دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:16 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 4: العلم وما يلازمه


والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا = تركيبَ مَزْجٍ نحوُ مَعْدِي كَرِبَا
كذاكَ حَاوِي زائِدَيْ فَعْلَانَا = كَغَطْفانَ وكَأَصْبَهَانَا
كذا مُؤَنَّثٌ بِهاءٍ مُطْلَقَا = وشَرْطُ مَنْعِ العارِ كونُهُ ارْتَقَى
فوقَ الثلاثِ أوْ كَجُورَ أوْ سَقَرْ = أَوْ زَيْدٍ اسمَ امرأةٍ لا اسْمَ ذَكَرْ
وَجهانِ في العادِمِ تَذكيرًا سَبَقْ = وعُجمةً كهِندَ والْمَنْعُ أَحَقّ
والعَجَمِيُّالوضْعِ والتعريفِ مَعْ = زَيدٍ على الثلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
كذاكَ ذو وَزْنٍ يَخُصُّ الْفِعْلَا = أَوْ غَالِبٍ كأحمدٍ ويَعْلَى
وما يَصيرُ عَلَمًا مِنْ ذي أَلِفْ = زِيدَتْ لإلحاقٍ فليسَ يَنصرِفْ
والعَلَمُ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلَا = كَفُعَلِ التوكيدِ أوْ كَثُعَلَا
والعَدْلُ والتعريفُ مانِعًا سَحَرْ = إذا بهِ التعيينُ قَصْدًا يُعْتَبَرْ


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّباً = تَرْكِيبَ مَزْجٍ نحوُ مَعْدِ يَكَرِبَا ([1])

مِمَّا يَمْنَعُ صرْفَ الاسمِ العَلَمِيَّةُ والتركيبُ، نحوُ: "مَعْدِ يكَرِبَ وبَعْلَبَكَّ" فتَقولُ: "هذا مَعْدِ يكَرِبُ، ورأيتُ مَعْدِ يكَرِبَ، ومَرَرْتُ بِمَعْدِ يكَرِبَ"، فتَجْعَلُ إعرابَه على الجزءِ الثاني، وتَمنَعُه مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والتركيبِ.
وقد سَبَقَ الكلامُ في الأعلامِ الْمُرَكَّبَةِ في بابِ العَلَمِ.
كذاك حاوِي زائِدَي فَعْلاَنَا = كغَطَفَانَ وكأصْبَهَانَا([2])
أي: كذلك يُمْنَعُ الاسمُ مِن الصرْفِ إذا كانَ عَلَماً، وفيه ألِفٌ ونُونٌ زائدتانِ؛ كغَطَفَانَ وأَصْبَهَانَ، بفتْحِ الهمزةِ وكسْرِها، فتقولُ: هذا غَطَفانُ، ورأيتُ غَطَفانَ، ومَرَرْتُ بغَطَفَانَ، فتَمْنَعُه مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وزِيادةِ الألِفِ والنونِ([3]).
كذا مُؤَنَّثٌ بِهاءٍ مُطْلَقَا = وشَرْطُ مَنْعِ العارِ كونُهُ ارْتَقَى ([4])
فوقَ الثلاثِ أو كجُورَ أو سَقَرْ = أو زَيْدٍ اسمَ امرأةٍ لا اسْمَ ذَكَرْ ([5])
وَجهانِ في العادِمِ تَذكيراً سَبَقْ وعُجمةً كهِندَ والْمَنْعُ أَحَقّ ([6])
ومِمَّا يَمْنَعُ صَرْفَه أيضاً العَلَمِيَّةُ والتأنيثُ، فإنْ كانَ العلَمُ مُؤَنَّثاً بالهاءِ امتنَعَ مِن الصرْفِ مُطلَقاً؛ أيْ: سواءً كانَ عَلَماً لمذكَّرٍ؛ كطَلْحَةَ، أو لِمُؤَنَّثٍ؛ كفَاطِمَةَ، زائداً على ثَلاثةِ أحْرُفٍ كما مَثَّلَ أم لم يَكُنْ كذلك، كثُبَةَ وقُلَةَ علَمَيْنِ.
وإنْ كانَ مُؤنَّثاً بالتعليقِ؛ أيْ: بكونِه عَلَمَ أُنْثَى، فإمَّا أنْ يكونَ على ثلاثةِ أحْرُفٍ أو على أَزْيَدَ مِن ذلك، فإنْ كانَ على أَزيدَ مِن ذلك امتَنَعَ مِن الصرْفِ؛ كزينبَ وسُعادَ عَلَمَيْنِ، فتقولُ: "هذه زَينبُ، ورأيتُ زَينبَ، ومَررتُ بزينبَ"
وإنْ كانَ على ثَلاثةِ أحْرُفٍ، فإنْ كانَ مُحَرَّكَ الوسَطِ مُنِعَ أيضاً؛ كسَقَرَ، وإنْ كانَ ساكِنَ الوسَطِ، فإنْ كانَ أَعجَمِيًّا كجُورَ اسمَ بلَدٍ، أو مَنقولاً مِن مُذَكَّرٍ إلى مُؤنَّثٍ؛ كزَيْدَ اسمَ امرأةٍ، مُنِعَ أيضاً، فإنْ لم يَكُنْ كذلك؛ بأنْ كانَ ساكِنَ الوسَطِ وليس أَعجميًّا ولا مَنقولاً مِن مُذَكَّرٍ ففيه وَجهانِ: الْمَنْعُ([7]) والصرْفُ، والمنْعُ أَوْلَى، فتَقولُ: "هذه هِندُ، ورأيتُ هِنْدَ، ومَررتُ بِهِنْدَ".
والعَجَمِيُّ الوضْعِ والتعريفِ مَعْ = زَيدٍ على الثلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ ([8])

ويَمنَعُ صرْفَ الاسمِ أيضاً العُجْمَةُ([9]) والتعريفُ، وشَرْطُه أنْ يكونَ عَلَماً في اللسانِ الأَعْجَمِيِّ، وزائداً على ثلاثةِ أحرُفٍ؛ كإبراهيمَ وإسماعيلَ، فتقولُ: "هذا إبراهيمُ، ورَأَيْتُ إبراهيمَ، ومَرَرْتُ بإبراهيمَ"، فتَمْنَعُه مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والعُجْمَةِ.
فإنْ لم يَكُنِ الأعجميُّ علَماً في لِسانِ العَجَمِ، بل في لِسانِ العرَبِ، أو كانَ نَكِرَةً فيهما؛ كلِجَامٍ علَماً أو غيرَ علَمٍ، صَرَفْتَه، فتقولُ: "هذا لِجَامٌ، ورَأيتُ لِجَاماً، ومَررتُ بلِجَامٍ"، وكذلك تَصْرِفُ ما كان عَلَماً أَعجَمِيًّا على ثَلاثَةِ أحْرُفٍ، سواءً كان مُحَرَّكَ الوسَطِ؛ كشَتَرٍ، أو ساكنَه؛ كنُوحٍ ولُوطٍ.
كذاكَ ذو وَزْنٍ يَخُصُّ الْفِعْلاَ = أو غالبٍ كأَحْمَدٍ ويَعْلَى ([10])
أيْ: كذلكَ يُمنَعُ صرْفُ الاسمِ إذا كان عَلَماً وهو على وزْنٍ يَخُصُّ الفعْلَ، أو يَغْلِبُ فيه، والمرادُ بالوزْنِ الذي يَخُصُّ الفعْلَ ما لا يُوجَدُ في غيرِه إلاَّ نُدُوراً، وذلك كفَعَّلَ وفُعِلَ، فلو سَمَّيْتَ رَجُلاً بضُرِبَ أو كَلَّمَ مَنَعْتَه مِن الصرْفِ، فتقولُ: "هذا ضُرِبُ، أو كَلَّمُ، ورَأيتُ ضُرِبَ أو كَلَّمَ، ومَررتُ بضُرِبَ، أو كَلَّمَ".
والمرادُ بما يَغْلِبُ فيه أنْ يَكونَ الوزْنُ يُوجَدُ في الفعْلِ كثيراً، أو يَكونَ فيه زِيادةٌ تَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ، ولا تَدُلُّ على معنًى في الاسمِ، فالأوَّلُ كإِثْمِدَ وإِصْبَعَ؛ فإنَّ هاتينِ الصيغتينِ يَكْثُرانِ في الفعْلِ دُونَ الاسمِ؛ كاضرِبْ واسْمَعْ ونحوِهما مِن الأمْرِ المأخوذِ مِن فعْلٍ ثُلاثيٍّ، فلو سَمَّيْتَ رَجُلاً بإِثْمِدَ وإِصْبَعَ مَنعْتَه مِن الصرْفِ؛ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفعْلِ، فتقولُ: "هذا إِثْمِدُ ورَأيتُ إِثمِدَ ومَررتُ بإثمدَ"، والثاني كأحمدَ ويَزيدَ؛ فإنَّ كُلاًّ مِن الهمزةِ والياءِ يَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ، وهو التكَلُّمُ والغَيْبَةُ، ولا يَدُلُّ على معنى في الاسمِ، فهذا الوزْنُ غالِبٌ في الفعْلِ، بمعنَى أنَّه به أَوْلَى، فتقولُ: "هذا أحمَدُ ويَزيدُ، ورأيتُ أحمدَ ويزيدَ، ومَررتُ بأحمدَ ويزيدَ"، فيُمْنَعُ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفعْلِ.
فإنْ كانَ الوَزْنُ غيرَ مُخْتَصٍّ بالفعْلِ، ولا غالِبٍ فيه، لم يُمْنَعْ مِن الصرْفِ، فتقولُ في رجُلٍ اسْمُه ضَرَبَ: "هذا ضَرَبٌ، ورَأَيْتُ ضَرَباً، ومَررتُ بِضَرَبٍ"؛ لأنه يُوجَدُ في الاسمِ؛ كحَجَرٍ، وفي الفعْلِ كضَرَبَ.
وما يَصيرُ عَلَماً مِن ذي أَلِفْ = زِيدَتْ لإلحاقٍ فليسَ يَنْصَرِفْ ([11])
أيْ: ويُمنَعُ صَرْفُ الاسمِ أيضاً للعَلَمِيَّةِ وألِفِ الإلحاقِ المقصورةِ؛ كعَلْقَى وأَرْطَى([12])، فتقولُ فيهما عَلَمَيْنِ : "هذا عَلْقَى، ورأيتُ عَلْقَى، ومَررتُ بعَلْقَى"، فتَمْنَعُه مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وشِبْهِ ألِفِ الإلحاقِ بألِفِ التأنيثِ، مِن جِهَةِ أنَّ ما هي فيه والحالةُ هذه - أَعْنِي حالَ كونِه علَماً- لا يَقبلُ تاءَ التأنيثِ، فلا تَقُولُ فيمَن اسْمُه عَلْقَى: "عَلْقَاة"؛ كما لا تَقولُ في حُبْلَى: "حُبْلاة".
فإنْ كانَ ما فيه ألِفُ الإلحاقِ غيرَ عَلَمٍ؛ كعَلْقَى وأَرْطَى قَبْلَ التسميةِ بهما صَرَفْتَه؛ لأنها والحالةُ هذه لا تُشْبِهُ ألِفَ التأنيثِ، وكذا إنْ كانتْ ألِفُ الإلحاقِ مَمدودةً؛ كعِلْبَاءٍ، فإنَّك تَصْرِفُ ما هي فيه؛ عَلَماً كانَ أو نَكِرَةً.
والعَلَمُ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلاَ = كَفُعَلِ التَّوْكِيدِ أو كَثُعَلاَ ([13])
والعَدْلُ والتعريفُ مانِعَا سَحَرْ = إذَا به التعيينُ قَصْداً يُعْتَبَرْ ([14])
يُمنَعُ صرْفُ الاسمِ للعَلَمِيَّةِ أو شِبْهِها وللعَدْلِ، وذلك في ثلاثةِ مَواضِعَ:
الأوَّلُ: ما كانَ على فُعَلَ مِن ألفاظِ التوكيدِ، فإنَّه يُمْنَعُ مِن الصرْفِ؛ لِشِبْهِ العَلَمِيَّةِ والعدْلِ، وذلك نحوُ: "جاءَ النساءُ جُمَعُ، ورَأَيْتُ النساءَ جُمَعَ، ومَررتُ بالنساءِ جُمَعَ، والأصْلُ جَمْعَاوات؛ لأنَّ مُفرَدَه جَمْعَاءُ، فعُدِلَ عن جَمعاواتٍ إلى جُمَعَ، وهو مُعَرَّفٌ بالإضافةِ الْمُقَدَّرَةِ؛ أيْ: جُمَعهنَّ، فأَشْبَهَ تعريفُه تعريفَ العَلَمِيَّةِ مِن جِهَةِ أنه مَعرِفَةٌ وليسَ في اللفْظِ ما يُعَرِّفُه.
الثاني: العَلَمُ المعدولُ إلى فُعَلَ؛ كعُمَرَ وزُفَرَ وثُعَلَ، والأصْلُ عامِرٌ وزافِرٌ وثاعِلٌ، فمَنْعُه مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والعَدْلِ.
الثالثُ: "سَحَرُ" إذا أُريدَ مِن يومٍ بعَيْنِه، نحوُ: "جِئتُكَ يومَ الجُمُعَةِ سَحَرَ"، فسَحَرُ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَدْلِ وشِبْهِ العلَمِيَّةِ؛ وذلك أنَّه مَعدولٌ عن السحَرِ؛ لأنه مَعرِفَةٌ، والأصْلُ في التعريفِ أنْ يكونَ بألْ، فعُدِلَ به عن ذلك وصارَ تعريفُه كتعريفِ العَلَمِيَّةِ مِن جِهَةِ أنَّه لم يُلْفَظْ معَه بِمُعَرِّفٍ.


([1]) (والعَلَمَ) مفعولٌ به لفعْلٍ محذوفٍ يَدُلُّ عليه ما بعْدَه، (امْنَعْ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقديرُه: أنتَ، (صَرْفَهُ) صَرْفَ: مفعولٌ به لامْنَعْ، وصَرْفَ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، (مُرَكَّباً) حالٌ مِن العَلَمَ، (تركيبَ) مفعولٌ مطلَقٌ، وتركيبَ مُضافٌ و(مَزْجٍ) مُضافٌ إليه، (نحوُ) خبَرٌ لِمُبتدأٍ محذوفٍ؛ أيْ: وذلك نحوُ، ونحوُ مُضافٌ و(مَعْدِ يكَرِبَ) مُضافٌ إليه، والألِفُ فيه للإطلاقِ.

([2]) (كذاكَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ مُقَدَّمٌ، (حاوِي) مبتَدَأٌ مؤَخَّرٌ، وحاوي مُضافٌ و(زائِدَيْ) مُضافٌ إليه، وزَائِدَي مُضافٌ و(فَعْلاَنَا) مُضافٌ إليه، (كغَطَفَانَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، والتقديرُ: وذلك كائنٌ كغَطَفَانَ، (وكَأَصْبَهَانَا) معطوفٌ على (كغَطَفَانَ).

([3]) سواءٌ أكانَ مَفتوحَ الأوَّلِ، مثلَ نَجرانَ وعَفَّانَ وسَلمانَ، أمْ كانَ مَضمومَ الأوَّلِ، مثلَ عُثمانَ وجُرجانَ وطُهرانَ، أمْ كانَ مَكسورَ الأوَّلِ، مثلَ عِمرانَ.

([4]) (كذا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ مقَدَّمٌ، (مؤَنَّثٌ) مبتَدَأٌ مؤخَّرٌ، (بهاءٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمؤنَّثٌ، (مُطْلَقَا) حالٌ مِن الضميرِ الْمُستَكِنِّ في الخبَرِ، (وشرْطُ) مبتَدأٌ، وشَرْطُ مُضافٌ و(مَنْعِ) مُضافٌ إليه، ومَنْعِ مُضافٌ و(العارِ) بحذْفِ الياءِ استِغناءً عنها بكسْرِ ما قَبْلَها: مُضافٌ إليه، مِن إضافةِ المصدَرِ لمفعولِه، (كونُهُ) كونُ: خبَرُ المبتدَأِ، وكونُ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، مِن إضافَةِ المصدَرِ الناقِصِ إلى اسْمِه، وجُملةُ (ارْتَقَى) مِن الفعْلِ وفاعلِه المستَتِرِ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، في مَحَلِّ نصْبٍ خبَرُ الكونِ الناقِصِ.

([5]) (فَوقَ) ظرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بارْتَقَى في البيتِ السابِقِ، وفوقَ مُضافٌ و(الثلاثِ) مُضافٌ إليه، (أو) عاطِفَةٌ، (كجُورَ) جارٌّ ومجرورٌ معطوفٌ على مَحَلِّ (ارتَقَى) السابِقِ، (أو سَقَرْ) معطوفٌ على جُورَ، (أو زيدٍ) معطوفٌ على جُورَ أَيْضاً، (اسمَ) حالٌ مِن زَيدٍ، واسمَ مُضافٌ و(امرأةٍ) مُضافٌ إليه، (لا) عاطِفَةٌ، (اسمَ ذكَرْ) مَعطوفٌ بلا على اسمَ امرأَةٍ، ومضافٌ إليه.

([6]) (وَجهانِ) مُبتدأٌ، (في العادِمِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرُ المبتدَأِ، وفي العادِمِ ضميرٌ مستَتِرٌ هو فاعلُه، (تَذكيراً) مفعولٌ به للعادِمِ، (سَبَقْ) فعْلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يعودُ إلى تذكيرٍ، والجُملةُ في مَحَلِّ نصْبٍ نعْتٌ لتذكيراً، (وعُجْمَةً) معطوفٌ على قولِه: تَذكيراً، (كهِنْدَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ لِمبتَدَأٍ محذوفٍ، والتقديرُ: وذلك كائنٌ كهِندَ، (والمنْعُ) مُبتدَأٌ، (أحَقّ) خبَرُ المبتَدَأِ.

([7]) وقد وَرَدَ بالوَجهينِ قولُ جَريرٍ، ويُنسَبُ لابنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
لم تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا = دَعْدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ
فقَدْ صَرَفَ "دَعْد" في أوَّلِ عَجُزِ البيتِ، ثم مَنَعَ صرْفَه بعْدَ ذلك.

([8]) (والعَجَمِيُّ) مبتَدأٌ أوَّلُ، والعَجمِيُّ مُضافٌ و(الوَضْعِ) مُضافٌ إليه، (والتعريفِ) مَعطوفٌ على الوَضْعِ، (مَعْ) ظرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِن الضميرِ المستَتِرِ في العَجَمِيُّ؛ لأنهم يُؤَوِّلُونَه بالمشتَقِّ؛ أي: المنسوبُ إلى العَجَمِ، ومعْ مُضافٌ و(زَيْدٍ) مُضافٌ إليه، (على الثلاثِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بزَيْدٍ بمعنى زِيادةٍ، (صَرْفُهُ) صرْفُ: مُبتدأٌ ثانٍ، وصَرْفُ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، (امْتَنَعْ) فعْلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى صرْفُه، والجُملةُ مِن الفعْلِ وفاعلِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المبتَدَأِ الثاني، وجُملةُ المبتَدَأِ الثانِي وخبَرِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المبتَدَأِ الأوَّلِ.

([9]) تَستطيعُ مَعرِفَةَ أنَّ هذا العَلَمِ أَعْجَمِيٌّ بوَاحِدٍ مِن ثلاثةِ أَشياءَ:
أوَّلُها: أنْ يَنُصَّ عالِمٌ ثِقَةٌ على ذلك.
وثانيها: أنْ يكونَ خارِجاً عن الأَوزانِ العربيَّةِ؛ كإبراهيمَ.
وثالثُها: أنْ تَجِدَه على غيرِ الْمَهْيَعِ العَرَبِيِّ؛ كأنْ يكونَ خُماسِيًّا وليسَ فيه حرْفٌ مِن حُروفِ الذَّلاَقَةِ، وكأنْ يَجْتَمِعَ فيه جِيمٌ وقافٌ مِثلُ صنجقَ وجُرْمُوقَ.

([10]) (كذاكَ) كذا: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ مُقَدَّمٌ، والكافُ حَرْفُ خِطابٍ، (ذو) مبتدَأٌ مؤَخَّرٌ، وذو مُضافٌ و(وَزْنٍ) مُضافٌ إليه، (يَخُصُّ) فعْلٌ مُضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى وَزْنٍ، (الفِعْلاَ) مفعولٌ به لِيَخُصُّ، والجُملةُ في مَحَلِّ جَرٍّ صِفةٌ لِوَزْنٍ، (أو) عاطِفَةٌ، (غالبٍ) عُطِفَ على مَحَلِّ (يَخُصُّ) مِن بابِ عطْفِ الاسمِ الذي يُشبِهُ الفعْلَ على الفعْلِ، (كأحمدَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ لمبتدَأٍ محذوفٍ، والتقديرُ: وذلك كائنٌ كأحمدَ، (ويَعْلَى) معطوفٌ على أَحمدَ.

([11]) (وما) اسمٌ موصولٌ مبتَدَأٌ، (يَصيرُ) فعْلٌ مُضارِعٌ ناقِصٌ، واسمُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى ما، (عَلَماً) خبَرُ يَصيرُ، والجُملةُ مِن يَصيرُ واسمِه وخَبَرِه لا مَحَلَّ لها صِلَةُ الموصولِ، (مِن ذي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: يَصيرُ، وذي مُضافٌ و(أَلِفْ) مُضافٌ إليه، (زِيدَتْ) زِيدَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمَجهولِ، والتاءُ للتأنيثِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هي، يَعودُ إلى ألِفٍ، والجُملةُ في مَحَلِّ جَرٍّ صِفَةٌ لأَلِفٍ، (لإلحاقٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بزِيدَتْ، (فليسَ) الفاءُ زائدةٌ، ليسَ: فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، واسمُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى ما الموصولةِ، وجُملةُ (يَنصَرِفْ) معَ فاعلِه المستَتِرِ فيه في مَحَلِّ نصْبٍ خَبَرُ ليسَ، وجُملةُ ليسَ واسْمِها وخَبَرِها في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المبتَدَأِ الذي هو ما الموصولةُ، وزِيدَتِ الفاءُ في الْجُملَةِ الواقعةِ خَبَراً؛ لأنَّ المبتدَأَ موصولٌ، فهو يُشْبِهُ الشرْطَ.

([12]) العَلْقَى – بوَزْنِ سَكْرَى – أَصْلُه اسمٌ لنباتٍ دَقيقِ القُضبانِ تُصنَعُ منه الْمَكانِسُ، والأَرْطَى: اسمٌ لشجَرٍ، واختُلِفَ في ألِفِهِ؛ فقِيلَ: هي ألِفُ الإلحاقِ؛ كما ذكَرَ الشارِحُ، وقيلَ: ألِفُه أَصليَّةٌ، فوَزْنُ الأَرْطَى أفعَلُ، فيُمنَعُ صرْفُه للعلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفعْلِ؛ كأحمدَ.

([13]) (والعَلَمُ) مفعولٌ لفِعْلٍ محذوفٍ يَدُلُّ عليه ما بعْدَه؛ أي: وامْنَعِ العلَمَ، (امنَعْ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقديرُه: أنتَ، (صَرْفَه) صَرْفَ: مفعولٌ به لامْنَعْ، وصَرْفَ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، (إنْ) شَرطيَّةٌ، (عُدِلاَ) عُدِلَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمَجهولِ، فعْلُ الشرْطِ، والألِفُ للإطلاقِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يعودُ إلى العَلَمُ، وجَوابُ الشرْطِ مَحذوفٌ يَدُلُّ عليه سابِقُ الكلامِ، (كفُعَلِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرُ مُبتدَأٍ محذوفٍ، وفُعَلِ مُضافٌ و(التوكيدِ) مُضافٌ إليه، (أو) عاطِفَةٌ، (كثُعَلاَ) جارٌّ ومجرورٌ معطوفٌ على (كفُعَلِ التوكيدِ).

([14]) (والعَدْلُ) مُبتدأٌ، (والتعريفُ) مَعطوفٌ عليه، (مانِعَا) خبَرُ المبتَدَأِ، ومانِعَا مُضافٌ و(سَحَرْ) مُضافٌ إليه، (إذا) ظرْفُ زَمانٍ مُتَعَلِّقٌ بمانِعَا، (به) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بيُعْتَبَر الآتي، (التعيينُ) نائبُ فاعِلٍ لفعْلٍ محذوفٍ يَدُلُّ عليه (يُعْتَبَر) الآتي، (قَصْداً) حالٌ مِن الضميرِ المستَتِرِ في (يُعْتَبَر) الآتي، (يُعْتَبَرْ) فعْلٌ مُضارِعٌ مبنيٌّ للمَجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى التعيينُ، والجُملةُ مِن الفعْلِ الذي هو يُعْتَبَرُ المذكورُ ونائبِ فاعلِه، لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ مُفَسِّرَةٌ.


  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


النوعُ الثاني: ما لا يَنْصَرِفُ مَعْرِفَةً ويَنْصَرِفُ نَكِرَةً، وهو سبعةٌ:
أَحَدُها: العَلَمُ المُرَكَّبُ تَرْكِيبَ المَزْجِ؛ كـ (بَعْلَبَكَّ) و(حَضْرَمَوْتَ)، وقد يُضافُ أَوَّلُ جُزْأَيْهِ إلى ثَانِيهِما، وقد يُبْنَيَانِ على الفتحِ، وعلى اللغاتِ الثلاثِ فإنْ كانَ آخِرُ الأوَّلِ مُعْتَلاًّ؛ كـ (مَعْدِ يَكْرِبَ)، و(قَالِي قَلاَ)، وَجَبَ سُكُونُه مُطْلَقاً.
الثاني: العَلَمُ ذو الزِّيَادَتَيْنِ؛ كـ (مَرْوَانَ وعِمْرَانَ وعُثْمَانَ وغَطَفَانَ وأَصْبَهَانَ).
الثالِثُ: العَلَمُ المُؤَنَّثُ، ويَتَحَتَّمُ مَنْعُه مِن الصرفِ إنْ كانَ بالتاءِ؛ كـ (فَاطِمَةَ) و(طَلْحَةَ)، أو زائداً على ثلاثةٍ؛ كـ (زَيْنَبَ) و(سُعَادَ)، أو مُحَرَّكَ الوَسَطِ؛ كـ (سَقَرَ) و(لَظَى)، أو أَعْجَمِيًّا؛ كـ (مَاهَ) و(جُورَ)، أو منقولاً من المذكَّرِ إلى المؤنَّثِ؛ كـ (زَيْدَ) - اسمَ امرأةٍ - ويَجُوزُ في نحوِ: (هِنْدٍ) و(دَعْدٍ) الصرفُ وتَرْكُه([1])، وهو أَوْلَى، والزَّجَّاجُ يُوجِبُه، وقالَ عِيسَى والجَرْمِيُّ والمُبَرِّدُ في نحوِ زَيْدٍ اسمَ امرأةٍ: إنه كهِنْدٍ.
الرابِعُ: العَلَمُ الأَعْجَمِيُّ إنْ كانَتْ عَلَمِيَّتُه في اللغةِ العَجَمِيَّةِ، وزادَ على ثلاثةٍ كـ (إبراهيمَ) و(إسماعيلَ)، وإذا سُمِّيَ بنحوِ: (لِجَامٍ) و(فِرنْدٍ)([2]) صُرِفَ؛ لحدوثِ عَلَمِيَّتِه، ونحوِ: (نُوحٍ) و(لُوطٍ) و(شَتَرٍ)([3]) مصروفةٌ، وقيلَ: الساكِنُ الوسطِ ذُو وَجْهَيْنِ، والمُحَرَّكَةُ مُتَحَتِّمٌ المَنْعِ.
الخامِسُ: العَلَمُ المُوَازِنُ للفِعْلِ والمُعْتَبَرِ من وزنِ الفعلِ أنواعٌ:
أَحَدُها: الوزنُ الذي يَخُصُّ الفعلَ؛ كـ (خَضَّمَ) لمكانٍ، و(شَمَّرَ) لفرسٍ، و(دُئِلٍ) لقبيلةٍ، وكـ (انْطَلَقَ) و(اسْتَخْرَجَ) و(تَقَاتَلَ) أعلاماً.
الثاني: الوَزْنُ الذي به الفعلُ أَوْلَى لكونِه غالباً فيه؛ كـ (إِثْمِدَ) و(إِصْبَعَ) و(أُبْلُمَ) أعلاماً؛ فإنَّ وُجُودَ مَوَازِنِها في الفعلِ أكثرُ؛ كالأمرِ مِن ضَرَبَ وذَهَبَ وكَتَبَ.
الثالِثُ: الوَزْنُ الذي به الفعلُ أَوْلَى؛ لكونِهِ مَبْدُوءاً بزيادةٍ تَدُلُّ في الفعلِ، ولا تَدُلُّ في الاسمِ، نحوُ: أَفْكَلٍ وأَكْلُبٍ؛ فإنَّ الهمزةَ فيهما لا تَدُلُّ، وهي في مَوَازِنِهما من الفعلِ، نحوُ: أَذْهَبُ وأَكْتُبُ دالَّةٌ على المتكلِّمِ.
ثم لا بُدَّ مِن كونِ الوزنِ لازِماً باقياً غيرَ مخالِفٍ لطريقةِ الفعلِ، فخَرَجَ بالأوَّلِ نحوُ: (امْرُؤٌ) عَلَماً؛ فإنَّه في النصبِ نظيرُ اذْهَبْ، وفي الجرِّ نظيرُ اضْرِبْ، فلم يَبْقَ على حالةٍ واحدةٍ، وبالثاني نحوُ: (رُدَّ) و(قِيلَ) و(بِيعَ)؛ فإنَّ أَصْلَهَا فِعْلٌ، ثُمَّ صَارَتْ بمنزلةِ قُفْلٍ ودِيكٍ، فوَجَبَ صَرْفُها، ولو سُمِّيَتْ بضُرِبَ مُخَفَّفاً مِن ضُرِبَ انْصَرَفَ اتِّفاقاً، ولو سَمَّيْتَ بضُرِبَ ثُمَّ خَفَّفْتَه انْصَرَفَ أيضاً عندَ سِيبَوَيْهِ، وخَالَفَه المُبَرِّدُ؛ لأنَّه تَغْيِيرٌ عارِضٌ، وبالثالثِ نحوُ: (أَلْبُبٍ) بالضمِّ جَمْعَ لُبٍّ عَلَماً؛ لأنَّه قد بَايَنَ الفِعْلَ بالفكِّ، قاله أبو الحَسَنِ وخُولِفَ لِوُجُودِ المُوَازَنَةِ.
ولا يُؤْثَرُ وَزْنٌ هو بالاسمِ أَوْلَى، ولا وَزْنٌ هو فيهما على السواءِ، وقالَ عِيسَى إِلاَّ أنْ يَكُونَا مَنْقُولَيْنِ مِن الفعلِ؛ كالأمرِ مِن ضَارَبَ وتَضَارَبَ ودَحْرَجَ أعلاماً، واحْتَجَّ بقولِه:
480- أَنَا ابْنُ جَلاَ وَطَلاَّعُ الثَّنَايَا([4])
وأُجِيبَ بأنه يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ سُمِّيَ بـ (جَلاَ) من قولِكَ: (زَيْدٌ جَلاَ)، ففيه ضميرٌ، وهو من بابِ المَحْكِيَّاتِ؛ كقولِهِ:
نُبِّئْتُ أَخْوَالِي بَنِي يَزِيدُ([5]) [38]
وأنْ يكونَ ليسَ بِعَلَمٍ، بل صِفَةً لمحذوفٍ؛ أي: ابنُ رَجُلٍ جَلاَ الأُمُورَ.
السادسُ: العَلَمُ المختومُ بألفِ الإلحاقِ المقصورةِ؛ كـ (عَلْقَى) و(أَرْطَى) عَلَمَيْنِ.
السابِعُ: المعرفةُ المعدولةُ، وهي خمسةُ أنواعٍ:
أَحَدُها: فُعَلُ في التوكيدِ، وهي جُمَعُ وكُتَعُ وبُصَعُ وبُتَعُ؛ فإنَّها معارِفُ بِنِيَّةِ الإضافةِ إلى ضميرِ المؤكِّدِ، ومعدولةٌ عن فَعْلاَوَاتٍ؛ فإنَّ مُفْرَدَاتِهَا: جَمْعَاءُ وكَتْعَاءُ وبَصْعَاءُ وبَتْعَاءُ، وإنما قِيَاسُ فَعْلاَءَ إذا كانَ اسماً أنْ يُجْمَعَ على فَعْلاَوَاتٍ؛ كصَحْرَاءَ وصَحْرَاوَاتٍ.
الثاني: سَحَرُ إذا أُرِيدَ به سَحَرُ يومٍ بِعَيْنِهِ، واسْتُعْمِلَ ظرفاً مُجَرَّداً مِن ألْ والإضافةِ؛ كـ (جِئْتُ يومَ الجُمُعَةِ سَحَرَ)؛ فإنَّه معرفةٌ معدولةٌ عن السَّحَرِ، وقالَ صدرُ الأفاضلِ: مبنيٌّ؛ لِتَضَمُّنِهِ معنى اللامِ.
واحْتُرِزَ بالقيدِ الأوَّلِ مِن المُبْهَمِ؛ نحوُ: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}([6])، وبالثاني مِن المُعَيَّنِ المستعمَلِ غيرَ ظرفٍ؛ فإنَّه يَجِبُ تَعْرِيفُه بألْ أو الإضافةِ، نحوُ: (طابَ السَّحَرُ سَحَرُ لَيْلَتِنَا)، وبالثالِثِ مِن نحوِ: (جِئْتُكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ السَّحَرَ، أو سَحَرَهُ).
الثالِثُ: فُعَلُ عَلَماً لِمُذَكَّرٍ إذا سُمِعَ ممنوعَ الصرفِ، وليسَ فيه عِلَّةٌ ظاهرةٌ غيرُ العَلَمِيَّةِ، نحوُ: (عُمَرَ) و(زُفَرَ) و(زُحَلَ) و(جُمَحَ)([7])؛ فإنَّهم قَدَّرُوهُ مَعْدُولاً؛ لأنَّ العَلَمِيَّةَ لا تَسْتَقِلُّ بِمَنْعِ الصرفِ، معَ أنَّ صِيغَةَ فُعَلَ قد كَثُرَ فيها العَدْلُ؛ كـ (غُدَرَ وفُسَق)، وكـ (جُمَعَ وكُتَعَ)، وكـ (أُخَرَ).
وأمَّا (طُوًى) فمَن مَنَعَ صَرْفَه فالمعتبَرُ فيه التأنيثُ باعتبارِ البُقْعَةِ، لا العَدْلُ عن طَاوٍ؛ لأنَّه قد أَمْكَنَ غَيْرُه، فلا وَجْهَ لِتَكَلُّفِهِ، ويُؤَيِّدُهُ أنه يُصْرَفُ باعتبارِ المكانِ.


([1]) وعلى الوجهيْنِ وَرَدَ قولُ الشاعِرِ:
لم تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا = دَعْدٌ، ولم تُسْقَ دَعْدٌ في العُلبِ
فقد صُرِفَ (دَعْدٌ) في المرَّةِ الأُولَى، ومُنِعَ صرفُه في المرَّةِ الثانيةِ.

([2]) الفِرِنْدُ – بكسرِ الفاءِ والراءِ جميعاً وسكونِ النونِ – جَوْهَرُ السيفِ، قالَ أبو مَنْصُورٍ الجَوَالِيقِيُّ في كتابِ (المُعْرَّبِ): هو فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.

([3]) شَتَرٌ – بفتحِ الشينِ والتاءِ جميعاً – اسمٌ لِقَلْعَةَ مِن أعمالِ أَرَّانَ، وأَرَّانُ – بفتحِ الهمزةِ وتشديدِ الراءِ – إِقليمٌ بوِلايةِ أَذْرَبِيجَانَ، وقد اسْتَشْكَلَ الدنوشريُّ صَرْفَ (شَتَرٍ) ونحوِه مِمَّا هو مُحَرَّكُ الوسطِ، معَ أنهم مَنَعُوا صرفَ العَلَمِ المؤنَّثِ الأَعْجَمِيِّ إذا كانَ ثلاثيًّا ساكِنَ الوَسَطِ، ولهذا ذَكَرَ ابنُ الحاجِبِ في شرحِ المُفَصَّلِ الاتِّفَاقَ على مَنْعِ صَرْفِهِ، ولولا الثِّقَةُ بالمؤلِّفِ لقلنا: إنه سهوٌ منه، ولكنَّه حُجَّةٌ ثَبَتٌ فيما يَنْقُلُ، وقد حَكَى هذا كما حَكَى القولَ بعدمِ منعِه من الصرفِ، وتكونُ حكايةُ ابنِ الحاجِبِ الإجماعَ بسببِ كونِه لم يَطَّلِعْ على قولٍ مخالِفٍ.

([4]) 480- هذا الشاهدُ من كلامِ سُحَيْمِ بنِ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيِّ، وما ذَكَرَه المؤلِّفُ صَدْرُ بيتٍ مِن الوافِرِ، وعَجُزُهُ قولُه:
*مَتَى أَضَعِ الْعِمَامَةَ تَعْرِفُونِي*

اللغةُ: (جَلاَ) اخْتُلِفَ في هذه الكَلِمَةِ: أهي من أصلِ الوضعِ فعلٌ أم اسمٌ؟ والذين ذَهَبُوا إلى أنها فِعْلٌ اخْتَلَفُوا: أهي باقيةٌ على فِعْلِيَّتِها، وفي الفعلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ، وجملتُه صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ؛ أي: أنا ابنُ رَجُلٍ جَلاَ الأمورَ وكَشَفَها وأَوْضَحَها، أم أنه قد نُقِلَ إلى العَلَمِيَّةِ وسُمِّي به، والذين ذَهَبُوا إلى أنه اسمٌ اخْتَلَفُوا فيه على قوليْنِ:
أَحَدُهما: أنَّ أصلَه مصدرٌ ممدودٌ، فقُصِرَ للضرورةِ، كما سُمِّيَ بفَضْلٍ وزَيْدٍ، وأَصْلُه جَلاَءُ، ومعناه الوضوحُ والظهورُ والانكشافُ.
وثانيهما: أنَّ أَصْلَه اسمٌ مقصورٌ، وأصلُ معناه: انحسارُ الشعَرِ عن مُقَدَّمِ الرأسِ.
(طَلاَّعُ) هو صيغةُ مبالغةٍ من الطلوعِ، وهو الصعودُ، (الثَّنَايَا) جمعُ ثَنِيَّةٍ، وهي الموضِعُ في أعلى الجبلِ، وكَنَّى بقولِهِ: (طَلاَّعُ الثنايا) عن كونِهِ يَقْتَحِمُ الشدائدَ ويُذَلِّلُ عظائمَ الأمورِ، أو عن كونِه جَلْداً صَبُوراً على المُلِمَّاتِ والشدائدِ.
الإعرابُ: (أنا) ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ، (ابنُ) خبرُ المبتدأِ، (جَلاَ) أَحْسَنُ ما فيه مِن الأعاريبِ أنه فعلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هو، وله مفعولٌ محذوفٌ، وتقديرُ الكلامِ: أنا ابنُ رَجُلٍ جَلاَ الأمورَ، وجملةُ الفعلِ الماضي وفاعلُه ومفعولُه في مَحَلِّ جرٍّ صفةٌ لموصوفٍ مجرورٍ بالإضافةِ محذوفٍ، كما ظَهَرَ في التقديرِ، (وطَلاَّعُ) الواوُ حرفُ عطفٍ، طَلاَّعُ: معطوفٌ على الخبرِ، وهو مضافٌ و(الثنايا) مضافٌ إليه.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (جَلاَ)؛ فإنَّ عيسَى بنَ عُمَرَ زَعَمَ أنه ممنوعٌ مِن الصرفِ لِلْعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفِعْلِ، وزَعَمَ أنَّ العَلَمَ إذا كانَ منقولاً من فعلٍ كانَ ممنوعاً من الصرفِ مُطْلَقاً، والجمهورُ على أنه إنْ كانَ وَزْنُهُ مُشْتَرَكاً بينَ الاسمِ والفعلِ أو هما فيه سواءٌ، لم يَكُنْ مَمْنُوعاً مِن الصرفِ، وقد أَجَابُوا عن عَدَمِ تنوينِ هذه الكَلِمَةِ بوجهيْنِ:
أَحَدُهما: أنه يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ – معَ تَسْلِيمِ عَلَمِيَّتِها – منقولةً عن جُمْلَةٍ، فهي في الأصلِ فعلٌ وضميرُ الغائبِ مُسْتَتِرٌ فيه، فعَدَمُ التنوينِ للحكايةِ لا لِمَنْعِ الصرفِ.
والثاني: أنَّا لا نُسَلِّمُ كَوْنَهَا عَلَماً، بل هي فعلٌ ماضٍ باقٍ على فِعْلِيَّتِهِ، وفيه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ هو فاعلُه، وجملةُ الفعلِ وفاعلِه في مَحَلِّ جرٍّ صفةٌ لموصوفٍ مجرورٍ محذوفٍ، والتقديرُ: أنا ابنُ رَجُلٍ جَلاَ الأمورَ وكَشَفَها.

([5]) نَسَبُوا هذا الشاهدَ لِرُؤْبَةَ بنِ العَجَّاجِ، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ في بابِ العَلَمِ، (وهو الشاهِدُ رَقْمُ 38)، والذي ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا بيتٌ مِن الرَّجَزِ المشطورِ، وبعدَه قولُه:
*ظُلْماً عَلَيْنَا لَهُمُ فَدِيدُ*
والشاهدُ فيه هنا: قولُه: (يَزِيدُ)؛ فإنَّه عَلَمٌ منقولٌ عن فعلٍ مضارعٍ وضَمِيرٍ مُسْتَتِرٍ فيه، ولذلك حُكِيَ على ما كانَ قبلَ العَلَمِيَّةِ برفعِ يَزِيدَ، معَ أنه مضافٌ إليه، ولو أنه نُقِلَ عن الفعلِ وَحْدَهُ لكانَ قد جَرَّهُ بالإضافةِ، ولكانَ جَرُّه بالفتحةِ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه حينَئذٍ ممنوعٌ من الصرفِ للعَلَمِيَّةِ ووزنِ الفِعْلِ.

([6]) سورةُ القمرِ، الآيةُ: 34.

([7]) المحفوظُ مِن ذلك الوزنِ أربعةَ عَشَرَ لفظاً، وهي: عُمَرُ، وزُفَرُ، ومُضَرُ، وقُثَمُ، وجُشَمُ، وجُمَحُ، ودُلَفُ، وثُعَلُ، وهُبَلُ، وجُحَا، وزُحَلُ، وقُزَحُ، وعُصَمُ، وبُلَغُ، وكلُّها بضمِّ الأوَّلِ، وفتحِ الثاني، كما أنَّ كلَّها ليسَ فيه عِلَّةٌ ظاهرةٌ سِوَى العَلَمِيَّةِ، وقد سُمِعَتْ ممنوعةً من الصرفِ، فقَدَّرُوا أنها معدولةٌ عن وزنِ فاعلٍ؛ كعامرٍ بالنسبةِ لعُمَرَ، وزافرٍ بالنسبةِ لِزُفَرَ، لِيَتِمَّ لهم ما أَصَّلُوه من أنَّ الاسمَ إنما يُمْنَعُ من الصرفِ إذا وُجِدَ فيه عِلَّتَانِ فرعيَّتانِ، ولم يَكْتَفُوا بالعَلَمِيَّةِ؛ لأنَّها وَحْدَها لا تَكْفِي في منعِ الصرفِ كما قلنا مِن قبلُ.



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


662- والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا = تَرْكِيْبَ مَزْجٍ نَحْوَ: "مَعْدِيكَرِبَا"
(والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبًا = تَرْكِيْبَ مَزْجٍ نحوَ: مَعْدِي كَرِبَا) قدْ تقدَّمَ أنَّ مَا لا ينصرفُ عَلَى ضَرْبينِ: أحدِهِمَا: مَا لا ينصرفُ فِي تعريفٍ ولا تنكيرٍ، والثاِني: مَا لا ينصرفُ في التعريفِ وينصرفُ في التنكيرِ، وقَدْ فَرَغَ مِنَ الكلامِ عَلَى الضَّرْبِ الأوَّلِ. وهَذَا شُرُوعٌ فِي الثانِي، وهو سَبْعَةُ أقْسَامٍ كمَا مَرَّ.
الأوَّلُ: المُرَكَّبُ تَرْكِيْبَ المَزْجِ، نحوَ: بَعْلَبَكَّ، وحَضَرَمَوْتَ، ومَعْدِي كَرِبَ، لاجتماعِ فرعيةِ المعنَى بالعَلَمِيَّةِ وفرعيةِ اللفظِ بالتركيبِ، والمرادُ بتركيبِ المَزْجِ: أنْ يُجْعَلَ الاسمانِ اسْمًا واحِدًا لا بإضافةٍ ولا بإسنادٍ، بلْ يُنَزَّلُ عَجُزُه مِنَ الصدرِ منزلةَ تَاءِ التأنيثِ؛ ولذلكَ الْتُزِمَ فيهِ فتحُ آخِرِ الصدرِ، إلا إذَا كانَ مُعتلًا فإنَّهُ يُسَكَّنُ، نحوَ: مَعْدِي كَرِبَ، لأنَّ ثِقَلَ التركيبِ أشَدُّ مِنْ ثِقَلِ التأنيثِ، فجَعَلُوا لمزيدِ الثِّقَلِ مزيدَ تخفيفٍ بأنْ سَكَّنُوا يَاءَ مَعْدِيْ كَرِبَ ونحوِهِ، وإنْ كانَ مِثْلُهَا قبلَ تاءِ التأنيثِ يُفْتَحُ نحوَ: رَامِيَةٍ وعَادِيَةٍ، وقدْ يُضَافُ أوَّلُ جُزْأَيِ المُرَكَّبِ إلى ثانِيْهِمَا فَيُسْتَصْحَبُ سكونُ ياءِ مَعْدِيْ كَرِبَ ونحوِهِ تشبيهًا بياءِ دَرْدَبِيسَ، فيُقَالُ: رَأَيْتُ مَعْدِي كَرِبٍ، ولأنَّ مِنَ العربِ مَنْ يُسَكِّنُ مثلَ هذِهِ الياءِ فِي النَّصْبِ مَعَ الإفْرَادِ تشبيهًا بالألفِ، فالْتُزِمَ فِي التركيبِ ؛ لزيادةِ الثِّقَلِ مَا كانَ جَائزًا فِي الإفرادِ، ويُعَامَلُ الجزءُ الثانِي مُعَامَلَتَهُ لو كانَ مُنْفَرِدًا فإنْ كانَ فيهِ مَعَ التعريفِ سببٌ مُؤَثِّرٌ امْتَنَعَ صَرْفُهُ كَهُرْمُزَ مَنْ رَامَ هُرْمُزَ، لأنَّ فيهِ مَعَ التعريفِ عُجْمَةً مؤثرةً، فيُجَرُّ بالفتحةِ، ويُعْرَبُ الأوَّلُ بما تَقْتَضِيْهِ العواملُ، نحوَ: "جَاءَ رَامُ هُرْمُزَ"، و"رأيتُ رَامَ هُرْمُزَ"، و"مررتُ بِرَامَ هُرْمُزَ"، ويُقَالُ فِي حَضْرَمَوْتَ، "هذِهِ حَضْرُمَوْتٍ"، و"رَأَيْتُ حَضْرَمَوْتٍ"، و"مررتُ بحَضْرِمَوْتٍ"، لأنَّ مَوْتًا ليسَ فيهِ مَعَ التعريفِ سببٌ ثَانٍ، وكذلكَ "كَرِبَ" فِي اللغةِ المشهورةِ, وبعضُ العربِ لا يَصْرِفُهُ حينئذٍ فيقولُ فِي الإضافةِ، "هَذَا مَعْدِي كَرِبَ"، فيجْعَلُهُ مُؤنثًا، وقد يُبْنَيَانِ مَعًا عَلَى الفتحِ، مَا لمْ يَعْتَلِّ الأوَّلُ فَيُسَكَّنْ ؛ تشْبِيهًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وأَنْكَرَ بعضُهُمْ هذِهِ اللغةَ، وقدْ نَقَلَهَا الأَثْبَاتُ، وقدُ سَبَقَ الكلامُ عَلَى ذَلكَ فِي بابِ العَلَمِ.

تنبيهانِ: الأوَّلُ: أُخْرِجَ بقولِهِ: "مَعْدِي كَرِبَا" مَا خُتِمَ بـ "وَيْهَ" لأنَّهُ مبْنِيٌّ علَى الأَشْهَرِ، ويجوزُ أنْ يكونَ لمجردِ التمثيلِ، وكلامُهُ عَلَى عمومِهِ لِيَدْخُلَ علَى لُغَةِ مَنْ يعرِبُهُ، ولا يُرَدَّ عَلَى لغةِ مَنْ بَنَاهُ؛ لأنَّ بابَ الصرفِ إنَّمَا وُضِعَ للمُعْرَبَاتِ، وقدْ تقدَّمَ ذكرُهُ فِي بابِ العَلَمِ.
الثانِي: احْتُرِزَ بقولِهِ: "تَرْكِيْبَ مَزْجٍ" عَنْ تِرْكِيْبَي الإضافةِ والإسنادِ وقدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا في بابِ العَلَمِ.
وأمَّا تركيبُ العَدَدِ، نَحْوَ: خَمْسَةَ عَشَرَ فَمُتَحَتِّمُ البِنَاءِ عندَ البصريينَ، وأجَازَ فيهِ الكُوْفِيِّونَ إضافةَ صَدْرِهِ إلى عَجُزِهِ، وسيأتِي في بابِهِ، فإنَّهُ سُمِّيَ بِهِ ففيه ثلاثةُ أوجُهٍ: أنْ يُقَرَّ عَلَى حَالِهِ, وأنْ يُعْرَبَ إعرابَ مَا لا يَنْصَرِفُ, وأنْ يُضَافَ صدْرُهُ إلى عَجُزِهِ.
وأمَّا تركيبُ الأحوالِ والظروفِ، نحوَ: "شَغَرَ بَغَرَ"، و"بَيْتَ بَيْتَ"، و"صَبَاحَ مَسَاءَ"، إذَا سُمِّيَ بِهِ أُضِيْفَ صَدْرُهُ إلى عَجُزِهِ وَزَالَ التركيبُ، هذَا رأيُ سِيْبَوَيْهَ، وقِيْلَ: يجوزُ فيهِ التركيبُ والبناءُ.

663- (كَذَاكَ حَاوِي زَائِدَيْ فَعْلَانَا = كَغَطَفَانَ وَكَأَصْبَهَانَا)
يعنِي أنَّ زَائِدَي فَعْلَانَ يُمْنَعَانِ مَعَ العَلَمِيَّةِ فِي وزنِ فَعْلَانَ، وفِي غيرِهِ نحوَ: حَمْدَانَ وعُثْمَانَ وعِمْرَانَ وغَطَفَانَ وأَصْبَهَانَ, وقَدْ نَبَّهَ عَلَى التَّعْمِيْمِ بالتمثيلِ.
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: علامةُ زيادةِ الألفِ والنونِ سقُوطُهُمَا في بعضِ التصاريفِ كسقُوطِهِمَا فِي رَدِّ "نِسْيَانَ وكُفْرَانَ" إلَى نَسِي وكَفَرَ، فإنْ كانَا فيْمَا لا يُتَصَرَّفُ فعلامةُ الزيادةِ أنْ يكونَ قبلهُمَا أكثرُ مِنْ حرفينِ أُصُولًا، فَإِنْ كانَ فيمَا لا يُتَصَرَّفُ، فعلامةُ الزيادةِ أنْ يكونَ قَبْلَهُمَا أكثرُ مِنْ حرفينِ أُصُولًا؛ فإنْ كانَ قبَلُهَمَا حرفانِ ثَانِيْهُمَا مضَعَّفٌ فلكَ اعتبارَانِ: إِنْ قَدَّرْتَ أصَالَةَ التضعيفِ ؛ فَالأَلِفُ والنونُ زَائِدَتَانِ، وإنْ قَدَّرْتَ زيادةَ التضعيفِ؛ فالنونُ أصليةٌ، مثالُ ذلكَ حَسَّانُ: إنْ جُعِلَ مِنَ الحِسِّ فَوَزْنُهُ فَعْلَانُ، وحُكْمُهُ أَنْ لا يَنْصَرِفَ وهو الأكثرُ فِيْهِ، ومِنْ شِعْرِهِ [مِنَ السَّرِيْعِ]:
985- مَا هَاجَ حَسَّانَ رسومُ المُدَامْ = وَمَظْعَنُ الحَيِّ ومَبْنَى الخِيَامْ
وإنْ جُعِلَ مِنَ الحُسْنِ فوزنُهُ فَعَّالُ، وحُكْمُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ، وشَيْطَانُ إنْ جُعِلَ منْ شَاطَ يَشِيْطُ إذا احْتَرَقَ امْتَنَعَ صَرْفُهُ، وإنْ جُعِلَ مِنْ شَطَنَ انْصَرَفَ، ولوْ سَمَّيْتَ بُرَّمانَ، فَذَهَبَ سِيْبَوَيْهُ والخليلُ إلَى المنعِ، لكثرةِ زِيَادةِ النونِ فِي نحوِ ذَلكَ، وذهبَ الأخْفَشُ إلى صرفِهِ، لأنَّ فُعَّالًا فِي النَّبَاتِ أكثرُ، ويؤَيِّدُهُ قَولُ بعضِهِم: أرضُ مَرْمَنَةَ.
الثانِي: إذَا أُبْدِلَ مِنَ النونِ الزائدةِ لامٌ مُنِعَ الصرفُ، إعطاءً للبدلِ حُكْمَ المُبْدَلِ، مِثَالُ ذَلكَ: أُصَيْلَالٌ فإنَّ أصلَهُ أُصَيْلانُ، فَلَو سُمِّيَ بِهِ مُنِعَ، ولوْ أُبْدِلَ مِنْ حرفٍ أصْلِيٍّ نُونٌ صُرِفَ، بعكسِ أُصَيْلَالٍ، ومثالُ ذلكَ حِنَّانُ فِي حِنَّاءَ، أُبْدِلَتْ هَمْزَتُهُ نُونًا.
الثالثُ: ذَهَبَ الفَرَّاءُ إلى مَنْعِ الصرفِ للعَلَمِيةِ وزيادةِ ألفٍ قبلَ نونٍ أصليةٍ تشبيهًا لها بالزائدةِ، نحوَ: سِنَانَ وبَيَانَ، والصحيحُ صَرْفُ ذَلكَ.

664- (كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ مُطْلقًا = وَشَرْطُ مَنْعِ العَارِ كونُهُ ارْتَقَى)
665- (فَوْقَ الثَّلاثِ أو كَجُورَ أو سَقَرْ = أوْ زَيْدٍ اسمَ امْرَأَةٍ لا اسْمَ ذَكَرْ)
666- (وَجْهَانِ فِي العَادِمِ تَذْكِيرًا سَبَقْ = وَعُجْمَةً كَهِنْدَ، والمنعُ أَحَقْ)
مِمَّا يَمْنَعُ الصرفَ اجتماعُ العَلَمِيَّةِ والتأنيثِ بالتاءِ لفظًا أو تقديرًا، أمَّا لفظًا فنحوَ: فاطِمَةَ، وإنَّمَا لم يَصْرِفُوهُ لوجودِ العَلَمِيَّةِ في معنَاهُ، ولزومِ علامةِ التأنِيْثِ فِي لفظِهِ، فإنَّ العَلَمَ المُؤَنَّثَ لا تُفَارِقُهُ العلامةُ، فالتاءُ فيهِ بمنزلةِ الألفِ فِي حُبْلَى وصَحْرَاءَ، فأَثَّرَتْ فِي مَنْعِ الصرفِ، بخلافِهَا فِي الصفةِ، وأمَّا تقديرًا ففِي المؤنثِ المُسَمَّى فِي الحالِ، كسُعَادَ وزينبَ أو فِي الأصلِ كَعَنَاقَ اسمَ رَجُلٍ أقامُوا فِي ذلكَ كُلِّهِ تقديرَ التاءِ مَقَامَ ظهورِهَا.
إذا عرفتَ ذلكَ فالمؤنثُ بالتاءِ لفظًا ممنوعٌ مِنَ الصرفِ مطلقًا، أيْ: سواءٌ كانَ مؤنثًا فِي المعنَى أمْ لا، زائِدًا علَى ثلاثةِ أحرفٍ أم لا، ساكنَ الوسطِ أمْ لا، إلى غيرِ ذلكَ مِمَّا سيأتِي، نحوَ: عائِشَةَ وطَلْحَةَ وهِبَةَ، وأمَّا المؤنثُ المعنويُ فشرط ُتَحَتُّمِ مَنْعِهِ مِنَ الصَّرفِ أنْ يكونَ زائِدًا عَلَى ثلاثةِ أحرفٍ، نحوَ: زينبَ وسُعَادَ، لأنَّ الرابعَ يُنَزَّلُ منزلةَ تاءِ التأنيثِ، أو مُحَرَّكَ الوسطِ كَسَقَرَ ولَظَى، لأنَّ الحركةَ قَامَتْ مَقَامَ الرابعِ، خِلافًا لابْنِ الأَنْبَارِيِّ، فإنَّهُ جَعَلَهُ ذَا وَجْهَيْنِ.
ومَا ذَكَرَهُ فِي البَسِيْطِ مِنْ أَنَّ سَقَرَ مَمْنُوعُ الصرفِ باتفاقٍ ليسَ كذلكَ، أو يَكُوْنَ أعَجْمَيًا كجُورَ ومَاهَ اسْمَي بلدينِ، لأنَّ العُجْمَةَ لَمَّا انْضَمَّتْ إلَى التأنيثِ والعَلَمِيَّةِ تَحَتَّمَ المنعُ، وإنْ كانتِ العُجْمَةُ لا تَمْنَعُ صرفَ الثلاثِيِّ لأنَّ العُجَّمَةَ لمَّا انْضَمْتَ إلى التأنيثِ والعَلَمِيَّةِ تَحَتَّمَ المنعُ، وإنْ كانتْ العُجْمَةُ لا تمنعُ صرفَ الثلاثيِّ لأنها هُنَا لم ثُؤَثِّرْ منعَ الصرفِ وإنما أَثَّرَتْ تَحَتُّمَ المنعِ، وحَكَى بعضُهُم فيه خِلافًا فقيلَ: إنَّهُ كَهِنْدَ فِي جَوازِ الوجهينِ، أو منقولًا مِنْ مُذَكَّرٍ نحوَ: "زَيْدَ"، إذا سُمِّيَ بِهِ امرأةٌ، لأنَّهُ حَصُلَ بنقلِهِ إِلَى التأنيثِ ثِقَلٌ عَادَلَ خِفَّةَ اللفظِ، هَذَا مذهبُ سِيْبَوَيْهَ والجمهورِ، وذَهَبَ عيسى بْنُ عُمَرَ والجَرْمِيُّ والمُبَرِّدُ إلى أنَّهُ ذُو وجهينِ، واخْتَلَفَ النقلُ عنْ يُوْنُسَ.
وأشَارَ بِقَولِهِ: "وجهانِ في العادمِ تذكيرًا إلى آخِرِ البيتِ" إلى أنَّ الثلاثيَّ الساكنَ الوسطِ إذا لم يكنْ أعْجَمِيًا ولا منقولًا مِنْ مُذَكَّرٍ كَهِنْدَ ودَعْدَ يجوزُ فيهِ الصرفُ ومَنْعُهُ، والمنعُ أحَقُّ، فمَنْ صَرَفَهُ ؛ نَظَرَ إلى خِفَّةِ السكونِ وأنَّهَا قَاوَمتْ أَحَدَ السببينِ، ومَنْ مَنَعَ نَظَرَ إلى وجودِ السببينِ ولمْ يعتبرْ الخفةَ، وقد جَمَعَ بينهما الشاعرُ في قولِهِ [مِنَ المُنْسَرِحِ]:
986- لَمْ تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا = دَعْدٌ، ولمْ تُسْقَ دَعْدُ فِي العُلَبِ
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أنَّ المنعَ أحقُّ هو مذهبُ الجمهورِ، وقَالَ أبو عَلِيٍّ: الصرفُ أفصحُ، قالَ ابْنُ هِشَامٍ: وهو غَلَطٌ جَلِيٌّ وذهَبَ الزَّجَّاجُ، قِيْلَ والأخْفَشُ، إلى أنَّهُ مُتَحَتِّمُ المَنْعِ.
قالَ الزَّجَّاجُ: لأنَّ السكونَ لا يُغَيِّرُ حُكْمًا أوْجَبَهُ اجتماعُ علَّتَيْنِ يَمْنَعَانِ الصرفَ، وذَهَبَ الفَرَّاءُ إلى أنَّ مَا كانَ اسْمَ بَلْدَةٍ لا يجوزُ صرْفُهُ، نحوَ: "قَيْدَ" لأنَّهُم لا يُرَدِّدُونَ اسْمَ البلدةِ عَلى غيرِهَا فلمْ يَكْثُرْ في الكلامِ بِخِلَافِ هِنْدَ.
الثَانِي: لا فرقَ بينَ مَا سُكُوْنُهُ أصْليٌّ كَهِنْدَ، أو عَارِضٌ بعْدَ التسميةِ كفَخْذَ، أو الإعلالِ كدَارَ.
الثالثُ: قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): وإذَا سَمَّيْتَ امرأةً بِيَدٍ ونحوِهِ ممَّا هو عَلَى حَرفينِ جَازَ فِيهِ مَا جَازَ فِي هندَ، ذَكَرَ ذلكَ سِيْبَوَيْهُ هَذَا لفظُهُ، وظاهِرُهُ جَوَازُ الوجهينِ، وأنَّ الأجودَ المنعُ، وبِهِ صَرَّحَ فِي (التَّسْهِيْلِ)؛ فقولُ صاحبِ البسيطِ في "يَدٍ" "صُرِفَتْ بِلَا خِلافٍ" ليسَ بصحيحٍ.
الرابعُ: إذَا صُغِّرَ نحوَ: هِنْدَ ويَدٍ تَحَتَّمَ منعُهُ، لظهورِ التاءِ، نحوَ: هُنَيْدَةَ وُيَدَيَّةَ، فإنْ صُغِّرَ بغيرِ تَاءٍ نحوَ: حُرَيْبٍ ـ وهي ألفاظٌ مسموعةٌ- انصرَفَ.
الخامسُ: إذَا سُمِّيَ مذكرٌ بمؤنثٍ مجردٍ مِنَ التاءِ فإنْ كانَ ثُلاثيًا صُرِفَ مُطلقًا خِلافًا للفرَّاءِ وثَعْلَبَ، إذْ ذهَبا إلى أنَّهُ لا يَنْصَرِفُ سواءٌ تحرَّكَ وسَطُهُ، نَحْوَ: فَخِذَ أم سَكَنَ نَحوَ: حَرْبَ، ولابنِ خَرَوفٍ في المُتَحَرِّكِ الوسطِ، وإنْ كانَ زَائِدًا عَلَى الثلاثةِ لفظًا نحوَ: سُعَادَ، أو تقديرًا كاللفظِ نحوَ: جَيَلَ مُخَفَّفِ جَيْأَلَ اسْمٌ للضَّبْعِ بالنقلِ، مُنِعَ مِنَ الصرفِ.
السادسُ: إذا سُمِّيَ رجلٌ بِبَنْتٍ أو أُخْتٍ صُرِفَ عندَ سِيْبَوَيْهَ وأكثرِ النحويينِ، لأنَّ تاءَهُ قَدْ بُنِيَتِ الكلمةُ عليها وسُكِّنَ مَا قبلَهَا فأَشْبَهَتْ تاءَ "جِبْتٍ" و"سُحْتٍ" قالَ ابنُ السَّرَّاجِ: ومِنْ أصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إنَّ تاءَ بِنْتٍ وأُخْتٍ للتأنيثِ وإنْ كانَ الاسمُ مبنيًا عليها فَيَمْنَعُونَهُمَا الصرفَ فِي المعرفةِ, ونَقَلَهُ بعضُهُم عَنِ الفَرَّاءِ، قلتُ: وقياسُ قولِ سِيْبَوَيْهَ أنَّهُ إذَا سُمِّيَ بهِمَا مؤنثٌ أَنْ يكونَ عَلَى الوجهينِ فِي "هِنْدَ".
السابعُ: كانَ الأَوْلَى أنْ يقولَ "بتاءٍ" بدَلَ قولِهِ "بِهَاءٍ" فإنَّ مذهبَ سِيْبَوَيْهَ والبصريينِ أنَّ علامةَ التأنيثِ التاءُ، والهاءُ بَدَلٌ عندهُم عنْهَا فِي الوقفِ، وقدْ عَبَّرَ بالتاءِ فِي بابِ التأنيثِ فقالَ: "علامةُ التأنيثِ تاءٌ أو ألفٌ" وكأنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذلكَ للاحْتِرَازِ مِنْ تَاءِ "بِنْتٍ" و"أُخْتٍ" وكَذَا فَعَلَ فِي (التَّسْهِيْلِ).
الثامنُ: مرادُهُ بـ"العَارِ" فِي قولِهِ: "وشرطُ مَنْعِ العَارِ" العَارِي مِنَ التاءِ لفظًا, وإلا فمَا مِنْ مُؤنثٍ بغيرِ الألفِ إلا وفيهِ التاءُ، إمَّا ملفوظةً أو مقدرةً.

667- (والعَجَمِىُّ الوَضْعِ والتعريفِ مَعْ = زَيْدٍ عَلَى الثلاثِ صرْفُهُ امْتَنَعْ)
أيْ: ممَّا لا يَنْصَرِفُ مَا فيهِ فرعيةُ المعنَى بالعَلَمِيَّةِ، وفرعيةُ اللفظِ بكونِهِ مِنَ الأوضاعِ العَجَمِيَّةِ، لكنْ بشرطينِ: أيْ: يكونُ عَجَمِيَّ التعريفِ أيْ: يكونُ عَلَمًا فِي لُغَتِهِم، وأنْ يكونَ زائدًا علَى ثلاثةِ أحرفٍ، وذلكَ نحوُ: إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ، فإنْ كانَ الاسمُ عَجَمِيَّ الوضعِ غيرَ عَجَمِيِّ التعريفِ انصرفَ كَلِجَامٍ إذَا سُمِّيَ بِهِ رجلٌ، لأنَّهُ قدْ تُصْرَفُ فيهِ بنقلِهِ عَمَّا وضَعَتْهُ العَجَمُ لَهُ، فأُلْحِقَ بالأمثلةِ العربيةِ، وذهبَ قومٌ منهُم الشُّلُوْبِيْنُ وابنُ عُصْفُورٍ إلى مَنْعِ صَرْفِ مَا نَقَلَتْهُ العربُ مِنْ ذَلكَ إلى العَلَمِيَّةِ ابتداءً كبُنْدَارَ، وهؤلاءِ لا يشترطونَ أنْ يكونَ الاسمُ عَلَمًا في لغةِ العَجَمِ، وكَذَا يَنْصَرِفُ العَلَمُ فِي العَجَمِيَّةِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثلاثةِ بأنْ يكونَ علَى ثلاثةِ أحرفٍ، لضَعْفِ فرعيةِ اللفظِ فيهِ لمَجِيْئِهِ عَلَى أصلِ مَا تُبْنَى عليهِ الآحَادُ العربيةُ، ولا فرقَ فِي ذلكَ بينَ الساكنِ الوسطِ نحوَ: نُوْحٍ ولُوْطٍ، والمُتَحرِّكِ نحوَ: شَتَرَ ولَمَكَ.
قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): قَولًا وَاحِدًا فِي لُغَةِ جَمِيعِ العربِ، ولا التفاتَ إلى مَنْ جَعَلَهُ ذَا وجهينِ مَعَ السكونِ، ومُتَحَتِّمَ المنعِ معَ الحركةِ لأنَّ العُجْمَةَ سَبَبٌ ضعيفٌ، فلم تُؤَثِّرْ بدونِ زيادةٍ عَلَى الثلاثةِ قَالَ: ومِمَّنْ صَرَّحَ بإلغاءِ عُجْمَةِ الثلاثيِّ مُطلقًا السِّيْرَافِيُّ وابنُ بَرْهَانَ وابنُ خَرُوفٍ، ولا أَعْلَمُ لهم مِنَ المتقدمينَ مُخَالفًا، ولو كَانَ مَنْعُ صرفِ العَجَمِيِّ الثلاثيِّ جَائِزًا لوُجِدَ فِي بعضِ الشَّوَاذِّ كمَا وُجِدَ غيرُهُ مِنَ الوُجُوهِ الغريبةِ اهـ.
قلتُ: الذِي جَعَلَ سَاكنَ الوسطِ عَلَى الوجهينِ هو عِيْسَى بْنُ عُمَرَ، وتَبِعَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ والجُرْجَانِيُّ.
ويُتَحَصَّلُ فِي الثُلَاثِيِّ ثلاثةُ أقوالٍ: أحدُهَا: أَنَّ العُجْمَةَ لا أَثَرَ لَهَا مُطْلقًا وهو الصحيحُ.
الثانِي: أنَّ مَا تَحَرَّكَ وَسَطُهُ لا ينصرِفُ، وفيمَا سَكَنَ وسطُهُ وجهانِ.
الثالثُ: أنَّ مَا تَحَرَّكَ وسطُهُ لا ينصرفُ، وما سَكَنَ وسطُهُ ينصرفُ، وبِهِ جَزَمَ ابنُ الحَاجِبِ.
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: قولُهُ زَيْدٍ هو مصدرُ زَادَ يَزِيْدُ زَيْدًا وزِيَادَةً وزَيْدَانًا.
الثانِي: المرادُ بالعَجَمِيِّ مَا نُقِلَ مِنْ لِسَانِ غيرِ العربِ، ولا يختصُّ بلغةِ الفُرْسِ.
الثالثُ: إذا كانَ الأعْجَمِيُّ رُبَاعيًا، وأحدُ حروفِهِ يَاءَ التصغيرِ انصرفَ ولا يُعْتَدُّ بالياءِ.
الرابعُ: تُعْرَفُ عُجْمَةُ الاسمِ بوجوهٍ:أحَدُهَا: نَقْلُ الأئِمَّةِ.
ثانيها: خروجُهُ عَنْ أوزانِ الأسماءِ العربيةِ نحوَ: إبراهيمَ.
ثالثُهَا: عُرُوُّهُ مِنْ حروفِ الذَّلَاقَةِ، وهو خُمَاسِيٌّ أو رُبَاعِيٌّ، فإنْ كانَ فِي الرُّبَاعِيِّ السينُ فقدْ يكونُ عربيًا نحوَ: عَسْجَدَ، وهو قليلٌ. وحروفُ الذَّلَاقَةِ سِتَّةٌ يَجْمَعُهَا قولُكَ: "مُرْ بِنَفْلٍ".
رابعُهَا: أنْ يجتمعَ فيهِ منَ الحروفِ مَا لا يجتمعُ فِي كلامِ العربِ كالجيمِ والقافِ بغيرِ فاصلٍ نحوَ: قَجْ وجَقْ، والصادِ والجيمِ، نحوَ: صَوْلَجَانَ, والكافِ والجيمِ نحوَ: اسْكَرَجَةَ، وتَبَعِيّةِ الراءِ للنونِ أوَّلَ كلمةٍ، نحوَ: نَرْجِسَ والزَّايِ بَعْدَ الدالِ نحوَ: مُهَنْدِزَ.

668- (كذاكَ ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلَا = أو غَالِبٍ: كأَحْمَدٍ، وَيَعْلَى)
أيْ: مَمَّا يَمْنَعُ الصرفَ مَعَ العَلَمَيَّةِ وزنُ الفعلِ بشرطِ أنْ يكونَ مُخْتَصًا بِهِ أو غَالبًا فيهِ.
والمرادُ بالمختصِّ: ما لا يُوْجَدُ في غيرِ فِعْلٍ إلا فِي نَادِرٍ أو عَلَمٍ أعْجَمِيٍّ كصيغةِ الماضِي المُفْتَتَحِ بتاءِ المُطَاوَعَةِ كتَعَلَّمَ، أو بهمزةِ وصلٍ كانْطَلَقَ، ومَا سِوَى أَفْعَلُ ونَفْعَلُ وتَفْعَلُ ويَفْعَلُ مِنْ أوزانِ المضارعِ، ومَا سَلِمَتْ صيغتُهُ مِنْ مَصُوْغٍ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُهُ وبِنَاءِ فِعَّلَ ومَا صِيْغَ للأمرِ منْ غيرِ فَاعَلَ والثلاثيِّ، نحوَ: انْطَلَقَ ودَحْرَجَ فإذَا سُمِّيَ بِهِمَا مُجَرَّدَيْنِ عَنِ الضميرِ؛ قيلَ هَذَا انْطَلِقُ ودَحْرِجُ ورأيتَ انْطَلِقَ ودَحْرِجَ، ومررتُ بانْطَلِقَ ودَحْرِجَ، وهَكَذا كُلُّ وَزنٍ مِنَ الأوزانِ المبنيةِ عَلَى أنَّها تَخْتَصُّ بالفعلِ، والاحترازُ بالنادرِ مِنْ نَحوِ ُدِئَل لِدُويْبَةَ، ويَنْجَلِبٍ لِخَرْزَةٍ وتُبَشِّرٍ لطَائِرٍ، وبالعَلَمِ مِنْ نَحْوِ خَضَّمَ بالمُعْجَمَتَيْنِ لِرَجْلٍ، وشَمَّرَ لفرسٍ، وبالأعجميِّ مِنْ بَقَّمٍ واسْتَبْرَقَ، فَلا يَمْنَعُ وِجْدَانُ هذِهِ الأسماءِ اختصاصَ أوزانِهَا بالفعلِ،ـ لأنَّ النادرَ، والعَجَمِيَّ لا حُكْمَ لَهُمَا، ولأنَّ العَلَمَ منقولٌ مِنْ فَعَلَ، فالاختصاصُ باقٍ.
والمرادُ بالغالبِ: مَا كانَ الفعلُ بِهِ أوْلَى، إمَّا لكثرَتِهِ فيهِ كإِثْمِدٍ وإِصْبَعٍ وأبُلُمٍ فإنَّ أوزانَهَا تَقِلُّ فِي الاسْمِ وتكثرُ فِي الأمرِ منَ الثلاثيِّ، وإمَّا لأنَّ أوَّلَهُ زيادةٌ تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي الفعلِ دُوْنَ الاسمِ كأَفْكَلٍ وأَكْلَبٍ، فإنَّ نظائِرَهُمَا تَكْثُرُ فِي الأسماءِ والأفعالِ لكنَّ الهمزةَ مِنْ أَفْعَلَ وأَفْعُلَ تدلُّ علَى معنًى فِي الفعلِ، نحوَ: أَذْهَبُ وأَكْتُبُ، وَلا تدلُّ عَلَى معنًى في الاسْمِ، فكأنَّ المُفْتَتَحَ بأحدِهِمَا مِنَ الأفعالِ أصلًا للمُفْتَتَحِ بأحدِهِمَا مِنَ الأسماءِ.
وقدْ يَجْتَمِعُ الأمرانِ نحوَ: بَرْمِغُ وتَنْصُبُ، فإنَّهُمَا كإِثْمِدٍ فِي كونِهِ علَى وزنٍ يكثرُ فِي الأفعالِ ويقلُّ فِي الأسماءِ، وكأَفْكَلٍ في كونِهِ مُفْتَتَحًا بِمَا يدلُّ عَلَى مَعْنًى فِي الفعلِ دُوْنَ الاسمِ.
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: قدِ اتَّضَحَ بِمَا ذُكِرَ أنَّ التعبيرَ عَنِ هذَا النوعِ بأنْ يُقَالَ: "أو مَا أصلُهُ الفِعْلُ" كَمَا فَعَلَ فِي (الكَافِيَةِ) "أو مَا هُوَ بِهِ أَوْلَى" كَمَا فِي شرحِهَا و(التَّسْهِيْلِ) أجودُ مِنَ التعبيرِ عنهُ بالغالبِ؟
الثانِي: قَدْ فُهِمَ مِنْ قولِهِ: "يَخْصُّ الفعلَ أو غالبٍ" أنَّ الوزنَ المُشْتَرَكَ غيرَ الغالبِ لا يَمْنَعُ الصرفَ نحوَ: ضربَ ودَحْرَجَ خِلافًا لعيسى بْنِ عُمَرَ فيما نَقَلَ مِنْ فَعَلَ فإنَّهُ لا يَصْرِفُهُ تَمسكًا بقولِهِ [مِنَ الوافِرِ]:
987- أَنَا ابْنُ جَلاَ وطَلَّاعُ الثَّنَايَا = مَتَى أَضَعِ العِمَامَةَ تَعْرِفُوْنِي
ولا حُجَّةَ فيهِ، لأنَّهُ محمولٌ عَلَى إرادةِ "أنَا ابنُ رَجُلٍ جَلَا الأمورَ وجَرَّبَهَا" فـ"جَلاَ" جُملةٌ مِنْ فَعَل وفَاعَلَ، فهو مَحْكِيٌّ لا ممنوعٌ مِنَ الصرفِ كقولِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
نُبِّئْتُ أخْوَالِي بَنِي يَزِيْدُ = ظُلْمًا عَلَيْنَا لهُمْ فَدِيْدُ
والذِي يدلُّ عَلَى ذَلكَ إجماعُ العربِ عَلَى صَرْفِ كَعْسَبٍ اسْمَ رَجُلٍ معَ أنَّهُ منقولٌ مِنْ "كَعْسَبَ" إذا أسرَعَ، وقد ذَهَبَ بعضُهُم إلَى أنَّ الفِعْلَ قَدْ يُحْكَى مُسَمًّى بِهِ وإنْ كانَ غيرَ مُسْنَدٍ إلى ضميرٍ متمسكًا بهذَا البيتِ.
ونُقِلَ عنِ الفَرَّاءِ مَا يَقْرُبُ مِنْ مَذْهَبِ عيسى قالَ: الأمثلةُ التي تكونُ للأسْمَاءِ والأفْعَالِ إنْ غَلَبَتْ للأفعالِ فَلا تُجْرِهِ فِي المعرفةِ نحوَ: رَجُلٍ اسْمُهُ "ضَرَبَ" فإنَّ هَذَا اللفظَ وإنْ كانَ اسْمًا للعَسَلِ الأبيضِ هو أشْهَرُ فِي الفِعْلِ، وإنْ غَلَبَ فِي الاسمِ فأَجْرِهِ فِي المَعرفةِ والنكرةِ نحوَ: رَجُلٍ مسُمًّى بِحَجَرٍ لأنَّهُ يَكُونُ فعلًا تقولُ: "حَجَرَ عليهِ القاضِي" ولكنَّهُ أشْهَرُ فِي الاسْمِ.
الثالثُ: يُشْتَرَطُ فِي الوزنِ المانعِ للصرفِ شرطانِ:
أحدُهُمَا: أنْ يكونَ لازمًا.
الثانِي: أنْ لا يخرجَ بالتغييرِ إلى مِثَالٍ هو للاسْمِ.
فخرجَ بالأوَّلِ نحوُ: امْرِئٍ فإنَّهُ لو سُمِّيَ بِهِ انْصَرَفَ وإنْ كانَ فِي النَّصْبِ شبيهًا بالأمرِ مِنْ عَلِمَ، وفِي الجرِّ شبيهًا بالأمرِ مِنْ ضَرَبَ، وفِي الرَّفْعِ شبيهًا بالأمرِ مِنْ خَرَجَ، لأنَّهُ خَالَفَ الأفعالَ بكونِ عَيْنِهِ لا تلزمُ حركةً واحدةً فلمْ تُعْتَبَرْ فيهِ الموازنةُ، وخَرَجَ بالثانِي نحوُ: "رُدَّ" و"قيلَ" فإنَّ أصلَهُمَا رُدَدَ وقُوِلَ، ولكنَّ الإدغامَ والإعلالَ أخْرَجَاهُمَا إلَى مشابهةِ بُرْدٍ وفِيْلٍ، فلمْ يُعتبرْ فيهما الوزنُ الأصليُّ ولوسَمَّيْتَ رَجُلًا بِأَلْبُبٍ بالضمِّ جَمْعُ لُبٍّ، لم تَصْرِفْهُ؛ لأنَّهُ لم يَخْرُجْ بِفَكِّ الإدغامِ إلى وزنٍ ليسَ للفعلِ، وحَكَى أبو عُثْمَانَ عَنِ أَبِي الحسنِ صرفَهُ لأنَّهُ بَايَنَ الفعلَ بالفَكِّ، وشَمِلَ قولُنَا: "إلى مِثَالٍ هُوَ للاسْمِ" قسمينِ: أحدِهِمَا: مَا خَرَجَ إلى مِثَالٍ غيرِ نادرٍ، ولا إشكالَ في صرفِهِ نَحْوَ: "رُدَّ"، و"قِيْلَ" والآخَرُ مَا خرجَ إلى مِثَالِ نَادِرٍ، نحو: "انْطَلْقَ" إذا سكَّنْتَ لامَهُ، فإنَّهُ خَرَجَ إلى مِثَالِ إنْقَحْل، وهو نَادِرٌ، وهَذَا فيه خِلاَفٌ، وجَوَّزَ فيه ابنُ خَرُوفٍ الصرفَ والمنعَ، وقدْ فُهِمَ مِنْ ذلكَ أنَّ مَا دَخَلَهُ الإعلالُ ولم يُخْرِجْهُ إلى وزنِ الاسمِ نحوَ: "يَزِيْدَ" امتْنَعَ صرفُهُ.
الرابعُ: اخْتُلِفَ فِي سكونِ التخفيفِ العَارِضِ بعدَ التسميةِ نحوَ: ضُرْبَ بسكونِ العينِ مُخَففًا مِنْ ضُرِبَ المجهولِ، فذهبَ سِيْبَوَيْهُ إلى أنَّهُ كالسكونِ اللازمِ فينصرفُ، وهو اختيارُ المصنفِ، وذهَبَ المَازِنِيُّ والمُبَرِّدُ ومَنْ وافَقَهُمَا إلَى أنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنَ الصَّرفِ، فلو خُفِّفَ قبلَ التسميةِ انصرفَ قَولًا واحِدًا.

669- (ومَا يَصِيْرُ عَلَمًا مِنْ ذِيْ أَلِفْ = زِيْدَتْ لِإِلْحَاقٍ فليسَ يَنْصَرِفْ)
أيْ: ألفُ الإلحاقِ المقصورةِ تَمْنَعُ الصرفَ مَعَ العَلَمِيَّةِ، لشَبَهِهَا بألفِ التأنيثِ مِنْ وَجهينِ، الأوَّلِ: أنَّهَا زائدةٌ، ليستْ مُبْدَلةً مِنْ شيءٍ، بِخِلاَفِ الممدودَةِ فإنَّهَا مُبْدَلَةٌ مِنْ يَاءٍ، والثانِي: أنَّها تقَعُ فِي مِثَالٍ صالحٍ لألفِ التأنيثِ نحوَ: أَرْطًى فإنَّهُ عَلَى مِثَالِ سَكْرَى، وعِزْهَى فهو علَى مِثَالِ ذِكْرَى بِخِلافِ الممدودةِ نحوَ: عِلْبَاءَ، وشَبَهُ الشيءِ بالشيءِ كثيرًا مَا يُلْحِقُهُ بِهِ؛ كَحَامِيمَ اسْمَ رَجُلٍ، فإنَّهُ عِنْدَ سِيْبَوَيْهَ ممنوعُ الصرفِ لشَبَهِهِ بِهَابِيَلَ فِي الوزنِ والامتناعِ مِنَ الألفِ واللامِ، وكحَمْدُونَ عندَ أبِي عَلِيٍّ، حيثُ يَمنعُ صرفَهُ للتعريفِ والعُجْمَةِ.
يَرَى أنَّ حَمْدُونَ وشَبَهَهُ مِنَ الأعلامِ المزيدِ فِي آخِرِهَا واوٌ بعدَ ضمةٍ ونونٍ لغيرِ جمعيةٍ، لا يوجدُ فِي استعمالٍ عربيٍ مَجْبُولٍ على العربيةِ، بَلْ فِي استعمالٍ عجَمَيٍّ حقيقةً أو حُكمًا، فأُلْحِقَ بِمَا مَنَعَ صرفَهُ للتعريفِ والعُجْمَةِ المَحْضَةِ.
تنبيهانِ: الأوَّلُ: كانَ ينبغِي أنْ يُقَيِّدَ الألفَ بالمقصورةِ صريحًا وبالمثالِ أو بِهِمَا كَمَا فعَلَ فِي (الكَافِيَةِ) فَقَالَ:
وألفُ الإلحاقِ مَقْصُورًا مَنَعْ = كَعَلْقًى انْ ذَا عَلَمِيَّةٍ وَقَعْ
الثانِي: حُكْمُ ألفِ التكثيرِ كَحُكْمِ ألفِ الإلحاقِ فِي أنَّهَا تُمْنَعُ مَعَ العَلَمِيَّةِ نحوَ: قَبَعْثرَى ذَكَرَهُ بعضُهُم.

670- (والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلاَ = كَفُعَلِ التوكيدِ أو كَثُعَلاَ)
671- (والعَدْلُ والتعريفُ مانِعَا سَحَرْ = إذَا بِهِ التعيينُ قَصْدًا يُعْتَبَرْ)
أيْ: يَمْنَعُ مِنَ الصرفِ اجتماعُ التعريفِ بالعدلِ في ثلاثةِ أشياءٍ:
أحَدِهَا: فُعَلُ فِي التوكيدِ، وهو جُمَعُ وكُتَعُ وبُصَعُ وبُتَعُ، فإنَّهَا معارفُ بنِيَّةِ الإضافةِ إلى ضميرِ المُؤَكِّدِ، فشابهَتْ بذلكَ العَلَمَ لكونِهِ معرفةً مِنْ غيرِ قرينةٍ لفظيةٍ، هذَا مَا مَشَى عليهِ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ)، وهو ظاهرُ مذهبِ سِيْبَوَيْهَ، واختارَهُ ابنُ عُصْفُورٍ. وقيلَ: بالعَلَمِيَّةِ، وهو ظاهرُ كلامِهِ هُنَا، ورَدَّهُ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ), وأبطَلَهُ، وقَالَ فِي (التَّسْهِيْلِ): بِشَبَهِ العَلَميةِ أو الوصفيةِ.
قالَ أبو حَيَّانَ: وتَجْويزُهُ أنَّ العَدْلَ يُمْنَعُ معَ شَبَهِ الصفةِ فِي بابِ جُمَعَ لا أعرفُ لهُ فيهِ سَلفًا.
ومَعْدُولةٌ عَنْ فَعْلاَوَاتَ فإنَّ مفرداتِها جَمْعَاءُ وكَتْعَاءُ وبَصْعَاءُ وبَتْعَاءُ، وإنَّمَا قِيَاسُ فَعْلاَءَ إذَا كانَ اسْمًا أنْ يُجْمَعَ عَلَى فَعْلَاوَات كصَحْرَاءَ وصَحْرَوَاتٍ، لأنَّ مذكَّرَهُ جُمِعَ بالواوِ والنونِ فَحَقُّ مؤنثِهِ أنْ يُجْمَعَ بالألفِ والتاءِ، وهذا اختيارُ الناظمِ.
وقيلَ مَعْدُولةٌ عَنْ فُعْلَ لأنَّ قياسَ أَفْعَلَ فَعْلَاءَ، أنْ يُجْمَعَ مُذَكَّرُهُ ومؤنثُهُ عَلَى فُعْلَ نحوَ: حُمْرَ فِي أَحْمَرَ وحَمْرَاءَ، وهو قولُ الأخْفَشِ والسَّيْرَافِيِّ، واختارهُ ابْنُ عُصْفُورٍ.
وقيلَ: إنَّهُ معدولٌ عَنْ فَعَالِيَّ كَصْحَرَاءَ وصَحَارِيَّ، والصحيحُ الأولُ، لأنَّ فَعْلَاءَ لا يُجْمَعُ عَلَى فُعْلٍ إلا إذَا كانَ مُؤَنثًا لأفْعَلَ صفةً كحَمْرَاءَ وصَفْرَاءَ، ولا عَلَى فَعَالِيَّ إلا إذَا كانَ اسْمًا مَحْضًا لا مُذَكَّرَ لهُ كصحراءَ، وجَمْعَاءَ ليسَ كذلكَ.
الثانِي: عَلَمُ المُذَكَّرِ المعدولِ إلى فُعَلٍ، نحوَ: عُمَرَ وزُفَرَ وزُحَلَ ومُضَرَ، وثُعَلَ وهُبَلَ وجُشَمَ وقُثَمَ وجُمَحَ وقُزَحَ ودُلَفَ، فَعُمَرُ: معدولٌ عنْ عَامِرٍ، وزُفَرُ: معدولٌ عَنْ زَافِرٍ وكَذَا باقِيْهَا.
قيلَ: وبعضُهَا عنْ أَفْعَلَ وهو ثُعَلُ،وطريقُ العِلْمِ بِعَدْلِ هذَا النوعِ سمَاعُهُ غيرَ مصروفٍ عاَرِيًا مِنْ سَائِرِ الموانعِ، وإنَّمَا جُعِلَ هَذَا النوعُ مَعْدُولًا لأمرينِ:
أحدُهُمَا: أنَّهُ لوْ لمْ يُقَدَّرْ عدْلُهُ لَزِمَ ترتيبُ المنعِ علَى عِلَّةٍ واحدةٍ؛ إذْ ليسَ فيهِ مِنَ الموانعِ غيرُ العَلَمِيَّةِ.
والآخَرُ: أنَّ الأعْلَامَ يَغْلُبُ عليهَا النقلُ، فجُعَلُ "عُمَرُ" مَعْدولًا عَنْ "عَامِرٍ" العَلَمِ المنقولِ مِنَ الصفةِ، ولم يُجْعَلْ مُرْتَجلًا وكذَا باقِيْهَا، وذَكَرَ بَعْضُهُم لعَدْلِهِ فائدتينِ، إحْدَاهُمَا لفظيةٌ وهي التخفيفُ، والأُخْرَى معنويةٌ وهو تَحْمِيْضُ العَلَمِيَّةِ، إذْ لو قِيْلَ عَامِرٌ لَتُوُهِّمَ أنَّهُ صِفَةٌ.
فإنْ ورَدَ فُعَلُ مصروفًا وهو عَلَمٌ؛ عَلِمْنَا أنَّهُ ليْسَ بِمَعْدولٍ، وذلكَ نحوَ: أُدَدٌ، وهو عندَ سِيْبَوَيْهَ مِنَ الوُدِّ فهمزتُهُ عِنْ وَاوٍ، وعندَ غيرِهِ مِنَ الأدِّ وهو العظيمُ فهمزتُهُ أصليةٌ. فإنْ وُجِدَ فِي فُعَلَ مَانِعٌ مِنَ العَلَمِيَّةِ لم يُجْعَلْ مَعدولًا، نحوَ: "طُوًى"، فإنْ مَنَعَهُ للتأنيثِ والعَلَمِيَّةِ ونحوَ: "تُتَلَ" اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ، فالمانِعُ لهُ العُجْمَةُ والعَلَمِيَّةُ عندَ مَنْ يَرَى مَنْعَ الثلاثيِّ للعُجْمَةِ، إذْ لا وَجْهَ لتَكَلُّفِ تقديرِ العَدْلِ، مَعَ إمكانِ غيرِهِ.
ويَلْتَحِقُ بهذَا النوعِ ما جُعِلَ عَلمًا مِنَ المَعْدُولِ إلى فُعَلَ فِي النداءِ كغُدَرَ وفُسَقَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ "عُمَرَ".
قالَ المصنفُ: هو أحقُّ مِنْ عُمَرَ بِمَنْعِ الصرفِ، لأنَّ عَدْلَهُ محققٌّ، وعَدْلُ عُمَرَ مُقَدَّرٌ اهـ وهو مذهبُ سِيْبَوَيْهَ، وذَهَبَ الأَخْفَشُ وتَبِعَهُ ابنُ السِّيدِ إلى صرفِهِ.
الثالثُ: سَحَرُ إذَا أُرِيْدَ بِهِ سَحَرُ يَومٍ بِعَيْنِهِ، فالأصلُ: أَنْ يُعَرَّفَ بـ"ألْ" أو بالإضافةِ فإنْ تَجَرَّدَ منْهُمَا مَعَ قَصْدِ التعيينِ، فهو حينئذٍ ظرفٌ لا يَتَصَرَّفُ ولا يَنْصَرِفُ نحوَ: "جِئْتُ يَومَ الجُمْعَةِ سَحَرَ" والمانعُ لهُ مِنَ الصرفِ العَدْلُ والتعريفُ؛ أمَّا العَدْلُ فَعَنِ اللفظِ بـ"ألْ" فإنَّهُ كانَ الأصلُ أنْ يُعَرَّفَ بِهَا، وأمَّا التعريفُ فقيلَ: بالعَلَمِيَّةِ ؛ لأنَّهُ جُعِلَ عَلَمًا لِهَذا الوقتِ وهذَا مَا صَرَّحَ بِهِ فِي (التَّسْهِيْلِ) وقيْلَ: بِشَبَهِ العَلَمِيَّةِ، لأنَّهُ تَعَرَّفَ بِغَيْرِ أداةٍ ظاهرةٍ كالعَلَمِ وهو اختيارُ ابْنِ عُصْفُورٍ، وقوْلُهُ هُنَا و"التعريفُ"َ يُوْمِئُ إليهِ، إذُ لَمْ يُقَلْ والعَلَمِيَّةُ، وذَهَبَ صَدْرُ الأفاضلِ وهو أبُ الفتح ِنَاصِرِ بْنِ أَبِي المَكَارِمِ المَطْرِزِيِّ إلى أنَّهُ مَبْنِيٌّ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حرفِ التعريفِ.

قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): وَمَا ذَهَبَ إليهِ مردودٌ بثلاثةِ أوْجُهٍ:
أحدُهَا: إنَّ مَا ادَّعَاهُ مُمْكِنٌ، ومَا ادَّعَيْنَاهُ مُمْكِنٌ، لكنَّ ما ادَّعَيْنَاهُ أَوْلَى، لأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنِ الأصلِ بوجهٍ دُونَ وجهٍ، لأنَّ الممنوعَ الصرفِ باقٍ على الإعرابِ، بِخِلافِ مَا ادَّعَاهُ، فإنَّهُ خروجٌ عَنِ الأصلِ بُكِلِّ وجهٍ.
الثانِي: أنَّهُ لو كانَ مَبْيِنًّا، لكانَ غيرُ الفتحِ أَوْلَى بِهِ، لأنَّهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، فيجبُ اجْتِنَابُ الفتحةِ؛ لئلا يُتَوَهَّمُ الإعرابُ، كما اجْتُنِبَتْ فِي "قَبْلُ" و"بَعْدُ" والمُنَادَى المَبْنِيِّ.
الثالثُ: أنَّهُ لو كانَ مَبْنِيًا لكانَ جائِزَ الإعرابِ جوازَ إعرابِ "حينَ" فِي قولِهِ:
عَلَى حِيْنِ عَاتَبْتُ المَشِيْبِ عَلَى الصِّبَا = فقلتُ ألَمَّا أَصْحُ والشَّيْبُ وَازِعُ
لتِسَاوِيْهِمَا فِي ضَعْفِ سببِ البناءِ بكونِهِ عَارِضًا، وكانَ يكونُ علامةُ إعرابِهِ تنوينَهُ فِي بعضِ المواضعِ، وفِي عدمِ ذَلكَ دليلٌ عَلَى عَدَمِ البناءِ، وأنَّ فَتْحَتَهُ إعرابيةٌ، وأَنَّ عَدَمَ التنوينِ إنَّمَا كانَ مِنْ أَجْلِ مَنْعِ الصرفِ.
فلو نُكِّرَ سَحَرُ وَجَبَ التصرفُ والانصرافُ، كقولِهِ تَعَالَى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} اهـ.
وذَهَبَ السُّهَيْلِيُّ إلى أنَّهُ مُعْرَبٌ، وإنَّمَا حُذِفَ تنوينُهُ لِنِيَّةِ الإضافةِ، وذَهَبَ الشُّلوُبينُ الصغيرُ إلى أنَّهُ مُعْرَبٌ، وإنَّمَا حُذِفَ تنوينُهُ لِنِيَّةِ "ألْ" وعَلَى هذينِ القولينِ فَهْو مِنْ قَبِيْلِ المُنْصَرِفِ، والصحيحُ مَا ذَهَبَ إليهِ الجمهورُ.
تنبيهٌ: نَظِيْرُ سَحَرَ فِي امتناعِهِ مِنَ الصرفِ أَمْسِ عِنْدَ بَنِي تَمِيْمٍ، فإنَّ منهُم مَنْ يُعْرِبُهُ فِي الرَّفْعِ غيرَ مُنْصَرِفٍ، ويَبْنِيْهِ عَلَى الكَسْرِ فِي النَّصْبِ والجَرِّ، ومنهُم مَنْ يُعْرِبُهُ إِعْرَابَ مَا لا ينصرفُ فِي الأحوالِ الثلاثِ، خِلافًا لِمَنْ أنْكَرَ ذلكَ، وغيرُ بَنِي تميمٍ يَبْنُونَهُ عَلَى الكَسْرِ، وحَكَى ابنُ أبِي الربيعِ أنَّ بَنِي تَمِيْمٍ يُعْرِبُونَهُ إعْرَابَ مَا لا ينصرفُ، إذا رُفِعَ أو جُرَّ بـ"مُذْ" أو "مُنْذُ" فقطْ وزَعَمَ الزَّجَّاجِيُّ مِنَ العربِ مَنْ يَبْنِيْهِ عَلَى الفتحِ، واستشهدَ بقولِ الرَّاجِزِ:
988- إِنِّي رَأَيْتُ عَجَبًا مُذْ أَمْسَا = عَجَائِزًا مِثْلَ السَّعَالِي خَمْسًا
يَأْكُلْنَ مَا فِي رَحْلِهِنَّ هَمْسَا = لا تَرَكَ اللهُ لهنَّ ضِرْسَا
قالَ فِي (شَرْحِ التَّسْهِيْلِ): ومُدَّعَاهُ غيرُ صحيحٍ، لامتناعِ الفتحِ فِي موضعِ الرفعِ، ولأنَّ سِيْبَويْهِ استشهدَ بالرَّجَزِ عَلَى أنَّ الفتحَ فِي "أَمْسَا" فتحُ إعرابٍ، وأبو القَاسِمِ لَمْ يأخذِ البيتَ مِنْ غَيرِ كتابِ سِيْبَويْهِ فقدْ غَلِطَ فيمَا ذَهَبَ إليهِ، واسْتَحَقَّ أنْ لا يُعَوَّلَ عليْهِ، ا هـ، ويَدَلُّ للإعرابِ قولُهُ [مِنَ الخَفِيْفِ]:
989- اعْتَصِمْ بالرَّجَاءِ إِنْ عَنَّ بَأْسُ = وتَنَاسَ الذِي تَضَمَّنَ أمْسُ
وأَجَازَ الخليلُ فِي "لقِيْتُهُ أَمْسِ" أنْ يَكونَ التقديرُ بالأمسِ، فحَذَفَ الباءَ و"ألْ"، فتكونُ الكسرةُ كسرةَ إعرابٍ، قاَلَ في (شَرْحِ الكَافِيَةِ): ولا خِلَافَ فِي إعرابِ أمسِ إذَا أُضِيْفَ أو لُفِظَ معَهُ بالألفِ واللام،ِ أو نُكِّرَ، أو صُغِّرَ أو كُسِرَ

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


1- العَلَمِيَّةُ والتركيبُ الْمَزْجِيُّ
662- وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا = تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحْوُ مَعْدِي كَرِبَا
اعْلَمْ أنَّ ما لا يَنصرِفُ نوعانِ:
الأوَّلُ: لا يَنصرِفُ في تعريفٍ ولا تنكيرٍ، وهوَ ما إحْدَى علامَتَيْهِ الوَصفيَّةُ، وهوَ ثلاثةٌ. وما مُنِعَ لعلامةٍ واحدةٍ، وهوَ اثنانِ، وتَقَدَّمَ ذلكَ.
الثاني: لا يَنْصَرِفُ في التعريفِ ويَنصرِفُ في التنكيرِ، وهوَ ما إِحْدَى عَلامَتَيْهِ العَلَمِيَّةُ، معَ التركيبِ أوْ زيادةِ الألِفِ والنونِ.. إلخ.. وقدْ شَرَعَ ابنُ مالِكٍ في بيانِها.
فالأوَّلُ: العَلَمِيَّةُ والتركيبُ الْمَزْجِيُّ. (والمُرَكَّبُ الْمَزْجِيُّ: كُلُّ كلمتَيْنِ امْتَزَجَتَا حتَّى صَارَتا كالكلمةِ الواحدةِ). وشَرْطُهُ هنا: أنْ يَكُونَ غيرَ مختومٍ بـ(وَيْهِ)؛ نحوُ: هذهِ حَضْرَمَوْتُ، رأيتُ حَضْرَمَوْتَ، مرَرْتُ بِحَضْرَمَوْتَ.
والأفصَحُ فيهِ أنْ يُعْرَبَ ثانِي جُزْئَيْهِ إعرابَ ما لا يَنصرِفُ، فيُرْفَعُ بالضمَّةِ، ويُنْصَبُ بالفتحةِ، ويُجَرُّ بالفتحةِ نِيابةً عن الكسرةِ، معَ امتناعِ التنوينِ في الحالاتِ الثلاثِ، ويَبْقَى الجزءُ الأوَّلُ على حالِهِ مِنْ فتْحٍ كـ(حَضْرَمَوْتَ)، أوْ سُكُونٍ نحوِ: هذهِ قَالِي قَلا (اسمُ مدينةٍ)، رأيتُ قَالِي قَلا، قَرَأْتُ عنْ قَالِي قَلا.
وهذا معنى قولِهِ: (والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ.. إلخ)؛ أي: امْنَعْ صَرْفَ العلَمِ حالَ كونِهِ مُرَكَّباً تَركيبَ مَزْجٍ؛ مِثلُ: مَعْدِ يكَرِبَ، والألِفُ فيهِ للإطلاقِ.
واحْتَرَزَ بقولِهِ: (تركيبَ مَزْجٍ) مِن الْمُرَكَّبِ الإضافيِّ والإسناديِّ. فالإضافيُّ يُعْرَبُ صَدْرُهُ بالحركاتِ أو الحروفِ، وعَجُزُهُ يكونُ مَجروراً دائماً، فإنْ وُجِدَ سببٌ يَقتضِي مَنْعَهُ مِن الصرْفِ مُنِعَ؛ نحوُ: أبو قُحَافَةَ والدُ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ. وأمَّا الإسناديُّ، فهوَ مُعْرَبٌ بحركاتٍ مُقَدَّرَةٍ للحكايَةِ كما تَقَدَّمَ ذلكَ في بابِ العلَمِ.

2- العَلَمِيَّةُ وزِيادةُ الألِفِ والنونِ
663- كَذَاكَ حَاوِي زَائِدَيْ فَعْلانَا = كَغَطَفَانَ وَكَأَصْبَهَانَا
الثاني مِنْ أسبابِ مَنْعِ الاسمِ مِن الصرْفِ: العَلَمِيَّةُ وزيادةُ الألِفِ والنونِ؛ نحوُ: جُمِعَت المصاحِفُ في عَهْدِ عُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ}. وقولُهُ تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.
فإنْ كانت الألِفُ والنونُ أَصلِيَّتَيْنِ؛ نحوُ: (خَانٍ) بمعنى: دُكَّانٍ أوْ فُنْدُقٍ، أوْ كانت النونُ أصلِيَّةً؛ مثلُ: أَمَانٍ، لم يُمْنَع الاسمُ مِن الصرْفِ.
وهذا معنى قولِهِ: (كذاكَ حاوِي زائِدَي فَعْلانَا)؛ أيْ: كذلكَ يُمْنَعُ الاسمُ مِن الصرْفِ إذا كانَ عَلَماً حاوِياً (زَائِدَيْ فَعْلانَا)، والمرادُ الْحَرفانِ الزائدانِ في (فَعْلانَ)، وهُما: الألِفُ والنونُ. والألِفُ في (فَعْلانَا) للإطلاقِ، ثمَّ مَثَّلَ بِمِثالَيْنِ: (غَطَفَانَ وأَصْبَهَانَ). وفي التمثيلِ بهما إشارةٌ إلى أنَّهُ لا يَلْزَمُ أنْ يكونَ الاسمُ على وَزْنِ (فَعْلانَ)، وإنَّما المقصودُ احتواؤُهُ على الحرفَيْنِ الزائدَيْنِ؛ نحوُ: عِمْرَانَ، وسُفْيَانَ، وسُلَيْمَانَ. و(غَطَفَانُ): علَمٌ على قَبيلةٍ، و(أَصْبَهَانُ): اسمُ مَدينةٍ في فارِسَ، وفيها لُغاتٌ كثيرةٌ؛ منها فتْحُ الهمزةِ وكَسْرُها، ومنها: إبدالُ بَائِها فاءً. والتمثيلُ بها مَبنيٌّ على أنَّ أصْلَ الكلمةِ عَربيٌّ. أمَّا على الرَّأْيِ الآخَرِ، وهوَ أنَّها أَعجميَّةٌ كما في القاموسِ، وهوَ الصوابُ، فالمانِعُ مِن الصرْفِ العَلَمِيَّةُ والعُجْمَةُ.


3- العَلَمِيَّةُ والتأنيثُ
664- كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءِ مُطْلَقَا = وَشَرْطُ مَنُع العَارِ كَوْنُهُ ارْتَقَى
665- فَوْقَ الثَّلاثِ أوْ كَجُورَ أوْ سَقَرْ = أوْ زَيْدٍ اسْمَ امْرَأةٍ لا اسْمَ ذَكَرْ
666- وَجْهَانِ فِي الْعَادِمِ تَذْكِيراً سَبَقْ = وَعُجْمَةً كهِنْدَ وَالمَنْعُ أَحَقْ
الثالثُ مِنْ أسبابِ مَنْعِ الاسمِ مِن الصرْفِ: العَلَمِيَّةُ والتأنيثُ.
فإنْ كانَ العلَمُ مُؤَنَّثاً بالهاءِ مُنِعَ مِن الصرْفِ مُطْلَقاً؛ أيْ: سَوَاءٌ كانَ عَلَماً لمذكَّرٍ؛ مِثلِ: عُبادةَ وطَلحةَ. أوْ لمؤنَّثٍ؛ مِثلِ: فاطمةَ، مَيمونةَ. زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ كما مُثِّلَ، أمْ لم يَكُنْ زائداً؛ مثلُ: هِبَةَ، عِظَةَ (عَلَمَيْنِ). قالَ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}. فـ (مَكَّةَ) مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ.
وإنْ كانَ مُؤَنَّثاً بالمعنَى - أَيْ: بكونِهِ عَلَماً لِمُؤَنَّثٍ - فإمَّا أنْ يكونَ ثُلاثيًّا أوْ زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ، فإنْ كانَ زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ مُنِعَ مِن الصرْفِ؛ مِثلُ: زَيْنَبَ، مَرْيَمَ، هَاجَرَ. وإن كانَ على ثلاثةِ أحْرُفٍ، فإنْ كانَ مُحَرَّكَ الوسَطِ مُنِعَ مِن الصرْفِ؛ مِثلُ: أَمَلَ، شَرَفَ. قالَ تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}. فـ (سَقَرَ): اسمٌ لجهنَّمَ - أَعَاذَنا اللَّهُ مِنْهَا - مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ. وقالَ تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}. فـ (إِرَمَ): بدَلٌ أوْ عطْفُ بيانٍ مِن الاسمِ المجرورِ قبلَهُ مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ؛ لأنَّهُ علَمٌ على قَبيلةٍ.
وإنْ كانَ ساكِنَ الوسَطِ، فإنْ كانَ أَعجميًّا أوْ مَنقولاً مِنْ أصْلِهِ المذَكَّرِ الذي اشْتَهَرَ بهِ إلى مُؤَنَّثٍ مُنِعَ. فالأوَّلُ مِثلُ: بَلْخَ وحِمْصَ، مِنْ أسماءِ الأمكنةِ. والثاني مثلُ: سَعْدَ (علَمُ امرأةٍ).
فإنْ كانَ علَمُ المؤنَّثِ الثلاثيِّ ساكِنَ الوسَطِ غيرَ أَعجمِيٍّ ولا منقولٍ مِنْ مذكَّرٍ جازَ فيهِ وَجهانِ: المنْعُ والصرْفُ. والمنْعُ مَذهَبُ الجمهورِ؛ لوُجودِ العَلَمِيَّةِ والتأنيثِ؛ مثلُ: نَوْفَ، هِنْدَ، دَعْدَ. تقولُ: جَاءَتْ نَوْفُ أوْ نَوْفٌ، سَلَّمْتُ على نَوْفَ أوْ نَوْفٍ.
وهذا معنى قولِهِ: (كذا مُؤَنَّثُ بِهاءِ مُطْلَقَا.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ الاسمَ المؤنَّثَ يُمْنَعُ مِن الصرْفِ إذا كانَ عَلَماً مُؤَنَّثاً بالهاءِ، (وسُمِّيَتْ هاءً نَظَراً لأنَّهُ يُوقَفُ عليها بالهاءِ، وإلاَّ فهيَ التاءُ الزائدةُ في آخِرِ الاسمِ للدَّلالةِ على التأنيثِ، بخِلافِ تاءِ بنْتٍ وأُخْتٍ، فَلَيْسَتْ للتأنيثِ، وإنَّما هيَ أَصْلٌ مِنْ أصولِ الكلمةِ). وقولُهُ: (مُطْلَقاً) تَقَدَّمَ بيانُهُ. ثمَّ بَيَّنَ حُكْمَ الخالِي مِنْ هذهِ الهاءِ، فقالَ: (وشَرْطُ مَنْعِ العارِ)؛ أي: الخالِي مِن الهاءِ، (كونُهُ ارْتَقَى.. إلخ)؛ أيْ: شَرْطُ مَنْعِهِ أنْ يَزيدَ على ثلاثةِ أحْرُفٍ أوْ يكونَ ثُلاثيًّا أَعْجَمِيًّا؛ نحوَ: جُورَ، أوْ مُحَرَّكَ الوسَطِ؛ نحوَ: سَقَرَ، أوْ يكونَ علَماً مَنقولاً كما تَقَدَّمَ. ثمَّ بَيَّنَ أنَّ ساكِنَ الوسَطِ غيرَ الأَعْجَمِيِّ يَجوزُ فيهِ وَجهانِ، فقالَ: (وَجْهَانِ)؛ أي: الصرْفُ وعَدَمُهُ، (في العادمِ تذكيراً سَبَقْ)؛ أيْ: في العَلَمِ الذي عَدِمَ وفَقَدَ التذكيرَ الذي سَبَقَ وَصْفُهُ. و(عُجْمَةً): معطوفٌ على (تَذكيراً)؛ أيْ: وفَقَدَ العُجْمَةَ. ثمَّ ذكرَ المثالَ، وهوَ: هِنْدُ، وقالَ: (والمنْعُ أَحَقْ)؛ أيْ: مَنْعُهُ مِن الصرْفِ أوْلَى؛ لأنَّهُ علَمٌ مُؤَنَّثٌ.


4- العلَمِيَّةُ والعُجْمَةُ
667- وَالْعَجَمِيُّ الْوَضْعِ وَالتَّعْرِيفِ مَعْ = زَيْدٍ عَلَى الثَّلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
الرابعُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ: العَلَمِيَّةُ والعُجْمَةُ. والمرادُ بالعُجمةِ أنْ يكونَ اللفْظُ غيرَ عَرَبِيٍّ، ويُشترَطُ لذلكَ شَرطانِ:
الأوَّلُ: أنْ تكونَ الكلمةُ عَلَماً في لُغةِ العَجَمِ؛ كـ(إبراهيمَ) و(إسماعيلَ). قالَ تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}. فـ(إسحاقَ): اسمٌ مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والعُجمةِ. وقالَ تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ}.
فإنْ كانَ عندَهم غَيْرَ علَمٍ؛ نحوُ: دَيْبَاجٍ، ثمَّ جَعَلْنَاهُ علَماً وجَبَ صَرْفُهُ.
الشرْطُ الثاني: أنْ يكونَ زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ كما مُثِّلَ، فإنْ كانَ ثُلاثيًّا لم يُمْنَعْ مِن الصرْفِ، سواءٌ كانَ مُحَرَّكَ الوسَطِ كـ(شَتَرَ) اسمِ قَلعةٍ، أوْ ساكنَهُ كـ(نُوحٍ) و(لُوطٍ). قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}. وقالَ تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}. فـ(الواوُ) عاطفةٌ، وَ(إِسْمَاعِيلَ): مَعطوفٌ على اسمٍ منصوبٍ قبلَهُ، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصْبِهِ الفتحةُ.
وهذا معنى قولِهِ: (والعَجَمِيُّ الوضْعِ والتعريفِ، إلخ)؛ أيْ: أنَّ الاسمَ العَجميَّ في وَضْعِهِ وتَعريفِهِ، (معَ زَيْدٍ على الثلاثِ)؛ أيْ: معَ زِيادةٍ على ثلاثةِ أحْرُفٍ. وقولُهُ: (زَيْدٍ) مَصدرُ: زادَ يُقالُ: زادَ يَزِيدُ زَيْداً. (صَرْفُهُ امْتَنَعْ): مُبتدأٌ وخبرٌ، والجملةُ خبرُ المبتدأِ الأوَّلِ (والعَجَمِيُّ).

5- العَلَمِيَّةُ ووَزْنُ الفعْلِ
668- كَذَاكَ ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الْفِعْلا = أوْ غَالِبٍ كَأحْمَدٍ وَيَعَلَى
الخامسُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ معَ التعريفِ: العَلَمِيَّةُ ووَزْنُ الفعْلِ. والمرادُ بوَزْنِ الفعْلِ أنْ يكونَ الاسمُ على وَزْنٍ مُخْتَصٍّ بالفعْلِ أوْ غالِبٍ فيهِ.
فالأوَّلُ كصِيغةِ: فَعَّلَ وفُعِلَ، فهما مُخْتَصَّانِ بالفعْلِ لا يُوجدانِ في غيرِهِ إلاَّ نُدُوراً. فما جاءَ مِن الأسماءِ على هذا الوزْنِ مُنِعَ مِن الصرْفِ؛ مِثلُ: شَمَّرَ (عَلَمِ فَرَسٍ)، ودُئِلَ (علَمِ قَبيلةٍ)، و(خَضَّمَ) اسمِ مَوْضِعٍ.
والثاني: أنْ يكونَ الوزْنُ يُوجَدُ في الفعْلِ كثيراً، أوْ يكونَ فيهِ زيادةٌ تَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ ولا تَدُلُّ على معنًى في الاسمِ. فمِثالُ الأوَّلِ: صيغةُ (إِفْعِلَ)؛ نحوُ: إِثْمِدَ، وهوَ الكُحْلُ، وصِيغةُ (أُفْعُلَ)؛ نحوُ: أُبْلُمَ، نوعٌ مِن البَقْلِ، وكصيغةِ (إِفْعَلَ)؛ نحوُ: (إِصْبَعَ). فإذا سُمِّيَ بعَلَمٍ منقولٍ مِنْ هذهِ الصِّيَغِ وَجَبَ منْعُهُ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفعْلِ؛ لأنَّ هذهِ الصِّيَغَ تَكْثُرُ في فعْلِ الأمْرِ المأخوذِ مِنْ فعْلٍ ثُلاثيٍّ.
وأمَّا الثَّانِي، وهوَ ما فيهِ زيادةٌ تَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ، ولا تَدُلُّ على معنًى في الاسمِ، فمِثلُ: أَحْمَدَ، ويَزِيدَ؛ فإنَّ كُلاًّ مِن الهمزةِ والياءِ يَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ، وهوَ التكَلُّمُ؛ نحوُ: أَفْهَمُ، والغَيْبَةُ نحو: يَبِيعُ، ولا يَدُلُّ على معنًى في الاسمِ، فيكونُ هذا الوزْنُ أَلْيَقَ بالفعْلِ.
فما جاءَ مِن الأسماءِ على هذا الوزْنِ كانَ أقْرَبَ إلى الفعْلِ، فيُمْنَعُ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووزْنِ الفعْلِ. قالَ تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}. فـ (أَحْمَدُ): خبرُ المبتدأِ ممنوعٌ مِن الصرْفِ؛ للعَلَمِيَّةِ ووزْنِ الفعلِ. وقالَ تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}. فقدْ قرأَ الجمهورُ: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ) بغيرِ تنوينٍ، فإنْ كَانَا عَرَبِيَّيْنِ فمَنْعُ الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووزْنِ الفعْلِ، وإنْ كانا أَعْجَمِيَّيْنِ فللْعُجْمَةِ والعَلَمِيَّةِ.
فإنْ كانَ العلَمُ على وزْنٍ غيرِ مُخْتَصٍّ بالفعْلِ ولا غالِبٍ فيهِ، بلْ هوَ مشترَكٌ بينَ الأسماءِ والأفعالِ على السواءِ، لم يُمْنَعْ مِن الصرْفِ، فتقولُ فيمَن اسْمُهُ ضَرَبٌ: هذا ضَرَبٌ، ورَأَيْتُ ضَرَباً، ومَررتُ بِضَرَبٍ؛ لأنَّ هذا الوزنَ يُوجَدُ في الاسمِ كـ(شَجَرٍ)، وفي الفعْلِ كـ(كَتَبَ).
وفي هذا يقولُ ابنُ مالكٍ: (كذاكَ ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الْفِعْلا.. إلخ)؛ أيْ: كذلكَ يُمْنَعُ الاسمُ مِن الصرْفِ إنْ كانَ عَلَماً على وزْنٍ يَخْتَصُّ بالفعْلِ، أوْ يَغْلِبُ في الفعْلِ. فالْمُخْتَصُّ كـ(يَعْلَى) عَلَماً، والغالِبُ كـ(أَحْمَدَ)، وهوَ عَلَمٌ منقولٌ مِن الفعْلِ المضارِعِ للمُتَكَلِّمِ، أوْ مِنْ أَفْعَلِ التفضيلِ.

6- العَلَمِيَّةُ وألِفُ الإلحاقِ المقصورةُ
669- وَمَا يَصِيرُ عَلَماً مِنْ ذِي أَلِفْ = زِيدَتْ لإِلْحَاقٍ فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ
السادسُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ: العَلَمِيَّةُ وألِفُ الإلحاقِ المقصورةُ. والإلحاقُ: زيادةُ حرْفٍ على أصولِ الكلمةِ لا لغَرَضٍ مَعنوِيٍّ، بلْ لِتُوزَنَ بها كلمةٌ أخرى، لِتَخْضَعَ لبعضِ الأحكامِ اللُّغَوِيَّةِ التي يَخضعُ لها ذلكَ الاسمُ الآخَرُ.
ومِنْ هذهِ الأحكامِ: الصَّرْفُ وعَدَمُهُ، ومِنْ أَمْثِلَتِها: (عَلْقَى) علَمٌ لنَبْتٍ، و(أَرْطَى) علَمٌ لشَجَرٍ، وهما مُلحَقَانِ بجَعْفَرٍ، فيُمنعانِ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وألِفِ الإلحاقِ المقصورةِ، فتَقولُ فيهما علَمَيْنِ: هذا عَلْقَى، ورَأَيْتُ عَلْقَى، ومَرَرْتُ بِعَلْقَى. فإنْ لم يُجْعَلْ علَماً صُرِفَ.
وهم يُعَلِّلُونَ الْمَنْعَ بأنَّ ألِفَ الإلحاقِ تَجْعَلُ الاسمَ على وزْنِ (فَعْلَى)، فَتُشْبِهُ ألِفُ الإلحاقِ في زِيادتِها ألِفَ التأنيثِ المقصورةَ، والتي هيَ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ مِن الصرْفِ، ولم تَسْتَقِلَّ ألِفُ الإلحاقِ بالمنْعِ كألِفِ التأنيثِ؛ لأنَّ المُلْحَقَ بغيرِهِ أَحَطُّ رُتبةً منهُ. والْحَقُّ أنَّ العِلَّةَ في ذلكَ السَّمَاعُ عن العرَبِ، ولا يَبْعُدُ أنْ تكونَ هذهِ الأسماءُ جُزءاً ممَّا لَحِقَتْهُ ألِفُ التأنيثِ المقصورةُ.
يقولُ ابنُ مالِكٍ: (مَا يَصِيرُ عَلَماً مِنْ ذِي أَلِفْ.. إلخ)؛ أيْ: لا يَنْصَرِفُ الاسمُ إذا صارَ عَلَماً فيهِ ألِفٌ زائدةٌ مَقصورةٌ للإلحاقِ.

العَلَمِيَّةُ والعَدْلُ
670- وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا = كَفُعَلِ التَّوْكِيدِ أوْ كَثُعَلا
671 - وَالْعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ مَانِعاً سَحَرْ = إذَا بِهِ التَّعْيِينُ قَصْداً يُعْتَبَرْ
السابعُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ: العَلَمِيَّةُ والعَدْلُ. وذلكَ في أربعةِ مَواضِعَ:
الأوَّلُ: ما كانَ على وَزْنِ (فُعَلَ) مِنْ ألفاظِ التوكيدِ المعنويِّ، وهيَ أربعةُ ألفاظٍ: (جُمَعُ، وكُتَعُ، وبُصَعُ، وبُتَعُ)؛ نحوُ: احتَفَيْتُ بالأخواتِ كُلِّهِنَّ جُمَعَ. فـ(جُمَعَ): توكيدٌ لكلمةِ (الأخواتِ) مجرورٌ بالفتحةِ نِيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّهُ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ (فُعَلَ).
الثاني: ما كانَ على وزْنِ (فُعَلَ) أيضاً علَماً لمذكَّرٍ؛ إذْ سُمِعَ مَمْنُوعَ الصرْفِ؛ مِثلُ: عُمرَ، مُضَرَ، هُذَلَ؛ نحوُ: فُتِحَتْ مِصْرُ في عهْدِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ. فـ(عُمَرَ): مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّهِ الفتحةُ؛ لأنَّهُ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ (فُعَلَ).
الثالثُ: لفْظُ (سَحَرَ)، وهوَ بفَتْحَتَيْنِ، قُبيلَ الصُّبْحِ، فيُمْنَعُ مِن الصرْفِ بثلاثةِ شُروطٍ:
1- أنْ يكونَ ظَرْفَ زمانٍ.
2- أنْ يُرادَ بهِ سَحَرُ يومٍ مُعَيَّنٍ.
3- أنْ يَتَجَرَّدَ مِنْ (أَلْ) والإضافةِ.
مثالُ ذلكَ: قَدِمْتُ يومَ الْجُمُعَةِ سَحَرَ. فـ(سَحَرَ): ظرْفُ زمانٍ منصوبٌ على الظرفيَّةِ ممنوعٌ مِن التنوينِ للعَلَمِيَّةِ والعدْلِ سَمَاعاً في هذهِ الكلمةِ المنصوبةِ.
فإنْ لم يَكُنْ ظَرْفَ زمانٍ بأنْ كانَ اسْماً دالاًّ على الوقتِ بلا ظَرفيَّةِ شيءٍ وقَعَ فيهِ وَجَبَ تعريفُهُ بـ(أَلْ) أو الإضافةِ إذا قُصِدَ التعيينُ؛ نحوُ: السَّحَرُ مِن الأوقاتِ الفاضلةِ، فلا تُرَخِّصْهُ بالغفلةِ وتَقْضِي سَحَرَكَ نائماً.
وإنْ كانَ ظَرْفاً لكنَّهُ لا يَدُلُّ على سَحَرِ يومٍ مُعَيَّنٍ وَجَبَ صَرْفُهُ؛ كقولِهِ تعالى: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ}. فـ(سَحَرٍ): اسمٌ مجرورٌ بالكسرةِ معَ التنوينِ، وإنَّما صُرِفَ لأنَّهُ نَكِرَةٌ لا يَدُلُّ على سَحَرٍ مُعَيَّنٍ.
وإنْ كانَ ظَرْفاً مُعَيَّناً لكنَّهُ غيرُ مُجَرَّدٍ مِنْ (أَلْ) أو الإضافةِ وَجَبَ صَرْفُهُ كذلكَ؛ نحوُ: سَأُذَاكِرُ التفسيرَ يومَ السبتِ مِن السَّحَرِ إلى العصْرِ، والفقهَ يومَ الأحَدِ في سَحَرِهِ.
وفي هذهِ المواضِعِ الثلاثةِ يقولُ ابنُ مالِكٍ: (والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا.. إلخ)؛ أي: امْنَعْ صَرْفَ العلَمِ إذا كانَ مَعدولاً عنْ كلمةٍ أُخرى. ثمَّ ذَكَرَ الأوَّلَ، وهوَ (فُعَلُ) في التوكيدِ، والثاني: ثُعَلُ (علَمُ رَجُلٍ)، والألِفُ زائدةٌ للشِّعْرِ. ثمَّ ذَكَرَ أنَّ العَدْلَ والتعريفَ يَمنعانِ معاً كلمةَ (سَحَرَ) مِن الصرْفِ إذا قُصِدَ بهِ سَحَرُ يومٍ بعَيْنِهِ، وهذا الْمَوْضِعُ الثالثُ. وتَرَكَ بَقيَّةَ الشروطِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
4, العلم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir