دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 صفر 1441هـ/19-10-2019م, 01:06 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
-سبب النزول :
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي .
مقصد الآية :
بيان رحمة الله عز وجل بعباده بقبول توبتهم إذا أنابوا إليه ورجعوا إلى طريقه وهديه وإرشادهم إلى المسارعة بالتوبة قبل حضور الأجل وإغلاق باب التوبة ووعدهم بقبول توبتهم إن حققوا شروط التوبة الصحيحة .
المسائل التفسيرية :
-معنى (إنما):
هي حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ} وقد تصادف من المعنى ما لا يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله: إنما الشجاع عنترة فيبقى الحصر في مقصد المادح، ويتحصل من ذلك لكل سامع تحقيق هذه الصفة للموصوف بمبالغة. ذكره ابن عطية
-دلالة إنما في قوله تعالى (إنما التوبة )
هي حاصرة، وهي في عرف الشرع:الرجوع من شر إلى خير.ذكره ابن عطية .
-حد التوبة :
حد التوبة: الندم على فارط فعل، من حيث هو معصية الله عز وجل، وإن كان الندم من حيث أضر ذلك الفعل في بدن أو ملك فليس بتوبة.ذكره ابن عطية
-حكم التوبة :
التوبة فرض على المؤمنين بإجماع الأمة، والإجماع هي القرينة التي حمل بها قوله تعالى: {وتوبوا إلى اللّه جميعاً } على الوجوب.ذكره ابن عطية
-شروط صحة التوبة:
من شروطها:
1- العزم على ترك الفعل الذي تاب منه في المستقبل
2-الندم على الذنب الذي تاب منه
وإن كان ذلك الفعل لا يمكنه، مثل أن يتوب من الزنا فيجب بأثر ذلك ونحو ذلك، فهذا لا يحتاج إلى شرط العزم على الترك، وتصح التوبة من ذنب من الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، وتصح التوبة وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد موافقة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة.
.ذكره ابن عطية
-وقت قبول التوبة :
بعد عمل الذنب مباشرة إلى قبل الغرغرة وحضور الآجل وفي هذا بيان لعفو الله وكرمه ورحمته بعباده ،روى بشير بن كعب والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله».ذكره ابن كثير .

- معنى توبة الكافر :
توبته هي ندمه على سالف كفره.ذكره ابن عطية
-معنى على في قوله تعالى (إنما التوبة على الله )
(على ) هُنا حَرْفٌ لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ بِمَعْنى التَّعَهُّدِ والتَّحَقُّقِ كَقَوْلِكَ: عَلَيَّ لَكَ كَذا، فَهي تُفِيدُ تَحَقُّقَ التَّعَهُّدِ.
والمعنى : التَّوْبَةُ تَحِقُّ عَلى اللَّهِ، وهَذا مَجازٌ في تَأْكِيدِ الوَعْدِ بِقَبُولِها حَتّى جُعِلَتْ كالحَقِّ عَلى اللَّهِ، ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إخْبارُهُ تَعالى عَنْ أشْياءَ أوْجَبَها عَلى نَفْسِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تِلْكَ الأشْياءِ سَمْعًا ولَيْسَ وُجُوبًا.ذكره ابن عاشور .
-معنى الجهالة :
الجَهالَةُ هاهُنا جَهالَةُ العَمَلِ، وإنْ كانَ عالِمًا بِالتَّحْرِيمِ،، قالَ قَتادَةُ: أجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ كُلَّ ما عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهو جَهالَةٌ، عَمْدًا كانَ أوْ لَمْ يَكُنْ، وكُلَّ مَن عَصى اللَّهَ فَهو جاهِلٌ.ذكره ابن القيم
قول قتادة رواه عبد الرزاق و ابن جريرمن طريق عبد الرزاق عنه .
-المراد بالجهالة في الآية :
ورد في ذلك عدة أقوال :
أحَدُها: أنَّ كُلَّ ذَنْبٍ أصابَهُ الإنْسانُ فَهو بِجَهالَةٍ، وكُلَّ عاصٍ عَصى فَهو جاهِلٌ، وهو قَوْلُ أبِي العالِيَةِ.
والثّانِي: يُرِيدُ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَمْدًا، والجَهالَةُ العَمْدُ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ، ومُجاهِدٍ.
والثّالِثُ: الجَهالَةُ عَمَلُ السُّوءِ في الدُّنْيا، وهو قَوْلُ عِكْرِمَةَ.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
وقال الفراء أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل:"يعملون السوء بجهالة".
هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال .

-التخريج :
أما قول أبي العالية فرواه عنه ابن جرير من طريق قتادة .
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول مُجاهِد فرواه عنه ابن جرير من طريق الثوري
وأما قول عكرمة فرواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان .
-الترجيح :
رجح الطبري القول بأن معناها هو :إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها ،
ووجه ذلك كما قال أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء:"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال:"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضره،وضعف ابن عطية قول عكرمة وذلك لأنه جعل «الجهالة اسم للحياة الدنيا»، كما ضعف ابن جرير وابن عطية قول الفراء ،
لأنه كما الطبري لو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه، وهذا مخالف لما جاء في الكتاب والسنة ،قال تعالى :(إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ [سورة الفرقان: 70]
-معنى قوله (يتوبون من قريب )
أي :يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت).ذكره الزجاج .
-المراد بقوله ( من قريب )
ورد فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ثُمَّ يَتُوبُونَ في صِحَّتِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، وقَبْلَ مَرَضِهِمْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: قَبْلَ مُعايَنَةِ مَلَكِ المَوْتِ، وهو قَوْلُ ابن عباس و الضَّحّاكِ، وأبِي مِجْلَزٍ ومحمد بن قيس .
والثّالِثُ: قَبْلَ المَوْتِ، قالَ عِكْرِمَةُ: الدُّنْيا كُلُّها قَرِيبٌ.و قاله ابن زيد والضحاك .هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال في هذه المسألة .
التخريج :
القول الأول :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول السدي فرواه عنه ابن جرير من طريق أسباط
القول الثاني :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول أبي مجلز فرواه عنه ابن جرير من طريق عمران بن حيدر
وأما قول محمد بن قيس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي معثر
القول الثالث :
قول عكرمة رواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان
وقول زيد رواه عنه ابن جريرته طريق ابن وهب
وقول الضحاك رواه عنه الثوري وابن جرير من طريق رجل ولَم يسمياه.
ورواه عنه ابن أبي حاتم من طريق النضر بن طهمان ،ورواه عنه أيضًا سعيد بن منصور من طريق شيخ من أهل الكوفة ،فلا أدري هل الرجل الذي سماه ابن أبي حاتم هو نفس الرجل الذي لم يسميه ابن جرير وهو الشيخ الكوفي أو غيره .
الترجيح :
الراجح من هذه الأقوال هو ما رجحه الطبري رحمه الله فقال : يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، ويؤيد صحة هذا القول ما روي عنه صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ" رواه الترمذي وأحمد ، ويدخل في معنى قوله تعالى (من قريب ) القولين الآخرين أيضًا ولا منافاة بين الأقوال ،فهو كما قال ابن عطية ابن عباس اختار أحسن الأوقات للتوبة والآخرون حددوا وقت قبولها .هذا والله أعلم بالصواب .
-معنى قوله ( فأولئك يتوب الله عليهم ) :
أي :يرزقهم إنابةً إلى طاعته، ويتقبّل منهم أوبتهم إليه، وتوبتهم الّتي أحدثوها من ذنوبهم.ذكره ابن كثير
-معنى (إن الله كان عليمًا حكيمًا )
أي بمن يتوب وييسره هو للتوبة حكيما فيما ينفذه من ذلك، وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك).ذكره ابن عطية
-مسألة عقدية :
دلالة على في قوله تعالى :(على الله )
اختلف المفسرون في ذلك على قولين :
1-أن على تقتضي الوجوب سمعا لإخبار الله تعالى عنها ، ولا يكون وجوبها عقلًا لأنه لا يجب( على) الله شيء عقلًا ،ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ.
ومن هذه الأشياء تخليد الكفار في النار وقبول التوبة وغير ذلك .
2-أن (على) تقتضي غلبة الظن
قال أبو المعالي وغيره: فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعا على الله بقبول التوبة.وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة.
ذكرهذين القولين ابن عطية ورجح منها الأول .
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – موقف السلف في مسألة الوجوب على الله، حيث يقول:
"وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى، والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية – أي المعتزلة – وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول. وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا.
ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح" اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم .
قال تعالى :(ولَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أليمًا )(18)﴾
-سبب النزول :
ذكر المارودي أن في سبب نزولها قولان :
أحَدُهُما: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّها نَزَلَتْ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ.
والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ.
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي .
الراجح هو قول الجمهور والله أعلم ، قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب ما ذكره الثّوريّ أنّه بلغه أنّه في الإسلام، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهومٌ، لأنّهم إن كانوا هم والّذين قبلهم في معنًى واحدٍ من أنّ جميعهم كفّارٌ، فلا وجه لتفريق أحكامهمٍ والمعنى الّذي من أجله بطل أن تكون توبة واحدٍ مقبولةً، وفي تفرقة اللّه جلّ ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم بأن سمّى أحد الصّنفين كافرًا، ووصف الصّنف الآخر بأنّهم أهل سيّئاتٍ، ولم يسمّهم كفّارًا ما دلّ على افتراق معانيهم، وفي صحّة كون ذلك كذلك صحّة ما قلنا، وفساد ما خالفه).
-حكم النسخ في الآية :
قال قومٌ: هذه الآية منسوخةٌ عن أهل التوحيد، نسخها الله بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]. حرّم الله المغفرة على من مات وهو مشرك. وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته. وهذا قول ينسب إلى ابن عباس.
واحتجوا بأنّ المراد من قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) أهل الكفر دون أهل الذنوب من الموحدين - والله أعلم بذلك.)
أخرج قول ابن عباس ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
وقيل أنها محكمة : 
واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) والغرغرة: هي عند حضور الموت ومعاينة الرسل لقبض الروح، فعند ذلك لا تقبل التّوبة على هذا الحديث فيكون، كالآية.ذكره الأنباري وابن عطية .
-الترجيح :
رجح ابن عطية القول بأنها محكمة ، ووجه ذلك من حيث أن الآيتين منبنيتان ولا يحتاج فيهما إلى تقرير نسخ، لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب، فنحتاج أن نقول، إن قوله: {ويغفر ما دون ذلك} نسخها وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت. ذكره ابن عطية .
المسائل التفسيرية :
-المعنى الإجمالي للآية :
لفظ هذه الآية عامٌ يوجب الإياس من قبول توبة من عاين الرّسل عند الموت وحضره الموت مؤمنًا كان أو كافرًا.ذكره أبو طالب القيسي.
--سبب عدم قبول التوبة عند الغرغرة :
لأنهم تابوا في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة
ولأنهم صاروا في حيز اليأس، وحضور الموت هو غاية قربه، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان، وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجماعة المفسرين. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
-فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول ابن زيد فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب
-المراد بالسيئات :
ورد في ذلك ثلاثة أقوال :
أحَدُها: الشِّرْكُ، قالَهُ أبو العالية وسفيان الثوري .
والثّانِي: أنَّها النِّفاقُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.والربيع بن أنس.
والثّالِثُ: أنَّها سَيِّئاتُ المُسْلِمِينَ، قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﴿وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ .خلاصة ما ذكره المفسرون .
-تخريج الأقوال :
فأما قول أبي العالية فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الثوري فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن جحادة
القول الثاني :
فأما قول أبو العالية فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الربيع فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي
القول الثالث :
قول سفيان الثوري أخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن المبارك .
-الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول الثّوريّ أنّ المراد بهاسيئات المسلمين ، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهوم ،كما ذكر الطبري رحمه الله .
-معنى حتى في قوله ( حتى إذا حضر أحدهم الموت ):
حتى حرفُ ابتداء، والجملةُ الشرطية بعدها غايةٌ لِما قبلها أي: ليست التوبةُ لقومٍ يعملون السيئات، وغاية عَمِلهم إذا حضرهم الموتُ قالوا: كيت وكيت، وهذا وجه حسن.ذكره السمين الحلبي
-معنى الآن في قوله ( إني تبت الآن ):
يعني وقت الغرغرة ومعاينة الموت لأن باب التوبة يغلق في هذا الوقت .
-إعراب (الذين ) ومعناها :
قوله: {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ} «الذين» مجرورُ المحل عطفاً على قوله «للذين يعملون» أي ليست التوبةُ لهؤلاء ولا لهؤلاء، فَسَوَّى بين مَنْ مات كافراً وبين مَنْ لم يتب إلا عند معاينةِ الموتِ في عدم قبول توبتِه. ذكره السمين الحلبي
إعراب ( أولئك ) و مرجع الإشارة فيه :
قوله: «أولئك» مبتدأ، و «أَعْتَدْنا» خبرُه، و «أولئك» يجوز أن يكونَ إشارةً إلى «الذين يموتون وهم كفار/، لأنَّ اسم الإِشارة يَجْري مَجْرى الضميرِ فيعودُ لأقربِ مذكور، ويجوزُ أَنْ يُشارَ به إلى الصِّفتين: الذين يعملون السيئات والذين يَمُوتون وهم كفار.ذكره السمين الحلبي
بيان نوع العذاب في الآية :
قال ابن عطية :إن كانت الإشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فقط، فالعذاب عذاب خلود، وإن كانت الإشارة إليهم وإلى من ينفذ عليه الوعيد، ممن لا يتوب إلا مع حضور الموت من العصاة فهو في جهة هؤلاء، عذاب ولا خلود معه.
-معنى ( أعتدنا):
معناه: يسرناه وأحضرناه.ذكره ابن عطية
-معنى (أليما ):
أي: مؤلما موجعا مقيما ، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). ذكره الزجاج وابن كثير
-مسائل عقدية :
-وقت خلق النار :
ظاهر هذه الآية أن النار مخلوقة بعد.ذكره ابن عطية
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار لا تفنيان. كما قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان ولاتبيدان .
-حال الكفار في الآخرة :
أعلم الله تعالى أيضا أن الّذين يموتون وهم كفّارٌ فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة.ذكره ابن عطية
-حال العصاة من المسلمين في الآخرة :
إن كان مؤمنا عاصيًا ولم يتب قبل موته فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوي الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه.ذكره ابن عطية

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ذو القعدة 1441هـ/7-07-2020م, 01:15 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
-سبب النزول :
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي . [هذا ليس بيانًا لسبب النزول بقدر ما هو بيان لما يدخل فيه تفسير الآية، والمسألة فيها خلاف.
وفي الكلام مسألة أخرى وهي مسألة النسخ وفيها تفصيل آخر ينبغي بيانه طالما تطرقت إليه]

مقصد الآية :
بيان رحمة الله عز وجل بعباده بقبول توبتهم إذا أنابوا إليه ورجعوا إلى طريقه وهديه وإرشادهم إلى المسارعة بالتوبة قبل حضور الأجل وإغلاق باب التوبة ووعدهم بقبول توبتهم إن حققوا شروط التوبة الصحيحة .
المسائل التفسيرية :
-معنى (إنما):
هي حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ} وقد تصادف من المعنى ما لا يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله: إنما الشجاع عنترة فيبقى الحصر في مقصد المادح، ويتحصل من ذلك لكل سامع تحقيق هذه الصفة للموصوف بمبالغة. ذكره ابن عطية
-دلالة إنما في قوله تعالى (إنما التوبة )
هي حاصرة [هذا نفس ما ذكرتيه في المسألة السابقة وهنا يمكنك بيان معنى الحصر في الآية، أي ما يقع عليه الحصر] وهي في عرف الشرع:الرجوع من شر إلى خير.ذكره ابن عطية . [هذا تعريف التوبة شرعًا]
-حد التوبة :
حد التوبة: الندم على فارط فعل، من حيث هو معصية الله عز وجل، وإن كان الندم من حيث أضر ذلك الفعل في بدن أو ملك فليس بتوبة.ذكره ابن عطية
-حكم التوبة :
التوبة فرض على المؤمنين بإجماع الأمة، والإجماع هي القرينة التي حمل بها قوله تعالى: {وتوبوا إلى اللّه جميعاً } على الوجوب.ذكره ابن عطية
-شروط صحة التوبة:
من شروطها:
1- العزم على ترك الفعل الذي تاب منه في المستقبل
2-الندم على الذنب الذي تاب منه
وإن كان ذلك الفعل لا يمكنه، مثل أن يتوب من الزنا فيجب بأثر ذلك ونحو ذلك، فهذا لا يحتاج إلى شرط العزم على الترك، [والعزم على ألا يعود إلى الذنب] لوتصح التوبة من ذنب من الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، وتصح التوبة وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد موافقة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة. [ومن الشروط أيضًا الإخلاص، وإصلاح المفسدة ما أمكن إن كان الذنب متعلق بحق الناس، وأن يكون في وقت التوبة - الذي ذكرتيه في المسألة التالية-]
.ذكره ابن عطية
-وقت قبول التوبة :
بعد عمل الذنب مباشرة إلى قبل الغرغرة وحضور الآجل وفي هذا بيان لعفو الله وكرمه ورحمته بعباده ،روى بشير بن كعب والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله».ذكره ابن كثير .

- معنى توبة الكافر :
توبته هي ندمه على سالف كفره.ذكره ابن عطية [والرجوع من الكفر إلى التوحيد - وهذا مفهوم من مجموع كلام ابن عطية في هذه المسألة- ]
-معنى على في قوله تعالى (إنما التوبة على الله )
(على ) هُنا حَرْفٌ لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ بِمَعْنى التَّعَهُّدِ والتَّحَقُّقِ كَقَوْلِكَ: عَلَيَّ لَكَ كَذا، فَهي تُفِيدُ تَحَقُّقَ التَّعَهُّدِ.
والمعنى : التَّوْبَةُ تَحِقُّ عَلى اللَّهِ، وهَذا مَجازٌ في تَأْكِيدِ الوَعْدِ بِقَبُولِها حَتّى جُعِلَتْ كالحَقِّ عَلى اللَّهِ، ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إخْبارُهُ تَعالى عَنْ أشْياءَ أوْجَبَها عَلى نَفْسِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تِلْكَ الأشْياءِ سَمْعًا ولَيْسَ وُجُوبًا.ذكره ابن عاشور . [هذه من المسائل العقدية، فمصدرها تفاسير أهل السنة، لأنها من المسائل الدقيقة التي حصل فيها خلاف بين الفرق، رحم الله ابن عطية وابن كثير وابن عاشور وأسكنهم فسيح جناته]
-معنى الجهالة :
الجَهالَةُ هاهُنا جَهالَةُ العَمَلِ، وإنْ كانَ عالِمًا بِالتَّحْرِيمِ،، قالَ قَتادَةُ: أجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ كُلَّ ما عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهو جَهالَةٌ، عَمْدًا كانَ أوْ لَمْ يَكُنْ، وكُلَّ مَن عَصى اللَّهَ فَهو جاهِلٌ.ذكره ابن القيم
قول قتادة رواه عبد الرزاق و ابن جريرمن طريق عبد الرزاق عنه .
-المراد بالجهالة في الآية :
ورد في ذلك عدة أقوال :
أحَدُها: أنَّ كُلَّ ذَنْبٍ أصابَهُ الإنْسانُ فَهو بِجَهالَةٍ، وكُلَّ عاصٍ عَصى فَهو جاهِلٌ، وهو قَوْلُ أبِي العالِيَةِ.
والثّانِي: يُرِيدُ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَمْدًا، والجَهالَةُ العَمْدُ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ، ومُجاهِدٍ.
والثّالِثُ: الجَهالَةُ عَمَلُ السُّوءِ في الدُّنْيا، وهو قَوْلُ عِكْرِمَةَ.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
وقال الفراء أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل:"يعملون السوء بجهالة".
هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال .

-التخريج :
أما قول أبي العالية فرواه عنه ابن جرير من طريق قتادة .
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول مُجاهِد فرواه عنه ابن جرير من طريق الثوري
وأما قول عكرمة فرواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان .
-الترجيح :
رجح الطبري القول بأن معناها هو :إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها ،
ووجه ذلك كما قال أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء:"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال:"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضره،وضعف ابن عطية قول عكرمة وذلك لأنه جعل «الجهالة اسم للحياة الدنيا»، كما ضعف ابن جرير وابن عطية قول الفراء ،
لأنه كما الطبري لو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه، وهذا مخالف لما جاء في الكتاب والسنة ،قال تعالى :(إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ [سورة الفرقان: 70]
-معنى قوله (يتوبون من قريب )
أي :يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت).ذكره الزجاج .
-المراد بقوله ( من قريب )
ورد فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ثُمَّ يَتُوبُونَ في صِحَّتِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، وقَبْلَ مَرَضِهِمْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: قَبْلَ مُعايَنَةِ مَلَكِ المَوْتِ، وهو قَوْلُ ابن عباس و الضَّحّاكِ، وأبِي مِجْلَزٍ ومحمد بن قيس .
والثّالِثُ: قَبْلَ المَوْتِ، قالَ عِكْرِمَةُ: الدُّنْيا كُلُّها قَرِيبٌ.و قاله ابن زيد والضحاك .هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال في هذه المسألة .
التخريج :
القول الأول :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول السدي فرواه عنه ابن جرير من طريق أسباط
القول الثاني :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول أبي مجلز فرواه عنه ابن جرير من طريق عمران بن حيدر
وأما قول محمد بن قيس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي معثر
القول الثالث :
قول عكرمة رواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان
وقول زيد رواه عنه ابن جريرته طريق ابن وهب
وقول الضحاك رواه عنه الثوري وابن جرير من طريق رجل ولَم يسمياه.
ورواه عنه ابن أبي حاتم من طريق النضر بن طهمان ،ورواه عنه أيضًا سعيد بن منصور من طريق شيخ من أهل الكوفة ،فلا أدري هل الرجل الذي سماه ابن أبي حاتم هو نفس الرجل الذي لم يسميه ابن جرير وهو الشيخ الكوفي أو غيره .
الترجيح :
الراجح من هذه الأقوال هو ما رجحه الطبري رحمه الله فقال : يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، ويؤيد صحة هذا القول ما روي عنه صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ" رواه الترمذي وأحمد ، ويدخل في معنى قوله تعالى (من قريب ) القولين الآخرين أيضًا ولا منافاة بين الأقوال ،فهو كما قال ابن عطية ابن عباس اختار أحسن الأوقات للتوبة والآخرون حددوا وقت قبولها .هذا والله أعلم بالصواب . [من المفترض أن تبدأي بهذا قبل بيان قول ابن جرير، وهو تقرير إمكانية الجمع بين الأقوال، بأسلوبك، وبيان وجه الجمع، ثم بيان كلام المفسرين]
-معنى قوله ( فأولئك يتوب الله عليهم ) :
أي :يرزقهم إنابةً إلى طاعته، ويتقبّل منهم أوبتهم إليه، وتوبتهم الّتي أحدثوها من ذنوبهم.ذكره ابن كثير
-معنى (إن الله كان عليمًا حكيمًا )
أي بمن يتوب وييسره هو للتوبة حكيما فيما ينفذه من ذلك، وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك).ذكره ابن عطية
-مسألة عقدية :
دلالة على في قوله تعالى :(على الله )
اختلف المفسرون في ذلك على قولين :
1-أن على تقتضي الوجوب سمعا لإخبار الله تعالى عنها ، ولا يكون وجوبها عقلًا لأنه لا يجب( على) الله شيء عقلًا ،ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ.
ومن هذه الأشياء تخليد الكفار في النار وقبول التوبة وغير ذلك .
2-أن (على) تقتضي غلبة الظن
قال أبو المعالي وغيره: فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعا على الله بقبول التوبة.وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة.
ذكرهذين القولين ابن عطية ورجح منها الأول .
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – موقف السلف في مسألة الوجوب على الله، حيث يقول:
"وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى، والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية – أي المعتزلة – وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول. وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا.
ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح" اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم . [هذه تُذكر ضمن المسائل التفسيرية، فهي أساسية في تفسير الآية ومعنى قوله تعالى: {إنما التوبة على الله} ]

قال تعالى :(ولَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أليمًا )(18)﴾
-سبب النزول :
ذكر المارودي أن في سبب نزولها قولان :
أحَدُهُما: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّها نَزَلَتْ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ.
والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ.
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي .
الراجح هو قول الجمهور والله أعلم ، قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب ما ذكره الثّوريّ أنّه بلغه أنّه في الإسلام، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهومٌ، لأنّهم إن كانوا هم والّذين قبلهم في معنًى واحدٍ من أنّ جميعهم كفّارٌ، فلا وجه لتفريق أحكامهمٍ والمعنى الّذي من أجله بطل أن تكون توبة واحدٍ مقبولةً، وفي تفرقة اللّه جلّ ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم بأن سمّى أحد الصّنفين كافرًا، ووصف الصّنف الآخر بأنّهم أهل سيّئاتٍ، ولم يسمّهم كفّارًا ما دلّ على افتراق معانيهم، وفي صحّة كون ذلك كذلك صحّة ما قلنا، وفساد ما خالفه).
[ولم لا نقول بالعموم؟
وينبني عليها تحديد المراد بـ {لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ }
فليس معنى قول المفسرين " نزلت في كذا " أنه تعبير عن سبب النزول بقدر ما هو بيان لتفسير الآية، وهو لفظ يحتمل سبب النزول والتفسير، لكن قولهم حصل كذا فنزلت الآية صريح في سبب النزول]

-حكم النسخ في الآية :
قال قومٌ: هذه الآية منسوخةٌ عن أهل التوحيد، نسخها الله بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]. حرّم الله المغفرة على من مات وهو مشرك. وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته. وهذا قول ينسب إلى ابن عباس.
واحتجوا بأنّ المراد من قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) أهل الكفر دون أهل الذنوب من الموحدين - والله أعلم بذلك.)
أخرج قول ابن عباس ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
وقيل أنها محكمة : 
واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) والغرغرة: هي عند حضور الموت ومعاينة الرسل لقبض الروح، فعند ذلك لا تقبل التّوبة على هذا الحديث فيكون، كالآية.ذكره الأنباري وابن عطية .
-الترجيح :
رجح ابن عطية القول بأنها محكمة ، ووجه ذلك من حيث أن الآيتين منبنيتان ولا يحتاج فيهما إلى تقرير نسخ، لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب، فنحتاج أن نقول، إن قوله: {ويغفر ما دون ذلك} نسخها وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت. ذكره ابن عطية .
المسائل التفسيرية :
-المعنى الإجمالي للآية :
لفظ هذه الآية عامٌ يوجب الإياس من قبول توبة من عاين الرّسل عند الموت وحضره الموت مؤمنًا كان أو كافرًا.ذكره أبو طالب القيسي.
--سبب عدم قبول التوبة عند الغرغرة :
لأنهم تابوا في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة
ولأنهم صاروا في حيز اليأس، وحضور الموت هو غاية قربه، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان، وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجماعة المفسرين. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
-فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول ابن زيد فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب
-المراد بالسيئات :
ورد في ذلك ثلاثة أقوال :
أحَدُها: الشِّرْكُ، قالَهُ أبو العالية وسفيان الثوري .
والثّانِي: أنَّها النِّفاقُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.والربيع بن أنس.
والثّالِثُ: أنَّها سَيِّئاتُ المُسْلِمِينَ، قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﴿وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ .خلاصة ما ذكره المفسرون .
-تخريج الأقوال :
فأما قول أبي العالية فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الثوري فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن جحادة
القول الثاني :
فأما قول أبو العالية فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الربيع فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي
القول الثالث :
قول سفيان الثوري أخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن المبارك .
-الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول الثّوريّ أنّ المراد بهاسيئات المسلمين ، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهوم ،كما ذكر الطبري رحمه الله .
[وعند التأمل وإعمال قواعد التفسير يمكن الجمع بين الأقوال]
-معنى حتى في قوله ( حتى إذا حضر أحدهم الموت ):
حتى حرفُ ابتداء، والجملةُ الشرطية بعدها غايةٌ لِما قبلها أي: ليست التوبةُ لقومٍ يعملون السيئات، وغاية عَمِلهم إذا حضرهم الموتُ قالوا: كيت وكيت، وهذا وجه حسن.ذكره السمين الحلبي
-معنى الآن في قوله ( إني تبت الآن ):
يعني وقت الغرغرة ومعاينة الموت لأن باب التوبة يغلق في هذا الوقت .
-إعراب (الذين ) ومعناها :
قوله: {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ} «الذين» مجرورُ المحل عطفاً على قوله «للذين يعملون» أي ليست التوبةُ لهؤلاء ولا لهؤلاء، فَسَوَّى بين مَنْ مات كافراً وبين مَنْ لم يتب إلا عند معاينةِ الموتِ في عدم قبول توبتِه. ذكره السمين الحلبي
إعراب ( أولئك ) و مرجع الإشارة فيه :
قوله: «أولئك» مبتدأ، و «أَعْتَدْنا» خبرُه، و «أولئك» يجوز أن يكونَ إشارةً إلى «الذين يموتون وهم كفار/، لأنَّ اسم الإِشارة يَجْري مَجْرى الضميرِ فيعودُ لأقربِ مذكور، ويجوزُ أَنْ يُشارَ به إلى الصِّفتين: الذين يعملون السيئات والذين يَمُوتون وهم كفار.ذكره السمين الحلبي
بيان نوع العذاب في الآية :
قال ابن عطية :إن كانت الإشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فقط، فالعذاب عذاب خلود، وإن كانت الإشارة إليهم وإلى من ينفذ عليه الوعيد، ممن لا يتوب إلا مع حضور الموت من العصاة فهو في جهة هؤلاء، عذاب ولا خلود معه.
-معنى ( أعتدنا):
معناه: يسرناه وأحضرناه.ذكره ابن عطية
-معنى (أليما ):
أي: مؤلما موجعا مقيما ، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). ذكره الزجاج وابن كثير
-مسائل عقدية :
-وقت خلق النار :
ظاهر هذه الآية أن النار مخلوقة بعد.ذكره ابن عطية
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار لا تفنيان. كما قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان ولاتبيدان .
-حال الكفار في الآخرة :
أعلم الله تعالى أيضا أن الّذين يموتون وهم كفّارٌ فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة.ذكره ابن عطية
-حال العصاة من المسلمين في الآخرة :
إن كان مؤمنا عاصيًا ولم يتب قبل موته فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوي الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه.ذكره ابن عطية

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ونفع بكِ.
ما زال تلخيصكِ بحاجة لإعادة ترتيب وتنظيم لتحرير بعض المسائل، وأرجو أن تستفيدي منه في كتابة رسالة في تفسير هذه الآيات أو درس في التفسير.
وأرجو الاعتناء بتحديد مخرج الأثر عند تعدد الطرق، وأرجو أن تستفيدي من ملحوظات أستاذة هيا بارك الله في جهدها وعلمها.
التقويم: ب
وفقكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir