دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 محرم 1430هـ/3-01-2009م, 05:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


274 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـ
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - الْحَدِيثُ فِي سجودِ التلاوةِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَشْرُوعٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إثباتِ سجودِ التلاوةِ، فَقَدْ شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عُبُودِيَّةً وَقُرْبَةً إِلَيْهِ، وَخُضُوعاً لِعَظَمَتِهِ، وَتَذَلُّلاً بَيْنَ يَدَيْهِ عِنْدَ تلاوةِ آيَاتِ السُّجُودِ وَاسْتِمَاعِهَا.
2 - جمهورُ الْعُلَمَاءِ يَرَوْنَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وُجُوبَهُ دُونَ فَرْضِيَّتِهِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُجوبِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ}. [الانْشِقَاق: 20 - 21] فَذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ، وَإِنَّمَا اسْتُحِقَّ الذمُّ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمُطْلَقِ أَمْرِ: {فَاسْجُدُوا}.
3 - قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: سَجَدَاتُ الْقُرْآنِ إِخْبَارٌ منَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ سُجُودِ مَخْلُوقَاتِهِ، فَسُنَّ لِلتَّالِي وَالمُسْتَمِعِ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِهَا عِنْدَ تلاوةِ آيَةِ السجدةِ أَوْ سَمَاعِهَا، وَبَعْضُ السَّجَدَاتِ أَوَامِرُ، فَيَسْجُدُ عِنْدَ تِلاوَتِهَا بِطَرِيقِ الأَوْلَى.
4 - سجودُ التلاوةِ بِحَقِّ الْقَارِئِ، والمُسْتَمِعِ ـ وَهُوَ قاصدُ الاستماعِ ـ لاشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّوَابِ، دُونَ السامعِ الَّذِي لَمْ يَقْصِدِ الاستماعَ، فَلا يُشْرَعُ بِحَقِّهِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ سَامِعٍ.
5 - قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ: وَمَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لا يُشْرَعُ فِيهِ تَكْبِيرَةُ الإحرامِ، وَلا التَّحْلِيلُ، هَذَا هُوَ السُّنَّةُ المعروفةُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليها عَامَّةُ السَّلَفِ، فَلا يُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطُ الصَّلاةِ، بَلْ تَجُوزُ عَلَى غَيْرِ طهارةٍ.
قَالَ فِي (سُبُلِ السَّلامِ): الأَصْلُ أَنَّهُ لا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ إِلاَّ بدليلٍ، وَأَدِلَّةُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَرَدَتْ للصلاةِ، والسجدةُ لا تُسَمَّى صَلاةً، فَالدَّلِيلُ مَطْلُوبٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ.
6 - الْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى سَجْدَتَيْ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وَ {اقْرَأْ} فِي سَجَدَاتِ التلاوةِ، وَهَذَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ لا يَرَوْنَ سَجَدَاتِ المُفَصَّلِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَوَاتَرَتِ الآثارُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسجودِ بالمُفَصَّلِ، وَأَحَادِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
7 - أَرْجَحُ الأَقْوَالِ فِي سُجُودِ التلاوةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لأَنَّ عُمَرَ سَجَدَ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى، وَنَبَّهَ النَّاسَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ.
8 - يُقَالُ فِي سُجُودِ التلاوةِ مَا يُقَالُ فِي سجودِ الصَّلاةِ: (سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى)؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ)). وَلا بَأْسَ منْ زِيَادَةِ بَعْضِ الأَدْعِيَةِ، لا سِيَّمَا المَأْثُورَةِ.
9 - أَنَّهُ يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ، إِذَا كَانَ السُّجُودُ فِي الصَّلاةِ، لِحَدِيثِ: ((يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ، وَكُلَّمَا رَفَعَ)). أَمَّا تَرْكُ التكبيرِ فَلَمْ يُبْنَ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ، هَذَا إِذَا كَانَ السُّجُودُ فِي الصَّلاةِ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ سجداتِ الْقُرْآنِ.
فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَحَلاًّ، فَتُعْتَبَرُ سَجْدَةُ (ص)، وَلا يَرَوْنَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ إِلاَّ سَجْدَةً وَاحِدَةً.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى: أَنَّهَا أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعاً، فَهُمْ لا يَعْتَبِرُونَ سجداتِ المُفَصَّلِ.
وَذَهَبَ الحنابلةُ إِلَى: أَنَّهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً، وَلا يَعْتَبِرُونَ سَجْدَةَ (ص) مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ.
قَالَ الْحَافِظُ: المُجْمَعُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ مَوَاضِعَ، وَهِيَ مُتَوَالِيَةٌ إِلاَّ الثَّانِيَةَ فِي الْحَجِّ، وَسَجْدَةَ (ص).
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أحكامِ سُجُودِ التلاوةِ، مِنْ حَيْثُ التَّكْبِيرُ وَالسَّلامُ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ:
أحدُهَا: أَنَّهُ يُكَبِّرُ للسجودِ، وَيُكَبِّرُ عِنْدَ الرفعِ مِنْهُ، وَيُسَلِّمُ، وَهَذَا هُوَ المشهورُ منْ مَذْهَبِ الإمامِ أَحْمَدَ، وَلَكِنْ لا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالعباداتُ تَوْقِيفِيَّةٌ، لا تَثْبُتُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لا يُكَبِّرُ فِي السُّجُودِ، وَلا فِي الرفعِ مِنْهُ، وَلا يُسَلِّمُ مِنْهَا؛ لأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بالسجدةِ كَبَّرَ، وسَجَدَ، وَسَجَدْنَا مَعَهُ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (1413)، فَضَعَّفَهُ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ، وَلا يُكَبِّرُ إِذَا قَامَ، وَلا يُسَلِّمُ؛ لأَنَّ تكبيرَ السُّجُودِ، وَرَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ، وَأَمَّا تكبيرُ الرفعِ والتسليمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ فِيمَا نَعْلَمُ، وَهَذَا الْقَوْلُ الوسطُ هُوَ أعدلُ الأَقْوَالِ، وَقَد اخْتَارَهُ ابْنُ القَيِّمِ فِي (زَادِ المعادِ).
275 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: {ص} لَيْسَتْ مِنْ عزائمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
ص: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ سِرُّ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ، فاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا أَسْمَاءٌ للسُّوَرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ اللَّهَ تَحَدَّى بِهَا الْعَرَبَ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ مُؤَلَّفٌ منْ هَذِهِ الأحرفِ الَّتِي تَعْرِفُونَهَا: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. [الْبَقَرَةَ: 23].
وَفِي قِرَاءَةِ (ص) وَإِعْرَابِهَا، وَالنُّطْقِ بِهَا ـ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، والمشهورُ فِي قراءَتِهَا عَلَى السكونِ.
لَيْسَتْ منْ عزامِ السُّجُودِ: الْعَزَائِمُ جَمْعُ (عَزِيمَةٍ)، وَهِيَ الَّتِي أُكِّدَ عَلَى فِعْلِهَا، فَسَجْدَةُ (ص) لَيْسَتْ مِمَّا وَرَدَ فِي السُّجُودِ فِيهَا أَمْرٌ مُوجِبٌ، وَإِنَّمَا وَرَدَ بِصِيغَةِ الإِخْبَارِ بِأَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَعَلَهَا شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى، فَسَجَدَهَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتِدَاءً بِهِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ (ص) لَيْسَتْ مِنْ عزائمِ السُّجُودِ، أَيْ: لَيْسَتْ مِمَّا وَرَدَ أَمْرٌ فِي السُّجُودِ فِيهَا أَوْ حَثٌّ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا منْ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا وَرَدَتْ بصفةِ الإِخْبَارِ عَنْ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِأَنَّهُ سَجَدَهَا شُكْراً لِلَّهِ، وَسَجَدَهَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتِدَاءً بِهِ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ (957) أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((سَجَدَهَا دَاوُدَ تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْراً)). فَيَنْبَغِي أَنْ نَقْتَصِرَ فِي سُجُودِهَا عَلَى خارجِ الصَّلاةِ، وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ مَحَلُّهَا خَارِجَ الصَّلاةِ.
المشهورُ منْ مَذْهَبِ الإمامِ أَحْمَدَ: أَنَّ السُّجُودَ لأَجْلِ سَجْدَةِ (ص) يُبْطِلُ الصَّلاةَ، وَقِيلَ: لا تَبْطُلُ بِهَا الصَّلاةُ، لأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بالتلاوةِ، فَهِيَ كسائرِ سجداتِ التلاوةِ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ سجدةَ (ص) لا تُبْطِلُ الصَّلاةَ؛ لأَنَّ سَبَبَهَا الْقِرَاءَةُ المُتَعَلِّقَةُ بالصلاةِ.
وعدمُ السُّجُودِ بِهَا فِي الصَّلاةِ هُوَ الراجحُ منْ مَذْهَبِ الإمامِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي (فَتْحِ الباري): اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ ((شُكْراً)) عَلَى أَنَّهُ لا يُسْجَدُ فِيهَا فِي الصَّلاةِ؛ لأَنَّ سُجُودَ الشُّكْرِ لا يُشْرَعُ فِي داخلِ الصَّلاةِ.
وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِسُجُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا خارجَ الصَّلاةِ.
4 - قَالَ مُجَاهِدٌ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ سَجْدَةِ (ص) فَقَالَ: أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أَنْ يَقْتَدِيَ بالأنبياءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}. [الأَنْعَام: 90] قَالَ الرَّازِيُّ: أَوْجَبَ أَنْ تَجْتَمِعَ بِهِ جَمِيعُ خَصَائِصِ الأنبياءِ، وَأَخْلاقِهِمُ المُتَفَرِّقَةُ.
5 - قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّودَانِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (كِفَايَةُ أَهْلِ الإِيمَانِ): اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْكِ لَنَا مَا فَعَلَ دَاوُدُ مُفَصَّلاً، بَلْ سَتَرَهُ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَلاَّ يَخُوضَ فِيهِ إِلاَّ عَلَى أَحْسَنِ الْمَخَارِجِ.
276 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـ
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - الْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ سُجُودِ التلاوةِ للقَارِئِ.
2 - وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اعتبارِ سَجَدَاتِ المُفَصَّلِ منْ سَجَدَاتِ التلاوةِ، خِلافاً للشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ سَجَدَاتِ المُفَصَّلِ منْ سجودِ التلاوةِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} فَسَجَدَ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ والْمُشْرِكُونَ).
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَوَاتَرَتِ الآثارُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسجودِ فِي المُفَصَّلِ، وَتَقَدَّمَ.
3 - سَبَبُ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُ فِي مَكَّةَ ـ عِنْدَ سَمَاعِ سُورَةِ (النَّجْمِ) ـ مَا سَمِعُوهُ فِي آخِرِ السُّورَةِ منْ إهلاكِ الأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}. [النجم: 50 - 54] فَهَذِهِ القوارعُ هِيَ الَّتِي أَخَافَتْهُمْ فَسَجَدُوا.
ولهم مَوَاقِفُ مِثْلُهَا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ لَمَّا سَمِعَ منَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {حم} فُصِّلَتْ، وَوَاصَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلاوَتَهُ عَلَيْهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}. [فصلت: 13] أَمْسَكَ بِفَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَاشَدَهُ الرَّحِمَ أَنْ يَكُفَّ عَن الْقِرَاءَةِ، وَعَادَ إِلَى قُرَيْشٍ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْهُمْ، وَنَصَحَهُمْ، وَلَكِنْ لَمْ يَقْبَلُوا النَّصِيحَةَ، وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}. [الطُّور: 35] أَرْجَفَ مِنْهَا، وَهُوَ فِي حَالِ كُفْرِهِ.
فَهَذَا هُوَ مَا دَعَا الْمُشْرِكِينَ إِلَى السُّجُودِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، لا مَا تَفَوَّهَ بِهِ الزنادقةُ، والمَخْدُوعُونَ منْ قِصَّةِ الْغَرَانِيقِ الباطلةِ، فَهِيَ واهِيَةُ الْمَعْنَى، سَاقِطَةُ الدلالةِ، بعيدةٌ عَنْ مَقَامِ النُّبُوَّةِ، وَلَكِنَّ أَعْدَاءَ الإِسْلامِ يُولَعُونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الافتراءاتِ وَيَجِدُونَ مَنْ يُتَابِعُهُمْ إِمَّا منْ تَلامِيذِهِمْ فِي الْكُفْرِ، وَإِمَّا مِنَ السُّذَّجِ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ قَدْ وَصَفَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِأَنَّهُ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}. ثُمَّ جَاءَ بأداةِ الاسْتِفْهَامِ الإِنْكَارِيِّ مِنْ هَذِهِ الأصنامِ، وَتَسْمِيَتِهِمْ لَهَا، وَعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهَا، وَقَدْ أَبْطَلَهَا، وَرَدَّ هَذِهِ الروايةَ أَئِمَّةُ الإِسْلامِ، وَلَكِن المقامُ لا يَتَّسِعُ لِنَقْلِ كَلامِهِمْ، فَلا تَغْتَرَّ بِمُحَاوَلَةِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لِتَصْحِيحِ أسانيدِ رِوَايَتِهَا، فَإِنَّ كُلَّ مَا خَالَفَ الْقُرْآنَ أَوْ صَادَمَ الدِّينَ ـ مَرْفُوضٌ.
277 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (النَّجْمَ) فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـ
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا لَمْ يَسْجُدْ، فَإِنَّهُ لا يَسْجُدُ المُسْتَمِعُ.
2 - فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ سجودَ التلاوةِ مَنْدُوبٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ إِذْ لَوْ كَانَ وَاجِباً لأُنْكِرَ عَلَى زَيْدٍ عَدَمُ سُجُودِهِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَرَكَ السُّجُودَ لِعُذْرٍ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الأَئِمَّةِ الثلاثةِ: مَالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وأحمدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى: أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، والواجبُ عِنْدَهُمْ أَقَلُّ مِنَ الفرضِ، فَإِنَّهُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، أَمَّا الفرضُ فَمَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ.
3 - الْحَدِيثُ لا يَصْلُحُ دليلاً للشافعيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ مُنْذُ هَاجَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ المُفَصَّلِ، فَإِنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَجَدَ فِي (الانْشِقَاقِ) وَ (العَلَقِ) يَرُدُّ هَذَا، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ الَّذِي لَمْ يُسْلِمْ إِلاَّ بَعْدَ الهجرةِ بِسِتِّ سِنِينَ، حَيْثُ أَسْلَمَ بَعْدَ غزوةِ خَيْبَرَ ـ يَقُولُ: (سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِـ (الانْشِقَاقِ) وَ (العَلَقِ) ).
فَتَرْكُ السُّجُودِ فِي هَذَا لا يَصْلُحُ دَلِيلاً عَلَى نَسْخِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَرَكَهُ لِبَيَانِ الْحُكْمِ منْ حَيْثُ عَدَمُ الوُجُوبِ، أَوْ أَنَّ الْقَارِئَ لَمْ يَسْجُدْ، فَلا يَسْجُدُ المُسْتَمِعُ، أَوْ مِنْ بَابِ تَرْكِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ، خَشْيَةَ فَرْضِهِ، فَالْمَحَامِلُ كَثِيرَةٌ.
278 - وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي (الْمَرَاسِيلِ).
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ مَوْصُولاً منْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَزَادَ: فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلا يَقْرَأْهَا. وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
ـ
* دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ، وَلَهُ شَوَاهِدُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضاً، كَمَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ: فَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَلَيْسَ بالقَوِيِّ.
قَالَ فِي (التلخيصِ) وَأَكَّدَهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ الروايةَ صَحَّتْ فِيهِ منْ قَوْلِ عُمَرَ، وابنِهِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مُوسَى وَعَمَّارٍ.
* مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مِيزَةِ سُورَةِ الْحَجِّ عَلَى غَيْرِهَا منْ سُوَرِ الْقُرْآنِ، بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ، وَلَكِنَّهُ لا يَدُلُّ عَلَى تَفْضِيلِهَا عَلَى غَيْرِهَا من السُّوَرِ مُطْلَقاً، وَإِنَّمَا يُفَضَّلُ الشَّيْءُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَا قُيِّدَ بِهِ.
2 - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سجدةَ الْحَجِّ الأَخِيرَةَ منْ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ المُعْتَبَرَةِ، فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَبِي حنيفةَ وأتباعِهِ، مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهَا منْ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ.
3 - يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِسَجْدَتَيْهَا، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ قِرَاءَتِهَا ـ إِلاَّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ فِيهِمَا ـ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ؛ لأَنَّ النَّهْيَ لا يَكُونُ إِلاَّ لتركِ الواجبِ، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى تأكيدِ السُّجُودِ فِيهَا، مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الجمهورِ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ سجودِ التلاوةِ، وَقَدْ وَرَدَتْ نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ بتركِ السُّجُودِ، مِنْهَا الأَثَرُ الآتِي عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
4 - أَنَّ وَجْهَ النَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهَا لِمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا، هُوَ أَنَّ السجدةَ شُرِعَتْ فِي حَقِّ التالِي بِتِلاوَتِهِ، والإتيانُ بالسجدةِ منْ حَقِّ التلاوةِ، وَهِيَ لا تَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً فَيَأْثَمَ بِتَرْكِهَا، أَوْ سُنَّةً فَيَسْتَضِرَّ بِالتَّهَاوُنِ بِهَا.
279 - وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفِيهِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ، إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ. وَهُوَ فِي (المُوَطَّأِ).
ـ
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - هَذَا الأَثَرُ منْ أميرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَهُ فِي خطبةِ الْجُمُعَةِ، أمامَ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَدَلَّ عَلَى عدمِ المعارضةِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الصحابيِّ حُجَّةً، لا سِيَّمَا الخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ، الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَبِحُضُورِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ إِجْمَاعاً، كَمَا أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ ألفاظِ الأَثَرِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بالسُّجُودِ). وَهَذَا حَدِيثٌ لَهُ حُكْمُ الرفعِ، والمُؤَلِّفُ مَا سَاقَهُ هُنَا إِلاَّ للاستدلالِ بِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ.
2 - إِذَا كَانَ هَذَا الأَثَرُ يَنْفِي وُجُوبَ سُجُودِ التلاوةِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مَنْدُوباً إِلَيْهِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: وَلَمْ يَأْتِ بِإِيجَابِهِ قُرْآنٌ، وَلا سُنَّةٌ، وَلا إِجْمَاعٌ، وَلا قِيَاسٌ.
280 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بالسجدةِ كَبَّرَ، وَسَجَد، وَسَجَدْنَا مَعَهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ فِيهِ لِينٌ.
ـ
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ فِيهِ ضعْفٌ، لَكِنْ أَصْلُهُ فِي (الصَّحِيحَيْنِ).
قَالَ فِي (التخليصِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ العُمَرِيُّ المُكَبَّرُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ (1/421) مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ العُمَرِيِّ المُصَغَّرِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَقَالَ: إِنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
قُلْتُ: وَأَصْلُهُ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) منْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظٍ آخَرَ.
* مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ التلاوةِ.
2 - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المستمعَ يَسْجُدُ إِذَا سَجَدَ الْقَارِئُ.
3 - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَارِئَ إمامٌ للمُسْتَمِعِينَ فِي تِلْكَ السجدةِ.
4 - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا لَمْ يَسْجُدْ، فَإِنَّ المستمعَ لا يَسْجُدُ.
5 - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ، والظاهرُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بتكبيرةٍ وَاحِدَةٍ، تُجْزِئُ عَنْ تكبيرةِ الانتقالِ، وَيَكُونُ الأَصْلُ فِيهَا للإحرامِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ تكبيرةٌ للرفعِ من السُّجُودِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ.
6 - أَمَّا شَيْخُ الإِسْلامِفَيَقُولُ: وَلا يُشْرَعُ فِي سجودِ التلاوةِ تَحْرِيمٌ، وَلا تَحْلِيلٌ، وَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ المعروفةُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهَا عَامَّةُ السَّلَفِ، وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ هُوَ الصَّلاةَ، فَلا يُشْتَرَطُ لَهُ شروطُ الصَّلاةِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَسَائِرِ الذِّكْرِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَاخْتَارَهَا الْبُخَارِيُّ، لَكِن السُّجُودُ بِشُرُوطِ الصَّلاةِ أَفْضَلُ.
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ للرفعِ منْ هَذَا السُّجُودِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيُّ: سجودُ التلاوةِ إِذَا فُعِلَ خارجَ الصَّلاةِ، فالصحيحُ أَنَّهُ لا يَجِبُ فِيهِ تكبيرٌ وَلا تَسْلِيمٌ، وَلا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ، وَلا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، وَلَكِنَّهُ بِشُرُوطِ الصَّلاةِ أَكْمَلُ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الصَّلاةِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ سُجُودِ الصَّلاةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
7 - أَمَّا المشهورُ منْ مَذْهَبِ الإمامِ أَحْمَدَ: فَقَالَ عَنْهُ فِي (شرحِ الزادِ): وَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ: تَكْبِيرَةً إِذَا سَجَدَ، وَتَكْبِيرَةً إِذَا رَفَعَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلاةِ أَوْ خَارِجَهَا، وَيَجْلِسُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلاةٍ، وَلا يَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ وُجُوباً، وتُجْزِئُ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ نَدْباً إِذَا سَجَدَ، وَلَوْ فِي الصَّلاةِ، وسجودٌ منْ قِيَامٍ أَفْضَلُ، وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى، كَمَا يَقُولُ فِي صُلْبِ الصَّلاةِ، وَإِنْ زَادَ غَيْرَهُ مِمَّا وَرَدَ فَحَسَنٌ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَحَادِيثُ الوُضُوءِ مُخْتَصَّةٌ بالصلاةِ، لَكِن السُّجُودُ بشروطِ الصَّلاةِ أَفْضَلُ، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُخِلَّ بِذَلِكَ إِلاَّ لِعُذْرٍ، فالسجودُ بِلا طَهَارَةٍ خَيْرٌ مِنَ الإخلالِ بِهِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir