دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 جمادى الأولى 1441هـ/1-01-2020م, 05:51 AM
أسرار المالكي أسرار المالكي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 404
افتراضي

أجب على الأسئلة التالية إجابة وافية.
س1: بيّن معنى النذر، وأقسامه، وحكم الوفاء به بالتفصيل والاستدلال.
النذر: هو إلزام المكلف نفسه بعبادةٍ لله جل وعلا ، فالنذر إلزامٌ بالعبادة، فهو عبادة، ويُلزم المرء نفسه بعبادة ، إما مطلقاً، أوبقيدٍ.
أقسامه: 1-نذر مطلق. 2-نذر مقيد.
حكم الوفاء به واجب إذا كان في طاعة ولا يوفي به إذا كان في معصية الله.
أن الله -جل وعلا- مدح الذين يوفون بالنذر؛ فقال: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً( فهذا يدل على أن الوفاء بالنذر أمر مشروع، واجب أو مستحب، وهو محبوب لله جل وعلا، يعني: من حيث الدلالة، وإلا فإن الوفاء بالنذر واجب؛ لأنه إلزام بطاعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من نذر أن يطيع الله فليطعه( فإذاً: الوفاء بالنذر مدح الله أهله، وإذا كان كذلك فيكون عبادة؛ لأنه محبوب لله جل وعلا.
قول الله تعالى: (يوفون بالنذر) وجه الاستدلال: ظاهر، وهو أن الله -جل وعلا- مدح الموفين بالنذر، ومدحه يقتضي أن هذه العبادة محبوبة له سبحانه وتعالى وأنها مشروعة، وما كان كذلك فهو من أنواع العبادات، فيكون صرفه لغير الله
شرك أكبر.

س2: كيف تثبت أنّ النذر عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عزّ وجل؟
دل الدليل على وجوب صرف النذر لله وحده، وعلى أنه لا يجوز صرف النذر لغير الله جل وعلا، وأن من صرفها لغير الله -جل وعلا- فقد أشرك،
قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).

وكقوله: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)

وكقوله: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً)
النذر لغير الله عبادة، والله -جل وعلا- نهى أن تصرف العبادة لغيره، وأن من صرف العبادة لغير الله فهو مشرك، والنذر عبادة؛ لأنه داخل في حد العبادة، حيث إنه يرضاه الله -جل وعلا- ومدح الموفين به.

س3: ما معنى الاستعاذة؟ وما الدليل على أنها عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل؟
الاسْتِعَاذَةُ: الالْتِجَاءُ والاعْتِصَامُ والتَّحَرُّزُ.
وحقيقَتُهَا: الهَرَبُ مِنْ شيءٍ تَخَافُهُ إلى مَنْ يَعْصِمُكَ مِنه، ولهذا يُسَمَّى المُسْتَعَاذُ بِهِ مُعَاذًا، ومَلْجَأً وَوَزَرًا؛ فالعائِذُ باللهِ قدْ هَرَبَ ممَّا يُؤْذِيهِ أوْ يَهْلِكُهُ إلى رَبِّهِ ومالِكِهِ، وَفَرَّ إليهِ، وأَلْقَى نَفْسَهُ بينَ يَدَيْهِ، واعْتَصَمَ بهِ، واسْتَجَارَ بهِ، والتَجَأَ إليهِ، وهذا تَمْثِيلٌ وتَفْهِيمٌ، وإلاَّ فَمَا يَقُومُ بالقَلْبِ من الالْتِجَاءِ إلى اللهِ، والاعْتِصَامِ بهِ، والاطِّرَاحِ بينَ يدي الرَّبِّ، والافْتِقَارِ إليهِ، والتَّذَلُّلِ بينَ يدَيهِ، أمرٌ لا تُحِيطُ بهِ العِبَارَةُ. هذا معنَى كلامِ ابنِ القَيِّمِ.
-وقالَ ابنُ كثيرٍ: (الاسْتِعَاذَةُ هيَ الالْتِجَاءُ إلى اللهِ والالْتِصَاقُ بِجَنَابِهِ منْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، والعِيَاذُ يكونُ لِدَفْعِ الشَّرِّ، واللِّياذُ لطَلَبِ الخَيْرِ) وهذا معنَى كلامِ غيرِهِمَا من العُلماءِ.
فتبيَّنَ بهِذا أنَّ الاستعاذةَ باللهِ عِبَادةٌ للهِ، ولهذا أَمَرَ اللهُ بالاسْتِعَاذَةِ بهِ في غيرِ آيَةٍ، وتواترتِ السُّنَنُ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلكَ، قالَ اللهُ تعالَى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )
وقَالَ: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (98) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ )

الاستعاذة بغير الله شرك أكبر؛ لأنها صرف العبادة لغير الله جل جلاله، فإن كان ذلك في الظاهر مع طمأنينة القلب بالله، وتوجه القلب إلى الله، وحسن ظنه بالله، وأن هذا العبد إنما هو سبب، وأن القلب مطمئن فيما عند الله؛ فإن هذه تكون استعاذة بالظاهر، وأما القلب فإنه لم تقم به حقيقة الاستعاذة، وإذا كان كذلك كان هذا جائزاً.
وقول الله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً)
وإنما ذُمُّوا لأنهم صرفوا تلك العبادة لغير الله جل وعلا، والله -سبحانه- أمر أن يستعاذ به دون ما سواه

س4: كيف تردّ على من زعم من القبوريين أنه يستعيذ بالأولياء فيما أقدرهم الله عليه؟
يكون إبطال مقالهم راجعاً إلى جهتين:

فالجهة الأولى:





أن يبطل قولهم في الاستعاذة، وفي أشباهها: أن هذا الميت أو هذا الجني يقدر على هذا الأمر، وإذا لم يقتنع بذلك أو حصل هناك إيراد اشتباه فيه، فالأعظم أن يتوجه المورد للأدلة السنية، أن يتوجه إلى أعمال القلب، وأن هذا الذي توجه إلى ذلك الميت أو الولي، قد قام بقلبه من العبوديات ما لا يصلح إلا لله جل جلاله.


إذاً: فنقول: الاستعاذة بغير الله شرك أكبر؛ لأنها صرف للعبادة لغير الله، صرف العبادة لغير الله جل جلاله، فإن كان ذلك في الظاهر مع طمأنينة القلب بالله، وتوجه القلب إلى الله، وحسن ظنه بالله، وأن هذا العبد إنما هو سبب، وأن القلب مطمئن فيما عند الله؛ فإن هذه تكون استعاذة بالظاهر، وأما القلب فإنه لم تقم به حقيقة الاستعاذة، وإذا كان كذلك كان هذا جائزاً.

وقال الله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً)





وإنما ذُمُّوا لأنهم صرفوا تلك العبادة لغير الله جل وعلا، والله -سبحانه- أمر أن يستعاذ به دون ما سواه، فقال سبحانه: {قل أعوذ برب الفلق}.


وقال: {قل أعوذ برب الناس}.

وقال: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربِّ أن يحضرون}.
والآيات في ذلك كثيرة؛ كقوله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} فعُلم من التنصيص على المستعاذ به -وهو الله جل وعلا- أن الاستعاذة حصلت بالله وبغيره، وأن الله أمر نبيه أن تكون استعاذته به وحده دون ما سواه، وذكرت لكم أصل الدليل في ذلك، وأن الاستعاذة عبادة، وإذا كانت عبادة فتدخل فيما دلت عليه الآيات من إفراد العبادة بالله وحده.
في قوله: {فزادوهم رهقاً} ثمّ قول آخر، وهو قول قتادة وبعض السلف: أن {رهقاً} معناها: (إثماً) فزادوهم إثماً، وهذا أيضاً ظاهر من جهة الاستدلال إذا كانت الاستعاذة موجبة للإثم، فهي إذاً: عبادة إذا صُرفت لغير الله.
وعبادة مطلوبة إذا صرفت لله جل جلاله،





وهذا يستقيم مع الترجمة من أن الاستعاذة بغير الله شرك.


قال: (وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((من نزل منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك)) رواه مسلم)

وجه الدلالة من هذا الحديث:





أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن فضل الاستعاذة بكلمات الله، فقال: ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) وجعل المستعاذ منه: المخلوقات الشريرة، والمستعاذ به: هو كلمات الله.


وقد استدل أهل العلم حين ناظروا المعتزلة وردوا عليهم، استدلوا بهذا الحديث على أن كلمات الله ليست بمخلوقة، قالوا: لأن المخلوق لا يستعاذ به، والاستعاذة به شرك؛ كما قاله الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة.

فوجه الدلالة من الحديث:





إجماع أهل السنة على الاستدلال به على أن الاستعاذة بالمخلوق شرك، وأنه لما أمر بالاستعاذة بكلمات الله، فإن كلمات الله -جل وعلا- ليست بمخلوقة.


قال: ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) المقصود بـ(كلمات الله التامات) هنا: الكلمات الكونية التي لا يجاوزهن بَرٌّ ولا فاجر، وهي المقصودة بقوله جل وعلا: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} وبقوله: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}{وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً}.

وفي القراءة الأخرى:





{وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً} هذه الآية في الكلمات الشرعية، وكذلك في الكلمات الكونية.


إذاً: فقوله: ((أعوذ بكلمات الله التامات)) يعني: الكلمات الكونية.

((





من شر ما خلق))
يعني: من شر الذي خلقه الله جل وعلا، وهذا العموم المقصود منه: من شر المخلوقات التي فيها شر، وليست كل المخلوقات فيها شر؛ بل ثمَّ مخلوقات طيبة ليس فيها شر، كالجنة، والملائكة، والرسل، والأنبياء، والأولياء.
وهناك مخلوقات خُلقت وفيها شر، فاستعيذ بكلمات الله -جل وعلا- من شر الأنفس الشريرة، والمخلوقات التي فيها شر.

س5: ما معنى الاستغاثة؟ وما حكم الاستغاثة بغير الله تعالى؟ فصّل القول في ذلك مستدلا لما تقول.
الاستغاثة: هي طلب الغوث، والغوث يحصل لمن وقع في شدة وكرب يخشى معه المضرة الشديدة أو الهلاك، فيقال أغاثه: إذا فزع إليه، وأعانه على ما به، وخلَّصه منه.
الاستغاثة كما ذكرنا طلب، والطلب نوع من أنواع الدعاء.

ولهذا قال العلماء: إن في قوله:

( (أو يدعو غيره) بعد (أن يستغيث بغير الله) فيه عطف للعام على الخاص، ومن المعلوم أن الخاص قد يُعطف على العام، وأن العام قد يُعطف على الخاص).


وقوله: (أن يستغيث بغير الله) هذا أحد أفراد الدعاء، كما ذكرنا بأن الاستغاثة طلب والطلب دعاء، (أو يدعو غيره) هذا عام:
-

الذي يشمل الاستغاثة.

-

ويشمل الاستعاذة، ويشمل أصنافاً كثيرة من أنواع الدعاء.


بعض العلماء يقول:

(نضبط ذلك بقولنا: (الاستغاثة شرك أكبر: إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه ذلك المخلوق).

- وقال آخرون: (الاستغاثة شرك أكبر: إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله) وهاتان مختلفتان، والأصح منهما: الأخيرة؛ لأن المرء إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله -والمخلوق يعلم أن هذا لا يقدر عليه إلا الله- فإنه شرك أكبر بالله جل وعلا، أو في حقيقة الأمر أنه لا يقدر عليه إلا الله.
أما قول من قال من أهل العلم:

(إن الاستغاثة شرك أكبر، إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه) فإن هذا يَرِدُ عليه أن ثمة أشياء قد يكون في الظاهر يقدر عليها المخلوق ولكن في الحقيقة لا يقدر عليها، فإذاً: يكون هذا الضابط غير منضبط.


لأن من وقع في شدة وهو في غرق مثلاً، وتوجه لرجل يراه بأنه يغيثه، فقال:

(أستغيث بك، أستغيث بك، أستغيث بك) وذاك لا يحسن السباحة، ولا يحسن الإنجاء من الغرق، فهذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه المخلوق؛ فهل يكون شركاً أكبر؟ لا، لِمَ؟


ل

أن الإغاثة عادةً -من الغرق ونحوه- يصلح أن يكون المخلوق قادراً عليها، فيكون الضابط الثاني هو الصحيح، وهو أن يقال: (الاستغاثة بغير الله شرك أكبر: إذا كان استغاث فيما لا يقدر عليه إلا الله).

أما إذا استغاث فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين،

لكن هذا المخلوق المعيَّن لم يقدر على هذا الشيء؛ فإنه لا يكون شركاً؛ لأنه ما اعتقد في المخلوق شيئاً لا يصلح إلا لله جل جلاله.


فإذاً: نقول: (الاستغاثة بغير الله: إذا كانت فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فهي شرك أكبر؛

س6: فسّر قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} وكيف تردّ بهذه الآية على من غلا في النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وليس له مِلْك حقيقي في أمر من الأمور {ليس لك من الأمر شيء} حتى أعلى الخلق مقاماً، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له الله جل وعلا: {ليس لك من الأمر شيء} يعني: لست مالكاً لشيء من الأمر، ليس من الأمر شيءٌ تملكه، (اللام) هنا لام المِلك، فمن الذي يملك إذاً؟


هو الله جل وعلا،



فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُنفى عنه ذلك، فإن نفيه عمن هو دونه من باب أولى.

س7: فسّر قول الله تعالى: {أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يُخلقون . ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون}
حاصِلُ كلامِ المُفَسِّرينَ،
كابنِ كثيرٍ وغيرِهِ: أنَّهُ تعالى يُخْبِرُ عنْ حالِ المَدْعُوِّينَ مِنْ دُونِهِ مِن الملائِكَةِ، والأنبياءِ، والأصْنَامِ وغيرِهِم بما يَدُلُّ عَلَى عَجزِهِم وضَعْفِهِم، وأنَّهُم قد انْتَفَتْ عنهُم الشُّروطُ التي لا بُدَّ أن تَكُونَ في المَدْعُوِّ؛ وهيَ المُلْكُ، وسَمَاعُ الدُّعَاءِ، والقُدْرَةُ عَلَى اسْتِجَابَتِهِ.
فمتى عُدِمَ شَرْطٌ بَطَلَ أن يَكونَ مَدْعُوًّا، فكيفَ إذا عُدِمَتْ كُلُّها؟


-
فنَفَى عنهُم المُلْكَ بقولِهِ: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}
[فاطر:13].
قالَ: ابنُ عبَّاسٍ، ومُجَاهِدٌ، وعِكْرِمةُ، وعَطَاءٌ، والحَسَنُ، وقَتَادَةُ: القِطْمِيرُ: اللِّفَافَةُ التي تكونُ عَلَى نَوَاةِ التَّمْرِ؛ أيْ: ولا يَمْلِكُونَ من السَّمَاوات والأرضِ شيئًا، ولا بمقدارِ هذا القِطْمِيرِ، كمَا قالَ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}[النمل:72].


-
وقالَ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ}[سبأ:21].
فمَنْ كانَ هذا حَالَهُ فكيفَ يُدْعَى مِنْ دونِ اللهِ؟

ونَفَى عنهم سَمَاعَ الدُّعاءِ بقولِهِ: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}[فاطر:13]؛ يعني: أنَّ الآلِهَةَ التي تَدْعُونَهَا لا يَسْمَعُونَ دُعاءَكُم؛ لأنَّهُم أمْوَاتٌ، أوْ ملائِكَةٌ مَشْغُولونَ بأَحْوَالِهِم مُسَخَّرُونَ لِمَا خُلِقُوا لهُ، أوْ جَمَادٌ.
فلَعَلَّ المُشْرِكَ يقولُ: هذا في الأصنامِ، أمَّا الملائِكةُ والأنبياءُ والصَّالِحونَ فيَسْمَعُونَ ويَسْتَجِيبُونَ، فنفَى سبحانَهُ ذلكَ بقولِهِ: {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}؛ أيْ: لا يَقْدِرُونَ عَلَى ما تَطْلُبُونَ مِنهم، وما خَصَّ تعالى الأصنامَ، بلْ عَمَّ جَمِيعَ مَنْ يُدْعَى مِنْ دُونِهِ، ومِن المعلُومِ أنَّهُم كانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ والأنبياءَ والصَّالِحِينَ، كمَا ذَكَرَ اللهُ تعالى ذلكَ في كتابِهِ، فلمْ يُرَخِّصْ في دُعَاءِ أحدٍ مِنهم، لا اسْتِقلالاً ولا وَساطةً بالشَّفاعةِ.
- وقولُهُ: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}[فاطر:14].


-
كقولِهِ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}[مريم:81،82].
وهذا نَصٌّ صَرِيحٌ عَلَى أنَّ مَنْ دَعَا غيرَ اللهِ فقدْ أشْرَكَ بِشَرْطِهِ، وأنَّ المَدْعُوِّينَ يَكْفُرونَ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ، ويَتَبَرَّءُونَ مِنهم، كقولِهِ تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة:166].


فهلْ عَلَى كلامِ ربِّ العِزَّةِ اسْتِدْراكٌ؟
ولهذا قالَ:
{وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} أيْ: ولاَ يُخْبِرُكَ بعَوَاقِبِ الأُمُورِ ومآلِهَا وما تَصِيرُ إليهِ مِثلُ خبيرٍ بِهَا.
قالَ قَتَادَةُ: (يعني نفسَهُ تبارَكَ وتعالى؛ فإنَّهُ أخْبَرَ بالواقِعِ لا مَحَالَةَ).

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 جمادى الأولى 1441هـ/2-01-2020م, 06:59 PM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,051
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسرار المالكي مشاهدة المشاركة
أجب على الأسئلة التالية إجابة وافية.
س1: بيّن معنى النذر، وأقسامه، وحكم الوفاء به بالتفصيل والاستدلال.
النذر: هو إلزام المكلف نفسه بعبادةٍ لله جل وعلا ، فالنذر إلزامٌ بالعبادة، فهو عبادة، ويُلزم المرء نفسه بعبادة ، إما مطلقاً، أوبقيدٍ.
أقسامه: 1-نذر مطلق. 2-نذر مقيد
حكم الوفاء به واجب إذا كان في طاعة ولا يوفي به إذا كان في معصية الله.
أن الله -جل وعلا- مدح الذين يوفون بالنذر؛ فقال: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً( فهذا يدل على أن الوفاء بالنذر أمر مشروع، واجب أو مستحب، وهو محبوب لله جل وعلا، يعني: من حيث الدلالة، وإلا فإن الوفاء بالنذر واجب؛ لأنه إلزام بطاعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من نذر أن يطيع الله فليطعه( فإذاً: الوفاء بالنذر مدح الله أهله، وإذا كان كذلك فيكون عبادة؛ لأنه محبوب لله جل وعلا.
قول الله تعالى: (يوفون بالنذر) وجه الاستدلال: ظاهر، وهو أن الله -جل وعلا- مدح الموفين بالنذر، ومدحه يقتضي أن هذه العبادة محبوبة له سبحانه وتعالى وأنها مشروعة، وما كان كذلك فهو من أنواع العبادات، فيكون صرفه لغير الله
شرك أكبر.

س2: كيف تثبت أنّ النذر عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عزّ وجل؟
دل الدليل على وجوب صرف النذر لله وحده، وعلى أنه لا يجوز صرف النذر لغير الله جل وعلا، وأن من صرفها لغير الله -جل وعلا- فقد أشرك،
قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
وكقوله: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)
وكقوله: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً)
النذر لغير الله عبادة، والله -جل وعلا- نهى أن تصرف العبادة لغيره، وأن من صرف العبادة لغير الله فهو مشرك، والنذر عبادة؛ لأنه داخل في حد العبادة، حيث إنه يرضاه الله -جل وعلا- ومدح الموفين به.
ما ذكرتيه هي أدلة عامة , الأصل أن نثبت أولا بأن النذر عبادة , فإما ثبت كونها عبادة حرم صرفها لغير الله تعالى , فإما أن يكون لدينا أدلة خاصة تمنع صرف عبادة النذر لغير الله -تعالى- فنذكرها , أو نستدل بالأدلة العامة التي ذكرتيها.

س3: ما معنى الاستعاذة؟ وما الدليل على أنها عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل؟
الاسْتِعَاذَةُ: الالْتِجَاءُ والاعْتِصَامُ والتَّحَرُّزُ.
وحقيقَتُهَا: الهَرَبُ مِنْ شيءٍ تَخَافُهُ إلى مَنْ يَعْصِمُكَ مِنه، ولهذا يُسَمَّى المُسْتَعَاذُ بِهِ مُعَاذًا، ومَلْجَأً وَوَزَرًا؛ فالعائِذُ باللهِ قدْ هَرَبَ ممَّا يُؤْذِيهِ أوْ يَهْلِكُهُ إلى رَبِّهِ ومالِكِهِ، وَفَرَّ إليهِ، وأَلْقَى نَفْسَهُ بينَ يَدَيْهِ، واعْتَصَمَ بهِ، واسْتَجَارَ بهِ، والتَجَأَ إليهِ، وهذا تَمْثِيلٌ وتَفْهِيمٌ، وإلاَّ فَمَا يَقُومُ بالقَلْبِ من الالْتِجَاءِ إلى اللهِ، والاعْتِصَامِ بهِ، والاطِّرَاحِ بينَ يدي الرَّبِّ، والافْتِقَارِ إليهِ، والتَّذَلُّلِ بينَ يدَيهِ، أمرٌ لا تُحِيطُ بهِ العِبَارَةُ. هذا معنَى كلامِ ابنِ القَيِّمِ.
-وقالَ ابنُ كثيرٍ: (الاسْتِعَاذَةُ هيَ الالْتِجَاءُ إلى اللهِ والالْتِصَاقُ بِجَنَابِهِ منْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، والعِيَاذُ يكونُ لِدَفْعِ الشَّرِّ، واللِّياذُ لطَلَبِ الخَيْرِ) وهذا معنَى كلامِ غيرِهِمَا من العُلماءِ.
فتبيَّنَ بهِذا أنَّ الاستعاذةَ باللهِ عِبَادةٌ للهِ، ولهذا أَمَرَ اللهُ بالاسْتِعَاذَةِ بهِ في غيرِ آيَةٍ، وتواترتِ السُّنَنُ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلكَ، قالَ اللهُ تعالَى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )
وقَالَ: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (98) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ )
الاستعاذة بغير الله شرك أكبر؛ لأنها صرف العبادة لغير الله جل جلاله، فإن كان ذلك في الظاهر مع طمأنينة القلب بالله، وتوجه القلب إلى الله، وحسن ظنه بالله، وأن هذا العبد إنما هو سبب، وأن القلب مطمئن فيما عند الله؛ فإن هذه تكون استعاذة بالظاهر، وأما القلب فإنه لم تقم به حقيقة الاستعاذة، وإذا كان كذلك كان هذا جائزاً.
وقول الله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً)
وإنما ذُمُّوا لأنهم صرفوا تلك العبادة لغير الله جل وعلا، والله -سبحانه- أمر أن يستعاذ به دون ما سواه
الإجابة منسوخة وهذا لن يجدي نفعا في العلم الشرعي.

س4: كيف تردّ على من زعم من القبوريين أنه يستعيذ بالأولياء فيما أقدرهم الله عليه؟
يكون إبطال مقالهم راجعاً إلى جهتين:
فالجهة الأولى:
أن يبطل قولهم في الاستعاذة، وفي أشباهها: أن هذا الميت أو هذا الجني يقدر على هذا الأمر، وإذا لم يقتنع بذلك أو حصل هناك إيراد اشتباه فيه، فالأعظم أن يتوجه المورد للأدلة السنية، أن يتوجه إلى أعمال القلب، وأن هذا الذي توجه إلى ذلك الميت أو الولي، قد قام بقلبه من العبوديات ما لا يصلح إلا لله جل جلاله.
إذاً: فنقول: الاستعاذة بغير الله شرك أكبر؛ لأنها صرف للعبادة لغير الله، صرف العبادة لغير الله جل جلاله، فإن كان ذلك في الظاهر مع طمأنينة القلب بالله، وتوجه القلب إلى الله، وحسن ظنه بالله، وأن هذا العبد إنما هو سبب، وأن القلب مطمئن فيما عند الله؛ فإن هذه تكون استعاذة بالظاهر، وأما القلب فإنه لم تقم به حقيقة الاستعاذة، وإذا كان كذلك كان هذا جائزاً.
وقال الله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً)
وإنما ذُمُّوا لأنهم صرفوا تلك العبادة لغير الله جل وعلا، والله -سبحانه- أمر أن يستعاذ به دون ما سواه، فقال سبحانه: {قل أعوذ برب الفلق}.
وقال: {قل أعوذ برب الناس}.
وقال: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربِّ أن يحضرون}.
والآيات في ذلك كثيرة؛ كقوله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} فعُلم من التنصيص على المستعاذ به -وهو الله جل وعلا- أن الاستعاذة حصلت بالله وبغيره، وأن الله أمر نبيه أن تكون استعاذته به وحده دون ما سواه، وذكرت لكم أصل الدليل في ذلك، وأن الاستعاذة عبادة، وإذا كانت عبادة فتدخل فيما دلت عليه الآيات من إفراد العبادة بالله وحده.
في قوله: {فزادوهم رهقاً} ثمّ قول آخر، وهو قول قتادة وبعض السلف: أن {رهقاً} معناها: (إثماً) فزادوهم إثماً، وهذا أيضاً ظاهر من جهة الاستدلال إذا كانت الاستعاذة موجبة للإثم، فهي إذاً: عبادة إذا صُرفت لغير الله.
وعبادة مطلوبة إذا صرفت لله جل جلاله،
وهذا يستقيم مع الترجمة من أن الاستعاذة بغير الله شرك.
قال: (وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((من نزل منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك)) رواه مسلم)
وجه الدلالة من هذا الحديث:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن فضل الاستعاذة بكلمات الله، فقال: ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) وجعل المستعاذ منه: المخلوقات الشريرة، والمستعاذ به: هو كلمات الله.
وقد استدل أهل العلم حين ناظروا المعتزلة وردوا عليهم، استدلوا بهذا الحديث على أن كلمات الله ليست بمخلوقة، قالوا: لأن المخلوق لا يستعاذ به، والاستعاذة به شرك؛ كما قاله الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة.
فوجه الدلالة من الحديث:
إجماع أهل السنة على الاستدلال به على أن الاستعاذة بالمخلوق شرك، وأنه لما أمر بالاستعاذة بكلمات الله، فإن كلمات الله -جل وعلا- ليست بمخلوقة.
قال: ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) المقصود بـ(كلمات الله التامات) هنا: الكلمات الكونية التي لا يجاوزهن بَرٌّ ولا فاجر، وهي المقصودة بقوله جل وعلا: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} وبقوله: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}{وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً}.
وفي القراءة الأخرى:
{وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً} هذه الآية في الكلمات الشرعية، وكذلك في الكلمات الكونية.
إذاً: فقوله: ((أعوذ بكلمات الله التامات)) يعني: الكلمات الكونية.

((من شر ما خلق))
يعني: من شر الذي خلقه الله جل وعلا، وهذا العموم المقصود منه: من شر المخلوقات التي فيها شر، وليست كل المخلوقات فيها شر؛ بل ثمَّ مخلوقات طيبة ليس فيها شر، كالجنة، والملائكة، والرسل، والأنبياء، والأولياء.
وهناك مخلوقات خُلقت وفيها شر، فاستعيذ بكلمات الله -جل وعلا- من شر الأنفس الشريرة، والمخلوقات التي فيها شر.

س5: ما معنى الاستغاثة؟ وما حكم الاستغاثة بغير الله تعالى؟ فصّل القول في ذلك مستدلا لما تقول.
الاستغاثة: هي طلب الغوث، والغوث يحصل لمن وقع في شدة وكرب يخشى معه المضرة الشديدة أو الهلاك، فيقال أغاثه: إذا فزع إليه، وأعانه على ما به، وخلَّصه منه.
الاستغاثة كما ذكرنا طلب، والطلب نوع من أنواع الدعاء.
ولهذا قال العلماء: إن في قوله:
( (أو يدعو غيره) بعد (أن يستغيث بغير الله) فيه عطف للعام على الخاص، ومن المعلوم أن الخاص قد يُعطف على العام، وأن العام قد يُعطف على الخاص).
وقوله: (أن يستغيث بغير الله) هذا أحد أفراد الدعاء، كما ذكرنا بأن الاستغاثة طلب والطلب دعاء، (أو يدعو غيره) هذا عام:

الذي يشمل الاستغاثة.
ويشمل الاستعاذة، ويشمل أصنافاً كثيرة من أنواع الدعاء
بعض العلماء يقول:
(نضبط ذلك بقولنا: (الاستغاثة شرك أكبر: إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه ذلك المخلوق).
- وقال آخرون: (الاستغاثة شرك أكبر: إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله) وهاتان مختلفتان، والأصح منهما: الأخيرة؛ لأن المرء إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله -والمخلوق يعلم أن هذا لا يقدر عليه إلا الله- فإنه شرك أكبر بالله جل وعلا، أو في حقيقة الأمر أنه لا يقدر عليه إلا الله.
أما قول من قال من أهل العلم:

(إن الاستغاثة شرك أكبر، إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه) فإن هذا يَرِدُ عليه أن ثمة أشياء قد يكون في الظاهر يقدر عليها المخلوق ولكن في الحقيقة لا يقدر عليها، فإذاً: يكون هذا الضابط غير منضبط.
لأن من وقع في شدة وهو في غرق مثلاً، وتوجه لرجل يراه بأنه يغيثه، فقال:
(أستغيث بك، أستغيث بك، أستغيث بك) وذاك لا يحسن السباحة، ولا يحسن الإنجاء من الغرق، فهذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه المخلوق؛ فهل يكون شركاً أكبر؟ لا، لِمَ؟
أن الإغاثة عادةً -من الغرق ونحوه- يصلح أن يكون المخلوق قادراً عليها، فيكون الضابط الثاني هو الصحيح، وهو أن يقال: (الاستغاثة بغير الله شرك أكبر: إذا كان استغاث فيما لا يقدر عليه إلا الله).
أما إذا استغاث فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين،
لكن هذا المخلوق المعيَّن لم يقدر على هذا الشيء؛ فإنه لا يكون شركاً؛ لأنه ما اعتقد في المخلوق شيئاً لا يصلح إلا لله جل جلاله.
فإذاً: نقول: (الاستغاثة بغير الله: إذا كانت فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فهي شرك أكبر؛

س6: فسّر قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} وكيف تردّ بهذه الآية على من غلا في النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وليس له مِلْك حقيقي في أمر من الأمور {ليس لك من الأمر شيء} حتى أعلى الخلق مقاماً، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له الله جل وعلا: {ليس لك من الأمر شيء} يعني: لست مالكاً لشيء من الأمر، ليس من الأمر شيءٌ تملكه، (اللام) هنا لام المِلك، فمن الذي يملك إذاً؟
هو الله جل وعلا،
فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُنفى عنه ذلك، فإن نفيه عمن هو دونه من باب أولى.

س7: فسّر قول الله تعالى: {أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يُخلقون . ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون}
حاصِلُ كلامِ المُفَسِّرينَ،
كابنِ كثيرٍ وغيرِهِ: أنَّهُ تعالى يُخْبِرُ عنْ حالِ المَدْعُوِّينَ مِنْ دُونِهِ مِن الملائِكَةِ، والأنبياءِ، والأصْنَامِ وغيرِهِم بما يَدُلُّ عَلَى عَجزِهِم وضَعْفِهِم، وأنَّهُم قد انْتَفَتْ عنهُم الشُّروطُ التي لا بُدَّ أن تَكُونَ في المَدْعُوِّ؛ وهيَ المُلْكُ، وسَمَاعُ الدُّعَاءِ، والقُدْرَةُ عَلَى اسْتِجَابَتِهِ.
فمتى عُدِمَ شَرْطٌ بَطَلَ أن يَكونَ مَدْعُوًّا، فكيفَ إذا عُدِمَتْ كُلُّها؟
فنَفَى عنهُم المُلْكَ بقولِهِ: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}
[فاطر:13].
قالَ: ابنُ عبَّاسٍ، ومُجَاهِدٌ، وعِكْرِمةُ، وعَطَاءٌ، والحَسَنُ، وقَتَادَةُ: القِطْمِيرُ: اللِّفَافَةُ التي تكونُ عَلَى نَوَاةِ التَّمْرِ؛ أيْ: ولا يَمْلِكُونَ من السَّمَاوات والأرضِ شيئًا، ولا بمقدارِ هذا القِطْمِيرِ، كمَا قالَ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}[النمل:72].
وقالَ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ}[سبأ:21].
فمَنْ كانَ هذا حَالَهُ فكيفَ يُدْعَى مِنْ دونِ اللهِ؟
ونَفَى عنهم سَمَاعَ الدُّعاءِ بقولِهِ: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}[فاطر:13]؛ يعني: أنَّ الآلِهَةَ التي تَدْعُونَهَا لا يَسْمَعُونَ دُعاءَكُم؛ لأنَّهُم أمْوَاتٌ، أوْ ملائِكَةٌ مَشْغُولونَ بأَحْوَالِهِم مُسَخَّرُونَ لِمَا خُلِقُوا لهُ، أوْ جَمَادٌ.
فلَعَلَّ المُشْرِكَ يقولُ: هذا في الأصنامِ، أمَّا الملائِكةُ والأنبياءُ والصَّالِحونَ فيَسْمَعُونَ ويَسْتَجِيبُونَ، فنفَى سبحانَهُ ذلكَ بقولِهِ: {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}؛ أيْ: لا يَقْدِرُونَ عَلَى ما تَطْلُبُونَ مِنهم، وما خَصَّ تعالى الأصنامَ، بلْ عَمَّ جَمِيعَ مَنْ يُدْعَى مِنْ دُونِهِ، ومِن المعلُومِ أنَّهُم كانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ والأنبياءَ والصَّالِحِينَ، كمَا ذَكَرَ اللهُ تعالى ذلكَ في كتابِهِ، فلمْ يُرَخِّصْ في دُعَاءِ أحدٍ مِنهم، لا اسْتِقلالاً ولا وَساطةً بالشَّفاعةِ.
- وقولُهُ: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}[فاطر:14].
كقولِهِ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}[مريم:81،82].
وهذا نَصٌّ صَرِيحٌ عَلَى أنَّ مَنْ دَعَا غيرَ اللهِ فقدْ أشْرَكَ بِشَرْطِهِ، وأنَّ المَدْعُوِّينَ يَكْفُرونَ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ، ويَتَبَرَّءُونَ مِنهم، كقولِهِ تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة:166].
فهلْ عَلَى كلامِ ربِّ العِزَّةِ اسْتِدْراكٌ؟
ولهذا قالَ:
{وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} أيْ: ولاَ يُخْبِرُكَ بعَوَاقِبِ الأُمُورِ ومآلِهَا وما تَصِيرُ إليهِ مِثلُ خبيرٍ بِهَا.
قالَ قَتَادَةُ: (يعني نفسَهُ تبارَكَ وتعالى؛ فإنَّهُ أخْبَرَ بالواقِعِ لا مَحَالَةَ).
يتوجب عليك إعادة حل المجلس كون إجاباتك منسوخة , بل قد أكثرت من النسخ !!!
الدرجة : هـ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الحادي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir