2: 1: سبب تسمية الحواريّين بهذا الاسم.
- المراجع:
معاني القرآن للفراء
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
تفسير غريب القرآن لليزيدي
تفسير ابن جرير
تفسير ابن أبي حاتم
تفسير الزجاج
ياقوتة الصراط لغلام ثعلب
العمدة في غريب القرآن لمكي بن أبي طالب
تفسير ابن عطية
تفسير ابن كثير
- الأقوال الواردة في سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم مع تصنيفها ونسبتها وتخريجها:
القول الأول: أنهم سموا بذلك, لبياض ثيابهم. قال به سعيد بن جبير, وابن عباس, وذكره الفراء, واليزيدي, وابن عطية, وابن كثير.
تخريج الأقوال:
قول سعيد بن جبير: رواه ابن جرير عن محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: ممّا روى أبي، قال: حدّثنا قيس بن الرّبيع، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ, وذكر قوله.
قول ابن عباس: رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ميسرة النّهديّ عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ, وذكر قوله.
القول الثاني: لأنهم كانوا يبيضون الثياب. قال به أبو أرطأة, والضحاك, وذكره معمر بن المثنى, واليزيدي, والزجاج, وابن عطية ورجحه, وابن كثير.
تخريج الأقوال:
قول أبو أرطأة: رواه ابن جرير عن محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن أبي أرطأة, وذكر قوله.
قول الضحاك: رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيدٍ الأشجّ، ثنا الوليد بن القاسم، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك, وذكر قوله.
القول الثالث: أنهم نصراء الأنبياء وصفوتهم. قال به قتادة, والضحاك, وابن عيينة, وذكره الفراء, ومعمر بن المثنى, واليزيدي, والزجاج ورجحه, وغلام ثعلب, ومكي بن أبي طالب, وابن عطية, وابن كثير ورجحه.
تخريج الأقوال:
قول الضحاك: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن المنجاب، قال:بن الحارث، قال: حدّثنا بشرٌ، عن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك, وذكرا قوله.
قول قتادة: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عليّة، عن روح بن القاسم، أنّ قتادة قال بعد أن سئل عن الحواريين: الذين تصلح لهم الخلافة.
ولقتادة قول آخر يدخل تحت هذا القول: رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، قال معمرٌ قال قتادة:الحواريّ: الوزير.
قول ابن عيينة: رواه ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان يعني: ابن عيينة قال:الحواريّ: النّاصر.
(وسبب جمع الأقوال رغم اختلافها تحت بند واحد, لتشابه فكرتها وقربها من المعنى المراد والذي يدور عليه القول الثالث)
-المعنى اللغوي للفظة (الحواريون):
الحور عند العرب: شدّة البياض.
والحواريات: من النساء اللاتى لا ينزلن البادية، وينزلن القرى، قال الحادي:
لما تضمّنت الحواريّات= وقال أبو جلدة اليشكرىّ:
وقل للحواريات تبكين غيرنا= ولا تبكنا إلاّ الكلاب النوابح
ويقال حرت الثوب، أي: غسلته وبيضته, وأحورت القدر إذا أبيض لحمها قبل النضج, والعين الحوراء النقية المحاجر..إلخ, كما ذكر ذلك اليزيدي.
وقال أهل اللغة في المحور: وهو العود الذي تدور عليه البكرة قولين:-
قال بعضهم: إنما قيل له محور للدوران؛ لأنه يرجع إلى المكان الذي زال منه.
وقيل: إنما قيل له محور؛ لأنه بدورانه ينصقل حتى يصير أبيض. ذكر ذلك الزجاج.
- توجيه الأقوال, ونقدها, وبيان الراجح منها:
نجد في القولين الأولين تشابها في الأصل اللغوي لهما, وتفسيرا للحور بالبياض, والاختلاف بينهما في نسب البياض, فالقول الأول ينسب البياض لثياب الحواريين أنفسهم, والقول الثاني ينسب البياض لمصدر شغلهم إذ يقوم على تبييض الثياب, وهو: الغسيل. وكلا القولين لا يستبعد صحته, فالغالب أن من يقوم على تبييض الثياب فإن ثوبه كذلك يكون مبيضا, وإن كان القول الثاني أصح من حيث كثرة قائليه, واجتماعهم على أن هذا كان مصدر رزق الحواريين وسبب شهرتهم بهذا اللقب, وكلا القولين يفسر المراد من بحثنا وهو: "سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم".
أما القول الثالث ورغم صحته وصحة استدلالهم عليه بقول رسول الله :"لكل نبي حواري وحواري الزبير", فإنه لا يفسر سبب تسميتهم بذلك, وإنما يبين سبب إطلاق لفظة الحواريين فيما بعد على خاصة الأنبياء, كما فعل ذلك رسول الله, وهذا ما أيده ابن عطية ودعا إليه إذ قال بعد أن ذكر القول الثالث: "وهذا تقرير حال القوم، وليس بتفسير اللفظة، وعلى هذا الحد شبه النبي عليه السلام، ابن عمته بهم في قوله: وحواريّ الزبير، والأقوال الأولى هي تفسير اللفظ، إذ هي من الحور، وهو البياض".
وعلى هذا فنقول: سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم لأنهم كانوا يبيضون الثياب, ولا يستبعد أن ثيابهم كانت بيضاء كذلك, ثم بعد ذلك, ولأنهم ناصروا عيسى عليه السلام, وكانوا من خاصته وصفوته, أصبح هذا الاسم يطلق على من قام بمثل فعلهم وعملهم, فالحواري في المعنى الشرعي: هو خاصة النبي وصفوته ونصيره.
وقد قال ابن جرير: "وأشبه الأقوال الّتي ذكرنا في معنى الحواريّين قول من قال: سمّوا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنّهم كانوا غسّالين.
وقد يجوز أن يكون حواريّو عيسى كانوا سمّوا بالّذي ذكرنا من تبييضهم الثّياب وأنّهم كانوا قصّارين، فعرفوا بصحبة عيسى واختياره إيّاهم لنفسه أصحابًا وأنصارًا، فجرى ذلك الاسم لهم واستعمل، حتّى صار كلّ خاصّةٍ للرّجل من أصحابه وأنصاره حواريّه؛ ولذلك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لكلّ نبيٍّ حواريّ، وحواريّ الزّبير يعني خاصّته", ولذلك الضحاك كمثال ممن روي عنه القولين, فلا يعقل أن يكون رواهما وهما متعارضين, وإنما قال بأحدهما مرة تفسيرا لسبب التسمية, وبالآخر للمعنى الحديث الذي أصبح لقب "الحواري" يطلق على المرء ويقصد به, وبهذا نكون بينا منشأ اختلاف الأقوال, وجمعنا بينها, ووضحنا القول الراجح الجامع فيها, وصلى الله وسلم على نبينا محمد.