دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الثاني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #9  
قديم 5 ربيع الثاني 1445هـ/19-10-2023م, 12:59 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
معنى "الحصور" في قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصالحين}.
لبيان المعنى المراد من حصورا في الآية ،نحتاج أولًا لبيان الأصل الاشتقاقي لجذر الكلمة "حصر:
" الحصر لغة من التضييق، المنع و الحبس ، ذكره ابن كثير و ابن عطية و فخر الدين الرازي، و في المعجم الاشتقاقي، يقال حصره يحصره حصرا وحصر الرجل : أي اعتقل بطنه ، والحصور الذي يكتم السر ويحبسه ، والحصور الضيق البخيل( الرازي)
الأصل االاشتقاقي:
[حصير على وزن فعيل وليس فعول، والكلمة محل البحث هي حصور]
1- حصير؛ فعول للمبالغة، مُحَوَّل من حاصر، كضروب. وفي قوله:
- ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السَّيْفِ سُوقَ سِمَانِهَا ... إذَا عَدِمُوا زاداً فَإنَّكَ حَاصِر بمعنى الحاصر: قال عز وجل: واحصروهم [التوبة/5]، أي: ضيقوا عليهم،
2- حصير بمعنى محصور، وهو "فَعُول" بمعنى "مَفْعول"، كأنه محصور عنهن أي مأخوذ محبوس عنهن. وأصل الحصر: الحبس. ومثله مما جاء فيه "فعول" بمعنى "مفعول": ركوب بمعنى مركوب، وحَلُوب بمعنى مَحْلُوب، وهَيُوب بمعنى مَهِيب، و قاله ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن و النحاس في معاني القرآن، ابن الجوزي في تفسيره.
وقال عز وجل: وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا [الإسراء/8]، أي: حابسا ، بمعنى المحصور ( المعجم الاشتقاقي).
فإن الحصير سمي بذلك لحصر بعض طاقاته على بعض، و لأن بعضة حبس على بعض كما ذكر النحاس،
قال لبيد: ومعالم غلب الرقاب كأنهم *** جن لدى باب الحصير قيام ، أي: لدى سلطان (وفي نسخة: لدى باب الملك)، وتسميته بذلك إما لكونه محصورا نحو: محجب؛ وإما لكونه حاصرا، أي: مانعا لمن أراد أن يمنعه من الوصول إليه.
الأقوال:
1- المراد أنه لا يأتي النساء و لا يقربهم: حاصل قول كلأً [كلٍ ] من عبدالله بن مسعود، الحسن، سعيد بن جبير، مجاهد، ، الضحاك، قتادة، سفيان بن عيينة، ، عبد الكريم، و قال به علماء اللغة كالفراء و الزجاج و النحاس، و نقل ابن عطية اجماع مَن يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ مِنَ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ هَذِهِ الصِفَةَ لِيَحْيى عَلَيْهِ السَلامُ إنَّما هي الِامْتِناعُ مِن وطْءِ النِساءِ، ، و هذا يظهر من تتبع الأقوال و الآثار، و يتبين أنهم مع ذلك اختلفوا في الأسباب في عدم إتيانه النساء.
تخريج الآثار في أن المراد هو عدم إتيان النساء:
1- قول عبد الله بن مسعود:
أخرجه ابن جرير، قال : حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن خلفٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن شعيبٍ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عنه به.
و أخرجه ابن أبي حاتم و ابن المنذر من طريق عطية عنه به.
2- قول الحسن:
أخرجه ابن جرير ،قال : حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن: {وحصورًا} قال: لا يقرب النّساء
قال أبو محمّدٍ [من أبو محمد هنا؟] وروي عن عبد اللّه بن مسعودٍ وسعيد بن جبيرٍ، وأبي صالحٍ، وأحد قولي الضّحّاك وعكرمة ومجاهدٍ، وعطيّة، وجابر بن زيدٍ أنّهم قالوا: هو الّذي لا يأتي النّساء.
3- قول قتادة :
- أخرجه عنه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيّ في تفسيره، قال : (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى مصدقا بكلمة من الله قال يعني بعيسى ابن مريم وسيدا وحصورا قال الحصور الذي لا يأتي النساء).
- أخرجه ابن جرير بأسانيد مختلفة إلى قتادة :
- قال حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وحصورًا} كنّا نحدّث أنّ الحصور الّذي لا يقرب النّساء
- و قال حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: حدّثنا قتادة في قوله: {وسيّدًا وحصورًا} قال: الحصور: الّذي لا يأتي النّساء.
- و قال حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادة، مثله.
4- قول سعيد بن جبير:
أخرجه ابن جرير في تفسيره ، و ابن حجر في تغليق التعليق، من طريق عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ قال: الحصور: الذي لا يأتي النساء).
-و روى ابن جرير من طريق جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ، مثله
و حكاه عن سعيد بن جبير البخاري في صحيحه و ابن حجر في فتح الباري.
5- قول مجاهد:
أخرجَه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ في جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي [يمكنك قول أخرجه مسلم بن خالد الزنجي] و ابن جرير في تفسيره ، من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {سيداً وحصوراً} قال: السيد: الكريم على الله، والحصور: الّذي لا يقرب النّساء). [
-و رواه ابن جرير من طريق آخر بلفظ ؛ لا يأتي النساء، قال : حدّثني عبد الرّحمن بن الأسود، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، قال: حدّثنا النّضر بن عربيٍّ، عن مجاهدٍ: {وحصورًا} قال: الّذي لا يأتي النّساء.
-و أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر بن السبط أنا أبي أبو سعد أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس العطار بمكة أنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله الديبلي، نا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي نا سفيان عن رجل ، عنه به.
6- قول ابن زيد:
أخرجه ابن جريرفي تفسيره قال :حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، عنه به.
7- قول السدي: أخرجه ابن جرير في تفسيره قال: حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وحصورًا} قال: الحصور: الّذي لا يريد النّساء.
8- قول الضحاك:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق و أحمد في في الزهد من طريق شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: " السَّيِّدُ: الْحَسَنُ الْخُلُقِ وَالْحَصُورُ: الَّذِي حُصِرَ عَنِ النِّسَاءِ ".
9- قول عبد الكريم:
أخرجه ابن عساكر في كتاب تاريخ دمشق قال :أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن أنا علي بن محمد الشافعي أنا علي بن أحمد البغدادي نا محمد بن عمرو بن سليمان حدثني أحمد بن محمد بن إسماعيل نا يحيى بن عبدك القزويني نا خلف بن عبد الرحمن نا مالك عن عبد الكريم قال الحصور الذي لا يأتي النساء
و قَالَ به ( الذي لا يأتي النساء) كلًا من عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ في غريب القرآن و تفسيره، و ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ في تفسير المشكل من غريب القرآن،
اختلف المفسرون في سبب عدم إتيان النساء قولان :
1- أنه كان عاجزا عن إتيان النساء، و ترجع الأصل الاشتقاقي إلى محصور، أي أنه منع و ليس أمر بإرادته، أي بسبب خارج عنه، وقوله عز وجل: وسيدا وحصورا [آل عمران/39]، قَالَ النحَّاسُ : محصور ، وكأنه منع مما يكون في الرجال.
و يدل على ذلك ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في كتابه الزهد، قال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أبِي، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: " السَّيِّدُ: الْحَسَنُ الْخُلُقِ وَالْحَصُورُ: الَّذِي حُصِرَ عَنِ النِّسَاءِ. "
واختُلف في السبب على أقوال:
1- السبب صغر الآلة :
- أ. ما رفع للرسول صلى الله عليه و سلم
1- عن ابن العاص، أخرجه بألفاظ متقاربة ( وصف لذكره أنه كقذاة، كهدبة) ابن جرير في تفسيره، و ابن أبي حاتم، ابن المنذر ، و ابن عساكر( كما ذكر السيوطي في الدرر ) ؛من طريق يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، عنه به.
2- عن أبي هريرة: أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، كما ذكر عنهما السيوطي في الدر المنثور، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن عساكر كما ذكر السيوطي في الدر المنثورعنه به.
أخرج ابن أبي حاتم عنه، قال: حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن حمّادٍ زغبة، ومحمّد بن سلمة المراديّ، قالا: ثنا حجّاج بن سليمان بن القمريّ، عن اللّيث بن سعدٍ، عن محمّد ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: كلّ ابن آدم يلقى اللّه بذنبٍ قد أذنبه، يعذّبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى بن زكريّا فإنّه كان سيّدًا وحصورًا ونبيًّا من الصّالحين، ثمّ أهوى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى قذاةٍ من الأرض فأخذها وقال: كان ذكره مثل هذه القذاة
. قال ابن أبي حاتم تعقيبا على هذا الأثر : قال أبي: لم يكن هذا الحديث عند أحدٍ غير الحجّاج ولم يكن في كتاب اللّيث، وحجّاجٍ شيخٌ معروفٌ).
ب. قول سعيد بن المسيب
- أخرجه ابن جرير في تفسيره (بأسانيد مختلفة )، و ابن المنذر من طريق يحيى بن سعيدٍ، قال: سمعت سعيد بن المسيّب، يقول: ليس أحدٌ إلاّ يلقى اللّه يوم القيامة ذا ذنبٍ إلاّ يحيى بن زكريّا، كان حصورًا معه مثل الهدبة.
- و في الإسناد عن أحمد بن الوليد القرشيّ، قال: حدّثنا محمد بن جعفرٍ، زيادة : الّذي لا يغشى النّساء،
و في الإسناد عن سعيد بن عمرٍو السّكونيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن عبد الملك زيادة : الّذي لا يشتهي النّساء، ثمّ ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواةً فقال: ما كان معه إلاّ مثل هذه.
ج . قول عبدالله بن عمرو بن العاص :
10- أخرجه أحمد في الزهد قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: " مَا أَحَدٌ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بِذَنْبٍ، إِلَّا يَحْيَى بْنَ ⦗٧٦⦘ زَكَرِيَّا، ثُمَّ قَرَأَ سَعِيدٌ {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩] فَرَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا، فَقَالَ: الْحَصُورُ ذَكَرُهُ مِثْلُ هَذَا «وَأَشَارَ يَحْيَى بِطَرْفِ إِصْبَعِهِ»
عقب السيوطي على هذا الأثر الموقوف أنه أقوى إسنادا من المرفوع.
11- قول عطاء الخرساني:
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، قال: حدّثني أبي، ثنا إبراهيم بن محمّد بن يوسف الفريابيّ، ثنا ضمرة، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه في قوله: وسيّدًا وحصورًا قال: منثني الذّكر.
فيه عثمان بن عطاء و هو ضعيف الحديث [يفضل عزو هذا كما فعلتِ في أكثر المواضع]
3- السبب لتعذر الإنزال ) الذي لا ينزل الماء(:
وردت فيه آثار فيها ضعف
أ‌. قول ابن عباس:
أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم ، و ابن المنذر، من طريق جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عنه به.
في الأثر قابوس وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ليس بذاك، وقد روى عنه الناس. وعن ابن معين: ضعيف الحديث [تهذيب التهذيب (3/ 406)]
وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع المرسل وأسند الموقوف، وأبوه ثقة، يقال: مات في خلافة مروان بن محمد، وقيل: في خلافة أبي العباس. [تهذيب التهذيب (3/ 406)]
ب‌. قول الضحاك:
أخرجه ابن جرير، و ابن أبي حاتم من طريق؛ جويبرٍ، عن الضّحّاك: الحصور: الّذي لا يولد له، وليس له ماءٌ
قال الدكتور محمد حسين الذهبي في التفسير والمفسرون (1/ 55) رواية جويبر عن الضحاك أشد ضعفًا، لأن جويبراً شديد الضعف متروك
– أخرج مثله عن طريق آخر قال: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {وحصورًا} قال: هو الّذي لا ماء له
حدثت لفظ فيه انقطاع
- ما ذكر أنه لا ولد له، فهذا لازم أنه لا ماء له، و قد روى ابن المنذر في تفسيره، قال: حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بْن عَبْد الوهاب، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله وَهُوَ ابْن موسى العبسي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو جعفر عَنْ الربيع بْن أنس، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَحَصُورًا} قَالَ " الحصور الَّذِي لا يولد لَهُ
ت‌. قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ، فقال: ﴿وحصورا﴾ ] : الحصور له غير موضع والأصل واحد وهو الذي لا يأتى النساء، والذي لا يولد له، والذي يكون مع النّدامى فلا يخرج شيئا، و استدل بقول الأخطل:
وشارب مربح للكأس نادمنى ... لا بالحصور ولا فيها بسوار
و قد أخرجه ابن المنذر عنه، قال: أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: عنه به.
4- حكى ابن عساكر عن سفيان بن عيينة قوله: قال سفيان بن عيينة خلق يحيى من غير شهوة فجاء بغير شهوة يريد أن خلقه كان آية من آيات الله لم يكن عن شهوة بشرية ألا تراه يقول " قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر (٢) " الآية
5- ومنهم من قال : كان ذلك لعدم القدرة و لم يحدد سببًا:
أخرجه ابن المنذر النيسابوري عن عبد الله بلفظ العنين، قال: حدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " هُوَ الْعِنِّينُ: حَصُورًا
.القول الثاني : أنه الذي لا يأتي النساء لا للعجز بل للعفة والزهد ، مَعَ القُدْرَةِ عَلى ذَلِكَ، نسبه فخر الدين الرازاي في تفسيره إلى أنه اختيار المحققين، و نسبه القرطبي و أبو حيان في البحر المحيط إلى ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ، وعَطاءٌ، وأبُو الشَّعْثاءِ، والحَسَنُ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ، (و هذا لعله لإطلاق الكلام و سياقه )، و استشهد أبو حيان بقول الشّاعِرُ: وحَصُورًا لا يُرِيدُ نِكاحًا ∗∗∗ لا ولا يَبْتَغِي النِّساءَ الصِّباحا وقَدْ رُوِيَ أنَّهُ تَزَوَّجَ مَعَ ذَلِكَ؛ لِيَكُونَ أغَضَّ لِبَصَرِهِ.
و تفسيرهم القول بأنه لا يأتي النساء عن إرادة منه، فهو الذي لا يأتي النساء لا أنه منع و حصر، و هذا يعود للأصل اللغوي (حاصر)، هو الفاعل ، و لم يُفعل به، و هو ما قاله ابن حيان في البحر المحيط.

2- وقيل الحاصِرُ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَواتِ، ذكره ابن حيان في البحر المحيط.
3- الحاصر نفسه عَنْ مَعاصِي اللَّهِ، الحصور
هنا هو الذي لا يأتي الذنوب كأنه محصور عنها أي: ممنوعاً منها ذكره مكي بن ابي طالب في كتابه الهداية إلى بلوغ النهاية، و ذكره ابن حيان في البحر المحيط.
و يؤيد ذلك ما أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ في تفسيره عن معمر عن قتادة عن الحسن عن النبي قال ما أذنب يحيى بن زكريا ذنبا ولا هم بامرأة.
4- وقِيلَ: الحَصُورُ الَّذِي لا يَدْخُلُ مَعَ القَوْمِ في المَيْسِرِ، ذكره ابن حيان في البحر المحيط ، و استشهد بمقالة الأخْطَلُ: وشارِبٌ مُرْبِحٌ بِالكَأْسِ نادَمَنِي ∗∗∗ لا بِالحَصُورِ ولا فِيها بِسَآرٍ، و بين المعنى فقال: فاسْتُعِيرَ لِمَن لا يَدْخُلُ في اللَّعِبِ واللَّهْوِ.
أخرج ابن عساكرمثله مرفوعًا لرسول الله صلى الله عليه و سلم عن معاذ: فقال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة نا أبو بكر الخطيب أخبرني أبو الحسن محمد بن أحمد أنا احمد بن سندي نا الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى أنا إسحاق بن بشر أنا ابن سمعان عن مكحول عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رحم الله أخي يحيى حين دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صغير فقال اللعب خلقنا فكيف بمن أدرك الحنث من مقاله
و أخرج ابن عساكر (بأسانيد مختلفة)، و أحمد بن حنبل في الزهد عن معمر بن راشد قال بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى بن زكريا اذهب بنا نلعب قال ما للعب خلقنا قال فهو قوله " وآتيناه الحكم صبيا "
أقوال المفسرين و توجيهها:
ظاهر ما اختارابن جرير هو القول بأن سبب عدم إتيانه النساء عن عدم قدرة، ظهر ذلك من المثال الذي جاء به "حَصِرَ فلان في قراءته"، إذا امتنع من القراءة لأنه لم يقدر عليها.
و ذكر ابن عطية الأقوال إجمالًا ثم ذكر ما يدل على اختياره القول بأنه لم يأت النساء من عند نفسه، ففصل في القول أن الحصر كان من قبله تقى و جلد في طاعة الله مع قدرته على جماع النساء، و بين سبب هذا القول أنه مدح ليحى عليه السلام يوافق السياق، و هو ظاهر في الآية، أما باقي الأقوال ليس فيه مدح، لأن فيه أن الامتناع من الله ليس له فيه يد.
و هذا ايضًا ما اختاره القرطبي و قال عنه أصح الأقوال، و بين سبب اختياره كالذي ذكره ابن عطية، أنه مدح و ثناء، وَالثَّنَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْفِعْلِ الْمُكْتَسَبِ دُونَ الْجِبِلَّةِ فِي الْغَالِبِ،أي أنه يجاهد نفسه مع القدرة، فالمنع إنما يحصل إذا كان المقتضي قائماً، والدفع إنما يحصل عند قوة الداعية والرغبة والغِلْمَة.
و ممن اختار هذا القول و كان هذا أحدالأسباب عنده أبو حيان في البحر المحيط، و فخر الدين الرازي في تفسيره ، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري، العيني في عمدة القارئ، ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب و أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري. .
كما أضاف القرطبي سببًا آخر : هو الأصل اللغوي لكلمة حصورًا؛ أَنَّ فَعُولًا فِي اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ الْفَاعِلِينَ، و استدل بقول الشاعر : ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السَّيْفِ سُوقَ سِمَانِهَا ... إِذَا عَدِمُوا زَادًا فَإِنَّكَ عَاقِرُ
و معناه الذي يحصر نفسه عن الشهوات.
و أرجع القرطبي هذا الأمر إلى أن هذا لعله كان شرعًا لهم، لكن عندنا النكاح هو الشرع.
و هو ما ذكره و بينه أبو حيان في تفسيره، و استدل بما حُكى عن َ مُجاهِدٌ أنه قال: كانَ طَعامُ يَحْيى العُشْبَ، وكانَ يَبْكِي مِن خَشْيَةِ اللَّهِ حَتّى لَوْ كانَ القارُ عَلى عَيْنَيْهِ لَخَرَقَهُ، وكانَ الدَّمْعُ اتَّخَذَ مَجْرًى في وجْهِهِ. قِيلَ: ومَن هَذا حالُهُ فَهو في شَغْلٍ عَنِ النِّساءِ، وغَيْرِهِنَّ مِن شَهَواتِ الدُّنْيا.
و الأصل اللغوي هو ما بنى عليه فخر الدين الرازي اختياره لهذا القول ، بعد أن أخبر عنه أنه اختيار المحققين، و قد فصل في بيان كلامه فقال: وذلك لأن الحصور هو الذي يكثر منه حصر النفس ومنعها كالأكول الذي يكثر منه الأكل وكذا الشروب ، والظلوم ، والغشوم ، و ربط الرازي بين الأصل اللغوي و صيغة المبالغة و المعنى الذي وجهه ؛ والمنع إنما يحصل أن لو كان المقتضي قائمًا ، فلولا أن القدرة والداعية كانتا موجودتين ، وإلا لما كان حاصرًا لنفسه فضلًا عن أن يكون حصورًا ، لأن الحاجة إلى تكثير الحصر والدفع إنما تحصل عند قوة الرغبة والداعية والقدرة ، وعلى هذا الحصور بمعنى الحاصر فعول بمعنى فاعل .
و رجح القاضي عياض : المعنى أنه ُ معصوم من الذنوب ، لا يأتيها ،:أنه حصر عنها،و قال قيل: مانعًا نفسه من الشهوات.
و قد أورد ابن كثير قول القاضي عياض في تفسيره و عقب عليه بما يظهر اختياره له أن المقصود مدح يحى بكونه حصور، ليس بكونه لا يأتي النساء، أي انه معصوم عن الفواحش و القذورات، و هذا لا يمنع تزويجه بالنساء في الحلال، و حصول الولد منهم و استدل ابن كثير بما يظهر من قوله تعالى(هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَدًا لَهُ ذُرِّيَّةٌ وَنَسْلٌ وعَقِب، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
و ذكر مثله أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري.
و هو قول بالعموم يدخل فيه دخولًا أوليًا، منع اطلاق شهوة الفرج.
و قد أخبر محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ في عمدة القارئ بوصل المعلق من الآثار من قبل عبد فقال: حدثنا جعفر بن عبد الله السّلميّ عن أبي بكر الهذليّ عن الحسن وسعيد بن جبير وعطاء وأبي الشعثاء أنهم قالوا: السّيّد الّذي يغلب غضبه، والحصور الّذي لا يغشى النّساء.
و يظهر من كلام ابن عاشور في تفسيره أن يحى عليه السلام لا يأتي النساء لأنه حُصر عن ذلك، ثم أورد احتمالين لمقصد هذه الصفة، أحدهما المدح ، لكن وجهه بغير ما وجه من ذكرنا، فقال أن وجه المدح بهذه الصفة البعد عن الشهوات المحرمة بأصل الخلقة، و ذلك لرد ما يلصقه أهل البهتان بأهل الزهد من اليهود في عصره، أم المقصد الثاني الذي حمله لهذه الصفة أن ليس المدح ، لأن من هم أفضل منه كانوا يقربون النساء، بل هو إعلام لزكريا بقدوم يحى كرامة لزكريا و اخباربانقطاع الذرية، جاءت هذه الصفة بين صفات كمال ، تسلية لزكريا عليه السلام و تخفيفً من وحشة انقطاع الذرية.
و رد القول بأن يحى عليه السلام لا يأتي النساء عجزًا منه كلًا من؛ أبو حيان و القاضي عياض فِي كِتَابِهِ الشِّفَا بتعريف حقوق المصطفى و ابن عادل في اللباب في علوم القرآن ، و عبر أبو حيان عنه بأن هذا القول فاسد عنده، و سبب الرد كون ذلك من صفات النقصان التي لا تليق بالانبياء، وذكر صفة النقصان في معرض المدح لا يجوز، ولأن على هذا التقدير لا يستحق به ثوابا ولا تعظيما.
وَ نسب الْقَاضِي عِيَاضٌ الأنكار لهذا القول إلى حذاق المفسرين و نقاد العلم.
الرأي الراجح.\؛
يتبين مما سبق أن المعنى المراد من الحصر و الله أعلم هو: أن يحى عليه السلام منع نفسه عن الشهوات ، و التي يدخل فيها دخولًا أوليًا إتيان النساء( مجاهدة تقىً و عفافًا) ، كما يدخل فيها اللعب و غيره، و هو ما يناسب الأصل اللغوي و صيغة المبالغة ( حصورا)، و سياق الكلام الذي هو في المدح الذي يناسب مقام الأنبياء، و الآثار التي ذكرت، و ما نقل عن المفسرين أنه قول المحققين.
و رد القول أنه لا يأتي إلا لعجزه ؛ نسب إلى المحققين ، ففيه نقص لمقام الأنبياء و لا يناسب سياق المدح، كما أن الآثار الواردة في ذلك بينا ضعفها.
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
تلتزمين بالخطوات المطلوبة لبحث المسألة، وبالمصادر المطلوبة ... وأرجو لك مزيدا من التقدم مع كثرة التدرب، وحاولي محاكاة أسلوب الشيخ في التخريج، والاطلاع على دورة تدوين التفسير لمعرفة أسانيد النسخ التفسيرية.
- أحسنتِ البدء بدراسة اشتقاق الكلمة وبيان دلالتها الصرفية، لكن حصير على وزن فعيل وليس فعول، والكلمة محل البحث هي حصور وهي التي على وزن فعول.
- الأخبار المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم نجتهد في بيان حكم صحتها وحاولي الاستفادة من تعليقات الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لأحاديث تفسير ابن جرير الطبري، وكذلك في عمدة التفسير مختصر تفسير ابن كثير، ولم يكمله رحمه الله.
- أكثر الآثار التي وردت عن الصحابة والتابعين معناها عام بأنه لا يأتي النساء دون تعيين سبب فتحتمل اندراجها تحت معنى منع نفسه من الشهوات.
التقويم: أ+
زادكِ الله توفيقا وسدادًا.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir