ولإمام المسلمين إقطاع الأرض الموات لمن يحييها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث العقيق، وأقطع وائل بن حجر أرضا
بحضرموت، وأقطع عمر وعثمان وجمعا من الصحابة، لكن لا يملكه بمجرد الإقطاع حتى يحييه، بل يكون أحق به من غيره، فإن أحياه؛ ملكه، وإن عجز عن إحيائه؛ فللإمام استرجاعه وإقطاعه لغيره ممن يقدر على إحيائه؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استرجع الإقطاعات من الذين عجزوا عن إحيائها.
ومن سبق إلى مباح غير الأرض الموات؛ كالصيد، والحطب؛ فهو أحق به.
وإذا كان يمر بأملاك الناس ماء مباح "أي: غير مملوك" كماء النهر وماء الوادي؛ فللأعلى أن يسقي منه ويحبس الماء إلى الكعب ثم يرسله للأسفل ممن يليه، ويفعل الذي يليه كذلك ثم يرسله لمن بعده.. وهكذا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اسق يا زبير! ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر))، متفق عليه.
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري؛ قال: نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر))؛ فكان ذلك إلى الكعبين؛ أي: قاسوا ما وقعت فيه القصة، فوجدوه يبلغ الكعبين، فجعلوا ذلك معيارًا لاستحقاق الأول فالأول.
وروى أبو داود وغيره عن عمر بن شعيب؛ أنه صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور "واد بالمدينة مشهور": "أن يمسك الأعلى حتى يبلغ السيل الكعبين، ثم يرسل الأعلى على الأسفل".
أما إن كان الماء مملوكا؛ فإنه يقسم بين الملاك بقدر أملاكهم، ويتصرف كل واحد في حصته بما شاء.
ولإمام المسلمين أن يحمي مرعى لمواشي بيت مال المسلمين؛ كخيل الجهاد، وإبل الصدقة؛ ما لم يضرهم بالتضييق عليهم؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين"؛ فيجوز للإمام أن يحمي العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين ونعم الجزية والضوال إذا احتاج إلى ذلك ولم يضيق على المسلمين.
[الملخص الفقهي: 2/182-183]