دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثالث

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #18  
قديم 19 رجب 1443هـ/20-02-2022م, 02:43 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا المناديلي مشاهدة المشاركة
رسالة في تفسير قول الله تعالى:
{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)}


بأسلوب التقرير العلمي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، أما بعد ..

فقد قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)}
يخبرنا الله عز وجل عن مشهد عظيم يكونُ يوم القيامة، فيقول تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ}
ففي هذا اليوم ذي الأهوال العظيمة يجمع الله الخلائق كلهم من إنس وجن للحساب والجزاء، قال تعالى: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ} وقال تعالى: {قل إنّ الأوّلين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يومٍ معلومٍ}
فيجمع فيه الأولون والآخرون، يُجمع فيه بين الأنبياء وأممهم، وبين كل عبد وعمله، وبين الظالم والمظلوم وبين ثواب من عمل بطاعة الله وعقاب من عمل بمعصية الله، وكلٌّ يُجازى على عمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.


مادة الغُبن تدور على الخفاء والنقصان، ولذا سمي ما خفي من الجسد مغابن، ولخفاء حرف الغين في الحلق، كان الغبن لما خفي، ويدلّ على فوات الحظ.

وسمي يوم القيامة بيوم التغابن كما قاله ابن عباس، وقد قال الشاعر:

وما أرْتَجِي بِالعَيْشِ مِن دارِ فُرْقَةٍ ....ألا إنَّما الرّاحاتُ يَوْمُ التَّغابُنِ

وسمي بيوم التغابن لعدة أوجه قد ذكرها العلماء نوردها فيما يلي:

الوجه الأول: أنّ لكل كافر منزلا في الجنة، يرثه المؤمن، وعندها يُغبن الكافر.
وفي صحيح البخاري عن أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَدْخُلُ أحَدٌ الجَنَّةَ إلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لو أساءَ؛ لِيَزْدادَ شُكْرًا، ولا يَدْخُلُ النَّارَ أحَدٌ إلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ لو أحْسَنَ؛ لِيَكونَ عليه حَسْرَة).
وروى أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يُفتَحُ له بابٌ إلى النَّارِ، فيقولُ: هذا كان مَنزِلَك لو كفَرْتَ برَبِّك، فأمَّا إذ آمَنْتَ فهذا مَنزِلُك، فيُفتَحُ له بابٌ إلى الجنَّةِ، فيُريدُ أن ينهَضَ إليه فيقولُ له: اسكُنْ، ويُفسَحُ له في قَبْرِه».
الوجه الثاني: يغبن أهل الجنة أهل النار، وهذا لأنّ أهل النار اشتروا الضلالة بالهدى، فما ربحت تجارتهم ويُغبنون يوم القيامة فيها.
الوجه الثالث: يوم يُغبَن فيه الظالم من قبل المظلوم، وذاك لأنّ المظلوم كان مغبونا في الدنيا فصار العكس في الآخرة.
الوجه الرابع: يظهر في هذا اليوم غبنُ الكافر بتركه الإيمان، وغبن المؤمن بتقصيره في الإحسان
الوجه الخامس: لأنّ في هذا اليوم يَغبُن من كثرت طاعاته من كثرت معصيته.
الوجه السادس: لأنّ هذا اليوم أخفاهُ الله عن خلقه، والغبن يُقال لما خفي.
الوجه السابع: يَغبُن من كانت درجته في الجنة عالية من دونه في الدرجة.
الوجه الثامن: مقابلة بين أهل الجنة وأهل النار فالتغابن – على وزن التفاعل – يفيد أنّ كلّا منهم يطلب أن يكون غابِنا، ويظنُّ الكفار أنهم بما حصلوه في الدنيا فاقوا المؤمنين وربحوا،
ويعلم المؤمنون حقيقةً أن الآخرة هي دار الفوز العظيم لمن آمن بالله ورسله.

الوجه الأول: قاله ابن عباس، ذكره الألوسي وأبو السعود وأبو بكر الجزائري، واختاره محيي السنة.
الوجه الثاني: قاله مجاهد وقتادة والقرظي ذكره الماوردي والسندي والطبري والقرطبي وصديق خان والسعدي.
الوجه الثالث: ذكره الماوردي وابن جزي.
الوجه الرابع: قاله الثعلبي وذكره القرطبي.
الوجه الخامس: قاله الأشموني.
الوجه السادس: قاله الماوردي.
الوجه السابع: قاله الزجاج.
الوجه الثامن: قاله البقاعي.

والوجه الثامن يندرج ضمن المُقابلة بين الفريقين أما بقية الأوجه فهي على أنّ التغابن يكون على الإطلاق -أي أنّ طرفا واحدا يغبن الآخر- وجميع الأوجه التي ذُكرت من اختلاف التنوع، وكلها يصحّ حمل الآية عليها والله تعالى أعلم فكلها حاصلة يوم القيامة.

ولمّا أخبرنا الله عز وجل بأنّ يوم التغابن وهو يوم القيامة سيجمع فيه الخلائق ويكون هناك مغبونون، حيثُ أنّهم بُعثوا وحشروا على صعيد واحد للجزاء والحساب، آنذاك غُبِنَ الكفار لأنهم اشتروا الرديء على الجيد واشتروا الحياة الدنيا الفانية على الحياة الباقية دار الآخرة،
فخسروا بتجارتهم الخسارة الأبدية واستحقوا العذاب السرمدي ، ثمّ أخبرنا بالسبيل الذي إن سلكناه كنا من الفريق الفائز وهو سبيل أهل الإيمان والعمل الصالح، فقد قال تعالى: { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
فمن آمن بربه وآمن بما جاء به الرسول من الشرائع والأحكام وعمل عملا صالحا، فقام بالمأمورات واجتنب المنهيات فإنّ هذا جزاؤه {يكفّر عنه سيّئاته} فتمحى ذنوبه، {ويدخله جنّاتٍ } ويدخله الله البساتين التي فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فلا بد للعبد أن يعمل صالحا،
فدعوى الإيمان دون عمل دعوى باطلة صاحبها مرجئ لا بد له أن يعمل صالحا فتصديق الإيمان العمل، قال تعالى: { فلما أسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا} عندما جاء بالعمل واستعد له وباشر فيه عندها فقط { قد صدّقت الرؤيا} فلا بد من العمل. وأما الجنات التي أخبرنا الله تعالى
عنها في الآية الكريمة وهي البساتين، وهذه البساتين {تجري من تحتها الأنهار}، ويقول الله تعالى: {خالدين فيها أبدًا} فإنها دارهم ومستقرهم ماكثين فيها أبدا سرمدا فهذا جزاء من أحسن واتقى وآثر الآخرة الباقية على الحياة الدنيا الفانية وهذا جزاء من اشترى الآخرة بالحياة الدنيا
فهذا الذي ربحت تجارته {ذلك الفوز العظيم} فهذا هو النعيم الكامل وهذا هو الفوز الذي لا يدانيه فوز، فهو الفوز العظيم، فيه المصالح والمنافع لأولياء الله الصالحين. ثم تأتي الآية التي تليها تخبرنا عن جزاء الكفار وجزاء من سلك مسلكهم للتحذير من عاقبتهم،
قال تعالى: { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير}


وقد قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد: اشْتَرِ نَفسك اليَوْم فَإن السُّوق قائِمَة والثمن مَوْجُود والبضائع رخيصة، وسَيَأْتِي على تِلْكَ السُّوق والبضائع يَوْم لا تصل فِيها إلى قَلِيل ولا كثير{ذَلِكَ يَوْم التغابن} { ويوم يعض الظالم على يديه}

وربنا سبحانه بيّن لعباده طريق الخير وطريق الشر، بيّن طريق السعداء وطريق الأشقياء، ومما يعين على العمل الصالح في ضوء هذه الآية تذكر خسارة الناس يوم القيامة، وتذكر زوال النعيم الناقص الذي تعلق به الكفار في الدنيا؛ فهذا نعيم ناقص منغص،
ليسَ ثمة شيء في الدنيا إلا وفيه التنغيص، إما يزول أو نزول نحنُ عنه. وقد خلق الإنسان في كبد ومشقة وما زال هذا حاله إلى أن يلقَ ربه الذي ربّاه بنعمه وأعده وأمده ولطف له ولطف به وأحسن إليه غاية الإحسان، ركنه الشديد الذي يأوي إليه، القائم عليه،
فكيف بعد هذا ينسى العبدُ ربه، كيف نركنُ إلى النقص وننسى الكمال والنعيم ، نسأل الله العفو والعافية والرزق من عنده والفوز العظيم في الآخرة.
أحسنتِ في تطبيقك، بارك الله فيكِ.
يحسن إسناد القول مباشرة لئلا يتعب القارئ في مراجعة الأقوال.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir