دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الآخرة 1442هـ/4-02-2021م, 01:32 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الحادي عشر: مجلس مذاكرة القسم الرابع من مقرر أصول التفسي البياني

القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني

أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:


تطبيقات الدرس السادس عشر:
بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:
1: قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}
2: قول الله تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }.
3: قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
4: قول الله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}
5: قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)}




تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
(1) قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}
(2) قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
(3) قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}
(4) قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}
(5) قول الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}





تطبيقات الدرس الثامن عشر:
بيّن معاني الاستثناء في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ}
2: قول الله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ}
3: قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}
4: قول الله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}
5: قول الله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا * لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}





توصية:

يوصَى دارسو هذه الدورة بالاستكثار من التمرن على تطبيق ما درسوه من الدلالات على آيات كثيرة، وأن لا يكتفوا بالتطبيقات المذكورة في المجلس؛ فكثرة المران ترسّخ المعرفة، وتصقل المهارة، وتعين الدارس على توسيع مداركه وتقويم دراسته.




تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ذو القعدة 1442هـ/26-06-2021م, 03:32 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

الخميس 22/6/1442
المجلس 11 ،مجلس مذاكرة القسم الرابع من مقرر اصول التفسير البياني
تطبيقات الدرس :16 .
بيان معاني الشرط وشرح المسائل المتعلقة بها .
2- قوله تعالي " ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك"،النساء 113.
1- قال الزجاج في معانيه (2/104) أي : لولا فضل الله عليك ورحمته بما أوحى إليك وأعلمك أمر هذا السارق لهمت طائفة أن يضلوك ،ويكون معنى الشرط :
"أي : فبفضل الله ورحمته صرف الله عنك أن تعمل ماهمت به الطائفة .."

2- ومن معاني الشرط في الآية مسألة العصمة من الله لنبيه ،قال ابن عطية في تفسيره (2/112) " وإنما المعنى : ولولا عصمة الله لك لكان في الناس من يشتغل بإضلالك ،ويجعله هم نفسه ، أي : كما فعل هؤلاء ، لكن العصمة تبطل كيد الجميع ،فيبقى الضلال في حيزهم ،
3- ومن معاني الشرط في الآية تفضل الله على نبيه بالوحي ،لأجل العدل في القضاء ،وعدم انطلاء كذب اليهود عليه ،قال أبو حيان في البحر (4/61) "فلولا عصمته وإيحاؤه إليك بما كتموه ،لهموا بإضلالك عن القضاء بالحق وتوخي طريق العدل ،مع علمهم بأن الجاني هو صاحبهم " ،
كما أن من المعاني للشرط "و لولا عصمة الله لك لكان في الناس من يشتغل بإضلالك ،ويجعله هم نفسه ،كما فعل هؤلاء لكن العصمة تبطل كيد الجميع " .
ويلفت أبو السعود في تفسيره (2/231) النظر إلى مسألة التأثير من معاني الشرط ،فيقول " أن يضلوك " عن القضاء بالحق مع علمهم بكنه الأمر ،والجملة جواب لولا ، وإنما نفى همهم

مع أن المنفي إنما هو تأثيره فقط ،وإيذانا بانتفاء تأثيرة بالكلية ،وقيل :المراد هو الهم المؤثر ،ولا ريب في انتفائه حقيقة ،وقيل : الجواب محذوف ، أي : لأضلوك ،وقوله " لهمت طائفة " جملة مستأنفة ،أي : لقد همت طائفة ..".
5- ويشير ابن عاشور في تفسيرة ( 5/197) إلى معنى آخر من معاني الشرط ،ولفت النظر إلى مسألة :أثر مكانة الرسول وقدره في الأمر الواقع، حيث استظهر من الآية " أن هم طائفة من الذين يختانون أنفسهم بأن يضلون الرسول غير واقع من أصله ،فضلا عن أن يضلوه بالفعل ،ومعنى ذلك أن علمهم بأمانته بزعمهم عن محاولة ترويج الباطل عليه ،إذ قد اشتهر بين الناس مؤمنهم وكافرهم أن محمدا عليه السلام أمين ،فلا يسعهم إلا حكاية الصدق عنده ..." ،
حيث كان الجميع من حول الرسول موجسين خيفة أن يطلع الله ورسوله على جلية الأمر ،فكان ماحاولوه من تضليل الرسول طمعا لا هما، لأن الهم هو العزم على الفعل والثقة به ،وإنما كان انتفاء همهم تضليله فضلا ورحمة ،لدلالة على وقاره في نفوس الناس وذلك فضل عظيم".

4- " ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ماكان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها " ،68 يوسف .
-من معاني الشرط في الآية ماذكر الزجاج في معانية (3/119) قال " أي : إلا خوف العين ،وتأويل " ماكان يغني عنهم .." قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون ،كما تصيبهم مجتمعين "،وجائز أن يكون : لا يغني مع قضاء الله شيء "،
2- وأشار ابن عطية في تفسيره ( 3/ 262) إلى جواب " لما " في الآية أنه قوله "ماكان يغني عنهم من الله من شئ "،وإلا حاجة : استثناء ليس من الأول ،والحاجة طيب النفس بدخولهم من أبواب متفرقة خوف العين"،
وذكر مما يتعلق بذلك من مسائل " ،وقوله " ماكان يغني.." مارد عنهم قدرا، لأنه لو قضي أن تصيبهم عين لأصابتهم متفرقين أو مجتمعين ،وإنما طمع يعقوب أن تصادف وصيته قدر السلامة ،فوصى وقضى بذلك حاجته في نفسه في أن يتنعم برجائه، أن تصادف القدر في سلامتهم ،
وأورد ابن عطية احتمالا آخر :أن يكون جواب لما في الآية محذوفا مقدرا، ثم يخبر عن دخولهم أنه ماكان يغني ..".

3- ومن معاني الشرط ماذكرة أبو حيان في البحر (6/298) ،قال :" وجواب لما قوله : "ماكان يغني عنهم من الله من شيء"، وفيه حجة لمن زعم أن لما حرف وجوب لوجوب ،لا ظرف زمان بمعنى حين،
ومما يتعلق بهذا الشرط من مسائل ،يضيف أبو حيان " ومعنى الجملة : لم يكن في دخولهم متفرقين دفع قدر الله الذي قضاه عليهم ،من تشريفهم و افتضاحهم بذلك .. بل كان إربا ليعقوب قضاه ،وتطييبا لنفسه ..".
4- ويلفت أبو السعود في تفسيره(393/4) النظر إلى معنى آخر من معاني الشرط وتفريع لمسائله ،فيقول :" والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل لتحقيق المقارنة الواجبة بين جواب لما ومدخوله، فإن عدم الإغناء بالفعل إنما يتحقيق عند نزول المحذور لا وقت الدخول ،وإنما المتحقق حينئذ ما أفاده الجمع المذكور من عدم كون الدخول مغنيا فيما سيأتي ".

تطبيقات الدرس :17.
شرح مسائل جواب الطلب وجواب النفي ،واقتران خبر المبتدأ بالفاء :-
3- قال تعالى " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " الحج :46.
1-ومن مسائل جواب الطلب في الآية ماذكره ابن عطية في تفسيره ( 4/127) " أفلم يسيروا في البلاد فينظروا في أحوال الأمم المكذبة المعذبة وتقتضي الآية أن العقل في القلب ..فتكون نصب بالفاء في جواب الاستفهام صرف الفعل من الجزم إلى النصب،.. وقوله فإنها لا تعمى الأبصار .." لفظ مبالغة ،كأنه قال : ليس العمى عمى العين ،وإنما العمى حق العمى عمى القلب ..والضمير في " فإنها... " للقصة ونحوها من التقدير " و"التي في الصدور " مبالغة " .
2-وبين أبو حيان في البحر (521/7) أن من معاني جواب الطلب الحث على النظر والاعتبار ،قال " فاحتمل أن يكون حثا على السفر ليشاهدوا مصارع الكفار فيعتبروا،

أو يكونوا قد سافروا وشاهدوا ،فلم يعتبروا ،فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا .." ،
وقال " ومتعلق يعقلون بها
محذوف ،أي : ماحل بالأمم السابقة حين كذبوا أنبياءهم ،ويعقلون ما يجب من التوحيد ،وكذلك مفعول يسمعون ،أي : يسمعون أخبار تلك الأمم ،أما ما يجب سماعه من الوحي ".
وفي اقتران خبر المبتدا بالفاء ،يذكر " والضمير في فإنها ضمير القصة ،وحسن التأنيث هنا ،ورجحه كون الضمير وليه فعل بعلامة التأنيث ،وهي التاء في لا تعمى ..."،
كما يذكر أن العمى الحقيقي هو ثمرة البصر ،وهو التأدية إلى الفكرة فيما يشاهد البصر ،لكن ذلك متوقف على العقل الذي محله القلب ".
3- ومن مسائل جواب الطلب عطف الفاء في الآية ،قال أبو السعود في تفسيره (111/3) "والفاء لعطف مابعدها على مقدر يقتضيه المقام ،أي : أغفلوا فلم يسيروا فيها ،فتكون لهم بسبب ماشاهدوه من مواد الاعتبار ومظان الاستبصار..".

واقتران خبر المبتدأ بالفاء يذكر " أن الضمير للقصة، أو مبهم يفسره الإبصار، وفي تعمى ضمير راجع إليه ،وقد أقيم الظاهر مقامه .
4- ومن مسائل جواب الطلب في الآية التعجب من أحوال هؤلاء، قال ابن عاشور في تفسيره (287/17) "والاستفهام تعجيبي من حالهم في عدم الاعتبار بمصارع القوم ..والتعجيب متعلق بمن سافروا ومن لم يسافر ،والمقصود بالتعجيب هو حال الذي ساروا في الأرض ولكن جعل الاستفهام داخلا على نفي السير ،لأن سير السائرين منهم لما لم يفدهم عبرة وذكرى جعل كالعدم ،فكان التعجيب من انتفائه، فالكلام جار على خلاف مقتضى الظاهر ،والفاء في فتكون :سببيه جوابية، مسبب ما بعدها على السير..، فانتفى أن تكون لهم قلوب وآذان بهذه المثابة، لانتفاء سيرهم في الأرض ،وهذا شأن الجواب بالفاء ،بعد النفي أن تدخل الفاء على ماهو مسبب على المنفي لو كان ثابتا ..".

5- "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " ،135 البقرة .
1- من مسائل جواب الطلب والأمر في الآية ما ذكره الزجاج في معانيه (1/213) "وجزم تهتدوا على الجواب للأمر، وإنما معنى الشرط قائم في الكلمة ،المعنى : إن تكونوا على هذه الملة تهتدوا ،فجزم تهتدوا على الحقيقة جواب الجزاء ".
2-ومن مسائل جواب الطلب ماذكره ابن عطية في تفسيره (214/1) "ونصب ملة بإضمار فعل ،أي : بل نتبع ملة ،وقيل : نصبت على الإغراء ،.. وحنيفا : حال ".
3- قال أبو حيان في البحر (646/1) "وأما على أنه منصوب " تتبع " على الإغراء ،أي : الزموا ملة إبراهيم ،وأما على أنه منصوب على إسقاط الخافض، أي : نقتدي ملة ،أي : بملة ،وهو يحتمل أن يكون خطابا للكفار ،فيكون المضمر :اتبعوا ،أو كونوا، ويحتمل أن يكون من كلام المؤمنين، فيقدر بنتبع، أو تكون ،أو نقتدي على ماتقدم تقديره".

" وماكان من المشركين " :أخبر الله أنه لم يكن يعبد وثنا ولا شمسا ولا قمرا ولا كوكبًا ،بل ملته مخالفة لملة اليهود والنصارى ،ولذلك أضرب ببل عنهما ،وقيل : في الآية تعريض بأهل الكتاب وغيرهم .
4- وفصل أبو السعود في الإرشاد (165/1) المسالة فقال :" تهتدوا : جواب للأمر، أي إن تكونوا كذلك ،قل : يامحمد على سبيل الرد عليهم ،وبيان ماهو الحق لديهم ،وإرشادهم إليه "بل ملة إبراهيم "،أي : لانكون كما تقولون ،بل نكون أهل ملته عليه السلام ،وقيل :بل نتبع ملته عليه السلام ،وقد جوز أن يكون المعنى :بل اتبعوا أنتم ملته عليه السلام ،أو كونوا أهل ملته ..".
5- ويوجه ابن عاشور في تفسيره (736/1) إلى دلالة معاني الحصر في الآية ،قال " ووجه الحصر حاصل من جزم تهتدوا في جواب الأمر ،فإنه على تقدير شرط ،فيفيد مفهوم الشرط أن من لم يكن يهوديا لايراه اليهود مهتديا ،ومن لم يكن نصرانيا لا يراه النصارى مهتديا ،أي: نفوا الهدى عن متبع ملة إبراهيم ،وهذا غاية غرورهم ،..
وجزم تهتدوا في جواب الأمر :للإيذان بمعنى الشرط ،ليفيد بمفهوم الشرط أنكم إن كنتم على غير اليهودية والنصرانية فلستم بمهتدين.

تطبيقات الدرس :18 .
معاني الاستثناء في الآيات
4- "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ،النساء 148.
1- ذكر الزجاج في معانية (125/2) ثلاثة أوجه لدلالة الاستثناء في هذة الآية كما يلي :
1- أن المظلوم جائز أن يظهر بظلامته تشكياً، والظالم يجهر بالسوء من القول ظلماً واعتداء ،وموضع من :نصب بالوجهين جميعا ،لأنه استثناء ليس من الأول ،فيكون المعنى :
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ،لكن المظلوم يظهر بظلامته تشكيا ،ولكن الظالم يجهر بذلك ظلما .
ب- أن يكون موضع " من " رفعا على معنى لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول ،إلا من ظلم ،فيكون " من " بدلا من معنى أحد ،
والمعنى :
لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا المظلوم .
ج- أن يكون " إلا من ظلم " على معنى :
لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول ،وهذا بعد استثناء ليس من الأول ،وهو وجه حسن.

2/ وزاد مكي في الهداية (1512/2) نقلا عن ابن زيد : أي إلا من أقام على النفاق ،فإنه يقال له ذلك ،ودل على هذا قوله " إلا الذين تابوا"،
وقيل : المعنى " إلا من ظلم " فقال سوءاً، فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه،
وقال قطرب : إلا من ظلم ؛ أي :إلا المكره ،لأنه مظلوم،
3- ونقل ابن عطية في تفسيره (129/2) عن ابن المستنير أن المعنى : إلا من ظلم ،معناه :إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول كفرا أو نحوه ،فذلك مباح ،
ثم أورد قراءة فتح الضاد واللام : "ظَلم " فقال ابن زيد " المعنى " إلا من ظلم" في قول ،أو في فعل ،فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ والرد عليه ،وذلك أنه لما أخبر الله عن المنافقين أنهم في الدرك الأسفل من النار ،كان ذلك جهرا بالسوء من القول ،ثم قال لهم بعد ذلك مايفعل الله بعذابكم ،على معنى التأنيس والاستدعاء الى الشكر والإيمان،

ثم أورد وجه الاستثناء المنقطع ..".
4- ومال أبو حيان في البحر (115/4) إلى أن الاستثناء هنا متصل على تقدير حذف مضاف، أي : إلا جهر من ظلم ،وقيل :الاستثناء منقطع ،والتقدير :لكن المظلوم له أن ينتصف من ظالمه بما يوازي ظلامته". قاله السدي ،
ثم ذكر التقادير الثلاثة على أنه منقطع :
ا- راجع إلى الجملة الأولى، وهي : لايحب ،كأنه قيل : لكن الظالم يحب الجهر بالسوء ،فهو يفعله.
ب- راجع إلى فاعل الجهر ،أي : لايحب الله أن يجهر أحد بالسوء ،لكن الظالم يجهر بالسوء.
ج- راجع إلى متعلق الجهر الفضلة المحذوفة ،أي : إن يجهر أحدكم لأحد بالسوء ،لكن من ظلم فاجهروا له بالسوء ".
5- وأورد ابن عاشور في تفسيره (6/6) معنى العموم الواقع في جملة الاستثناء ،فقال " والمستثنى منه ،هو فاعل المصدر المقدر الواقع في سياق النفي المفيد للعموم".

5- قوله تعالى " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا. لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا "، 78،مريم .
1- فصّل الزجاج في معاني القرآن (346/3) معاني الاستثناء في الآية حسب موقع حرف " مَن " ،فقال "جائز أن تكون في موضع رفع ،وفي موضع نصب ،
فأما الرفع فعلى البدل من الواو والنون ،والمعنى لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ،والعهد هنا : توحيد الله جل ثناؤه والإيمان به
،والنصب على الاستثناء ليس من الأول على :لا يملك الشفاعة المجرمون ،ثم قال : "إلا من اتخذ ... "،على معنى :
لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا فإنه يملك الشفاعة.
2- وأورد ابن عطية في تفسيره (32/4) أربعة معان للمراد بالاستثناء كما يلي :
1- أن " لا يملكون " عائد على المجرمين ،أي : لا يملكون أن يشفع لهم ،فيكون الاستثناء بعده منقطعا ،أي : لكن من اتخذ عهدا يشفع له ،والعهدو الإيمان.

ب- أن يكون " المجرمون " يعم الكفرة والعصاة، ثم أخبر أنهم لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون ،فإنهم يشفع فيهم ،فيكون الاستثناء متصلا .
ج- قيل :الضمير في " لا يملكون " :للمتقين ،
قوله " إلا من اتخذ .." أي: إلا من كان له عمل صالح مبرد مبرز يحصل به في حيز من يشفع ،ويكون المعنى :
" إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا " ،أي لايملك المتقون الشفاعة إلا لهذه الصنيفة ،فيجيء من في التأويل الواحد للشافعين ،وفي الثاني للمشفوع فيهم .
د- وتحتمل الآية أن يراد بمن محمد عليه السلام ،وبالشفاعة الخاصة لمحمد ،العامة للناس ،ويكون الضمير في يملكون لجميع أهل الموقف ،ويكون العهد ،أي أمر الشفاعة.

3- واقتصر ابن عاشور في التحرير (168/16) على أن " الاستثناء" منقطع ،والمعنى : أي لكن يملك الشفاعة يومئذ من اتخذ عند الرحمن عهدا ،أي : من وعده الله بأن يشفع وهم الأنبياء والملائكة.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 ربيع الأول 1443هـ/21-10-2021م, 12:08 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالكريم الشملان مشاهدة المشاركة
الخميس 22/6/1442
المجلس 11 ،مجلس مذاكرة القسم الرابع من مقرر اصول التفسير البياني
تطبيقات الدرس :16 .
بيان معاني الشرط وشرح المسائل المتعلقة بها .
2- قوله تعالي " ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك"،النساء 113.
1- قال الزجاج في معانيه (2/104) أي : لولا فضل الله عليك ورحمته بما أوحى إليك وأعلمك أمر هذا السارق لهمت طائفة أن يضلوك ،ويكون معنى الشرط :
"أي : فبفضل الله ورحمته صرف الله عنك أن تعمل ماهمت به الطائفة .."

2- ومن معاني الشرط في الآية مسألة العصمة من الله لنبيه ،قال ابن عطية في تفسيره (2/112) " وإنما المعنى : ولولا عصمة الله لك لكان في الناس من يشتغل بإضلالك ،ويجعله هم نفسه ، أي : كما فعل هؤلاء ، لكن العصمة تبطل كيد الجميع ،فيبقى الضلال في حيزهم ،
3- ومن معاني الشرط في الآية تفضل الله على نبيه بالوحي ،لأجل العدل في القضاء ،وعدم انطلاء كذب اليهود عليه ،قال أبو حيان في البحر (4/61) "فلولا عصمته وإيحاؤه إليك بما كتموه ،لهموا بإضلالك عن القضاء بالحق وتوخي طريق العدل ،مع علمهم بأن الجاني هو صاحبهم " ،
كما أن من المعاني للشرط "و لولا عصمة الله لك لكان في الناس من يشتغل بإضلالك ،ويجعله هم نفسه ،كما فعل هؤلاء لكن العصمة تبطل كيد الجميع " .
ويلفت أبو السعود في تفسيره (2/231) النظر إلى مسألة التأثير من معاني الشرط ،فيقول " أن يضلوك " عن القضاء بالحق مع علمهم بكنه الأمر ،والجملة جواب لولا ، وإنما نفى همهم

مع أن المنفي إنما هو تأثيره فقط ،وإيذانا بانتفاء تأثيرة بالكلية ،وقيل :المراد هو الهم المؤثر ،ولا ريب في انتفائه حقيقة ،وقيل : الجواب محذوف ، أي : لأضلوك ،وقوله " لهمت طائفة " جملة مستأنفة ،أي : لقد همت طائفة ..".
5- ويشير ابن عاشور في تفسيرة ( 5/197) إلى معنى آخر من معاني الشرط ،ولفت النظر إلى مسألة :أثر مكانة الرسول وقدره في الأمر الواقع، حيث استظهر من الآية " أن هم طائفة من الذين يختانون أنفسهم بأن يضلون الرسول غير واقع من أصله ،فضلا عن أن يضلوه بالفعل ،ومعنى ذلك أن علمهم بأمانته بزعمهم عن محاولة ترويج الباطل عليه ،إذ قد اشتهر بين الناس مؤمنهم وكافرهم أن محمدا عليه السلام أمين ،فلا يسعهم إلا حكاية الصدق عنده ..." ،
حيث كان الجميع من حول الرسول موجسين خيفة أن يطلع الله ورسوله على جلية الأمر ،فكان ماحاولوه من تضليل الرسول طمعا لا هما، لأن الهم هو العزم على الفعل والثقة به ،وإنما كان انتفاء همهم تضليله فضلا ورحمة ،لدلالة على وقاره في نفوس الناس وذلك فضل عظيم".

لولا حرف امتناع لوجود,أفادت تعليق جواب الشرط بجملة الشرط , وأفادت كذلك بيان السبب والتحذير.
والأصل أن تبين المعاني بأسلوبك, ثم قد تستشهد بأقوال المفسرين.


4- " ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ماكان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها " ،68 يوسف .
-من معاني الشرط في الآية ماذكر الزجاج في معانية (3/119) قال " أي : إلا خوف العين ،وتأويل " ماكان يغني عنهم .." قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون ،كما تصيبهم مجتمعين "،وجائز أن يكون : لا يغني مع قضاء الله شيء "،
2- وأشار ابن عطية في تفسيره ( 3/ 262) إلى جواب " لما " في الآية أنه قوله "ماكان يغني عنهم من الله من شئ "،وإلا حاجة : استثناء ليس من الأول ،والحاجة طيب النفس بدخولهم من أبواب متفرقة خوف العين"،
وذكر مما يتعلق بذلك من مسائل " ،وقوله " ماكان يغني.." مارد عنهم قدرا، لأنه لو قضي أن تصيبهم عين لأصابتهم متفرقين أو مجتمعين ،وإنما طمع يعقوب أن تصادف وصيته قدر السلامة ،فوصى وقضى بذلك حاجته في نفسه في أن يتنعم برجائه، أن تصادف القدر في سلامتهم ،
وأورد ابن عطية احتمالا آخر :أن يكون جواب لما في الآية محذوفا مقدرا، ثم يخبر عن دخولهم أنه ماكان يغني ..".

3- ومن معاني الشرط ماذكرة أبو حيان في البحر (6/298) ،قال :" وجواب لما قوله : "ماكان يغني عنهم من الله من شيء"، وفيه حجة لمن زعم أن لما حرف وجوب لوجوب ،لا ظرف زمان بمعنى حين،
ومما يتعلق بهذا الشرط من مسائل ،يضيف أبو حيان " ومعنى الجملة : لم يكن في دخولهم متفرقين دفع قدر الله الذي قضاه عليهم ،من تشريفهم و افتضاحهم بذلك .. بل كان إربا ليعقوب قضاه ،وتطييبا لنفسه ..".
4- ويلفت أبو السعود في تفسيره(393/4) النظر إلى معنى آخر من معاني الشرط وتفريع لمسائله ،فيقول :" والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل لتحقيق المقارنة الواجبة بين جواب لما ومدخوله، فإن عدم الإغناء بالفعل إنما يتحقيق عند نزول المحذور لا وقت الدخول ،وإنما المتحقق حينئذ ما أفاده الجمع المذكور من عدم كون الدخول مغنيا فيما سيأتي ".

وفقك الله؛
بداية نبين اسم الشرط في الآية, ثم نبين المعاني التي أفادها ودل عليها, ثم تبين تفسير الآية بحسب هذه المعاني بأسلوبك الخاص, وذكر الأقوال فيها مستشهدا بأقوال المفسرين.


تطبيقات الدرس :17.
شرح مسائل جواب الطلب وجواب النفي ،واقتران خبر المبتدأ بالفاء :-
3- قال تعالى " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " الحج :46.
1-ومن مسائل جواب الطلب في الآية ماذكره ابن عطية في تفسيره ( 4/127) " أفلم يسيروا في البلاد فينظروا في أحوال الأمم المكذبة المعذبة وتقتضي الآية أن العقل في القلب ..فتكون نصب بالفاء في جواب الاستفهام صرف الفعل من الجزم إلى النصب،.. وقوله فإنها لا تعمى الأبصار .." لفظ مبالغة ،كأنه قال : ليس العمى عمى العين ،وإنما العمى حق العمى عمى القلب ..والضمير في " فإنها... " للقصة ونحوها من التقدير " و"التي في الصدور " مبالغة " .
2-وبين أبو حيان في البحر (521/7) أن من معاني جواب الطلب الحث على النظر والاعتبار ،قال " فاحتمل أن يكون حثا على السفر ليشاهدوا مصارع الكفار فيعتبروا،

أو يكونوا قد سافروا وشاهدوا ،فلم يعتبروا ،فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا .." ،
وقال " ومتعلق يعقلون بها
محذوف ،أي : ماحل بالأمم السابقة حين كذبوا أنبياءهم ،ويعقلون ما يجب من التوحيد ،وكذلك مفعول يسمعون ،أي : يسمعون أخبار تلك الأمم ،أما ما يجب سماعه من الوحي ".
وفي اقتران خبر المبتدا بالفاء ،يذكر " والضمير في فإنها ضمير القصة ،وحسن التأنيث هنا ،ورجحه كون الضمير وليه فعل بعلامة التأنيث ،وهي التاء في لا تعمى ..."،
كما يذكر أن العمى الحقيقي هو ثمرة البصر ،وهو التأدية إلى الفكرة فيما يشاهد البصر ،لكن ذلك متوقف على العقل الذي محله القلب ".
3- ومن مسائل جواب الطلب عطف الفاء في الآية ،قال أبو السعود في تفسيره (111/3) "والفاء لعطف مابعدها على مقدر يقتضيه المقام ،أي : أغفلوا فلم يسيروا فيها ،فتكون لهم بسبب ماشاهدوه من مواد الاعتبار ومظان الاستبصار..".

واقتران خبر المبتدأ بالفاء يذكر " أن الضمير للقصة، أو مبهم يفسره الإبصار، وفي تعمى ضمير راجع إليه ،وقد أقيم الظاهر مقامه .
4- ومن مسائل جواب الطلب في الآية التعجب من أحوال هؤلاء، قال ابن عاشور في تفسيره (287/17) "والاستفهام تعجيبي من حالهم في عدم الاعتبار بمصارع القوم ..والتعجيب متعلق بمن سافروا ومن لم يسافر ،والمقصود بالتعجيب هو حال الذي ساروا في الأرض ولكن جعل الاستفهام داخلا على نفي السير ،لأن سير السائرين منهم لما لم يفدهم عبرة وذكرى جعل كالعدم ،فكان التعجيب من انتفائه، فالكلام جار على خلاف مقتضى الظاهر ،والفاء في فتكون :سببيه جوابية، مسبب ما بعدها على السير..، فانتفى أن تكون لهم قلوب وآذان بهذه المثابة، لانتفاء سيرهم في الأرض ،وهذا شأن الجواب بالفاء ،بعد النفي أن تدخل الفاء على ماهو مسبب على المنفي لو كان ثابتا ..".

5- "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " ،135 البقرة .
1- من مسائل جواب الطلب والأمر في الآية ما ذكره الزجاج في معانيه (1/213) "وجزم تهتدوا على الجواب للأمر، وإنما معنى الشرط قائم في الكلمة ،المعنى : إن تكونوا على هذه الملة تهتدوا ،فجزم تهتدوا على الحقيقة جواب الجزاء ".
2-ومن مسائل جواب الطلب ماذكره ابن عطية في تفسيره (214/1) "ونصب ملة بإضمار فعل ،أي : بل نتبع ملة ،وقيل : نصبت على الإغراء ،.. وحنيفا : حال ".
3- قال أبو حيان في البحر (646/1) "وأما على أنه منصوب " تتبع " على الإغراء ،أي : الزموا ملة إبراهيم ،وأما على أنه منصوب على إسقاط الخافض، أي : نقتدي ملة ،أي : بملة ،وهو يحتمل أن يكون خطابا للكفار ،فيكون المضمر :اتبعوا ،أو كونوا، ويحتمل أن يكون من كلام المؤمنين، فيقدر بنتبع، أو تكون ،أو نقتدي على ماتقدم تقديره".

" وماكان من المشركين " :أخبر الله أنه لم يكن يعبد وثنا ولا شمسا ولا قمرا ولا كوكبًا ،بل ملته مخالفة لملة اليهود والنصارى ،ولذلك أضرب ببل عنهما ،وقيل : في الآية تعريض بأهل الكتاب وغيرهم .
4- وفصل أبو السعود في الإرشاد (165/1) المسالة فقال :" تهتدوا : جواب للأمر، أي إن تكونوا كذلك ،قل : يامحمد على سبيل الرد عليهم ،وبيان ماهو الحق لديهم ،وإرشادهم إليه "بل ملة إبراهيم "،أي : لانكون كما تقولون ،بل نكون أهل ملته عليه السلام ،وقيل :بل نتبع ملته عليه السلام ،وقد جوز أن يكون المعنى :بل اتبعوا أنتم ملته عليه السلام ،أو كونوا أهل ملته ..".
5- ويوجه ابن عاشور في تفسيره (736/1) إلى دلالة معاني الحصر في الآية ،قال " ووجه الحصر حاصل من جزم تهتدوا في جواب الأمر ،فإنه على تقدير شرط ،فيفيد مفهوم الشرط أن من لم يكن يهوديا لايراه اليهود مهتديا ،ومن لم يكن نصرانيا لا يراه النصارى مهتديا ،أي: نفوا الهدى عن متبع ملة إبراهيم ،وهذا غاية غرورهم ،..
وجزم تهتدوا في جواب الأمر :للإيذان بمعنى الشرط ،ليفيد بمفهوم الشرط أنكم إن كنتم على غير اليهودية والنصرانية فلستم بمهتدين.

تطبيقات الدرس :18 .
معاني الاستثناء في الآيات
4- "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ،النساء 148.
1- ذكر الزجاج في معانية (125/2) ثلاثة أوجه لدلالة الاستثناء في هذة الآية كما يلي :
1- أن المظلوم جائز أن يظهر بظلامته تشكياً، والظالم يجهر بالسوء من القول ظلماً واعتداء ،وموضع من :نصب بالوجهين جميعا ،لأنه استثناء ليس من الأول ،فيكون المعنى :
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ،لكن المظلوم يظهر بظلامته تشكيا ،ولكن الظالم يجهر بذلك ظلما .
ب- أن يكون موضع " من " رفعا على معنى لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول ،إلا من ظلم ،فيكون " من " بدلا من معنى أحد ،
والمعنى :
لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا المظلوم .
ج- أن يكون " إلا من ظلم " على معنى :
لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول ،وهذا بعد استثناء ليس من الأول ،وهو وجه حسن.

2/ وزاد مكي في الهداية (1512/2) نقلا عن ابن زيد : أي إلا من أقام على النفاق ،فإنه يقال له ذلك ،ودل على هذا قوله " إلا الذين تابوا"،
وقيل : المعنى " إلا من ظلم " فقال سوءاً، فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه،
وقال قطرب : إلا من ظلم ؛ أي :إلا المكره ،لأنه مظلوم،
3- ونقل ابن عطية في تفسيره (129/2) عن ابن المستنير أن المعنى : إلا من ظلم ،معناه :إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول كفرا أو نحوه ،فذلك مباح ،
ثم أورد قراءة فتح الضاد واللام : "ظَلم " فقال ابن زيد " المعنى " إلا من ظلم" في قول ،أو في فعل ،فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ والرد عليه ،وذلك أنه لما أخبر الله عن المنافقين أنهم في الدرك الأسفل من النار ،كان ذلك جهرا بالسوء من القول ،ثم قال لهم بعد ذلك مايفعل الله بعذابكم ،على معنى التأنيس والاستدعاء الى الشكر والإيمان،

ثم أورد وجه الاستثناء المنقطع ..".
4- ومال أبو حيان في البحر (115/4) إلى أن الاستثناء هنا متصل على تقدير حذف مضاف، أي : إلا جهر من ظلم ،وقيل :الاستثناء منقطع ،والتقدير :لكن المظلوم له أن ينتصف من ظالمه بما يوازي ظلامته". قاله السدي ،
ثم ذكر التقادير الثلاثة على أنه منقطع :
ا- راجع إلى الجملة الأولى، وهي : لايحب ،كأنه قيل : لكن الظالم يحب الجهر بالسوء ،فهو يفعله.
ب- راجع إلى فاعل الجهر ،أي : لايحب الله أن يجهر أحد بالسوء ،لكن الظالم يجهر بالسوء.
ج- راجع إلى متعلق الجهر الفضلة المحذوفة ،أي : إن يجهر أحدكم لأحد بالسوء ،لكن من ظلم فاجهروا له بالسوء ".
5- وأورد ابن عاشور في تفسيره (6/6) معنى العموم الواقع في جملة الاستثناء ،فقال " والمستثنى منه ،هو فاعل المصدر المقدر الواقع في سياق النفي المفيد للعموم".

لم تبين القراءات في الآية.
ونبدأ ببيان المراد ب(السوء) والمراد ب (من ظلم), واختلافهم في تعيين المستثنى منه, ونذكر أقوال السلف مع نسبتها, ثم نتكلم عن الاستثناء والخلاف فيه.

5- قوله تعالى " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا. لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا "، 78،مريم .
1- فصّل الزجاج في معاني القرآن (346/3) معاني الاستثناء في الآية حسب موقع حرف " مَن " ،فقال "جائز أن تكون في موضع رفع ،وفي موضع نصب ،
فأما الرفع فعلى البدل من الواو والنون ،والمعنى لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ،والعهد هنا : توحيد الله جل ثناؤه والإيمان به
،والنصب على الاستثناء ليس من الأول على :لا يملك الشفاعة المجرمون ،ثم قال : "إلا من اتخذ ... "،على معنى :
لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا فإنه يملك الشفاعة.
2- وأورد ابن عطية في تفسيره (32/4) أربعة معان للمراد بالاستثناء كما يلي :
1- أن " لا يملكون " عائد على المجرمين ،أي : لا يملكون أن يشفع لهم ،فيكون الاستثناء بعده منقطعا ،أي : لكن من اتخذ عهدا يشفع له ،والعهدو الإيمان.
ب- أن يكون " المجرمون " يعم الكفرة والعصاة، ثم أخبر أنهم لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون ،فإنهم يشفع فيهم ،فيكون الاستثناء متصلا .
ج- قيل :الضمير في " لا يملكون " :للمتقين ،
قوله " إلا من اتخذ .." أي: إلا من كان له عمل صالح مبرد مبرز يحصل به في حيز من يشفع ،ويكون المعنى :
" إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا " ،أي لايملك المتقون الشفاعة إلا لهذه الصنيفة ،فيجيء من في التأويل الواحد للشافعين ،وفي الثاني للمشفوع فيهم .
د- وتحتمل الآية أن يراد بمن محمد عليه السلام ،وبالشفاعة الخاصة لمحمد ،العامة للناس ،ويكون الضمير في يملكون لجميع أهل الموقف ،ويكون العهد ،أي أمر الشفاعة.

نرتب الإجابة فنبدأ ببيان مرجع الضمير في {يملكون}, لأن الخلاف في معنى الاستثناء يرجع إلى الاختلاف في عود الضمير.

3- واقتصر ابن عاشور في التحرير (168/16) على أن " الاستثناء" منقطع ،والمعنى : أي لكن يملك الشفاعة يومئذ من اتخذ عند الرحمن عهدا ،أي : من وعده الله بأن يشفع وهم الأنبياء والملائكة.
وفقك الله:
الإجابات معتمدة على النقل المحض دون تفصيل الكلام وبيانه من جانبك فيما يتعلق بالمطلوب منك في كل تطبيق.
فأرجو قراءة الملاحظات المدرجة في الأعلى, والرجوع إلى دروس أصول التفسير البياني, والاطلاع على الأمثلة, وقد يفيد قراءة أقوال المفسرين كالطبري قبل الشروع في الإجابة.
ج+

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1444هـ/20-12-2022م, 09:16 PM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني
أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:
تطبيقات الدرس السادس عشر:
بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:
1: قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}
(لو) في الآية حرف شرط, واختلف في ذكر جواب الشرط وحذفه على قولين:
الأول: أن جوابه مقدم, ويكون المعنى: وهم يكفرون بالرحمن، ولو أنزلنا عليهم ما سألوا.وهو قول ابن عباس, ومجاهد, وذكره الفراء.
قال ابن جرير: وهم يكفرون بالرّحمن { ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال }: أي يكفرون باللّه، ولو سيّر لهم الجبال بهذا القرآن. وقالوا: هو من المؤخّر الّذي معناه التّقديم وجعلوا جواب " لو " مقدّمًا قبلها، وذلك أنّ الكلام على معنى قيلهم: ولو أنّ هذا القرآن سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض، لكفروا بالرّحمن.
الثاني: أن جوابه محذوف, وأن العرب تستخدم هذا الأسلوب كثيرا في كلامهم, ويكون المعنى على تقدير حذف جواب (لو):
1 - لكان هذا القرآن, فلو سيرت الجبال بهذا القرآن وقطعت به الأرض قطعا, وكلم به الموتى فسمعوا وأجابوا, لكان هذا القرآن مذكرا لهم ومخوفا, ومنبها لهم ومنذرا. وهو قول قتادة.
قال الزمخشري: والمعنى: ولو أن قرآنا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ عن مقارّها، وزعزعت عن مضاجعها أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ حتى تتصدع وتتزايل قطعاً أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى فتسمع وتجيب، لكان هذا القرآن لكونه غاية في التذكير ونهاية في الإنذار والتخويف، كما قال: (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).
قال ابن عاشور: وجَوابُ لَوْ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ المَقامِ عَلَيْهِ. وحَذْفُ جَوابِ لَوْ كَثِيرٌ في القُرْآنِ كَقَوْلِهِ ﴿ولَوْ تَرى إذْ وُقِفُوا عَلى النّارِ﴾ [الأنعام: ٢٧] وقَوْلِهِ ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ﴾ [السجدة: ١٢] .
ويُفِيدُ ذَلِكَ مَعْنًى تَعْرِيضِيًّا بِالنِّداءِ عَلَيْهِمْ بِنِهايَةِ ضَلالَتِهِمْ، إذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهَدْيِ القُرْآنِ ودَلائِلِهِ، والحالُ لَوْ أنَّ قُرْآنًا أمَرَ الجِبالَ أنْ تَسِيرَ والأرْضَ أنْ تَتَقَطَّعَ والمَوْتى أنْ تَتَكَلَّمَ لَكانَ هَذا القُرْآنُ بالِغًا ذَلِكَ ولَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِن شَأْنِ الكُتُبِ، فَيَكُونُ عَلى حَدِّ قَوْلِ أُبَيِّ بْنِ سُلْمى مِنَ الحَماسَةِ: ولَوْ طارَ ذُو حافِرٍ قَبْلَها لَطارَتْ ولَكِنَّهُ لَمْ يَطِرِ.
2 - لو كان هذا كلّه لما آمنوا. ودليله قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)
قال محي الدين درويش: في قوله تعالى: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال إلى آخر الآية إيجاز عجيب فقد حذف الجواب كما تقدم، واختلف المعربون والمفسرون في تقديره وقد قدرناه في الإعراب: لما آمنوا وقد اختار الزمخشري هذا التقدير ولكنه جعله مرجوحا وقدر الأرجح بقوله «لكان هذا القرآن» لكونه غاية في التذكير ونهاية في الانذار وهو تقدير لا بأس به وإن كان الأول أقرب إلى سياق الحديث وأوكد في تقرير المعنى وحذف جواب «لو» شائع في كلامهم.
5: قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)}
أداة الشرط في الآية (من), وجوابها (فليمدد بسبب إلى السماء), واختلف المفسرون في المعنى المراد من جواب الشرط في الآية على أقوال:
1- فهي إما على سبيل المبالغة في التهكم. أي: من كان يظن أن الله تعالى لن ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم, فليمد حبلا في سقف بيته ثم يلفه حول عنقه ثم يقطعه ليختنق به, وينظر هل يذهب هذا ما عنده من الغيظ. وهو قول ابن عباس, ذكره ابن كثير.
قال الشنقيطي: والمَعْنى: لا يُذْهِبُ ذَلِكَ الَّذِي فَعَلَهُ ذَلِكَ الكافِرُ الحاسِدُ ما يَغِيظُهُ ويُغْضِبُهُ مِن نَصْرِ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
2 - وإما على سبيل التحدي. أي: من كان يظن أن الله تعالى لن ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم, فليصعد إلى السماء ويقطع عنه الوحي, ويمنع منه النصر.
قال الشنقيطي: والمَعْنى: أنَّهُ وإنْ غاظَهُ نَصْرُ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ. فَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ، ولا قُدْرَةٌ عَلى مَنعِ النَّصْرِ؛ لِأنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الِارْتِقاءَ إلى السَّماءِ ومَنعِ نُزُولِ النَّصْرِ مِنها عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.
قال ابن كثير: قال ابن عبّاسٍ: من كان يظنّ أن لن ينصر اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم في الدّنيا والآخرة، {فليمدد بسببٍ} أي: بحبلٍ {إلى السّماء} أي: سماء بيته، {ثمّ ليقطع} يقول: ثمّ ليختنق به. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، وعطاءٌ، وأبو الجوزاء، وقتادة، وغيرهم.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {فليمدد بسببٍ إلى السّماء} أي: ليتوصّل إلى بلوغ السّماء، فإنّ النّصر إنّما يأتي محمّدًا من السّماء، {ثمّ ليقطع} ذلك عنه، إن قدر على ذلك.
وقول ابن عبّاسٍ وأصحابه أولى وأظهر في المعنى، وأبلغ في التّهكّم؛ فإنّ المعنى: من ظنّ أنّ اللّه ليس بناصرٍ محمّدًا وكتابه ودينه، فليذهب فليقتل نفسه، إن كان ذلك غائظه، فإنّ اللّه ناصره لا محالة، قال اللّه تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافرٍ: 51، 52]؛ ولهذا قال: {فلينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ}
قال السّدّيّ: يعني: من شأن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيظ).

تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
(2) قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
في قوله تعالى: "تأكل" وجهين من الإعراب:
الأول: مجزومة على أنها جواب للأمر, بتقدير إن تذروها تأكل.
الثاني: ومرفوعة على أنها حال, على معنى "فذروها آكلةً". ذكره الأخفش.
فاستعمالها على الجزم, والمعنى على الرفع.
قال االأخفش: وقال: {فذروها تأكل في أرض اللّه} جزم إذا جعلته جوابا ورفع إذا أردت "فذروها آكلةً" وقال: {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} وقال: {قل لّلّذين آمنوا يغفروا للّذين} و{فذرهم يخوضوا ويلعبوا} فصار جواباً في اللفظ وليس كذلك في المعنى).
قال ابن عاشور: وجُزِمَ تَأْكُلْ عَلى أنَّ أصْلَهُ جَوابُ الأمْرِ بِتَقْدِيرِ: إنْ تَذْرُوها تَأْكُلْ، فالمَعْنى عَلى الرَّفْعِ والِاسْتِعْمالُ عَلى الجَزْمِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أيْ يُقِيمُونَ وهو كَثِيرٌ في الكَلامِ، ويُشْبِهُ أنَّ أصْلَ جَزْمِ أمْثالِهِ في الكَلامِ العَرَبِيِّ عَلى التَّوَهُّمِ لِوُجُودِ فِعْلِ الطَّلَبِ قَبْلَ فِعْلٍ صالِحٍ لِلْجَزْمِ، ولَعَلَّ مِنهُ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وأذِّنْ في النّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا﴾.
وقوله تعالى: "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم"
نصب "فيأخذكم" على أنه جواب للنهي في قوله "لا تمسوها" , أو نصبت (بأن) مضمرة.
ويكون المعنى: نهي لهم عن الجمع بين المس وأخذ العذاب, وإن لم يكن العذاب من صنيعهم, ولكنهم لما فعلوا أسبابه كانه كان من صنيعهم. ذكره الآلوسى.
أو يكون المعنى: النهي عن المس الذي هو مقدمة الإصابة بالسوء الشامل لكل أنواع الأذى, مع تنكير السوء مبالغة في النهي عن مسها بأي شيء يسؤها. ذكره أبو السعود.
قال ابن عاشور: وانْتَصَبَ قَوْلُهُ فَيَأْخُذَكم في جَوابِ النَّهْيِ لِيُعْتَبَرَ الجَوابُ لِلْمَنهِيِّ عَنْهُ لِأنَّ حَرْفَ النَّهْيِ لا أثَرَ لَهُ: أيْ إنْ تَمَسُّوها بِسُوءٍ يَأْخُذْكم عَذاب.
وأُنِيطَ النَّهْيُ بِالمَسِّ بِالسُّوءِ لِأنَّ المَسَّ يَصْدُقُ عَلى أقَلِّ اتِّصالِ شَيْءٍ بِالجِسْمِ، فَكُلُّ ما يَنالُها مِمّا يُرادُ مِنهُ السُّوءُ فَهو مَنهِيٌّ عَنْهُ، وذَلِكَ لِأنَّ الحَيَوانَ لا يَسُوؤُهُ إلّا ما فِيهِ ألَمٌ لِذاتِهِ، لِأنَّهُ لا يَفْقَهُ المَعانِيَ النَّفْسانِيَّةَ.
والفاء في قوله: "فيأخذكم" رابطة لجواب النهي, وذلك لتأكيد ما ينالونه من عذاب ‘إن هم مسوا الناقة بسوء.
(4) قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}
في قوله تعالى: (من كفر بالله), من شرطية, وقيل موصولة وهي مرفوعة على الابتداء, وذكر الرازي أن خبرها محذوف, واختلف المفسرون في معناها على ذلك إلى أقوال:
1 - أنه بدل من قوله: (الذين لا يؤمنون بآيات الله), والتقدير: إنَّما يَفْتَرِي مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ.
2 - أنه بدل من الخبر (الكاذبون), والتقدير: وأُولَئِكَ هم مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ.
3 - أنه منصوب على الذم, والتقدير: وأُولَئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ؛ أعْنِي مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ.
ورجح الزجاج أن (من) مرفوعة على البدل, وليست مرفوعة على الابتداء؛ لأن خبر الابتداء محذوف لأنّ قوله: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلّا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان}.
وأن قوله: (فعليهم غضب من ربهم) خبر لـــ (من) التي بعد (لكن).
وذكر ابن جزي أن قوله: (فعليهم غضب) جواب لــــ (من) الأولى والثانية جميعا, أو أنها جواب للثانية فقط, وجواب الأولى محذوف.
ورجح ابن جرير أن قوله: (فعليهم غضب من ربهم), رافعة لــــ (من) الأولى والثانية, فقال: والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ الرّافع ل " من " الأولى والثّانية، قوله: {فعليهم غضبٌ من اللّه} والعرب تفعل ذلك في حروف الجزاء إذا استأنفت أحدهما على آخر.
واقتران الخبر بالفاء, على اعتبار أن (من) موصولة, وهي مبتدأ, لأن في المبتدأ شبها بأداة الشرط , وقد يعامل الموصول معاملة الشرط. كما ذكر ابن عاشور فقال: واعْلَمْ أنَّ الآيَةَ - إنْ كانَتْ تُشِيرُ إلى نَفَرٍ كَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِمْ - كانَتْ (مَن) مَوْصُولَةً، وهي مُبْتَدَأٌ، والخَبَرُ فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ، وقَرَنَ الخَبَرَ بِالفاءِ؛ لِأنَّ في المُبْتَدَأِ شَبَهًا بِأداةِ الشَّرْطِ، وقَدْ يُعامَلُ المَوْصُولُ مُعامَلَةَ الشَّرْطِ، ووَقَعَ في القُرْآنِ في غَيْرِ مَوْضِعٍ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهم عَذابُ جَهَنَّمَ﴾، وقَوْلُهُ تَعالى ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾إلى قَوْلِهِ ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ في سُورَةِ بَراءَةَ، وقِيلَ: إنَّ فَرِيقًا كَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِمْ، كَما رُوِيَ في شَأْنِ جَبْرٍ غُلامِ ابْنِ الحَضْرَمِيِّ، وهَذا الوَجْهُ ألْيَقُ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ الآيَةَ.
وإنْ كانَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فالآيَةُ مُجَرَّدُ تَحْذِيرٍ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ العَوْدِ إلى الكُفْرِ، ولِذَلِكَ تَكُونُ (مَن) شَرْطِيَّةً، والشَّرْطُ غَيْرُ مُرادٍ بِهِ مُعَيَّنٌ بَلْ هو تَحْذِيرٌ، أيْ مِن يَكْفُرُوا بِاللَّهِ؛ لِأنَّ الماضِيَ في الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ إلى مَعْنى المُضارِعِ، ويَكُونُ قَوْلُهُ ﴿فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ﴾ جَوابًا. والتَّحْذِيرُ حاصِلٌ عَلى كِلا المَعْنَيَيْنِ.
وأيضا دخول الفاء على الخبر يفيد ربط الخبر بالمبتدأ؛ لتأكيد اقتضاء المبتدأ للخبر, وتنزيله منزلة الشرط الذي يستلزم جزاء.
قال الشيخ عبد العزيز الداخل: والآيات التي فيها دخول "الفاء" على الخبر لربطه بالمبتدأ كثيرة؛ وهي تفيد تأكيد اقتضاء المبتدأ للخبر، وتنزيله منزلة الشرط الذي يستلزم جزاءً.

تطبيقات الدرس الثامن عشر:
بيّن معاني الاستثناء في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ}
وفي"إلا" قراءتان:
الأولى: بفتح الهمزة وتخفيف اللام؛ على أنها للاستفتاح. وهى قراءة ابن عباس, وزيد بن علي, وابن زيد.
الثانية: بكسر الهمزة وتشديد اللام. وهي قراءة الجمهور.
واختلف في الاستثناء على قراءة الجمهور في هذه الآية على أقوال:
الأول: أنه استثناء متصل.وهو قول مجاهد,وعطاء, وقتادة, والربيع,والسدي وابن جرير, وأبو روق. ذكره الواحدي.
قال ابن جرير: فقد أبان تأويل من ذكرنا تأويله من أهل التّأويل قوله: {إلاّ الّذين ظلموا منهم} عن صحّة ما قلنا في تأويله، وأنّه استثناءٌ على صحه بمعنى الاستثناء المعروف الّذي يثبت فيهم لما بعد حرف الاستثناء ما كان منفيًّا عمّا قبله، كما قول القائل: ما سار من النّاس أحدٌ إلاّ أخوك إثباتٌ للأخ من السّير ما هو منفيٌّ عن كلّ أحدٍ من النّاس، فكذلك قوله: {لئلاّ يكون للنّاس عليكم حجّةٌ إلاّ الّذين ظلموا منهم} نفيٌ عن أن يكون لأحدٍ خصومةٌ وجدلٌ قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ودعوى باطل عليه وعلى أصحابه بسبب توجّههم في صلاتهم قبل الكعبة، إلاّ الّذين ظلموا أنفسهم من قريشٍ، فإنّ لهم قبلهم خصومةً ودعوى باطل بأن يقولوا: إنّما توجّهتم إلينا وإلى قبلتنا؛ لأنّا كنّا أهدى منكم سبيلاً، وأنّكم كنتم بتوجّهكم نحو بيت المقدس على ضلالٍ وباطلٍ.
الثاني: أنه استثناء منقطع, يقدر بـــ (لكن) عند البصريين, و بـــ (بل) عند الكوفيين. وهو قول الأخفش, والمؤرج, والفراء, ومعمر بن المثنى. ذكره الواحدي, والسمين الحلبي.
قال السمين الحلبي: والتقديرُ: لكنَّ الذين ظلموا فإنَّهم يتعلَّقون عليكم بالشُّبْهَة يَضَعونَها موضعَ الحُجَّةِ.
والاستثناء المنقطع له معنيان:
1 - أن يكون الذي بعدها مستأنفًا، يلابس الأول من جهة عائد عليه منها، أو معنى يقرب به منه.
2 - أن يكون مؤكدًا لما قبله.
الثالث: أنها بمعنى الواو العاطفة. وهو قول أبو عبيدة.
قال أبو عبيدة: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ موضع «إلّا» هاهنا ليس بموضع استثناء، إنما هو موضع واو الموالاة، ومجازها: لئلا يكون للناس عليكم حجة، وللذين ظلموا، وقال الأعشى:
إلّا كخارجة المكلّف نفسه ... وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا
ومعناه: وخارجة
ورد هذا القول ابن جرير, وذكر أنه قول خطأ؛ لأن ذلك يؤدي إلى التلبيس وعدم إبانة المعنى المراد.
وخطأ الفراء أيضا هذا القول فيما ذكره عنه الواحدي فقال: وهذا القول عند الفراء خطأ؛ لأن (إلا) لا يُخرج عن الاستثناء إلى النسق حتى يتقدمها عدد لا يصلح أن يستثنى منه، فتجري مجرى الواو إذا بطل فيها معنى الاستثناء.
الرابع: أنها بمعنى (بعد), أي: بعد الذين ظلموا. ذكره السمين الحلبي.
ورد هذا القول السمين الحلبي, وجعله من أفسد الأقوال, فقال: من أفسدِ الأقوالِ وأنْكَرِها وإنما ذكرْتُه لغرضِ التنبيه على ضَعْفِه.
الخامس: أن الاستثناء من الضمير في (عليكم). وهو قول قطرب, وهو اختيار أبو منصور الأزهري. ذكره الواحدي.
والمعنى: لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا على الذين ظلموا منهم فإن عليهم الحجة
ورد هذا القول أبو بكر بن الأنباري فقال: وهذا عندي بعيد رديء؛ لأن المكني المخفوض لا ينسق عليه إلا بإعادة الخافض، ولأنالكاف والميم في عليكم، للمخاطبين، فلو استثنى الذين ظلموا منهم لقال: إلا الذين ظلموا منكم، فلما قال: (منهم) دلّ بالغيبة على أنّ الذين ظلموا لميُستثنَوا من الكاف والميم.
3: قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}
ذكر المفسرون في معنى الاستثناء في الآية أقوال:
الأول: أنه استثناء منقطع, على تقدير (لكن). وهو قول جمهور المفسرين. ذكره السمين الحلبي.
والمعنى: ما كان للمؤمن أن يقتل مؤمنا بوجه من الوجوه, إلا إذا وقع ذلك على وجه الخطأ.
وهذا كقول الشاعر [الهذلي] :
أمسى سقام خلاء لا أنيس به ... إلّا السّباع وإلّا الرّيح بالغرف
الثاني: أنه متصل, على إرادة التحريم بالنفي. ذكره السمين الحلبي.
والمعنى: أنه قتله خطأ على أنه كافر, ثم تبين له بعد أنه مؤمن.
الثالث: أنه استثناء مفرغ.
وفي نصبه ثلاث احتمالات ذكرها الزمخشري وهي:
1 - أنه مفعول له أي: ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل إلا لخطأ وحده.
2 - أنه حال أي: ما ينبغي له أن يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ.
3 - أنه نعت مصدر محذوف أي: إلا قتلا خطأ.
الرابع: أنه بمعنى (ولا), فتكون عاطفة بتقدير الواو. وهو قول يونس حكاه عنه أبو عبيدة. ذكره السمين الحلبي.
قال السمين الحلبي: حكى أبو عبيدة عن يونس قال: «سألت رؤبة بن العجاج عن هذه الآية فقال:» ليس له أن يقتله عمدا ولا خطأ «فأقام» إلا «مقام الواو، وهو كقول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
ورد هذا القول الفراء, وقال بعدم جواز ذلك إلا إذا تقدم استثناء آخر فيكون الثاني معطوفا على الأول.
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 5 شوال 1444هـ/25-04-2023م, 04:02 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد مشاهدة المشاركة
القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني
أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:
تطبيقات الدرس السادس عشر:
بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:
1: قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}
(لو) في الآية حرف شرط, واختلف في ذكر جواب الشرط وحذفه على قولين:
الأول: أن جوابه مقدم, ويكون المعنى: وهم يكفرون بالرحمن، ولو أنزلنا عليهم ما سألوا.وهو قول ابن عباس, ومجاهد, وذكره الفراء.
قال ابن جرير: وهم يكفرون بالرّحمن { ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال }: أي يكفرون باللّه، ولو سيّر لهم الجبال بهذا القرآن. وقالوا: هو من المؤخّر الّذي معناه التّقديم وجعلوا جواب " لو " مقدّمًا قبلها، وذلك أنّ الكلام على معنى قيلهم: ولو أنّ هذا القرآن سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض، لكفروا بالرّحمن.
الثاني: أن جوابه محذوف, وأن العرب تستخدم هذا الأسلوب كثيرا في كلامهم, ويكون المعنى على تقدير حذف جواب (لو):
1 - لكان هذا القرآن, فلو سيرت الجبال بهذا القرآن وقطعت به الأرض قطعا, وكلم به الموتى فسمعوا وأجابوا, لكان هذا القرآن مذكرا لهم ومخوفا, ومنبها لهم ومنذرا. وهو قول قتادة.
قال الزمخشري: والمعنى: ولو أن قرآنا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ عن مقارّها، وزعزعت عن مضاجعها أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ حتى تتصدع وتتزايل قطعاً أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى فتسمع وتجيب، لكان هذا القرآن لكونه غاية في التذكير ونهاية في الإنذار والتخويف، كما قال: (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).
قال ابن عاشور: وجَوابُ لَوْ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ المَقامِ عَلَيْهِ. وحَذْفُ جَوابِ لَوْ كَثِيرٌ في القُرْآنِ كَقَوْلِهِ ﴿ولَوْ تَرى إذْ وُقِفُوا عَلى النّارِ﴾ [الأنعام: ٢٧] وقَوْلِهِ ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ﴾ [السجدة: ١٢] .
ويُفِيدُ ذَلِكَ مَعْنًى تَعْرِيضِيًّا بِالنِّداءِ عَلَيْهِمْ بِنِهايَةِ ضَلالَتِهِمْ، إذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهَدْيِ القُرْآنِ ودَلائِلِهِ، والحالُ لَوْ أنَّ قُرْآنًا أمَرَ الجِبالَ أنْ تَسِيرَ والأرْضَ أنْ تَتَقَطَّعَ والمَوْتى أنْ تَتَكَلَّمَ لَكانَ هَذا القُرْآنُ بالِغًا ذَلِكَ ولَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِن شَأْنِ الكُتُبِ، فَيَكُونُ عَلى حَدِّ قَوْلِ أُبَيِّ بْنِ سُلْمى مِنَ الحَماسَةِ: ولَوْ طارَ ذُو حافِرٍ قَبْلَها لَطارَتْ ولَكِنَّهُ لَمْ يَطِرِ.
2 - لو كان هذا كلّه لما آمنوا. ودليله قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)
قال محي الدين درويش: في قوله تعالى: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال إلى آخر الآية إيجاز عجيب فقد حذف الجواب كما تقدم، واختلف المعربون والمفسرون في تقديره وقد قدرناه في الإعراب: لما آمنوا وقد اختار الزمخشري هذا التقدير ولكنه جعله مرجوحا وقدر الأرجح بقوله «لكان هذا القرآن» لكونه غاية في التذكير ونهاية في الانذار وهو تقدير لا بأس به وإن كان الأول أقرب إلى سياق الحديث وأوكد في تقرير المعنى وحذف جواب «لو» شائع في كلامهم.
[نص قول قتادة: " لو فعل هذا بقرآنٍ قبل قرآنكم لفُعِل بقرآنكم". اهـ.
والأولى في الإجابة تخريج أقوال السلف وذكر نص كلامهم.

البحث في معنى قوله تعالى: {بل لله الأمر جميعًا} ومناسبته للشرط في أول الآية يفيدك في معرفة وجه الجمع بين الأقوال والبلاغة في تقدير حذف جواب الشرط]





5: قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)}
أداة الشرط في الآية (من), وجوابها (فليمدد بسبب إلى السماء), واختلف المفسرون في المعنى المراد من جواب الشرط في الآية على أقوال:
1- فهي إما على سبيل المبالغة في التهكم. أي: من كان يظن أن الله تعالى لن ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم, فليمد حبلا في سقف بيته ثم يلفه حول عنقه ثم يقطعه ليختنق به, وينظر هل يذهب هذا ما عنده من الغيظ. وهو قول ابن عباس, ذكره ابن كثير.
قال الشنقيطي: والمَعْنى: لا يُذْهِبُ ذَلِكَ الَّذِي فَعَلَهُ ذَلِكَ الكافِرُ الحاسِدُ ما يَغِيظُهُ ويُغْضِبُهُ مِن نَصْرِ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
2 - وإما على سبيل التحدي. أي: من كان يظن أن الله تعالى لن ينصر نبيه صلى الله عليه وسلم, فليصعد إلى السماء ويقطع عنه الوحي, ويمنع منه النصر.
قال الشنقيطي: والمَعْنى: أنَّهُ وإنْ غاظَهُ نَصْرُ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ. فَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ، ولا قُدْرَةٌ عَلى مَنعِ النَّصْرِ؛ لِأنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الِارْتِقاءَ إلى السَّماءِ ومَنعِ نُزُولِ النَّصْرِ مِنها عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.
قال ابن كثير: قال ابن عبّاسٍ: من كان يظنّ أن لن ينصر اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم في الدّنيا والآخرة، {فليمدد بسببٍ} أي: بحبلٍ {إلى السّماء} أي: سماء بيته، {ثمّ ليقطع} يقول: ثمّ ليختنق به. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، وعطاءٌ، وأبو الجوزاء، وقتادة، وغيرهم.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {فليمدد بسببٍ إلى السّماء} أي: ليتوصّل إلى بلوغ السّماء، فإنّ النّصر إنّما يأتي محمّدًا من السّماء، {ثمّ ليقطع} ذلك عنه، إن قدر على ذلك.
وقول ابن عبّاسٍ وأصحابه أولى وأظهر في المعنى، وأبلغ في التّهكّم؛ فإنّ المعنى: من ظنّ أنّ اللّه ليس بناصرٍ محمّدًا وكتابه ودينه، فليذهب فليقتل نفسه، إن كان ذلك غائظه، فإنّ اللّه ناصره لا محالة، قال اللّه تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافرٍ: 51، 52]؛ ولهذا قال: {فلينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ}
قال السّدّيّ: يعني: من شأن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيظ).
[لابن عباس رضي الله عنهما قول آخر وفيه أن ينصره بمعنى " يرزقه " والأولى تخريج الأقوال من مصادرها الأصلية]
تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
(2) قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
في قوله تعالى: "تأكل" وجهين من الإعراب:
الأول: مجزومة على أنها جواب للأمر, بتقدير إن تذروها تأكل.
الثاني: ومرفوعة على أنها حال, على معنى "فذروها آكلةً". ذكره الأخفش. [ينبغي ذكر القراءة التي وردت على الرفع، ثم بيان توجيهها، فإذا لم تكن وردت ضمن قراءة متواترة أو شاذة وإنما يبين أهل اللغة وجها من وجوه الإعراب لغة، فينبغي النص على ذلك.
وقرأ بالرفع أبو جعفر يزيد بن القعقاع]
فاستعمالها على الجزم, والمعنى على الرفع.
قال االأخفش: وقال: {فذروها تأكل في أرض اللّه} جزم إذا جعلته جوابا ورفع إذا أردت "فذروها آكلةً" وقال: {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} وقال: {قل لّلّذين آمنوا يغفروا للّذين} و{فذرهم يخوضوا ويلعبوا} فصار جواباً في اللفظ وليس كذلك في المعنى).
قال ابن عاشور: وجُزِمَ تَأْكُلْ عَلى أنَّ أصْلَهُ جَوابُ الأمْرِ بِتَقْدِيرِ: إنْ تَذْرُوها تَأْكُلْ، فالمَعْنى عَلى الرَّفْعِ والِاسْتِعْمالُ عَلى الجَزْمِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أيْ يُقِيمُونَ وهو كَثِيرٌ في الكَلامِ، ويُشْبِهُ أنَّ أصْلَ جَزْمِ أمْثالِهِ في الكَلامِ العَرَبِيِّ عَلى التَّوَهُّمِ لِوُجُودِ فِعْلِ الطَّلَبِ قَبْلَ فِعْلٍ صالِحٍ لِلْجَزْمِ، ولَعَلَّ مِنهُ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وأذِّنْ في النّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا﴾.
وقوله تعالى: "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم"
نصب "فيأخذكم" على أنه جواب للنهي في قوله "لا تمسوها" , أو نصبت (بأن) مضمرة. [بعد فاء السببية]
ويكون المعنى: نهي لهم عن الجمع بين المس وأخذ العذاب, وإن لم يكن العذاب من صنيعهم, ولكنهم لما فعلوا أسبابه كانه كان من صنيعهم. ذكره الآلوسى.
أو يكون المعنى: النهي عن المس الذي هو مقدمة الإصابة بالسوء الشامل لكل أنواع الأذى, مع تنكير السوء مبالغة في النهي عن مسها بأي شيء يسؤها. ذكره أبو السعود.
قال ابن عاشور: وانْتَصَبَ قَوْلُهُ فَيَأْخُذَكم في جَوابِ النَّهْيِ لِيُعْتَبَرَ الجَوابُ لِلْمَنهِيِّ عَنْهُ لِأنَّ حَرْفَ النَّهْيِ لا أثَرَ لَهُ: أيْ إنْ تَمَسُّوها بِسُوءٍ يَأْخُذْكم عَذاب.
وأُنِيطَ النَّهْيُ بِالمَسِّ بِالسُّوءِ لِأنَّ المَسَّ يَصْدُقُ عَلى أقَلِّ اتِّصالِ شَيْءٍ بِالجِسْمِ، فَكُلُّ ما يَنالُها مِمّا يُرادُ مِنهُ السُّوءُ فَهو مَنهِيٌّ عَنْهُ، وذَلِكَ لِأنَّ الحَيَوانَ لا يَسُوؤُهُ إلّا ما فِيهِ ألَمٌ لِذاتِهِ، لِأنَّهُ لا يَفْقَهُ المَعانِيَ النَّفْسانِيَّةَ.
والفاء في قوله: "فيأخذكم" رابطة لجواب النهي, وذلك لتأكيد ما ينالونه من عذاب ‘إن هم مسوا الناقة بسوء.
(4) قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}
في قوله تعالى: (من كفر بالله), من شرطية, وقيل موصولة وهي مرفوعة على الابتداء, وذكر الرازي أن خبرها محذوف, واختلف المفسرون في معناها على ذلك إلى أقوال:
[في إعرابها أربعة أوجه، منها أنها بدل، ومنصوبة على الذم، ومرفوعة على الابتداء، ومرفوعة على الخبرية.
وعلى القول بأنها بدل اختُلف في المبدل منه على ثلاثة أقوال.

وعلى القول بأنها مرفوعة على الابتداء اختُلف هل هي شرطية أو موصولة

ثم اختُلف في تعيين الخبر.
والذي يعنينا من ذكر أوجه الإعراب هو القول بأنها مرفوعة على الابتداء، ولا بأس بذكر بقية الأوجه لكن تنظيم الإجابة ضروري للوقوف على المسألة المقصودة وإحسان تحريرها]
1 - أنه بدل من قوله: (الذين لا يؤمنون بآيات الله), والتقدير: إنَّما يَفْتَرِي مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ.
2 - أنه بدل من الخبر (الكاذبون), والتقدير: وأُولَئِكَ هم مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ.
3 - أنه منصوب على الذم, والتقدير: وأُولَئِكَ هُمُ الكاذِبُونَ؛ أعْنِي مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ.
ورجح الزجاج أن (من) مرفوعة على البدل, وليست مرفوعة على الابتداء؛ لأن خبر الابتداء محذوف لأنّ قوله: {من كفر باللّه من بعد إيمانه إلّا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان}. [الكلام هنا غير مكتمل]
وأن قوله: (فعليهم غضب من ربهم) خبر لـــ (من) التي بعد (لكن).
وذكر ابن جزي أن قوله: (فعليهم غضب) جواب لــــ (من) الأولى والثانية جميعا, أو أنها جواب للثانية فقط, وجواب الأولى محذوف.
ورجح ابن جرير أن قوله: (فعليهم غضب من ربهم), رافعة لــــ (من) الأولى والثانية, فقال: والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ الرّافع ل " من " الأولى والثّانية، قوله: {فعليهم غضبٌ من اللّه} والعرب تفعل ذلك في حروف الجزاء إذا استأنفت أحدهما على آخر.
واقتران الخبر بالفاء, على اعتبار أن (من) موصولة, وهي مبتدأ, لأن في المبتدأ شبها بأداة الشرط , وقد يعامل الموصول معاملة الشرط. كما ذكر ابن عاشور فقال: واعْلَمْ أنَّ الآيَةَ - إنْ كانَتْ تُشِيرُ إلى نَفَرٍ كَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِمْ - كانَتْ (مَن) مَوْصُولَةً، وهي مُبْتَدَأٌ، والخَبَرُ فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ، وقَرَنَ الخَبَرَ بِالفاءِ؛ لِأنَّ في المُبْتَدَأِ شَبَهًا بِأداةِ الشَّرْطِ، وقَدْ يُعامَلُ المَوْصُولُ مُعامَلَةَ الشَّرْطِ، ووَقَعَ في القُرْآنِ في غَيْرِ مَوْضِعٍ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهم عَذابُ جَهَنَّمَ﴾، وقَوْلُهُ تَعالى ﴿والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ﴾إلى قَوْلِهِ ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ في سُورَةِ بَراءَةَ، وقِيلَ: إنَّ فَرِيقًا كَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِمْ، كَما رُوِيَ في شَأْنِ جَبْرٍ غُلامِ ابْنِ الحَضْرَمِيِّ، وهَذا الوَجْهُ ألْيَقُ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ الآيَةَ.
وإنْ كانَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فالآيَةُ مُجَرَّدُ تَحْذِيرٍ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ العَوْدِ إلى الكُفْرِ، ولِذَلِكَ تَكُونُ (مَن) شَرْطِيَّةً، والشَّرْطُ غَيْرُ مُرادٍ بِهِ مُعَيَّنٌ بَلْ هو تَحْذِيرٌ، أيْ مِن يَكْفُرُوا بِاللَّهِ؛ لِأنَّ الماضِيَ في الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ إلى مَعْنى المُضارِعِ، ويَكُونُ قَوْلُهُ ﴿فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ﴾ جَوابًا. والتَّحْذِيرُ حاصِلٌ عَلى كِلا المَعْنَيَيْنِ.
وأيضا دخول الفاء على الخبر يفيد ربط الخبر بالمبتدأ؛ لتأكيد اقتضاء المبتدأ للخبر, وتنزيله منزلة الشرط الذي يستلزم جزاء.
قال الشيخ عبد العزيز الداخل: والآيات التي فيها دخول "الفاء" على الخبر لربطه بالمبتدأ كثيرة؛ وهي تفيد تأكيد اقتضاء المبتدأ للخبر، وتنزيله منزلة الشرط الذي يستلزم جزاءً.

[ذُكرت (مَن) في الآية مرتان، والأفضل تنظيم الإجابة بتناول كل جملة بمفردها وبيان أوجه إعراب (مَن)، ثم ينظر على القول بأنها مرفوعة على الابتداء هل هي موصولة أو شرطية وإذا كانت موصولة؛ فما خبرها، وإذا كانت شرطية فما جوابها، وهل اقترن الخبر أو الجواب بالفاء؟]
تطبيقات الدرس الثامن عشر:
بيّن معاني الاستثناء في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ}
وفي"إلا" قراءتان:
الأولى: بفتح الهمزة وتخفيف اللام؛ على أنها للاستفتاح. وهى قراءة ابن عباس, وزيد بن علي, وابن زيد.
الثانية: بكسر الهمزة وتشديد اللام. وهي قراءة الجمهور.
واختلف في الاستثناء على قراءة الجمهور في هذه الآية على أقوال:
الأول: أنه استثناء متصل.وهو قول مجاهد,وعطاء, وقتادة, والربيع,والسدي وابن جرير, وأبو روق. ذكره الواحدي.
قال ابن جرير: فقد أبان تأويل من ذكرنا تأويله من أهل التّأويل قوله: {إلاّ الّذين ظلموا منهم} عن صحّة ما قلنا في تأويله، وأنّه استثناءٌ على صحه بمعنى الاستثناء المعروف الّذي يثبت فيهم لما بعد حرف الاستثناء ما كان منفيًّا عمّا قبله، كما قول القائل: ما سار من النّاس أحدٌ إلاّ أخوك إثباتٌ للأخ من السّير ما هو منفيٌّ عن كلّ أحدٍ من النّاس، فكذلك قوله: {لئلاّ يكون للنّاس عليكم حجّةٌ إلاّ الّذين ظلموا منهم} نفيٌ عن أن يكون لأحدٍ خصومةٌ وجدلٌ قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ودعوى باطل عليه وعلى أصحابه بسبب توجّههم في صلاتهم قبل الكعبة، إلاّ الّذين ظلموا أنفسهم من قريشٍ، فإنّ لهم قبلهم خصومةً ودعوى باطل بأن يقولوا: إنّما توجّهتم إلينا وإلى قبلتنا؛ لأنّا كنّا أهدى منكم سبيلاً، وأنّكم كنتم بتوجّهكم نحو بيت المقدس على ضلالٍ وباطلٍ.
الثاني: أنه استثناء منقطع, يقدر بـــ (لكن) عند البصريين, و بـــ (بل) عند الكوفيين. وهو قول الأخفش, والمؤرج, والفراء, ومعمر بن المثنى. ذكره الواحدي, والسمين الحلبي.
قال السمين الحلبي: والتقديرُ: لكنَّ الذين ظلموا فإنَّهم يتعلَّقون عليكم بالشُّبْهَة يَضَعونَها موضعَ الحُجَّةِ.
والاستثناء المنقطع له معنيان:
1 - أن يكون الذي بعدها مستأنفًا، يلابس الأول من جهة عائد عليه منها، أو معنى يقرب به منه.
2 - أن يكون مؤكدًا لما قبله.
الثالث: أنها بمعنى الواو العاطفة. وهو قول أبو عبيدة.
قال أبو عبيدة: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ موضع «إلّا» هاهنا ليس بموضع استثناء، إنما هو موضع واو الموالاة، ومجازها: لئلا يكون للناس عليكم حجة، وللذين ظلموا، وقال الأعشى:
إلّا كخارجة المكلّف نفسه ... وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا
ومعناه: وخارجة
ورد هذا القول ابن جرير, وذكر أنه قول خطأ؛ لأن ذلك يؤدي إلى التلبيس وعدم إبانة المعنى المراد.
وخطأ الفراء أيضا هذا القول فيما ذكره عنه الواحدي فقال: وهذا القول عند الفراء خطأ؛ لأن (إلا) لا يُخرج عن الاستثناء إلى النسق حتى يتقدمها عدد لا يصلح أن يستثنى منه، فتجري مجرى الواو إذا بطل فيها معنى الاستثناء.
الرابع: أنها بمعنى (بعد), أي: بعد الذين ظلموا. ذكره السمين الحلبي.
ورد هذا القول السمين الحلبي, وجعله من أفسد الأقوال, فقال: من أفسدِ الأقوالِ وأنْكَرِها وإنما ذكرْتُه لغرضِ التنبيه على ضَعْفِه.
الخامس: أن الاستثناء من الضمير في (عليكم). وهو قول قطرب, وهو اختيار أبو منصور الأزهري. ذكره الواحدي.
والمعنى: لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا على الذين ظلموا منهم فإن عليهم الحجة
ورد هذا القول أبو بكر بن الأنباري فقال: وهذا عندي بعيد رديء؛ لأن المكني المخفوض لا ينسق عليه إلا بإعادة الخافض، ولأنالكاف والميم في عليكم، للمخاطبين، فلو استثنى الذين ظلموا منهم لقال: إلا الذين ظلموا منكم، فلما قال: (منهم) دلّ بالغيبة على أنّ الذين ظلموا لميُستثنَوا من الكاف والميم.
[أحسنت، بارك الله فيك.
وفهم سبب الخلاف يفيد في تحرير المسألة؛ فالخلاف في معنى الاستثناء متفرع عن الخلاف في المراد بالحجة؛ فإذا بدأت بتحرير هذه المسألة وبيان القول الراجح فيها، أو وجه الجمع بين الأقوال -إن أمكن الجمع-، تبين لك الخلاف في معنى الاستثناء، وهل تحتمل الآية عدة معاني بناء على هذه المسائل أو لابد من الترجيح بين الأقوال واختيار أحدها]
3: قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}
ذكر المفسرون في معنى الاستثناء في الآية أقوال:
الأول: أنه استثناء منقطع, على تقدير (لكن). وهو قول جمهور المفسرين. ذكره السمين الحلبي.
والمعنى: ما كان للمؤمن أن يقتل مؤمنا بوجه من الوجوه, إلا إذا وقع ذلك على وجه الخطأ.
وهذا كقول الشاعر [الهذلي] :
أمسى سقام خلاء لا أنيس به ... إلّا السّباع وإلّا الرّيح بالغرف
الثاني: أنه متصل, على إرادة التحريم بالنفي. ذكره السمين الحلبي.
والمعنى: أنه قتله خطأ على أنه كافر, ثم تبين له بعد أنه مؤمن.
الثالث: أنه استثناء مفرغ.
وفي نصبه ثلاث احتمالات ذكرها الزمخشري وهي:
1 - أنه مفعول له أي: ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل إلا لخطأ وحده.
2 - أنه حال أي: ما ينبغي له أن يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ.
3 - أنه نعت مصدر محذوف أي: إلا قتلا خطأ.
الرابع: أنه بمعنى (ولا), فتكون عاطفة بتقدير الواو. وهو قول يونس حكاه عنه أبو عبيدة. ذكره السمين الحلبي.
قال السمين الحلبي: حكى أبو عبيدة عن يونس قال: «سألت رؤبة بن العجاج عن هذه الآية فقال:» ليس له أن يقتله عمدا ولا خطأ «فأقام» إلا «مقام الواو، وهو كقول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
ورد هذا القول الفراء, وقال بعدم جواز ذلك إلا إذا تقدم استثناء آخر فيكون الثاني معطوفا على الأول.
والله أعلم

التقويم: ب+

بارك الله فيك، وأؤكد على أهمية الاعتناء بتحرير المسائل بأسلوبك لتنمية الملكة التفسيرية، ثم بعد ذلك يمكنك نقل أقوال المفسرين على سبيل الاستشهاد.

وفقك الله وسددك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الحادي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir