سورة الماعون (الدّين)
(مكّيّة)
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى: (أرأيت الّذي يكذّب بالدّين (1)
وقرئت " أريت "
والاختيار أرأيت بإثبات الهمزة الثانية لأن الهمزة إنّما طرحت للمستقبل في ترى ويرى وأرى.
والأصل ترأى ويرأى.
فأمّا رأيت فليس يصح عن العرب فيها ريت.
ولكن ألف الاستفهام لما كانت في أول
الكلام سهّلت إلقاء الهمزة، والاختيار إثباتها.
وقوله: (فذلك الّذي يدعّ اليتيم (2)
معنى يدع في اللغة يدفع، وكذلك قوله: (يوم يدعّون إلى نار جهنّم دعّا).
أي يدفعون إليها دفعا بعنف، فذلك الّذي يدعّ اليتيم عن حقه.
ويقرأ (فذلك الّذي يدع اليتيم).
تأويله فذلك الذي لا يعبأ باليتيم ويتركه مهملا
وقوله: (ولا يحضّ على طعام المسكين (3)
أي لا يطعم المسكين ولا يأمر بإطعامه.
وقوله: (الّذين هم عن صلاتهم ساهون (5) الّذين هم يراءون (6).
يعنى بهذا المنافقون، لأنهم كانوا إنما يراءون بالصلاة إذا هم رآهم المؤمنون صلوا معهم، وإذا لم يروهم لم يصلوا، وقيل هم عن صلاتهم
[معاني القرآن: 5/367]
ساهون يؤخرونها عن وقتها، ومن تعمّد تأخيرها عن وقتها حتى يدخل وقت غيرها فالويل له أيضا كما قال اللّه عزّ وجلّ.
وقوله عزّ وجلّ: (ويمنعون الماعون (7)
أي يمنعون ما فيه منفعة.
والماعون في الجاهلية ما فيه منفعة حتى الفأس والدلو والقدر والقدّاحة وكل ما انتفع به من قليل أو كثير.
قال الأعشى:
بأجود منه بماعونه... إذا ما سماؤهم لم تغم
والماعون في الإسلام قيل هو الزكاة والطاعة.
قال الراعي:
قومي على الإسلام لمّا يمنعوا... ماعونهم ويضيّعوا التّهليلا
[معاني القرآن: 5/368]