دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > المنتديات > المنتدى العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو القعدة 1434هـ/9-09-2013م, 08:43 PM
دعاء بنت كامل دعاء بنت كامل غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 1,327
Lightbulb جَمْرَةُ غَضَى

جَمْرَةُ غَضَى

قَدْ يُصَابُ الْمَرْءُ بَوَهَجٍ فِي نَفْسِهِ، كُلَّمَا أَطْفَأَهُ ازْدَادَ وَهْجًا، كَمَا يُطْفِئُ الْإِنْسَانُ ضِرَامَ النَّارِ بِحَطَبِهَا.
فَقَدْ تَّأْخُذُ الْجَمْرَةُ مِنْكَ كَبِدَكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ قِيمَتَكَ وَنَفْسَكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ عَزْمَكَ وَبَأْسَكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ شَبَابَ شَعْرِكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ نَضَارَةَ وَجْهِكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ بَرِيقَ لَحْظِكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ وَثْبَتَكَ وَوَطْءَ قَدَمِكَ
وَقَدْ تَأْخُذُ مِنْكَ بِغَلَيَانِهَا عُمْرَكَ
وَأَنْتَ مَعَ كُلِّ حَالٍ مَأْخُوذٌ مَأْخُوذٌ
وَلَكِنْ سَرْعَانَ مَا تَقِفُ عَلَى مَوْضِعِهَا؛ إِنَّهَا تِلْكَ الْجَمْرَةُ الْكَامِنَةُ فِي سُوَيْدَاءِ الْكَبِدِ، مَا زَالَتْ تَضْطَّرِمُ، وَدَمُكَ وَقُودُهَا يَحْتَدِمُ، كُلَّمَا ضَخَّ إِلَيْهَا ضُخَّ شُوَاظًا يَنْسَجِمُ، وتَئِزُّ مِنْ آثَارِ اضْطِرامِ تَوَهُّجِهَا، فَأَوَاذِيُّ أَمْوَاجِهَا تَلْتَطِمُ!.
وَمَا زَالَتْ أَفْنَانُ رُوحِكَ تَذْبُلُ، وَمَا زَالَتْ بَقَايَا نَفْسِكَ تَنْصُلُ، وَمَا زَالَ نَبْضُ وَرِيدِكَ يَنْدَمِلُ.
حَتَّى تَرَى الدُّنْيَا حَقِيقَةً وَاحِدَةً، وَصُورَةً فِي ضُحَى الشَّمْسِ ذَائِبَةً، وَحَصَاةً تَحْتَ مَوْطِئِ قَدَمِكَ فَائِلَةً..
وَأَنْتَ بَيْنَ قَبْضَتَيْنِ:
قَبْضَةٍ بِيَدِكَ عَلَى كَبِدِكَ، كَمَا يَقْبِضُ التِّنِّينُ بِأَنْيَابِهِ عَلَى كَبِدِ فَرِيسَتِهِ، فَلَا تَظْهَرُ مِنْهَا لَمْعَةٌ.
وَبَيْنَ قَبْضَةٍ بِأَجْفَانِ عَينِكَ عَلَى دَمْعَتِكَ الْمُتَحَدِّرَةِ؛ خَشْيَةَ أَنْ تَتَفَلَّتَ مِنْكَ، كَمَا تَقْبِضُ مُزْنَةُ الصَّيْفِ عَلَى مَآقِي السَّمَاءِ، فَلَا تَنْزِلُ مِنْهَا دَمْعَةٌ.
وَمَا زَالَ لِسَانُكَ بَيْنَ حَلْقِكَ يَلْتَطِمُ، يُرِيدُ أَن يُّخْرِجَ عُصَارَةَ الْأَلَمِ، أَلْفَاظًا تَتَحَرَّكُ بَيْنَ حُرُوفِهَا نَارٌ مُشْتَعِلَةٌ كَالنَّدَمِ، أَوْ آهَاتٍ تُدَوِّي فِي أَجْوَاءِ السَّمَاءِ مُلْتَهِبَةً تَحْتَدِمُ، وَتَتَعَكَّرُ صَفَاءُ الْبَسَمَاتِ فَتَجْعَلَهَا مُتَهَرِئَةً تَنْفَصِمُ.
وَتُجَاهِدُ أَنْ تُخْرِجَ نَفَسًا آبِيًا
وُتُدْخِلَ لِرُوحِكَ نَسَمًا عَاصِيًا
وَتَنْظُرَ بِعَينِكَ نَظَرًا حَانِيًا
وَإِذَا تَبَسَّمَ ثَغْرُكَ كَانَ لِلْأَلَمِ حَاكِيًا
وَإِذَا نَدِمْتَ فَلَا تَحْتَاجُ مَعَانِيًا
وَإِذَا أَشَرْتَ كَأَنَّهُ التَّوْدِيعُ قَاضِيًا
تَقُولُ:يَا جَمْرَةَ الْكَبِدِ ارْحَلِي فَإِنَّكَ الدَّاءُ
يَا جَمْرَةَ الْكَبِدِ انْطَفِئِي فَإِنَّكَ الْبَلَاءُ
يَا جَمْرَةَ الْكَبِدِ اسْكُنِي فَلَا بَقَاءَ
أَيُّ قَسْوَةٍ أَقَمْتِيهَا لِتَصِيرَ غَضَى وَهَجِكِ
وَأَيُّ عَيْنٍ تَحْدُرُنِي فَدَمْعَتِي جَمْرَةٌ مِثْلَكِ
وَأَيُّ نَفَسٍ يَخْرُجُ فَهُوَ مِنْ وَحَرِ صَدْرِكِ
وَكَأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ صُورَةٌ مِّن مَّاضٍ رَحِيبٍ تَرَاهُ مَعْلَمًا، ويَرَى فِيكَ شَحْمًا وَيَسْرِي فِيكَ دَمًا. وَتَرَى الْحَادِي يَقُولُ لَكَ:
إِنْ قَسَتِ الدُّنْيَا، فَكُنْ أَنْتَ حَانِيًا، وَإِنْ قَسَوْتَ فَأَيُّ دُنْيَا تَرَى فِيهَا الْأَمَانِيَ، كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَ الشَّخْصُ الْوَحِيدُ الْقَادِرُ عَلَى مَسْحِ هَوَامِعِكَ، هُوَ مَنْ أَبْكَاكَ، فَانْظُرْ إِلَى الْأَوْرَاقِ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهَا وَبَهَتَتْ حُرُوفُهَا وَانْمَاعَتْ سُطُورُهَا بِلَا حَرَاكٍ، فَلَنْ تَكُونَ أَجْمَلَ مَا كَتَبْتَ وَلَنْ تَكُونَ أَوَّلَ بُشْرَاكَ.
إِنْ كُنْتَ تَظُنُّ أَن يَّسِيرَ الدَّهْرُ كَمَا تُرِيدُ فِي جَمِيعِ شُؤُونِكَ وَأَطْوَارِكَ وَأَحْوَالِكَ وَنَبْضِ الثَّرَاءِ، وَلَا يُعْطِيكَ وَلَا يَمْنَعُكَ إِلَا كَمَا تُحِبُّ وَتَشْتَهِي لُبْسَ الغُلَلِ وحُسْنَ الرُّواءِ، فَجَدِيرٌ بِكَ أَنْ تُطْلِقَ لَنَفْسِكَ فِي سَبِيلِ الْحُزْنِ عَنَانَهَا بِلَا امْتِرَاءٍ؛ فَإِنَّ هَذِهِ سُنَّتَهَا، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالصَّحِيحُ الْيَسِيرُ وَالْمَرِيضُ الْعَسِيرُ وَالْمُبْصِرُ وَالضَّرِيرُ حَتَّى الْبَقَاءَ، وَمَنْ يَطَأُ بِنَعْلِهِ هَامَ الْجَوْزَاءِ وَمَنْ يَحْفَى عَلَي بِسَاطِ الْغَبْرَاءِ.
فَامْحُ حُزْنَكَ وَأَوْقِفْ دَمْعَكَ فَمَا أَنْتَ بِأَوَّلِ نَحْرٍ أَصَابَهُ سَهْمُ الزَّمَانِ، وَلَا بِأَوَّلِ مِجَنٍّ يُكْسَرُ مِنْ تَمَاطُرِ الْأَوْهَانِ.
أَتَحْزَنُ بِالْحُزْنِ، أَمْ بِهُمُومٍ بَعْضُهَا الْحُزْنُ فَعَانَتْ، وَمَا هِيَ مِنَ الْحُزْنِ جَاءَتْ وَلَكْن لَّأَنَّهَا إِلَى الْحُزْنِ مَالَتْ.
أَسْعَدُ النَّاسِ –يَا صَاحِ- فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ جَمْرَتُهُ مَجَّهَا، وَمَنْ إِذَا وَافَتْهُ تَنَكَّرَ لَهَا، وَمَن نَّظَرَ إِلَيْهَا بِلَحْظِ عَيْنِهِ فَأَزَالَهَا، وَوَضَعَ الصِّمْصَامَ عَلَى وَرِيدِهِ لِفُرَاقِهَا.
فَلَوْلَا السُّرُورُ مَا كَانَ الْبُكَاءُ، وَلَوْلَا الْجَلَدُ مَا كَانَ الْجَزَعُ الْعَيَاءُ، وَلَوْلَا فَرْحَةُ التَّلَاقِي مَا كَانَتْ تَرْحَةُ فَقْدِ الْبَقَاءِ.
اجْعَلْ أَلَمَكَ كَحُزْنِ الْحَكِيمِ الْعَاقِلِ النَّبِيهِ، يَعْرِفُ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ بِهَذَا الْقَلْبِ فِي آلَامِهِ وَأَوْجَاعِهِ وَمَرَامِيهِ، فَلَا يَصْنَعُ مِنْ أَلَمِهِ أَلَمًا جَدِيدًا يُزِيدُهُ فِيهِ، وَلَا يُخْرِجُ مِنَ الشَّرِ شَرًّا آخَرَ يَجْعَلُهُ أَسْوَأَ مِمَّا كَانَ ثُمَّ يَعْتَرِيهِ.
فَانْطَفَأَتْ جَمْرَةُ الْغَضَى!!!
وَقُلْتُ: يَا نَجْمَ دُنْيَايَ امْضِ؛ فَإِنَّكَ مَطْلَبِي
وَيَا شُدُوقَ الْأَفَاعِي انْفَرِجِي؛ فَإِنَّكِ مِرْأَبِي
وَيَا لِبَدَ الضَّرَاغِمِ انْثُلِي؛ فَعَقِيصَتِي مِنْكِ مَأَرَبِي
وَيَا قُلَّةَ الْجَبَلِ اسْمُقِي؛ فَإِنَّكِ مَقْصِدِي
وَيَا سَمَاءَ الْمَجْدِ الْمُؤَثَّلِ ارْهَجِي؛ فَإِنَكِ مَوْرِدِي
وَيَا قَمَرَ لَيْلِي انْتَظِرْ ... فَإِنَّكَ مَوْعِدِي
وَيَا جَمْرَةَ كَبِدِي تَوَهَّجِي؛ فحَيَّةُ مَصْلِكِ تَمُرُّ عَلَى الرَّضْفِ الْأَوْهَدِ، فَيُطْفِئُ سَمُّهَا نَارَكِ، وَيُذِيبُكِ الْأَمَلُ بِمَائِهِ الْمُرْمِدِ

منقول من موقع الشيخ ابو المعالى الرئبالى ـ حفظه الله


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 ذو القعدة 1434هـ/9-09-2013م, 10:14 PM
رحيق الأمل رحيق الأمل غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 74
افتراضي

خاطرة مؤلمة وحكيمة بحقيقة النفس المتقلبة في هذه الحياة الفانية
بوركتِ أختي الفاضلة أم أويس الأثريه لجميل انتقاءك العذب
دمت في طاعة الرحمن

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جَمْرَةُ, غَضَى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir