دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 08:50 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي النية

ومنها: النِّيَّةُ فيَجِبُ أن يَنْوِيَ عَيْنَ صلاةٍ مُعَيَّنَةٍ، ولا يُشتَرَطُ في الفَرْضِ والأداءِ والقضاءِ والنفْلِ والإعادةِ نِيَّتُهُنَّ، ويَنْوِي مع التحريمةِ، وله تَقديمُها عليها بزَمَنٍ يَسيرٍ في الوَقتِ، فإن قَطَعَها في أثناءِ الصلاةِ أو تَرَدَّدَ بَطَلَتْ، وإذا شَكَّ فيها اسْتَأْنَفَها، وإن قَلَبَ مُنْفَرِدٌ فَرْضَه نَفْلًا في وقتِه الْمُتَّسِعِ جازَ، وإن انْتَقَلَ بنِيَّةٍ من فَرْضٍ إلى فَرْضٍ بَطَلَا.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

....................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ومِنْهَا)؛ أي: مِن شُرُوطِ الصَّلاةِ: (النِّيَّةُ), وبها تَمَّتِ الشُّرُوطُ.
وهي لُغَةً: القَصْدُ؛ وهو عَزْمُ القَلْبِ علَى الشَّيْءِ.
وشَرْعاً: العَزْمُ علَى فِعْلِ العِبَادَةِ تَقَرُّباً إلى اللَّهِ تعَالَى، ومَحِلُّها القَلْبُ، والتَّلَفُّظُ بها لَيْسَ بشَرْطٍ؛ إذ الغَرَضُ جَعْلُ العِبَادَةِ للَّهِ تَعَالَى، وإن سَبَقَ لِسَانُه إلى غَيْرِ ما نوَاهُ لم يَضُرَّ.
(فيَجِبُ أن يَنْوِيَ عَيْنَ صَلاةٍ مُعَيَّنَةٍ), فَرْضاً كانت؛ كالظُّهْرِ والعَصْرِ، أو نَفْلاً؛ كالوِتْرِ والسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ؛ لحديثِ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)).
(ولا يُشْتَرَطُ في الفَرْضِ) أن يَنْوِيَه فَرْضاً, فتَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ ونَحْوِه، (و) لا في (الأداءِ, و) لا في (القضاءِ) نِيَّتُه؛ لأنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عن ذلكَ، ويَصِحُّ قضاءٌ بنِيَّةِ أداءٍ عَكْسَهُ, إذا بانَ خِلافَ ظَنِّهِ.
(و) لا يُشْتَرَطُ في (النَّفْلِ والإعادَةِ)؛ أي: الصَّلاةِ المُعَادَةِ, (نِيَّتُهُنَّ), فلا يُعْتَبَرُ أن يَنْوِيَ الصَّبِيُّ الظُّهْرَ نَفْلاً, ولا أن يَنْوِيَ الظُّهْرَ مَن أَعَادَها مُعَادَةً، كما لا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الفَرْضِ الأُولَى، ولا تُعْتَبَرُ إِضَافَةُ الفِعْلِ إلى اللَّهِ تعَالَى فِيها ولا في باقِي العِبَادَاتِ، ولا عَدَدُ الرَّكَعَاتِ، ومَن عليهِ ظُهْرٌ إن عَيَّنَ السَّابِقَةَ لأجلِ التَّرْتِيبِ، ولا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا قَصْدُ تَعْلِيمِها ونَحْوُه.
(ويَنْوِي معَ التَّحْرِيمَةِ)؛ لتَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً للعِبَادَةِ، (وله تَقْدِيمُها)- أي: النِّيَّةِ- (عليها)؛ أي: على تَكْبِيرَةِ الإحرامِ (بزَمَنٍ يَسِيرٍ) عُرْفاً إن وُجِدَتِ النِّيَّةُ (في الوَقْتِ)؛ أي: وَقْتِ المُؤَدَّاةِ والرَّاتِبَةِ, ما لم يَفْسَخْهَا، (فإن قَطَعَها في أَثْنَاءِ الصَّلاةِ أو تَرَدَّدَ) في فَسْخِهَا, (بَطَلَت)؛ لأنَّ استِدَامَةَ النِّيَّةِ شَرْطٌ، ومعَ الفَسْخِ أو التَّرَدُّدِ لا يَبْقَى مُسْتَدِيماً، وكذا لو عَلَّقَهُ على شَرْطٍ، لا إِنْ عَزَمَ على فِعْلٍ مَحْظُورٍ قَبْلَ فِعْلِه، (وإذا شَكَّ فيها)؛ أي: في النِّيَّةِ أو التَّحْرِيمَةِ, (استَأْنَفَهَا), وإن ذَكَرَ قَبْلَ قَطْعِهَا، فإن لم يَكُنْ أتَى بشَيْءٍ مِن أعمالِ الصَّلاةِ بَنَى، وإن عَمِلَ معَ الشَّكِّ عمَلاً استَأْنَفَ، وبَعْدَ الفَرَاغِ لا أَثَرَ للشَّكِّ، (وإِنْ قَلَبَ مُنْفَرِدٌ) أو مَأْمُومٌ (فَرْضَهُ نَفْلاً في وَقْتِه المُتَّسِعِ, جَازَ)؛ لأنَّه إِكْمَالٌ في المَعْنَى؛ كنَقْضِ المَسْجِدِ للإصلاحِ، لكنْ يُكْرَهُ لغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ؛ مِثْلَ أن يُحْرِمَ مُنْفَرِداً فيُرِيدُ الصَّلاةَ في جَمَاعَةٍ.
ونَصَّ أَحْمَدُ فيمَن صَلَّى رَكْعَةً مِن فَرِيضَةٍ مُنْفَرِداً ثُمَّ حضَرَ الإِمَامُ وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ: يَقْطَعُ صَلاتَهُ ويَدْخُلُ مَعَهُم. فيَخْرُجُ مِنْهُ قَطْعُ النَّافِلَةِ بحُضُورِ الجَمَاعَةِ بطَرِيقِ الأَوْلَى.
(وإن انتَقَلَ بنِيَّةٍ) مِن غَيْرِ تَحْرِيمَةٍ (مِن فَرْضٍ إلى فَرْضٍ) آخَرَ, (بَطَلاَ)؛ لأنَّه قَطَعَ نِيَّةَ الأوَّلِ ولم يَنْوِ الثَّانِيَ مِن أَوَّلِه، وإنْ نوَى الثَّانِيَ مِن أَوَّلِه بتَكْبِيرَةِ إِحْرَامٍ, صَحَّ، ويَنْقَلِبُ نَفْلاً ما بانَ عَدَمُ كِفَايَتِه فلم تَكُنْ، وفَرْضٌ لم يَدْخُلْ وَقْتُه.
_______________________
([1]) البارية: الحصير المنسوج من القصب.
([2]) والتَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، وهو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد
موتي، وهو مُدَبَّر
([3]) هكذا بالأصل
([4]) زيق القميص : ما أحاط بالعنق.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 04:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ومنها) أي من شروط الصلاة (النية)([1]) وبها تمت الشروط([2]) وهي لغة القصد([3]) وهو عزم القلب على الشيء([4]) وشرعا: العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى([5]).
ومحلها القلب([6]) والتلفظ بها ليس بشرط([7]) إذ الغرض جعل العبادة لله تعالى([8]).وإن سبق لسانه إلى غير ما نواه لم يضر([9]) (فيجب أن ينوي عين صلاة معينة)([10]) فرضا كانت كالظهر والعصر([11]) أو نفلا كالوتر([12]) والسنة الراتبة([13]) لحديث إنما الأعمال بالنيات([14]).(ولا يشترط في الفرض) أن ينويه فرضا، فتكفي نية الظهر ونحوه([15]) (و) لا في (الأداء و) لا في (القضاء) نيتهما([16]) لأن التعيين يغني عن ذلك([17]) ويصح قضاء بنية أداء وعكسه إذا بان خلاف ظنه([18]).(و) لا يشترط في (النفل والإعادة) أي الصلاة المعادة (نيتهن) فلا يعتبر أن ينوي الصبي الظهر نفلا([19]) ولا أن ينوي الظهر من أعادها معادة، كما لا تعتبر نية الفرض وأولى([20]) ولا تعتبر إضافة الفعل إلى الله تعالى فيها([21]) ولا في باقي العبادات([22]) ولا عدد الركعات([23]) ومن عليها ظهران عين السابقة، لأجل الترتيب([24]) ولا يمنع صحتها قصد تعليمها ونحوه([25]).(وينوي مع التحريمة) لتكون النية مقارنة للعبادة([26]) (وله تقديمها) أي النية (عليها) أي على تكبيرة الإحرام (بزمن يسير) عرفا([27]) إن وجدت النية (في الوقت) أي وقت المؤداة والراتبة([28]) ما لم يفسخها([29]).(فإن قطعها في أثناء الصلاة([30]) أو تردد) في فسخها (بطلت)([31]) لأن استدامة النية شرط([32]) ومع الفسخ أو التردد لا يبقى مستديما([33]) وكذا لو علقه على شرط([34]) لا إن عزم على فعل محظور قبل فعله([35]) (وإذا شك فيها) أي في النية أو التحريمة (استأنفها)([36]).
وإن ذكر قبل قطعها([37]) فإن لم يكن أتى بشيء من أعمال الصلاة بنى([38]) وإن عمل مع الشك عملا استأنف([39]) وبعد الفراغ لا أثر للشك([40]) (وإن قلب منفرد) أو مأموم (فرضه نفلا في وقته المتسع جاز)([41]).
لأنه إكمال في المعنى كنقص المسجد للإصلاح([42]) لكن يكره لغير غرض صحيح([43]) مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة([44]) ونص أحمد فيمن صلى ركعة من فريضة منفردا ثم حضر الإمام وأقيمت الصلاة، يقطع صلاته ويدخل معهم([45]) فيتخرج منه قطع النافلة بحضور الجماعة بطريق الأولى([46]).(وإن انتقل بنية) من غير تحريمة (من فرض إلى فرض) آخر (بطلا)([47]) لأنه قطع نية الأول ولم ينو الثاني من أوله([48]) وإن نوى الثاني من أوله بتكبيرة إحرام صح([49]) وينقلب نفلا ما بان عدمه([50]) كفائتة فلم تكن([51]) وفرض لم يدخل وقته([52])



([1]) إجماعا حكاه جماعات من أهل العلم، ولا تسقط بحال، فهي شرط مع العلم والجهل والذكر والنسيان، لأن محلها القلب فلا يتأتى العجز عنها، قال عبد القادر: النية قبل الصلاة شرط، وفيها ركن، وفي الإنصاف رواية أنها فرض.

([2]) أي التسعة للصلاة.

([3]) يقال: نواك الله بخير أي قصدك به.

([4]) من عبادة وغيرها، وعزم على الشيء عقد ضميره على فعله، وضمير الإنسان قلبه وباطنه.

([5]) بأن لا يشرك في العبادة غير الله تعالى فلو ألجئ إليها بيمين أو غيره أو تصنع لمخلوق ففعل ولم ينو قربه لم تصح لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}والإخلاص عمل القلب، وهو أن يقصد بعمله الله وحده وهو محض النية الصالحة، وذكر الموفق وغيره أن المكره إذا كان إقدامه على العبادة للخلاص من الإكراه لم تكن طاعة، ولا مجيبا لداعي الشرع.

([6]) إجماعا فلا يحتاج إلى التلفظ بها، وزمنها هو أول العبادة ولو حكما كما لو نوى الصلاة في بيته ثم حضر المسجد وافتتح الصلاة بتلك النية من غير فاصل يمنع المراد، ويجب استصحاب حكمها في جميعها.

([7]) أي فيستحب والمنصوص عن أحمد وغيره، خلافه، بل ذكر شيخ الإسلام أن التلفظ بها بدعة، لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولم ينقل عنه مسلم ولا عن أصحابه أنه تلفظ قبل التكبير بلفظ النية، لا سرا ولا جهرا، ولا أمر بذلك فلما لم ينقله أحد علم قطعا أنه لم يكن، وقال: اتفق الأئمة أنه لا يشرع الجهر بها ولا تكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه وكذا بقية العبادات والجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه، لا سيما إذا آذى به أو كرره، والجهر بها منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام، وفاعله مسيء وإن اعتقده دينا خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه، وبعض المتأخرين خرج وجها من مذهب الشافعي، وغلطه جماهير أصحاب الشافعي، قال الشافعي: إن الصلاة لا بد من النطق في أولها، فظن الغالط أنه أراد النطق بالنية، وإنما أراد التكبير، وقال ابن القيم: لم يكن صلى الله عليه وسلم هو ولا أصحابه يقولون: نويت إلى آخره: ولم يرد عنهم حرف واحد في ذلك، وفي الإقناع والتلفظ بها بدعة.

([8]) وحده دون من سواه، والرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض صلاة وصوم كما ذكره ابن رجب وغيره، وقد يصدر في نحو صدقة وحج، وهذا لا يشك مسلم أنه حابط، وإن شارك العمل الرياء فإن كان من أصله فالنصوص طافحة ببطلانه، وإن كان العمل لله ثم طرأ عليه خاطر الرياء ودفعه لم يضره بلا خلاف،وإن استرسل معه فخلاف رجح أحمد وغيره أنه لا يبطل بذلك وذكره غيره: لا إثم بمشوب برياء إذا غلب مقصد الطاعة، وعكسه يأثم، وإن تساوى الباعثان فلا له ولا عليه، وقال الشيخ: المراءاة في العبادات المختصة من أعظم الذنوب فأما المرائي بالفرائض فكل يعلم قبحه، وأما بالنوافل فلا يظن الظان أنه يكتفي فيه بحبوط عمله، لا له ولا عليه، بل هو مستحق للذم والعقاب، ولا يترك عبادة خوف رياء.

([9]) أي من أراد أن يصلي الظهر مثلا فسبق لسانه بنية العصر لم يضر، لأن محل النية القلب، ولو نوى بلسانه ولم ينو بقلبه لم تنعقد بالإجماع.

([10]) إن كانت وإلا أجزأته نية صلاة مطلقة إجماعا، كصلاة الليل، لعدم التعيين فيها.

([11]) والمغرب والعشاء والصبح، وكذا منذورة وفاقا لمالك والشافعي والجماهير.

([12]) والتراويح والكسوف والاستسقاء فلا تصح واحدة منها إلا بنية صلاة بعينها.

([13]) والضحى والاستخارة وتحية المسجد ونحو ذلك، فلا بد من التعيين، لتتميز تلك الصلاة عن غيرها، كما لو كان عليه صلوات وصلى أربع ركعات لم ينوبها مما عليه لم تجز إجماعا، ومن لم يميز فرائض صلاته من سننها تصح بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض، ولو غفل عن التفصيل، فنية الجملة في الابتداء كافية، قال النووي وغيره: وهو الذي يقتضيه ظاهر أحوال الصحابة فمن بعدهم.

([14]) أي إنما المنوي بحسب ما نواه العامل، وتقدم.

([15]) كالعصر والمغرب والعشاء والفجر والمنذورة وعليه أكثر الأصحاب، وصححه في التصحيح والإنصاف وغيرهما واختاره ابن عبدوس وغيره، وجزم به في الوجيز وغيره.

([16]) أي لا تشترط نية الأداء والقضاء قضاء، لأنه لا يختلف المذهب أنه لو صلاها ينويها أداء فبان وقتها قد خرج صحت قضاء، وبالعكس والأداء عندهم فعله في وقته، والقضاء فعله بعد خروج وقته المعين له شرعا.

([17]) أي لأن تخصيص المصلي بقلبه تلك الصلاة كاف، فلا يحتاج أن ينويها فرضا أو أداء أو قضاء، ولأن أصل وضعها الشرعي كاف، وفي نيته الأولى ما يكفي.

([18]) كما لو أحرم بصبح أداء ظانا أن الشمس لم تطلع فبان طلوعها صحت قضاء، وعكسه أداء بنية قضاء، بأن نوى عصرا قضاء يظن غروب الشمس فتبين أنها لم تغرب صحت أداء قال الشيخ: وقد اتفق العلماء فيما أعلم على أنه لو اعتقد بقاء وقت الصلاة فنواها أداء ثم تبين أنه صلى الله عليه وسلم بعد خروج الوقت صحت صلاته، ولو اعتقد خروجه، فنواها قضاء ثم تبين له بقاء الوقت أجزأته صلاته اهـ فإن علم بقاء الوقت أو خروجه ونوى خلافه، لم يصح بلا خلاف، لأنه متلاعب، والقضاء في الأصل هو الأداء، لقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} أي أديتموها، وإكمال الشيء وإتمامه لقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}أي أكملهن وأتمهن، وإنما استعمل الفقهاء (القضاء) في العبادة التي تفعل خارج وقتها المحدود لها شرعا، و(الأداء) إذا فعلت في الوقت المحدود اصطلاحا منهم، للتمييز بين الوقتين.

([19]) ولا غير الصبي الوتر والرواتب والتراويح نفلا، كما لا تعتبر نية الفرض بل يكفيه نية وتر، وراتبة وتراويح ومطلق نفل.

([20]) الإعادة فعل الشيء مرة بعد أخرى، أي كما لا تشترط نية الفرض، فالنفل والمعادة أولى في عدم الاشتراط، لكن لو ظن أن عليه ظهرا فائتة فقضاها في وقت ظهر حاضرة، ثم بان أن لا قضاء عليه لم تجزئه عن الحاضرة، لأنه لم ينوها، ولو نوى ظهر اليوم في وقتها وعليه فائتة لم تجزئ عنها.

([21]) بأن ينوي الصلاة لله تعالى، لأن العبادة لا تكون إلا لله، وجزم في الفائق باشتراط إضافة الفعل إلى الله تعالى.

([22]) كالصوم والحج وغيرهما.

([23]) أي ولا يشترط أن ينوي تعيين عدد الركعات، ولا أن ينوي الاستقبال.

([24]) بين الفوائت بخلاف المنذورتين.

([25]) كقصد خلاص من خصم، أو إدمان سهر بعد إتيانه بالنية المعتبرة، لفعله صلى الله عليه وسلم على المنبر وغيره في صلاته، وذكره ابن الجوزي فيما ينقص الأجر، وفي الفروع، لأنه ينقص ثوابه اهـ وأما ما قصد به العبادة والتعليم فينجبر بالتعليم.

([26]) خروجا من الخلاف فعند بعض الشافعية قرنها بالتكبير، وصفة قرونها به أن يأتي بالتكبيرة عقب النية، وهذا ممكن لا صعوبة فيه، وعامة الناس إنما يصلون هكذا، لأن المقارنة انبساط أجزاء النية على أجزاء التكبير، فإنه يعسر، ويشغل عن استحضار المنوي، وينبغي له أن يكون قلبه مشغولا بتدبر التكبير، واستحضار عظمة من يقف بين يديه ليخشع له تبارك وتعالى، وذهب الأئمة الثلاثة وغيرهم إلى الاكتفاء بوجودها قبل التكبير، واختار جمع منهم النووي والغزالي الاكتفاء بالاستحضار العرفي، بحيث لا يعد غافلا عن الصلاة، اقتداء بالأولين في تساهلهم.

([27]) كبقية الشروط،وظاهره ولو أتى بشيء من المبطلات للصلاة غير ما ذكره، كالكلام واستدبار القبلة، والعرف هو ما لا تفوت به الموالاة في الوضوء، وقيل: يجوز بزمن كثير ما لم يفسخ النية، اختاره الآمدي والشيخ وغيرهما، ونقل أبو طالب وغيره: إذا خرج من بيته يريد الصلاة فهو نية، أتراه كبر وهو لا ينوي الصلاة؟ واحتج به الشيخ وغيره، على أن النية تتبع العلم، فمن علم ما يريد فعله قصده ضرورة.

([28])اشترطه الخرقي وغيره، وأطلقه أكثر الأصحاب، وظاهره لو تقدمت ولو بزمن يسير لم يعتد بها، للخلاف في كونها ركنا وهو لا يتقدم، وتقدم تمام الكلام في ذلك.

([29]) أي النية مع بقاء إسلامه كالصوم، وأن لا يشتغل بعمل كثير، وذلك مثل عمل من نسي سجود السهو على ما يأتي، أو أعرض عنها بما يلهيه، أو تعمد حدثا، لأن تقدم النية على الفعل لا يخرجه عن كونه منويا.

([30]) بطلت لأن النية شرط في جميعها، صححه في التصحيح وغيره، أشبه ما لو سلم أو عزم على قطعها فبطلت لأن النية عزم جازم، ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية.

([31]) لأنه لم يبق جازما بالنية، صححه في التصحيح وغيره، واختاره القاضي وغيره وقال ابن حامد وغيره، لا تبطل لأنه دخل بنية متيقنة فلا تزول بالشك كسائر العبادات، وصححه في الرعاية ويأتي قول الشيخ رحمه الله، وتردد في الأمر اشتبه فيه فلم يثبت.

([32]) فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.

([33]) لذهاب الشرط.

([34]) كأن ينوي إن طرق عليه الباب قطعها بطلت، لمنافاة ذلك جزمه بها.

([35]) بأن عزم على كلام ولم يتكلم أو فعل حدث ونحوه ولم يفعله لم تبطل وفاقا، لعدم منافاته، الجزم المتقدم لأنه قد يفعل المحظور وقد لا يفعله، ولا مناقض في الحال للنية المتقدمة، فتستمر إلى أن يوجد مناقض، وذكر الحافظ وغيره أن في حديث ذي اليدين دليلا على أن نية الخروج من الصلاة وقطعها إذاكان بناء على ظن التمام لا يوجب بطلانها ولو سلم، وكذا كلام من ظن التمام، وأنه قول جمهور العلماء من السلف والخلف وعامة أهل الحديث، وأن الإبطال بغير دليل ممنوع.

([36]) أي شك هل نوى الصلاة أو عين ظهرا أو عصرا أو أحرم أو لا، استأنف
الصلاة لأن الأصل عدم النية والتحريمة، وهذا مذهب الشافعي، وقال ابن حامد وغيره: لا تبطل ويبنى لأن الشك لا يزيل حكم النية، وقال الشيخ: يحرم عليه خروجه لشكه في النية، للعلم أنه ما دخل إلا بالنية، وقال شيخنا، إذا اهتم الإنسان للصلاة وقام في الصف وفي ظنه أنه كبر تكبيرة الإحرام لكن اعتراه شك هل كبر أولا؟ فهذا يستأنف تكبيرة الإحرام إلا أن يكثر فيصير كوسواس فيطرحه ويبني على غالب ظنه.

([37]) أي ذكر أنه كان قد نوى أو عين أو كبر.

([38]) لأنه لم يوجد مبطـل لها، كما لو نـوى قطع القراءة ولم يقطعها، قولا
واحدا.

([39]) أي وإن عمل مع الشك في النية عملا من أعمال الصلاة قولية كقراءة أو فعلية كركوع أو سجود استأنف الصلاة، لأن هذا العمل عري عن النية، وقال المجد: الأقوى إن كان العمل قولا لم تبطل، كتعمد زيادته، ولا يعتد به، وإن كان فعلا بطلت لعدم جوازه، كتعمده في غير موضعه، قال ابن تميم: وهذا أحسن، وتقدم إطراح الشك وأنه لا يزيل حكم النية، وإن شك هل نوى فرضا أو نفلا أتمها نفلا، لأن الأصل عدم نية الفرضية.

([40]) يعني في النية للعلم أنه ما دخل إلا بها وفرغ منها من غير شك، ولا أثر للشك بعد الفراغ إجماعا وقال الناظم:
ولا الشـك من بعـد الفـراغ بمبـطل يقـاس عـلى هذا جميع التعبد

([41]) بأن فسخ نية الفرضية دون نية الصلاة ولفظ المنتهى : صح مطلقاً قال في حاشيته: سواء صلى الأكثر كثلاث من أربع أو ركعتين من المغرب، خلافا لأبي حنيفة ومالك، قالوا: لأن للأكثر حكم الكل، أي فمن صلى الأكثر لم يجز أن يقلبه نفلا.

([42]) فكذا هنا، ولأن النفل يدخل في نية الفرض أشبه ما لو أحرم بفرض فبان قبل وقته.

([43]) أي يكره قلب فرضه نفلا، لغير غرض صحيح، لكونه أبطل عمله، ويصح، صححه في تصحيح الفروع، وعنه يحرم قال القاضي: رواية واحدة، لقوله: ]وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ[.

([44]) أي فإن كان لغرض صحيح مثل أن يحرم إلخ، ونحوه لم يكره أن يقلبه نفلا ليصلي معهم، بل هو أفضل، قال في الإنصاف وتصحيح الفروع: وهو الصواب إن كان الغرض صلاة الجماعة، بل لو قيل بوجوب ذلك لكان حسنا، قال شيخنا: لكنه لم يقل بالوجوب أحد.

([45]) بلفظ الأمر، وعنه يقلبها نفلا، وفاقا، ويتمها خفيفة، ثم يدخل معهم، وهي الرواية المشهورة.

([46]) وأولى منه ما يتخرج من الرواية المشهورة أن يتمها خفيفة لقوله: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.

([47]) كأن أحرم بالظهر مثلا، وانتقل إلى العصر بمجرد النية من غير تكبيرة إحرام للفرض الثاني بطلا، يعني الأول والثاني، وفيه تساهل إذا الثاني لم يدخل فيه حتى يقال بطل، بل لم ينعقد بالكلية، ولو قال لم يصح لكان أولى.

([48]) أي قطع نية الأول الذي انتقل عنه، ولم ينو الثاني من أوله بتكبيرة الإحرام فلم ينعقد لخلو أوله عن النية، ويصح نفلا إن استمر على نية الصلاة، لأنه قطع نية الفرضية بنية انتقاله عن الفرض الذي نواه أولا دون نية الصلاة فيصير نفلا، لأنه بقي جنس الصلاة في حقه فصحت نفلا، ما لم يقطعها.

([49]) وفاقا، كما لو لم يتقدمه إحرام بغيره.

([50]) أي وينقلب فرضه نفلا إذا تبين عدم الفرض، لأن نية الفرض تشمل نية النفل، فإذا بطلت نية الفرض بقيت نية مطلق الصلاة، وقال الخلوتي: لعل محله ما لم يكن إماما، أو يضق الوقت.

([51]) أي كما لو أحرم بفائتة يظنها عليه، فتبين أنه لم يكن عليه فائتة، فانقلبت نفلا.

([52]) أي وكما ينقلب فرض لم يدخل وقته نفلا، لأن الفرض لم يصح، ولم يوجد.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 05:43 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَمِنْهَا النِّيَّةُ ....
قوله: «ومنها النِّيَّةُ» ، أي: ومن شروط الصَّلاة النيَّة، وهذا هو الشَّرط التَّاسع وهو الأخير.
فَشُروط الصَّلاة: الإسلام، والعقل، والتَّمييز، ودخول الوقت، وستر العورة، والطَّهارة من الحدث، واجتناب النَّجاسة، واستقبال القِبْلة، والنِّيَّة.
ففي أوَّل الباب قال: «منها الوقت»، و«من» للتبعيض، فيُفيد أنه لم يذكر كلَّ الشُّروط؛ وهو كذلك؛ فقد أسقط: الإسلام، والعقل، والتَّمييز، وذلك لأنَّ هذه الثلاثة شرط في كلِّ عبادة سوى ما اسْتُثني.
و«النيَّة» بمعنى القصد، وأمَّا في الشَّرع: فهي العزم على فعل العبادة تقرُّباً إلى الله تعالى.
وتنقسم إلى قسمين:
1- نيَّة المعمول له. 2- ونيَّة العمل.
أما نيَّة العمل فهي التي يتكلَّم عنها الفقهاء؛ لأنهم إنَّما يقصدون من النيَّةِ النيَّةَ التي تتميَّز بها العبادة عن العادة، وتتميَّز بها العبادات بعضها عن بعض.
وأما نيَّة المعمول له فهي التي يتكلَّم عليها أرباب السُّلوك؛ فتُذكر في التَّوحيد، وهي أعظم من الأُولى، فنيَّة المعمول له أَهمُّ من نيَّة العمل؛ لأنَّ عليها مدار الصحَّة، قال تعالى في الحديث القُدسي: «أنا أغنى الشُركاء عن الشِّركِ، مَنْ عَمِلَ عملاً أشرك فيه معي غيري؛ تَركْتُهُ وشِرْكَهُ».
ونيَّة العمل: تتميَّز بها العبادات من غير العبادات، وتتميَّز العبادات بعضها عن بعض، فينوي أن هذه عبادة، وينوي أنَّها صلاة، وينوي أنها فريضة، أو نافلة، وهكذا، وقد أشار النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إلى اعتبار النيَّة بقوله: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى».
ولا بُدَّ من ملاحظة الأمرين جميعاً.
أولاً: نيَّة المعمول له؛ بحيث تكون نيَّته خالصة لله عزّ وجل، فإن خالط هذه النيَّة نيَّةٌ لغير الله بطلت، فلو قام رَجُل يُصلِّي ليراه النَّاس فالصلاة باطلة؛ لأنه لم يُخلص النيَّة للمعمول له، وهو الله عزّ وجل.
وثانياً: نيَّة تمييز العبادات عن غيرها، وتمييز العبادات بعضها عن بعض.
واعلمْ أن النيَّة محلُّها القلب، ولهذا قال الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»، فليست من أَعمال الجوارح، ولهذا نقول: إن التلفّظَ بها بدعة، فلا يُسَنُّ للإنسان إذا أراد عبادة أن يقول: اللهم إني نويت كذا؛ أو أردت كذا، لا جهراً ولا سِرًّا؛ لأن هذا لم يُنقل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأنَّ الله تعالى يعلم ما في القُلوب، فلا حاجة أن تنطق بلسانك ليُعْلم ما في قلبك، فهذا ليس بِذِكْرٍ حتى يُنطق فيه باللسان، وإنَّما هي نيَّة محلُّها القلب، ولا فرق في هذا بين الحَجِّ وغيره؛ حتى الحجُّ لا يُسَنُّ للإنسان أن يقول: اللهم إني نويت العُمْرَة؛ أو نويت الحجَّ، لأنه لم يُنقل عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولكن يُلبِّي بما نوى، والتلبية غير الإخبار بالنيَّة؛ لأن التلبية تتضمَّن الإجابة لله، فهي بنفسها ذِكْرٌ ليست إخباراً عمَّا في القلب، ولهذا يقول القائل: لبَّيك عُمرة أو لبَّيك حَجّاً.
نعم؛ لو احتاج إلى الاشتراط فله أن يتلفَّظ بلسانه، بل لا بُدَّ أن يتلفَّظ فيقول مثلاً: لبَّيك اللهمَّ عُمرة، وإن حَبَسَني حابسٌ فَمَحِلِّي حيث حبستني.

فَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَ صَلاَةٍ مُعَيَّنَةٍ ..........
قوله: «فَيَجِبُ أنْ يَنْوِيَ عَيْنَ صَلاَةٍ مُعَيَّنَةٍ» ، أي: يجب على من أراد الصَّلاة أن ينويَ عينَها إذا كانت معيَّنة، مثل: لو أراد أن يُصلِّي الظُّهر يجب أن ينوي صلاةَ الظُّهر، أو أراد أن يُصلِّي الفجر فيجب أن ينويَ صلاة الفجر، أو أراد يُصلِّي الوِتر فيجب أن ينويَ صلاة الوِتر.
فإن كانت غير معيَّنة كالنَّفل المطلق، فينوي أنه يريد أن يُصلِّي فقط بدون تعيين.
وأفادنا المؤلِّف: أنه لا بُدَّ أن ينويَ عين المعيَّن كالظُّهر، فلو نوى فرض هذا الوقت أو الصَّلاة مطلقاً، كأن جاء إلى المسجد والنَّاسُ يُصلُّون، فدخل وغاب عن ذِهْنِه أنها الظُّهر أو العصر، أو أنها فرضٌ أو نَفْلٌ، فعلى كلام المؤلِّف: صلاتُه غير صحيحة؛ لأنه لم ينوِ الصَّلاة المعيَّنة، وتصحُّ على أنها صلاةٌ يؤجَرُ عليها.
وقيل: لا يُشترط تعيين المعيَّنة، فيكفي أن ينويَ الصلاة؛ وتتعيَّن الصلاة بتعيُّن الوقت، فإذا توضَّأ لصلاة الظُّهر ثم صَلَّى، وغاب عن ذهنه أنَّها الظُّهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فالصَّلاة صحيحة؛ لأنه لو سُئِل: ماذا تريد بهذه الصَّلاة؟ لقال: أريد الظُّهر، فيُحمل على ما كان فرضَ الوقت، وهذا القول هو الذي لا يسعُ النَّاس العمل إلا به؛ لأن كثيراً من الناس يتوضَّأ ويأتي ليُصلِّي، ويغيب عن ذهنه أنها الظُّهر أو العصر، ولا سيَّما إذا جاء والإمام راكع؛ فإنه يغيب عنه ذلك لحرصه على إدراك الرُّكوع.
ويَنْبَني على هذا الخلاف: لو كان على الإنسان صلاة رباعية؛ لكن لا يدري هل هي الظُّهر أو العصر أو العشاء؟ فصلَّى أربعاً بنيَّة الواجب عليه، فعلى القول بأنه لا يجب التعيين: تصحُّ، وتكون عن الصلاة المفروضة التي عليه. وعلى القول بوجوب التَّعيين: لا تصحُّ؛ لأنه لم يعيِّنها ظُهراً ولا عصراً ولا عشاءً، وعليه؛ لا بُدَّ أن يُصلِّي أربعاً بنيَّة الظُّهر، ثم أربعاً بنيَّة العصر، ثم أربعاً بنية العشاء.
والذي يترجَّحُ عندي: القول بأنه لا يُشترط التَّعيين، وأن الوقت هو الذي يُعيِّنُ الصَّلاة، وأنه يصحُّ أن يُصلِّي أربعاً بنيَّة ما يجب عليه، وإنْ لم يعينه، فلو قال: عليَّ صلاة رباعيَّة لكن لا أدري: أهي الظُّهر أم العصر أم العشاء؟ قلنا: صَلِّ أربعاً بنيَّة ما عليك وتبرأ بذلك ذِمَّتُك.
وعليه؛ فلو قال: أنا عليَّ صلاة من يوم؛ ولا أدري: أهيَ الفجر؛ أم الظُّهر؛ أم العصر؛ أم المغرب؛ أم العشاء؟ فعلى القول بعدم اشتراط التَّعيين نقول: صَلِّ أربعاً وثلاثاً واثنتين، أربعاً تجزئ عن الظُّهر أو العصر أو العشاء، وثلاثاً عن المغرب، واثنتين عن الفجر.
وعلى القول الثَّاني: يُصلِّي خمس صلوات؛ لأنه يُحتمل أنَّ هذه الصَّلاة الظُّهر؛ أو العصر؛ أو المغرب؛ أو العشاء؛ أو الفجر، فيجب عليه أن يحتاط ليبرئَ ذِمَّته بيقين ويُصلِّي خمساً.
مسألة : يقول بعض الناس: إن النيَّة تَشُقُّ عليه.
وجوابه: أنَّ النيَّة سهلة، وتركها هو الشَّاقُّ، فإنه إذا توضَّأ وخرج من بيته إلى الصلاة، فإنه بلا شَكٍّ قد نوى، فالذي جاء به إلى المسجد وجعله يقف في الصَّف ويكبِّر هو نيَّة الصلاة، حتى قال بعض العلماء: لو كلَّفنا الله عملاً بلا نيَّة لكان من تكليف ما لا يُطاق. فلو قيل: صَلِّ ولكن لا تنوِ الصَّلاة. توضَّأ ولكن لا تنوِ الوُضُوء؛ لم يستطع. ما من عمل إلا بنيَّة. ولهذا قال شيخ الإسلام: «النيَّة تتبع العلم؛ فمن علم ما أراد فِعْلَه فقد نواه، إذ لا يمكن فعله بلا نيَّة»، وصَدَق رحمه الله. ويدلُّك لهذا قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّما الأعمال بالنيَّات»، أي: لا عمل إلا بنيَّة.

وَلاَ يُشْتَرطُ في الفَرْضِ، والأداءِ، والقَضَاءِ، والنَّفْلِ، والإِعَادَةِ نِيَّتَهُنَّ وَيَنْوِي مَعَ التَّحْرِيمَةِ،..........
قوله: «ولا يُشترطُ في الفرضِ، والأداءِ، والقضاءِ، والنَّفلِ، والإعادةِ نيَّتَهُنَّ» ، أي: لا يُشترط في الفرض نيَّة الفرض، والأداء والقضاء والنَّفْل والإعادة نيَّتهُنَّ اكتفاء بالتعيين.
فمثلاً: إذا نوى أنها صلاة الظُّهر، لا يُشترط أن ينوي أنها فرض؛ لأن نيَّة الظُّهر تتضمَّن نيَّة الفرض، فإن صلاة الظُّهر فرض. ولذلك قال: «لا يُشترط في الفرض نيَّة الفرض»، ولا يُشترط أيضاً في الأداء نيَّته، والأداء ما فُعل في وقته؛ لأنه متى صَلَّى في الوقت فهي أداء.
ولا يُشترط في القضاء نيَّة القضاء. والقضاء: هو الذي فُعِلَ بعد وقته المحدَّد له شرعاً؛ كصلاة الظُّهر إذا نام عنها حتى دخل وقتُ العصر، فصَلَّى الظُّهر، فهذه قضاء؛ لأنها فُعِلت بعد الوقت. ولا يُشترط مع نيَّة الظُّهر أن ينويَ أنَّها قضاء؛ لأن صلاتها بعد الوقت يكفي عن نيَّة القضاء.
وقوله: «النَّفْل»، يعني: في النَّفْل المطلق، أو النَّفْل المعيَّن أن ينويه نفلاً. أما في النَّفْل المعيَّن فالتعيين يكفي.
مثال ذلك: إذا أراد أن يوتر، لا يُشترط أن ينويَ أنه نَفْل، وإذا أراد أن يُصلِّيَ راتبة الظُّهر مثلاً، لا يُشترط أن ينويها نَفْلاً؛ لأن تعيينها يكفي عن النَّفل، ما دام أنه قد نوى أنَّها راتبة الظُّهر، فإن راتبة الظُّهر نَفْل، وما دام أنه نوى الوِتر فإن الوِتر نَفْل.
وكذلك النَّفْل المطلق لا يُشترط أن ينويه نَفْلاً.
مثال ذلك: قام يُصلِّي من الليل، فلا حاجة أن ينويَ أنها نَفْل؛ لأنَّ ما عدا الصَّلوات الخمس نَفْل.
وقوله: «الإعادة»، أي: لا يُشترط في الإعادة نيَّة الإعادة.
والإعادة: ما فُعِلَ في وقته مرَّة ثانية، سواء كان لبطلان الأُولى أم لغير بُطلانها.
فمثلاً: إذا صَلَّى الظُّهر؛ ثم ذكر أنه محدث، فتجب عليه الإعادة ولا يجب أن ينويَ أنها إعادة. ومثلاً: إذا صَلَّى الظُّهر في مسجد ثم حضر إلى مسجد ثانٍ وأُقيمت الصَّلاة؛ فيُشرع أن يعيدَ، ولا يُشترط أن ينويَ أنها إعادة؛ لأنَّه قد فعل الأُولى، واعتقد أن هذه الثانية نَفْلٌ فلا يُشترط أن ينويها مُعَادة.
قوله: «وَيَنْوِي مَعَ التَّحْرِيمَةِ» ، ذكر المؤلِّف هنا محلَّ النيَّة متى تكون؟ الأَوْلَى أن تكون مقارِنَةً للتَّحريمة أو قبلها بيسير؛ ولهذا قال: «ينوي مع التَّحريمة»، أي: يجعل النيَّة مقارنة لتكبيرة الإحرام، فإذا أراد أن يكبِّر كبَّر وهو ينوي في نفس التَّكبير أنها صلاة الظُّهر مثلاً.

وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمنٍ يَسيرٍ فِي الوقْتِ فإِنْ قَطَعَهَا في أَثْنَاءِ الصَّلاةِ، أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ ............
قوله: «وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمنٍ يَسيرٍ في الوقْتِ» ، أي: له أن يقدِّم النيَّة قبل التَّحريمة لكن بزمنٍ يسير، وشرط آخر «في الوقت»، فلو نوى الصَّلاة قبل دخول وقتها، ولو بزمنٍ يسير، ثم دخل الوقت وصَلَّى بلا تجديد نيَّة، فصلاتُه غيرُ صحيحة؛ لأن النيَّة سبقت الوقت، وإن نوى في الوقت ثم تشاغل بشيء في زمن يسير، ثم كبَّر، فصلاتُه صحيحة؛ لأنَّ الزَّمن يسير، فإن طال الوقت فظاهر كلام المؤلِّف أنَّ النيَّة لا تصحُّ؛ لوجود الفصل بينها وبين المنوي.
وقال بعض العلماء: بل تصحُّ ما لم ينوِ فَسْخَها؛ لأن نيَّتَه مستصحبَةُ الحكم ما لم ينوِ الفسخ، فهذا الرَّجُل لما أذَّن قام فتوضَّأ ليُصَلِّيَ، ثم عزبت النيَّة عن خاطره، ثم لمَّا أُقيمت الصلاة دخل في الصَّلاة بدون نيَّة جديدة، فعلى كلام المؤلِّف لا تصحُّ الصَّلاة؛ لأنَّ النيَّة سبقت الفعل بزمن كثير، وعلى القول الثاني تصحُّ الصَّلاة؛ لأنه لم يفسخ النيَّة الأولى، فحكمها مستصحب إلى الفعل. وهذا القول أصحُّ؛ لعموم قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيَّات»، وهذا قد نوى أن يُصلِّي، ولم يطرأ على نيَّته ما يفسخها.
قوله: «فإنْ قَطَعَهَا في أَثْنَاءِ الصَّلاةِ، أوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ» ، «فإن قطعها» أي: النيَّة «في أثناء الصَّلاة أو تردَّد بطلت»، أي: إذا قطعها في أثناء الصَّلاة بطلت صلاتُه.
مثاله: رَجُلٌ قام يتنفَّل، ثم ذكر أن له شُغلاً فقطع النيَّة، فإن الصَّلاة تبطل ولا شكَّ؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمالُ بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»، وهذا قد نوى القطع فانقطعت.
وقوله: «أو تردَّد»، أي: تردَّد في القطع.
مثاله: سمع قارعاً يقرع الباب فتردَّد؛ أأقطعُ الصلاةَ أو أستمرُّ؟ يقول المؤلِّف: إن الصلاة تبطل، وإن لم يعزم على القطع، وكذلك لو سمع جرسَ الهاتف فتردَّد؛ هل يقطع الصلاةَ ويُكلِّم أو يستمرُّ؟ فالمؤلِّف يقول: إن صلاته تبطل؛ لأنَّ استمرار العزم شرط عنده.
وقال بعض أهل العلم: إنها لا تبطل بالتردُّد؛ وذلك لأن الأصل بقاء النيَّة، والتردُّد هذا لا يبطلها، وهذا القول هو الصَّحيح، فما دام أنه لم يعزم على القطع فهو باقٍ على نيَّته، ولا يمكن أن نقول: إن صلاتك بطلت للتردُّد في قطعها.
مسألة : إذا عزم على مبطل ولم يفعله، مثاله: عزم على أن يتكلَّم في صلاته ولم يتكلَّم، عزم على أن يُحْدِث ولم يُحْدِث، فقال بعض العلماء: إنها تبطل، لأن العزمَ على المفسد عزمٌ على قطع الصَّلاة، والعزمُ على قطع الصَّلاة مبطلٌ لها.
ولكن المذهب: أنها لا تبطل بالعزم على فعل مبطل إلا إذا فعله؛ لأن البطلان متعلِّق بفعل المبطل، ولم يوجد، وهو الصَّحيح.
وكذلك لو عزم الصَّائم على الأكل، ولم يأكل لكنه لم يقطع الصَّوم، فإن صومه لا يبطل.
مسألة : هل جميع العبادات تبطل بالعزم على القطع؟
الجواب: نعم، إلا الحجَّ والعمرة، فإن الحجَّ والعمرة لا يبطلان بإبطالهما؛ حتى لو صرَّح بذلك وقال: إني قطعت نُسكي، فإنه لا ينقطع ولو كان نَفْلاً، بل يلزم المضي فيه ويقع صحيحاً، وهذا من خصائص الحجِّ والعمرة أنهما لا يبطلان بقطع النيَّة؛ لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] .
ولو علَّق القطعَ على شرطٍ فقال: إن كلَّمني زيد قطعت النيَّة أو أبطلت صلاتي؟ فإنها تبطل على كلام الفقهاء، والصَّحيح أنها لا تبطل؛ لأنه قد يعزم على أنه إنْ كلَّمه زيد تكلَّم؛ ولكنه يرجع عن هذا العزم.
فعندنا الآن قطعٌ مجزومٌ به، وقطعٌ معلَّق على شرط، وقطعٌ متردَّدٌ فيه، وعزم على فعل محظور هذه أربعة.
أما الأول: فإذا قطع النيَّة جازماً، فلا شكَّ أن الصَّلاة تبطل.
وأما الثاني: فإذا علَّق القطع على شرط، فالمذهب: أنها تبطل.
وأما الثالث: فإذا تردَّد هل يقطعها أم لا؟ فالمذهب أنها تبطل، والصَّحيح في المسألتين: أنها لا تبطل.
الرَّابع: إذا عزم على فعل محظور ولم يفعله، فهنا لا تبطل؛ لأن البطلان هنا معلَّق بفعل المحظور ولم يوجد.

وإِذَا شَكَّ فِيهَا استَأْنَفَها.
قوله: «وإذا شَكَّ فيها استأنفَها» ، أي: إذا شكَّ هل نوى أم لم ينوِ، فإنه يستأنفها؛ أي: الصَّلاة؛ وذلك لأنَّ الأصل العدم.
ولكن يبقى: هل هذه الصُّورة واردة، بمعنى: هل يمكن أن يأتي إنسان ويتوضَّأ ويقدم إلى المسجد ويكبِّر ويقول: أنا أشكُّ في النيَّة؟ الظاهر: أن هذا لا يمكن، وأن المسألة فرضيَّة، إلا أن يكون موسوساً والموسوس لا عِبْرَة بشكِّه، ولهذا قال الناظم:
والشكُّ بعد الفعل لا يؤثِّر
وهكذا إذا الشكوك تكثر
فإذا كثُرت الشكوك فهذا وسواس لا يُعتدُّ به، ولهذا فإنَّ تَصوُّرَ هذه المسألة صعب؛ لأنه من المستحيل أن يكون إنسان عاقل يدري ما يفعل؛ أن يأتي ويدخل في الصلاة، ويكبِّر ويقرأ؛ ثم يقول: أنا شككتُ في النيَّة، ولهذا قال بعض أهل العلم: لو كلَّفنا الله عملاً بلا نيَّة لكان من تكليف ما لا يُطاق. لكن على تقدير وجوده ـ ولو نظريًّا ـ فإننا نقول: إذا شكَّ في النيَّة وجب أن يستأنف العبادة؛ لأن الأصل عدم الوجود، وهو قد شكَّ في الوجود وعدمه، فوجب الرُّجوع إلى الأصل، وهو أن النيَّة معدومة، وحينئذ لا بُدَّ من الاستئناف، لكن على كلام المؤلِّف: يقيَّد بما إذا لم يكن كثير الشُّكوك، فإذا كان كثيرَ الشُّكوك بحيث لا يتوضَّأ إلا شكَّ، ولا يصلِّي إلا شَكَّ، فإن هذا لا عِبْرَة بشكِّه، لأن شكَّه حينئذ يكون وسواساً.
مسألة : لو تيقَّن النيَّة وشكَّ في التَّعيين، فإن كان كثيرَ الشُّكوك فلا عِبْرة بشكِّه، ويستمرُّ في صلاته، وإن لم يكن كثيرَ الشُّكوك؛ لم تصحَّ صلاتُه عن المعينة؛ إلا على قول من لا يشترط التعيين، ويكتفي بنيَّة صلاة الوقت.

وَإِنْ قَلَبَ مُنْفَردٌ فَرْضَهُ نَفْلاً في وَقْتِه المُتَّسع جَازَ ..........
قوله: «وَإِنْ قَلَبَ مُنْفَردٌ فَرْضَهُ نَفْلاً في وَقْتِه المُتَّسع جَازَ» ، شرع المؤلِّف في بيان حكم الانتقال من نيَّة إلى نيَّة، والانتقال من نيَّة إلى نيَّة له صُور متعددة:
منها: ما ذكره المؤلِّف: «قَلَبَ منفردٌ فرضَه نَفْلاً في وقته المتَّسع جاز».
مثال ذلك: دخل رَجُلٌ في صلاة الظُّهر وهو منفرد، وفي أثناء الصَّلاة قَلَبَ الفرض إلى نَفْلٍ، فهذا جائز؛ بشرط أن يكون الوقت متَّسعاً للصلاة، فإن كان الوقت ضيِّقاً؛ بحيث لم يبقَ منه إلا مقدار أربع ركعات فإن هذا الانتقال لا يصحُّ؛ لأن الوقت الباقي تعيَّن للفريضة، وإذا تعيَّن للفريضة لم يصحَّ أن يشغله بغيرها، فإن فعل فإن النَّفْل يكون باطلاً؛ لأنه صَلَّى النَّفْل في وقت منهيٍّ عنه، كما لو صَلَّى النَّفل المطلق في أوقات النَّهي فإنه لا يصحُّ.
وقول المؤلِّف: «وإن قَلَبَ منفردٌ» خرج بذلك المأموم، وخرج بذلك الإمام، فظاهر كلام المؤلِّف: أن المأموم لا يصحُّ أن يقلب فرضه نَفْلاً، وأنَّ الإمام لا يصحُّ أن يقلب فرضه نَفْلاً؛ لأن المأموم لو قَلَب فرضه نَفْلاً فاتته صلاة الجماعة في الفرض، وصلاة الجماعة في الفرض واجبة، وحينئذ يكون انتقاله من الفريضة إلى النَّفْل سبباً لفوات هذا الواجب، فلا يحلُّ له أن يقلب فرضه نَفْلاً، ولأن الإمام إذا قلب فرضه نَفْلاً لزم من ذلك أن يأتمَّ المأموم المفترض بالإمام المتنفِّل، وائتمام المفترض بالمتنفِّل غير صحيح. فيلزم أن تبطل بذلك صلاة المأموم، فيكون في هذا عُدوان على غيره.
فإن قيل: هل قَلْبُ الفرض إلى نَفْل، مستحبٌّ أم مكروه؟ أم مستوي الطرفين؟
فالجواب: أنه مستحبٌّ في بعض الصُّور، وذلك فيما إذا شَرَع في الفريضة منفرداً ثم حضر جماعة؛ ففي هذه الحال هو بين أمور ثلاثة: إمَّا أن يستمرَّ في صلاته يؤدِّيها فريضة منفرداً، ولا يُصلِّي مع الجماعة الذين حضروا، وإمَّا أن يقطعها ويُصلِّي مع الجماعة، وإما أن يقلبها نَفْلاً فيكمل ركعتين، وإن كان صَلَّى ركعتين، وهو في التشهد الأوَّل فإنه يتمُّه ويُسلِّم، ويحصُل على نافلة، ثم يدخل مع الجماعة، فهنا الانتقال من الفرض إلى النَّفْل مستحبٌّ من أجل تحصيل الجماعة، مع إتمام الصلاة نَفْلاً، فإن خاف أن تفوته الجماعة فالأفضل أن يقطعها من أجل أن يُدرك الجماعة.
وقد يقول قائل: كيف يقطعها وقد دخل في فريضة، وقطع الفريضة حرام؟
فنقول: هو حرامٌ إذا قطعها ليترُكَهَا، أما إذا قطعها لينتقل إلى أفضل، فإنه لا يكون حراماً، بل قد يكون مأموراً به، ألم تَرَ أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهديَ أن يجعلوا حجَّهم عُمْرة من أجل أن يكونوا متمتِّعين، فأمرهم أن يقطعوا الفريضة نهائياً؛ لأجل أن يكونوا متمتِّعين؛ لأن التَّمتُّع أفضل من الإفراد، ولهذا لو نَوى التَّحلل بالعُمْرة ليتخلَّص من الحجِّ لم يكن له ذلك، فهذا لم يقطع الفرض رغبة عنه؛ ولكنه قطع الفرض إلى ما هو أكمل وأنفع.

وَإِنِ انْتَقَلَ بِنِيَّةٍ مِنْ فَرْضٍ إِلى فَرْضٍ بَطَلا ...........
قوله: «وَإنِ انْتَقَلَ بِنِيَّةٍ مِنْ فَرْضٍ إلى فَرْضٍ بَطَلا» ، هذه هي الصورة الثانية من صور الانتقال من نيَّة إلى نية، وهي أن ينتقل من فرض إلى آخر.
مثال ذلك: شَرَعَ يُصلِّي العصر، ثم ذكر أنه صَلَّى الظُّهر على غير وُضُوء؛ فنوى أنها الظُّهر، فلا تصحُّ صلاة العصر، ولا صلاة الظُّهر؛ لأن الفرض الذي انتقل منه قد أبطله، والفرض الذي انتقل إليه لم ينوِه من أوِّلهِ.
وقوله: «بنيَّة» خرج ما لو انتقل من فرض إلى فرض بتحريمة، والتَّحريمة بالقول، ففي المثال الذي ذكرنا ذكر أنه صَلَّى الظُّهر على حَدَث فانتقل من العصر وكبَّر للظُّهر؟ نقول: بطلت صلاةُ العصر؛ لأنه قطعها وصحَّت الظُّهر؛ لأنه ابتدأها من أوَّلها، ولهذا قيَّده المؤلِّف بقوله: «بنيَّة»، أي: لا بتحريمة.
وقوله: «بَطَلا» هذه العبارة فيها تسامح وتغليب، والصَّواب أن يُقال: بطلت الأُولى، ولم تنعقد الثَّانية؛ لأن البُطلان يكون عن انعقاد، فالبُطلان يَرِدُ على شيء صحيح فيُبطله، لكن هذا من باب التَّسامح والتغليب، كما يُقال: العُمَرَان لأبي بكر وعُمر، والقَمَران للشَّمس والقمر. والخلاف في هذا سهل.
وعُلِمَ من قول المؤلِّف: «انتقل من فرض إلى فرض»، أنَّه إن انتقل من نَفْل إلى نَفْل لم يبطلا، وهذه الصُّورة الثالثة، لكن هذا غير مُراد على إطلاقه؛ لأنَّه إذا انتقل من نَفْل معيَّن إلى نَفْل معيَّن؛ فالحكم كما لو انتقل من فَرْض إلى فَرْض، فلو انتقل مثلاً من راتبة العشاء إلى الوِتر، فالرَّاتبة معيَّنة والوِتر معيَّنة، بطل الأول ولم ينعقد الثاني؛ لأن الانتقال من معيَّن إلى معيَّن يُبطل الأول ولا ينعقد به الثَّاني، سواء أكان فريضة أم نافلة.
وإن انتقل من فَرض معيَّن، أو من نَفْل معيَّن إلى نَفْل مطلق؛ صحَّ. وهذه الصُّورة الرابعة، لكن يُشترط في الفرض أن يكون الوقت متَّسعاً.
والتَّعليل: لأن المعيَّن اشتمل على نيَّتين: نيَّة مطلقة، ونيَّة معيَّنة، فإذا أبطل المعيَّنة بقيت المطلقة.
مثال ذلك: دخل يُصلِّي الوِتر ينوي صلاة الوتر، فألغى نيَّة الوِتر فتبقى نيَّة الصلاة.
فالصُّور إذاً أربع:
1- انتقل من مُطلق إلى مُطلق، فصحيح؛ إن تُصُوِّرَ ذلك.
2- انتقل من مُعيَّن إلى مُعيَّن، فلا يصحُّ.
3- انتقل من مُطلق إلى معيَّن، فلا يصحُّ.
4- انتقل من مُعيَّن إلى مُطلق؛ فصحيحٌ.


  #6  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 07:57 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح الزاد للشيخ حمد الحمد

قال المؤلف رحمه الله : ( ومنها النية )
أي من شروط الصلاة النية ، وهي شرط بالإجماع ، لحديث : (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ))متفق عليه من حديث عمر . وهذا الحديث أصل لمسائل هذا الباب وغيرها من مسائل النيات .
فلا يقبل الله عملاً إلا بنية ، فالنية تمحض العمل أو تمحضه لله تعالى ، والنية أيضاً تميز العبادات بعضها عن بعض ، تميز الفريضة عن الفريضة ، والفريضة عن النافلة ، فالعبادات التي فيها نوع التباس أو بينها اختلاف فالنية تفارق بينها وتميز .
فمن صلى بلا نية فصلاته باطلة . وهي شرط في الصلاة كلها لا يستثنى شيء منها .
فينوى من تكبيرة الإحرام إلى السلام ، فإذا اختل شيء من ذلك عن النية فالصلاة باطلة كما سيأتي .
وتقدم أن الفرق بين الركن والشرط ، أن الركن جزء العبادة ، أما الشرط فهو شامل للعبادة كلها .
قال : ( فيجب أن ينوي عين صلاة معينة )
فينوي صلاة الظهر أو العصر أو الوتر أو راتبة الفجر ونحو ذلك ، فينوي الصلاة معينة .
فلو أنه صلى أربع ركعات في وقت صلاة الظهر ولم ينو أنها ظهراً فلا يجزئه ذلك .
ولو صلى ركعتين قبل صلاة الفجر ولم ينو أنهما ركعتا الفجر لم يجزئه ذلك عنهما .
فلابد أن ينوي الصلاة معينة بحيث تتميز عن غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم : (( وإنما لكل امرئ ما نوى )) فيشترط أن يعين الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً .
- وظاهر هذا أنه لو نوى فريضة الوقت فإنه لا يجزئه .
بمعنى : رجل صلى في وقت الظهر ولم ينو ظهراً وإنما نوى أن هذه فريضة وقته .
-وذهب بعض الشافعية : إلى الإجزاء وهو الظاهر لأنه حيث نوى ذلك فقد نوى ما يجب عليه .
فإنه إذا نوى الصلاة الحاضرة ، فإنها في الحقيقة هي صلاة الظهر مثلاً ، فحيث نوى ذلك فإنه تقع العبادة على ما يجب عليه فقد نوى فريضة الوقت وهي الظهر فيجزئه ذلك .
وهذا ما يقع كثيراً حيث أن الصلوات لتكرارها قد يذهل الذهن عن استحضار الصلاة الحاضرة فينوي فريضة الوقت ، فإن ذلك على الراجح – يجزئه ؛ لأنه قد ميز هذه العبادة عن غيرها من العبادات المماثلة لها ، حيث أنها فريضة الوقت وغيرها ليست كذلك .
قال : ( ولا يشترط في الفرض والأداء والقضاء والنفل والإعادة نيتهن )
فلا يشترط في الفرض أن ينويه ، كيف هذا ؟
عندما يريد أن يصلي الظهر فلا يشترط أن ينوي أن هذه فريضة بل بمجرد ما ينوي أن هذه الظهر فهذا كاف ، فإن كان بالغاً فلا يجب عليه أن ينوي أن هذه فريضته ، وإذا كان غير بالغ فلا يجب عليه أن ينوي أن هذه نافلته ؛ لأنه بمجرد نيته أنها ظهر اليوم هذا كاف في تمييز هذه العبادة عن غيرها ، ولكل امرئ ما نوى ، وهذا قد نوى الصلاة الحاضرة سواء كانت على حسب حاله فرضاً أو نفلاً .
فلا يجب ذلك لأنهما غير مؤثرين في تمييز العبادة ، فهي متميزة من غير ذلك . وكذلك نية الأداء والقضاء .
فالأداء هو : القيام بالصلاة في وقتها .
وأما القضاء : فهو القيام بها بعد خروج وقتها .
فإذا صلى الصلاة في وقتها فلا يجب عليه أن ينويها أداء ، وإذا صلاها بعد وقتها فلا يجب عليه أن ينويها قضاءً ، لأن هذا غير مؤثر في تمييز العبادة ، فالعبادة متميزة من غير نية الأداء ولا نية القضاء .
وعليه : فلو أن رجلاً صلى صلاة الفجر يظن الشمس لم تطلع فبان أنها قد طلعت وأن صلاته كانت قضاء وهو قد نواها أداءً .
أو رجل يظن أن الشمس قد طلعت فصلاها والشمس لم تطلع في الحقيقة وكان قد نواها قضاء وهي في الحقيقة أداء ؛ لأن الوقت باق ، فإن هذا لا يؤثر في صلاته بل تكون الصلاة صحيحة, فنية القضاء والأداء غير مؤثرة لأن النية قد ميزت هذه العبادة ، فنيته أنها صلاة الفجر قد ميزت العبادة ولا فرق بين أن يكون أداءً أو قضاءً .
" والإعادة " رجل صلى الصلاة وقد اختل شيء من شروطها فكانت باطلة فوجب عليه أن يعيد الصلاة ، فإذا أعاد فلا يجب أن ينوي الإعادة بل يكفي أن ينوي الصلاة الواجبة عليه ؛ لأنه بذلك تتميز عبادته ، فنيته أنه يصلي الصلاة الواجبة عليه وحيث نوى ذلك فإن العبادة تقبل منه لأنها مميزة بذلك .
والمقصود من النية هو تمييز العبادة وهي هنا مميزة من غير نية الإعادة .
مسألة : إذا نوى فائتة من الفوائت في وقت نظيرتها فبان ألا فائتة عليه فهل تجزئه عن فريضة اليوم ؟
يعني:رجل صلى قبل أن يصلي المغرب صلى مغرباً على أنها فائتة فبان ألا فائتة عليه ، فهل تجزئه هذه الصلاة عن فريضة الوقت أم لا ؟
قولان في المذهب :
القول الأول : أن الصلاة تجزئه؛ لأنه قد نوى صلاة معينة ، وحيث نوى صلاة معينة فإن ذلك يجزئه عن فريضة الوقت وفريضة اليوم .
القول الثاني ، وهو القول الراجح : أن هذه الفائتة لا تجزئه عن فريضة اليوم ، لأن الواجب عليه هو تعين الصلاة الحاضرة ولم ينوها بل قد نوى صلاة فائتة ولكل امرئ ما نوى .
فإذن : من نوى فائتة فتذكر ألا فائته عليه وكانت موافقة عن فريضة اليوم فهل تكفي عن فريضة اليوم أم لا ؟ قولان : أظهرهما أنها لا تكفي ؛ لأن الواجب عليه أن ينوي الصلاة الحاضرة فريضة اليوم بعينها وهو إنما نوى مماثلاً لها وهذا غير كاف ، فالواجب عليه هو فريضة اليوم ولم ينو ذلك ولكل امرئ ما نوى .
قال : ( وينوي مع التحريمة )
هذا هو الواجب عليه ، فينوي فيكبر أي تكون النية قبيل تكبيرة الإحرام فتكون – حينئذ – النية شاملة للعبادة كلها . وقد تقدم أن الشرط يجب أن يكون شاملاً ، وحينئذ تكون النية شاملة لتكبيرة الإحرام .
ولكن إن قدمها قبل ذلك بيسير قال هنا :
( وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت )
فلو قدم النية على التكبيرة بزمن يسير عرفاً فإن هذه النية تجزئ عنه .
- وهنا قول آخر هو رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام : أنه ولو كان ذلك زمناً كثيراً ما لم يقطع النية ، فما دام أنه مستصحباً للنية لم يقطعها فإن ذلك يجزئ عنه .
فإذا خرج من بيته وهو يريد المسجد فخرج قبل الصلاة بزمن كثير فلم يقطع النية فإن الصلاة تصح بهذه النية – وهذا القول هو الراجح – .
وهذا هو الذي يسع الناس ، فمتى خرج من بيته إلى المسجد سواء كان قبل الصلاة بزمن يسير عرفاً أو كثير عرفاً ولم ينو قطع النية فإن هذه النية تجزئه ، لأن النية ثابتة باقية وقد نواها فلم يقطعها فتكون كافية لصلاته .
إذن : لا يشترط الزمن اليسير للنية عرفاً بل لو قدمها قبل الصلاة بزمن كثير عرفاً لكنه لم يقطع هذه النية فإن هذا كاف مع نيته ، لأن النية باقية والواجب أن تكون شاملة للصلاة ، وقد شملتها لأنه لم يقطع هذه النية ، فعدم قبول هذه النية وإبطال الصلاة بمثلها باطل ؛ لأن النية باقية فلم يقطعها ، وليس ثمت دليل يوجب أن تتقدم بزمن يسير أو تكون مقارنة للتكبير بل متى نوى ولم يقطع فإن ذلك مجزئ .
قال : ( فإن قطعها في أثناء الصلاة أو تردد بطلت )
إن قطعها أثناء الصلاة ، كأن يصلي رجل وهو في صلاته قطع النية ، أو تردد أي قال : هل أقطع الصلاة أم لا ؟، فهو لم يقطع النية لكنه تردد ، وهناك جزم . إذن هنا صورتان .
وأصل هذه المسألة: أنه يجب عليه أن يستصحب حكمها، واستصحاب حكمها ألا ينوي قطعها ، فإذا نوى قطعها فإن الصلاة تبطل .
أما إذا تردد فقولان في المذهب :
1-القول الأول : هو هذا ، وأنه متى تردد فإن الصلاة تبطل ؛ لأن التردد يخالف الجزم الواجب ، والنية يجب أن تكون جازمة ، ويجب عليه أن يكون مستديماً للنية ، وما دام متردداً فليس بمستديم لها .
2-والقول الثاني في المذهب : أن ذلك ليس بمبطل للصلاة ؛ ذلك لأنه قد نوى نية متيقنة واستصحب حكمها وتردد ولم يقطع ، فهو لم يقطع ومجرد تردده ليس بقطع ، وإن نافى الجزم فإنه لم يبطل النية الجازمة .
فإنه قد نوى نية متيقنة جازمة في أول صلاته ثم كان الواجب عليه أن يستصحب حكمها بأن لا ينوى قطعها فهو ما لم ينو القطع فهو مستصحب للحكم ، وهذا التردد خارج عن النية ، فالنية ما زالت مستصحبة وإنما وقع تردد في قلبه هل يبطل هذه النية أم لا .
بخلاف التردد في أول الصلاة فإنه لم يدخل بنية متيقنة فلا تصح ؛ لأن النية غير مجزوم بها .
وهذا القول هو الأظهر : وأنه إن تردد تردداً مجرداً عن نية القطع فإن الصلاة تكون صحيحة ، ومثل ذلك الصيام وغيره من الأحكام التي يجب أن يكون مستصحباً للنية حكماً بألا ينوي القطع .
بخلاف فالو قال : قطعت الصلاة ، ثم قال : لا بل أبقى - أي في قلبه - ، فإن هذا قطع ، فهذا التردد ليس كالسابق ، بل هذا قطع ، فإذا فعل مثل ذلك فهذا باطل وليس هو المقصود فيما تقدم .
قال : ( وإن شك فيها استأنفها )
رجل في أثناء الصلاة شك هل نوى أم لا ؟ فحينئذ يجب عليه أن يعيد الصلاة فينوى ويكبر ، لأنه وهو في أثناء الصلاة قد شك في نيته والأصل عدم النية ، ولما وجد الشك ثبت لنا الحكم بأنه لا نية له ؛ لأن الأصل هو عدم النية وحيث شك فإنا نعود إلى الأصل ، هذا ما لم تكثر الشكوك والوسوسة في الصلاة .
فإن كثرت الشكوك والوسوسة فإنه حينئذ : لا يحكم له بذلك ، لأن الأصل هو بقاء النية لا عدمها .
فإن شك بعد الصلاة فلا يؤثر ذلك إجماعاً؛ لأن الصلاة قد ثبتت صحيحة فلا يؤثر فيها الشك ، واليقين لا يزول بالشك ، فإن الأصل هو ثبوتها وصحتها ما لم يثبت مبطل لها ، وهذا المبطل مشكوك فيه فنبقى على الأصل من صحة الصلاة وهذا بالإجماع .
إذا شك في نيته في أثناء الصلاة ثم تذكر أثناء الصلاة أنه قد نوى الصلاة :
فهذا لا يؤثر في صلاته بل يتمها ، لأنه لم ينو قطعها ، والنية ثابتة وحكمها مستصحب لكنه شك في ثبوتها ، فمثل هذا لا يؤثر في النية ، لأنه لا يجب أن تكون النية متذكرة في الذهن ، وإنما الواجب ألا يكون قد نوى قطعها .
فإذا غابت عن ذهنه فأداه ذلك إلى الشك فتذكرها بعد شكه قبل أن ينوى القطع فإن ذلك لا يؤثر فيها .
قال : ( وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز )
" منفرد " : ومثله المصلي مطلقاً ولعل هذا للتمثيل ، فإن في عبارة بعضهم " مصل " أي سواء كان هذا المصلي إماماً أو مأموماً أو منفرداً ، وإنما نص على المنفرد ؛ لأنه في الغالب هو الذي يحتاج إلى قلبها لأنه قد تحضر جماعة فيحتاج إلى أن ينقطع من صلاته هذه ويدخل مع الجماعة فيؤديها جماعة .
ولئلا يبطل عمله ، فإنه يقلب فريضته هذه إلى نفل .
والظاهر أن مرادهم : نفل مطلق لتعليلهم ، فإنهم قالوا في تعليلهم هذه المسألة : بأن نيته الأولى شاملة للنفل فهي نية فريضة لكنها شاملة للنفل أيضاً حيث أنه إذا صلى الفريضة فإنه ينوي أنها صلاة وأنها صلاة فرض أو أنها ظهر فيقوم مقام النية أنها فرض .
فالذي يصلي الفريضة يجتمع في نيته شيئان أنها صلاة وأنها فرض .
فإذا ألغى الفريضة وقطعها بقى أصل الصلاة له ، وهذا هو المشهور في المذهب ، وأن من نوى قلب فريضته نفلاً - والظاهر أنه نفل مطلق لإطلاقاتهم ولتعليلهم ، لأن النفل المقيد ليس بصلاة فقط بل هو صلاة مقيدة ، فكما أن الفريضة صلاة مقيدة بكونها فرض ، فالنفل المقيد صلاة مقيدة بكونها مثلاً راتبة ظهر ونحو ذلك ، فهي صلاة مقيدة فلم يتضمنها نية الفريضة .
إذن : المشهور في المذهب أن من قلب فريضة إلى نفل - والظاهر أنه مطلق - فإن ذلك يصح منه .
- والقول الثاني في المذهب وهو وجه عند الشافعية : أنه لا يجزئه ذلك ؛ لأن الواجب في العبادة فرضاً كانت أو نفلاً أن تكون النية من أولها إلى آخرها وهنا لم ينو من أولها .
ولكن هذا القول مع قوته هو ظاهر حيث كان التنفل مقيداً .
أما إذا كان مطلقاً فإن نية الفريضة شاملة لنية النفل ، فإنه إذا كبر بنية الفريضة فإن هذا شامل لكونها صلاة ولكونها فريضة ، فإذا نوى النفل إلى مطلق الصلاة فإنه يبقى على النية الأولى .
ومع ذلك في القول الثاني قوة فينبغي التريث في مثل هذه المسألة من نقل الفريضة إلى نافلة ، وأن يتم صلاته فريضة على هيئتها ، فإن هذه النية وإن كانت متضمنة لكونها صلاة ، لكنها هنا صلاة مطلقة وهناك صلاة بقيد أنها فريضة ، وفرق بين نية الفريضة ونية النافلة . والعلم عند الله تعالى .
قال : ( وإن انتقل بنية من فرض إلى فرض بطلا )
كأن ينوي الانتقال من فريضة العصر إلى فريضة الظهر فلا يجزئ ذلك ؛ وذلك لأن النية يجب أن تكون شاملة لأول الصلاة وآخرها وهو قد قلبها في آخر الصلاة فلم تكن شاملة لأول الصلاة كما شملت آخرها ، والواجب فيها أن تكون شاملة لأولها وآخرها .
فلم تصح الثانية ؛ لأن الواجب في الصلاة أن تكون نية الظهر من أول الصلاة إلى آخرها ، وهو لم ينوها ظهراً إلا آخر الصلاة .
وكذلك الأولى لا تصح ؛ لأنه أبطلها بقطعها لذا قال " بطلا "
أما الفرض الأول فإنه بطل لأنه قطعه .
وأما الثانية فإنها بطلت ؛ لأن النية فيها لم تكن شاملة لها من أولها .
والأولى ألا يُعبَّر لها بالبطلان لأنها لم تنعقد أصلاً ، فهذه الصلاة لم تنعقد أصلاً حتى يحكم لها بالبطلان ، ولكن لعل هذا من باب التغليب مع الحكم على الفريضة الأولى .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir