دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب القضاء

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1431هـ/26-05-2010م, 07:03 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الحكم على الغائب

ويُحْكَمُ على الغائبِ إذا ثَبَتَ عليه الحقُّ وإن ادَّعَى على حاضرٍ بالبلدِ غائبٍ عن مَجْلِسِ الحكمِ وأتى ببَيِّنَةٍ لم تُسْمَع الدَّعْوَى ولا البَيِّنَةُ .

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 04:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

......................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 04:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(ويُحْكَمُ على الغائبِ) مسافةَ القصرِ (إذا ثَبَتَ عليه الحقُّ)؛ لحديثِ هِنْدَ, قالَتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شحيحٌ، وليسَ يُعْطِينِي مِن النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي ووَلَدِي. قالَ: ((خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فتُسْمَعُ الدعوَى والبَيِّنَةُ على الغائبِ مسافةَ قَصْرٍ، وعلى غيرِ مُكَلَّفٍ، ويُحْكَمُ بها، ثمَّ إذا حَضَرَ الغائبُ, فهو على حُجَّتِهِ.
(وإنِ ادَّعَى) إنسانٌ (على حاضرٍ في البلدِ غائبٍ عن مجلِسِ الحكمِ), أو على مُسافِرٍ دونَ مسافةِ قَصْرٍ غيرِ مُسْتَتِرٍ، (وأَتَى) المُدَّعِي (بِبَيِّنَةٍ, لم تُسْمَعِ الدَّعْوَى ولا البَيِّنَةُ) عليهِ حتَّى يَحْضُرَ مجلِسَ الحُكْمِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ سُؤَالُه، فلم يَجُزِ الحُكْمُ عليه قبلَه.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 04:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(ويحكم على الغائب) مسافة القصر (إذا ثبت عليه الحق)([1]).


لحديث هند، قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، قال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، متفق عليه([2]) فتسمع الدعوى والبينة على الغائب مسافة قصر([3]) وعلى غير مكلف، ويحكم بها([4]) ثم إذا حضر الغائب فهو على حجته([5]).


(وإن ادعى) إنسان (على حاضر في البلد غائب عن مجلس الحكم)([6]) أو على مسافر دون مسافة قصر([7]) غير مستتر([8]) (وأتى) المدعي (ببينة لم تسمع الدعوى ولا البينة) عليه حتى يحضر مجلس الحكم، لأنه يمكن سؤال، فلم يجز الحكم عليه قبله([9]).


([1]) قال الشيخ: وإن أمكن القاضي، أن يرسل إلى الغائب رسولا، ويكتب إليه الكتاب والدعوى، ويجاب عن الدعوى بالكتاب والرسول، فهذا هو الذي ينبغي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بمكاتبته اليهود، لما ادعى الأنصاري عليهم قتل صاحبهم، وكاتبهم ولم يحضرهم، وهكذا ينبغي في كل غائب طلب إقراره أو إنكاره إذا لم يقم الطالب بينة.
وإن أقام بينة فمن الممكن أيضا، أن يقال: إذا كان الخصم في البلد، لم يجب عليه حضور مجلس الحاكم، بل يقول: أرسلوا إلي من يعلمني بما يدعى به علي، ويجوز أن يكون الرسول واحدا، لأنه نائب الحاكم، كما كان أنيس نائب النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الحد، بعد سماع الاعتراف، وثبوت الحد، أو يخرج على المراسلة من الحاكم إلى الحاكم.
قال: ونص عليه، فيما إذا أقام ببينة، بالعين المودعة، عند رجل سلمت إليه، وقضى على الغائب.
([2]) فدل الحديث بصحة الحكم على الغائب بما في معناه.
([3]) أي عن القاضي المدعي عنده، ولو شاهدا ويمينا فيما يقبل منه فيه، ويحكم بها، وقال الوزير: اتفقوا على أن الحاكم يسمع دعوى الحاضر، وبينة الغائب اهـ واعتبر في القضاء على الغائب، أن يكون في غير محل ولايته، أما لو كان غائبا بمكان ولايته، ولا حاكم فيه، فإن الحاكم يكتب إلى من يصلح للقضاء، بالحكم بينهما، فإن تعذر فإلى من يصلح بينهما، فإن تعذر قال للمدعي حقق دعواك، فإن فعل أحضر خصمه، وإن بعدت المسافة على المذهب.
وذكر أحمد مذهب أهل المدينة، وأنهم يقضون على الغائب،و قال: هذا مذهب حسن، قال الزركشي: فلم ينكر أحمد سماع الدعوى، ولا البينة وحكى قول أهل المدينة والعراق وكأنه عنده محل وفاق.
([4]) أي وتسمع الدعوى على غير مكلف، ويحكم بها لخبر هند، ثم إذا كلف بعد الحكم، فهو على حجته، وكذا المجنون والميت، لأن كلا منهم لا يعبر عن نفسه فهو كالغائب
([5]) إن كانت، لزوال المانع، والحكم بثبوت أصل الحق، لا يبطل دعوى القضاء، أو الإبراء ونحوه، مما يسقط الحق، وإن حضر قبل الحكم وقف على حضوره.
([6]) لم تسمع الدعوى، ولا البينة، إلا بحضرته مجلس الحكم.
([7]) لأنه في حكم المقيم.
([8]) لتعذر حضوره، فهو كالغائب بل أولى، لأن الغائب قد يكون له عذر بخلاف المتواري.
([9]) بخلاف الغائب البعيد إلا أن يمتنع الحاضر بالبلد، أو الغائب دون مسافة القصر، عن الحضور، فيسمع الحاضر الدعوى عليه، والبينة.

  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 01:39 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ إِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَإِنِ ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ غَائِبٍ عَنْ مَجْلِسِ الحُكْمِ، وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى، وَلاَ الْبَيِّنَةُ.
قوله: «ويحكم على الغائب إذا ثبت عليه الحق» الغائب إما أن يكون في البلد، أو خارج البلد، والذي في البلد، إما أن يكون مستتراً مختفياً، أو غير مستتر، يعني يخرج ويأتي مع الناس، فالأقسام ثلاثة:
الأول: غائب في البلد غير مستتر، يعني ليس حاضراً في مجلس الحكم لكنه غير مستتر.
الثاني: غائب في البلد، لكنه مستتر متخفٍّ عن الناس.
الثالث: غائب عن البلد خارج البلد.
وقوله: «ويحكم على الغائب» المراد بالغائب هنا، الغائب عن البلد، أو الذي في البلد لكنه مستتر متخفٍّ، لا يمكن الوصول إليه، ففي هذين الحالين يحكم على الغائب إذا ثبت عليه الحق، فإذا جاء رجل إلى القاضي، وقال: أنا أدعي على فلان ابن فلان بمائة ريال مثلاً، فقال: أين هو؟ قال: في مكة، فإنه يحكم عليه إذا جاء المدعي بشاهدين، لأن الغَيْبة هنا بعيدة، مسافة قصر، وإذا كانت بعيدة مسافة قصر حُكم عليه إذا ثبت عليه الحق.
فإن ادعى على هذا الغائب بمائة ريال، فقال القاضي: أين الشهود؟ فقال: ما عندي شهود، لكن حلِّفْه، يقول القاضي: أَحْضِرْهُ وأُحَلِّفْهُ، فلا يحكم عليه إلا إذا ثبت عليه الحق.
فإذا كان المدعى به عيناً بأن قال: أنا أدعي على فلان أنه باع عليَّ بيته، فقال القاضي: إيت بالشهود، فقال: هؤلاء الشهود قد حضروا، فيحكم عليه؛ لأن الحق ثبت، وقد قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «البينة على المدعي» [(226)].
وهذا الذي ذكر المؤلف حكمٌ يحتاج إلى دليل، والدليل قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حكم لهند بنت عتبة ـ رضي الله عنها ـ أن تأخذ من مال أبي سفيان رضي الله عنه ما يكفيها وولدها بالمعروف، حيث جاءت إليه تقول: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» [(227)]، فحكم عليه وهو غائب، قالوا: فهذا دليل على أنه يحكم على الغائب.
أما التعليل فلأننا لو لم نحكم له لضاع حقه؛ لأن هذا غائب، ما ندري هل يحضر، أو لا يحضر، أو يموت؟
وكذلك إذا كان في البلد، لكنه مستتر ومتخفٍّ عن الناس، فإن استتاره يدل على أنه مبطل، فلهذا لا نضيِّع حق هذا الرجل الذي ثبت له الحق، بل نحكم له به، وهذا هو المذهب.
وفي المسألة خلاف، فهناك من يقول: إنه لا يقضى على الغائب لدليل من القرآن، ومن السنة، ومن النظر، فزادوا على الأولين بدليل القرآن، أما القرآن فقالوا: إن الظاهر من قصة داود ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لاَمَهُ حيث حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع حجة الآخر، في قوله تعالى: {{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ *}} [ص] ، ثم قال المدعي {{إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *}} [ص] هذه صورة الدعوى، الحكم: {{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}} [ص: 24] ، ولم يسمع حجة الخصم.
ففي هذ القصة أن داود ـ عليه الصلاة والسلام ـ احتجب عن رعيته بعبادته الخاصة، بدليل قوله: {{إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}}، مع أن الله ـ تعالى ـ جعله خليفة يحكم بين الناس، والموظف لا يشتغل بما يشغله عن وظيفته، فإذا كان الله ـ عزّ وجل ـ قد كلفه أن يقوم بهذه المهمة، فلا ينبغي أن يختص الوقت لنفسه، ولهذا لما جاؤوا ووجدوا المحراب مغلقاً تسوَّروه؛ لأنهم أصحاب حاجة، كما أن داود ـ عليه الصلاة والسلام ـ حكم قبل أن يدلي الخصم بحجته التي يدافع بها عن نفسه، فبمجرد ما قال المدعي: {{إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}} إلى آخره، قال: {{لَقَدْ ظَلَمَكَ}}، وهذا يدل على أنه لا يحكم لأحد إلا بسماع حجة صاحبه.
ولكن قد يقول القائلون بالحكم على الغائب: إن هذا حاضر، فسماع حجته سهل، بخلاف الغائب، لكن قد ورد في حديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقضي للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي» قال علي: فما زلت قاضياً بعد[(228)]، وهذا الحديث فيه مقال، لكن بعضهم حسَّنه.
أما النظر فقالوا: إنه لا يمكن أن يحكم لهذا الحاضر على الغائب؛ لاحتمال أن يكون قد قضاه حقه، فإذا قال: أنا أدعي عليه بمائة ريال، وأتى بالشهود، فمن الجائز أن يكون المدعى عليه قد أوفى هذه المائة، وإذا كان جائزاً فإنه إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال، فهذه البينة صادقة فيما شهدت به، لكن احتمال القضاء وارد، إذاً يجب الانتظار في الحكم حتى ننظر ما عنده.
والحقيقة أن القولين كليهما له وجهة نظر، والذي أرى أن يرجع إلى رأي الحاكم في هذه المسألة، فقد يجد الحاكم من القرائن ما يقتضي الحكم على الغائب؛ لكون هذا المدعي رجلاً ثقة عدلاً، لا يمكن أن يدعي ما ليس له، والمدعى عليه بخلاف ذلك، فإذا كان عنده من القرائن ما يدل على صحة دعوى المدعي فليحكم بذلك، وإذا لم يكن عنده قرائن فالواجب أن يمسك ولا يحكم حتى ينظر حجة الخصم؛ لاحتمال أنه قضاه.
فإن قلت: نحتاج إلى الجواب عن حديث هند بنت عتبة رضي الله عنها، فالجواب عن ذلك سهل جداً، وهو أن يقال: إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أفتاها ولم يحكم لها، والفتوى غير الحكم، ويدل على أن ذلك ليس بحكم التالي:
أولاً: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يطالبها بالبينة، ولو كان من باب الحكم لطالبها بالبينة؛ لأن البينة على المدعي، فلما لم يطالبها علم أنه أفتاها بمقتضى قولها.
ثانياً: أن ذلك كان في مكة، وكان أبو سفيان ـ رضي الله عنه ـ حاضراً في مكة ولم يكن مختفياً، فلو كان قضاء لأحضره النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبهذا أجاب النووي ـ رحمه الله ـ وهو جواب صحيح.
ولا يقال: لعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم حكم بعلمه في قضية أبي سفيان؛ لأنه كان مشهوراً في قومه بالبخل؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنما أقضي بنحو ما أسمع» [(229)]، فحديث هند ليس فيه دليل على القضاء على الغائب.
فإذا قال قائل: كيف يستدل هؤلاء العلماء بهذا الحديث، وعدم الدلالة فيه واضحة؟
فالجواب: أن هذه المسألة ليست أول مسألة يكون فيها الدليل واضحاً، ويحصل فيها الخلاف، فما أكثر المسائل التي فيها الخلاف، والأدلة فيها واضحة، وما أكثر المسائل التي يستدل بها قائلوها بأدلة من الكتاب والسنة وليس فيها دليل؛ لأن الله ـ عزّ وجل ـ يؤتي فضله من يشاء، فكما أن هذا غني وهذا فقير، وهذا حسن الخلق وهذا سيء الخلق، وهذا طويل وهذا قصير، وهذا جميل وهذا قبيح، فكذلك في الفهم، وإلا فإن الإنسان بأدنى تأمل يتبين له أن قصة هند رضي الله عنها لا تدل على الحكم بظاهرها، لا سيما أن الصورة التي وقعت لا يحكم فيها على الغائب من استدل بها؛ لأنهم لا يحكمون على الغائب إلا ببينة؛ لأنه لا يمكن ثبوت الحق مع غيبة المدعى عليه إلا ببينة؛ لأن الإقرار متعذر، فالمدعى عليه ليس حاضراً، فكان لا بد من البينة والرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يطلبها.
وإذا قلنا بجواز القضاء على الغائب، سواء مطلقاً كما هو المذهب، أو بحسب القرائن كما هو المختار عندي، فإنه يجب أن نحتاط للمدعى عليه، وكيف نحتاط؟ نقول للمدعي: احلف أنه ما قضاك؛ لاحتمال القضاء، نعم، الشهود شهدوا بأصل الحق، لكن هناك احتمال أنه قضاك من غير علم الشهود، فاحتياطاً لحق الغائب نقول: احلف أنه لم يقضك.
وإذا كان المدعى به عيناً نحتاط أيضاً، ونقول للمدعي: نحن نحكم لك، لكن نريد منك كفيلاً مليئاً، أو رهناً محرزاً، ثم نسلمك العين، فائت بواحد غني يضمنك أنه إذا تبين أن العين ليست لك، فإما أن تسلمها أو تسلم بدلها، وإذا لم تجد كفيلاً أعطنا رهناً من مالك يُحرز العين، ويكفي لإيجاد بدلها، ونسلمك إياها، وفي هذا حماية لحق المدعى عليه؛ لاحتمال أن تكون الدعوى غير صحيحة.
قوله: «وإن ادعى على حاضر بالبلد غائب عن مجلس الحكم وأتى ببينة لم تسمع الدعوى ولا البينة» يعني إن ادعى شخص على حاضر في البلد لكنه غائبٌ عن مجلس الحكم، كرجل في أطراف البلد، فقال: أنا أطلب فلاناً ألف درهم وأتى ببينة، وفلان في طرف البلد الآخر، فهنا لا نسمع الدعوى، ولا نسمع البينة، فيقول القاضي للمدعي: لا أسمع دعواك، أحضر خصمك لأنظر في الدعوى؛ لأن المدعى عليه لا يصعب إحضاره، فإما أن يذهب إليه ويقول: أنا وأنت إلى الحاكم، أو يستدعي عليه الشُّرَطَ، أو ما أشبه ذلك.
المهم أن إحضار المدعى عليه في هذه الصورة غير متعذر ولا متعسر، فلهذا لا تسمع الدعوى ولا البينة؛ لأن سماع الدعوى ليس فيه إلا إضاعة الوقت، وشغل القاضي بما لا فائدة فيه، فالقاضي لو سمع الدعوى ماذا يستفيد؟ وهل يمكن أن يقضي عليه؟!
ما يمكن؛ لأنه حاضر في البلد، إلا إذا كان مستتراً ومختفياً، بأن ذهبنا إلى بيته فلم نجده، ذهبنا إلى مكان عمله فلم نجده، ذهبنا إلى مسجده فلم نجده، فالمستتر في حكم الغائب، فتسمع الدعوى والبينة ويحكم عليه؛ لأن غيابه يدل على أن الدعوى عليه صحيحة، وأنه تغيب لئلا يدركه الحق، وهذا يرد كثيراً فيما إذا كسدت الأسواق، وضرَّت ببعض الناس، تجدهم لكثرة ديونهم لا يستطيعون مقابلة الناس، يهربون من مكان إلى مكان، فمثل هؤلاء ما نقول: إنهم حاضرون، فلا نحكم عليهم، ولا نسمع الدعوى عليهم إلا بحضورهم فهذا إضاعة للوقت.
وقوله: «وأتى ببينة لم تسمع الدعوى ولا البينة» وكلام المؤلف رحمه الله هنا واضح بأن إخضاره ليس بصعب ولا متعذر.



[225] أخرجه أحمد (5/182)، وأبو داود في العلم/ باب رواية حديث أهل الكتاب (3645)، والترمذي في الاستئذان في الآداب/ باب ما جاء في تعليم السريانية (2715)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/380)، والحاكم (1/147)، والبيهقي (10/127)، والحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
[226] سبق تخريجه ص(318).
[227] أخرجه البخاري في النفقات/ باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه... (5364)، ومسلم في الأقضية/ باب قضية هند (1714) عن عائشة رضي الله عنها.
[228] أخرجه أحمد (1/143)، وأبو داود في الأقضية/ باب كيف القضاء (3582)، والترمذي في الأحكام/ باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين... (1331)، وحسنه، والحاكم (4/105)، والبيهقي (10/137) والحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
[229] سبق تخريجه ص(316).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحكم, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir