(قولُه: ثمَّ شَرَعَ المصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ في شيءٍ)، أيْ: في دالِّ شيءٍ. وقولُه: وفاءً بوَعْدِه، أيْ: لأجْلِ وفائِه بوَعْدِه، فهوَ مفعولٌ لأجْلِه. وقولُه: السابقِ، أيْ: في قولِه. وحكْمُه وحكْمُهم سيأتي إلخ. وقولُه: فقالَ، عطْفٌ على شرَعَ.
(بـابُ الـجَدِّ والإخـوةِ)
أيْ: بابُ بيانِ أحكامِهما مجتَمِعينَ، كما يُشيرُ إليهِ الشارحُ بقولِه: والمرادُ أيضًا حكْمُه معهم وحكْمُهم معهُ، والمرادُ بالجَدِّ عندَ الإطلاقِ الجَدُّ الصحيحُ وإنْ عَلَا، وهوَ حقيقةٌ في الجَدِّ الأدْنَى مَجازٌ في غيرِه. والجَدُّ في الأصْلِ منْ جَدَدْتُ الشيءَ إذا قَطَعْتُه. قالَابنُ الهائمِ: ويُشْبِهُ أنْ يُتَلَمَّحَ لهذا المأخْذِ معنًى قريبٌ، وهوَ أنَّ الأبَ كانَ طَرَفًا للنَّسَبِ، فلمَّا وُلِدَ لابنِه وَلَدٌ خرَجَ أبوهُ عنْ أنْ يكونَ طرَفًا، وصارَ هوَ الطرَفَ. فلمَّا قُطِعَ عنْ ذلكَ سُمِّيَ جَدًّا، بمعنى مَجدودًا.ويَحتَمِلُ غيرَ ذلكَ، انتهى. والإخوةُ بكسرِ الهمزةِ على المشهورِ، وحُكِيَ في شرْحِ الفصيحِ الضمُّ. قالَابنُ الهائمِ: والأشهَرُ في واحدِه أخٌ بالتخفيفِ، وحُكِيَ عنْ جماعةٍ أخٌ بالتشديدِ، انتهى.
(قولُه: أيْ من الأبوينِ أوْ من الأبِ فقطْ)، أيْ: لا من الأمِّ؛ لأنَّ الإخوةَ من الأمِّ محجوبونَ بالجَدِّ. وقولُه: سواءٌ كانَ أحدَ الصِّنفينِ، أي: الإخوةِ من الأبوينِ والإخوةِ من الأبِ فقطْ. وقولُه: منهما، لا حاجةَ لهُ بعدَ قولِه أحدَ الصِّنفينِ. وقولُه: منفرِدًا عن الآخَرِ، أيْ: كأن انفَرَدَت الإخوةُ من الأبوينِ عن الإخوةِ من الأبِ فقطْ، أوْ بالعكسِ. وقولُه: أوْ كانا مُجتَمِعَيْنِ، أيْ: أوْ كانَ الصِّنفانِ مُجْتَمِعَيْنِ، والمناسِبُ لما قَبْلَه: أوْ مُجتمِعًا معهُ، أيْ: أوْ كانَ أحدُ الصِّنفيْنِ مجتمِعًا معَ الآخَرِ.
(قولُه: والمرادُ الواحدُ فأكثَرُ)، أشارَ بذلكَ إلى أنَّ ألْ للجنسِ الصادقِ بالواحدِ والمتعدِّدِ. وقولُه: من الذكورِ أوْ من الإنَاثِ إلخ، أشارَ بذلكَ إلى أنَّ فيهِ تغليبَ الذكورِ على الإناثِ. وقولُه: والمرادُ أيضًا، أيْ: كما أنَّ المرادَ ما تَقَدَّمَ. وقولُه: حكْمُه معهم وحكْمُهم معهُ، أيْ: بيانُ حكْمِهما مُجْتَمِعَيْنِ، ولا يَلزَمُ منْ بيانِ حكْمِه معهم بيانُ حكْمِهم معهُ كما في مسائلِ الْمُعادَّةِ؛ فإنَّ بيانَ حكْمِه معهمْ لمْ يَتضمَّنْ بيانَ حكْمِهم معهُ. وقولُه: أمَّا حكْمُه منفرِدًا إلخ، محْتَرَزُ الْمَعِيَّةِ. وقولُه: فقدْ تَقَدَّمَ، أيْ: في بابِ التعصيبِ.
(قولُه: واعلَمْ أنَّ الجَدَّ والإخوةَ)، أيْ: مُجتَمِعِينَ كما علِمْتَ. وقولُه: لمْ يَرِدْ فيهم، أيْ: في حكْمِهم. وقولُه: وإنَّما ثَبَتَ حكْمُهم، أيْ: منْ حجْبِ الجَدِّ للإخوةِ؛ لكونِه كالأبِ كما هوَ مذْهَبُ أبي بكرٍ الصدِّيقِ وابنِ عبَّاسٍ وجماعةٍ من الصحابةِ والتابعينَ ومَنْ تَبِعَهُم، ومِنْ أنَّهُم يَرِثُون معهُ على التفصيلِ الآتي كما هوَ مذْهَبُ الإمامِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ وزيدِ بنِ ثابتٍ وابنِ مسعودٍ.
(قولُه: فَمَذْهَبُ إلخ)، أيْ: إذا أرَدْتَ ذلكَ فَمَذْهَبُ إلخ.
(قولُه: وجماعةٍ من الصحابةِ والتابعينَ)، أيْ: كابنِ الزُّبَيْرِ وعُبادةَ بنِ الصامتِ وأُبَيِّ بنِ كعْبٍ ومعاذِ بنِ جَبَلٍ وأبي الدرداءِ وأبي موسى الأشعريِّ وعِمرانَ بنِ حُصَيْنٍ، وكشُرَيْحٍ وعطاءٍ وعروةَ بنِ الزبيرِ وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ والحسنِ البَصْريِّ وطاوُسٍ، إلى غيرِ ذلكَ.
(قولُه: والْمُزَنِيِّ)، هُوَ ومَنْ بعدَه شافعيَّةٌ. وقولُه: وغيرِهم، أيْ: كأبي ثَوْرٍ ومحمَّدِ بنِ نصْرٍ المروزيِّ والأستاذِ أبي منصورٍ البَغداديِّ.
(قولُه: أنَّ الجَدَّ كالأبِ)، أيْ: فهوَ نازلٌ منْزِلَتَه، فكما أنَّ الأبَ يَحْجُبُ الإخوةَ، كذلكَ الجَدُّ؛ فلذلكَ فرْعٌ على ما ذُكِرَ.
(قولُه: فيَحْجُبُ الإخوةَ مُطلَقًا)، أيْ: ولوْ من الأبوينِ أو الأبِ.
(قولُه: وهذا هوَ الْمُفْتَى بهِ عندَ الحنفيَّةِ)، أيْ: كونُ الجَدِّ كالأبِ هوَ المرجَّحُ عندَ الحنفيَّةِ.
(قولُه: ومذْهَبُ الإمامِ عليٍّ إلخ)، معطوفٌ على قولِه: فمَذْهَبُ الإمامِ أبي بكرٍ إلخ.
(قولُه: إنَّهُم يَرِثُون معهُ)، أيْ: أنَّ الإخوةَ من الأبوينِ أو الأبِ يَرِثُونَ معَ الجَدِّ. وقولُه: على تفصيلٍ وخلافٍ ذكَرْتُه في شرْحِ الترتيبِ، حاصِلُ ما ذَكَرَهُ فيهِ من التفصيلِ والخِلافِ أنَّ مذْهَبَ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ في المشهورِ عنهُ أنَّ للجَدِّ الباقيَ بعدَ فرْضِ الأخواتِ، إنْ لمْ يكُنْ معهنَّ أخٌ ما لمْ يَنْقُصْ عن السدُسِ، وإلَّا قاسَمَ ما لمْ تُنْقِصْه المقاسَمَةُ عن السدُسِ، ولمْ يكُنْ ثَمَّ أحَدٌ من البناتِ أوْ بناتِ الابنِ، فإنْ نَقَصَتْهُ عنهُ، أوْ كانَ الباقي بعدَ فرْضِ الأخواتِ أقَلَّ منهُ، أوْ كانَ معهُ أحدٌ من البناتِ أوْ بناتِ الابنِ، فُرِضَ لهُ السدُسُ. وعنهُ أنَّهُ كواحدٍ منهم أبدًا. ومَذْهَبُ زيدٍ ما سيَذكُرُه المصنِّفُ، ومَذْهَبُ ابنِ مسعودٍ أنَّ الجَدَّ يُقاسِمُهم ما لمْ يَنْقُصْ حظُّه عن الثلُثِ، وأنَّ بني البناتِ لا يُعْتَدُّ بهم معَ بني الأعيانِ في القِسمةِ، ففي جَدٍّ وشقيقٍ وأخٍ لأبٍ للجَدِّ النصْفُ، وللشقيقِ النصْفُ الباقي عندَهُ، وأنَّ الأخواتِ المنفرداتِ معهُ ذواتُ فروضٍ لاعَصَبَاتٍ بهِ. فإذا كانتْ معهُ أختٌ شقيقةٌ وأختٌ لأبٍ فللأُولَى النصْفُ، وللثانيةِ السُّدُسُ، ولهُ الباقي عندَهُ. نَقَلَه الرشيديُّ عن الطائِيِّ.
(قولُه: معَ ذِكْرِ الأَدلَّةِ والأجوبةِ لكلٍّ من الفريقينِ)، فمن الأدلَّةِ للفريقِ الأوَّلِ، أنَّ ابنَ الابنِ نازلٌ منزِلَةَ الابنِ في إسقاطِ الإخوةِ وغيرِه، فلْيَكُنْ أبو الأبِ نازلًامنزِلةَ الأبِ في ذلكَ؛ ولذلكَ قالَابنُ عبَّاسٍ: أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زيدُ بنُ ثابتٍ، يَجعَلُ ابنَ الابنِ ابنًا، ولا يَجعَلُ أبَ الأبِ أبًا. وأُجيبَ عنْ ذلكَ بأنَّ الإخوةَ إنَّما حُجِبُوا بالأبِ لإدلائِهم بهِ، وهوَ منْتَفٍ في الجَدِّ فلا يَنْزِلُ منزِلَةَ الأبِ. ومن الأدلَّةِ للفريقِ الثاني، أنَّ وَلَدَ الأبِ يُدْلِي بالأبِ فلا يَسْقُطُ بالجَدِّ كأمِّ الأبِ، كما في اللؤلؤةِ عنْ شرْحِ الترتيبِ.
(قولُه: ومذْهَبُ الإمامِ زيدٍ)، أيْ: ومَنْ ذُكِرَ معهُ.
(قولُه: ونَبْتَدِي)، بإسقاطِ الهمزةِ تَخفيفًا، وهوَ لغةٌ. وقولُه: الآنَ، أيْ: في هذا الوقتِ الحاضِرِ، وقدْ يَقَعُ على القريبِ الماضي والمستقبَلِ تنزيلًالهُ منزِلَةَ الحاضِرِ. وقولُه: بما أَرَدْنَا إيرادَه، أيْ: بالأحكامِ التي أَرَدْنا إيرادَ دوالِّها، أوْ بالعباراتِ التي أَرَدْنا إيرادَها، فما واقعةٌ على الأحكامِ معَ تقديرِ المضافِ، أوْ على العباراتِ منْ غيرِ تقديرٍ.
(قولُه: في الجَدِّ والإخوةِ)، أيْ: حالَ كونِ ذلكَ في بيانِ إرْثِ الجَدِّ والإخوةِ. وقولُه: لا من الأمِّ فقطْ، أيْ: بأنْ كانوا من الأبوينِ أوْ من الأبِ.
(قولُه: إذ وَعَدْنا)، أيْ: لأنَّنا وَعَدْنا بذلكَ، ووَعَدَ يكونُ للخيرِ، وأَوْعَدَ للشَّرِّ؛ ولذلكَ قالَالشاعرُ:
وإنِّي وإنْ أَوْعَدْتُهُ أوْ وَعَدْتُهُ = لَمُخْلِفٌ إيعادِي ومُنْجِزٌ مَوْعِدِي
وقدْ قالَ بعضُ فصحاءِ العرَبِ في دعائِه: يا مَنْ إذا وَعَدَ وَفَّى، وإذا أَوْعَدَ عَفَا. وقدْ يُستعمَلُ وَعَدَ في الشرِّ بقرينةٍ. وقولُه: في بابِ الفروضِ، متعلِّقٌ بوَعَدْنا. وقولُه: حيثُ قالَ إلخ، أيْ: لأنَّهُ قالَ إلخ، فهوَ تعليلٌ لقولِه: إذْ وَعَدْنَا.
(قولُه: فَأَلْقِ نحوَ ما أقولُ السَّمْعَا)، أيْ: إذا أَرَدْتَ ذلكَ فأَلْقِ، بقَطْعِ الهمزةِ منْ أَلْقَى، جهةَ الذي أقولُه السَّمْعَا، بألِفِ الإطلاقِ، فنحوَ بمعنى جهةٍ كما هوَ أحَدُ معانيهِ في اللغةِ، وما موصولٌ اسْمِيٌّ بمعنى الذي، والعائدُ محذوفٌ.
(قولُه: واسْمَعْ سماعَ تَفَهُّمٍ وإذعانٍ)، أيْ: لا سَماعَ جهْلٍ وإنكارٍ؛ لأنَّ ذلكَ لا يَنفَعُ.
(قولُه: وأَجْمِعْ)، أيْ: أَحْضِرْ. وقولُه: في ذهنِكَ، أيْ: عقلِكَ. وقولُه: حواشي، جَمْعُ حاشيةٍ، وهيَ الطرَفُ؛ ولذلكَ قالَالشارحُ: أيْ أطرافَ، والمرادُ بها الكلامُ بتمامِه، وإنَّما خَصَّ الحواشيَ التي هيَ الأطرافُ بالذكْرِ؛ لأنَّ أوَّلَ الكلامِ يأتي في غَفْلَةٍ، وآخِرَه في شَآمَةٍ، فالشأنُ أنَّ كلًّا منهما لا يُحْفَظُ. ولم يُظْهِر الناظِمُ نصْبَ حواشي لضرورةِ النظْمِ.
(قولُه: وهوَ القولُ المفرَدُ)، لكنْ هذا ليسَ مرادًا هنا، بل المرادُ بها الكلامُ كما يُشيرُ إليهِ قولُه: والمرادُ أنَّكَ تُصْغِي لما نُورِدُه من العباراتِ، فهيَ منْ بابِ قولِ ابنِ مالِكٍ:
وكلْمةٌ بها كلامٌ قدْ يُؤَمُّ
(قولُه: جَمْعًا)، منصوبٌ على أنَّهُ مفعولٌ مُطلَقٌ. وقولُه: مَصْدَرٌ مؤكِّدٌ، أيْ: لأنَّهُ يُفْهَمُ معناهُ منْ عاملِه كما في قولِكَ: ضَرَبْتُ ضَرْبًا.
(قولُه: والمرادُ)، أيْ: منْ كلامِ المصنِّفِ. وقولُه: أنَّكَ تُصْغِي إلخ، هذا هوَ المرادُ منْ إلقاءِ السمْعِ. وقولُه: وتَجْمَعُ إلخ، هذا هوَ المرادُ منْ جمْعِ حواشي الكلماتِ. وقولُه: أوَّلَ الكلامِ وآخِرَه، أيْ: ووسَطَه، لما علِمْتَ منْ أنَّ المرادَ الكلامُ بتمامِه. وقولُه: وتَهْتَمُّ إلخ، هذا هوَ المرادُ من المصدَرِ المؤكِّدِ، وهوَ قولُه: جَمْعًا. وقولُه: عسى أنْ تَظْفَرَ ببعضِ المرادِ، أيْ: عسى أنْ تَفوزَ ببعضِ المرادِ.
(قولُه: وإنَّما قَدَّمَ هذا الكلامَ إلخ)، أيْ: وإنَّما قَدَّمَ على المقصودِ هذا الكلامَ الذي هوَ قولُه: فأَلْقِ نحوَ ما أقولُ إلخ.
(قولُه: خَطِرٌ)، بفتْحِ الخاءِ وكسْرِ الطاءِ. وقولُه: صَعْبُ المرامِ، تفسيرٌ لما قَبلَه.
(قولُه: فلقدْ كانَ السلَفُ الصالحُ إلخ)، لكنَّ هذا قَبْلَ تدوينِ المذاهبِ الأربعِ واستقرارِ الأمْرِ عليها، لا بَعْدَ ذلكَ، وإلَّا فحُكْمُ الْجَدِّ معَ الإخوةِ عندَ كلِّ مُجتَهِدٍ من الأئمَّةِ الأربعةِ ومقلِّدِيهم واضحٌ لا خفاءَ فيهِ، ولا صُعوبةَ في الإفتاءِبهِ، فالوعيدُ الواردُ في الإفتاءِ والقضاءِ بهِ إنَّما هوَ في زَمَنِ تعارُضِ المجتهدِينَ واختلافِ آرائِهم فيهِ . اهـ حفنيٌّ.
(قولُه: يَتَوَقَّوْنَ الكلامَ فيهِ جِدًّا)، أيْ: لأنَّهُ وَرَدَ: "أَجْرَؤُكُمْ عَلَى قَسْمِ الْجَدِّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ"، رواهُ الدارَقُطْنِيُّ، والصحيحُ أنَّهُ منْ كلامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُكما في اللؤلؤةِ.
(قولُه: فعَنْ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقتَحِمَ جَرَاثِيمَ جَهنَّمَ)، أيْ: مَنْ أَفْرَحَهُ أنْ يَدخُلَ أُصولَ جَهنَّمَ ومعظَمَها، فسَّرَهُ بمعنى أفرَحَهُ، والاقتحامُ الدخولُ، والجراثيمُ الأصولُ والمُعْظَمُ، جَمْعُ جرثومةٍ بمعنى الأصْلِ والمُعظَمِ. والمقصودُ منْ ذلكَ التنفيرُ من التكلُّمِ في الجَدِّ والإخوةِ، وإلَّا فلا يُفْرِحُ أحدًا دخولُ أُصولِ جَهنَّمَ.
(قولُه: وعن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:سَلُونَا عنْ عُضَلِكُمْ)، أيْ: مُشكِلاتِ أمورِكم، جَمْعُ عُضْلَةٍ، كغُرَفٍ جَمْعِ غُرْفَةٍ. وقولُه: واتْرُكُونَا من الجَدِّ والإخوةِ، أيْ: لا تَسألونا عنْ مسائلِ الجَدِّ. وقولُه: لا حَيَّاهُ اللَّهُ ولا بَيَّاهُ، أيْ: لا مَلَّكَهُ ولا اعْتَمَدَهُ بالتحيَّةِ، كما في الصِّحاحِ. قالَابنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ حَيَّاكَ اللَّهُ، أيْ: ملَّكَكَ من التحيَّةِ، وهيَ الْمُلكُ، ومنهُ: التحيَّاتُ للَّهِ، أي الْمُلكُ للَّهِ، وبيَّاكَ اللَّهُ: اعتَمَدَكَ. ورُوِيَ: بيَّاكَ أضْحَكَكَ، انتهى. والغرَضُ منْ ذلكَ التضَجُّرُ منْ صعوبةِ حكْمِه، لا حقيقةُ الدعاءِ . اهـ حفنيٌّ.
(قولُه: ووَرَدَ عنْ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُأنَّهُ لمَّا طَعَنَه أبو لؤلؤةَ)، وسببُ ذلكَ أنَّهُ كانَ عبدًاللمُغِيرَةِ وكانَ مجوسيًّا، وقيلَ: نصرانيًّا، وكانَ سيِّدُهُ جَعَلَ عليهِ كلَّ يومٍ أربعةَ دراهمَ، وكانَ يَطْحَنُ على الرَّحا، فكلَّمَ عُمَرَ ليُخَفِّفَ عنهُ منْ ذلكَ، فقالَ لهُ: ليسَ ذلكَ عليكَ بكثيرٍ، اتَّقِ اللَّهَ وأحسِنْ إلى مَوْلاكَ، فغَضِبَ اللعينُ وعَمَدَ إلى الْحَدَّادِ وعَمِلَ لهُ خِنْجَرًاقبْضَتُهُ في وسَطِه ولهُ طرَفانِ، وسَمَّهُ. ولمَّا دَخَلَ عمرُ في صلاةِ الصبْحِ لسبْعٍ بَقِيَتْ منْ ذي الحَجَّةِ، وكبَّرَ للإحرامِ، طَعَنَهُ بذلكَ الْخِنْجَرِ، فقالَ: قَتَلَني الكلبُ، فهَرَبَ وبيدِه خِنجَرُهُ، فصارَ لا يَمُرُّ على أحدٍ يَمينًا ولا شِمالًا إلَّا طَعَنَهُ، حتَّى طَعَنَ ثلاثةَ عشَرَ رجلًا ماتَ منهم سبعةٌ أوْ تسعةٌ. فلمَّا رأى ذلكَ رجُلٌ من المسلمينَ طَرَحَ عليهِ بُرْنُسًا. فلمَّا علِمَ أنَّهُ مأخوذٌ نَحَرَ نفْسَه. وكادت الشمسُ أنْ تَطْلُعَ، فتَقَدَّمَ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ وصَلَّى بالناسِ، ثمَّ ماتَ عمرُ ودُفِنَ بجانبِ أبي بكرٍ لأربعٍ بَقِيَتْ منْ ذي الحَجَّةِ سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ، وهوَ ابنُ ثلاثٍ وستِّينَ سنةً، وكانتْ خلافتُه عشْرَ سنينَ وستَّةَ أشهُرٍ وخمسَ ليالٍ، وقيلَ ثلاثةَ عشَرَ يومًا ا هـ . لؤلؤةٌ بزيادةٍ.
(قولُه: لا أقولُ في الجَدِّ شيئًا)، أيْ: لا أقولُ في إِرْثِ الجَدِّ شيئًا يُوثَقُ بهِ، وإلَّا فقدْ رُوِيَ عنهُ الأقوالُ المتَقَدِّمَةُ. ونَقَلَ السبْطُ في شرْحِ الجعبريَّةِ عن القاضي أبي الطيِّبِ أنَّ عمرَ أوَّلُ جَدٍّ قاسَمَ الإخوةَ، وكذا يُقالُ في قولِه: ولا أقولُ في الكَلالةِ شيئًا، نَقَلَهُ الرشيديُّ عن الطائيِّ.
(قولُه: ولا أُوَلِّي عليكم أحدًا)، أيْ: بلْ تُولُّونَ مَنْ شِئتُم.
(قولُه: إذا تَقَرَّرَ ذلكَ فنَرْجِعُ إلى كلامِ المؤلِّفِ)، أيْ: إذا ثَبَتَ ما ذُكِرَ فلْنَرْجِعْ إلى شرْحِ كلامِ المؤلِّفِ.
(قولُه: فقولُه)، مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، أيْ: نقولُ في شرْحِه كذا وكذا.
(قولُه: واعلَمْ بأنَّ الجَدَّ إلخ)، أيْ: واجْزِمْ بأنَّ الجَدَّ إلخ، فضَمَّن اعْلَمْ معنى اجْزِمْ، فعَدَّاهُ بالباءِ. وقولُه: أيْ معَ الإخوةِ، أيْ: لا وَحْدَهُ.
(قولُه: أحوالٍ)، جَمْعُ حالٍ، وهيَ تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ. وقولُه: باعتباراتٍ، أيْ: بسببِها.
(قولُه: فباعتبارِ أهلِ الفرْضِ معهم)، أيْ: معَ الجَدِّ والإخوةِ. وقولُه: وُجودًا وعَدَمًا، أيْ: منْ جهةِ وجودِهم وعدَمِهم.
وقولُه: حالانِ، لا بُدَّ من اعتبارِ هذينِ الحالينِ فيما بعدُ، حتَّى تَتأتَّى الأحوالُ الآتيةُ كما سنبيِّنُهُ لكَ.
(قولُه: وباعتبارِ ما لهُ من الْمُقَاسَمَةِ)، أيْ: مُقاسَمةِ الإخوةِ. وقولُه: والثلُثِ، أيْ: ثلُثُ جميعِ المالِ كما هوَ المتبادَرُ.ويَحتَمِلُ أنَّ المرادَ بهِ ما يَشمَلُ ثلُثَ الباقي. وقولُه: وغيرِهما، أيْ: من السدُسِ وثلُثِ الباقي، إنْ لمْ نُدْخِلْهُ في الثلُثِ. وقولُه: خمسةُ أحوالٍ، أيْ: لأنَّهُ لمْ يكُنْ معهُ صاحبُ فرْضٍ، فلهُ حالانِ؛ المقاسَمَةُ وثلُثُ المالِ. وإنْ كانَ معهُ صاحبُ فرْضٍ فلهُ أحوالٌ ثلاثةٌ؛ المقاسَمَةُ وثلُثُ الباقي وسدُسُ جميعِ المالِ، فالجملةُ خمسةُ أحوالٍ إجمالًا.
(قولُه: وباعتبارِ ما يُتَصَوَّرُ في تلكَ الأحوالِ الخمسةَ عشَرَ أحوالٌ)، أيْ: لأنَّهُ إذا كانَ معهُ صاحبُ فرْضٍ فإمَّا أنْ تَتعيَّنَ المقاسَمَةُ، وإِمَّا أنْ يَتعيَّنَ ثلُثُ الباقي، وإمَّا أنْ يَتعيَّنَ سدُسُ جميعِ المالِ، أوْ تستويَ لهُ المقاسَمَةُ وثلُثُ الباقي، أو المقاسَمَةُ وسدُسُ جميعِ المالِ، أوْ ثلُثُ الباقي وسدُسُ جميعِ المالِ، أو الثلاثةُ. وإنْ لمْ يكُنْ معهم صاحبُ فرْضٍ، فإمَّا أنْ تَتعيَّنَ المقاسَمَةُ أوْ يَتعيَّنَ ثلُثُ جميعِ المالِ أوْ يستوِيَا. ففيما إذا كانَ معهم صاحبُ فرْضٍ سبعةُ أحوالٍ، وفيما إذا لمْ يكُنْ معهم صاحبُ فرْضٍ ثلاثةُ أحوالٍ، والجملةُ عشَرةٌ.
(قولُه: وباعتبارِ انفرادِ أحَدِ الصِّنفينِ معهُ واجتماعِهما معهُ أربعةُ أحوالٍ)، أيْ: لأنَّهُ إمَّا أنْ يكونَ معهُ أحدُ الصِّنفينِ، أوْ يَجتمِعَا معهُ. وعلى كلٍّ إمَّا أنْ يكونَ معهُ صاحبُ فرْضٍ أوْ لا، فلا بُدَّ منْ ملاحظةِ وجودِ صاحبِ الفرْضِ وعدَمِه حتَّى تَحْصُلَ الأربعةُ أحوالٍ. والمرادُ بالصِّنفينِ الإخوةُ الأشقَّاءُ والإخوةُ لأبٍ، ولمْ يَعُدَّ أحدَ الصِّنفينِ حاليْنِ معَ أنَّ أحدَهما إمَّا أشقَّاءُ أوْ لأبٍ؛ لأنَّ الحكْمَ مُتَّحِدٌ في كلٍّ منهما.
(قولُه: أُنْبِيكَ)، بضمِّ الهمزةِ منْ أَنْبَأَ، ويَجوزُ فتْحُها منْ نَبَّأَ؛ فإنَّ الْجَوْهَرِيَّ جعَلَ الفعْلَ منها ثلاثيًّا ورباعيًّا، وأُبْدِلَتْ همزتُه ياءً بعدَ تسكينِها تخفيفًا. وقولُه: عنهنَّ إنَّما أَتَى بنونِ النسوةِ لضِيقِ النظْمِ، وإلَّا فكانَ مُقتَضَى الظاهِرِ أنْ يَنزِلَ عنها.
(قولُه: إمَّا تَصريحًا)، وذلكَ كالمقاسَمَةِ وثلُثِ جميعِ المالِ وغيرِهما ممَّا يأتي التصريحُ بهِ في كلامِه. وقولُه: وإمَّا ضِمْنًا منْ تفاريعِ الكلامِ، وذلكَ في صُوَرِ مساواةِ الثلُثِ أو السدُسِ أوْ ثلُثِ الباقي للمقاسَمَةِ؛ فإنَّها تُفْهَمُ منْ تفاريعِ الكلامِ ضِمنًا، ولمْ يُصَرِّحْ بها المصنِّفُ.
(قولُه: على التوالي)، أيْ: على التتابُعِ. وقولُه: بحسَبِ الحاجةِ، أيْ: بقَدْرِ حاجةِ النظْمِ، فلا يَرِدُ أنَّهُ يَتخلَّلَ تلكَ الأحوالِ كلماتٌ قليلةٌ كتكملةِ بيتٍ ونحوَ ذلكَ.
(قولُه: يُقاسِمُ الإخوةَ إلخ)، هذا شروعٌ في تفصيلِ الأحوالِ، فذَكَرَ أوَّلَها وهوَ المقاسَمَةُ، سواءٌ كانَ معهُ ذو فرْضٍ أمْ لا، هكذا قالَ بعضُهم. وعليهِ فكانَ المناسِبُ في قولِ المصنِّفِ: فتارةً يأخُذُ إلخ، التعبيرَ بالواوِلا بالفاءِ؛ لأنَّهُ ليسَ تفريعًا على ما قَبْلَهُ، بلْ بيانٌ لحالةٍ أُخْرَى مقابِلَةٌ للمقاسَمَةِ. وأفادَ العَلَّامَةُ الأميرُ أنَّ هذا البيتَ، يعني قولَهُ: يُقاسِمُ الإخوةَ إلخ، ذَكَرَهُ المصنِّفُ مُجمَلًا، ولاَ يَضُرُّ حَذْفُهُ. وقولُه: فتارةً إلخ، بفاءِ الفصيحةِ، تفصيلٌ لللأحوالِ المجمَلةِ اهـ. فأشارَللأحوالِ إجمالًا بقولِه: يُقاسِمُ الإخوةَ إلخ؛ فإنَّها تُؤْخَذُ منهُ إجمالًا منطوقًا ومفهومًا، ثمَّ فَصَّلَها بقولِه: فتارةً إلخ، منطوقًا ومفهومًا كما سيأتي.
(قولُه: فيهنَّ)، أيْ: حالَ كَوْنِ المقاسَمَةِ معدودةً منهنَّ، فهوَ متَعَلِّقٌ بمحذوفٍ هوَ حالٌ. وفي بمعنى مِنْ كما أشارَ إليهِ الشارحُ بقولِه: والمرادُ إلخ، فليسَ المرادُ أنَّهُ يُقَاسِمُ الإخوةَ في جميعِ الأحوالِ كما هوَ ظاهِرُ كلامِ المصنِّفِ.
(قولُه: أيْ في تلكَ الأحوالِ)، تفسيرٌ للضميرِ معَ إعادةِ الجارِّ وهوَ في.
(قولُه: والمرادُ أنَّ المقاسَمَةَ إلخ)، إنَّما عبَّرَ الشارحُ بالمرادِ لأنَّ ظاهِرَ المتْنِ خلافُ المرادِ؛ فإنَّهُ يُوهِمُ أنَّ المقاسَمَةَ تكونُ للجَدِّ في جميعِ الأحوالِ كما تَقَدَّمَ. وقولُه: في عِدادِ تلكَ الأحوالِ، أيْ: في معدوداتٍ هيَ تلكَ الأحوالُ. وقولُه: ومنْ جُملَتِها، تفسيرٌ لما قَبْلَهُ، وهذا على النسخةِ التي فيها: والمقاسَمَةُ إلخ، بالواوِ التي للاستئنافِ، وعليها فالمقاسَمَةُ مبتدأٌ، والخبرُ محذوفٌ، أيْ: تكونُ إذا لمْ يَعُدْ إلخ. وفي بعضِ النُّسَخِ: ومنْ جُمْلَتِها المقاسَمَةُ إلخ، وعليهِ فالجارُّ والمجرورُ خَبَرٌ مقَدَّمٌ، والمقاسَمَةُ مبتدأٌ مؤخَّرٌ.
(قولُه: والمقاسَمَةُ المذكورةُ)، أيْ: مقاسَمَةُ الإخوةِ، ولا حاجةَ لذلكَ؛ لأنَّ قولَه: إذا لمْ يَعُدْ إلخ، ظرفٌ لقولِه: يقاسِمُ الإخوةَ، إلَّا أنْ يُقالَ إنَّهُ حَلُّ معنًى.
(قولُه: إذا لم يَعُدْ إلخ)، صادِقٌ بأنْ تكونَ المقاسَمَةُ خيرًا لهُ من الثلُثِ أو السدُسِ أوْ ثلُثِ الباقي، وبأنْ تكونَ مساويةً لما ذُكِرَ. ومفهومُه أنَّهُ إذا عادَ عليهِ القَسْمُ بالأَذى لا يُقاسَمُ. وأصْلُ يَعُدْ يعودُ، فلمَّا دخَلَ عليهِ الجازِمُ حَذَفَ الضمَّةَ، فَالْتَقَى ساكنانِ، فحُذِفَت الواوُ وحُرِّكَت الدالُ بالكسْرِ؛ تَخَلُّصًا من الْتِقَاءِ الساكنَيْنِ. وقولُه: بالأذى، متَعَلِّقٌ بيَعُدْ، والأذى مصْدَرُ أَذِيَ كَتَعِبَ.
(قولُه: أيْ بالضَّرَرِ)، تفسيرٌ للأَذَى. وقولُه: بالنقْصِ، أيْ: بسببِه. وقولُه: عمَّا سيَذْكُرُه، أيْ: منْ ثلُثٍ أوْ سدُسٍ.
(قولُه: سواءٌ كانَ معهم إلخ)، كتَبَ بعضُهم أنَّ الأَوْلَى حذْفُ هذا التعميمِ، وفرْضَ الكلامِ فيما إذا لمْ يكُنْ معهم صاحبُ فرْضٍ؛ لقولِه فيما بعدُ: إنْ لمْ يكُنْ ثَمَّ ذَوُوسهامٍ، انتهى. لكنْ قدْ عَرَفْتَ أنَّ هذا البيتَ ذُكِرَ إجمالًا للأحوالِ، وما بعدَه تفصيلٌ لهُ؛ فالتعميمُ هنا في مَحَلِّه، فتدَبَّرْ.
(قولُه: وبيانُ ذلكَ)، أيْ: ومُبَيِّنُ ماذُكِرَ منْ قولِه: يُقاسِمُ الإخوةَ فيهنَّ إذا لمْ يَعُد القَسَمُ عليهِ بالأذى، فبيانٌ بمعنى مُبَيِّنٍ، مبتدأٌ خبرُه قولُه: أنَّهُ إلخ، والضميرُ في قولِه: أنَّهُ، للحالِ والشأنِ.
(قولُه: وإمَّا أنْ يكونَ)، أيْ: وإمَّا أنْ يكونَ معهم صاحِبُ فرْضٍ.
(قولُه: فإنْ لمْ يكُنْ معهم صاحبُ فرْضٍ لهُ خيْرُ الأمرينِ إلخ)، أيْ: وإنْ كانَ معهم صاحبُ فرْضٍ فلهُ خيرُ الأمورِ الثلاثةِ: المقاسَمَةِ وثلُثِ الباقي وسدُسِ جميعِ المالِ.
(قولُه: فتارةً إلخ)، أيْ: إذا أرَدْتَ بيانَ الأحوالِ فتارةً إلخ، فالفاءُ فاءُ الفصيحةِ. وكتَبَ بعضُهم أنَّ الأَوْلَى أنْ يقولَ: وتارةً، وقدْ تَقَدَّمَ توجيهُ كلٍّ من التقريرينِ. وتارةً بمعنى حالةٍ، ظرْفٌ ليأخُذُ. وثُلْثًا بسكونِ اللامِ. وقولُه: كاملًا، صفةُ ثُلْثًا. وظاهِرُ كلامِ المصنِّفِ أنَّهُ يأخُذُ الثلُثَ في هذهِ الحالةِ فرْضًا، وهوَ ظاهِرُ نصِّ الأمِّ أيضًا كما قالَه ابنُ الرفعةِ، وصرَّحَ بهِ ابنُ الهائمِ في شرْحِ كفايتِه. لكنَّ ظاهِرَ كلامِ الغزاليِّ والرافعيِّ أنَّهُ يأخُذُ بالتعصيبِ، قالَه السبكيُّ، وهوَ عندي أقرَبُ. وقالَ في شرْحِ الترتيبِ: والأَوْلَى ما جَرَى عليهِ ابنُ الهائمِ وهوَ ظاهِرُ عباراتِ كثيرٍ من الفَرَضِيِّينَ، أفادَه في اللؤلؤةِ.
(قولُه: وذلكَ)، أيْ: كونُه نازِلًا عنهُ بالقِسمةِ. وقولُه: في صوَرٍ غيرِ منْحَصِرَةٍ، أيْ: في عددٍ كالخمسةِ والثلاثةِ فيما بعدُ، وضابطُها أنْ تَزيدَ الإخوةُ على مِثْلَيْهِ كجَدٍّ وأخَوَيْنِ وأختٍ، وكَجَدٍّ وثلاثةِ إخوةٍ، وهكذا إلى ما فوقَ.
(قولُه: منها جَدٌّ وأخَوَانِ وأختٌ)، أيْ: ومنها جَدٌّوثلاثُ إخوةٍ إلى ما زادَ كما علِمْتَ.
(قولُه: فإنْ لمْ يكُنْ نازِلًا عنهُ)، أيْ: عن الثلُثِ. وهذا مفهومُ قولِ المصنِّفِ إنْ كانَ بالقِسمةِ عنه نازِلًا. وقولُه: بأنْ كانت المقاسَمَةُ إلخ، تصويرٌ لعدَمِ كونِه نازِلًا عنه.
(قولُه: وذلكَ)، أيْ: كونُ المقاسَمَةِ أحظَّ. وقولُه: في خمْسِ صُوَرٍ، أيْ: منْحَصِرٌ في خمْسِ صُوَرٍ. وقولُه: وضابطُها أنْ تكونَ الإخوةُ أقلَّ منْ مِثْلَيْه، أيْ: بأنْ يَكونوا مَثَلًا ونِصْفًا فما دونَ ذلكَ، كما في اللؤلؤةِ.
(قولُه: وهيَ)، أي: الخمْسُ صُوَرٍ. وقولُه: جَدٌّ وأخٌ، فالمقاسَمَةُ أحَظُّ لهُ في هذهِ الصورةِ؛ إذْ بها يَخُصُّه فيها نصْفُ المالِ، وهوَ أكثَرُ من الثلُثِ كما لا يَخْفَى. وقولُه: جَدٌّ وأختٌ، فالمقاسَمَةُ أحظُّ لهُ في هذهِ الصورةِ؛ إذْ بها يَخُصُّه فيها الثلُثانِ، وهما أكثَرُ من الثلُثِ قَطْعًا. وقولُه: جَدٌّ وأختانِ، فالمقاسَمَةُ أحظُّ لهُ في هذهِ الصورةِ؛ إذ بها يَخُصُّه فيها النصْفُ كالصورةِ. وقولُه: جَدٌّ وثلاثُ أخواتٍ، فالمقاسَمَةُ أحظُّ لهُ في هذهِ الصورةِ؛ إذْ بها يَخُصُّه الْخُمُسَانِ، وهما أكثَرُ من الثلُثِ؛ لأنَّ العددَ الجامِعَ للكَسْرَينِ خمسةَ عشَرَ، فثلُثُه خمسةٌ، وخُمُساهُ ستَّةٌ، وهيَ أكثَرُ من الخمسةِ بواحِدٍ، وهوَ ثلُثُ الخُمُسِ من العددِ المذكورِ، وهكذا يُقالُ في الصورةِ الباقيَةِ، أعنِي قولَهُ: جَدٌّ وأخٌ وأختٌ. ا هـ ملَخَّصًا من اللؤلؤةِ.
(قولُه: أوْ كانت المقاسَمَةُ والثلُثُ إلخ)، عطْفٌ على قولِه: بأنْ كانت المقاسَمَةُ أحظَّ، فهوَ منْ جملةِ تصويرِ عدَمِ كونِه نازِلًا عن الثلُثِ بالقِسمةِ. وقولُه: سِيَّانِ، كانَ مُقْتَضَى الظاهِرِ سِيَّيْنِ؛ لكنْ قدْ يُقالُ: جَرَى على لغةِ منْ يُلزِمُ الْمُثَنَّى الألِفَ في الأحوالِ الثلاثةِ.
(قولُه: وذلكَ)، أيْ: كونُ المقاسَمَةِ والثلُثِ سِيَّيْنِ. وقولُه: في ثلاثِ صُوَرٍ، أيْ: منْحَصِرٌ في ثلاثِ صُوَرٍ، وضابطُها أنْ تكونَ الإخوةُ مِثلَيْهِ كما قالَه العلَّامَةُ الأميرُ.
(قولُه: وهيَ)، أي: الثلاثُ صُوَرٍ. وقولُه: جَدٌّ وأَخَوَانِ، فيَسْتَوِيلهُ المقاسَمَةُ والثلُثُ؛ فإنَّهُ إنْ قاسَمَ أخَذَ ثُلُثًا، وإنْ لمْ يُقاسِمْ فكذلكَ، وهكذا يُقالُ فيما بعدُ.
(قولُه: فإنَّهُ يُقاسِمُ الإخوةَ)، جوابُ الشرْطِ في قولِه: فإنْ لمْ يكُنْ نازِلًاعنه. وقولُه: إذْ ذاكَ، أيْ: وقْتَ كونِ المقاسَمَةِ أحظَّ، أوْ كونِ المقاسَمَةِ والثلُثِ سِيَّيْنِ، فإذْ بمعنى وقْتَ، ظرْفٌ لقولِه: يُقاسِمُ. واسمُ الإشارَةِ راجِعٌ لكونِ المقاسَمَةِ أحَظَّ، أوْ كونِ المقاسَمَةِ والثلُثِ سِيَّيْنِ، وهوَ مبتدأٌ خَبَرُه محذوفٌ، والتقديرُ: إذْ ذاكَ ثابتٌ أوْ حاصلٌ، أوْ نحوَ ذلكَ.
(قولُه: كما عُلِمَ منْ كلامِه السابقِ)، أيْ: منْ قولِه: يُقاسِمُ الإخوةَ فيهنَّ إذا لمْ يَعُد القسَمُ عليهِ بالأَذَى.
(قولُه: فظاهِرُ كلامِه إلخ)، أيْ: حيثُ قالَ: يُقاسِمُ الإخوةَ إلخ؛ فإنَّهُ صادِقٌ بما إذا كانا سِيَّيْنِ. وقولُه: اختيارُ التعبيرِ بالمقاسَمَةِ، أيْ: كأنْ يقولَ: يقاسِمُ الجَدَّ فيَأخُذُ الثلُثَ تَعصيبًا لا فرْضًا. وقولُه: حيثُ استَوَى الأمرانِ، أيْ: في صوَرِ استواءِ المقاسَمَةِ والثلُثِ.
(قولُه: وهوَ أحَدُ ثلاثةِ أقوالٍ)، فقيلَ: يُعَبَّرُ بالمقاسَمَةِ، وعليهِ فإرْثُهُ بالتعصيبِ، وقيلَ: يُعَبَّرُ بالثلُثِ، وعليهِ فإرْثُه بالفرْضِ، وقيلَ: بالتخييرِ، فيَتَخَيَّرُ المفتِي بينَ أنْ يُعَبِّرَ بالمقاسَمَةِ أوْ بالثلُثِ. ولذلكَ قالَشيخُ الإسلامِ في شرْحِ الفصولِ: وحَكَى بعضُ العلماءِ في إِرْثِه ثلاثةَ أقوالٍ: يَرِثُ بالفرْضِ، يَرِثُ بالتعصيبِ، يَتَخَيَّرُ الْمُفْتِي. وقالَ السِّبْطُ رحِمَهُ اللَّهُ: الْأَوْلَى التعبيرُ بالثلُثِ دونَ المقاسَمَةِ؛ لقولِ بعضِ أصحابِنا: إنَّ الأخْذَ بالفرْضِ إنْ أمْكَنَ كانَ أَوْلَى لقُوَّةِ الفرْضِ، وتقديمِ ذَوِي الفروضِ على العَصَبَةِ.
وقالَ الْمتولِّيُّ: إذا استَوَى للجَدِّ المقاسَمَةُ والثلُثُ، يُعْطَى الثلُثَ دونَ المقاسَمَةِ. واستَظْهَرَ بعضُهم القولَ بالتخييرِ، وتَظْهَرُ فائدةُ هذهِ الأقوالِ كما قالَه ابنُ الهائمِ في الوصيَّةِ، كمالوْ أَوْصَى بثلُثِ الباقي مثَلًا بعدَ الفرْضِ، وماتَ عنْ جَدٍّ وأَخَوَيْنِ، وأجازَ الأخوانِ. فَعَلَى الأوَّلِ تَصِحُّ الوصيَّةُ، وعلى الثاني تَبْطُلُ لعَدَمِ ما تَعَلَّقَ بهِ بعدِيَّتُها. وأمَّا على الثالثِ فالظاهِرُ الصحَّةُ على تقديرِ اختيارِ المفتِي التعبيرَ بالثلُثِ. وفي الحِسابِ كما لوْ كانَ هناكَ جَدٌّ وأربَعُ أخواتٍ، فَعَلَى الأوَّلِ أصْلُها ثلاثةٌ، وتَصِحُّ منْ ستَّةٍ. وعلى الثاني أصلُها ستَّةٌ منْ أوَّلِ الأمْرِ. وعلى الثالثِ تَخْتَلِفُ باختلافِ التعبيرِ. فما قِيلَ منْ أنَّهُ لا يَظْهَرُ للخِلافِ فائدةٌ ليسَ بشيءٍ، أفادَه في اللؤلؤةِ معَ بعضِ زيادةٍ.
(قولُه: وهذا كلُّه)، أيْ: ماذُكِرَ من المقاسَمَةِ أو الثلُثِ. وقولُه: ثَمَّ، بفتْحِ المثلَّثَةِ، ظرْفُ مكانٍ؛ ولذلكَ فسَّرَها الشارحُ بقولِه: أيْ هناكَ.
(قولُه: ذَوُوسهامٍ)، بصيغة الجمْعِ كما يقتضيهِ قولُ الشارحِ، أيْ: أصحابُ. وفي بعضِ النُّسَخِ: ذُو سهامٍ، بصيغة الإفرادِ في المضافِ. ولا يستقيمُ الوزنُ عليهِ إلَّا لوْ كانَ بدلَ ثَمَّ هناكَ، كما يُدْرِكُ ذلكَ مَنْ لهُ أدنى إلمامٍ بفنِّ العَرُوضِ، أفادَهُ الأستاذُ الحفنيُّ.
(قولُه: أيْ أصحابُ فروضٍ)، تفسيرٌ للمضافِ والمضافِ إليهِ، فالفروضُ تفسيرٌ للسهامِ، وأصحابُ تفسيرٌ لذَوُوعلى نسخةِ الجمْعِ. ويُمْكِنُ توجيهُه على نسخةِ الإفرادِ بأنَّهُ عبَّرَ في التفسيرِ بالجمْعِ إِشارَةً إلى أنَّ ذُو، وإنْ كانَ مفرداً لفظًا، المقصودُ منهُ الجمْعُ كما في الزيَّاتِ.
(قولُه: من الزوجينِ إلخ)، بيانٌ لأصحابِ الفروضِ؛ وإنَّما اقتصرَ على ما ذكَرَهُ؛ لأنَّ المتصوَّرَ إرْثُهُ معَ الجدِّوالإخوةِ منْ أصحابِ الفروضِ هم السبعةُ المذكورونَ كما في اللؤلؤةِ.
(قولُه: فاقْنَعْ بإيضاحِي)، أيْ: فَارْضَ بتوضيحِي. وقولُه: لكَ، متَعَلِّقٌ بإيضاحِي. وقولُه: الأحكامَ، مفعولٌ لإيضاحِي. وقولُه: عن استفهامِي، بياءِ الإطلاقِ أوْ ياءِ المتكلِّمِ، ويكونُ منْ إضافةِ المصدَرِ لمفعولِه.
(قولُه: أيْ طَلَبِ الفَهْمِ)، أشارَ بذلكَ إلى أنَّ السينَ والتاءَ في استفهامِي للطلَبِ. وقولُه: منِّي، ربَّما يُشيرُ إلى أنَّياءَ استفهامي ياءُ المتكلِّمِ كما هوَ أحَدُ الاحتمالينِ. وقولُه: بطَلَبِ زيادةِ الإيضاحِ، أيْ: بسببِ ذلكَ، فالباءُ للسببيَّةِ.
(قولُه: فإنِّي إلخ)، تعليلٌ لقولِه: فاقْنَعْ بإيضاحِي. وقولُه: قدْ أَوْضَحْتُها، أي الأحكامَ.
(قولُه: وسيأتي معنى القناعةِ وشيءٌ ممَّا وَرَدَ فيها)، عبارتُه فيهِ آخِرُ بابِ الحسابِ بعدُ.
قولُهُ: فاقْنَعْ، من القَناعةِ، وهيَ الرِّضَا باليسيرِ من العَطاءِ، منْ قولِهم: قَنِعَ بالكسْرِ قُنوعًا وقَناعةً، إذا رَضِيَ. والأحاديثُ في فضْلِ القَناعةِ كثيرةٌ شهيرةٌ، منها ما رَوَى الْبَيْهَقِيُّ في الزهْدِ عنْ جابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُعنْ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((الْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى)). وفي النهايةِ لابنِ الأثيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ حديثُ: ((عَزَّ مَنْ قَنِعَ، وَذَلَّ مَنْ طَمِعَ)) انتهى.
(قولُه: ما ذَكَرَه من المقاسَمَةِ والثلُثِ حالانِ إلخ)، كَتَبَ عليهِ بعضُهم ما نَصُّه: فيهِ أنَّ المقاسَمَةَ المذكورةَ في المتْنِ جعَلَها الشارحُ شاملَةً للمقاسَمَةِ فيما إذا كانَ هناكَ صاحبُ فرْضٍ، وللمقاسَمَةِ فيما إذا لمْ يكُنْ هناكَ صاحبُ فرْضٍ؛ حيثُ قالَ بعدَها: سواءٌ كانَ معهم صاحبُ فرْضٍ أمْ لا، فيكونُ ما ذَكَرَهُ ثلاثةَ أحوالٍ لا حالانِ كما قالَ. ويَبْقَى من الخمسةِ أحوالٍ حالانِ لا ثلاثةٌ كما قالَ. نعمْ يَظْهَرُ ما قالَه لوْ حَمَلَ المقاسَمَةَ في المتْنِ على المقاسَمَةِ إذا لمْ يكُنْ هناكَ صاحبُ فرْضٍ، انتهى. وأنتَ خبيرٌ بأنَّ ذلكَ مبنيٌّ على أنَّ قولَ المصنِّفِ يُقاسِمُ الإخوةَ إلخ، بيانٌ لبعْضِ الأحوالِ. وقدْ تَقَدَّمَ عن العلَّامةِ الأميرِ أنَّ هذا البيتَ ذكَرَهُ المصنِّفُ بيانًا للأحوالِ على وجهِ الإجمالِ. وعليهِ فيكونُ أوَّلُ الأحوالِ قولَهُ: فتارةً يأخُذُ ثُلُثًا كاملًا، وثاني الأحوالِ المقاسَمَةُ المأخذوةُ منْ كلامِه بالمفهومِ، كما يُفْصِحُ بذلكَ قولُ الشارحِ. فإنْ لمْ يكُنْ نازِلًاعنهُ إلى أنْ قالَ: فإنَّهُ يُقاسِمُ الإخوةَ، وحينئذٍ فما ذكَرَه المصنِّفُ منطوقًا ومفهومًا من المقاسَمَةِ والثلُثِ حالانِ من الأحوالِ الخمسةِ، ويَبْقَى منها ثلاثةُ أحوالٍ، فتدَبَّرْ.
(قولُه: من الأحوالِ الخمسةِ)، أي: التي هيَ المقاسَمَةُ أوْ ثلُثُ المالِ إنْ لمْ يكُنْ هناكَ صاحبُ فرْضٍ، أو المقاسَمَةُ أوْ ثلُثُ الباقي أوْ سدُسُ جميعِ المالِ إنْ كانَ هناكَ صاحبُ فرْضٍ. وقولُه: التي أَشَرْتُ إليها أوَّلَ البابِ، أيْ: في قولِه: وباعتبارِ ما لهُ من المقاسَمَةِ والثلُثِ وغيرِهما خمسةُ أحوالٍ، بعدَ قولِ المصنِّفِ: واعْلَمْ بأنَّ الجَدَّ ذو أحوالٍ.
(قولُه: يَبقى ثلاثةُ أحوالٍ)، كتَبَ عليهِ بعضُهم: قدْ علِمْتَ ما فيهِ. وأنتَ قدْ علِمْتَ ما فيهِ، فكلامُ الشارحِ مستقيمٌ.
(قولُه: ويَرْجِعُ الحالانِ)، أي: المذكورانِ، وهما المقاسَمَةُ والثلُثُ. وقولُه: إلى ثلاثةِ أحوالٍ منْ عشَرةٍ، أي التي هيَ تُعَيِّنُ المقاسَمَةَ وتُعَيِّنُ الثلُثَ واستواءَ الأمْرَيْنِ إنْ لمْ يكُنْ هناكَ صاحبُ فرْضٍ، وتُعَيِّنُ المقاسَمَةَ وتُعَيِّنُ ثلُثَ الباقي وتُعَيِّنُ سدُسَ جميعِ المالِ واستواءَ المقاسَمَةِ وثلُثِ الباقي أو المقاسَمَةِ وسُدُسِ جميعِ المالِ أوْ ثلُثِ الباقي وسدُسِ جميعِ المالِ أو الثلاثةِ إنْ كانَ هناكَ صاحبُ فرْضٍ كما تَقَدَّمَ بيانُها.
(قولُه: وهيَ)، أي: الثلاثةُ أحوالٍ. وقولُه: يَبْقَى سبعةٌ، أيْ: منْ عشَرةٍ، وقدْ عَلِمْتَها.
(قولُه: إذا تَقَرَّرَ ذلكَ فقدْ ذُكِرَ إلخ)، أيْ: فأقولُ قدْ ذُكِرَ إلخ؛ لأجْلِ أنْ يَترتَّبَ الجوابُ على الشرْطِ. وقولُه: في ثلاثةِ أحوالٍ، أيْ: إجمالًا، وهيَ تَرْجِعُ لسبعةٍ تفصيلًا كما عُلِمَ ممَّا مَرَّ. وقولُه: بقولِه، متَعَلِّقٌ بِذُكِرَ.
(قولُه: وتارةً يأخُذُ ثلُثَ الباقي)، لأنَّهُ لوْ لمْ يكُنْ ذو فرْضٍ أَخَذَ ثلُثَ المالِ، فإذا كانَ هناكَ ذو فرْضٍ أخَذَ ثلُثَ الباقي، كما في اللؤلؤةِ.
(قولُه: بعدَ ذَوِي الفُروضِ إلخ)، أيْ: بعدَ أخْذِهم فروضَهم وأرزاقَهم. وقولُه: جَمْعُ فرْضٍ، أيْ: هيَ جَمْعُ فرْضٍ، فهوَ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ. وقولُه: وتَقَدَّمَ تعريفُه، أيْ: بأنَّهُ نصيبٌ مقَدَّرٌ شرْعًا للوارثِ.
(قولُه: وتَقَدَّمَ مَنْ يَرِثُ معهم)، أيْ: معَ الجَدِّ والإخوةِ. وقولُه: آنِفًا، أيْ: قريبًا، عندَ قولِ الناظِمِ: إنْ لمْ يكُنْ ثَمَّ ذَوُوسِهامٍ، قالَه البولاقيُّ.
(قولُه: والأرزاقُ)، هوَ عامٌّ أُريدَبهِ خاصٌّ؛ لأنَّ المرادَ بهِ رِزْقٌ مخصوصٌ، وهوَ الإرثُ بالفرْضِ كما ذكَرَهُ الشارحُ، فعَطَفَ الأرزاقَ حينئذٍ على الفروضِ منْ عَطْفِ المرادفِ أو التفسيرِ. ويُحتَمَلُ أنْ يُرادَ بها ما يَشْمَلُ الوصيَّةَ والدَّيْنَ الذي على الميِّتِ؛ فإنَّهُما مقدَّمانِ على الإرثِ.
(قولُه: جَمْعُ رِزْقٍ)، أيْ: هيَ جَمْعُ رِزْقٍ، فهوَ خبَرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ. وقولُه: وهوَ ما يُنتفَعُ بهِ، هذا ما قالَه أهْلُ السنَّةِ، وقالَت المعتزِلَةُ: هوَ ما مُلِكَ، لكنْ لم يُتْبَعْ هذا القولُ؛ لأنَّهُ يَقتضِي أنَّ الدوابَّ لا تُرْزَقُ؛ لأنَّها لا تَمْلِكُ، ويَرُدُّه قولُه تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، وما أحْسَنَ قولَ صاحِبِ الجوهرةِ:
والرزْقُ عندَ القومِ ما بهِ انْتُفِعْ = وقيلَ لا بلْ ما مُلِكَ وما اتُّبِعْ
(قولُه: ولوْ مُحَرَّمًا)، أيْ: سواءٌ كانَ حلالًا أو مكروهًا أوْ مُحرَّمًا. قالَ صاحبُ الجوهرةِ:
فيَرزُقُ اللَّهُ الحلالَ فاعْلَمَا = ويَرْزُقُ المكروهَ والْمُحَرَّمَا
ويَدُلُّ لذلكَ قولُه تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}. وقالَت المعتزِلةُ: لا يكونُ إلَّا حلالًا؛ لاستنادِه إلى اللَّهِ تعالى في الجملةِ، والمستنَدُ إليهِ تعالى لانتفاعِ عبيدِهِ يَقْبُحُ أنْ يكونَ حرامًا يُعاقَبون عليهِ. وَرُدَّ بأنَّهُ لا قُبْحَ بالنسبةِ إليهِ تعالى يَفعَلُ ما يشاءُ ويَحْكُمُ ما يريدُ، وعقابُهم على الحرامِ لسوءِ مباشَرَتِهم أسبابَهُ. وقالوا أيضًا: أمَرَ اللَّهُ تعالى بالإنفاقِ من الرزْقِ فقالَ: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}، ومَدَحَ على الإنفاقِ منهُ فقالَ: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، وهوَ تعالى لا يَأْمُرُ بالإنفاقِ من الحرامِ، ولا يَمْدَحُ عليهِ. ورُدَّ بأنَّ قرينةَ الأمْرِ والمدْحِ خَصَّتْهُ بالحلالِ، ويَلزَمُ أنَّ المتغذِّيَ طولَ عمُرِه بالحرامِ لمْ يَرْزُقْه اللَّهُ أصْلًا. وهوَ باطِلٌ ذكَرَهُ الشهابُ الرمليُّ في شرْحِ الزبَدِ، انتهى ملَخَّصًا من اللؤلؤةِ.
(قولُه: عندَ أهْلِ السُّنَّةِ)، راجِعٌ لكلٍّ مِنْ قولِه: ما يُنْتَفَعُ بهِ، وقولِه: ولوْ مُحَرَّمًا. ومقابِلُه بالنظَرِ للأوَّلِ ما قالَهُ المعتزِلةُ منْ أنَّهُ ما مُلِكَ، وبالنَّظَرِ للثاني ما قالوهُ أيضًا منْ أنَّهُ لا يكونُ إلَّا حلالًا كما علِمْتَ آنِفًا.
(قولُه: والمرادُ)، أيْ: في عبارةِ المصنِّفِ. وقولُه: رِزْقٌ مخصوصٌ، أيْ: فهوَ عامٌّ أُريدَ بهِ خاصٌّ.
(قولُه: وهل الإِرْثُ بالفرْضِ أيضًا)، الأَوْلَى حذْفُها؛ إذْ لا معنى لها، إلَّا أنْ يُرادَ بها أنَّ الرزْقَ فُسِّرَ بهذا المعنى الخاصِّ كما فُسِّرَ بالمعنى العامِّ.
(قولُه: فهذا)، أيْ: أخْذُهُ ثلُثَ الباقي بعدَ الفروضِ. وقولُه: هوَ الحالُ الأوَّلُ، أيْ: من الأحوالِ الثلاثةِ.
(قولُه: والثاني)، أيْ: والحالُ الثاني. وقولُه: هوَ المقاسَمَةُ، أيْ: فيما إذا كانَ هناكَ ذو فرْضٍ. وقولُه: وهوَ معلومٌ مما ذَكَرَه، أيْ: منْ مفهومِه، كما بيَّنَهُ الشارحُ بقولِه: فإنْ لم تُنْقِصْه المقاسَمَةُ إلخ. وقولُه: بقولِه، متعلِّقٌ بالفعْلِ قبلَه.
(قولُه: هذا)، أيْ: أخْذُه ثلُثَ الباقي. وقولُه: إذا ما كانت المقاسَمَةُ إلخ، بزيادةِ ما، أيْ: إذا كانت المقاسَمَةُ إلخ، بأنْ كانَ ثلُثُ الباقي خيرًالهُ من المقاسَمَةِ. ولا بُدَّ أيضًا أنْ يكونَ خيرًا منْ سدُسِ جميعِ المالِ، وإلَّا كانَ لهُ السدُسُ كما يُعْلَمُ ممَّا بعدُ.
(قولُه: تَنْقُصُه)، بفتْحِ التاءِ لا بِضَمِّها؛ لأنَّ ماضيَهُ نَقَصَ لا أَنْقَصَ. قالَ تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا}، انتهى زيَّاتٌ.
(قولُه: عنْ ذاكَ)، متعلِّقٌ بتَنْقُصُهُ، واسمُ الإشارَةِ راجِعٌ لثُلُثِ الباقي، كما أشارَ إليهِ الشارحُ بقولِه: أيْ عنْ ثلُثِ الباقي.
(قولُه: بالمزاحَمَةِ)، أيْ: بسببِها، فالباءُ سببيَّةٌ كما قالَه الزيَّاتُ. وقولُه: في القِسمةِ، متعلِّقٌ بالمزاحَمَةِ. وقولُه: لكثرةِ الإخوةِ، علَّةٌ لقولِه: تَنْقُصُه عنْ ذاكَ بالمزاحَمَةِ.
(قولُه: فإنْ لمْ تَنْقُصْهُ المقاسَمَةُ إلخ)، بيانٌ لمفهومِ قولِ المصنِّفِ: هذا إذا ما كانت المقاسَمَةُ إلخ، ودَخَلَ تحتَ هذا المفهومِ أربعُ صوَرٍ؛ لأنَّ المقاسَمَةُ إمَّا أنْ تكونَ أحظَّ منْ ثلُثِ الباقي ومنْ سدُسِ الجميعِ، أوْ تكونَ مساويةً لثلُثِ الباقي، أوْ لسدُسِ الجميعِ، أوْ لهُما. فأشارَ بقولِه: لكونِها أحظَّ إلخ، لصورةٍ منْ هذهِ الأربَعِ. وبقولِه: أوْ مساويةً إلخ، لثلاثةٍ منها. ودَخَلَ تحتَ قولِه: وتارةً يأخُذُ سدُسَ المالِ، صُورتانِ، وهما: ما إذا كانت المقاسَمَةُ تَنْقُصُه عن السدُسِ، وكذلكَ ثُلُثُ الباقي، أوْ كانَ ثلُثُ الباقي يُساوِيه. وقدْ تَقَدَّمَتْ صورةٌ في قولِه: وتارةً يأخُذُ ثلُثَ الباقي إلخ، وهيَ ما إذا كانَ ثُلُثُ الباقي خيرًالهُ من المقاسَمَةِ ومنْ سدُسِ جميعِ المالِ، فقدْ تَمَّت الصوَرُ السبْعُ، فتدَبَّرْ.
(قولُه: لكونِها أحظَّ منْ ثلُثِ الباقي)، فيهِ إظهارٌ في مَقامِ الإضمارِ، ولَعلَّ النُّكتةَ مناسَبةُ العطْفِ، فتأمَّلْ.
(قولُه: فهيَ لهُ)، أيْ: فالمقاسَمَةُ لهُ، والجملةُ جوابُ الشرْطِ في قولِه: فإنْ لم تَنْقُصْهُ المقاسَمَةُ إلخ.
(قولُه: أوْ مساويةً)، عطْفٌ على قولِه: أحظَّ. وقولُه: لهما، أيْ: لثلُثِ الباقي وسدُسِ الجميعِ. وقولُه: أوْ لأحدِهما، أيْ: لثلُثِ الباقي أوْ لسدُسِ الجميعِ. وقولُه: فهيَ لهُ أيضًا، أيْ: فالمقاسَمَةُ لهُ في صُوَرِ المساواةِ كما هيَ لهُ في صورةِ كوْنِها أحَظَّ.
(قولُه: على ما تَقتضيهِ عبارتُه)، أيْ: بِناءً على ما تَقضيهِ عِبارتُه ومن اختيارِ التعبيرِ بالمقاسَمَةِ عندَ المساواةِ. وقولُه: سابِقًا، راجعٌ لقولِه: أوْ مساويةً لهما، ولقولِه: أوْ لأحدِهما. لكنْ بالنظَرِ لمساواةِ المقاسَمَةِ لثلُثِ الباقي واقتضاءِ عبارتِه سابِقًا لذلكَ بالمفهومِ فإنَّ مفهومَ قولِه سابقًا: هذا إذا ما كانت المقاسَمَةُ تَنْقُصُه عنْ ذاكَ إلخ، أنَّ لهُ المقاسَمَةَ في صُورَتَي المساواةِ المذكورتَيْنِ.
وقولُه: لاحِقًا، راجِعٌ لقولِه: أوْ لأحدِهما، بالنظَرِ لمساواةِ المقاسَمَةِ للسدُسِ واقتضاءِ عبارتِه لَاحِقًا لذلكَ باعتبارِ مفهومِ القيْدِ الملاحَظِ، وهوَ إنْ كانت المقاسَمَةُ تَنْقُصُه عن السدُسِ. وحَذَفَهُ المصنِّفُ اكتفاءً بذِكْرِه فيما قَبْلَه، والتقديرُ: وتارةً يأخُذُ سدُسَ المالِ إنْ كانت المقاسَمَةُ تَنْقُصُه عنهُ؛ فإنَّ مفهومَ ذلكَ أنَّ المقاسَمَةَ لهُ إذا لم تَنْقُصْهُ عنهُ وهوَ صادقٌ بمساواتِها لهُ، فقولُه: منْ معنى قولِه إلخ، راجعٌ لقولِه: لاحِقًا، لكنْ باعتبارِ مفهومِ القَيْدِ الملاحَظِ. ولما في ذلكَ من الْخَفاءِقالَبعضُهم في أخْذِ ذلكَ منْ قولِه: (وتارةً): يَأخُذُ سدُسَ المالِ، تأمَّل، انتهى. وقولُه: ذاكرًا الحالَ الثالثَ، أيْ: حالَ كونِه ذاكِرًا الحالَ الثالِثَ.
(قولُه: وتارةً يأخُذُ سدُسَ المالِ)، أيْ: إذا كانت المقاسَمَةُ تَنْقُصُه عنهُ، وكانَ ثلُثُ الباقي يَنْقُصُه عنهُ أيضًا أوْ يُساويهِ، وهلْ يأخُذُ السدُسَ فرْضًا أوْ تَعصيبًا، صَرَّحَ البلقينيُّ بالأوَّلِ، وقالَ ابنُ الهائمِ في شرْحِ كفايتِه: الظاهِرُ أنَّهُ بالعُصوبةِ اهـ. قالَفي شرْحِ الترتيبِ: والأوْجَهُ الأوَّلُ. اهـ من اللؤلؤةِ.
(قولُه: وليسَ عنهُ نازِلًا إلخ)، أيْ: لأنَّ الأولادَ لا يَنقُصُونَهُ عنه، فالإخوةُ أَوْلَى، قالَهُ في اللؤلؤةِ.
(قولُه: اسْمًا لا حقيقةً)، أيْ: منْ جهةِ الاسمِ، وهوَ لفْظُ السدُسِ، لا منْ جهةِ الحقيقةِ، فلا يَرِدُ أنَّهُ قدْ يَأخُذُ سدُسًا عائلًا كلُّه أوْ بعضُهُ كما سيَذْكُرُه الشارحُ، فالواجِبُ المحافَظَةُ لهُ على اسمِ السدُسِ لا حقيقتِه كماقالَه البولاقيُّ.
(قولُه: بحالٍ)، أيْ: في حالٍ، فالباءُ بمعنى في.
(قولُه: فإنْ كانت المقاسَمَةُ أوْ ثلُثُ الباقي إلخ)، غَرَضُه بهذهِ الجملةِ والتي بعدَها، أعني قولَه: فإنْ ساواهُ ثلُثُ الباقي فكذلكَ، بيانُ الصورتينِ المنْدَرِجَتينِ تحتَ قولِه: وتارةً يأخُذُ سدُسَ المالِ، ولوْ قالَ بَدَلَ ذلكَ تقييدًاللمتْنِ: إنْ كانت المقاسَمَةُ تَنْقُصُه عنه، وكانَ ثلُثُ الباقي يَنْقُصُ عنه أيضًا أوْ يساويهِ، لكانَ أحسَنَ.
(قولُه: يَنْقُصُ الْجَدُّ فيهما)، الأَوْلَى: فيهِ؛ لأنَّ العطْفَ بأوْ.
(قولُه: فكذلكَ)، أيْ: فالسدُسُ لهُ.
(قولُه: فعُلِمَ ممَّا قَرَّرْتُه إلخ)، تفريعٌ على ما تَقَدَّمَ في شرْحِ كلامِ المصنِّفِ. وقولُه: سبعةُ أحوالٍ، ثلاثةٌ منها تُعْلَمُ منْ منطوقِ كلامِ المصنِّفِ، وأربعةٌ منها تُعْلَمُ منْ مفهومِه، وقدْ بَيَّنَها الشارحُ في قولِه: فإنْ لم تَنْقُصْهُ المقاسَمَةُ إلخ.
(قولُه: وهيَ)، أي: السبعةُ أحوالٍ.
(قولُه: في نحوَ أمٍّ وجَدٍّ وخمسةِ إخوةٍ)، أيْ: ممَّا كانَ فيهِ الفرْضُ دونَ النصْفِ، وكانت الإخوةُ أكثَرَ منْ مِثلَيْهِ. ووَجْهُ تعيُّنِ ثلُثِ الباقي في ذلكَ أنَّ الباقيَ بعدَ سدُسِ الأمِّ خمسةٌ على الْجَدِّ والخمسةِ إخوةٍ، وثلُثُها واحدٌ، وثلثانِ. ولا شكَّ أنَّ ذلكَ أكثرُ من المقاسَمَةِ والسدُسِ، لكنَّ الباقيَ ليسَ الثلُثَ صحيحٌ، فتُضْرَبُ الثلاثةُ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ ستَّةٌ، تَبْلُغُ ثمانيةَ عشَرَ، فللأمِّ واحدٌ في ثلاثةٍ بثلاثةٍ، وللجَدِّ ثلُثُ الباقي خمسةٌ، يَبْقَى عشَرةٌ على خمسةِ إخوةٍ، لكلِّ واحدٍ اثنانِ.
(قولُه: في نحوَ زوجٍ وجَدٍّ وأخٍ )، أيْ: ممَّا كانَ فيهِ الفَرْضُ قَدْرَ النصْفِ، وكانت الإخوةُ أقَلَّ منْ مِثلَيْهِ. ووجْهُ تعيُّنِ المقاسَمَةِ في ذلكَ أنَّ الباقيَ بعدَ نصْفِ الزوجِ النصْفُ الآخَرُ على الجَدِّ والأخِ. ولا شَكَّ أنَّ نصْفَهُ وهوَ الربُعُ أكثرُ منْ ثلُثِ الباقي ومن السدُسِ، لكنَّ الباقيَ لا يَنقَسِمُ على الْجَدِّ والأخِ، فيُضْرَبُ اثنانِ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ اثنانِ، تَبْلُغُ أربعةً. فللزوجِ واحدٌ في اثنينِ باثنينِ، يَبْقَى اثنانِ؛ للجَدِّ واحدٌ وللأخِ واحدٌ.
(قولُه: في نحوَ زوجٍ وأمٍّ وجَدٍّ وأخوينِ)، أيْ: ممَّا كانَ الفرْضُ فيهِ قَدْرَ الثلُثينِ، وكانت الإخوةُ أكثَرَ منْ مِثْلَيْهِ بواحدٍ ولوْ أنثى.
ووجْهُ تَعيُّنِ السدُسِ في ذلكَ أنَّ الباقيَ بعدَ نصْفِ الزوجِ وسدُسِ الأمِّ اثنانِ على الجَدِّ والأخوينِ. ولا شكَّ أنَّ السدُسَ أكثرُ منْ ثلثِ الباقي ومن المقاسَمَةِ، لكنْ يَبْقَى واحدٌ على الأخَوَيْنِ لا يَنقسِمُ عليهما، فيُضْرَبُ اثنانِ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ ستَّةٌ، تَبْلُغُ اثْنَيْ عشَرَ، فللزوجِ ثلاثةٌ في اثنينِ بستَّةٍ، وللأمِّ واحدٌ في اثنينِ باثنينِ، وللجَدِّ واحدٌ في اثنينِ باثنينِ، يَبْقَى اثنانِ للأخوينِ، لكلِّ واحدٍ منهما واحدٌ.
(قولُه: في نحوَ أمٍّ وجَدٍّ وأخوينِ)، أيْ: ممَّا كانَ فيهِ الفرْضُ دونَ النصْفِ، وكانت الإخوةُ مِثْلَيْه. ووجْهُ استواءِ المقاسَمَةِ وثلُثِ الباقي أنَّ الباقيَ بعدَ سدُسِ الأمِّ خمسةٌ على الجَدِّ والأخوينِ، فثُلُثُ الباقي واحدٌ وثلثانِ، وهوَ مساوٍ للمقاسَمَةِ، لكنْ لا ثلُثَ للباقي صحيحٌ، فتُضْرَبُ ثلاثةٌ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ ستَّةٌ، تَبْلُغُ ثمانيةَ عشرَ، للأمِّ واحدٌ في ثلاثةٍ بثلاثٍ، يَبْقَى خمسةَ عشَرَ، للجَدِّ خمسةٌ بالمقاسَمَةِ أوْ لكونِها ثلُثَ الباقي، ولكلِّ أخٍ خمسةٌ.
(قولُه: في نحوَ زوْجٍ وجَدَّةٍ وجَدٍّ وأخٍ)، أيْ: ممَّا كانَ الفرْضُ فيهِ قَدْرَ الثلُثينِ، وكانت الإخوةُ مِثلَه. ووَجْهُ استواءِ المقاسَمَةِ والسدُسِ أنَّ الباقيَ بعدَ نصْفِ الزوجِ وسدُسِ الجَدَّةِ اثنانِ على الجَدِّ والأخِ، فللجَدِّ واحدٌ بالمقاسَمَةِ أوْ لكونِه السدُسَ، وللأخِ واحدٌ.
(قولُه: في نحوَ زوجٍ وجَدٍّ وثلاثةِ إخوةٍ)، أيْ: ممَّا كانَ الفرْضُ فيهِ قَدْرَ النصْفِ، وكانت الإخوةُ أكثَرَ منْ مِثلَيْهِ. ووَجْهُ استواءِ السدُسِ وثلُثِ الباقي أنَّ الباقيَ بعدَ نصْفِ الزوجِ النصْفُ الآخَرُ على الجَدِّ والثلاثَةِ إخوةٍ، فالسدُسُ قَدْرَ ثُلُثِ الباقي، لكنْ ليسَ للباقي ثلُثٌ صحيحٌ، فتُضْرَبُ الثلاثةُ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ اثنانِ، تَبْلُغُ ستَّةً، للزوجِ واحدٌ في ثلاثةٍ بثلاثةٍ، وللجَدِّ واحدٌ وهوَ ثلُثُ الباقي وهوَ مساوٍ للسدُسِ، ويَبْقَى اثنانِ لا يَنقسمانِ على ثلاثةِ إخوةٍ، فتَصِحُّ منْ ثمانيةَ عشَرَ، يُضْرَبُ ثلاثةٌ في ستَّةٍ، للزوجِ ثلاثةٌ في ثلاثةٍ بتسعةٍ، وللجَدِّ واحدٌ في ثلاثةٍ بثلاثةٍ، يَبْقَى ستَّةٌ على الثلاثةِ إخوةٍ، لكلِّأخٍ اثنانِ.
(قولُه: في نحوَ زوْجٍ وجَدٍّ وأخوينِ)، أيْ: ممَّا كانَ الفرْضُ فيهِ قَدْرَ النصْفِ، وكانت الإخوةُ مِثلَيْهِ. ووجْهُ استواءِ الأمورِ الثلاثةِ أنَّ الباقيَ بعدَ نصْفِ الزوجِ النصْفُ الآخَرُ على الجَدِّ والأخوينِ، فثُلُثُ الباقي والمقاسَمَةُ والسدُسُ متساويةٌ، لكنْ لا ثُلُثَ للباقي صحيحٌ، فتُضْرَبُ ثلاثةٌ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ اثنانِ، بستَّةٍ، فللزوجِ واحدٌ في ثلاثةٍ بثلاثةٍ، وللجَدِّ واحدٌ على كلِّ حالٍ، ولكلٍّ من الأخوَيْنِ واحدٌ.
(قولُه: تَمَّتْ بها الأحوالُ العشرةُ)، أيْ: بواسطةِ انضمامِها إلى الثلاثةِ أحوالٍ فيما إذا لمْ يكُنْ هناكَ صاحبُ فرْضٍ.
(قولُه: وحيثُ استوى الأمرانِ)، أيْ: كالمقاسَمَةِ وثلُثِ الباقي أو المقاسَمَةِ والثلُثِ. وقولُه: أو الأمورُ الثلاثةُ، أي: المقاسَمَةُ وثلُثُ الباقي والسدُسُ.
(قولُه: الأقوالُ الثلاثةُ)، فقيلَ: يَختارُ التعبيرَ بالمقاسَمَةِ، وقيلَ يَختارُ التعبيرَ بثلُثِ الباقي، وقيلَ: يُخَيَّرُ المفتِي. وعلى هذا القياسِ، وهذاظاهِرٌ في استواءِ الأمرينِ. وأمَّا استواءُ الأمورِ الثلاثةِ فقدْ يُقالُ: يأتي في التعبيرِ أقوالٌ أربعةٌ: التعبيرُ بثلُثِ الباقي، التعبيرُ بالسدُسِ، التعبيرُ بالمقاسَمَةِ، التخييرُ. والأَوْلَى التعبيرُ بالسدُسِ؛ لأنَّهُ الفَرْضُ المنصوصُ عليهِ كما قالَهُ الأستاذُ الحفنيُّ.
(تنبيهٌ): استُفِيدَ ممَّا تَقَدَّمَ أنَّهُ يَتعيَّنُ للجَدِّ الأحَظُّوإنْ رَضِيَ بغيرِه، وصرَّحَ بهِ في شرْحِ الترتيبِ. وفَارِقٌ ما لوْ غُصِبَ مِثْلِيًّا وصارَ متقوَّمًا؛ حيثُ خُيِّرَ المالِكُ بينَ الْمِثْلِ وقِيمةِ ما صارَ إليهِ، حتَّى لوْ أرادَ المالِكُ أخْذَ غيرِ الأحَظِّ كانَ لهُ ذلكَ بأنَّ الإرْثَ قهْرِيٌّ فلا يزولُ المالِكُ عن الزائدِ بمجرَّدِ الاختيارِ، بخلافِ الغصْبِ، هكذا قالَ شيخُ الإسلامِ، ثمَّ قالَ: وفي الحقيقةِ هذهِ ليستْ نظيرةَ تلكَ؛ لأنَّ الثابتَ هنا الخيريَّةُ، وثَمَّ التخييرُ. اهـ. ذكَرَه البولاقيُّ بنوعِ تصَرُّفٍ.
(قولُه: هذا كلُّه)، أيْ: ماذُكِرَ من الأحوالِ السبعةِ فيما إذا كانَ معهُ صاحبُ فرْضٍ. وقولُه: حيثُ بَقِيَ إلخ، أيْ: كانَ في حالةٍ، وتلكَ الحالةُ هيَ أنْ يَبْقَى إلخ. والحاصلُ أنَّ للجَدِّ باعتبارِ ما يَفْضُلُ عن الفرْضِ وجودًا وعَدَمًا أربعةُ أحوالٍ: الحالُ الأوَّلُ أنْ يَفْضُلَ عن الفرْضِ أكثرُ من السدُسِ، فللجَدِّ خيرُ الأمورِ الثلاثةِ من المقاسَمَةِ وثلُثِ الباقي وسدُسِ المالِ. الحالُ الثاني، أنْ يَبقَى قَدْرُ السدُسِ، فهوَ للجَدِّ فرْضًا على الأوْجَهِ. الحالُ الثالثُ، أنْ يَبْقَى دونَ السدُسِ، فيُعالُ للجَدِّ بتمامِ السدُسِ. الحالُ الرابعُ، أنْ لا يَبْقَى شيءٌ لاستغراقِ الفروضِ جميعَ المالِ، فيُعالُ بالسدُسِ للجَدِّ. وفي هذهِ الثلاثةِ أحوالٍ تَسْقُطُ الإخوةُ إلَّا الأختُ في الْأَكْدريَّةِ اهـ. بولاقيٌّ بتقديمٍ وتأخيرٍ لمناسَبَةِ ترتيبِ الشارحِ.
(قولُه: فإنْ بَقِيَ إلخ)، أيْ: بعْدَ الفرْضِ، كبِنْتَيْنِ وأمٍّ وجَدٍّ وإخوةٍ. هذهِ المسألةُ منْ ستَّةٍ، فللبنتينِ الثلُثانِ أربعةٌ، وللأمِّ السدُسُ واحدٌ، يَبْقَى قَدْرُ السدُسِ، وهوَ واحدٌ للجَدِّ، وسَقَطَت الإخوةُ.
(قولُه: أوْ دونَ السدُسِ)، أيْ: أوْ بَقِيَ قدْرٌدونَ السدُسِ.
(قولُه: كزوجٍ وبنتيْنِ وجَدٍّوإخوةٍ)، أصْلُ هذهِ المسألةِ من اثْنَيْ عَشَرَ، فللزوجِ الربُعُ ثلاثةٌ، وللبنتينِ الثلُثانِ ثمانيةٌ، يَبْقَى واحدٌ وهوَ دونَ السدُسِ؛ لأنَّهُ اثنانِ، فيُعالُ للجَدِّ بواحدٍ تمامَ السدُسِ، وسقَطَت الإخوةُ. فأَصْلُ المسألةِ من اثْنَيْ عشَرَ وعالت لثلاثةَ عشَرَ.
(قولُه: أوْ لمْ يَبْقَ شيءٌ)، أيْ: لمْ يَبقَ بعدَ الفرْضِ شيءٌ أصْلًا.
(قولُه: كبنتينِ وزوجٍ وأمٍّ وجَدٍّ وإخوةٍ)، أصْلُ هذهِ المسألةِ من اثْنَيْ عشَرَ، فللبنتينِ الثلُثانِ ثمانيةٌ، وللزوْجِ الربُعُ ثلاثةٌ، وللأمِّ السدُسُ اثنانِ، فيُعالُ لها بواحدٍ تَمَامَ سدُسِها، ويُزادُ في العَوْلِ للجَدِّ بسدُسِه، وسَقَطَت الإخوةُ. فأَصْلُ المسألةِ من اثْنَيْ عشَرَ، وعالتْ لخمسةَ عشَرَ.
(قولُه: فللجَدِّ السدُسُ)، أيْ: فرْضًا على الأوْجَهِ في الثلاثِ مسائلَ. وقولُه: ويُعالُ، أيْ: يُستأنَفُ ويُبتدَأُ العَوْلُ، وهذا راجعٌ للثانيةِ، وهيَ ما إذا بَقِيَ دونَ السدُسِ، فيُعالُ فيها بتمامِ السدُسِ للجَدِّ. وقولُه: أوْ يُزادُ في العَوْلِ، أيْ: لحصولِ أصْلِ العَوْلِ قبلَ ذلكَ، فيُزادُ في الْعَوْلِ للجَدِّ، وهذا راجعٌ للثلاثةِ وهيَ ما إذا لمْ يَبْقَ شيءٌ بلْ عالت المسألةُ بواحدٍ، ثمَّ يُزادُ في العَوْلِ بالسدُسِ للجَدِّ كما تَقَدَّمَ توضيحُه. وقولُه: إن احْتيجَ إلى ذلكَ، أي: المذكورِ منْ أصْلِ العَوْلِ أوْ زيادتِه، فإنْ لمْ يُحْتَجْ إليهِ فلا عَوْلَ أصْلًا كما في الْأُولَى.
(قولُه: وتَسْقُطُ الإخوةُ)، أيْ: في الثلاثةِ أحوالٍ المذكورةِ. وقولُه: إلَّا الأختُ في الْأَكْدريَّةِ، أيْ: فإنَّهُ يُفْرَضُ لها النصْفُ، ويُفرَضُلهُ السدُسُ، ثمَّ يَعودانِ إلى المقاسَمَةِ كما سيأتي.
(قولُه: وحيثُ أخَذَ سدُسًا عائلًا كلُّهُ)، أيْ: كما في المسألةِ الثالثةِ؛ فإنَّهُ يُزادُ فيها بالعَوْلِ بالسدُسِ للجَدِّ. وقولُه: أوْ بعْضُهُ، أيْ: أوْ عائلًا بعْضُهُ كما في المسألةِ الثانية؛ فإنَّهُ يُعالُ فيها بنَصِّ السدُسِ للجَدِّ كما مَرَّ. ولا يَخْفَى أنَّ قولَه: كلُّه، فاعلٌ بعائلًا.
وقولُه: أوْ بعضُه عطْفٌ عليهِ. وقولُه: فالسدُسُ إذْ ذاكَ، أيْ: وقْتَ كونِه عائلًا كلُّه أوْ بعضُه. واسمُ الإشارَةِ مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، أيْ: إذْ ذاكَ ثابتٌ أوْ حاصِلٌ، أوْ نحوَ ذلكَ كما مَرَّ. وقولُه: يكونُ اسْمًا لا حقيقةً، أيْ: مُجَرَّدَ اسمٍ لا سدُسًا حقيقةً؛ لنَقْصِهِ عنهُ بالعَوْلِ.
(قولُه: كما أشَرْتُ إلى ذلكَ آنِفًا)، أيْ: قريبًا، عندَ قولِه: وليسَ عنهُ نازِلًا بحالٍ.
(قولُه: معَ الإناثِ)، أيْ: جنسِهنَّ الصادقِ بواحدةٍ. وقولُه: من الأخواتِ، هكذا في نسخةٍ، وهيَ ظاهرةٌ، وفي نسخةٍ: من الإخوةِ. وعليها فالمرادُ بالإخوةِ ما يَشمَلُ الأخواتِ على سبيلِ التغليبِ. ومِنْ للتبعيضِ الْمَشُوبِ ببيانٍ. والمعنى: معَ الإناثِ اللاتي هنَّ بعضُ الإخوةِ بطريقِ التغليبِ اهـ. زيَّاتٌ، وبعضُه من الحفنيِّ.
(قولُه: عندَ القَسْمِ)، المرادُ بهِ القَسْمُ من الجانبيْنِ، فهوَ بمعنى المقاسَمَةِ، كما أشارَ إليهِ الشارحُ بقولِه: أي: المقاسَمَةِ إلخ.
(قولُه: مثلُ أخٍ)، أيْ: لأنَّ كلًّا منهما يُدْلِي بالأبِ. وقولُه: في سهمِه، أيْ: نصيبِه. وقولُه: منْ كونِه، أي السهْمِ.
(قولُه: والحكْمُ)، أي: المعهودُ، كما أشارَ إليهِ الشارحُ بقولِه: منْ كونِ الأختِ إلخ. وعليهِ فعطْفُ الحكْمِ على ما قبلَه منْ عطْفِ أحدِ المتلازِمَيْنِ على الآخَرِ؛ لأنَّهُ يَلْزَمُ منْ أنْ يكونَ لهُ مِثلُ حظِّ الأُنْثيينِ أنْ تكونَ الأختُ تصيرُ معهُ عَصَبَةً بالغيرِ، وبالعكسِ. هذا وحَمْلُ الحُكْمِ على المعهودِ كما اقْتَضَاهُ صنيعُ الشارحِ لا يُناسِبُ الاستثناءَ في قولِه: إلَّا معَ الأمِّ إلخ؛ لأنَّ الاستثناءَ مِعيارُ العمومِ، فالأَوْلَى حمْلُهُ على العمومِ لأجْلِ الاستثناءِ منهُ، إلَّا أنْ يُجْعَلَ منقطِعًا، والمعنى: لكنْ معَ الأمِّ إلخ.
(قولُه: كما أشَرْتُ إلى ذلكَ إلخ)، أيْ: عندَ قولِه: والابنُ والأخُ معَ الإناثِ إلخ، حيثُ قالَ هناكَ: وتزيدُ الأختُ شقيقةً كانتْ أوْ لأبٍ بأنَّهُ يُعَصِّبُها الجَدُّ.
(قولُه: لافي جميعِ الأحكامِ)، أيْ: بلْ في بعضِها فقطْ. وقولُه: فلهذا قالَ، أيْ: فلأجْلِ أنَّهُ ليسَ مثلَهُ في جميعِ الأحكامِ قالَ. لكنْ فيهِ أنَّ هذا لايناسِبُ الاستثناءَ إلَّا أنْ يُجْعَلَ منقَطِعًا كما مَرَّ.
(قولُه: إلَّا معَ الأمِّ إلخ)، بخلافِ الأخِ؛ فإنَّهُ يَحْجُبُها بانضمامِه إلى الأخْتِ من الثلُثِ إلى السدُسِ. وقولُه: فلا يَحْجُبُها مفادُ الاستثناءِ، والضميرُ للأمِّ كما لا يَخْفَى.
(قولُه: بانضمامِه إلى الأختِ)، أيْ: بسببِ انضمامِه إليها. وقولُه: لأنَّهُ ليسَ بأخٍ، علَّةٌ لقولِه: فلا يَحجُبُها، أيْ: لأنَّهُ ليسَ بأخٍ حقيقةً.
(قولُه: بلْ ثلُثُ المالِ إلخ)، إضرابٌ انتقاليٌّ عنْ قولِه: فلا يَحْجُبُها. وقولُه: يَصْحَبُها، حالٌ. وقولُه: كاملًا، حالٌ من الضميرِ الراجعِ إلى الثلُثِ. وقولُه: لأنَّهُ ليسَ معها إلخ، علَّةٌ لقولِه: بلْ ثلُثُ المالِ لها إلخ.
(قولُه: ففي زوجةٍ إلخ)، تفريعٌ على قولِه: إلَّا معَ الأمِّ إلخ. وأصْلُ هذهِ المسألةِ من اثْنَيْ عشَرَ، للزوجةِ الربُعُ ثلاثةٌ، وللأمِّ الثلُثُ أربعةٌ، يَبْقَى خمسةٌ على الجَدِّ والأختِ، لا تَنقسِمُ عليهما أثلاثًا، فتُضْرَبُ ثلاثةٌ في اثْنَيْ عشَرَ بستَّةٍ وثلاثينَ، ومنها تَصِحُّ، فللزوجةِ ثلاثةٌ في ثلاثةٍ بتسعةٍ، وللأمِّ أربعةٌ في ثلاثةٍ باثْنَيْ عشَرَ، يَبْقَى خمسةَ عشَرَ، للجَدِّ عشرةٌ، وللأختِ خمسةٌ. وهذا توضيحُ ما ذَكَرَه الشارحُ.
(قولُه: وفي المسألةِ)، عطْفٌ على قولِه: ففي زوجةٍ إلخ. وقولُه: المسمَّاةِ بالخَرْقَاءِ، بالخاءِ المعجَمَةِ والراءِ والقافِ معَ الْمَدِّ كما في البولاقيِّ.
(قولُه: لِتَخَرُّقِ أقوالِ الصحابةِ فيها)، أي: اختلافِها فيها كما سيأتي بيانُه، فكأَنَّ بعضَ الأقوالِ يَخْرِقُ بعضًا. وقولُه: أوْ لأنَّ الأقوالَ خَرَقَتْهَا، أيْ: وسَّعَتْهَا بكثرةِ الكلامِ فيها. وهذهِ العِلَّةُ لا تُنَافي ما قَبلَها، بلْ تُجامِعُها، والنِّكاتُ لا تَتراحَمُ. وقولُه: لكثرتِها، أي: الأقوالِ.
(قولُه: وهيَ)، أي: المسألةُ المسمَّاةُ بالخَرقاءِ. وقولُه: أمٌّ إلخ، أصْلُ هذهِ المسألةِ منْ ثلاثةٍ، للأمِّ الثلُثُ، يَبْقَى اثنان على الجَدِّ والأختِ لا يَنقسمانِ عليهما أثلاثًا، فتُضْرَبُ ثلاثةٌ في ثلاثةٍ بتسعةٍ، ومنها تَصِحُّ، فللأمِّ واحدٌ في ثلاثةٍ بثلاثةٍ، يَبْقَى ستَّةٌ، للجَدِّ أربعةٌ، وللأختِ اثنانِ، وهذا ما ذَكَرَهُ الشارحُ.
(قولُه: وهذا)، أيْ: ما ذُكِرَ منْ كَوْنِ الأمِّ لها الثلُثُ، والباقي بينَ الجَدِّ والأختِ أثلاثًا. وقولُه: وهوَ مذْهَبُ الأئمَّةِ الثلاثةِ، أيْ: ما عدا الإمامَ أبا حنيفةَ.
(قولُه: وأمَّا عندَ الإمامِ أبي بكرٍ الصدِّيقِ إلخ)، مذهَبُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُأنَّ الأخْتَ محجوبةٌ بالجَدِّ، فالمسألةُ عندَه منْ ثلاثةٍ، للأمِّ واحدٌ، وللجَدِّ الباقي، ولا شيءَ للأختِ كما ذكَرَهُ الشارحُ.
(قولُه: وهيَ عشَرةٌ)، أوَّلُها الخرقاءُ؛ لمَا ذكَرَه الشارحُ آنِفًا.وثانيها المثَلَّثَةُ؛ لقولِ عثمانَ بنِ عفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُبأنَّ لكلٍّ من الثلاثةِ الثلُثَ. وثالثُها المربَّعَةُ؛ لقولِ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بأنَّها تَصِحُّ منْ أربعةٍ؛ لأنَّهُ جَعَلَ للأختِ النصْفَ، والباقيَ بينَ الجَدِّ والأمِّ نصفينِ؛ لأنَّ كلًّا منهما لهُ وِلادةٌ على الميِّتِ، وللأمِّ قوَّةُ القُرْبِ، وللجَدِّ قوَّةُ الذكورةِ، فاستَوَيَا،لكنْ لا نصْفَ للباقي صحيحٌ، فيُضْرَبُ اثنانِ في اثنينِ بأربعةٍ، فللأختِ اثنانِ، ولكلٍّ من الْجَدِّ والأمِّ واحدٌ. ورابعُها الْمُخَمَّسَةُ؛ لقضاءِ خمسةٍ من الصحابةِ فيها؛ عثمانُ وعليٌّ وزيدٌ وابنُ مسعودٍ وابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم. وخامسُها المسدَّسَةُ؛ لأنَّ بعضَهم يَحكِي فيها ستَّةَ أقوالٍ. وسادسُها المسبَّعَةُ؛ لأنَّ بعضَهم يَحْكِي فيها سبعةَ أقوالٍ. وسابعُها المثمنَّةُ؛ لأنَّ فيها رواياتٍ ثمانيةً. وثامنُها العثمانيَّةُ؛ لأنَّ عثمانَ انْفَرَدَ فيها بقولِه السابقِ عنهُ. وتاسعُها وعاشرُها الحجَّاجِيَّةُ والشعبيَّةُ؛ لأنَّ الحجَّاجَ امتَحَنَ فيها الشَّعْبِيَّ حين ظَفَرَ بهِ، فأصابَ فيها، فعَفَاعنهُ. فكَمُلَتْ ألقابُها عشَرةً، وتَضَمَّنَ ذكْرُ الألقابِ شيئًا من الأقوالِ.
(قولُه: أحدُ الصِّنفينِ)، أي: الإخوةِ الأشقَّاءِ والإخوةِلأبٍ.
(قولُه: وهوَ)، أيْ: ما إذا اجْتَمَعَ معهُ الصِّنفانِ. وقولُه: بابُ المعادَّةِ، أي العَدُّ، فالمفاعلَةُ بمعنى أصْلِ الفعْلِ، كدافَعَه بمعنى دَفَعَهُ كذا في الحفنيِّ، أيْ: لأنَّ العَدَّواقعٌ من الأشقَّاءِ لِبَنِي الأبِ فقطْ، لا من الجَدِّ. وقيلَ: إنَّها على بابِها؛ لأنَّ الأشقَّاءَ يَعُدُّونَ بني الأبِ على الجَدِّ إثباتًا، وهوَ يَعُدُّهُم عليهم نفيًا، وفيهِ نظَرٌ؛ إذْ لا معنَى لعَدِّهم نفيًا، قالَه الزيَّاتُ.
(قولُه: وبهِ تَتِمُّ الأحوالُ الأربعةُ المشارُ إليها سابقًا)، أيْ: في قولِه بعدَ قَوْلِ المصنِّفِ: واعْلَمْ بأنَّ الجَدَّ ذو أحوالٍ، وباعتبارِ انفرادِ الصِّنفينِ معهُ واجتماعِهما معهُ أربعةُ أحوالٍ اهـ.
(قولُه: فقالَ)، عطْفٌ على ذَكَرَ.
(قولُه: واحْسُبْ)، بضمِّ السينِ منْ بابِ نَصَرَ بمعنى عَدَّ، ومصدَرُه الْحُسبانُ بالضمِّ. بخلافِ حَسِبَ بمعنى ظَنَّ فمصدَرُه الْحِسبانُ بالكسْرِ، ومضارعُه بكسرِ السينِ وفتْحِها. اهـ. زيَّاتٌ بتَصَرُّفٍ وزيادةٍ.
(قولُه: بني الأبِ فقطْ)، أيْ: دونَ الأمِّ. وزادَ الشارحُ لفظَ فقطْ للاحترازِ من الأشقَّاءِ؛ فإنَّهُ يَصْدُقُ عليهم بنو الأبِ، لكنْ ليسَ مرادًا.
(قولُه: وهمْ)، أيْ: بنو الأبِ فقطْ. وقولُه: معَ الإخوةِ الأشقَّاءِ، مرتَبِطٌ باحْسُبْ، أي احسُبْهم معهُم.
(قولُه: لَدَا)، تُرْسَمُ بالألفِ، وهوَ ظرْفٌ لقولِه: احسُبْ. وقولُه: الأعدادِ، بفتْحِ الهمزةِ جَمْعُ عددٍ، والمرادُ بالجمْعِ الجنسُ المتحقِّقُ في المفرَدِ، وهوَ العَدَدُ بمعنى العَدِّ كما أشارَ إليهِ الشارحُ بقولِه: أيْ عَدِّ. ويُحتَمَلُ أن يُقرَأَ المتْنُ الإعدادَ، بكسرِ الهمزةِ، بمعنى العَدِّ. فإنْ قيلَ: في كلامِ المصنِّفِ طلَبُ تحصيلِ الحاصِلِ؛ لأنَّ معناهُ: عدُّ بني الأبِ عندَ العَدِّ، ولا مَعنًىلهُ صحيحٌ.
أُجِيبَ بأنَّهُ على تقديرِ مضافٍ، والأصْلُ: عندَ إرادةِ الْعَدِّ، أيْ عَدِّ الإخوةِ الأشقَّاءِ الإخوةِ لأبٍ. ولكَ أنْ لا تُقَدِّرَ مُضافًا ويكونَ المعنى مستقيمًا؛ لأنَّ المخاطَبَ بالعَدِّ الفَرَضِيُّ عندَ عَدِّ الإخوةِ الأشقَّاءِ للإخوةِ للأبِ، والمعنى حينئذٍ: عُدَّ أيُّها الْفَرَضِيُّ بني الأبِ عندَ عَدِّ الإخوةِ الأشقَّاءِ للإخوةِ لأبٍ. انتهى حفنيٌّ بتَصَرُّفٍ وزيادةٍ.
(قولُه: في المقاسَمَةِ)، متعلِّقٌ باحْسُبْ، أوْ بالأعدادِ بمعنى العَدِّ، وكذا قولُه: على الْجَدِّ.
(قولُه: ليَنْقُصَ بسببِ ذلكَ نصيبُه)، علَّةٌ لِاحْسُبْ، أيْ: ليَنْقُصَ بسببِ حَسْبِهم نصيبُ الجَدِّ. وعُلِمَ منْ ذلكَ أنَّ الإخوةَ الأشقَّاءَ لوْ كانوا مِثْلَي الجَدِّ أوْ أكثرَ فلا معادَّةَ؛ لأنَّهُ لا فائدةَ لها. قالَ في شرْحِ الترتيبِ: ولذلكَ انْحَصَرَتْ مسائلُ المعادَّةِ في ثمانٍ وستِّينَ. انتهى بولاقيٌّ.
(قولُه: وذلكَ)، أيْ: حَسْبُهم لمَا ذُكِرَ. وقولُه: في ثمانٍ وستِّينَ مسألةً، وجْهُ الحصْرِ في ذلكَ كما قالَهُ شيخُ الإسلامِ أنَّ مسائلَ المعادَّةِ لا بُدَّ فيها أنْ يكونَ الأشقَّاءُ دونَ الْمِثْلَيْنِ، وإلَّا فلا فائدةَ للمُعادَّةِ كما عُلِمَ ممَّا مَرَّ. ويَنحصِرُ دونَ الْمِثلينِ في خمسةٍ، وهيَ شقيقةٌ أوْ شقيقتانِ أوْ ثلاثُ شقيقاتٍ أوْ شقيقٌ وشقيقةٌ، ويكونُ معَ مَنْ ذُكِرَ مَنْ يُكَمِّلُ الْمِثْلَينِ أوْ دونَهما منْ أولادِ الأبِ.
فأمَّا الشقيقةُ فيكونُ معها أختٌ لأبٍ أوْ أختانِ لأبٍ أوْ ثلاثُ أخواتٍ كذلكَ، أوْ أخٌ لأبٍ أوْ أخٌ وأختٌ كذلكَ، فهذهِ خَمْسٌ.
وأمَّا الشقيقتانِ فيكونُ معهما أختٌ لأبٍ أوْ أختانِ كذلكَ، أوْ أخٌ كذلكَ، وهكذا معَ الشقيقِ، فهذهِ سِتٌّ. وأمَّا الثلاثُ الشقيقاتُ فلا يكونُ معهنَّ إلَّا الأخْتُ للأبِ، وهكذا معَ الأخِ والأختِ الشقيقتينِ، فهاتانِ اثنتانِ، فكَمُلَت الصوَرُ ثلاثَ عشْرةَ، ثمَّ لا يَخلو فإمَّا أنْ لا يكونَ معهم ذو فرْضٍ أوْ يكونَ. وعلى الثاني فالفرْضُ إمَّا ربُعٌ أوْ سدُسٌ أوْ هما أوْ نصْفٌ، فهذهِ خمسةٌ تُضْرَبُ في الثلاثةَ عشرَ يَحْصُلُ خمسٌ وسِتُّونَ. والثلاثةُ الباقيةُ أنْ يكونَ معَ الشقيقةِ أختٌ لأبٍ،والفرْضُ ثلُثانِ أوْ نصْفٌ وسدُسٌ أوْ نصْفٌ وثُمُنٌ، فهذهِ ثمانٍ وسِتُّونَ، وهذا باعتبارِ أهْلِ الفَرْضِ معَ قَطْعِ النظَرِ عنْ خصوصِ مَنْ يَرِثُ، وإلَّا فيَزيدُ العددُ على ذلكَ، انتهى لؤلؤةٌ.
(قولُه: وارْفُضْ أي: اتْرُكْ بني الأمِّ إلخ )، أيْ: لا تَعَدُّهُمْ على الأشقَّاءِ. وقولُه: معَ الأجدادِ، أيْ: حالَ كونِهم مصاحبينَ للأجدادِ.
(قولُه: لِحَجْبِهِمْ بالْجَدِّ)، علَّةٌ لقولِه: وارْفُضْ إلخ. واعتُرِضَ بأنَّ نظيرَ هذهِ العلَّةِ موجودٌ في بني الأبِ معَ الأشقَّاءِ، فهلَّا قيلَ: يَرْفُضُ بني الأبِ معَ الأشقَّاءِ لِحَجْبِهم بهم. ولذلكَ رُوِيَ عنْ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ وابنِ مسعودٍ أنَّهُم لا يَعُدُّونَهم على الجَدِّ، كما أنَّهُ لا يَعُدُّ بني الأمِّ عليهم. وأُجيبَ منْ طرَفِ الجمهورِ بالفرْقِ بينَ الإخوةِ للأبِ والإخوةِ للأمِّ؛ لأنَّ الإخوةَ للأبِ شارَكُوا الإخوةَ الأشقَّاءَ في جهةِ الاستحقاقِ؛ وهي الإخوةُ, فلِذلكَ عدُّوهم على الجدِّ, وأمَّا الإخوةُ للأمِّ فلَم يُشاركوا الجدَّ في جِهَةِ الاسْتِحْقاقِ؛ إذْ جهةُ استحقاقِ الجَدِّ قرابَتُه بالأبِ، وجهةُ استحقاقِ الإخوةِ للأمِّ قرابتُهم بالأمِّ؛ فلذلكَ لمْ يَعُدُّوهم على الأشقَّاءِ. وأيضًا بنو الأبِ ليسوا محرومينَ أبدًا، بلْ يَأخذونَ قَسْطًا ممَّا قُسِمَ للأشقَّاءِ فيما لوْ فَضَلَ بعدَ نصْفِ الشقيقةِ شيءٌ كما يأتي، بخلافِ بني الأمِّ؛ فإنَّهُم مَحرومونَ معَ الْجَدِّ أبدًا. انتهى شيخُ الإسلامِ أَفادَهُ في اللؤلؤةِ.
(قولُه: كما تَقَدَّمَ في بابِ الْحَجْبِ)، أيْ: في قولِه:
ويَفْضُلُ ابنُ الأمِّ بالإسقاطِ = بالجَدِّ فافْهَمْهُ على احتياطِ
وقضيَّةُ ذلكَ أنَّ ما هنا مُكرَّرٌ معَ ما سَبَقَ؛ ولذلكَ اعتَذَرَ عنْ إعادتِه بقولِه: وإنَّما أَعادَهُ إلخ. وقدْ يُقالُ: لا تَكرارَ؛ لأنَّ ما سبَقَ مذكورٌ منْ حيثُ عدَمُ الإرْثِ، وما هنا مذكورٌ منْ حيثُ عدَمُ العَدِّ؛ لأنَّهُ لا يَلزَمُ منْ عَدَمِ الإرثِ عدَمُ العَدِّ، ألا تَرَى أنَّ الإخوةَ للأبِ لا يَرِثُونَ معَ الأشقَّاءِ ويَعُدُّونَهم على الجَدِّ؟ ولذلكَ قالَالعلَّامَةُ الأميرُ: والظاهِرُ أنَّ قصْدَ المصنِّفِ التنبيهُ على الفرْقِ في الحكْمِ بأنَّ الشقيقَ يَعُدُّ محجوبَهُ على الجَدِّ، والجَدَّ لا يَعُدُّ محجوبَهُ على الشقيقِ؛ وذلكَ لأنَّ الإخوةَ منْ وادٍ واحدٍ، ولا كذلكَ الجَدُّ معَ بني الأمِّ، انتهى ببعضِ تَصَرُّفٍ.
(قولُه: وإنَّما أعادَ هنا)، أيْ: في بابِ الجَدِّ والإخوةِ، وغَرَضُه بذلكَ الاعتذارُ عن التَّكرارِ الذي أشارَ إليهِ بقولِه: كما تَقَدَّمَ، وقدْ عرَفْتَ أنَّهُ لا تَكرارَ؛ فلا حاجَةَ للاعتذارِ أصْلًا.
(قولُه: استطرادًا أوْ لتَكمِلَةِ البيتِ)، قالَالعلَّامَةُ الأميرُ: أوْ تُجَوِّزُ الجمْعَ، انتهى. أيْ: لأنَّهُ لا تَنافِيَ بينَ الاستطرادِ والتَّكْمِلةِ؛ فلا مانِعَ منْ أنْ يكونَ أعادَهُ لهما. وبكونِها تُجَوِّزُ الجمْعَ انْدَفَعَ ما قيلَ منْ أنَّ الْأَوْلَى حذْفُ أوْ، وتكونُ تَكمِلَةُ البيتِ علَّةً للاستطرادِ، وإنَّما لمْ يَقُلْ: أوْ تكمِلَةً، بالنصْبِ عطْفًا على استطرادٍ؛ لأنَّ التكمِلَةَ ليستْ مَصدرًا،بلْ أثرَ المصدَرِ، وهوَ التكميلُ.
(قولُه: وليسَ منْ هذا البابِ)، أيْ: بلْ هوَ منْ بابِ الْحَجْبِ، وقدْ علِمْتَ ما فيهِ.
(قولُه: واحكُمْ على الإخوةِ إلخ)، حَمَلَ الشارحُ الإخوةَ على ما يَشْمَلُ الأشقَّاءَ وللأبِ؛ ولذلكَ احتاجَ للتأويلِ بقولِه: أي احكُمْ بينَهم، ولوْ حَمَلَ الإخوةَ على خُصوصِ الأخوَّةِ للأبِ لما احتاجَ لهذا التأويلِ؛ لأنَّ المعنى حينئذٍ: واحكُمْ على الإخوةِ لأبٍ بعدَ عَدِّهِم على الجَدِّ حكْمًا كحُكْمِك فيهم عندَ فقْدِ الجَدِّ، وهوَ عدَمُ الإرْثِ.
(قولُه: حُكْمِكَ)، على تقديرِ مضافٍ كما أشارَ إليهِ الشارحُ بقولِه: أيْ مثلَ حكْمِكَ.
(قولُه: وذلكَ)، أيْ: وبيانُ الحكْمِ فيهم المماثِلُ للحكْمِ فيهم عندَ فَقْدِ الْجَدِّ. وقولُه: أنَّهُ، أي الحالُ والشأنُ.
(قولُه: إذا كانَ في الأشقَّاءِ ذَكَرٌ إلخ)، حاصِلُ ما ذكَرَهُ أنَّهُ إمَّا أنْ يكونَ في الأشقَّاءِ ذكَرٌ أوْ لا. وعلى الثاني فإمَّا أنْ يكونَ هناكَ شقيقانِ، وإمَّا أنْ تكونَ شقيقةٌ، وقدْ بَيَّنَها الشارحُ على هذا الترتيبِ.
(قولُه: فلا شيءَ للإخوةِ للأبِ)، أيْ: لحجْبِهم بالأخِ الشقيقِ. ولا فَرْقَ في ذلكَ بينَ أنْ يكونَ هناكَ ذو فرْضٍ أوْ لا؛ ولذلكَ مَثَّلَ الشارِحُ بِمِثالَيْنِ.
(قولُه: كَجَدٍّ وأخٍ شقيقٍ إلخ)، مثالٌ لما إذا لمْ يكُنْ هناكَ ذو فرْضٍ. وهذهِ المسألةُ منْ ثلاثةٍ، فلِلْجَدِّ الثلُثُ بالمقاسَمَةِ، أوْ لكونِه ثلُثَ المالِ، يَبْقَى اثنانِ يأخُذُهما الأخُ الشقيقُ، ولا شيءَ للأخِ للأبِ.
(قولُه: وكزوجةٍ وجَدٍّ إلخ)، مثالٌ لما إذا كانَ هناكَ ذو فرْضٍ. وهذهِ المسألةُ منْ أربعةٍ، فللزوجةِ الربُعُ، وللجَدِّ واحدٌ بالمقاسَمَةِ، أوْ لكونِه ثلُثَ الباقي، وهوَ ربُعٌ أيضًا، يَبْقَى اثنانِ وهما نِصْفُ المالِ يأخذُهما الشقيقُ، ولا شيءَ للأخِ للأبِ.
(قولُه: وإنْ لمْ يكُنْ في الأشقَّاءِ ذَكَرٌ إلخ)، هذا مقابِلٌ لقولِه: إذا كانَ في الأشقَّاءِ ذَكَرٌ.
(قولُه: فإنْ كانتا شقيقتيْنِ)، أيْ: فإنْ كانت الأختانِ شقيقتيْنِ. وقولُه: فلهما إلى الثلُثينِ، أيْ: فللأختينِ الشقيقتينِ الأخْذُ إلى الثلُثينِ، وإنَّما قالَ: إلى الثلُثينِ؛ لأنَّهما قدْ يَنْقُصَانِ عن الثلُثينِ، فلا يَلْزَمُ أنْ يَكْمُلَ لهما الثلُثانِ، بلْ تارةً يَكْمُلانِ لهما كما في مثالِ الشارحِ الآتي، وتارةً يَنْقُصَانِ نحوَ زوجٍ وجَدٍّ وشقيقتينِ وأخٍلأبٍ أوْ أكثَرَ، فللزوجِ النصْفُ، وللجَدِّ ثلُثُ الباقي، يَبقى للشقيقتينِ دونَ الثلُثينِ، ولا يُعالُ لهما؛ لأنَّهُ ليسَ إرْثُهما هنا بالفرْضِ الْمَحْضِ، بلْ هوَ مَشوبٌ بتعصيبٍ لكونِهما معَ الْجَدِّ.
(قولُه: ولوْ فَضَلَ شيءٌ إلخ)، قضيَّةٌ شَرطيَّةٌ لاتَقتضِي الوقوعَ؛ ولذلكَ قالَ: لكنْ لا يَبْقَى إلخ. وقولُه: إنْ كانَ، أيْ: إنْ وُجِدَ، فكانَ تامَّةٌ، وفاعلُها ضميرٌ يَعودُ على الْفَرْضِ. وأمَّا قولُه: شيءٌ، فهوَ فاعِلُ يَبْقَى المنفيُّ. وقولُه: فلا شيءَ للأخوةِ للأبِ إلخ، تفريعٌ على قولِه: لكنْ لا يَبْقَى إلخ.
(قولُه: ففي جَدٍّ وشقيقتينِ وأخٍ لأبٍ)، أيْ: وأختينِلأبٍ،وقدْ عَرَفْتَ أنَّهُ في هذا المثالِ يَكْمُلُ للشقيقتينِ الثلُثانِ. وقولُه: يَستَوِي للجَدِّ المقاسَمَةُ. والمسألةُ حينئذٍ منْ ستَّةٍ عددِ الرؤوسِ، فللجَدِّ اثنانِ، يَبْقَى أربعةٌ يأخذُها الشقيقتانِ، ولا شيءَ للأخِ للأبِ.
وقولُه: والثلُثُ، أيْ: ثلُثُ المالِ. والمسألةُ حينئذٍ منْ ثلاثةٍ، فللجَدِّ واحدٌ، يَبْقَى اثنانِ يأخُذُهما الشقيقتانِ، ولا شيءَ للأخِ للأبِ.
(قولُه: فلهُ ثلُثُ المالِ)، أيْ: إمَّا بالمقاسَمَةِ، أوْ لكونِه الثلُثَ؛ لاستوائِهما لهُ في هذهِ المسألةِ. وقولُه: والباقي، أي الذي هوَ أربعةٌ باعتبارِ المقاسَمَةِ، أو اثنانِ باعتبارِ كونِه لهُ الثلُثُ. وقولُه: ولا شيءَ للأخِ للأبِ، أيْ: لأنَّهُ لمْ يَبْقَ شيءٌ.
(قولُه: وإنْ كانتْ شقيقةً)، هذا مقابِلٌ لقولِه: فإنْ كانتا شقيقتينِ. وقولُه: فلها إلى النصْفِ، أيْ: فللأختِ الشقيقةِ الأخْذُ إلى النصْفِ، ويأتي فيهِ نظيرُ ما تَقَدَّمَ في قولِه: إلى الثلُثينِ.
(قولُه: فإنْ بَقِيَ إلخ)، هذا تفصيلٌ لما قَبْلَه؛ لأنَّهُ مُجْمَلٌ وقدْ فَصَّلَهُ بذلكَ. وقولُه: إنْ كانَ، أيْ: إنْ وُجِدَ، فكانَ تامَّةٌ، وفاعِلُها ضميرٌ يَعودُ على الفَرْضِ. وأمَّا قولُه: نصْفُ المالِ، فهوَ فاعلُ بَقِيَ. وقولُه: أوْ أقَلُّ، عطْفٌ عليهِ. وقولُه: فهوَ للأختِ الشقيقةِ، جوابُ الشرْطِ في قولِه: وإنْ بَقِيَ. وقولُه: ولا شيءَ للإخوةِ للأبِ، أيْ: لأنَّهُ لمْ يَبْقَ شيءٌ.
(قولُه: كزوجةٍ وجَدٍّ إلخ)، هذهِ المسألةُ منْ أربعةٍ، للزوجةِ الربُعُ، وللجَدِّ ثلُثُ الباقي، وهوَ ربُعٌ أيضًا، يَبْقَى اثنانِ، وهما نصْفٌ، تَأْخُذُه الشقيقةُ، ولا شَيْءَ للأخَوَيْنِ للأبِ. وهذا مثالٌ لما إذا كَمُلَ للشقيقةِ النصْفُ.
(قولُه: والأحَظُّ للجَدِّ ثلُثُ الباقي)، أيْ: لزيادةِ الإخوةِ على مِثلَيْه.
(قولُه: فتَخْتَصُّ بهِ الشقيقةُ)، أيْ: تَستَقِلُّ بأخْذِه. وقولُه: ولاشيءَ للأخوينِ للأبِ، أيْ: لأنَّهُ لمْ يَبْقَ شيءٌ.
(قولُه: وكزوجٍ وجَدٍّ إلخ)، هذهِ المسألةُ منْ ستَّةٍ، وقدْ قَسَمَها الشارحُ. وهذا مِثالٌ لما إذا لمْ يَكْمُلْ للشقيقةِ النصْفُ، ولا يُعالُ لها بتمامِه؛ لأنَّهُ ليسَ إرثُها هنا بالفرْضِ الْمَحْضِ، بلْ مَشوبٌ بنوعِ تعصيبٍ، فليسَ بالفرْضِ الْمَحْضِ ولا بالتعصيبِ الْمَحْضِ.
(قولُه: وللجَدِّ السدُسُ أوْ ثلُثُ الباقي)، أيْ: لاستوائِهما في هذهِ المسألةِألة. وقولُه: سهْمٌ، بدَلٌ من السدُسِ أوْ ثُلُثِ الباقي.
(قولُه: فهُمَا للشقيقةِ)، أيْ: ولا يُعالُ لها لما عَلِمْتَ. وقولُه: ولا شيءَ للأخوينِ للأبِ، أيْ: لأنَّهُ لمْ يَبْقَ شيءٌ.
(قولُه: وإنْ بَقِيَ بعدَ حِصَّةِ الْجَدِّ إلخ)، مقابِلٌ لقولِه: وإنْ بَقِيَ بعدَ حِصَّةِ الْجَدِّ إلخ. وقولُه: إنْ كانَ، أيْ: إنْ وُجِدَ، وفاعلُها ضميرٌ يَعودُ على الفرْضِ. وقولُه: أكثَرُ منْ نصْفِ المالِ، فاعلُ بَقِيَ. وقولُه: كانَ إلخ، جوابُ الشرْطِ.
(قولُه: وذلكَ في سِتِّ صُوَرٍ)، أيْ: وبقاءُ أكثَرِ من النصْفِ كائنٌ في سِتِّ صُوَرٍ، وهيَ أنْ يكونَ معَ الجَدِّ والشقيقةِ منْ أولادِ الأبِ أخٌ، أوْ أختانِ، أوْ أخٌ وأختٌ، أوْ ثلاثُ أخواتٍ، ولا فَرْضَ في الجميعِ، أوْ يكونَ في الأخيرتينِ صاحبُ سدُسٍ بقطْعِ النظَرِ عنْ أنْ يكونَ أمًّا أوْ جَدَّةً؛ لأنَّ النظَرَ إلى اسْمِ الفرْضِ لا لمَنْ يأخُذُه كما ذكَرَه في شرْحِ الترتيبِ. وقولُه: أوْ ثمانيةٌ، أيْ: نظَرًا إلى أنَّ صاحبَ السدُسِ في الأخيرتينِ أمٌّ أوْ جَدَّةٌ.
(قولُه: وذَكَرْتُ في شرْحِ الترتيبِ أيضًا)، أيْ: كما ذَكَرْتُ فيهِ ما تَقَدَّمَ. وقولُه: هلْ هوَ بالفرْضِ أوْ بالتعصيبِ؟ قالَالعلَّامَةُ الأميرُ: الحقُّ أنَّهُ ليسَ فرْضًا مَحْضًا، وإلَّا لأُعيلَ لها بكمالِ النصْفِ في غيرِ هذهِ المسائلِ ممَّا تَقَدَّمَ، ولا تَعصيبًا مَحْضًا، وإلَّا لكانَ للجَدِّ مِثلاها، فلهُ منْ كلٍّ شَبَهٌ، وقد استَحْسَنوا في هذا البابِ أشياءَ كثيرةً مخالِفةً للقواعِدِ اهـ. وقدْ تَقَدَّمَ التنبيهُ على ذلكَ، وهذا أحسَنُ ما كَتبوهُ هنا، وقالَ البولاقيُّ: وبالجملةِ فهيَ مسألةٌ مُشْكِلَةٌ.
(قولُه: الزيْدِيَّاتُ)، نِسبةٌ لزيدٍ؛ لأنَّهُ الذي حَكَمَ فيها بذلكَ.
(قولُه: الْعَشْرِيَّةُ )، أصْلُها خمسةٌ عددُ الرؤوسِ، وإنَّما نُسِبَتْ إلى العشَرةِ لصِحَّتِها منها. وفي اللؤلؤةِ أنَّها بفَتْحِ الشينِ، وفي البولاقيِّ أنَّها بسكونِ الشينِ، ووَجْهُ صِحَّتِها من العشَرةِ أنَّ للشقيقةِ النصْفَ، ولا نصْفَ للخمسةِ صحيحٌ، فيُضرَبُ اثنانِ في أصْلِ المسألةِ، وهوَ خمسةٌ، فتَصِحُّ منْ عشرةٍ، للجَدِّ خُمُسَاها أربعةٌ، وللأخْتِ نصفُها خمسةٌ، يَبْقَى واحدٌ للأخِ للأبِ.
(قولُه: والعِشرينيَّةُ)، نسبةً للعِشرينِ لصحَّتِها منها، فأصلُها خمسةٌ عددُ الرؤوسِ كالتي قَبْلَها، للجَدِّ منها سهمانِ بالمقاسَمَةِ، وللشقيقةِ نصْفُ المالِ، ولا نصْفَ للخمسةِ صحيحٌ، فيُضْرَبُ اثنانِ في خمسةٍ، يَحْصُلُ عشَرةٌ، للجَدِّ أربعةٌ، وللأختِ خمسةٌ، يَبْقَى واحدٌ للأختينِ للأبِ بينَهما مناصَفَةً، فاضْرِب اثنينِ عددَهما في العشَرةِ يَحْصُلُ عشرونَ، للجَدِّ ثمانيةٌ، وللشقيقةِ عشَرَةٌ، ولكلٍّ من الأختينِ للأبِ سهْمٌ، كذا في شرْحِ الترتيبِ، وهوَ أَوْلَى. كما قالَه ابنُ الهائمِ ممَّا في شرْحِ كشْفِ الغوامضِ منْ أنْ يُقالَ: أصلُها خمسةٌ، للجَدِّ سهمانِ، وللأخْتِ نصفُ المالِ سهمانِ ونصْفٌ، يَبْقَى نصْفُ سهْمٍ بينَ الأختينِ للأبِ، لكلِّ أختٍ ربُعُ سهْمٍ، فانكسَرَت المسألةُ أوَّلًا على مَخرَجِ النصفِ، وثانيًا على مَخرَجِ الربُعِ، والأوَّلُ داخِلٌ في الثاني فيُكْتَفَى بهِ، وتُضْرَبُ الأربعةُ في أصْلِها وهوَ خمسةٌ، تَصِحُّ منْ عشرينَ. أفادَه في اللؤلؤةِ.
(قولُه: ومُختَصَرَةُ زيدٍ)، سُمِّيَتْ بذلكَ لأنَّ تصحيحَها منْ مائةٍ وثمانيةٍ باعتبارِ المقاسَمَةِ، وتَصِحُّ بالاختصارِ منْ أربعةٍ وخمسينَ إمَّا لتوافُقِ الأنْصِباءِ بالنصْفِ، وإمَّا بأنْ تُعْدَلَ إلى ثلُثِ الباقي؛ لأنَّهُ ساوَى المقاسَمَةَ هنا، قالهُ العَلَّامَةُ الأميرُ. وتوضيحُ ما ذَكرَه العلَّامَةُ أنْ يَستوِيَ للجَدِّ في هذهِ المسألةِ المقاسَمَةُ وثلُثُ الباقي، فإن اعتُبِرَت المقاسَمَةُ كانَ أصلُها منْ ستَّةٍ، للأمِّ سهْمٌ، يَبْقَى خمسةٌ على ستَّةِ رؤوسٍ لاتَنقسِمُ وتُبايِنُ، فتَضْرِبُ الستَّةَ عددَ رؤوسٍ في ستَّةٍ أصْلِ المسألةِ بستَّةٍ وثلاثينَ، للأمِّ سدُسُها ستَّةٌ، وللجَدِّ عشَرةٌ بالمقاسَمَةِ، يَبْقَى عشرونَ، تأخُذُ الشقيقةُ نصْفَ المالِ كاملًا، وهوَ ثمانيةَ عشَرَ، يَفْضُلُ سهمانِ على الأخِ والأختِ للأبِ أثلاثًا، فتُضْرَبُ ثلاثةٌ في ستَّةٍ وثلاثينَ يَحْصُلُ مائةٌ وثمانيةٌ، للأمِّ ثمانيةَ عشَرَ، وللجَدِّ ثلاثونَ، وللشقيقةِ أربعةٌ وخمسونَ، وللأخِ للأبِ أربعةٌ، ولأختِه اثنانِ. وتَرْجِعُ بالاختصارِ إلى أربعةٍ وخمسينَ لتُوَافِقَ الأنْصِباءَ بالنصْفِ، فتَرْجِعُ المسألةُ إلى نِصفِها، ويَرْجِعُ كلُّ نصيبٍ إلى نصفِه. وإن اعْتَبَرْتَ ثلُثَ الباقي، وهوَ الأحسَنُ، فأصلُها منْ ثمانيةَ عشَرَ باعتبارِ ثلُثِ الباقي معَ السدُسِ. وإن شِئْتَ جعَلْتَ أصْلَها منْ ستَّةٍ مَخْرَجِ السدُسِ، يَبْقَى بعدَ سهْمِ الأمِّ خمسةٌ، ولا ثلُثَ لها صحيحٌ، فتَضْرِبُ ثلاثةً في ستَّةٍ بثمانيةَ عشرَ، للأمِّ منها ثلاثةٌ، وللجَدِّ خمسةٌ، وللشقيقةِ تسعةٌ، يَبْقَى سهمٌ بينَ الأخِ والأختِ للأبِ أثلاثًا، فتَضْرِبُ ثلاثةً في ثمانيةَ عشرَ، تَبْلُغُ أربعةً وخمسينَ. والأوَّلُ أنْسَبُ بتسميتِها مختصَرَةَ زيدٍ، فلوْ كانَ في المسألةِ أخٌ لأبٍدونَ أخْتٍ لأبٍ أوْ بالعكسِ لمْ يَرِث الأخُ في الأُولَى، ولا الأختُ في الثانيةِ، وخَرَجَت المسألةُ عنْ كَوْنِها مختصَرَةَ زيدٍ. ووَجْهُ ذلكَ أنَّ الْجَدَّ يَتعَيَّنُلهُ المقاسَمَةُ فيهما، فالأُولَى منْ ستَّةٍ، للأمِّ واحدٌ، وللجَدِّ اثنانِ، يَبْقَى ثلاثةٌ هيَ نصْفُ المالِ، فيُعْطَى للشقيقةِ، ولا شيءَ للأخِ للأبِ؛ لأنَّهُ لمْ يَبْقَ لهُ شيءٌ. والثانيةُ منْ ستَّةٍ، للأمِّ واحدٌ، يَبْقَى خمسةٌ منكَسِرَةٌ على أربعةِ رؤوسٍ، تُضْرَبُ في أصْلِ المسألةِ وهوَ ستَّةٌ بأربعةٍ وعشرينَ،للأمِّ السدُسُ أربعةٌ، وللجَدِّ عشَرةٌ، يَبْقَى عشَرةٌ وهيَ أقَلُّ من النصْفِ، فتُعْطَى للشقيقةِ، ولا شيءَ للأختِ للأبِ.
فلوْ كانت امرأةُ الأبِ حاملًا وقَفَ الأمرُ إلى البيانِ، ويُعَايَا بها فيُقالُ: جاءت امرأةٌ حُبْلَى إلى وَرَثَةٍ يَقتسمونَ تَرِكَةً فقالَتْ: لا تَعْجَلوا؛ فإنِّي حُبْلَى، فإنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أوْ أنثى لمْ يَرِثْ كلٌّ منهما، وإنْ وَلَدْتُهما معًاوَرِثَا.
فهذا ميِّتٌ تَرَكَ أُمًّا وشقيقةً وجَدًّا،وهناكَ امرأةُ أبٍ حاملٌ، فإنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا أوْ أنثى لمْ يَرِثْ كلٌّ منهما، وإن وَلَدَتْهُما معًاوَرِثَا، وهيَ حينئذٍ مُخْتَصَرَةُ زيدٍ. انتهى مُلَخَّصًا من اللؤلؤةِ، وزيادةٌ من الحفنيِّ.
(قولُه: وتسعينيَّةُ زيدٍ)، نِسبةٌ لتسعينَ لصِحَّتِها منها، ولم يَقُلْ: والتسعينيَّةُ، كما قالَ: العشريَّةُ والعشرينيَّةُ، للمحافَظَةِ على ما وضَعَهُ أهلُ الفنِّ منْ أسماءِ هذهِ المسائلِ. ووجْهُ صِحَّتِها منْ تسعينَ أنَّ الأحظَّ للجَدِّهنا ثلُثُ الباقي بعدَ سدُسِ الأمِّ، فيكونُ أصلُها منْ ثمانيةَ عشَرَ إن اعتُبِرَ ثلُثُ الباقي معَ السدُسِ، وإنْ شئْتَ جعَلْتَ أصلَها منْ ستَّةٍ مَخْرَجِ السدُسِ، للأمِّ واحدٌ، يَبْقَى خمسةٌ لاثُلُثَ لها صحيحٌ، تَضْرِبُ ثلاثةً في ستَّةٍ بثمانيةَ عشرَ، للأمِّ منها ثلاثةٌ، وللجَدِّ خمسةٌ، وللأختِ الشقيقةِ نصْفُ المالِ تسعةٌ، يَبْقَى واحدٌ بينَ الأخوينِ والأختِ للأبِ، انكسَرَ على خمسةِ رؤُوسٍ، فتَضْرِبُ خمسةً في ثمانيةَ عشرَ يَحْصُلُ تِسعونَ، ومنها تَصِحُّ، فللأمِّ ثلاثةٌ في خمسةٍ بخمسةَ عشَرَ، وللجَدِّ خمسةٌ في خمسةٍ بخمسةٍ وعشرينَ، وللشقيقةِ تسعةٌ في خمسةٍ بخمسةٍ وأربعينَ، ولكلٍّ من الأخوينِ لأبٍ سهمانِ، وللأختِ للأبِ سهمٌ. فلوْ كانَ الميِّتُ في هذهِ المسألةِ تَرَكَ تسعينَ دينارًالَخَصَّ هذهِ الأختَ دينارٌ واحدٌ. ويُعَايَا بها فيقالُ: لنا مَيِّتٌ تَرَكَ ثلاثةَ ذكورٍ وثلاثةَ إناثٍ وتسعينَ دينارًا،فأَخَذَت إحدى الإناثِ دينارًا،وليسَ ثَمَّ دَيْنٌ ولا وصِيَّةٌ، وهيَ الأخْتُ للأبِ في هذهِ الصورةِ. انتهى اللؤلؤةُ بتصرُّفٍ.