81: قصيدة الممزق العبدي: صحا مِن تَصابِيهِ الفؤاد المشوّق = وحان من الحي الجميع تَفَرق

[علي بن عمر]

قال الممزق أيضاً:

صَحَا مِنْ تَصابِيهِ الفُؤَادُ المُشَوَّقُ = وحانَ من الحَيِّ الجَميعِ تَفَرَّقُ
وأَصْبَحَ لا يَشْفِي لهُ مِنْ فُؤَادِهِ = قِطَارُ السَّحابِ والرَّحِيقُ المُرَوَّقُ
فَمَنْ مُبْلِغُ النُّعْمانَ أَنَّ ابْنَ أُخْتِهِ = عَلَى العَيْنِ يَعْتَادُ الصَّفَا ويُمَرِّقُ
وأَنَّ لُكَيْزاً لمَ تَكُنْ رَبَّ عُكَّةٍ = لَدُنْ صَرَّحَتْ حُجَّاجُهُمْ فَتفَرَّقُوا
قَضَى لِجَميعِ النَّاسِ إِذْ جاءَ أَمْرُهُمْ = بأَنْ يَجْنُبُوا أَفْرَاسَهُمْ ثُمَّ يَلْحَقُوا
يؤُمُّ بهِنَّ الحَزْمَ خِرْقٌ سَمَيْدعٌ = أَحَذُّ كصَدْرِ الهُنْدُوَانِيِّ مِخْفَقُ
وقالَ جميعُ النَّاس: أَيْنَ مَصِيرُنا = فأَضْمَرَ مِنْها خُبْثَ نَفْسٍ مُمَزَّقُ
فلمَّا أَتى مِنْ دُونِها الرِّمْثُ والغَضَا = ولاَحَتْ لها نارُ الفَرِيقَيْنِ تَبْرُقُ
ووَجَّهَهَا غَرْبيَّةً عَنْ بلاَدِنَا = ووَدَّ الَّذِينَ جَوْلَنَا لَوْ تُشَرِّقُ

[محمد أبو زيد]

81

وقال الممزق أيضا*

1: صحا من تصابه الفؤاد المشوق = وحان من الحي الجميع تفرق
2: وأصبح لا يشفي له من فؤاده = قطار السحاب والرحيق المروق
3: فمن مبلغ النعمان أن ابن أخته = على العين يعتاد الصفا ويمرق
4: وأن لكيزا لم تكن رب عكة = لدن صرحت حجاجهم فتفرقوا
5: قضى لجميع الناس إذ جاء أمرهم = بأن يجنبوا أفراسهم ثم يلحقوا
6: يؤم بهن الحزم خرق سميدع = أحذ كصدر الهندواني مخفق
7: وقال جميع الناس: أين مصيرنا = فأضمر منها خبث نفس ممزق
8: فلما أتى من دونها الرمث والغضا = ولاحت لها نار الفريقين تبرق
9: ووجهها غربية عن بلادنا = وود الذين حولنا لو تشرق

---

جو القصيدة: يذكر أنه صحا من غفوة الصبا، وأيقظه تفرق ألافه ففقد السلوى والعزاء. ثم طلب من يؤدي إلى النعمان أن رجلا-سماه " ابن أخته" أو أسيدا كما في رواية أخرى- قد أضحى لا يأبه بالنعمان، فهو يغني مرحا بشعره حيث يشاء، وهو في ذلك يراغم النعمان لا يحفل به ونوه للنعمان بشأن قبيلته "لكيز بن أفصى بن عبد القيس" أنهم خلقوا للقنا والسيوف، وأن لكيزا قد أخذ قومه بأن يخرجوا في الحرب تحت قيادة حازمة، وأنهم كانوا إذا خرجوا تنذارهم الناس، فود من في الشرق أن تتجه لكيز صوب الغرب، ومن في الغرب أن تتجه إلى الشرق، خوفا من شدة بأسها.
تخريجها: ستأتي القصيدة مرة أخرى في آخر الكتاب برقم 130 بزيادة 7 أبيات وانظر الشرح 602-604.
(2) قطار: جمع قطر، وقطر جمع قطرة.
(3) الصفا: موضع بالبحرين. العين: بالبحرين أيضا يقال لها "عين محلم" يمرق: يغني، التمريق الغناء "النعمان" بالخفض على الإضافة، وبالنصب على المفعولية، وحذف التنوين في النصب كحذفه في الاضافة وهو مثل النون وانظر ما يأتي 96: 20.
(4) لكيز: قبيلة. العكة: جلد صغير يوضع فيه السمن أصغر من القربة. صرحت حجاجهم: خرجت من منى. يريد أن لكيزا لم تكن ممن يتجر في السمن، ولكنهم أصحاب خيل وسلاح.
(5) قضى: أي لكيز، وذكر الضمير على اسم أبي القبيلة يجنبوا أفراسهم يقودون أفراسا بجانب إبلهم ليركبوها عند الحرب والمعنى: أوجب عليهم أن يركبوا الإبل ويجنبوا الخيل متوجهين إلى الغارة.
(6) يؤم بهن على حزم من أمره. أو الحزم: الحزن من الأرض، وهو الغليظ. الخرق: المتخرق في فنون الخير والمعروف السميدع: الجميل الشجاع. الأحذ: الخفيف. الهندواني: السيف. المخفق: الضروب، يقال قد خفته إذا ضربه.
(7) المعنى: أنه لخبث نفسه ودهائه كتم مراده ولم يظهره لأحد حتى أوقع الغزوة التي أرادها.
(8) الرمث والغضا: شجران، وأراد مواضعهما، أراد تجاوزوا هذه الأماكن فصارت دونهم لاحت نار الفريقين: تلاقى الجيشان وصار كل واحد منهما بحذاء الآخر وبمرأى منه.
(9) أي وجه هذه الكتيبة أو الغزوة غربية، عدل بها عن ناحية الشرق عادلا عن بلادنا وتمنى من حولنا أن يوجهها مشرقة نحو بلادنا.

[محمد أبو زيد]

وقال الممزق أيضا

1: صحا من تصابيه الفؤاد المشوق.......وحان من الحي الجميع تفرق

يقال (صحا) السكران يصحو صحوا إذا أفاق من سكره وأصحت السماء تصحي إصحاء على القياس: ومن الأول فهو صاح ومن السماء فهي مصحية: قال أحمد بن عبيد: هكذا القياس والعرب تقول كثيرا فهي صحو.

2: وأصبح لا يشفي له من فؤاده.......قطار السحاب والرحيق المروق

ويروى: (لا يشفي غليل فؤاده): يعني حرارة قلبه: قال عبدة بن الطبيب:

حران لا يشفي غليل فؤاده.......عسل بماء في الإناء مشعشع

يصف عدوا أي لا يشفي هذا الشراب على طيبه فؤاده ولا يشفيه إلا وقوع المكروه بعدوه و(قطار) جمع قطر وقطر جمع قطرة.

3: فمن مبلغ النعمان أن ابن أخته.......على العين يعتاد الصفا ويمرق

قال الضبي: (الصفا) موضع بالبحرين و(العين) موضع بالبحرين يقال لها عين محلم (ويمرق) يغني والتمريق الغناء: يقال قد مرق يمرق تمريقا فهو ممرق إذا غنى ويروى: ويمزق: قال أحمد بن عبيد: بهذا البيت سمي ممزقا.

4: وأن لكيزا لم تكن رب عكة.......لدن صرحت حجاجهم فتفرقوا

ويروى: لدن سرحت: أي سرحت مطاياها للرجوع ويروى: سرحت: قال الضبي أي سرحهم من يقف بهم ويفيض و(العكة) ما جعل للسمن أي لم تكن لكيز ممن يتجر في السمن أي ولكنهم تجار بالقنا والسيوف: كما قال الآخر:

ولم يتجروا بالبز تحمله لهم.......قلاص على أكوارها وبكار
ولكن إذا لم يتجر الناس بالقنا.......فهم بالقنا والمشرفي تجار
5: قضى لجميع الناس إذ جاء أمرهم.......بأن يجنبوا أفراسهم ثم يلحقوا

وروى الضبي أمرهم نصبا ورواها أحمد بن عبيد رفعا ونصبا.

6: يؤم بهن الحزم خرق سميدع.......أحذ كصرر الهندواني مخفق

قال الضبي: يوم يقصد أي يوم بهن على حزم من أمره ويقال أراد (بالحزم) الحزن من الأرض وهو الغليظ وهي الحزوم والحزون: ومنه سمي الرجل حزما وحزنا و(المخفق): الضروب يقال قد خفقه إذا ضربه والمخفقة الدرة سميت من هذا قال أحمد: يروى: مصلق: أي شديد الصوت.

7: وقال جميع الناس أين مصيرنا.......فأضمر منها خبث نفس ممزق
8: فلما أتى من دونها الرمث والغضا.......ولاحت لها نار الفريقين تبرق
9: ووجهها غربية عن بلادنا.......وود الذين حولنا لو تشرق

قال الضبي: فود من حولنا أن هذه الكتيبة التى توجهت نحو الغرب أنها شرقت لخوفهم منها وود الشرقيون أنها غربت لئلا تنالهم.

[شرح المفضليات: 602-604]