2) قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تفسير التوبة النصوح: (أن تتوب من الذنب ثم لا تعود فيه، أو لا تريد أن تعود).
قول عمر بن الخطاب أخرجه عبد الرزاق في تفسيره وأبي داود في الزهد وابن جرير في تفسيره والحاكم في مستدركه والبيهقي في السنن الكبرى وشعب الإيمان والبوصيري في اتحاف الخيرة وابن حجر في المطالب العالية من طريق عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشيرعن عمر ، كلها بألفاظ متقاربة ، وعزاه السيوطي إلى الفرياني وعبد الرزاق وابن منيع وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه .
وقال عنه الذهبي أنه صحيح .
ووجه هذا القول مبني على معناه اللغوي ، والتوبة في اللغة هو الرجوع .
قال ابن فارس في مقاييس اللغة : التَّاءُ وَالْوَاوُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ. يُقَالُ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ، أَيْ رَجَعَ عَنْهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً وَمَتَابًا، فَهُوَ تَائِبٌ .
ومعنى نصوحا في اللغة مصدر مبالغة من النصح وهو الإخلاص التام والصدق التام ، فيعزم على عدم العودة للذنب اطلاقا .
قال السمين الحلبي : وهي صيغةُ مبالغةٍ، أسند النصحَ إليها مجازاً، وهي مِنْ نَصَح الثوبَ أي: خاطه، وكأنَّ التائبَ يُرَقِّع ما خرقه بالمعصية.
(5) قول معاذ بن جبل رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {لا انفصام لها} قال: (لا انقطاع لها دون دخول الجنة).
وقول معاذ بن جبل أخرجه ابن أبي حاتم عن عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ عن حُمَيْدُ بْنُ أَبِي الْخُزَامَى عن معاذ بن جبل ، وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر .
وعمرو بن ميمون ثقة ، وثقه يحي بن معين والنسائي وغيرهم .
وفي سنده سريح بن النعمان وهو الذي قال عنه النسائي لا بأس به ، وقد ذكر الذهبي أنه عنده غلط في الأحاديث ، وقال عنه أبوداود أنه ثقة .
وهذا المعنى له وجه في اللغة ، ففي اللغة الفصام يطلق للانقطاع والانكسار من فصم الشيء أي انصدع ، كما ذكر ذلك الخليل أحمد والجوهري .
(7) قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله).
قول عبد الله بن مسعود أخرجه عبد الرزاق في تفسيره وابن جرير و أبو بكر المالكي في المجالسة وجواهر العلم و الطبراني في معجم الكبير وأبو حسين البغدادي في حديث شعبة بن الحجاج والحاكم في مستدركه وأبو نعيم في الحلية وفي مسانيد فراس والبيهقي في المدخل وابن حجر في المطالب العالية عن الشعبي بطرق عن عبد الله بن مسعود بألفاظ متقاربة في بعضها و بزيادات في بعضها ، وعزاه السيوطي إلى الفرياني وسعيد بن منصور وابن المنذر ، ولم أجد ما عزاه ، ولكن الحديث ذكره البخاري في صحيحه ، وقال عنه الحاكم أنه صحيح على شرط الشيخين .
ووجه هذا القول من جهة معنى الأمة اللغوي ،على اعتبار أنه صفة ، فالأمة يطلق على الإمام على اعتبار أنه كلمة الأمة مشتق من الفعل ( أم ) ، وأمهم يعني تقدمهم ، وهي الإمامة ، كما ذكر ذلك الفيروز آبادي ، فكل من يؤمه الناس ليتعلموا منه الخير فهو أمة ، وقد ذكر عن ذلك الزمخشري .
وذكر الزمخشري أيضا أن في معنى الآية يكون إماما في الدين ، لأن الأئمة معلمو الخير .
فإن كان ذلك فيكون من مقتضى المعنى ، فمقتضى الإمامة تعليم الناس الخير .
ويؤيد هذا الوجه أيضا قوله تعالى : ( وجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) .
ففي هذه الآية يظهر أن الإمام يهدي الناس بأوامر الله ، فيعني أنه يعلم الناس بأوامر الله ، وهو الخير .