دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 01:50 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فصلٌ

وَيُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ والصَّغِيرِ والمَجْنُونِ لِحَظِّهِمْ وَمَنْ أعْطَاهُمْ مَالَهُ بَيْعَاً أَوْ قَرْضَاً رَجَعَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ أتْلَفُوهُ لَمْ يَضْمَنُوا،
قوله: «ويحجر على السفيه والصغير والمجنون لحظِّهم» هذا هو القسم الثاني من أقسام الحجر، وهو المحجور عليه لحظِّ نفسه، وهم ثلاثة:
السفيه: وهو الذي لا يحسن التصرف في المال، فهو بالغ عاقل لكن لا يحسن التصرف في المال، فيذهب يشتري به ما لا نفع فيه ولا فائدة.
الصغير: وهو الذي لم يبلغ.
المجنون: وهو فاقد العقل.
فهؤلاء الثلاثة يحجر عليهم، فلا يمكنون من التصرف في مالهم، لكن لحظهم لا لحظ غيرهم، فإذا كان السفيه مراهقاً حجرنا عليه من وجهين، هما: السفه، والصغر، ولكن لا بأس أن نعطيه ما يتصرف به مما جرت به العادة لنختبره؛ لأن الله تعالى قال: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] ، بمعنى أننا لا نحجر عليه حجراً تاماً، بل نعطيه ما يتصرف به بقدره، حتى نعرف أنه يحسن التصرف فإذا بلغ أعطيناه ماله.
والمجنون هل نعطيه شيئاً للاختبار؟
الجواب: لا؛ لأنه مجنون، فلو أعطيناه أيَّ شيء فسوف يفسده.
والسفيه البالغ كالمراهق، بمعنى أننا لا نمكنه من التصرف في ماله كما يريد، ولكن نعطيه شيئاً مما جرت به العادة من الأشياء اليسيرة.
وأطلق المؤلف فلم يقل: يحجر عليهم في أموالهم أو في ذممهم، فهؤلاء محجور عليهم في الأموال، بمعنى أنهم لا يتصرفون في أموالهم، وفي الذمم بمعنى أنهم لا يتصرفون في ذممهم، فلا يستقرضون ولا يشترون شيئاً بدين؛ لأنهم محجور عليهم في المال والذمة.
وقوله: «لحظهم» هذه إشارة إلى الحكمة من الحجر عليهم وهو حظهم ومنفعتهم، فلسنا نحجر على هؤلاء من باب التضييق ولكن من باب المصلحة.
قوله: «ومن أعطاهم ماله بيعاً أو قرضاً رجع بعينه وإن أتلفوه لم يضمنوا» «من أعطاهم» «من» اسم شرط، واسم الشرط يدل على العموم، يعني أيَّ إنسان أعطاهم ماله بيعاً أو قرضاً رجع بعينه، وإن أتلفوه لم يضمنوا.
مثال ذلك: رجل باع على السفيه ساعة ثم إن السفيه أتلفها، فهل يصح البيع؟
الجواب: لا يصح، فإن كان أخذ ثمنها من السفيه وجب عليه رده، وهل يضمنها هذا السفيه؟
الجواب: لا يضمنها؛ لأن الرجل هو الذي سلطه على ماله فلا يضمن، وكذلك لو جاء إنسان سفيه لشخص فقال: أقرضني مائة ريال، وهو يعرفه فقال: هذه مائة ريال، فلو أتلف هذا السفيه مائة الريال فإنه لا يضمنها، لكن إن بقيت المائة في يده فلمن أقرضه إياها أن يأخذها منه؛ لأن هذا التصرف غير صحيح، وإذا قدر أن هذا السفيه اشترى بها حاجة، فهل يرجع عليه بها؟
الجواب: نعم يرجع؛ لأن البدل له حكم المبدل، فإذا جاء هذا السفيه إلى شخص، وقال: أقرضني مائة ريال، قال له: هذه مائة ريال، فذهب واشترى بها ساعة، فهل يرجع الذي أعطاه المائة ريال بالساعة أو لا؟
الجواب: يرجع؛ لأنها بدل ماله، لو وجد ماله عند السفيه لأخذه، فكذلك إذا وجد بدله، أما لو اشترى هذا السفيه بالمائة ريال حلوى وأكلها، أو بطيخاً وأكله، أو عمل بها وليمة دعا إليها أصحابه وأكلها، فإنه لا يضمن؛ لأنه هو الذي سلطه على ماله وهذا سفيه، فكيف تعطي مالك للسفهاء؟!
ومثل ذلك الصغير، فلو جاء الصغير وقال لشخص: سلفني عشرة ريالات، فقال له: خذ هذه العشرة، فأخذها الصغير واشترى بها أشياء وأتلفها فلا يضمن الصغير، لكن لو وجد العشرة بيده، أخذها منه؛ لأنها عين ماله.
ولو جاء الصغير وقال لرجل: إن أبي يقول لك: من فضلك أقرضني مائة ريال، فادعى أن أباه أوصاه بذلك، فأقرضه، ثم إن الصبي أتلفها، هل يضمن؟
الجواب فيه تفصيل: إن صَدَّق الوالد ابنه فإن الأب يضمن؛ لأن الولد قبضها وكيلاً عن أبيه، فإذا تلفت بيد الولد كأنما تلفت بيد أبيه، وإن قال: لم أرسله ولا علمت بذلك، فلا ضمان على الصبي؛ لأن هذا الرجل هو الذي سلط الصغير على ماله.
والذي قررناه هو مقتضى كلام الفقهاء ـ رحمهم الله ـ لكن فيه إشكال؛ لأنها جرت العادة في مثل هذا أن الإنسان يقول لابنه، الذي لم يبلغ بأن يكون مراهقاً، أو له إحدى عشرة سنة أو ما أشبه ذلك: يا بني اذهب لجارنا، وقل له: أقرضني مائة ريال مثلاً، فهنا لا شك أن الرجل لم يعطه مائة ريال إلا وهو واثق من أن أباه قد أوصاه، وإلا لم يعطه، فهذه المسألة عندي فيها توقف، وهو أنه إذا جرت العادة بأن صاحبه يرسل إليه ولده ليستقرض منه، فينبغي أن يقال: إنه يضمن، لكن في هذه الحال الذي يضمن هو الوالد؛ لأن الرجل إنما أقرضه بناءً على أن أباه أرسله.
هذا إذا كانت العادة جارية بينهما مطردة، أما إذا لم تكن العادة جارية مطردة فإن هذا الصغير لا يضمن، ووالده ـ أيضاً ـ لا يضمن، إذا كذبه.
وقوله: «ومن أعطاهم» ذكرنا أنها عامة، فإذا كان الذي أعطاهم مثلهم يعني صغيراً أعطى صغيراً، وتلف المال عند الصغير، فهل نقول: عليهم الضمان؛ لأن عطية الصغير هنا غير معتبرة، فكأن الصغير الذي أعطي المال أتلفه بدون إعطاء؛ لأن هذا الإعطاء غير معتبر لكونه ممن لا يصح تصرفه؟ أو نقول: إن هذا الصغير لما سلط الصغير على المال فإنه لا ضمان؟ الأقرب الضمان؛ لأن حق الآدمي مضمون بكل حال، وإعطاء الصغار لمثلهم لا عبرة به.

وَيَلْزَمُهُمْ أرْشُ الجِنَايَةِ، وَضَمَانُ مَالِ مَنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهِمْ،
قوله: «ويلزمهم أرش الجناية» يعني إذا جنى هؤلاء الثلاثة فإن أرش الجناية ـ أي: ما تقدر به الجناية ـ لازم لهم، سواء كانت الجناية على النفس أو على المال، فلو أن هؤلاء الثلاثة اعتدوا على شاة إنسان وكسروها لزمهم أرش الجناية، ولو اعتدوا عليه نفسه وكسروا يده لزمهم أرش الجناية؛ لأن حق الآدمي لا يفرق فيه بين المكلف وغير المكلف؛ إذ إنه مبني على المشاحة، ولا يمكن أن يضيع حق بعمل مكلف أو غير مكلف، فلا بد أن يضمن، لكن إن كانت دية فالدية على عاقلته، وإن كان دون ثلث الدية فهو عليه نفسه.
قوله: «وضمان مال من لم يدفعه إليهم» حتى وإن لم يكن لهم تمييز، فلو أن المجنون اعتدى على مال إنسان وأحرقه فإنه يضمنه؛ لأنه لم يسلطه عليه.
فإذا قال قائل: أليس قد رفع القلم عن ثلاثة؟
قلنا: نعم رفع القلم عن ثلاثة باعتبار حق الله، ولهذا لا يأثم هذا المجنون، ولا يأثم هذا السفيه، ولا يأثم هذا الصغير، ويأثم إذا كان بالغاً، ولكن الضمان لازم لهم؛ لأن هذا حق للآدمي؛ ولذلك لو أن نائماً انقلب على مال أحد وأتلفه فإنه يضمنه؛ لأن الإتلاف يستوي فيه العامد والمخطئ والصغير والكبير.
فإن لم يكن عندهم مال فإنه لا يؤخذ من وليهم، لكن يبقى في ذممهم حتى يكبروا ويتوظفوا أو يتجروا ويؤخذ منهم.
فخلاصة هذا أن هؤلاء الثلاثة محجور عليهم في أموالهم وذممهم، وأن من سلطهم على ماله ببيع أو إجارة أو قرض أو غير ذلك فإنه لا ضمان عليهم؛ لأنه هو الذي سلطهم على ماله، وأما إن اعتدوا هم بأنفسهم فعليهم الضمان، فيلزمهم أرش جناية وضمان مال من لم يدفعه إليهم.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir