنۢ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍۢ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُۥ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

🔸️ الركن الخامس من الإسلام* - الحج
يُفرض الحج في سنة تسع أو عشر* من الهجرة، ويحج الصديّق رضي الله عنه بالناس ، وقبلهاكانت الأحكام والتشريعات تتتابع نزولا بحسب الحاجة والحكمة .

🔸️ حجة النبي صلى الله عليه وسلم
حج عليه الصلاة والسلام* بالمسلمين سنة عشر* وتنادوا من كل حدب وصوب* ليشهدوا معه ويتعلموا منه المناسك قولا وفعلا ، تأسيا به ، وتنزلت الآيات عن هذا الركن العظيم ، ونزل يوم* عرفة* قوله عزّ من قائل :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

🔶️ الفوائد
* تبدأ من عهده صلى الله عليه وسلم* ،ثم لاتنتهي حتى يشهد آخر حي في الأرض ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فدعوته وسيرته معين لاينضب .

🔸️الأنبياء* صفوة الخلق ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية * نقاوة الخلق*
كمالهم البشري هذا ، منهج وسبيل هدى ومحل اقتداء.

🔸️كرامة الآدامي في عبوديته لربه ، كان عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق* لأنه كان أعبدهم لله تعالى .

🔸️الدعوة* منهجاً* وطريقةً و صبراً وثباتا ، كلها معالم* واضحة* متجليه في سيرته عليه الصلاة والسلام . لتكون نبراسا لكل داعٍ إلى الله.

🔸️ المرأة الاولى في الإسلام ، خديجة رضي الله عنها ، ودورها في أول الدعوة ورسالة واضحة لدور المسلمة في كل وقت لنصرة هذا* الدين الحق.

🔸️الصلاة ، الزكاة الصيام والحج ، كيف تدرجت الشرائع وكيف فُرضت يتبع بعضها بعضا ، لتتناسب مع سنيّ الدعوة الأولى، وسوق المدعوين إلى الدين رويدا رويدا . كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها :
( ولو نَزَلَ أوَّلَ شَيءٍ: لا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقالوا: لا نَدَعُ الخَمْرَ أبَدًا، ولو نَزَلَ: لا تَزْنُوا، لَقالوا: لا نَدَعُ الزِّنَا أبَدًا )
🔸️ كان لعظيم خلق النبي صلى الله عليه وسلم* وكريم شمائله ، أثر كبير في إقبال الناس على الدين ، كما قال تعالى :
{وإنك لعلى خلق عظيم}
{ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك }

*صلوات ربي وسلامه عليه دائما أبدا*


*

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 صفر 1444هـ/20-09-2022م, 06:56 PM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,051
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد مختار مشاهدة المشاركة
⚪* المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:

🔷️ 1. أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]

⚪ ️أحكام البيوع
🔹️أدلة مشروعية البيع
قال تعالى : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}
🔹️حكم البيوع
الأصل في البيوع* والتجارات والمعاملات* كلها الحل والجواز* والإطلاق
متى استوفت الشروط* والوثائق وسلمت من المحاذير الشرعية
🔹️أنواع التجارات
* تجارة الإدارة : وهي التى يديرها التجار بينهم ، هذا يأخذ العوض وهذا يعطي المعوض
* تجارة الديون* :* مثل السَلم* والبيع بأثمان مؤجلة و تجارة التربص وتجارة التصدير والتوريد وأنواع التجارات بين أفراد وشركاء🔹️

🔹️الحكمة في إباحة البيوع والتجارات
رحمة من الشارع الحكيم* بالعباد ، لقيام مصالحهم بها ولدفع الإضرار عنهم
🔹️ المحاذير المانعة* من صحة المعاملات
الربا - الغرر - الظلم
🔸️️أولا : الربا*** { وأحل الله البيع وحرّم الربا }
{ يمحق الله الربا ويربي الصدقات }
🔹️ أنواعه :
*ربا الفضل* - وهو بيع المكيل بالمكيل من جنسه متفاضلا وكذا بيع الموزون بالموزون من جنسه* متفاضلا* ، ويشترط لحليته ، التماثل* بين المبيعين* والقبض للعوضين قبل التفرق
* ربا النسيئة -* هو بيع المكيل بالمكيل إلى أجل أو غير قبض ، ولو من غير جنسه ، وبيع الموزون بالموزون إلى أجل* أو بلا قبض
*أشد ربا النسيئة : مضاعفة* الدين متى حل الأجل* ولم يقضِ المدين* وهو الذي قال تعالى في حرمته: { لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } لان الشريعة جاءت بإنظار المعسر* ، قال تعالى :
{ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة }
* ربا القرض الذي يجر نفعا -* لأن الأصل في القروض الإحسان والرفق بين العباد فمتى* دخلتها المعاوضة واشتراط المنفعة أوالمحاباة صارت من الربا
🔸️ثانيا : الغرر
كالميسر الذي حرمه الله في* كتابه ، ويراد* به ما كان في المعاملات* والمغالبات والبيوع القائمة على الغرر والمخاطرة* والجهالات هي أيضاً داخلة في الميسر** وما أجمع* الكلام النبوي وهو* يوجز* فيعمّ : ( نهى عن بيع الغرر )
🔸️ثالثا :* الظلم والغش والتدليس
بكل صوره ومن ذلك بخس المكاييل والموازين وبخس الحقوق أخذا وعطاء
والغصب والسرقة* ، لأنها كلها داخلة في حكم** قوله تعالى* :
{ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }

⚪ ️ كتابة الديون
🔹️ حكمها :* الندب والاستحباب ، عند جمهور العلماء* ، وتكون واجبا متى وجب حفظ المال وكان على دين مؤجل أو غير مقبوض
🔹️شروط الكتابة
* الإشهاد على الكتابة
* يكون الكاتب عدلا* عارفا بالكتابة
* لا يكتب الإ مايملى عليه من عليه الحق متى كان رشيدا* ووليه إن كان عاجزا
ضعيفا كالمجنون والصغير
* على صاحب الحق أن يقر بالحق كله بلا بخس

⚪ أحكام الإجارة
🔸️مشروعية الإجارة
قال عز من قائل : { إن خير من استأجرت القوي الأمين }
وقال تعالى : { اجعلني على خزائن
🔸️شروط الإجارة* وما في حكمها* كالأمانات والجعالات والولايات

* القوة على العمل وما يلزمه من كفاءة* وحفظ ودربة* وغيرها
* الأمانة شرط ثان عينته الآية الكريمة وخصته بعد الشرط الاول :
{ إن خير من استأجرت القوي الأمين }

🔷️* الفوائد* المستفادة من دارسة أحكام المعاملات المالية
🔸️* أولاً البيوع :
** هذه المعاملات المتنوعة الممتدة إباحة وسعة* ، بشروطها القريبة* ، لتسهل حياة العباد بها* ويتعايشون بها بلا عنت ولا مشقة.

** جاء تحريم الربا* سياجا منيعا ليحمي* اقتصاد الدولة* ومالية الناس* من تبعاته الماحقة الساحقة .
*أعلى الشارع الحكيم من شأن* البيع الصحيح والقرض الصحيح وغيرها من ضروب التعاملات الشرعية* والمكاسب الطيبة ، لتحل بركتها على الأفراد والمجتمع وتساهم في بث أخلاق الأمانة والصدق والتكافل فيجني الجميع ثمارها* وكريم عواقبها.

*ر سخ تحريم التدليس والغرر والظلم* وما في معناه من التعاملات* المالية والمكتسبة ، من معنى أن الأصل في العلاقة بين أهل الإسلام الأخوة والمحبة والتناصح .

🔸️️ثانياً : كتابة الدين :
جاءت آية الدين ، بأحكام واحترزات ، بلغت حد الكمال والإحكام ، منها:
* الإقرار سبيل عظيم لإثبات الحقوق
* التوجيه إلى حفظ* الحقوق بالإشهاد والكتابة والرهن في حال السفر
* التفصيل في كون الشهداء رجلان ، أو رجل وأمرتان* ومافيه من مصلحة وحكمة .
* لاشهادة إلا بيقين ثابت ، والناسي للشهادة تُقبل شهادته وتصح متى ذكرها .
* لا تُترك الشهادة في الأمور الهامة* ولابأس بتركها فيما يشق ويكثر التعامل به كالتجارات الحاضرة
* يُؤدي الكاتب والشهيد واجبهما كاملا ، وكذا لا يُبخسا حقهما ولا يضارا
* كل نعمة شكرها بأن يُطاع بها الله { ولا يأبى كاتب* أن يكتب كما علمه الله }
* شروط الكتابة* شُرعت لحفظ واعتماد* المكتوب والثقة فيه .
* وجوب الشهادة متى تعينت على مؤديها ، وكتمانه لها يدخله في الكبائر .
* شهادة الزور* بصورها المتعددة وكتمان الشهادة من كبائر الذنوب ،لما فيها من إضاعة الحق ونصرة للظلم .
* التأكيد على مشروعية الوثائق بالحقوق ، وهي : الشهادة والرهن والضمان والكفالة .
* إثبات الولاية للقاصرين كالمجنون والصغير والسفيه.
* التقوى سبيل يُمهد للعلم والتعلم** { واتقوا الله ويعلمكم الله }
* أهمية وضرورة تعلم العلوم الدنيوية* المتعلقة بالمعاملات فإن فيها حفظ أمور الدنيا والدين للعباد.
* الأمانة وما تقتضيه من الشكر للأمين والوفاء بحقه.
🔸️ثالثا : الإجارة
* اختيار الأمين القوي وتوخيّ هاتين الصفتين قدر الإمكان في الإجارات والأمانات والجعالات* مهما كانت كبيرة أو صغيرة
* القوة تعني الكفاءة والمقدرة* على العمل ، وبالأمانة يتحقق بذل الوسع في أداء الواجب
* اختيار الأمثل فالأمثل* والأقرب لهاتين الصفتين ، متى تعذر* حصولهما على وجه التمام .

🔶️2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
🔸️ ️حقيقة وجوهر الحكم بالحق والقسط بين الناس
قال تعالى :
{ وأن احكم بينهم بما أنزل الله }
{* لتحكم بين الناس بما أراك الله }***
- إذا الحكم* بالعدل والحق يعود في جوهره إلى الحكم بما أنزل الله* ، الذي هو ردّ الأحكام إلى الله ورسوله* لأنها أحكم الشرائع وأحسنها عدلا وصلاحا* وقطعا لمادة الفساد والشر وسداً للذرائع المفضية إلى سوء الحال والمآل في أمور الدنيا والدين ، قال تعالى :
{ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام .

🔶️ الأحكام المتفرعة عن هذا الأصل العظيم

🔸️ القواعد التى عليها تدور جمهور القضايا :
* أن إقرارمن عليه* الحق معتبر في القليل والكثير
*أن البينة على المدعي لإثبات الحق ، وأن اليمين على من أنكر
🔸️ تعريف البينة:
شرعاً: هي اسم جامع لكل ما يبين الحق
🔸️مراتب البيّنة :
اليقين -* القرائن* - شواهد الأحوال* - الترجيحات
وعند تساوي الترجيحات ، يُصار إلى* القسمة بالتساوى أو بالقرعة عند تعذر القسمة .
🔶️ ️ أنواع الأحكام الكلية العادلة :

🔸️إلغاء المعاملات* الظالمة كأنواع الغرر والحيف والانحياز مع أحد المتعاملين بغير حق
🔸أعتبار ️التراضي وبذل المال* عن طيب نفس ، أصلاً في عقود المعاوضات والتبرعات ،* للتعامل مع المعاهد والمسلم
🔸️لا ضرر ولا ضرار* بغير الحق في كل* تعامل وجوار* واتصال
🔸️الوفاء بحق العمل من العمال ، والوفاء بحق الأجرة للعمال من رب العمل
🔸️وجوب الوفاء بالعقود والشروط مما تم اشتراطه بين المتعاقدين* مالم يكن شرطا يحل حراما أو يحرم حلالا* فهو هدر .
🔸️النيات والمقاصد معتبرة في أبواب المعاملات والأعمال كما هي معتبرة في باب العبادات
🔸️كل العقود ، اللازمة والجائزة ، كعقود المعاوضة ووالتبرع* والفسوخ ، تنعقد بدلالة* الألفاظ التى تعارف عليها المتعاقدين
🔸️الضمان والعوض لما أتلفه الظالم ،كالغاصب* ونحوه ، سواء بتفريط منه أو بغيرتفريط ، ولا ضمان على الأمين إن أتلف شيء مالم يفرط أو يتعد
🔸️المشكوك فيه في العبادات والمعاملات يرجع فيه إلى اليقين ، فا الأصل مقبول* ومن ادعى خلافه فعليه البينة ، والأصل براءة الذمة ، فعقود المسلمين
صحيحة حتى نعرف دخول ما أفسدها .
🔸️لا تكتمل ولاتتم الأحكام فروعا وأصولا ويحصل مقتضاها ، إلا باستيفاء جميع شروطها وأركانها مع انتفاء الموانع والمفسدات
🔸️المماثلة في المتلفات والمضمونات إن أمكن بمثلها وإلا بقيمتها أن تعذر
وكذا في الأعمال
🔸️وجوب العدل بين الأولاد والزوجات* ،
🔸️️ من أحكامه الكلية
وجوب العدل بين ذوي الحقوق الذي لاتمايز بينهم ، مثل قسمة المال بين الغرماء والعول الداخل على أهل الفروض بالسوية وكاشتراك الملاك في الزيادة* والنقصان على قدر أملاكهم

🔸️ إثبات الخيار* في كل عقد ظهر في العوض المعين أو المعوض عيب ينقصه، ومتى تعذر الرد ، تعيّن الإرش وإسقاط النقص

🔸️جعل المجهول كالمعدوم
ويندرج تحت هذا الأصل الأموال المجهولة الملك
فيتصدق بها عن ملاكها* أو تبذل في المصالح* نيابة عنهم
ويندرج تحتها تملك اللقطة* ، وأن توضع تركة من لاوارث له في بيت مال المسلمين.

🔸️️* الرجوع للعرف إذا تعذر*التعيين* شرعا ولفظا ، كمثل الرجوع للعرف والعادة في نفقة الزوجات والأقارب والأجراء، والقبض والحرز ونحوها كثير
🔸️أن الأصل في العبادات الحظر* والأصل في المعاملات والاستعمالات الإباحة
🔸️الحث على الصلح والإصلاح بين ذوي الحقوق ، بتفاصيل وأحكام فيها من الخير المترتب والفوائد مالا عد له ولاحصر
🔸️اعتبار العدالة في الشهود ، وإسقاط شهادة الكاذب والقاذف قبل التوبة
والتثبت في خبر الفاسق والمجهول
🔸️السابق إلي المباح له الحق ، كمثل السبق إلى الجلوس في المساجد* واستخراج المعادن من البحار وغيره قياسا
🔸️الأمناء* تقبل أقوالهم على ما في أيديهم ، مما لهم عليه ولاية* مباشرة أو من طريق الوكالة* والوصية* والنظارة* وغيرها ،* وهذا لا يعفيهم شرعا من المحاسبة* والمتابعة للتفاصيل* المتعلقة بتوليهم هذه الأمانات والولايات
🔸️الواجب* يسقط* بالعجز التام ، وما قدر منه من الواجب* وجب عليه* ويسقط ماهو عاجز عنه ، وهذه قاعدة في العبادات والحقوق
🔸️الضرورة تبيح المحظورة* وتقدر بقدرها
🔸️إقامة البدل مقام مبدله في أحكام العبادات والمعاملات* والحقوق* وغيرها ومنها أن النماء تابع للأصل
🔸️ ما وجب من أمر على المرء أجبر عليه بحق ، والمرء لايضمن ما أتلفه دفعا للأذى* ويضمنه إن أتلفه انتفاعا🔸️🔸️
🔸️اعتبار الاستثتناءات والقيود والأوصاف الملحقة بالألفاظ وهي مقيدة للكلام
بشرط الاتصال لفظا أو حكما
🔸️الشركاء في المنافع والأملاك ملزمون جميعهم بتحصيل المنافع الضرورية ودفع المضار
🔸️المباشر لإتلاف الأموال أو المتسبب في ذلك ضامن متى تعمد* ،و إن كان ناسيا أو جاهلا
🔸️من أذى الدين الواجب عن غيره ناويا الرجوع ، رجع ولو لم يأذن له في ذلك
🔸️وصف مافي يد الغير* ، بينة متى لم يدعيه هذا الغير* لنفسه
🔸️من تعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه
🔸️عند تزاحم المصالح قدم الأهم والأعلى ، وعند تزاحم المفاسد* أرتكب أخفها مفسدة
🔸️إطلاق التشريك في الوصايا والهبات* والإقرارات ، وإيقاع العقود* والفسوخ* وغير ذلك* يقتضي المساوة ،* والمفاضلةبينهم تكون بدلالة الدليل
وخير ما تختم به هذه القواعد الشرعية* العظيمة :
أن الشريعة وضعت لتحصيل* المصالح وتكميلها* ، وتقليل المفاسد وتعطيلها
*فلا مزيد على شريعة السماء* ولا سواء* بينها وبين أحكام العقول

🔸️الفوائد
* أعدل الشرائع وأحكمها ما أنزلها الله وقررها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم* ، تقطع مادة الشر* ، وتسد ذرائعه وتحول دون وخيم عواقبه.

* القواعد الكلية الكبرى* تفرعت عنها قواعد وتفصيلات كلها تصبّ في تحصيل المصالح وتكمليها وتقليل المفاسد* وتعطيلها

* المعاملات* بأنواعها* بداية من التعامل المالي ، أُقصي عنها كل صور الظلم والمرباة والغش والغرر لسلامة الحقوق* وسلامة الصدور

* التأكيد على( اعتبار) النية في التعاملات كما هي معتبرة في العبادات لأن المجتمع المسلم قائم في الأصل على الإيمان بالله و مراعاة المقاصد .

* قيم العدل و القيام بالواجب* ، ومراعاة الحقوق ، هي أصل في التعامل بالشراكة في الاموال والأعمال ، في البيوت والقسط بين الزوجات والأبناء* في الضمانات* والكفالات ،* وفي ، وفي ،،، وغيرها

* المنع في العبادات* لحفظ الدين* من البدع والمحدثات* ، والإباحة في المعاملات والاستعمالات* للتسهيل على العباد وتيسير العيش بينهم .

* الضرورة تبيح المحضورة ، ارتكاب أخف المفاسد ، لاضرر ولاضرار، صور من كمال الشريعة واستثناءات لرفع الحرج ودرء* المفسدة وتقريب الأصل



⚪ قصة* إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم

🔸️في كتاب ربنا* تكرر ذكر الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فهو محل الإسوة والقدوة على وجه الخصوص ، وإن كان الأنبياء جميعهم لنا في سيرهم ونهجهم أسوة واتباع* ،* فالحنفية والملة القويمة تنسب إليه:
{ ملة إبراهيم حنيفا} .

🔸️مزايا الخليل عليه السلام* وجميل صفاته
ألهمه الله رشده وآتاه الحكمة* صغيرا* واستدل بالملكوت في السماوات والأرض على ألوهية الله* وأحقيته سبحانه بالتوحيد ، فاستكمل يقينه وعظُم علمه وإيمانه .

🔸️القوم الذين بُعث فيهم
كان قومه يتعبدون الشمس والقمر من دون الله* على نهج الصابئة وفلسفتهم
طريقة خبثث جذورها وأظلمت* فروعها .

🔸️مناظرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه
🔸️أصل المناظرة وأسها:
هي تخالف صورا من المحاجّة والبرهنة في كونها تُبنى على غير اعتقاد المناظر ، ليقيم عليه حجته ويصل إلى هدمها فيتغلب على الخصم .

🔸️أسلوبه في مناظرة قومه
دعاهم بضروب* شتى من الدعوة* ، حتى* ناظرهم بعقلانية* من صميم معتقدهم في السيارات السبع التى يعبدونها وبنوالها الهياكل
ناظرهم : أن افسحوا* للنظر والعقل في آلهتكم هذه* ،هل هي للعبادة أهل ؟
بعد أن أهوى إلى آلاهتهم تحطيما* وتكسيرا* وأبقى على كبيرها قائما
وكانوا سألوه في فزع : { أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ }
فأجابهم مقررا* محاجا لهم :** { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}
وتدرج معهم* وهو يستعرض الكواكب والشمس* ، ويقرر قائلا : { هذا ربي}
وهو إنما يلزمهم الحجة على بطلان هذه الدعاوي ، فلم غابت الشمس وأفلت وهي أكبر وأجلى* أعلن في قوة وحزم :
{ لا أحب الآفلين} فما هذا الإله الذي* يوجد ويغيب !
ثم يقول* في صورة تقلد موقفهم وتعيش حالهم بعد الحيرة :
{ لئن لم يهدني ربي* لأكونن من القوم الضالين }
عندها يعلن في قوة الذي ألزم* الحجة وصرع الخصم :
{ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ - أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}

🔸️خطاب الخرافة* في مقابل حجاج العقل
لما* خاطبهم بمنطق عقلي لايرده الإ من أزرى بعقله وأبعده ،* وأن من خلق هذه الأنجم والأفلاك* المدبرات أحق أن يُعبد ويُوحد ،* قابلوه بوعيد الخرافة وتخويفه أن تناله الآلهة( المحطمة )* بسوء وانتقام

🔸️ حقيقة الإمن والخوف
قررت الآيات في إجابة على السؤال :* {فأي الفريقين أحق بالأمن ؟ }
أن أهل الإيمان* والتوحيد أولى بالأمن وهم أهل الهداية
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } أي: بشرك {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}
🔸️بقاء قوم إبراهيم على الباطل بعد تبيين حجج الحق وظهوره
بعد أن هُزم باطلهم وسقطت* مبانيه ، فهاهو يدعوهم عموما وخصوصا حتى* دعى والده في ترفق ولين وأدب جمّ* :
{ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا - يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ}
فيرد الوالد المكابر :
{ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا }
فيختم معه قضية الدعوة في بنوة عالية الأدب مشفقة :
{ سلامٌ عليك }
وطال جداله ودعوته لقومه حتى أجمعوا أمرهم على التنكيل به بعد أن حطم آلهتهم وترك كبيرها ليقول لهم في توبيخ صريح لا لبس فيه ، أن كبيرهم الباقي هو من اقترف هذا الجرم ، فأسلوه ؟ فتحرك الحق برهة في نفوسهم :
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ}

🔸️كيدهم لإبراهيم خليل الله
ولكن باطلهم وقد تمكن من قلوبهم واستوطنها ، سرعان ما عاودهم فقالوا في عناد وغرور : { حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين }
فقال الخليل* ، كلمة الافتقار والتوكل* : حسبي الله ونعم الوكيل
فقال الله للنار آمرا :* { يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}

🔸️إبراهيم عليه السلام والملك
ولا تقف معركة الحق والباطل ، فهاهو الخليل* يُحاجّ الملك :
{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

🔸️إبراهيم مهاجرا بدينه
ويهاجر إبراهيم من بلد ه ومعه زوجه سارة* وابن أخيه لوط إلى بلاد الشام
ومنها يذهب إلى مصر ، فيرى جبار مصر وملكها جمال* سارة التى استكملت الحسن* ، فيريدها عن نفسها ، فتدعو عليه مرتين بعد ان تمتد يده بالسوء* وتبوء بالشلل والخذلان ، فيطْلِقها
ويخدمها هاجرالقبطية،** هدية* ، فتهبها سارة
لزوجها إبراهيم لعله يرزق منها الولد بعد عُقر سارة منذ الشباب

🔸️أم إسماعيل
ولدت هاجر إسماعيل على كبر إبراهيم ، أدركت سارة الغيرة لمّا عاينت فرحة إبراهيم الكبرى بقدومه ، خرج بهاجر* إلى بلد الله الحرام بعد أن أقسمت أن لا تجاورها وكان الوقت أزف لهذا ، بوادي غير ذي زرع وضعها بمكة وزودهما* بسقاء فيه ماء وجراب تمر وأولهما ظهره منصرفا ، فلما كان بالثنية دعا الله ربه:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يشكرون}

🔸️قصة زمزم
نفذ التمر والماء وعضّ العطش هاجر ورضيعها إسماعيل ، فجعلت تصعد الصفا وتنظر لعل من مغيث ثم تصعد المروة وتشرف منه لعلها ترى أحدا ، حتى صارت سبع مرات* وهي في كرب تستغيث بربها ، حتى حث* المَلكُ *الموضع فنبعت زمزم ، فقرت عينا بها* وما لبثت أن نزل عندها قبيلة جرهم العربية* فأنست بهم وتمت لها النعمة .

🔸️شمائل إسماعيل وصفيّ أخلاقه
شبّ عليه السلام مكتمل الأخلاق بعيد الهمة ، فزوجوه جرهم حبا وكرامة ، حتى كان يوم وجاء إبراهيم الوالد في غيبة ابنه إسماعيل ، فسأل الزوجة عن زوجها وعن عيشها معه ؟ فأجابته إنه خرج يتصيد وأنهم في شدة من العيش* وشطف ، فأوصاها قبل أن يغادر ، أن تقريءزوجها منه السلام وتقول له يغير عتبة داره
فأعلمته ، فقال لها : ذاك أبي ، وأنت العتبة ، وسرّحها و تزوج بغيرها ، ثم في المرة الثانية لمجيء إبراهيم ، كرر نفس السؤال على زوجه ، فأجابت إجابة الشاكر الذي يحمد النعمة ، حينها أوصاها إبراهيم أن تقرأه السلام وأن يثبت عتبة بيته .

🔸️لقاء الخليل بابنه إسماعيل بعد غياب طال
في هذا اللقاء* ، أعلم إبراهيم ابنه أنه أُمر ببناء البيت* ، معبدا ومثابة للعباد حتى يوم القيامة ، فأخذا في رفع قواعده* ضارعين قائلين :
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
فأذن الخليل للناس بالحج ، فجاؤا من كل مصر وفجّ .

🔸️الابتلاء العظيم
ماكان ليكون خليل الرحمن حتى يمتحن في خلته ، فأُمر مناما أن يذبح* إسماعيل ، قال لابنه :
{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }
فكان عاقبة الصبر والتسليم والرضا واليقين :
{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ - وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }
كان ابتلاء فصار سنة وعبادة وقربى يتقرب بها العباد لله* تعالى .

🔸️البشارة باسحاق عليه السلام
بشرت الملائكة إبراهيم باسحاق ومن ورائه يعقوب ، جبرا ورحمة* لسارة* بعد عقم وكبر ، وقد أضافهم بعجل مشوي* ، فلما تأخروا عن أكله ، قال :
{ ألا تأكلون }
{ قالوا لاتخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط }
فتمت للخليل النعمة ، فأثنى على ربه قائلا :
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}
وتم له الثناء الجميل في الأولين والآخرين :
{ سَلامٌ على إبراهيم }

🔸️الفوائد
* اتباع الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام* في التوحيد ووالأخلاق والعقائد* من صميم الملة والدين :
{ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم }

* فضائله* وكراماته عليه الصلاة والسلام ، عظيمة* جليلة ، فهو خليل الرحمن وأخرج الله من صلبه أكرم الأمم وأفضلها ، العرب وبنو إسرائيل ، وهو من بنى بيت الله في الأرض ورزق الذرية على كبر* وجعل له ربه ذكرا ومحبة في قلوب* الخلق .وأثنى عليه ربه أنه أفضى إليه بقلب سليم .

* همته وتوقه العظيم عليه الصلاة والسلام لنيل أعلى العلم وغايته وذلك لمعرفته بمنزلة العلم وفضله وأنه سبيل لنيل أرفع الدرجات
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}

* لا قدوة ولا أسوة الإ في رشاد وسداد :
{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} فهذا لا اتباع فيه ،بل براءة من كل مشرك .

*إنما الأعمال بالنيات - حتى وإن نالها النقص* ،* متى كان القصد مرضيا والقلوب عازمة :
{ قد صدقت الرؤيا }

* كل المناسك ، تُذكِر بهذا النبي الكريم وأهل بيته ، عليهم الصلاة والسلام ، بيت إيمان وطاعة وانقياد* :
{ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }
* أصدق* الوصايا وأنفعها* تأتي من الوالدين ، لأنهم أرحم الخلق بالأبناء

* سنّ هذا النبي الكريم ، ضيافة الضيف* وإكرامه ، وراعى أدق التفاصيل وأصغرها لمزيد العناية بضيوفه و كرامتهم .

* طهارة بيوت الله* واجب* متحتم من نجاسة الحس والمعنى :
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}

* أولياء الله ، أقرب الناس لكرامته وعطائه ، وعظيم فضله ، كيف بُشرت سارة* العجوز العقيم* بإسحاق ويعقوب* تراهما* وتشهدهما في حياتها .
{إنا كذلك نجزي المحسنين}



⚪ قصة يونس عليه السلام

🔹️* نبي الله يونس عليه السلام
من عظماء أنبياء بني إسرائيل وكبرائهم .

🔹️ مبعثه
بُعث عليه السلام* إلى أهل نينوى من أرض الموصل .

🔹️خروجه مغاضبا قومه
لما دعاهم* وكرر وأعاد فأبوا إلا* رداً وكفراً ، أوعدهم العذاب وفارقهم مغاضبا لهم ، ضيق الصدر* ، لم يستوفي معهم مزيد* الصبر :
{ وذا النون إذ ذهب مغاضبا }
🔹️أوبة القوم وتوبتهم
طالع القوم مقدمات العذاب التى* أوعدهم نبيهم وحذرهم وقوعه بهم ، فتابوا
وأنابوا فرُفع عنهم العذاب .

🔹 ركوبه عليه السلام في الفلك المشحون
قال تعالى : { إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ }
وقعت القرعة على نبي الله يونس وآخرين* ليُلقى بهم في البحر بعد أن شارفت السفينة على الغرق* وصار* التخفيف من الراكبين هو ️الخيار الأولى لينجو الباقين :** { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} *

🔹️بطن الحوت قرارا لنبي الله يونس عليه السلام
ما إن أُلقي به في البحر حتى ابتلعه الحوت* دونما أذى أو ضرر ناله ، وفي الظلمات* كان يسبح ضارعا :
{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }
ألقاه الحوت بالعراء بأمر كما ابتلعه بأمر ، وتوالت عليه لطائف الله ، فشجرة اليقطين أنبتت فأظلته بعد أن صار كفرخ ضعيف اشتد وهنه .

🔹️ إيمان قوم يونس عليه السلام
لما عادت له عافيته واشتد قوةً* ، أُمر بالعودة إلى قومه ودعوتهم مجددا ،* فاستجاب له* ، مائة ألف أو يزيدون .

🔶 ️الفوائد
* ️المصائب والمكاره كفارات ، مكث نبي الله يونس في بطن الحوت ، ليعجل الله له الكفارة* ،* كرامة له ولطفا .

* ️القواعد الكلية وما يتفرع عنها من فروع* لتنظيم حياة العباد ، يسر الشريعة* وحكمة التشريع ، القرعة في قصة يونس عليه السلام وارتكاب أخف الضررين.

* لما كان يونس عليه السلام من الذاكرين الطائعين في السعة والرخاء ، كشف الله عنه في الضراء : {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ - لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
وكذا الإيمان ينجي* ويقي من العظائم والنوازال:
*{وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} .

* تسبيحته عليه السلام واستغفاره : {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
امتد خيرها لكل مكروب مضطر ، كما بشر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام

⚪ قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام

أفردت قصة* النبي الكريم يوسف وصبر أبيه نبي الله يعقوب بسورةكاملة هي سورة (يوسف)* امتلأت عبرة وحكمة ، وكأنها تحكي قصة الدنيا وكيف تدور بأهلها ، إن كانوا سعداء بالإيمان أو أشقياء بالكفرا :
{ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ }

🔸️رؤيا يوسف الصبي
رأى عليه السلام احد عشرا كوكبا* والشمس والقمر له ساجدين* ، استمع له أبوه يعقوب وأوصاه ألايخبر بها أخوته ، حذرا وتحرزا ، ولكن القدر المقدور ، يجري بما جرت به الأقلام .
{ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا }

🔸️كيد أخوة يوسف له
يُخرجوه معهم إلى البرية ليلعب !** ويلقوه في الجبّ لأمر دبرّوه* ، ثم يبكونه عند أبيهم فقد أكله الذئب !
{ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ }

🔸️يوسف في بيت العزيز
يُباع هذا الحر الكريم ويشتريه عزيز مصر* ويعيش في كنفه
يبلغ سن الرجال فيَكمُل حسنا وعقلا فتهواه امرأة* العزيز .

🔸️ولاية الله ليوسف
ترواده السيدة عن نفسه فيعصمه ربه
{ لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ }
فتكيد له بالسجن بضع سنين رغم قرائن البراءة البينة .
{ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ }
وتنادى النساء المنكرات عليها ليعذرّنها :
{ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَـًٔا وَءَاتَتْ كُلَّ وَٰحِدَةٍۢ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُۥٓ أَكْبَرْنَهُۥ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَآ إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ }

🔸️نبي الله يوسف في السجن
شرف النبوة وأمانة التبيلغ ، كانت دأب نبي الله يوسف عليه السلام في السجن
ويرى الملك الرؤيا ويُرسل رفيق يوسف ليعلم تأويلها منه ، فيجيبه جوابا تاما بلا عتاب ولا لوم بعد أن أوصاه قبل سنين :
{اذكرني عند ربك }
بل يُمحض لهم النصح ويدبر لهم أمر تلك السنين العجاف والمخصبات
{ ثمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }*

🔸️براءة نبي الله يوسف عليه السلام
لا يتعجل الخروج من السجن الطويل* ،حتى ينظر الملك في مظلمته ، عندها تُقرّ امرأة العزيز :
{ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }

🔸️التمكين ليوسف عليه السلام
يُقرب الملك يوسف الناصح الحصيف ، ويجعله على خزائن الأرض فهو لها أهل
{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }*

🔸️قدوم أخوة يوسف عليه السلام
لما قل الخصب ، وصارت مصر موئلا* للقاصدين لوفرة الخير فيها ، جاء أخوة يوسف ، مرة أولى و ثانية برفقتهم أخوهم بنيامين ، بعد أن أعطوا أبيهم العهود والمواثيق لحفظه ، بعد أن قال لهم :
{ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}

🔸️المحنة الثانية لنبي الله يعقوب عليه السلام
يخبر الأخوة العائدين من مصر* أن العزيز أخذ أخاهم بعد أن سرق ، ينكر هذا
ويقول : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا [يوسف}
يشتد الحزن في القلب وتبيض العين من الحزن ، فيصبر نفسه ضارعا:
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}

🔸️عاقبة الصبر الجميل

تتتالى الأحداث* وينبلج فجر الفرج والتيسير ، ويلتقي نبي الله يوسف بأبيه النبي يعقوب عليهما السلام* ويأتي أوان تحقق الرؤيا وتأويلها ، فيحمد الله يوسف في شكر وامتنان لربه المدبر الرحيم الكريم :
{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ }

🔶️ الفوائد
* دلالة الشمس والقمر والكواكب في رؤيا يوسف عليه السلام على الأنبياء والعلماء والصلحاء وأنهم* يُهتدى بهم وتزدان بهم الأرض ،كم يُهتدى بأنوار السماء في الظلم على مالها من منظر بهيّ وزينة ظاهرة .

* اعتبار تأويل الرؤى علم وأنه من منة الله واجتبائه للعبد .

* قصة نبي الله يوسف عليه السلام في القرآن من أدلة نبوة الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد جاءت مصدّقة لما في الكتب تناولت حتى التفاصيل.

* التحرز والأخذ بالأسباب لاتقاء الشر ما أمكن.

* لابأس بالنصح أحيانا للمرء بما يحزنه أو يكشف له حال من يتعامل معهم ، ليكون على حذر وحيطة .

* جعل الله من سننه في الكون ، أن الغايات والمعالي ، لا يُتوصل إليها إلا بعد* مكابدة ومصابرة .

* بالعدل في كل أمور الحياة وفي التعامل والعلاقات يمضي العيش هينا لا ظلم فيه ولا بخس .

* المعاصي قد تبدأ صغيرة ، ثم لشؤمها تتعاظم وتكبر ، وكذا الطاعات مباركة والحسنة تجر أختها .

*التوبة النصوح تّجُبّ ما قبلها ، مهما كانت الخطيئة .

* العاقبة والخاتمة هي مدار العمر كله ، تأمل خاتمة أخوة يوسف عليه السلام وكيف عفا عنهم،* وتأمل وصفهم في الرؤيا أنهم كواكب نيرة ، يُهتدى بها .

* التزام الشرع في التعامل مع النساء الأجنبيات ، يُبعد الجميع عن الفتن .

** وجود دواعي المعصية* ،ومكابدة هجرانها ، دليل على صدق الإيمان ، وقربى وزلفى* للرحمن .

* أهل الإيمان والإخلاص ، يدفع الله عنهم وهم في ولايته وحفظه .

* يهرب المؤمن من أزمنة الفتنة وأمكنتها* جهده.

* الدعوة إلى الله وتوحيده ، في كل حال ، ديدن المؤمن وقضية عمره .

* قيمة العلوم وكيف ترفع صاحبها.

* علم التعبير داخل في الفتوى ، فلا يتقحّمه الإ عالم به .

* إن كانت النية صالحة ، والحالة تستدعي ، يُصرّح الصالح بما لديه من خير
لتقلد الأعمال والمهام .

* لاشيء يعدل ثواب الآخرة وعلو مقاماتها ، لاقياس مع حظوظ الدنيا ونيل طيّب لذاتها .

* الضيافة من سنن المرسلين عليهم السلام .

* الفقه في الأحكام والأخذ بالقرائن* وغيرها* ، من سعة الشريعة وعدلها .

* جواز التحيّل بالحيل والمكايد* للوصول للحقوق الواجبة .

* تكون البلايا والمصائب* لأهل التقوى ، رفعا لدرجاتهم وعلو منازلهم في الآخرة.

* يشتكي العبد ما يجد بغير تسخط وجزع* ، ولا يخرج عن حد الكلام وشرح الحال .

* لطف الله بعباده جلى وخفي ، نراه ولا نعلمه في أحايين كثيرة :
{ إن ربي لطيف لما يشاء }

⚪ قصة خاتم النبيين وإمام المرسلين** * محمد عليه الصلاة والسلام *

🔸️ قبل البعثة
عاش عليه الصلاة والسلام في الجاهلية وبين ظهراني المشركين ، لكنه لكماله ظاهرا وباطنا* تنزه عن شركهم فأبغض الأوثان ، وتعالى عن كل ما يشين من قول أو عمل بفطرة سليمة حاضرة لتكون أهلا لتنزل الحق* ، فكان من تجافيه عن هذه البيئة* وقوة رغبته في الخلوة بربه ، يتحنث في غراء* حراء* أياما وأياما ، فإذا خالط الناس كان أحسنهم عشرة وخلقا .

🔸️إرهاصات النبوة
تقدمت بعتثه عليه الصلاة* السلام ، علامة* وإشارة ، انه كان لا يرى رؤيا الإ وتكون حقا كفلق الصبح.

🔸️أول البعثة (النبوة)
في الأربعين من عمره وقد أكتمل عقلا ورشدا ، ظهر له جبريل عليه السلام فارتعد لرؤياه وهاله منظره ، فقال له : اقرأ ، ثلاثا* وهو يجيبه : ما أنا بقاريء
فغطه ، مرتين أو ثلاث ، ليتهيأ للأمر العظيم من تنزل* الوحي وثقل الرسالة
فقرأ الملك :
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }
فكانت بداية النبوة .

🔸️خديجة رضي الله عنها - الزوجة والعون
رجع صلى الله عليه وسلم* إلى زوجه *خديجة * في حالة كبيرة من الخوف* والفرق وقصّ عليها الخبر
فبشرته وأسكنت روعه* وذكرته بجميل صفاته وكريم عطاياه وأن الله تعالى
لا يخزي من كان مثله أبدا .

🔸️الرسالة والتبيلغ
- فتر الوحي ، ليحصل* الارتباط به والشوق إليه ويزاداد جلالا في قلب النبي وروعه ، ثم يجيء الملك ، فيهوله مراءه وصورته* ويعود إلى كنف الزوجة الحصيفة* ،يرتعد قائلا : دثروني ، فينزل الوحي إيذانا بالتبليغ والتكليف:
{ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}

🔸️بداية الدعوة
يتصدى عليه الصلاة والسلام لمهام الدعوة بكليته ويجعلها غاية وجوده
لأنه سيعادي بهذا الحق القريب والبعيد ، ويتلبث الوحي زمنا لا يتنزل ، ويشمت أهل الكفر قائلين : أن رب محمد قلاه ، فينزل الوحي مؤيدا* ومبشرا:
{ وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى }

🔸️كفر الجحود والتكذيب
اتخذوا قرارهم برد الحق ومعاداته ، لم يسمعوا ولم يعطوا أنفسهم فرصتها لتفهم وتنظر ، فطبع على القلوب* وصًمت الآذان* وعميت الأبصار عن معاينة الحق
على الرغم من أن النبي المرسل* كان معهم أخاً مترفقا بهم ، يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتي هي أحسن . وكان الوحي يتنزل* منجما ، ليتابع الواقائع و يجيب عن الأسئلة* ويقارع الباطل اللجوج :
{ كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا }

🔶️ أحوال أهل الكفر مع النبي عليه الصلاة والسلام 🔶️

1-🔸️التهم والأوصاف التى ألصقت بنبي الدعوة عليه السلام
كماهي عادة الجهلاء والطغاة إذا ردوا الحق ، شوهوه وبهتوه ، فقد قالوا عن نبي التوحيد انه ساحر وكاهن وانه شاعرولو كان نبي لتنزلت عليه الملائكة نهارا ولأغناه ربه عن السعي للرزق ، وتمادوا فقالوا : أما قرآنه الذي يتلوه ماهو إلا سحر يؤثر وإنه من* أساطير الاولين يتحفظه.

2-🔸️ طلبهم المهادنة في آلهتهم
وماذاك إلا لتمام علمهم بنقصها ، ولايخفى عليهم عيبها ، فإذا تركها تركوه
قال تعالى :
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}

3- 🔸️ اقتراح الآيات والمعجزات
فيتعجلون العذاب* أو أن تنزاح عنهم جبال مكة الصلدة او أن تجري الأنهار من تحتهم ، فينزل الوحي مسفهاً لقولهم ،مُبيناً أن الآيات تترى مصدقات* لخبر النبي ووحي السماء ، لكل قلب يعقل وبصيرة تعي، وأنها لا تأتي* رحمة بهم لئلا يُهلكوا بعذاب عاجل ، وان الرسل مبلغين ومنذرين والأمر كله لله .
وصل بهم الأمر أن تعجبوا واعترضوا أن النبي لم يكن :
{ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم)
فنزلت الآيات:
{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ*}

🔸️نبي الرحمة
كان عليه الصلاة والسلام تام الرحمة كبير الشفقة ، محبا صادقا مع المؤمنين
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }

🔸️تشريفه عليه الصلاة والسلام بالإسراء والمعراج
- أٌ سري به صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى تكريما له وليحضى بعظيم الآيات .

🔸️عماد الدين (الصلاة)
لا أدل على علو منزلتها في الدين والإيمان من أنها فُرضت ، من رب العزة
* * سبحانه * دون واسطة الملك ، هناك فوق السموات السبع
وينزل جبريل عليه السلام ليضع قواعد ومعالم هذا الركن الركين في الإسلام على مدى يومين متتالين .

🔸️الإسلام يشرق في أرجاء المدينة
جاور اليهود الأوس والخزرج في بلدهم لانتظارهم لنبي يُبعث سمّوا لهم صفته ووصفه ، فبايع نفر من الأوس والخزج رسول الله في مكة سرا لأن صفة النبي المنتظر التى أخبرتهم اليهود ،* طابقت وصفه وسمته . صلى الله عليه وسلم

🔸️الهجرة إلى الحبشة
هاجر عدد من المؤمنين إلى الحبشة بإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمَا لاقوا من المشركين من النكال الشديد والأذى.

🔸️الهجرة إلى المدينة
لما فشى الإسلام في أهل المدينة تحولت هجرة المؤمنين إليها بدلا من الحبشة
فهال هذا الأمر أهل مكة وتواطؤ على مكيدة لقتله عليه الصلاة والسلام ،فخاب كيدهم واندحر .

🔸️نبي وصدّيق في الغار
في الليلة التى تملاؤا فيها على القتل ، جاء الوحي بالهجرة والخروج من مكة
فخرج عليه الصلاة والسلام برفقة أبي بكر واستخفوا من الرصد والعيون في غار بجبل ، بعد أن غُصّ الجبل بعددهم مطاردين لهم* ، حتى قال الصدّيق : يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا. فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ وأنزل الله تعالى :
{ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

🔸️الأذن بقتال الكفار
قال تعالى :
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }
في السنة الثانية للهجرة* جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم* يرسل السرايا لنشر دعوة التوحيد .

🔸️فرض الزكاة والصيام
كان فرض الصلاة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات ،ثم فرضت الزكاة والصيام في السنة الثانية للهجرة.

🔸️وقعة بدر
خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم في نحو ثلاثمائة وسبعين ،* يتصيدون تجارة كبيرة لقريش قادمة من الشام وكانوا ألف مقاتل* في عدة وخيل ، فنصر الله جنده وقُتلت صناديد الكفر وساداتهم ، عدا من أُ سر منهم .

🔸️ظهور فئة المنافقين
هذه الفئة اسْتَخْفت بالإسلام الظاهر عن النفاق والكفر الذي تعتنقه ، بعد النصر الكبير في *بدر* خوفا وكيدا ،* فلم ينزل الوحي يُحدِث عن هذه الفئة الإ بعد غزوة بدر الكبرى .

🔸️ غزوة أحد
زحف جيش المشركين بأعداد كبيرة حتى أطراف المدينة والتقوا مع أهل الإيمان يقودهم خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام ، وكان النصر لحزب الله وجنده ،حتى خالف الرماة وتعجلوا النزول من الجبل ، فاستشهد جمّ غفير من المسلمين ، وتنزلت في سورة* آل عمران * تفاصيل وعبر* من هذه الغزوة .

🔸️غزوة الخندق
تمالآ أهل الشرك من الحجاز ونجد مع اليهود من بني قريظة ، على غزو المدينة وتكاثروا حتى بلغوا قرابة عشرة آلاف مقاتل ، فخندق المسلمون على المدينة
وأحاطوا بالمدينة كما وصفتهم الآيات :
{ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } [الأحزاب
فخيّب الله سعيهم وردهم منهزمين بأسباب من عنده فهو العزيز الغالب :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَ ا}
ثم التفت رسول الله إلى أهل الغدر من بني قريظة فحاصرهم ، وحكم فيهم سعد بن معاذ أن تقتل مقاتلتهم* وتسبى ذراريهم ، ونزلت الآيات :
{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }

🔸️عمرة الحديبية
صدّ المشركين من اهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه لمّا أقبلوا معتمرين يؤمون البيت ، وفي الحديبية تصالح معهم على عهود حقنا للدماء ، في بيت الله الحرام ، فرجع عليه السلام وغالب المسلمين كرهوا هذه العودة* ، ثم كانت *عمرة القضاء * في العام المقبل،* في سنة سبع من الهجرة
وتنزلت الآيات :
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }
وأتاح هذا الصلح انتشار دعوة التوحيد ودخول الكثرين في الإسلام .

🔸️ قصة غدر بني النظير
ألفوا الخيانة واستمرأوها ، فهذا فريق آخر من يهود يَهمُّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ثم غزاهم وتحصنوا منه بالحصون بعد ان وعدهم حلفاؤهم من أهل النفاق بالنصرة والحماية،فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لهم ما تحمل الإبل والأرض والعقار للمسلمين ، وتنزلت الآيات :
{ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ }

🔸️ فتح مكة
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا ومعه نحو عشرة آلاف من المسلمين ، وأعقبها بغزوحنين وثقيف ، فتمّ النصر وعمّت دعوة الحق .

🔸️ غزوة تبوك
حشد عليه الصلاة والسلام لغزوة تبوك جمع المسلمين حتى لم يتخلف عنها إلا المنافقين وثلاثة ممن لا يُشك في صلاحهم وهم كعب بن مالك وصاحباه ، فرجع عليه الصلاة والسلام بعد عشرين يوما* ،دون ملاقاة للعدو* ، فكانت أشد ماتكون غزوة* في قيظ وعسر وكثرة في العدو ، وتنزلت الآيات :
{ *لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِىِّ وَٱلْمُهَٰجِرِينَ وَٱلْأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِنۢ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍۢ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُۥ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

🔸️ الركن الخامس من الإسلام* - الحج
يُفرض الحج في سنة تسع أو عشر* من الهجرة، ويحج الصديّق رضي الله عنه بالناس ، وقبلهاكانت الأحكام والتشريعات تتتابع نزولا بحسب الحاجة والحكمة .

🔸️ حجة النبي صلى الله عليه وسلم
حج عليه الصلاة والسلام* بالمسلمين سنة عشر* وتنادوا من كل حدب وصوب* ليشهدوا معه ويتعلموا منه المناسك قولا وفعلا ، تأسيا به ، وتنزلت الآيات عن هذا الركن العظيم ، ونزل يوم* عرفة* قوله عزّ من قائل :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

🔶️ الفوائد
* تبدأ من عهده صلى الله عليه وسلم* ،ثم لاتنتهي حتى يشهد آخر حي في الأرض ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فدعوته وسيرته معين لاينضب .

🔸️الأنبياء* صفوة الخلق ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية * نقاوة الخلق*
كمالهم البشري هذا ، منهج وسبيل هدى ومحل اقتداء.

🔸️كرامة الآدامي في عبوديته لربه ، كان عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق* لأنه كان أعبدهم لله تعالى .

🔸️الدعوة* منهجاً* وطريقةً و صبراً وثباتا ، كلها معالم* واضحة* متجليه في سيرته عليه الصلاة والسلام . لتكون نبراسا لكل داعٍ إلى الله.

🔸️ المرأة الاولى في الإسلام ، خديجة رضي الله عنها ، ودورها في أول الدعوة ورسالة واضحة لدور المسلمة في كل وقت لنصرة هذا* الدين الحق.

🔸️الصلاة ، الزكاة الصيام والحج ، كيف تدرجت الشرائع وكيف فُرضت يتبع بعضها بعضا ، لتتناسب مع سنيّ الدعوة الأولى، وسوق المدعوين إلى الدين رويدا رويدا . كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها :
( ولو نَزَلَ أوَّلَ شَيءٍ: لا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقالوا: لا نَدَعُ الخَمْرَ أبَدًا، ولو نَزَلَ: لا تَزْنُوا، لَقالوا: لا نَدَعُ الزِّنَا أبَدًا )
🔸️ كان لعظيم خلق النبي صلى الله عليه وسلم* وكريم شمائله ، أثر كبير في إقبال الناس على الدين ، كما قال تعالى :
{وإنك لعلى خلق عظيم}
{ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك }

*صلوات ربي وسلامه عليه دائما أبدا*


*
أحسنت نفع الله بك

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir