دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 03:04 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس السابع: مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 52-74)


حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: سبب تسمية الحواريّين بهذا الاسم.
2: المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ}.


تعليمات الإجابة على المسائل:
هذا التطبيق مطلوب تقديمه في صورة خطوات منفصلة كالتالي:
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
ثانيا:
استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
ثالثا: تخريج الأقوال.
رابعا: توجيه الأقوال.
خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.


تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 ذو القعدة 1439هـ/3-08-2018م, 05:14 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران
تحرّير القول: معنى "التوفي" في قوله تعالى: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ ومطهّرك}.


أولا: ذكر مراجع البحث.
هذه المسألة تفسيرية لغوية، تم الرجوع فيها إلى الكتب التالية :
أولا من المصادر الأصلية:

-من المرتبة الأولى: كتب دواوين السنة.
بحثت في بعضها كالصحيحين والسنن الأربع ومسند أحمد ومستدرك الحاكم وسنن سعيد بن منصور وتفسيره، ومصنف عبد الرزاق ولم أجد فيها شيء يتعلق بصريح المراد سوى المستدرك.
- من المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)
- من المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة :
1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري (ت: 310هـ)
2- تفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)
3- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ)
4- تفسير أبي إسحاق الثعلبي(ت427) .
- ومن المرتبة الرابعة : التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها .
-1تفسير سفيان الثوري (161 ه)
-2تفسير ابن المنذر النيسابوري(ت:318هـ)
- من المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير :
1. النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
2. المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
3. زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
4. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ)
.5 أحكام القرآن للقرطبي (ت671)

ومن التفاسير اللغوية :
-معاني القرآن للفراء (ت207)
-غريب القرآن لابن قتية (ت276)
-غريب القرآن للسجستاني (ت330)
-معاني القرآن للنحاس(ت338)
-معاني القرآن لإِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ)
- ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب (ت345).
-تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ت370).

ثانيا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
يمكن إرجاع القول في هذه المسألة إلى أربعة أقوال :
==القول الأول: أنّ المراد بالتوفي هو الموت الذي يكون بعد نزوله في آخر الزمان، وأن في الكلام تقديم وتأخير.

=القائلون به:
- روي عن ابن عباس، وقتادة وغيره.

=تخريج القول الأول :
-فأما قول ابن عباس
فأخرجه ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم، كلهم عن على بن أبي طلحة عنه، وأخرجه إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عنه.
-وأما قول قتادة:
فرواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن بشير عنه.

وقد ذكر هذا القول الزجاج ونسبه للنحويين، وذكره الفراء، وابن عطية وابن كثير.

=توجيه القول الأول :
هذا القول مبني على المعنى اللغوي للكلمة فهذا هو ظاهر معناها عند الإطلاق، وأنه قد وقع تقديم وتأخير في الكلام في الآية والقول بالتقديم والتأخير جائز لأن المعنى قد عرف وأن عيسى عليه السلام لم يممت بعد كما ذكر ذلك النحاس في معاني القرآن.


==القول الثاني: أنّ المراد بالتوفي هو الموت، وأنه مات وقتاً ثم أحياه الله ورفعه إليه.
=القائلون به:
روي هذا عن الحسن –هو ابن علي-، ووهب بن منبه ونسبه ابن عطية إلى وابن جريج ومطر الوراق ومحمد بن جعفر بن الزبير، ولم أجد عن ثلاثتهم إلا القول ما وافق القول الرابع أو الثالث وسيأتي بيانه.
-قال وهب بن منبه: توفاه الله بالموت ثلاث ساعات ورفعه فيها ثم أحياه الله بعد ذلك، عنده في السماء
-وفي بعض الكتب –لأهل الكتاب- ، سبع ساعات

=تخريج القول الثاني .
-فأما قول الحسن –ابن علي-
فأخرجه الحاكم عن الحريث بن مخشبي أنه سمع الحسن فذكر قوله.
-وأما قول محمد بن جعفر بن الزبير
أخرجه ابن جرير عنه.
-وأما قول وهب.
فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم كلاهما عن ابن إسحاق عمن لا يتهم عنه، والحاكم في مستدركه،

=توجيه القول الثاني .
هذا القول مبني على المعنى اللغوي للكلمة فهذا هو ظاهر معناها عند الإطلاق.

==القول الثالث : أنّ المراد بالتوفي هو وفاة نوم.
=القائلون به:
روي هذا عن الربيع بن أنس، وأحد قولي الحسن،
وذكر ابن كثير في تفسيره أنه قول الأكثرين.

=تخريج القول الثالث .
-فأما الربيع بن أنس
فرواه ابن جرير في تفسيره عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عنه، وذكره البغوي في تفسيره عنه.
-وأما قول الحسن
فرواه ابن جرير أيضا عنه وهو غير صريح في الدلالة على هذا القول فهو صريح في عدم موته فقط.

=توجيه القول الثالث .
هذا القول مبني على معنى الوفاة في بعض المواضع من كتاب الله،
كقوله تعالى : {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار} [الأنعام: 60]
وقال تعالى: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون]} [الزّمر: 42]
وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول -إذا قام من النّوم-: "الحمد للّه الّذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النّشور"،


==القول الرابع: أنّ المراد بالتوفي هو الرفع من الأرض.
=القائلون به:
مطر الوراق، وأحد قولي الحسن، وابن جريج، ومحمد بن جعفر بن الزبير، وابن زيد
= عَن مطر الْوراق فِي الْآيَة قَالَ {متوفيك} من الدُّنْيَا وَلَيْسَ بوفاة موت
، وذكر ابن كثير أنه قول ابن جرير، وهو كذلك.

=تخريج القول الرابع: .
-فأما قول مطر الوراق
فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم عنه، وابن المنذر.
وأما قول الحسن
فأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وذكره البغوي في تفسيره، وإسحاق بشر وابن عساكر.
وذكره الثعلبي في الكشف والبيان ومن نقله يظهر أن قول الحسن هو هذا القول، وهو أن الموت هنا بمعنى القبض حيث أورد كلاما للحسن فقال : " قال الحسن: الوفاة في كتاب الله على ثلاثة أوجه، وفاة الموت وذلك قوله اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها «1» يعني وجعل نقصان أجلها وفاة النوم، وذلك قوله وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ «2» يعني ينيمكم، ووفاة بالرفع كقوله إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ «3» .".
-وأما قول محمد بن جعفر بن الزبير
فرواه الطبري عن ابن إسحاق عنه.
-وأما قول ابن زيد
فرواه الطبري عن ابن وهب عنه.


=توجيه القول الرابع: .
هذا القول مبني على تقدير محذوف يصير به المراد بالتوفي هو الرفع فالمراد "إني متوفيك من الدنيا" فيصير المعنى رافعك منها.
قال الفراء في معاني القرآن:
معنى متوفيك: قابضك كما تقول: توفيت مالي من فلان: قبضته من فلان. فيكون التوفي على أخذه ورفعه إليه من غير موت. وقال مثله النحاس في معاني القرآن أيضاً.
وذكر في الدر المنثور أن هذا القول هو اختيار الفراء.

خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.
هذه المسألة ترجع إلى قولين رئيسين:
==أحدهما: أن التوفي يراد به الموت، ثم اختلف في بيانه على قولين:
=الأول: أن الموت يكون في آخر الزمان بعد نزول عيسى عليه السلام، ويكون في الكلام تقديم وتأخير ويكون المراد (إني رافعك إلي ومطهرك ومتوفيك).(وهذا هو القول الأول من الأقوال)
=الثاني: أن الموت كان في الدنيا لمدة اختلف فيها فقيل ثلاث ساعات وقيل سبع وقيل ثلاثة أيام، ثم أحياه الله ثم رفعه إليه، (وهذا هو القول الثاني من الأقوال)
==والآخر: أن التوفي يراد به معنى غير الموت، ثم اختلف في المراد على قولين:
=الأول: أن المراد به ما يكون في النوم، كالمذكور في قوله تعالى "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها". (وهذا هو القول الثالث من الأقوال).
=الثاني: أن المراد بالتوفي الرفع من الأرض على تقدير محذوف وهو "الدنيا" فالكلام "متوفيك من الدنيا" وهو بمعنى "رافعك منها" (وهذا هو القول الرابع من الأقوال).

والذي يترجح:
-أن القول الأقوى من هذين القولين هو القول الثاني على تأويل من تأول أن الموت ليس حقيقي . (ويمثله القول الثالث والرابع)
فالتأويل بأنه الذي يكون في النوم.
-قد ذكر ابن كثير أنه قول الأكثرين، واستدل بورود آيات في مواضع متفرقة من كتاب الله على إرادة هذا المعنى والتعبير عنه بلفظ الوفاة على ما تقدم بيانه في موضعه. وهذا يمثله القول الثالث.
والتأويل الآخر له قوي أيضا وقد أختاره ابن جرير فقال " وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا، قولُ من قال: "معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ". وقد اختاره أيضا القرطبي -هذا يمثله القول الرابع.

-قال القرطبي في تفسيره: وَالصَّحِيحُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ غَيْرِ وَفَاةٍ وَلَا نَوْمٍ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ الضَّحَّاكُ. قَالَ الضَّحَّاكُ: كَانَتِ الْقِصَّةُ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَ عِيسَى اجْتَمَعَ الْحَوَارِيُّونَ فِي غُرْفَةٍ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمَسِيحُ مِنْ مِشْكَاةِ الْغَرْفَةِ، فَأَخْبَرَ إِبْلِيسُ جَمْعَ الْيَهُودِ فَرَكِبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ فَأَخَذُوا بَابَ الْغَرْفَةِ. فَقَالَ الْمَسِيحُ لِلْحَوَارِيِّينَ: أَيُّكُمْ يَخْرُجُ وَيُقْتَلُ وَيَكُونُ مَعِي فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَأَلْقَى إِلَيْهِ مِدْرَعَةً «2» مِنْ صُوفٍ وَعِمَامَةً مِنْ صُوفٍ وَنَاوَلَهُ عُكَّازَهُ وَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُ عِيسَى، فَخَرَجَ عَلَى الْيَهُودِ فَقَتَلُوهُ وَصَلَبُوهُ. وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَسَاهُ اللَّهُ الرِّيشَ وَأَلْبَسَهُ النُّورَ وَقَطَعَ عَنْهُ لَذَّةَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ فَطَارَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ.
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَرْفَعَ عِيسَى إِلَى السَّمَاءِ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَقَالَ لَهُمْ: أَمَا إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ سَيَكْفُرُ بِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِي، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُلْقَى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي فِي دَرَجَتِي؟ فَقَامَ شَابٌّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ فَقَالَ أَنَا. فَقَالَ عِيسَى: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابُّ فَقَالَ أَنَا. فَقَالَ عِيسَى: اجْلِسْ. ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابُّ فَقَالَ أَنَا. فَقَالَ نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ. فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ شَبَهَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ: وَرَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى عِيسَى مِنْ رَوْزَنَةٍ «1» كَانَتْ فِي الْبَيْتِ إِلَى السَّمَاءِ. قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَبُ مِنَ الْيَهُودِ فَأَخَذُوا الشَّبِيهَ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ صَلَبُوهُ، وَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِهِ، فَتَفَرَّقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ: قَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا اللَّهُ مَا شَاءَ ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّةُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا ابْنُ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّةُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ. فَتَظَاهَرَتِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ فَقَتَلُوهَا، فَلَمْ يَزَلِ الْإِسْلَامُ طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا" [الصف: 14] «2» أَيْ آمَنَ آبَاؤُهُمْ فِي زَمَنِ عِيسَى" عَلى عَدُوِّهِمْ" بِإِظْهَارِ دِينِهِمْ عَلَى دِينِ الْكُفَّارِ" فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ"

وعليه فالقول الراجح أنه رفع إلى السماء فقبضه الله إليه بدون موت ولا نوم.

-والأمة قد أجمعت على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه السلام في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويفيض العدل ويظهر هذه الملة ملة محمد ويحج البيت ويعتمر، ويبقى في الأرض أربعا وعشرين سنة، وقيل أربعين سنة، ثم يميته الله تعالى.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 ذو القعدة 1439هـ/4-08-2018م, 12:58 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:

2: المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ}.

- ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
هذه المسألة تفسيرية ولها علاقة بالعقيدة واللغة .
مراجع البحث :
تفسير عبدالرزاق .
صحيح البخاري .
تفسير ابن جرير الطبري .
تفسير ابن أبي حاتم .
تفسير البغوي .
جامع الأصول لابن الأثير الجزري .
الدر المنثور للسيوطي .
فتح الباري .
النكت والعيون للماوردي .
المحرر الوجيز لابن عطية .
زاد المسير لابن الجوزي .
أحكام القرآن للقرطبي .
تفسير القرآن العظيم لابن كثير .
أضواء البيان للشنقيطي .

معاني القرآن للفراء
تفسير غريب القرآن لابن قتيبة
معاني القرآن للزجاج
معاني القرآن للنحاس
تفسير المشكل من غريب القرآن لمكي بن أبي طالب

مجموع فتاوى ابن تيمية


- استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها:
القول الأول : أنها وفاة نوم ، فيكون المعنى إني مُنيمك ورافعك في نومك ، وهو قول الربيع بن أنس .

تخريج القول الأول :
أما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق عبد اللّه بن أبي جعفر ، عن أبيه عنه .

توجيه القول الأول :
هذا القول مبنيّ على أمرين :
1- إطلاق الوفاة على النوم في أدلة ثابتة شرعا من الكتاب والسنة ، منها قوله تعالى : ( وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ) ، وقوله تعالى : ( اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون ) .
2- تواتر أدلة الكتاب والسنة على نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، وعلى إيمان الناس به قبل موته ، قال تعالى ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا ) ، والضّمير في قوله: {قبل موته} عائدٌ على عيسى، عليه السّلام، فموته بعد نزوله و إيمان أهل الكتاب به ، وهو خلاصة قول ابن كثير .

القول الثاني : أنها وفاة موت ، ثم اختلفوا فمنهم من قال أن هذا من المقدم المؤخر ، وهو قول قتادة ، وابن عباس ومنهم من قال توفاه الله عددا من الساعات ثم أحياه ، وهو قول وهب بن منبه .

- تخريج القول الثاني :
أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عنه ، و ذكره البخاري في ترجمة بابٍ ، وأما قوله بأنه من المقدم المؤخر فأخرجه إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن عباس وذكره السيوطي في الدر المنثور .
وأما قول قتادة فرواه ابن أبي حاتم من طريق مروان يعني ابن محمّدٍ، عن سعيد بن بشيرٍ، عنه .
وأما قول وهب بن منبه فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم، عنه .

توجيه القول الثاني :
أصحاب هذا القول حملوا اللفظ على ظاهره من الموت ، ودليل ذلك قوله تعالى ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ) .
ثم اختلفوا هل كان الموت قبل الرفع ، أم هناك تقديم وتأخير في الآية فيكون المعنى : إنّي رافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء ، قال النحاس وهذا جائز في الواو .

القول الثالث : أي قابضك حيا ورافعك إلي ، لما يقال: توفّيت من فلانٍ ما لي عليه، بمعنى: قبضته واستوفيته ، وهو قول الحسن، و مطر الورّاق وابن جريج، وكعب الأحبار و محمد بن جعفر ، وابن زيد وابن قتيبة ، وذكره الفراء والنحاس
تخريج القول الثالث :
فأما قول الحسن فرواه عبدالرزاق من طريق معمر عنه ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبدالرزاق .
و أما قول مطر الوراق فرواه ابن جرير من طريق ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ عنه .
وأما قول ابن جريج فرواه ابن جرير من طريق الحسين عن حجاج عنه ورواه ابن أبي حاتم من طريق زيد بن المبارك، عن ابن ثورٍ عنه .
وأما قول كعب الأحبار فرواه ابن جرير من طريق عبدالله بن صالح عن معاوية بن صالح عنه .
وأما قول محمد بن جعفر فرواه ابن جرير من طريق سلمة، عن ابن إسحاق عنه .
وأما قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه .
توجيه القول الثالث :
- حمل أصحاب هذا القول معنى ( التوفي )على أحد المعاني اللغوية للتوفي وهو الاستيفاء والأخذ تامّاً ، فرفعه الله إليه بجسده وروحه حيا وافياً لم ينالوا منه شيئا ، وقيل بمعنى متسلمك ، من قولهم توفيتُ منه كذا أي : تسلّمته ، ذكره البغوي.
- وممّا ذكروه من التعليل لاختيار هذا المعنى ، تواتر الأخبار بنزوله ، فيمكث في الأرض مدة ثم يموت فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه .
و لأنّه لو كان قد أماته اللّه عزّ وجلّ لم يكن بالّذي يميته ميتةً أخرى، فيجمع عليه ميتتين؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما أخبر عباده أنّه يخلقهم ثمّ يميتهم، ثمّ يحييهم، كما قال جلّ ثناؤه {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيءٍ} .
- ولأن الآية واردة في سياق الاحتجاج على نصارى نجران بأن عيسى لم يقتل ولم يُصلب كما زعموا ، وهذا خلاصة قول ابن جرير .

- دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها :
أمّا القول بأنّ معناه الموت قبل الرفع ، فهذا أبعد الأقوال لأمور :
- تواتر أحاديث نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، وموته بعد مكثه في الأرض مدّة من الزمان ، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية } " ، ومن فارقت روحه جسده لم ينزل جسده من السماء وإذا أحيي فإنه يقوم من قبره .
- أنه لو أراد بذلك الموت لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين ; فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فعلم أن ليس في ذلك خاصية ، ولو كان قد فارقت روحه جسده لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء .
- أنه لو أريد موته لقال : وما قتلوه وما صلبوه ; بل مات . فقوله : { بل رفعه الله إليه } يبين أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل بدنه وروحه . ولهذا قال من قال من العلماء : { إني متوفيك } أي قابضك أي قابض روحك وبدنك يقال : توفيت الحساب واستوفيته ولفظ التوفي لا يقتضي نفسه توفي الروح دون البدن ولا توفيهما جميعا إلا بقرينة منفصلة ، وهذه الثلاثة هي خلاصة قول ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى .
- أنّ قوله تعالى : ( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) ، أي: رفعتني إلى السماء من غير موت، لأنهم إنما بدلوا بعد رفعه، لا بعد موته ، وهو خلاصة قول ابن الجوزي و البغوي .
أمّا القول بأن المقصود به وفاة النوم فهو محتمل لورود الآيات والأحاديث في إطلاق الوفاة على النوم ، وأما القول بأنه الموت مع التقديم والتأخير فاللغة تحتمله ، وهو واقع في آيات الله تعالى ، وإن قيل ما الفائدة من إعلامه بذلك فذكر ابن الجوزي أنه يعرّفه أن رفعَه إلى السماء لا يمنع من موته .
وأما القول بأنه القبض وافيا ، فهذا حقيقة لا شك فيها بأنّ الله تعالى قبضه تاما بروحه وجسده من دون أن ينال منه اليهود شيئا ، وسينزله بروحه وجسده كما رفعه ، وهذا المعنى ممّا يمكن الجزم بوقوعه .
وبهذا يتبين احتمال بقية الأقوال للصحة ، وضعف القول بأنه الموت قبل الرفع ، واختار ابن جرير القول الأخير ، وذكر ابن تيمية احتمال المعنى الأخير أو المعنى بأنه النوم ، والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 ذو الحجة 1439هـ/13-08-2018م, 12:55 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفّيك ورافعك إليّ}.



أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.

المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة
- كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري(ت:256هـ)، وشرح الحافظ ابن حجر له في فتح الباري
المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)
المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة
- تفسير القرآن العزيز، لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
- وجامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ)
- وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)
- الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (ت: 427هـ)،
- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ).

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
لم أبحث فيها ولم أجد شيئا في جمهرة العلوم

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة، ومنها:
لم أبحث فيها ولم أجد شيئا في جمهرة العلوم

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير
- الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)
- النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
- المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
- زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(ت:671هـ).
- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ).

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير
لم أبحث فيها


المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث
فتح الباري

مراجع أخرى
أضواء البيان/ الشنقيطي.
فتاوى الشيخ ابن باز/ الموقع الرسمي للشيخ.
شرح العقيدة الواسطية / محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ)
منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين إعداد: أحمد بن علي الزاملي عسيري
جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف المؤلف: عبد العزيز ين صالح بن إبراهيم الطويان

ثانيا، وثالثا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها وتخريجها
روي عن السلف في معنى التوفي عدة أقوال وهي:
القول الأول: أن الوفاة المعنية هنا هي وفاة الموت، متوفيك أي مميتك دون تفصيل، قاله ابن عباس
التخريج:
رواه البخاري في صحيحه قال: قال ابن عباس متوفيك مميتك، كما رواه الطبري وابن أبي حاتم بنفس اللفظ في تفسيرهما.

القول الثاني: أن الوفاة وفاة نوم، بمعنى رفعه الله في منامه قاله الربيع.
التخريج:
قول الربيع رواه الطبري في تفسيره قال: يعني وفاة المنام

القول الثالث: أن الوفاة هنا بمعنى الموت، ولكن فسرها بأنه توفاه مدة من الزمن قيل ثلاث ساعات، وقيل سبع ساعات، وقيل ثلاثة أيام، رفعه فيها ثم أحياه في السماء، قاله وهب بن منبه، ونقله ابن إسحاق عن النصارى.
التخريج:
- أما قول وهب بن منبه فقد رواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيرهما قال: توفّى اللّه عيسى ابن مريم ثلاث ساعاتٍ من النّهار حتّى رفعه إليه.
- وأما قول ابن إسحاق فرواه عنه ابن جرير في تفسيره قال: والنّصارى يزعمون أنّه توفّاه سبع ساعاتٍ من النّهار، ثمّ أحياه اللّه.
- وأما القول بأن الوفاة كانت ثلاثة أيام فذكرها السيوطي في الدر المنثور قال: أخرج ابن عساكر عن وهب قال: أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ورفعه.
- وأما القول بأن الوفاة كانت سبع ساعات فذكرها السيوطي في الدر المنثور قال: أخرج الحاكم عن وهب أن الله توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه

القول الرابع: أن الوفاة هنا بمعنى الموت المعروف، ولكن المراد في آخر الأمر عند نزول عيسى وقتله الدّجال، فيكون في الكلام تقديم وتأخير، قاله قتادة وذكره الفراء.
التخريج:
- أما قول قتادة فرواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره قال: هذا من المقدّم والمؤخّر أي رافعك إليّ ومتوفّيك.

القول الخامس: أي متوفيك من الدنيا وقابضك من الأرض وليس وفاة موت، قاله الحسن وابن جريج ومطر الوراق ومحمد بن جعفر بن الزبير وابن زيد والفراء والنحاس ورجحه ابن جرير.
- أما قول الحسن فرواه الصنعاني والطبري وابن أبي حاتم في تفاسيرهم قال: متوفّيك من الأرض.
- وأما قول ابن جريج فرواه عنه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيرهما قالا: فرفعه اللّه إليه، توفّيه إيّاه
- وأما قول مطر الوراق فرواه عنه الطبري في تفسيره قال: متوفّيك من الدّنيا، وليس بوفاة موتٍوأما قول محمد بن جعفر بن الزبير فرواه عنه الطبري في تفسيره قال: أي قابضك .
- وأما قول ابن زيد فرواه عنه الطبري في تفسيره قال: متوفّيك: قابضك، قال: ومتوفّيك ورافعك واحدٌ، قال: ولم يمت بعد حتّى يقتل الدّجّال، وسيموت، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} قال: رفعه اللّه إليه قبل أن يكون كهلاً، قال: وينزل كهلا.

القول السادس: أن معنى متوفيك: متقبل عملك، نقله ابن عطية عن مكي وقال إنه ضعيف من جهة اللفظ.
القول السابع: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ عن شهواتك وحطوط نفسك، نقله الثعلبي عن أبو بكر محمد بن موسى الواسطي وعلق عليه بقوله: ولقد أحسن فيما قال لأنّ عيسى لمّا رفع إلى السّماء صار حاله كحال الملائكة.


رابعا: توجيه الأقوال
المعنى المتبادر للذهن لمعنى الوفاة هو الموت ولكن ما دعى المفسرين لتفسير الوفاة هنا بغير الموت هو ما علم من كونه عليه السلام رفع للسماء ولم يقتل.
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز في الفتاوى:
قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وأنه لم يمت ولم يقتل ولم يصلب، وأنه ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وثبت أن ذلك النزول من أشراط الساعة.
وقد أجمع علماء الإسلام الذين يعتمد على أقوالهم على ما ذكرناه وإنما اختلفوا في التوفي المذكور في قول الله عز وجل {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} انتهى.

وقد اكتفى ابن عباس بتفسير متوفيك بقوله مميتك ولكن ابن عطية قال: قول ابن عباس رضي الله عنه: هي وفاة موت لا بد أن يتمم، إما على قول وهب بن منبه، وإما على قول الفراء، وبرر ذلك بإجماع الأمة على أن عيسى حي لم يمت وأنه ينزل في آخر الزمان.

وقد اختار بعض من المفسرين قوله بناء على ألفاظ صحيحة في اللغة أو واردة في كتاب الله، مثل تفسيرهم التوفي بأنه بمعنى النوم أو بمعنى القبض.
واختار بعضهم أنه توفي مدة من الزمن ثم بعث ولعل مرجعهم في ذلك لكتب النصارى.
واختار بعضهم أسلوبا مقبولا في اللغة وهو التقديم والتأخير
وفيما يلي عرض الأقوال وما تيسر من أدلتها:


خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.
القول الأول: أن الوفاة المعنية هنا هي وفاة الموت، متوفيك أي مميتك دون تفصيل، قاله ابن عباس ونقله عنه كثير من المفسرين.
هذا القول مبني على المعنى العرفي للوفاة وهو الموت وقد أيد هذا القول ابن عاشور
وقال ما حاصله:
أنَّ أَصْلَ فِعْلِ تَوَفَّى الشَّيْءَ أَنَّهُ قَبَضَهُ تَامًّا وَاسْتَوْفَاهُ. فَيُقَالُ: تَوَفَّاهُ اللَّهُ أَيْ قَدَّرَ مَوْتَهُ، وَيُقَالُ: تَوَفَّاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ أَيْ أَنْفَذَ إِرَادَةَ اللَّهِ بِمَوْتِهِ،
واستشهد بقوله تعالى: «فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ» وقال إن هذه الآية أصرح في المعنى لأَنَّهُا دَلَّت عَلَى أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ الْوَفَاةَ الْمَعْرُوفَةَ الَّتِي تَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ عِلْمِ مَا يَقَعُ فِي الْأَرْضِ.
وبما جاء في رواية مسلم عن عبد الله بن عمر: «يَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ» وأنه لَا يَمُوتُ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ يَخْلُصُ مِنْ هُنَالِكَ إِلَى الْآخِرَةِ.
وقدح في الرواية التي ذكرت أنه يموت في آخر الزمان ويصلى عليه.
واعترض على بقية الأقوال وقال إن هذا القول هو ظاهر قول مالك وقال إن ابن عباس ومالك سكتا عن بيان كيفية هذا الموت ووفقا في ذلك وسددا.
ولم أر فيما بحثت فيه من كتب التفسير والعقيدة من أيد هذا القول أبدا، فالجميع يقرر بأن عيسى عليه السلام لم يمت ويذكر تفسيرا لقوله متوفيك غير الموت وفيما يلي عرض بعض من الأقوال التي تنفي صحة قول ابن عاشور:


قال ابن عطية:
"قول ابن عباس رضي الله عنه: هي وفاة موت لا بد أن يتمم، إما على قول وهب بن منبه، وإما على قول الفراء"
وبرر ذلك بإجماع الأمة على أن عيسى حي لم يمت وأنه ينزل في آخر الزمان، وقال بذلك أيضا الثعلبي، والبغوي، وأشار إليه مكي.

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في الفتاوى:
فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة وتظاهرت عليه البراهين أنه عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء حيًا، وأنه لم يمت بل لم يزل عليه السلام حيًا في السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان، ويقوم بأداء المهمة التي أسندت إليه المبينة في أحاديث صحيحة عن محمد رسول الله ﷺ، ثم يموت بعد ذلك الموتة التي كتبها الله عليه، ومن هنا يعلم أن تفسير التوفي بالموت قول ضعيف مرجوح.

وأجاب ابن تيمية في الفتاوى بقوله: " عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيٌّ" واستدل بما ثبت في الصحيح بلفظ يدل على نزوله عليه السلام، وقال لو أنه مات لم يكن جسده لينزل من السماء بل يقوم من قبره
وقال عن الآية محل البحث: {متوفيك ورافعك..} أنه دليل على أنه لم يعن به الموت لأن سائر المؤمنين تقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فلا يكون في ذلك خاصية لعيسى عليه السلام لو كان المقصود الموت، وكذلك قوله ومطهرك من الذين كفروا فلو أنه مات وفارقت روحه جسده لبقي جسده في الأرض كسائر الناس، وقال عن قوله تعالى {بل رفعه الله إليه} أنها تدل على رفع روحه وبدنه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل بروحه وبدنه، ثم ذكر بعض أقوال العلماء في المسألة والتي ستأتي لا حقا.

وقد وجدت كلاما قيما للشنقيطي في أضواء البيان عند تفسير آية الزخرف يؤكد فيه أن عيسى عليه السلام لا يزال حيا لم يمت ويستدل بأدلة تقطع الشك رحمه الله تعالى وأعلى منزلته في عليين وسأحاول تلخيص كلامه ولعلي أوفق وإن كان الرجوع له في محله في غاية الفائدة:
أولا: قال إن من الدلائل على كون عيسى عليه السلام حيا لم يمت:
1. قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}، [النساء:159] أَيْ لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ عِيسَى حَيٌّ وَقْتَ نُزُولِ آيَةِ " النِّسَاءِ " هَذِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِهِ إِلَى الْأَرْضِ.
وناقش الأقوال الأخرى في الآية وبين رجحان هذا القول عليها.
2. أن هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ تَشْهَدُ لَهُ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْهُ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّ عِيسَى حَيٌّ الْآنَ، وَأَنَّهُ سَيَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حَكَمًا مُقْسِطًا. وَلَا يُنْكِرُ تَوَاتُرَ السُّنَّةِ بِذَلِكَ إِلَّا مُكَابِرٌ.

ثانيا نفى أن يكون في القرآن دلالة على أن عيسى عليه السلام مات فعلا وذلك من عدة أوجه:
1. أن قوله متوفيك، يحتمل المعنى اللغوي والذي هو أخذ الشيء كاملا غير ناقص، فيكون المعنى: حائزك كاملا بروحك وجسمك، ويحتمل المعنى العرفي المتداول لمعنى الموت وهو قبض الروح دون الجسم، وقد فصل الشنقيطي في مذاهب العلماء في تقديم أحد المعنيين على الآخر، وخلص إلى أنه إما أن الحقيقة اللغوية – وهي المرجحة هنا- تقدم على كل حال كما هو مذهب البعض إن لم تكن مما اندثر استعماله، أو أنها تقدم لوجود صارف عن تقديم الحقيقة العرفية.
2. أنه لو رجعنا للمعنى العرفي للوفاة، وأنه بمعنى الموت، فلا يدل قوله متوفيك على وقت وهو قطعا سيموت في يوم ما مستقبلا، ولا يدل اللفظ على أن الموت قد مضى، كما أن عطف {ورافعك} على {متوفيك} لا دلالة فيها على الترتيب بإجماع النحاة.
وقد استفاد من هذا المعنى أصحاب القول بأن الموت المعني هنا هو موته بعد نزوله كما سيأتي.
3. أن متوفيك تأتي بمعنى منيمك وسيأتي تفصيل ذلك والاستدلال عليه فيما سيأتي من أقوال المفسرين.
4. أن قوله: {فلما توفيتني} لا يدل على موت عيسى الآن لأنه يقول ذلك يوم القيامة ولا شك أنه سيموت قبل يوم القيامة، كما أن الآية قابلت التوفي بالديمومة فِي قَوْلِهِ: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي}، ولَوْ كَانَ تَوَفِّي مَوْتٍ، لَقَالَ مَا دُمْتُ حَيًّا.
5. أن من قال بموت عيسى عليه السلام قال بأنه لا سبب لذلك إلا أن اليهود قتلوه أو صلبوه، فإذا تحقق نفي السبب تحققنا أنه لم يمت أصلا، والسبب منفي يقينا بلا شك في كتاب الله، قال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}، قال الشنقيطي: " وَضَمِيرُ رَفْعِهِ ظَاهِرٌ فِي رَفْعِ الْجِسْمِ وَالرُّوحِ مَعًا كَمَا لَا يَخْفَى"
وعقب الشنقيطي على هذه الاستدلالات بقوله:
"وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ عَلَى التَّفْسِيرِ الصَّحِيحِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِلَاهُمَا دَالٌّ عَلَى أَنَّ عِيسَى حَيٌّ، وَأَنَّهُ سَيَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَنَّ نُزُولَهُ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ، وَأَنَّ مُعْتَمَدَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ هُوَ إِلْقَاءُ شَبَهِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَاعْتِقَادُهُمُ الْكَاذِبُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقْتُولَ الَّذِي شُبِّهَ بِعِيسَى هُوَ عِيسَى.
وَقَدْ عَرَفْتَ دَلَالَةَ الْوَحْيِ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: مُتَوَفِّيكَ لَا يَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِ فِعْلًا."

ويضاف إلى هذه الأدلة ما قاله الطبري من أنه لو كان أماته لم يكن ليجمع عليه ميتة أخرى قال تعالى: {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيءٍ} فالآية تدل على أن الموت يكون مرة واحدة.
وقد وجدت كلاما للثعلبي والبغوي وابن الجوزي مفاده أن قوله تعالى: {فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم} تدل على قبضه إلى السماء وهو حي لأن قومه إنما بدلوا بعد رفعه لا بعد موته ولكني لم أفهم المقصود.

القول الثاني: أن الوفاة وفاة نوم، رفعه الله في منامه قاله الربيع وذكره الطبري وأشار إليه الزجاج وذكره ابن عطية، والثعلبي، والبغوي، ومكي، والماوردي، وعلق عليه ابن كثير بأنه قول الأكثرين، وذكره ابن تيمية والشنقيطي.
ويستدل لهذا القول بما يلي:
1. قوله تعالى: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل [ويعلم ما جرحتم بالنّهار]} [الأنعام: 60]
2. وقوله: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون]} [الزّمر: 42]
3. كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول -إذا قام من النّوم-: "الحمد للّه الّذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النّشور"
قال ابن عاشور:
"يُطْلَقُ التَّوَفِّي عَلَى النَّوْمِ مَجَازًا بِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ".
لكنه ضعف أن يكون المقصود بالتوفي هنا النوم بقوله:
"وَحَمْلُهَا عَلَى النَّوْمِ بِالنِّسْبَةِ لِعِيسَى لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ إِذَا أَرَادَ رَفْعَهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَنَامَ وَلِأَنَّ النَّوْمَ حِينَئِذٍ وَسِيلَةٌ لِلرَّفْعِ فَلَا يَنْبَغِي الِاهْتِمَامُ بِذِكْرِهِ وَتَرْكُ ذِكْرِ الْمَقْصِدِ".


القول الثالث: أن الوفاة هنا بمعنى الموت ولكن فسرها بأنه توفاه مدة من الزمن قيل ثلاث ساعات، وقيل سبع ساعات، وقيل ثلاثة أيام، رفعه فيها ثم أحياه في السماء، قاله وهب بن منبه، ونقله ابن إسحاق عن النصارى، وذكره ابن جرير، والثعلبي، وابن عطية وابن كثير.
والظاهر أن هذا القول من الإسرائيليات. وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تصديقها وتكذيبها
قال الشنقيطي:
وَأَمَّا الْجَمْعُ بِأَنَّهُ تَوَفَّاهُ سَاعَاتٍ أَوْ أَيَّامًا ثُمَّ أَحْيَاهُ - فَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ; إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
القول الرابع: أن الوفاة هنا بمعنى الموت المعروف، ولكن المراد في آخر الأمر عند نزول عيسى وقتله الدّجال، فيكون في الكلام تقديم وتأخير، قاله قتادة وذكره الفراء، وأشار إليه الزجاج، وذكره ابن جرير، والثعلبي، والماوردي، وابن الجوزي، وابن عطية، وابن كثير.
قال النحاس: وهذا جائز في الواو؛ لأنه قد عرف المعنى، وأنه لم يمت بعد.
قال ابن الجوزي: فتكون الفائدة في إعلامه بالتوفي تعريفه أن رفعَه إلى السماء لا يمنع من موته.
قال السيوطي:
وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله {إني متوفيك ورافعك} يعني رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان.
ولا أعلم عن صحة هذه الرواية.

القول الخامس: أي متوفيك من الدنيا وقابضك من الأرض وليس وفاة موت، قاله الحسن وابن جريج ومطر الوراق ومحمد بن جعفر بن الزبير وابن زيد ورجحه ابن جرير وذكره الفراء، ومكي، وابن عطية، والماوردي، وابن كثير.
واستدل عليه ابن جرير والفراء والنحاس بقولهم: توفيت مالي من فلان، بمعنى: قبضته واستوفيته، وبقوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}
واعترض ابن عاشور على هذا القول بقوله:
"فَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الرَّفْعِ عَنْ هَذَا الْعَالَمِ إِيجَادُ مَعْنًى جَدِيدٍ لِلْوَفَاةِ فِي اللُّغَةِ بِدُونِ حُجَّةٍ"

لكن الكثير من العلماء أثبتوا أن توفي الروح والجسد هو المعنى اللغوي الأصلي للفظ وأن توفي الروح فقط معنى عرفي استجد على الكلمة، وقد سبق ذكر قول الشنقيطي وابن تيمية في هذه المسألة.

قال ابن قتيبة: التوفي، من استيفاء العدد يقال:
توفيت، واستوفيت، كما يقال: تيقنت الخبر، واستيقنته، ثم قيل للموت: وفاة، وتوف. وأنشد أبو عبيدة
إِنَّ بني الأدرد ليسوا من أحدٍ ... ليسوا إِلى قيس وليسوا من أسد
ولا توفاهم قريش في العدد أي: لا تجعلهم وفاء لعددها، والوفاء: التمام.


القول السادس: أن معنى متوفيك: متقبل عملك، ذكره مكي و نقله عنه ابن عطية وقال إنه ضعيف من جهة اللفظ.

الترجيح:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، مما مضى يتبن الإجماع على حياة عيسى عليه السلام وتقرير العلماء أن ذلك متواتر في الأحاديث النبوية ولم يخالف هذه الحقيقة إلا ابن عاشور رحمه الله،
وإذا تقرر ذلك وجب صرف قوله متوفيك عن المعنى العرفي المتداول وهو الموت إلى معنى آخر صحيح يتوافق مع ما ثبت من حياته عليه السلام
وقد اختلف المفسرين في تفسير المعنى على أقوال منها ما هو ضعيف ومنها ما هو محتمل ولعل أبرز الأقوال المقبولة هي:
1. أن في الكلام تقديم وتأخير
2. أن الوفاة هنا بمعنى النوم
3. أن الوفاة هنا بمعنى القبض التام لروحه وجسده ورفعهما
وقد رجح الشيخ ابن باز القول بالنوم أو القبض على التقديم والتأخير، وقال الشيخ ابن عثيمين يمكن الجمع بينهما " يقال قابضا له حال نومه" أما الشنقيطي وابن تيمية فقد أوردا الأدلة على حياة عيسى عليه السلام، وأثبتا أن هذه الآية، وآية المائدة لا يوجد فيها دلالة على موته، ثم عرضا بعض ما قيل في الآية على أنه جائز في اللغة والشرع، ولم ألحظ لهما ترجيحا.

فنخلص إلى أن كل الأقوال الثلاثة محتملة بعد تقرير أنه عليه السلام لم يمت

مع ملاحظة أن ابن عاشور لم ينف صحة مجيئه عليه السلام في آخر الزمان وإنما رأى أنه يمكن تأويل الأحاديث بما يتناسب مع كونه مات، بدلا من تأويل الآية بما يتناسب مع كونه حي ولعله لم يطلع على ما اطلع عليه العلماء الذين قرروا تواتر الأحاديث بحياة عيسى عليه السلام، مع اطلاعه على أثر ابن عباس وميله إلى الاستخدام العرفي للفظ متوفيك.

والله أعلم

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ذو الحجة 1439هـ/14-08-2018م, 08:42 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

2: 1: سبب تسمية الحواريّين بهذا الاسم.

- المراجع:
معاني القرآن للفراء
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
تفسير غريب القرآن لليزيدي
تفسير ابن جرير
تفسير ابن أبي حاتم
تفسير الزجاج
ياقوتة الصراط لغلام ثعلب
العمدة في غريب القرآن لمكي بن أبي طالب
تفسير ابن عطية
تفسير ابن كثير

- الأقوال الواردة في سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم مع تصنيفها ونسبتها وتخريجها:

القول الأول: أنهم سموا بذلك, لبياض ثيابهم. قال به سعيد بن جبير, وابن عباس, وذكره الفراء, واليزيدي, وابن عطية, وابن كثير.
تخريج الأقوال:
قول سعيد بن جبير: رواه ابن جرير عن محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: ممّا روى أبي، قال: حدّثنا قيس بن الرّبيع، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ, وذكر قوله.
قول ابن عباس: رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ميسرة النّهديّ عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ, وذكر قوله.

القول الثاني: لأنهم كانوا يبيضون الثياب. قال به أبو أرطأة, والضحاك, وذكره معمر بن المثنى, واليزيدي, والزجاج, وابن عطية ورجحه, وابن كثير.
تخريج الأقوال:
قول أبو أرطأة: رواه ابن جرير عن محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن أبي أرطأة, وذكر قوله.
قول الضحاك: رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيدٍ الأشجّ، ثنا الوليد بن القاسم، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك, وذكر قوله.

القول الثالث: أنهم نصراء الأنبياء وصفوتهم. قال به قتادة, والضحاك, وابن عيينة, وذكره الفراء, ومعمر بن المثنى, واليزيدي, والزجاج ورجحه, وغلام ثعلب, ومكي بن أبي طالب, وابن عطية, وابن كثير ورجحه.
تخريج الأقوال:
قول الضحاك: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن المنجاب، قال:بن الحارث، قال: حدّثنا بشرٌ، عن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك, وذكرا قوله.
قول قتادة: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عليّة، عن روح بن القاسم، أنّ قتادة قال بعد أن سئل عن الحواريين: الذين تصلح لهم الخلافة.
ولقتادة قول آخر يدخل تحت هذا القول: رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، قال معمرٌ قال قتادة:الحواريّ: الوزير.
قول ابن عيينة: رواه ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان يعني: ابن عيينة قال:الحواريّ: النّاصر.
(وسبب جمع الأقوال رغم اختلافها تحت بند واحد, لتشابه فكرتها وقربها من المعنى المراد والذي يدور عليه القول الثالث)

-المعنى اللغوي للفظة (الحواريون):
الحور عند العرب: شدّة البياض.
والحواريات: من النساء اللاتى لا ينزلن البادية، وينزلن القرى، قال الحادي:
لما تضمّنت الحواريّات= وقال أبو جلدة اليشكرىّ:
وقل للحواريات تبكين غيرنا= ولا تبكنا إلاّ الكلاب النوابح
ويقال حرت الثوب، أي: غسلته وبيضته, وأحورت القدر إذا أبيض لحمها قبل النضج, والعين الحوراء النقية المحاجر..إلخ, كما ذكر ذلك اليزيدي.
وقال أهل اللغة في المحور: وهو العود الذي تدور عليه البكرة قولين:-
قال بعضهم: إنما قيل له محور للدوران؛ لأنه يرجع إلى المكان الذي زال منه.
وقيل: إنما قيل له محور؛ لأنه بدورانه ينصقل حتى يصير أبيض. ذكر ذلك الزجاج.

- توجيه الأقوال, ونقدها, وبيان الراجح منها:
نجد في القولين الأولين تشابها في الأصل اللغوي لهما, وتفسيرا للحور بالبياض, والاختلاف بينهما في نسب البياض, فالقول الأول ينسب البياض لثياب الحواريين أنفسهم, والقول الثاني ينسب البياض لمصدر شغلهم إذ يقوم على تبييض الثياب, وهو: الغسيل. وكلا القولين لا يستبعد صحته, فالغالب أن من يقوم على تبييض الثياب فإن ثوبه كذلك يكون مبيضا, وإن كان القول الثاني أصح من حيث كثرة قائليه, واجتماعهم على أن هذا كان مصدر رزق الحواريين وسبب شهرتهم بهذا اللقب, وكلا القولين يفسر المراد من بحثنا وهو: "سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم".
أما القول الثالث ورغم صحته وصحة استدلالهم عليه بقول رسول الله :"لكل نبي حواري وحواري الزبير", فإنه لا يفسر سبب تسميتهم بذلك, وإنما يبين سبب إطلاق لفظة الحواريين فيما بعد على خاصة الأنبياء, كما فعل ذلك رسول الله, وهذا ما أيده ابن عطية ودعا إليه إذ قال بعد أن ذكر القول الثالث: "وهذا تقرير حال القوم، وليس بتفسير اللفظة، وعلى هذا الحد شبه النبي عليه السلام، ابن عمته بهم في قوله: وحواريّ الزبير، والأقوال الأولى هي تفسير اللفظ، إذ هي من الحور، وهو البياض".
وعلى هذا فنقول: سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم لأنهم كانوا يبيضون الثياب, ولا يستبعد أن ثيابهم كانت بيضاء كذلك, ثم بعد ذلك, ولأنهم ناصروا عيسى عليه السلام, وكانوا من خاصته وصفوته, أصبح هذا الاسم يطلق على من قام بمثل فعلهم وعملهم, فالحواري في المعنى الشرعي: هو خاصة النبي وصفوته ونصيره.
وقد قال ابن جرير: "وأشبه الأقوال الّتي ذكرنا في معنى الحواريّين قول من قال: سمّوا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنّهم كانوا غسّالين.
وقد يجوز أن يكون حواريّو عيسى كانوا سمّوا بالّذي ذكرنا من تبييضهم الثّياب وأنّهم كانوا قصّارين، فعرفوا بصحبة عيسى واختياره إيّاهم لنفسه أصحابًا وأنصارًا، فجرى ذلك الاسم لهم واستعمل، حتّى صار كلّ خاصّةٍ للرّجل من أصحابه وأنصاره حواريّه؛ ولذلك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لكلّ نبيٍّ حواريّ، وحواريّ الزّبير يعني خاصّته", ولذلك الضحاك كمثال ممن روي عنه القولين, فلا يعقل أن يكون رواهما وهما متعارضين, وإنما قال بأحدهما مرة تفسيرا لسبب التسمية, وبالآخر للمعنى الحديث الذي أصبح لقب "الحواري" يطلق على المرء ويقصد به, وبهذا نكون بينا منشأ اختلاف الأقوال, وجمعنا بينها, ووضحنا القول الراجح الجامع فيها, وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 11:37 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة آل عمران



أحسنتم بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

سبب تسمية الحواريين بهذا الاسم:

1: نورة الأمير أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- رتّبي أسماء المفسّرين عند نسبة القول.
- ابن عطية رجّح الأقوال التي ترجع سبب التسمية إلى البياض وليس قولا واحدا منها، وليس القول الثاني بأكثر قائلين من الأول، غير أن القول لا يتقوّى بعدد قائليه بقدر ما يتقوّى بمراتبهم، فأقوال الصحابة مثلا لها ما ليس لأقوال التابعين.
- لا يظهر من القول الثالث أن أصحابه قالوه تفسيرا لسبب التسمية، أن يقال: الحواريّ الوزير أو الناصر أو من تصلح له الخلافة فهذا تفسير للمعنى وليس سببا للتسمية.
ولكن هناك أقوال أخرى تخدم هذا المعنى في سبب التسمية، فإن قلنا إن الحواريّين هم خاصّة الأنبياء وصفوتهم ونصراؤهم كان سبب التسمية يرجع إلى احتمالات غير ما ذكر سابقا:
الأول: أنهم نقّوا وأخلصوا من كل عيب، كالدقيق الحواريّ الذي نقّي وأخلص من البرّ وسائر الشوائب، وقيل لظهور النور على وجوههم من أثر العبادة، فهذا القول يرجع إلى البياض الذي يحمل معنى الخلوص والنقاء ولكنه هاهنا معنوي أما الثاني فحسّي.
والثاني: أنه مأخوذ من التحوير وهو التدوير، فكأنهم سمّوا بذلك لقربهم من أنبيائهم وملازمتهم لهم والتفافهم حولهم.
والثالث: أن يكون اللفظ مأخوذا من الحَور وهو الرجوع، وفي الحديث: (نعوذ بالله من الحور بعد الكور) فكأنهم سمّوا بذلك لاستجابتهم لنبيّهم ورجوعهم إلى الله تعالى.
وراجعي "مقاييس اللغة" لابن فارس لمزيد فائدة.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30 محرم 1440هـ/10-10-2018م, 02:34 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

المراد بالتوفّي في قوله تعالى: {إني متوفيك ورافعك إلي}

.2: علاء عبد الفتاح أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- هذه المسألة تفسيرية لغوية ولها تعلّق بالعقيدة لتعرّضها لمسألة من مسائل العقيدة لدينا وهي أن عيسى -عليه السلام- حيّ لم يمت بعد وأنه سينزل في آخر الزمان.
- انتبه أن ابن عباس في قول "مميتك" لم يقل إن في الكلام تقديم وتأخير، وإن كان هذا هو الذي يجب أن يحمل عليه الكلام، لكن يجب أن ينسب القول بالتقديم والتأخير لمن صرّح به.
أيضا في توجيه القول بالتقديم والتأخير نقول إن ذلك جائز لأن الواو لا تقتضي الترتيب على الصحيح.
- كذلك قد نحتاج إلى نصّ الرواية إذا كان هناك إشكال في فهمها كقولك: "وأما قول الحسن فرواه ابن جرير أيضا عنه وهو غير صريح في الدلالة على هذا القول فهو صريح في عدم موته فقط." فالمطلوب أن تضع نصّ كلام الحسن.
- ليس شرطا أن يحمل القول الرابع على وجود محذوف، بل الكلام تامّ، فنقول إن من معاني التوفّي في اللغة القبض والحيازة، ومنها قولهم: توفّى فلان دينه أي قبضه.


3: سارة المشري أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- رتّبي أسماء المفسّرين عند نسبة الأقوال.


4: ضحى الحقيل أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأوصيك بالتخريج، سدّدك الله..



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir