دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 جمادى الأولى 1431هـ/7-05-2010م, 06:07 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أركان عقد النكاح

و ( يُسَنُّ ) العَقْدُ يومَ الْجُمُعَةِ مساءً، بخُطْبَةِ ابنِ مسعودٍ.
( فصلٌ ) وأركانُه: الزوجانِ الخاليانِ من الْمَوَانِعِ، والإيجابُ، والقَبولُ ولا يَصِحُّ مِمَّنْ يُحْسِنُ العَربيَّةَ بغيرِ لفظِ: زَوَّجْتُ أو أَنْكَحْتُ، وقَبِلْتُ هذا النكاحَ أو تَزَوَّجْتُها أو تَزَوَّجْتُ أو قَبِلْتُ، ومَن جَهِلَهما لم يَلْزَمْه تَعَلُّمُهما وكَفَاهُ معناهما الخاصُّ بكلِّ لسانٍ، فإن تَقَدَّمَ القَبولُ لم يَصِحَّ، وإن تَأَخَّرَ عن الإيجابِ صَحَّ ما دامَ في الْمَجْلِسِ ولم يَتشاغَلَا بما يَقْطَعُه، وإن تَفَرَّقَا قَبْلَه بَطَلَ.


  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 10:18 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

......................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 10:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويُسَنُّ العقدُ يومَ الجُمُعَةِ مساءً)؛لأنَّ فيهِ ساعةَ الإجابةِ، ويُسَنُّ بالمسجِدِ،ذَكَرَه ابنُ القَيِّمِ،ويُسَنُّ أنْ يُخْطَبَ قبلَه (بخُطْبَةِ ابنِ مَسْعُودٍ)،وهي: إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُه ونَسْتَغْفِرُه، ونتوبُ إليه،ونعوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أَنْفُسِنا وسَيِّئَاتِ أعمالِنا،مَن يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له،ومَن يُضْلِلْ فلا هَادِيَ له،وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عبدُه ورسولُه.
ويُسَنُّ أنْ يُقالَ لِمُتَزَوِّجٍ: بَارَكَ اللهُ لكما وعليكما، وجَمَعَ بينَكما في خيرٍ وعافيةٍ. فإذا زُفَّتْ إليهِ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَها وخيرَ ما جَبَلْتَهَا عليهِ، وأعوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما جَبَلْتَهَا عليه.

فصلٌ
(وأركانُه)؛أي: أركانُ النكاحِ ثلاثةٌ: أَحَدُها (الزوجانِ الخَالِيَانِ من الموانِعِ)؛كالمُعْتَدَّةِ،(و) الثانِي: (الإيجابُ)،وهو اللفظُ الصادِرُ من الوَلِيِّ أو مَن يَقومُ مَقَامَه،(و) الثالثُ: (القَبُولُ)،وهو اللفظُ الصادرُ مِن الزوجِ أو مَن يقومُ مَقَامَه.
(ولا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (مِمَّن لا يُحْسِنُ) اللُّغَةَ (العربيَّةَ بغيرِ لفظِ: زَوَّجْتُ أو أَنْكَحْتُ)؛ لأنَّهما اللفظانِ اللَّذَانِ وَرَدَ بهما القرآنُ،ولأَمَتِهِ: عَتَقْتُكِ، وجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ. ونحوَه؛لقِصَّةِ صَفِيَّةَ.
(و) لا يَصِحُّ قَبُولٌ إلاَّ بلفظِ: (قَبِلْتُ هذا النكاحَ، أو تَزَوَّجْتُها،أو قَبِلْتُ) أو رَضِيتُ.
ويَصِحُّ النكاحُ من هازِلٍ وتَلْجِئَةٍ. (ومَن جَهِلَهُما)؛أي: عَجَزَ عن الإيجابِ والقبولِ بالعربيَّةِ (لم يَلْزَمْهُ تَعَلُّمُهما،وكَفاهُ مَعْناهُما الخاصُّ بكلِّ لِسانٍ)؛لأنَّ المقصودَ هنا المعنَى دونَ اللفظِ؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَبَّدٍ بِتلاوتِه.
ويَنْعَقِدُ مِن أخْرَسَ بكتابةٍ وإشارةٍ مَفْهومةٍ،(فإنْ تَقَدَّمَ القَبُولُ) على الإيجابِ، (لم يَصِحَّ)؛لأنَّ القَبُولَ إِنَّما يكونُ للإيجابِ، فمَتَى وُجِدَ قبلَه، لم يَكُنْ قَبُولاً،(وإنْ تَأَخَّرَ)؛أي: تَرَاخَى القَبُولُ (عن الإيجابِ، صَحَّ، ما دَامَا في المجلِسِ ولم يَتَشَاغَلاَ بما يَقْطَعُه) عُرْفاً،ولو طالَ الفصلُ؛ لأنَّ حكمَ المجلِسِ حُكْمُ حالةِ العقدِ، (وإنْ تَفَرَّقَا قبلَه)؛أي: قبلَ القَبُولِ، أو تَشَاغَلاَ بما يَقْطَعُهُ عُرْفاً (بَطَلَ) الإيجابُ؛للإعراضِ عنه،وكذا لو جُنَّ أو أُغْمِيَ عليهِ قبلَالقَبُولِ، لا إنْ نامَ.


  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 10:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ويسن العقد يوم الجمعة، مساء) ([1]) لأَن فيه ساعة الإِجابة([2]) ويسن بالمسجد، ذكره ابن القيم([3]) ويسن أَن يخطب قبله (بخطبة ابن مسعود) ([4]).
وهي «إِن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه([5]) ونعوذ بالله من شرور أَنفسنا، وسيئات أَعمالنا([6]) من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له([7]) وأِشهد أن لا إِله إِلا الله، وأَشهد أَن محمدا عبده ورسوله»([8]).
ويسن أَن يقال لمتزوج:([9]) بارك الله لكما وعليكما([10]) وجمع بينكما في خير وعافية([11]) فإِذا زفت إِليه قال:([12])«اللهم إِنى أَسأَلك خيرها، وخير ما جبلتها عليه([13]) وأَعوذ بك من شرها، وشر ما جبلتها عليه»([14]).

فصل([15])
(وأَركانه) أي أَركان النكاح ثلاثة([16]) أَحدها: (الزوجان، الخاليان من الموانع) كالمعتدة([17]) (و) الثاني: (الإيجاب) وهو اللفظ الصادر من الولي([18]) أَو من يقوم مقامه([19]) (و) الثالث: (القبول) وهو اللفظ الصادر من الزوج([20]) أَو من يقوم مقامه([21]) (ولا يصح) النكاح (ممن يحسن) اللغة (العربية([22])بغير لفظ: زوجت أَو أَنكحت) ([23]) لأَنهما اللفظان اللذان ورد بهما القرآن([24]) ولأَمته: أَعتقتك وجعلت عتقك صداقك([25]). ونحوه لقصة صفية([26]) (و) لا يصح قبول إلا بلفظ (قبلت هذا النكاح، أو تزوجتها([27])أو تزوجت، أَو قبلت) أَو رضيت([28]) ويصح النكاح من هازل وتلجئة([29]) (ومن جهلهما) أي عجز عن الإيجاب والقبول بالعربية (لم يلزمه تعلمهما([30])وكفاه معناهما الخاص بكل لسان)([31]) لأَن المقصود هنا المعنى، دون اللفظ([32]) لأَنه غير متعبد بتلاوته([33]) وينعقد من أَخرس بكتابة وإِشارة مفهومة([34]) (فإِن تقدم القبول) على الإيجاب (لم يصح) ([35]) لأَن القبول إنما يكون للإيجاب، فمتى وجد قبله لم يكن قبولا([36]).
(وإِن تأَخر) أي تراخى القبول (عن الإِيجاب، صح ما داما في المجلس([37]) ولم يتشاغلا بما يقطعه) عرفا([38]) ولو طال الفصل([39]) لأَن حكم المجلس حكم حالة العقد([40]) (وإِن تفرقا قبله) أي قبل القبول([41]) أَو تشاغلا بما يقطعه عرفا (بطل) الإِيجاب([42]) للإِعراض عنه([43]).
وكذا لو جن، أَو أُغمي عليه قبل القبول([44]) لا إن نام([45]).


([1]) لأن الجمعة يوم شريف، وكونه مساء أقرب إلى مقصوده، ولو قال: يستحب لكان أولي، لأن جماعة من السلف استحبوا ذلك.
([2]) على القول الراجح، فيكون أقرب لإجابة الدعاء بائتدام الحال، وروي أنه أعظم للبركة.
([3]) رحمه الله، وهو إمام ثقة، لا يذكر ما يسن إلا بأصل شرعي للسنية..
([4]) يخطبها العاقد، أو غيره من الحاضرين، واستحبها، جمهور أهل العلم وكان أحمد إذا حضر عقد نكاح، ولم يخطب فيه بها قام وتركهم، وليست واجبة، لقوله صلى الله عليه وسلم ((زوجتكها بما معك من القرآن)) ولأنه عقد معاوضة، فلم تجب فيه كالبيع.
([5]) أي نستعينه في حمده وغيره، ونستغفره من تقصيرنا في عبادته وطاعته، ونتوب إليه مما اجترحنا، وأول الحديث قال: علمنا التشهد في الحاجة. فهو عام في كل حاجة، ومنها النكاح، وزاد ابن كثير في الإرشاد: في النكاح وغيره، وقال أبو إسحاق: تقال في خطبة النكاح وغيره، في كل حاجة، ولحديث ((كل أمر ذى بال، لا يبدأ فيه بالحمد لله؛ فهو أقطع)).
([6]) أي ونعوذ بالله من ظهور شرور أخلاقنا الردية، وأحوال أهوائنا الدنية، ونستغفره من سيئات أعمالنا.
([7]) أي من يوفقه الله فلا مضل له، من شيطان، ونفس، وغيرهما، ومن يضلل فلا هادي له، لا من ولي-، ولا نبي، ولا غيرهما، بل الهداية بيده سبحانه، وكذا الإضلال، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
([8]) أي أجزم وأقطع بذلك، رواه الخمسة، وحسنه الترمذي، ويقرأ ثلاث الآيات {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى قوله {رَقِيبًا} و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} إلى قوله {عَظِيمًا} وعدها ابن كثير في نفس الحديث، ويجزئ أن يحمد الله، ويتشهد، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلمو{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} إلى قوله {عَظِيمًا} وعدها ابن كثير في نفس الحديث، ويجزئ أن يحمد الله، ويتشهد، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
([9]) بعد العقد هذا الدعاء.
([10]) بلفظ التثنية، وجاء الدعاء بلفظ الإفراد.
([11]) رواه الخمسة إلى النسائي، وصححه الترمذي، من حديث أبي هريرة ولفظه: إذا رفأ إنسانا قال ((بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير)) ولمسلم من حديث جابر «بارك الله لك» زاد الدارمي «وبارك عليك» وللطبراني ((على الخير، والبركة، والألفة والسعة، والرزق، بارك الله لكم)) وكان دعاؤهم: بالرفاء والبنين، فسن لهم صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء، طلبا للموافقة بينه وبين أهله، وحسن العشرة بينهما، وكره موافقة أهل الجاهلية، من التفاؤل بالرفاء والبنين.
([12]) أي ويسن أن يقول الزوج إذا زفت إليه المرأة.
([13]) من الأخلاق.
([14]) رواه أبو داود، والنسائى، وغيرهما، ولأحمد ((إذا دخلت على أهلك فصل ركعتين، ثم خذ برأس أهلك، ثم قل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لأهلي في، وارزقنى منهم)) ولا بأس بالصدقة عند العقد.
([15]) أي في ذكر أركان النكاح، وتقدم أن ركن الشيء جانبه الأقوى، وجزء ماهيته، والماهية لا توجد ولا تتم بدون أجزائها، فكذا النكاح، لا يتم بدون أركانه.
([16]) أي فلا يصح العقد بدونها.
([17]) وغيرهما مما يأتي في باب المحرمات في النكاح، وعدَّ الأكثر ركنين فقط، ولم يعرجوا على هذا، كما في المغنى، والمقنع، والمنتهي، وغيرها، لوضوحه.
([18]) بأن يقول للزوج: زوجتك فلانة أو أنكحتكها على مهر كذا وكذا.
([19]) كوكيله.
([20]) بأن يقول: قبلت هذا التزويج. أو: هذا النكاح. ونحوه.
([21]) كوكيله، بأن يقول: قبلت هذا النكاح لفلان.
([22]) أي لا ينعقد النكاح، ولا يصح الإيجاب ممن يحسن اللغة العربية عند بعض الأصحاب.
([23]) فلا ينعقد بغير هذين اللفظين، وهو مذهب الشافعي، واختار الموفق، والشارح، والشيخ، وجمع من العلماء: انعقاده بغير العربية لمن يحسنها، وجزم به في التبصرة.
([24]) أي في قوله تعالى{زَوَّجْنَاكَهَا} و{لا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}وقال الشيخ: الذي عليه أكثر أهل العلم أن النكاح ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج. وقال ابن القيم: أصح قولي العلماء أن النكاح ينعقد بكل لفظ يدل عليه، لا يختص بلفظ الإنكاح، والتزويج، وهذا مذهب جمهور العلماء، كأبي حنيفة، ومالك، وأحد القولين في مذهب أحمد، بل نصوصه لا تدل إلى على هذا الوجه. قال الشيخ: ولم ينقل عن أحمد أنه خصه بلفظ إنكاح، أو تزويج، وإنما قاله ابن حامد، وتبعه القاضي، ومن بعده، بسبب انتشار كتبه، وكثرة أصحابه.
([25]) أي ويصح إيجاب السيد لأمته، أو من يملك بعضها، إذا أذنت له، ومعتق البقية، أن يقول: أعتقتك، وجعلت عتقك صداقك، ويصح جعل شيء آخر مع عتقها صداقا لها، كدراهم ونحوها، نص عليه الشيخ وغيره.
([26]) أي أو أن يقول نحو: أعتقتك، وجعلته صداقك. مما يؤدى معناه، لقصة صفية بنت حيى، ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أعتقها، وجعل عتقها صداقها.
([27]) أو رضيت هذا النكاح.
([28]) لأن ذلك صريح في الجواب، فصح النكاح به، وذكر الموفق وغيره أنه ينعقد بلفظ النكاح، والتزويج، والجواب عنهما إجماعا، وحكاه الوزير اتفاقًا مع شروطه، على اختلاف منهم فيها، وإن قال الخاطب للولي: أزوجت؟ فقال: نعم. وقال الخاطب للمتزوج: أقبلت؟ فقال: نعم. انعقد النكاح، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، ويصح بلفظ: زوجت بضم الزأي وفتح التاء، وإذا لم يقدر أن يقول إلا قبلت تجويزها؛ صح، وإن قيل لولي: زوجت فلانا فلانة؟ فقال: نعم، ولمتزوج: أقبلت؟ فقال: نعم. صح.
وقال الشيخ: ينعقد بما عده الناس نكاحا، بأي لغة، ولفظ، وفعل، فالأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع، وتارة باللغة، وتارة بالعرف، وكذا العقود، ولم يخص بلفظ إنكاح، أو تزويج، ومذهب أبي حنيفة، وأبي عبيد، والثورى، وغيرهم، انعقاده بلفظ الهبة، والصدقة، والبيع، والتمليك.
([29]) ولو لم يقصد إنكاحا حقيقة، لحديث ((ثلاث هزلهن جد، وجدهن جد، الطلاق، والنكاح، والرجعة)) رواه الترمذي، وعن الحسن مرفوعا ((من نكح لاعبًا جاز)) وقال عمر «أربع جائزات إذا تكلم بهن، الطلاق، والعتاق، والنكاح، والنذر» وقال علي: لا لعب فيهن. والهزل أن يريد بالشيء غير ما وضع له، بغير مناسبة بينهما، كأن يقول: زوجتك ابنتى. ولم يرد إنكاحها حقيقة، والتلجئة كأن يزوجه ابنته ونحوها خوفا من أن يتزوجها من يكرهه، فيصح النكاح في حق الرجل.
([30]) بالعربيـة، لأنه عـقد معاوضة، كـالبيع، بخـلاف تـكبير الصلاة،
ولأن النكاح غير واجب بأصل الشرع، فلم يجب تعلم أركانه بالعربية، وإن أحسن أحدهما العربية أتى بها، والآخر بلغته، وترجم بينهما ثقة، إن لم يحسن أحدهما لسان الآخر، ولا بد من معرفة الشاهدين لفظ العاقدين.
([31]) أي لغته، لأن ذلك في لغته نظير الإنكاح والتزويج.
([32]) فعلم منه أنه لا يصح بلفظ لا يؤدي معني النكاح، والتزويج الخاص.
([33]) أي الإيجاب، والقبول، بلفظ الإنكاح، والتزويج.
([34]) أي ويصح إيجاب من أخرس، وقبول بكتابة، نص عليه، كبيعه، وطلاقه؛ وإشارة مفهومة، يفهمها العاقد معه، والشهود، ولا يصح من قادر على النطق بإشارة، ولا كتابة، ولا من أخرس لا تفهم إشارته.
([35]) النكاح، إن لم يعد القبول، كقوله: تزوجت ابنتك. فيقول الولي: زوجتكها. أو: زوجنى ابنتك. فيقول الولي: زوجتكها.
([36]) لعدم معناه، كما لو تقدم بلفظ الاستفهام، وعنه: يصح. قال الشافعي، ومالك، وأبو حنيفة: يصح فيهما جميعا، لأنه قد وجد الإيجاب والقبول فهو كما لو تقدم الإيجاب، ويحتمل أن يصح إذا تقدم بلفظ الطلب، لقوله: ((زوجنيها)) فقال صلى الله عليه وسلم ((زوجتكها بما معك من القرآن)) رواه البخاري.
([37]) ذكره الموفق وغيره قولا واحدا.
([38]) كما في عقود المعاوضات.
([39]) صح عقد النكاح.
([40]) بدليل صحة القبض فيما يشترط لصحته قبضه في المجلس، وبدليل ثبوت الخيار في عقود المعاوضات، جزم به الموفق وغيره.
([41]) بطل، لأنه لا يوجد معناه، فإن الإعراض قد وجد من جهته بالتفرق، فلا يكون قبولا.
([42]) وصار وجوده كعدمه، صححه الشارح وغيره.
([43]) أي عن القبول، فأشبه الرد، ولا يثبت في النكاح خيار بلا خلاف، لا خيار مجلس، ولا شرط، لأنه ليس بيعا، ولا في معناه، والعوض ليس ركنًا فيه، ولا مقصودا منه.
([44]) أي من صدر منه إيجاب عقد، قبل القبول لما أوجب بطل، ولو لم يحصل تفرق، ولا تشاغل، على الصحيح من المذهب، ويتوجه أن لا يبطل إذا أفاق سريعا، وكذا لو أذنت لوليها أن يزوجها ثم جنت، أو أغمي عليها، أو فسق الولي، أو حضر الأقرب قبله، بطل أيضًا، لأَنه لا بد من استمرار الشرط في الولي حتى يتم العقد.
([45]) أي من أوجب عقدا قبل قبوله، وحصل القبول في المجلس، والمراد نوما يسيرا، لا ينقض الوضوء، قاله الشيخ، ولا يصح تعليق النكاح على شرط مستقبل، كزوجتك ما في بطنها. أو: من في هذه الدار. أو: إن وضعت زوجتي بنتا، بخلاف الشروط الحاضرة، كزوجتك ابنتى إن كانت انقضت عدتها. وكذا تعليقه بمشيئة الله، أو: زوجتك ابنتى إن شئت.


  #5  
قديم 4 رجب 1431هـ/15-06-2010م, 07:40 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

و ( يُسَنُّ ) العَقْدُ يومَ الْجُمُعَةِ مساءً (1)، بخُطْبَةِ ابنِ مسعودٍ(2).
( فصلٌ ) (3) وأركانُه: الزوجانِ الخاليانِ من الْمَوَانِعِ(4)، والإيجابُ(5)، والقَبولُ(6) ولا يَصِحُّ مِمَّنْ يُحْسِنُ العَربيَّةَ(7) بغيرِ لفظِ: زَوَّجْتُ أو أَنْكَحْتُ(8)، وقَبِلْتُ هذا النكاحَ أو تَزَوَّجْتُها أو تَزَوَّجْتُ أو قَبِلْتُ(9)، ومَن جَهِلَهما لم يَلْزَمْه تَعَلُّمُهما وكَفَاهُ معناهما الخاصُّ بكلِّ لسانٍ(10)، فإن تَقَدَّمَ القَبولُ لم يَصِحَّ(11)، وإن تَأَخَّرَ عن الإيجابِ صَحَّ ما دامَ في الْمَجْلِسِ ولم يَتشاغَلَا بما يَقْطَعُه(12)، وإن تَفَرَّقَا قَبْلَه بَطَلَ(13).

(1) لأن فيه ساعة الإجابة على القول الراجح فيكون أقرب لإجابة الدعاء لهما بالتوفيق .
(2) أي : يسن أن يخطب قبل العقد بالخطبة التي رواها ابن مسعود رضى الله عنه وهى : ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسناوسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ) .
(3) في بيان أركان النكاح وما ينعقد به من الألفاظ ، والأركان جمع ركن وهو الجانب الأقوى للشيء ، وأركان النكاح ثلاثة بينها المصنف هنا :
(4) هذا هو الركن الأول ، والموانع : جمع مانع ، ومن موانع النكاح أن تكون المرأة معتدة أو تكون من المحرمات التي سيأتي بياﻧﻬا .
(5) هذا هو الركن الثاني ، والإيجاب هو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه .
(6) هذا هو الركن الثالث ، والقبول هو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه .
(7) أي : التلفظ باللغة العربية فمن استطاع ذلك لم يصح منه الإيجاب والقبول إلا باللفظ العربي .
(8) أي : بأن يقول الولي أحد هذين اللفظين .
(9) أي : : بأن يقول الزوج ذلك ، لأن هذين اللفظين هما اللذان ورد ﺑﻬما القرآن الكريم في قوله تعالى { زوجنكها }وقوله { إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ }. والصحيح أن النكاح ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج وعليه أكثر أهل العلم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
(10) أي : من عجز عن الإيجاب بالعربية أدى معنى هذين اللفظين بلغته الخاصة لأن المقصود هو المعنى دون اللفظ .
(11) أي : يلزم أن يكون القبول بعد الإيجاب فإن تقدم عليه لم يصح النكاح لأن القبول إنما يكون قبولاً للإيجاب فإذا وجد قبله لم يكن قبولاً لعدم معناه .
(12) أي : إن تراخى القبول عن الإيجاب فجاء متأخراً عنه صح بشرطين :
الشرط الأول : أن يكونا في مجلس واحد .
الشرط الثاني : أن لا يتشاغلا بما يقطعه مما هو بعيد عن النكاح .
(13) أي : إن تفرقا من اﻟﻤﺠلس قبل القبول بطل الإيجاب وصار وجوده كعدمه لانعدام شرطه .


  #6  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 02:47 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيُسَنُّ العَقْدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ مَسَاءً، ...........
قوله: «ويسن العقد يوم الجمعة مساءً» ، يسن عقد النكاح يوم الجمعة مساء، يعني بعد العصر، وذكر ابن القيم أنه ينبغي أن يكون في المسجد ـ أيضاً ـ لشرف الزمان والمكان، وهذا فيه نظر في المسألتين جميعاً، إلا لو ثبتت السنة بذلك لكان على العين والرأس، لكنني لا أعلم في هذا سنة، وقد علَّلوا ذلك بأن يوم الجمعة آخره فيه ساعة الإجابة، فيرجى إجابة الدعاء الذي يكون عادة بين الزوج ومن يبرِّكون عليه، «بارك الله لك وعليك».
ولكن يقال: هل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من هديه وسنته أنه يتحرى هذا الوقت؟ إذا ثبت هذا فالقول بالاستحباب ظاهر، وأما إذا لم يثبت فلا ينبغي أن تسن سنة، ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يزوج في أي وقت، ويتزوج في أي وقت، ولم يثبت أنه اختار شيئاً معيناً، نعم لو صادف هذا الوقت لقلنا: هذا ـ إن شاء الله ـ مصادفة طيبة، وأما تقصُّد هذا الوقت ففيه نظر، حتى يقوم دليل على ذلك، فالصواب أنه متى تيسر العقد، سواء في المسجد أو البيت أو السوق أو الطائرة ونحو ذلك، وكذلك ـ أيضاً ـ يعقد في كل زمان.

بِخُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ.............
قوله: «بخُطبة ابن مسعود» التي رواها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهي: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره» ، وزاد في الروض[(1)]: «ونتوب إليه» ولكنها لم ترد، فيقتصر على «ونستغفره»، «ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله» [(2)]، ويقرأ ثلاثة آيات وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ *} [آل عمران] ، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا *} [النساء] ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا *} [الأحزاب] .
هذه هي خطبة الحاجة التي كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلمها أصحابه، أي: التي تقدم بين يدي الحاجة.
كثير من الإخوان يقول: من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، فينقلون الآية إلى هذا الحديث؛ والأليق بالإنسان والأكمل في الأدب أن يتمشى على ما جاء به الحديث، لأن كونه يضع لفظاً مكان اللفظ النبوي شبه اعتراض على الرسول صلّى الله عليه وسلّم كأنه قال: لماذا لم تقل الذي في الآية؟
وهذه المسألة لا يتفطن لها إلا القليل من الناس، فالشيء الذي جاءت به السنة يقال كما جاءت به السنة، ولا يستبدل كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم بغيره أبداً، حتى لو كان من القرآن؛ لأننا نقول له: هل أنت أحفظ للقرآن من الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ وهل أنت أكثر تعظيماً لله ولكتابه من الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ قل كما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ((من يهدِه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له» ، وأما قوله: «ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً)) ، ففي هذا الموضع لا يقال.
ثم يقال للولي: زوِّج الرجل، فيقول: زوجتك بنتي فلانة، ولا حاجة أن يقول: على سنة الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الأصل في المسلم أنه على سنة الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويقول الزوج: قبلت، ثم يقال للزوج: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير[(3)]، وبعض الناس يقول ما يقوله أهل الجاهلية: «بالرفاء والبنين»، نسأل الله ألا يعمي قلوبنا، يأتي لفظ عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ خير وبركة ونعدل عنه، ربما لا يكون هذا رفاء، فربما يحصل من الخروق أكثر من الرفاء بين الزوج والزوجة، وقد تكون البنت خيراً من الابن بكثير.
ثم إذا زفت إليه يأخذ بناصيتها، ويقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه[(27)]، لكن هل يقول ذلك جهراً أم سراً؟ نرى التفصيل في هذا، إن كانت امرأة متعلمة تدري أن هذا من المشروع فليقل ذلك جهراً، وربما تؤمِّن على دعائه، وإن كانت جاهلة فأخشى إن قال ذلك أن تنفر منه، وعلى كل حال لكل مقام مقال.

فَصْلٌ
وَأَرْكَانُهُ: الزَّوْجَانِ الخَالِيَانِ مِنَ المَوَانِعِ، وَالإِيجَابُ، وَالقَبُولُ،........
قوله: «وأركانه» ، أي: أركان النكاح، والركن في اللغة الجانب الأقوى من البيت، ولهذا تسمى الزاوية ركناً؛ لأن أقوى ما في الجدار زاويته؛ لأنها مدعومة من الجانبين.
أما في الاصطلاح فإن الأركان ما لا يتم تركيب الماهية إلا به، مثلاً أركان الصلاة: قيام وقعود وركوع وسجود؛ لأن الصلاة ما تقوم إلا بهذا، أيضاً أركان النكاح ما يقوم النكاح إلا بها، وأما ما كان من أجزاء الماهية ولكنها تتم بدونه، فهذا لا يسمى ركناً، كرفع اليدين في الصلاة مثلاً، فهذا تتركب منه الماهية، لكن الصلاة تتم بدونه.
قوله: «الزوجان» يعني الزوج والزوجة، والتثنية صحيحة، فلا يقال: إنه غلب فيها جانب الذكور؛ لأن الزوج يطلق على الذكر والأنثى، وعلى هذا فلا تغليب.
قوله: «الخاليان من الموانع» ، هذا ليس داخلاً في الركنية، ولكنه شرط، أي خلو الزوج أو الزوجة من الموانع، ولهذا لو قلنا: الزوجان، كفى، والموانع هي المحرمات في النكاح، أي: ما يمنع صحة النكاح؛ لأن من فيهما موانع، وجودهما كالعدم، كما لو كانت المرأة معتدة وتزوجت، فإن هذا النكاح غير صحيح، ولكن اشتراط الخلو من الموانع يلزم منه ـ أيضاً ـ الزوجان اللذان تمت فيهما الشروط.
قوله: «والإيجاب والقبول» ، الإيجاب هو اللفظ الصادر من الولي، أو من يقوم مقامه، والقبول هو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه.
فيقول ـ مثلاً ـ الولي، كالأب، والأخ، وما أشبه ذلك: زَوَّجْتك ابنتي، زوجتك أختي، وسمي إيجاباً؛ لأنه أوجب به العقد، والقبول هو اللفظ الصادر من الزوج، أو من يقوم مقامه.
والذي يقوم مقام الولي هو الوكيل، وهو الذي أذن له بالتصرف في حال الحياة، مثل أن يقول: وكلتك أن تزوج بنتي.
والوصي هو الذي أذن له بالتصرف بعد الموت، وهو ـ على المذهب ـ أيضاً يقوم مقامه، وهو مبني على أنه، هل تستفاد ولاية النكاح بالوصية أو لا؟ فيه خلاف سيأتي بيانه إن شاء الله، إنما على القول الصحيح الذي يقوم مقامه واحد فقط هو الوكيل، وكذا الزوج أو من يقوم مقامه وهو الوكيل، وإذا قلنا بأن الأب يجوز أن يقبل النكاح لابنه الصغير ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ يكون الولي قائماً مقام الزوج، وبعده الوكيل.

وَلاَ يَصِحُّ مِمَّنْ يُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ بِغَيْرِ لَفْظِ زَوَّجْتُ، أَوْ أَنْكَحْتُ، ...........
قوله: «ولا يصح» الضمير إما أن يعود على النكاح، أو على الإيجاب والقبول.
قوله: «ممن يحسن العربية بغير لفظ زوجت أو أنكحت» ، فإن كان لا يحسن العربية أتى بأي لفظ يفيد هذا المعنى ويصح، ومعلوم أن الناس يختلفون في اللغة؛ لأنه ليس لهم لفظ إلا هذا، سواء كان باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو الروسية، ولهذا اشترط المؤلف «ممن يحسن العربية» ، فإن كان يحسن أن يقول: زوجت أو أنكحت وهو غير عربي، ولا يدري ما معنى زوجت أو أنكحت، فإنه يقولها بلغته؛ لأنه لا يتعبد بلفظه، بخلاف القرآن الكريم، فلو أراد أحد أن يتلو القرآن الكريم بلغته ولو بالمعنى المطابق قلنا له:، لا؛ لأن القرآن كلام الله، لا يمكن أن يغير، ولأنه يتعبد بتلاوته.
وقوله: «ممن يحسن العربية بغير لفظ زوجت أو أنكحت» فيقول مثلاً: زوجتك بنتي، أو أنكحتك بنتي، فلو قال: جوزتك بنتي، لا يصح على المذهب؛ لأنه يحسن العربية، فلا بد أن يقول: زوجتك بتقديم الزاي.
ولو قال: ملكتك بنتي لا يصح؛ لأنه لا بد أن يكون بلفظ زوَّجت أو أنكحت.
وما الدليل على أنه لا يصح إلا بهذين اللفظين؟ ليس هناك دليل، لا في القرآن، ولا في السنة أنه لا يصح النكاح إلا بهذا اللفظ، لكن يقولون: لأنهما اللفظان اللذان ورد بهما القرآن، ففي القرآن الكريم: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] ، {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] ، فاللفظان اللذان ورد بهما القرآن هما النكاح والزواج، فلا نتعداهما، فنقتصر على الألفاظ الواردة؛ وذلك لعظم خطر النكاح، فهو أعظم العقود خطراً وأشدها تحرياً، ولا شك أن هذا التعليل عليل، بل هو ميت.
القول الثاني : أنه يجوز العقد بكل بلفظ يدل عليه عرفاً، والدليل من القرآن ومن السنة.
من القرآن أن الله قال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] ، فأطلق النكاح، وعلى هذا فكل ما سمي نكاحاً عرفاً فهو نكاح، ولم يقل: فانكحوا ما طاب لكم من النساء بلفظ الإنكاح أو التزويج، ولا قال: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} بلفظ الإنكاح أو التزويج، فلما أطلق العقد رجعنا في ذلك إلى العرف.
ولو أننا قلنا: إن التعبير بالمعنى معناه التقيد باللفظ لقلنا أيضاً: البيع لا ينعقد إلا بلفظ البيع؛ لأن الله يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ، وكان كل ما ذكره الله بلفظ، قلنا: لا بد فيه من هذا اللفظ، مع أنهم يقولون: إن البيع ينعقد بما دل عليه عرفاً حتى بالمعاطاة.
ومن السنة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعتق صفية ـ رضي الله عنها ـ وجعل عتقها صداقها[(4)].
فلما رأوا أن هذا دليل قالوا: تستثنى هذه المسألة، فقالوا: لا بد أن يكون بلفظ الإنكاح أو التزويج، إلا إذا أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها.
دليل آخر من السنة: قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلّم وقد ثبت في صحيح البخاري[(5)] أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((ملكتكها بما معك من القرآن)) ، وهذا نص صريح، فأجابوا عنه بأن أكثر الروايات: ((زوجتكها بما معك من القرآن)) [(6)].
فيقال: كون الرواة ينقلونه بالمعنى ((ملكتكها)) دليل على أنه لا فرق بين هذا وهذا، ولو كان هناك فرق ما جاز أن يغيروا اللفظ إلى لفظ يخالفه في المعنى؛ لأن شرط جواز رواية الحديث بالمعنى أن يكون اللفظ البدل لا يخالف اللفظ النبوي في المعنى، فدل هذا على أنه بمعناه، وأنه لا فرق عندهم بين هذا وهذا.
ثم نقول: الدليل النظري القياس على جميع العقود أنها تنعقد بما دل عليها، والله ـ تعالى ـ يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ، فما عده الناس عقداً فهو عقد، وعلى هذا القول يصح أن تقول للرجل: جوزتك بنتي، أو ملكتك بنتي، ولكن لا بد أن تكون دلالة اللفظ العرفي دالة على المعنى الشرعي للنكاح، فلو قال: آجرتك بنتي بألف ريال فلا يصح؛ لأن الأجرة لا تستعمل في النكاح إطلاقاً، لكن لو قال: أجرتك بنتي على صداق قدره ألف ريال هنا يصح العقد؛ لأن فيه ما يدل على أن المراد بالأجرة هنا النكاح، وقد سمى الله تعالى المهر أجرة فقال تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}[النساء: 24] .
فالقاعدة أن جميع العقود تنعقد بما دل عليها عرفاً، سواء كانت باللفظ الوارد أو بغير اللفظ الوارد، وسواء كان ذلك في النكاح أو في غير النكاح، هذا هو القول الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وكون عقد النكاح له خطر قد يقال: إن هذا أولى بأن ينعقد بكل ما دلَّ عليه؛ لأنه لو أن أحداً قال: جوزتك بنتي، وقال: قبلت، ودخل بها، وأتت منه بأولاد، أو مات، أو ماتت، فكوننا نقول: لا ينعقد، مع العلم بأن الطرفين، الولي والزوج، كليهما يعلم المراد فيه خطر، فالصواب قطعاً أن ينعقد بكل لفظ دلَّ عليه.
ونقل في الحاشية عن شيخ الإسلام أنه قال[(7)]: «ولم ينقل أحد عن أحمد أنه خصه بهذين اللفظين، وأول من قال ذلك من أصحاب الإمام أحمد ابنُ حامد، وتبعه على ذلك القاضي ومن جاء بعده؛ بسبب انتشار كتبه وكثرة أتباعه وأصحابه»، وبناء على ذلك لا يصح نسبة هذا القول إلى مذهب الإمام الشخصي، إنما يقال: هو مذهب الإمام أحمد الاصطلاحي، وهناك فرق بين المذهب الشخصي الذي يدين به الإمام لله ـ عزّ وجل ـ وبين المذهب الاصطلاحي، فالمذهب الاصطلاحي قد لا يكون الإمام قاله، أو قال بخلافه، وهو ما اصطلح عليه أتباع هذا الإمام أن يكون هو مذهبهم، مثل أن يختاروا أئمة من أتباعه، ويقولون: إذا اتفق فلان وفلان من أئمة أتباعه على كذا فهو المذهب، أو إذا كان أكثر الأتباع على هذا فهو المذهب، لكن المذهب الشخصي يختلف فهو ما يدين به لله عزّ وجل، وقد يكون موافقاً لما قيل: إنه المذهب اصطلاحاً، وقد يكون مخالفاً.

وَقَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ،............
قوله: «وقبلت هذا النكاح» يقوله الزوج؛ أو من يقوم مقامه، لكن من يقوم مقامه ما يطلق، ويقول: قبلت هذا النكاح، لا بد أن يقول: قبلته لموكلي فلان، كما أنه إذا كان الولي له وكيل، ما يقول الوكيل مثلاً: زوجتك بنتي، بل يبين أنه وكيل، فيقول: زوجتك بنت موكلي فلان، وهي فلانة بنت فلان، أو زوجتك بالوكالة بنت فلان ابن فلان.
فلو قال: زوجتك بنت فلان ما صح؛ لأنه لا ولاية له عليها، حتى يبين السبب بأنه زوجه بنت فلان، لأنه وكيله.

تَزَوَّجْتُهَا، أَوْ تَزَوَّجْتُ، أَوْ قَبِلْتُ، وَمَنْ جَهِلَهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَعَلُّمُهُمَا،......
قوله: «أو تزوجتها أو تزوجت أو قبلت» ، القبول توسعوا فيه أكثر، فإذا قال: قبلت هذا النكاح، أو تزوجتها، مع أنها صيغة ظاهرها الخبر وليست إنشاء، ومع ذلك يقولون: إن قرينة الحال تدل على أن المراد الإنشاء فيصح.
وقوله: «أو تزوجت» ، أي: قال الولي: زوجتك بنتي، قال: تزوجت، فهل يفهم منها القبول؟! حقيقة أن فهم القبول منها بعيد، بل قد يُفهم منها أن عنده زوجة فلا يريد هذه.
وقوله: «تزوجتها» أهون؛ لأنه فيها ضمير يعود على المذكورة، لكن «تزوجت» هذه من الغرائب أنهم جعلوها قبولاً مقبولاً، ولا يجعلون «جوزتك بنتي» مع قول الزوج: «قبلت هذا النكاح» عقداً صحيحاً، وإذا قال: زوجتك فقال: تزوجت، يعتبر قبولاً مقبولاً!! وهذا كله مما يدل على أن القول الراجح والصواب أن النكاح ينعقد إيجاباً وقبولاً بما دل عليه العرف.
قوله: «ومن جهلهما لم يلزمه تعلمهما» ، أي: جهل الإيجاب والقبول باللغة العربية لا يلزمه تعلمهما، وإلا لكنا نلزم جميع غير العرب أن يتعلموا اللغة العربية في عقد النكاح، وإذا أوجب الولي العقد بلغة غير عربية ـ وهو يحسن العربية ـ لكنها معروفة للزوج والشاهدين، فعلى القول الراجح ينعقد، كأن يوجب الولي العقد باللغة الإنجليزية، وهو يعلم المعنى، والزوج والشاهدان يعلمون المعنى، فالراجح أنه ينعقد؛ لأن العبرة بالمعنى، ولكنه يؤدب على كونه يعقد النكاح، الذي هو عقد شرعي من أفضل العقود، وأهمها في الشريعة بلغة غير العربية مع كونه يعلمها، ولهذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يضرب من تكلم بالرطانة الأعجمية[(8)]، وبعض إخواننا اليوم من المسلمين لضعف الإيمان في قلوبهم، وضعف الشخصية في نفوسهم يتكلمون باللغة الإنجليزية، فتجده إذا كلم صاحبه باللغة الإنجليزية وخاطبه ذلك باللغة الإنجليزية مجيباً له ينتفخ، وكأنه نال مشارق الأرض ومغاربها؛ لأنه صار يتكلم باللغة الإنجليزية، وحينئذٍ يتمثل بقول الشاعر:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني
لأنه يعرف التكلم باللغة الإنجليزية، حتى بلغني أن بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ يعلم صبيانه اللغة الإنجليزية، وإذا أراد أن يودعه، أو يسلم عليه سلم عليه باللغة الإنجليزية، ويترك [السلام عليكم]، أو [عليكم السلام]!! وهذا فضيحة، وعار، ولو لم تكن المسألة شرعية لكان يجب أن تكون على الأقل قومية، أذهبُ إلى لغة قوم آخرين وعندي اللغة العربية؟! أفصح اللغات هي لغة العرب وأذهب إلى اللغات الأخرى!! ولهذا فيما أرى أن الذي يعلم صبيه اللغة الإنجليزية من الصغر، سوف يحاسب عليه يوم القيامة؛ لأنه يؤدي إلى محبة الصبي لهذه اللغة وإيثارها على اللغة العربية، وبالتالي يؤدي إلى محبة من ينطق بها من أهلها، واستهجان من ينطقون بغير هذه اللغة، أما من كبر وترعرع وقال: أنا أريد أن أتعلم اللغة الإنجليزية، أو غيرها من اللغات الأجنبية لأدعو إلى الله بها، فنقول له: هذا خير، ونساعدك على هذا ونشجعك، أو قال: أنا أحتاج إلى اللغة غير العربية؛ لأني أمارس التجارة مع هؤلاء القوم، فأريد أن أتكلم لأتمكن من عملي، قلنا: هذا لا بأس به، هذا عمل مقصود وغرض صحيح، أما إنسان يفعل ذلك تعشقاً لها، وتعظيماً لقومها، وإيثاراً لها على اللغة العربية، فهذا خطأ.

وَكَفَاهُ مَعْنَاهُمَا الخَاصُّ بِكُلِّ لِسَانٍ،.......

قوله: «وكفاه معناهما الخاص» يعني الذي لا يحتمل غير النكاح.
قوله: «بكل لسان» ، أي: بكل لغة، قال الله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ *} [الشعراء] أي: بلغة عربية، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] فاللسان في اللغة بمعنى اللغة.
ويستثنى من ذلك إذا تزوجها وهي مملوكة، وجعل عتقها صداقها، فلا يحتاج إلى اللغة العربية، ولا إلى لفظ التزويج، أو الإنكاح، بل يقول: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعتق صفية ـ رضي الله عنها ـ، وجعل عتقها صداقها[(9)].
مسألة: إذا كان الولي أو الزوج أخرس ـ نسأل الله السلامة ـ فكيف يعقد النكاح؟
الجواب: يعقده بالإشارة المفهومة، إن كان يعرف الإشارة المفهومة، وإن كان لا يعرف فبالكتابة إن كان يجيدها، فإن كان لا يعرف الكتابة انتقلت الولاية إلى غيره.
والإشارة المفهومة لا بد أن يعرفها الشاهدان حتى يشهدا على ما وقع.

فَإِنْ تَقَدَّمَ القَبُولُ لَمْ يَصِحَّ،...........

قوله: «فإن تقدم القبول لم يصح» ، لو قال: قبلت قبل أن يقول: زوجتك، لم يصح؛ لأن العقد لا يكون إلا به، ولأن القبول قَبولُ شيءٍ بُذِلَ، فكيف يتقدم القبول على الإيجاب، ولم يبذل شيء حتى الآن؟! فلا بد أن يتقدم الإيجاب على القبول، فإن تأخر فإنه لا يصح، والطريق إلى تصحيحه أن يعاد القبول بعد الإيجاب؛ لأن القبول المتقدم وقع في غير محله، فإذا جاء الإيجاب وأردفناه بالقبول صح، والقول الراجح أنه إذا تقدم القبول على وجه يحصل به فإنه يصح.
وظاهر كلام المؤلف سواء وقع القبول بلفظ الماضي أو الأمر، مع أنه في باب البيع تقدم أنه يصح إذا كان بلفظ الأمر، مثل: بعني هذا البيت بعشرة آلاف، فقال: بعتك، صح البيع، فهنا لو قال: زوجني ابنتك، فقال: زوجتك بنتي، ظاهر كلام المؤلف أنه لا يصح، وأنه لا بد أن يتقدم الإيجاب.
وبناء على ما قررناه من أن المعتبر في كل العقود ما دلت عليه بالعرف الخاص، نقول: إنه يصح، بل إنه وقع في حديث الرجل الذي قال: «زوِّجنيها»، فقال: ((زوَّجتكها بما معك من القرآن)) [(10)]، وما ورد أن الرجل قال: قبلت، فهذا دليل على أنه إذا تقدم القبول على وجه يتضح به القبول فإنه يصح، كما لو وقع ذلك بلفظ الطلب: زوِّجني، فقال: زوَّجتك.
مسألة: متى يسقط القبول، أي: متى ينعقد النكاح بالإيجاب فقط؟
الجواب: إذا كان الولي هو ابن العم مثلاً، وأراد أن يتزوجها فليحضر شاهدين، ويقول: أشهدكما أني تزوجت موليتي بنت عمي، فلانة بنت فلان، وينعقد النكاح، ولا حاجة أن يقول: وقبلت؛ لأن كلمة «تزوجتها» وهو وليها كافية.

وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنِ الإِيجَابِ صَحَّ مَا دَامَا فِي المَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلاَ بِمَا يَقْطَعُهُ،........

قوله: «وإن تأخر عن الإيجاب صح ما داما في المجلس» ، أي: إن تأخر القبول عن الإيجاب، بأن قال الولي: زوجتك بنتي، وبعد مدة قال: قبلت، يصح ما داما في المجلس.
قوله: «ولم يتشاغلا بما يقطعه» ، كذلك ـ أيضاً ـ لو لم يتشاغلا بما يقطعه، فإن تشاغلا بما يقطعه ما صح، كأن يقول: زوجتك بنتي، ثم قال: أحضروا الطعام، وحين انتهوا من الأكل قال: قبلت.
كذلك ـ أيضاً ـ لو أنه أوجب العقد، بأن قال: زوجتك ابنتي، ثم قال: سمعت في الأخبار اليوم أنه حصل كذا وكذا، وصار يتكلم عن الأخبار، ثم لما انتهى قال الرجل: قبلت النكاح، فلا يصح؛ لأنهما تشاغلا بما يقطعه، فلا بد أن يكون الإيجاب غير مفصول بينه وبين القبول بفاصل أجنبي.
فإن تشاغلا بما يقطعه بغير اختيار، مثل أن قال له: زوجتك بنتي، فمن شدة الفرح قام يبكي وأطال البقاء حتى قال: قبلت، فإنه يصح؛ لأن هذا بغير اختياره، أو أصابته سعلة ثم قال: قبلت، فهذا لا بأس به؛ لأن هذا الانفصال كان لعذر.

وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ............
قوله: «وإن تفرقا قبله بطل» ، «قبله» أي: قبل القبول، مثلاً لما قال: زوجتك ابنتي، قاموا وتفرقوا ثم رجعوا، وقال الخاطب: قبلت النكاح، فلا يصح؛ وذلك لأن الإيجاب والقبول صيغة عقد واحد، فلا بد أن يتقارنا.
فصار يشترط في القبول شرطان:
الأول: أن يكون في المجلس.
الثاني: ألا يتشاغلا بما يقطعه.
وهناك شرط ثالث ما ذكره المؤلف؛ لأنه معلوم، أن يكون القبول لمن أوجب له، فلو قال: زوجتك بنتي فلانة، فقال: قبلت نكاح ابنتك فلانة الثانية فإن العقد لا يصح، لعدم التطابق بين الإيجاب والقبول.
قال في الروض[(11)]: «وكذلك لو جُنَّ أو أغمي عليه قبل القبول»، أي: يشترط ألا يزول عقل القابل قبل قبوله، فإن زال عقله فإنه يبطل الإيجاب، ويكون القبول إذا أفاق، لكن لا بد من إعادة الإيجاب، وكذلك لو أغمي عليه بطل الإيجاب ولا بد من إعادته.
قال في الروض: «لا إن نام» مثلاً أوجب الولي العقد فقال: زوجتك بنتي، فألقى الله عليه النوم، وبعد ساعة استيقظ فقال: قبلت، يصح على المذهب؛ لأنهما لم يتشاغلا بما يقطعه ولم يتفرقا فهو كالساكت.


[1] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/244).
[2] أخرجها أحمد (1/392 ـ 393)؛ وأبو داود في النكاح/ باب في خطبة النكاح (2118)؛ والترمذي في النكاح/ باب ما جاء في خطبة النكاح (1105)؛ والنسائي في الجمعة/ باب كيفية الخطبة (3/104 ـ 105)؛ وابن ماجه في النكاح/ باب خطبة النكاح (1892) وحسنه الترمذي.
[3] أخرجه أحمد (2/381) وأبو داود في النكاح/ باب ما يقال للمتزوج (2130) والترمذي في النكاح/ باب ما جاء فيما يقال للمتزوج (1091) وابن ماجه في النكاح/ باب تهنئة النكاح (1905) عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» وصححه ابن حبان (4041) والحاكم على شرط مسلم (2/183) ووافقه الذهبي، وصححه النووي في الأذكار (787).
[4] أخرجه أبو داود في النكاح/ باب في جامع النكاح (2160) وابن ماجه في النكاح/ باب ما يقول إذا دخلت عليه أهله (1918) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وصححه الحاكم (2/185) ووافقه الذهبي، وصححه النووي في الأذكار (788).
[5] سبق تخريجه ص(11).
[6] في النكاح/ باب تزويج المعسر (5087)؛ وأخرجه مسلم في النكاح/ باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد... (1425) عن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ.
[7] أخرجه البخاري في الوكالة/ باب وكالة المرأة الإمام في النكاح (2310)؛ ومسلم في النكاح/ باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن (1425) عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ.
[8] حاشية ابن قاسم على الروض المربع (6/247).
[9] أخرجه ابن أبي شيبة (5/299) ط/ الحوت.
[10] سبق تخريجه ص(11).
[11] سبق تخريجه ص(39).
[12] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/251).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أركان, عقد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir