دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > مقدمات شراح الأحاديث > مقدمة إرشاد الساري للقسطلاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 02:07 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي الفصل الخامس في ذكر نسب البخاري ونسبته ومولده وبدء أمره ونشأته وطلبه للعلم

الفصل الخامس في ذكر نسب البخاري ونسبته ومولده وبدء أمره ونشأته وطلبه للعلم وذكر بعض شيوخه ومن أخذ عنه ورحلته وسعة حفظه وسيلان ذهنه وثناء الناس عليه بفقهه وزهده وورعه وعبادته وما ذكر من محنته ومنحته بعد وفاته وكرامته
هو الإمام حافظ الإسلام خاتمة الجهابذة النقاد الأعلام شيخ الحديث وطبيب علله في القديم والحديث إمام الأئمة عجما وعربا ذو الفضائل التي سارت السراة بها شرقًا وغربًا الحافظ الذي لا تغيب عنه شارده والضابط الذي استوت لديه الطارفة والتالدة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بضم الميم وكسر المعجمة ابن بردزبة بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها دال مهملة مكسورة فزاي ساكنه فموحدة مفتوحة فهاء على المشهور في ضبطه وبه جزم ابن ماكولا وهو بالفارسية الزراع الجعفي بضم الجيم وسكون العين المهملة بعدها فاء وكان بردذ به فارسيًا على دين قومه ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجعفي وإلى بخارا فنسب إليه نسبة ولاء عملا بمذهب من يرى أن من أسلم على يد شخص كان ولاؤه له ولذا قيل للبخاري الجعفي ويمان هذا هو جد المحدث عبد الله بن محمد بن جعفر بن يمان الجعفي المسندي قال الحافظ بن حجر وأما إبراهيم بن المغيرة فلم نقف على شيء من أخباره وأما والد البخاري محمد فقد ذكرت له ترجمة في كتاب الثقات لابن حبان فقال في الطبقة الرابعة إسماعيل بن إبراهيم والد البخاري يروى عن حماد بن زيد ومالك روى عنه العراقيون وذكره ولده في التاريخ الكبير فقال إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة سمع من مالك وحماد بن زيد وصحب ابن المبارك وقال الذهبي في تاريخ الإسلام وكان أبو البخاري من العلماء الورعين وحدث عن أبي معاوية وجماعة وروى عنه أحمد بن جعفر ونصر بن الحسين قال أحمد بن حفص دخلت على أبي الحسن إسماعيل بن إبراهيم عند موته فقال لا أعلم في جميع مالي درهمًا من شبهة فقال أحمد فتصاغرت إلى نفسي عند ذلك


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 02:12 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

وكان مولد أبي عبد الله البخاري يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال وقال ابن كثير ليلة الجمعة الثالث عشر من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ببخارا وهي بضم الموحدة وفتح الخاء المعجمة وبعد الألف راء وهي من أعظم مدن ما وراء النهر بينها وبين سمرقند ثمانية أيام وتوفى أبوه إسماعيل وهو صغير فنشأ يتيمًا في حجر والدته وكان أبو عبد الله البخاري نحيفًا ليس بالطويل ولا بالقصير وكان فيما ذكره غنجار في تاريخ بخارا واللالكائي في شرح السنة في باب كرامات الأولياء قد ذهبت عيناه في صغره فرأت أمه إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في المنام فقال لها قد رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك له فأصبح وقد رد الله عليه بصره وأما بدء أمره فقد ربى في حجر العلم حتى ربا وارتضع ثدي الفضل فكان فطامه على هذا اللبا وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم وراق البخاري قلت للبخاري كيف كان بدء أمرك قال ألهمت الحديث في المكتب ولي عشر سنين أو أقل ثم خرجت من المكتب بعد
[إرشاد الساري: 1/31]
العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقال يوما فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له أن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني فقلت له ارجع إلى الأصل إن كان عندك فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي كيف هو يا غلام قلت هو الزبير بن عدي عن إبراهيم فأخذ القلم مني وأصلح كتابه وقال صدقت فقال بعض أصحاب البخاري له ابن كم كنت قال ابن إحدى عشرة سنة فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع وعرفت كلام هؤلاء يعني أصحاب الرأي ثم خرجت مع أخي أحمد وأمي إلى مكة فلما حججت رجع أخي إلى بخارا فمات بها وكان أخوه أسن منه وأقام هو بمكة لطلب الحديث وقال ولما طعنت في ثمان عشرة سنة صنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم قال وصنفت التاريخ الكبير إذ ذاك عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة وقل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب وقال أبو بكر بن أبي عتاب الأعين كتبنا عن محمد بن إسماعيل وهو أمرد على باب محمد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة. وكان موت الفريابي سنة اثنتي عشرة ومائتين فيكون للبخاري إذ ذاك نحو من ثمانية عشر عامًا أو دونها. وأما رحلته لطلب الحديث فقال الحافظ بن حجر أو رحلته بمكة سنة عشر ومائتين قال ولو رحل أول ما طلب لأدرك ما أدركه أقرانه من طبقة عالية ما أدركها أقرانه من طبقة عالية ما أدركها وإن كان أدرك ما قاربها كيزيد بن هرون وأبي داود الطيالسي وقد أدرك عبد الرزاق وأراد أن يرحل إليه وكان يمكنه ذلك فقيل له أنه مات فتأخر عن التوجه إلى اليمن ثم تبين أن عبد الرزاق كان حيا فصار يروى عنه بواسطة ثم ارتحل بعد أن رجع من مكة إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها وقال الذهبي وغيره وكان أول سماعه سنة خمس ومائتين ورحل سنة عشر ومائتين بعد أن سمع الكثير ببلده من سادة وقته محمد بن سلام البيكندي وعبد الله بن محمد المسندي ومحمد بن عرعرة وهرون بن الأشعث وطائفة وسمع ببلخ من مكي بن إبراهيم ويحيى ابن بشر الزاهد وقتيبة وجماعة وكان مكي أحد من حدثه عن ثقات التابعين وسمع بعمرو من علي بن شقيق وعبدان ومعاذ بن أسد وصدقة بن الفضل وجماعة وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى وبشر بن الحكم واسحق وعدة وبالري من إبراهيم بن موسى الحافظ وغيره وببغداد من محمد بن عيسى بن الطباع وشريح بن النعمان وطائفة وقال دخلت على معلي بن منصور ببغداد سنة عشر ومائتين وسمع بالبصرة من أبي عاصم النبيل وبدل من المحبر ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الرحمن بن محمد بن حماد وعمر بن عاصم الكلابي وعبد الله بن رجاء الغداني وطبقتهم وبالكوفة من عبيد الله بن موسى وأبي نعيم وطلق بن غنام والحسن بن عطية وهما أقدم شيوخه موتا وخلاد بن يحيى وخالد بن مخلد وفروة بن أبي المعراء وقبيصه وطبقتهم وبمكة من أبي عبد الرحمن المقري والحميدي وأحمد بن محمد الأزرقي وجماعة وبالمدينة من عبد العزيز الأويسي ومطرف بن عبد الله وأبي ثابت محمد بن عبد الله وطائفة وبواسط من عمرو بن محمد بن عون وغيره وبمصر من سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح الكاتب وسعيد بن تليد وعمرو بن الربيع بن طارق وطبقتهم وبدمشق من أبي مسهر شيئًا يسيرًا ومن أبي النضر الفراديسي وجماعة وبقيسارية من محمد بن يوسف الفريابي وبعسقلان من آدم بن أبي إياس وبحمص من أبي المغيرة وأبي اليمان وعلي بن عياش وأحمد بن خالد الوهبي ويحيى الوحاظي اهـ. وعن محمد بن أبي حاتم عنه أنه قال كتبت عن ألف وثمانين نفسيا ليس فيهم غلا صاحب حديث وقال أيضًا لم أكتب إلا عمن قال أن الإيمان قول وعمل وقد حصرهم الحافظ بن حجر في خمس طبقات الأولى من حدث عن التابعين مثل محمد بن عبد الله الأنصاري حدثه عن حميد ومثل مكي بن إبراهيم حدثه عن يزيد بن أبي عبيد ومثل أبي عاصم النبيل حدثه عن يزيد بن أبي عبيد أيضًا ومثل عبيد الله بن موسى حدثه عن إسماعيل بن أبي خالد ومثل أبي
[إرشاد الساري: 1/32]
نعيم حدثه عن الأعمش ومثل خلاد بن يحيى حدثه عن عيسى بن طهمان ومثل علي بن عباس وعصام بن خالد حدثاه عن حريز بن عثمان وشيوخ هؤلاء كلهم من التابعين. الطبقة الثانية من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين كآدم بن أبي إياس وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر وسعيد بن أبي مريم وأيوب بن سليمان بن بلال وأمثالهم. الطبقة الثالثة وهي الوسطى من مشايخه وهم من لم يلق التابعين بل أخذ عن كبار تبع الاتباع كسليمان بن حرب وقتيبة بن سعيد ونعيم بن حماد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل واسحق بن راهويه وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة وأمثال هؤلاء وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم. الطبقة الرابعة رفقاؤه في الطلب ومن سمع قبله قليلا كمحمد بن يحيى الدهلي وأبي حاتم الرازي ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة وعبد بن حميد وأحمد بن النضر وجماعة من نظرائهم وإنما يخرج عن هؤلاء ما فاته عن مشايخه أو ما لم يجده عند غيرهم. الطبقة الخامسة قوم في عداد طلبته في السن والإسناد سمع منهم للفائدة كعبد الله بن حماد الآملي وعبد الله بن أبي العاص الخوارزمي وحسين بن محمد القباني وغيرهم وقد روى عنهم أشياء يسيرة وعمل في الرواية عنهم بما روى عثمان بن أبي شيبة عن وكيع قال لا يكون الرجل عالمًا حتى يحدث عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه. اهـ. وعن البخاري أنه قال لا يكون المحدث كاملاً حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه اهـ. وقال التاج السبكي وذكره يعني البخاري أبو عاصم في طبقات أصحابنا الشافعية وقال أنه سمع من الزعفراني وأبي ثور والكرابيسي قال ولم يرو عن الشافعي في الصحيح لأنه أدرك أقارنه والشافعي مات مكتهلا فلا يرويه نازلا وروى عن الحسين وأبي نور مسائل عن الشافعي وما برح رحمه الله تعالى يدأب ويجتهد حتى صار أنظر أهل زمانه وفارس ميدانه والمقدم على أقرانه وامتدت إليه إلا عين وانتشر صيته في البلدان ورحل إليه من كل مكان. وأما من أخذ عن البخاري فقال الذهبي وغيره أنه حدث بالحجاز والعراق وما وراء النهر وكتبوا عنه وما في وجهه شعرة وروى عنه أبو زرعة وأبو حاتم قديمًا وروى عنه من أصحاب الكتب الترمذي والنسائي على نزاع في النسائي والأصح أنه لم يرو عنه شيئًا وروى عنه مسلم في غير الصحيح ومحمد بن نصر المروزي الفقيه وصالح بن محمد جزرة الحافظ وأبو بكر بن أبي عاصم ومطين وأبو العباس السراج وأبو بكر بن خزيمة وأبو قريش محمد بن جمعة ويحيى بن أبي صاعد وإبراهيم بن معقل النسقي ومهيب بن سليم وسهل بن شاذويه ومحمد بن يوسف الفربري ومحمد بن أحمد بن دلويه وعبد الله بن محمد الأشقر ومحمد بن هرون الحضرمي والحسين بن إسماعيل المحاملي وأبو علي الحسن بن محمد الداركي وأحمد بن حمدون الأعمش وأبو بكر بن أبي داود ومحمد بن محمود بن عنبر النسفي وجعفر بن محمد بن الحسن الجزري وأبو حامد ابن الشرقي وأخوه أبو محمد عبد الله ومحمد بن سلميان بن فارس ومحمد بن المسيب الأرغياني ومحمد بن هرون الروياني وخلق. وآخر من روى عنه الجامع الصحيح منصور بن محمد البزدوي سنة تسع وعشرين وثلثمائة. وآخر من زعم أنه سمع من البخاري موتا أبو ظهير عبد الله بن فارس البلخي المتوفى سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وآخر من روى حديثه عاليا خطيب الموصل في الدعاء للمحاملي بينه وبينه ثلاثة رجال. وأما ذكاؤه وسعة حفظه وسيلان ذهنه فقيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردًا وروى أنه كان ينتظر في الكتاب مرة واحدة فيحفظ ما فيه من نظرة واحدة وقال محمد بن أبي حاتم وراقه سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان البخاري يختلف معنا إلى السماع وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام فكنا نقول له فقال إنكما قد أ:ثرتما علي فاعرضا علي ما كتبتما فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد ذلك على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر قلبه حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ثم قال أترون أي اختلف هدرًا وأضيع
[إرشاد الساري: 1/33]
أيامي فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد قالا فكان أهل المعرفة يغدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه وكان شابا. وقال محمد بن أبي حاتم سمعت سليمان بن مجاهد يقول كنت عند محمد بن سلام البيكندي فقال لي لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث قال فخرجت في طلبه فلقيته فقلت أنت الذي تقول أنا أحفظ سبعين ألف حديث قال نعم وأكثر ولا أجيبك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا من عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة والتابعين إلا ولي في ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عدي حدثني محمد بن أحمد القوسي سمعت محمد بن حمرويه يقول سمعت محمد بن إسماعيل يقول أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح وقال أخرجت هذا الكتاب يعني الجامع الصحيح من نحو ستمائة ألف حديث وقال دخلت بلخ فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه فأمليت ألف حديث عن ألف شيخ. وقال تذكرت وما في أصحاب أنس فحضرني في ساعة ثلاثمائة نفس. وقال وراقه عمل كتابا في الهبة فيه نحو خمسمائة حديث وقال ليس في كتاب وكيع في الهبة إلا حديثان مسندان أو ثلاثة وفي كتاب ابن المبارك خمسة أو نحوها وقال أيضًا سمعت البخاري يقول كنت في مجلس الفريابي فسمعته يقول حدثنا سفيان عن أبي عروبة عن أبي الخطاب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في عسل واحد فلم يعرف أحد في المجلس أبا عروبة ولا أبا الخطاب فقلت أما أبو عروبة فعمر وأما أبو الخطاب فقتادة وكان الثوري فعولا لهذا يكني المشهورين. وقال محمد بن أبي حاتم أيضًا قدم رجاء الحافظ فقال لأبي عبد الله ما أعددت لقدومي حين بلغك وفي أي شيء نظرت قال ما أحدثت نظرًا ولا استعددت لذلك فإن أحببت أن تسأل عن شيء فافعل فجعل يناظره وفي أشياء فبقى رجاء لا يدري ثم قال أبو عبد الله هل لك في الزيادة فقال استحياء منه وخجلاً نعم ثم قال سل إن شئت فأخذ في أسامي أيوب فعد نحوا من ثلاثة عشر وأبو عبد الله ساكت فظن رجاء له قد صنع شيئًا فقال يا أبا عبد الله فاتك خير كثير فزيف أبو عبد الله في أولئك سبعة وأغرب عليه أكثر من ستين رجلا ثم قال لرجاء كم رويت في العمامة السوداء فال هات كم رويت أنت قال يروي من أربعين حديثا فجعل رجاء ويبس ريقه وأما كثرة إطلاعه على علل الحديث فقد روينا عن مسلم بن الحجاج أنه قال له دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله وقال الترمذي لم أر أحد بالعراق ولا بخراسان في معرفة العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل وقال محمد بن أبي حاتم سمعت سليم بن مجاهد يقول سمعت أبا الأزهر يقول كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث فاجتمعوا سبعة أيام وأخبوا مغالطة محمد بن إسماعيل فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد العراق في إسناد الشام وإسناد الحرم في إسناد اليمن فما استطاعوا مع ذلك أن يتعلقوا عليه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن وقال أحمد بن عدي الحافظ سمعت عدة من المشايخ يحكون أن البخاري قدم بغداد فاجتمع أصحاب الحديث وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس امتحانًا فاجتمع الناس من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم ومن البغداديين فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب أحدهم فقام وسأله عن حديث من تلك العشرة فقال لا أعرفه فسأله عن آخر فقال لا أعرفه حتى فرغ العشرة فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم ومن كان لا يدري قضى عليه بالعجز ثم انتدب آخر ففعل كفعل الأول والبخاري يقول لا أعرفه إلى أن فرغ العشرة أنفس وهو لا يزيدهم على لا أعرفه فلما علم أنهم فرغوا التفت إلى الأول
[إرشاد الساري: 1/34]
فقال أما حديثك الأول فقلت كذا وصوابه كذا وحديث الثاني كذا وصوابه كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل. وقال يوسف بن موسى المروزي كنت بجامع البصرة فسمعت مناديًا ينادي يا أهل العلم لقد قدم محمد بن إسماعيل البخاري فقاموا في طلبه وكنت فيهم فرأيت رجلاً شابا ليس في لحيته بياض يصلي خلف الأسطوانة فلما فرغ أحدقوا به وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم إلى ذلك فقام المنادي ثانيًا ينادي في جامع البصرة فقال يا أهل العلم لقد قدم محمد بن إسماعيل البخاري فسألناه بأن يعقد مجلس الإملاء فأجاب بأن يجلس غدًا في موضع كذا فلما كان من الغد حضر المحدثون والحفاظ والفقهاء والنظار حتى اجتمع قريب من كذا وكذا ألف نفس فجلس أبو عبد الله للإملاء فقال قبل أن يأخذ في الإملاء يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم أحاديث عن أهل بلدتكم تستفيدونها يعني ليست عندكم فتعجب الناس من قوله فأخذ في الإملاء فقال حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد العتكي بلديكم قال حدثنا أبي عن شعبة عن منصور وغيره عن سالم بن أبي الجعد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الرجل يحب القوم الحديث ثم قال هذا ليس عندكم عن منصور إنما هو عندكم عن غير منصور قال يوسف بن موسى فأملى مجلسًا على هذا النسق يقول في كل حديث روى فلان هذا الحديث عندكم كذا فأما رواية فلان يعني التي يسوقها فليست عندكم. وقال الحافظ أبو حامد الأعمش كنا عند البخاري بنيسابور فجاء مسلم بن الحجاج فسأله عن حديث عبيد الله بن عمر عن أبي الزبير عن جابر قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ومعنا أبو عبيدة الحديث بطوله فقال البخاري حدثنا ابن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن عبيد الله فذكر الحديث بتمامه قال فقرأ عليه إنسان حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة المجلس إذا قام العبد أن يقول سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقال له مسلم في الدنيا أحسن من هذا الحديث ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح تعرف بهذا الإسناد في الدنيا حديثًا فقال له محمد بن إسماعيل إلا أنه مغلول فقال مسلم لا إله إلا الله وارتعد أخبرني به فقال استر ما ستر الله تعالى هذا حديث جليل رواه الناس عن حجاج بن محمد عن ابن جريج فألح عليه وقبل رأسه وكاد يبكي فقال اكتب إن كان ولا بد حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا موسى بن عقبة عن عون بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة المجلس فقال له مسلم لا يبغضك إلا حاسد وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك وقد روى هذه القصة البيهقي في المدخل عن الحاكم أبي عبد الله على سياق آخر فقال سمعت أبا نصر أحمد بن محمد الوراق يقول سمعت أحمد بن حمدون القصار هو أبو حامد الأعمش يقول سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل فقبل بين عينيه وقال دعني حتى أقبل رجلك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله حدثك محمد بن سلام حدثنا مخلد بن يزيد قال أخبرنا ابن جريج حدثنا موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس فقال محمد بن إسماعيل وحدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج حدثني موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة المجلس أن يقول إذا قام من مجلسه سبحانك اللهم ربنا وبحمدك فقال محمد بن إسماعيل هذا حديث مليح ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا
[إرشاد الساري: 1/35]
وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله قال محمد بن إسماعيل هذا أولى ولا يذكر لموسى بن عقبة مسندًا عن سهيل وقال الحافظ أحمد بن حمدون رأيت البخاري في جنازة ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسماء والعلل والبخاري يمر فيه كالسهم كأنه يقرأ قل هو الله أحد. وأما تأليفه فإنها سارت مسير الشمس ودارت في الدنيا فما جحد فضلها غلا الذي يتخبطه الشيطان من المس وأجلها وأعظمها الجامع الصحيح. ومنها الأدب المفرد ويرويه عنه أحمد بن محمد الجليل بالجيم البزار. ومنها برّ الوالدين ويرويه عنه محمد بن دوليه الوراق. ومنها التاريخ الكبير الذي صنفه كما مر عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة ويرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس وأبو الحسن محمد بن سهل النسوي وغيرهما. ومنها التاريخ الأوسط ويرويه عنه عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف وزنجويه بن محمد اللباد. ومنها التاريخ الصغير ويرويه عنه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأشقر. ومنها خلق أفعال العباد الذي صنفه بسبب ما وقع بينه وبين الذهلي كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ويرويه عنه يوسف بن ريحان بن عبد الصمد والفربري أيضًا. وكتاب الضعفاء يرويه عنه أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي وأبو جعفر مسبح بن سعيد وآدم بن موسى الحواري. قال الحافظ بن حجر وهذه التصانيف موجودة مروية لنا بالسماع والإجازة. قال ومن تصانيفه الجامع الكبير ذكره ابن طاهر والمسند الكبير والتفسير الكبير ذكره الفربري وكتاب الأشربة ذكره الدارقطني في المؤتلف والمختلف وكتاب الهبة ذكره وراقه وأسامى الصحابة ذكره أبو القاسم بن منده واأنه يرويه من طريقي ابن فارس عنه وقد نقل منه أبو القاسم البغوي الكثير في معجم الصحابة له وكذا ابن منده في المعرفة ونقل عنه في كتاب الوحدان له وهو من ليس له إلا حديث واحد من الصحابة وكتاب المبسوط ذكره الخليل في الإرشاد وأن مهيب بن سليم رواه عنه وكتاب العلل وذكره أبو القاسم بن منده أيضًا وأنه يرويه عن محمد بن عبد الله بن حمدون عن أبي محمد عبد الله ابن الشرقي عنه وكتاب الكنى ذكره الحاكم أبو أحمد ونقل منه وكتاب الفوائد ذكره الترمذي في أثناء كتاب المناقب من جامعه. ومن شعره مما أخرجه الحاكم في تاريخه
اغتنم في الفراغ فضل ركوع = فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيح رأيت من غير سقيم = ذهبت نفسه الصحيحة فلته
ولما نعى إليه عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي الحافظ أنشد
إن عشت فتجع بالأحبة كلهم = وبقاء نفسك لا أبالك أفجع
وأما ثناء الناس عليه بالحفظ والورع والزهد وغير ذلك فقد وصفه غير واحد بأنه كان أحفظ أهل زمانه وفارس ميدانه كلمة شهد له بها الموافق والمخالف وأقر بحقيقتها المعادي والمحالف. قال الشيخ تاج الدين السبكي في طبقاته كان البخاري إمام المسلمين وقدوة المؤمنين وشيخ الموحدين والمعول عليه في أحاديث سيد المرسلين قال وقد ذكره أبو عاصم في طبقات أصحابنا الشافعية وقال سمع من الزعفراني وأبي ثور والكرابيسي قال ولم يرو عن الشافعي في الصحيح لأنه أدرك أقرانه والشافعي مات مكتهلا فلا يرويه نازلا اهـ. نعم ذكر البخاري الشافعي في صحيحه في موضعين في الزكاة وفي تفسير العرايا كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه البداية والنهاية كان إمام الحديث في زمانه والمقتدي به في أوانه والمقدم على سائر أضرابه وأقرانه.
وقال قتيبة بن سعيد جالست الفقهاء والعباد والزهاد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل وهو في زمانه كعمر في الصحابة. وقال أيضًا لو كان في الصحابة لكان آية. وقال أحمد بن حنبل فيما رواه الخطيب بسند صحيح ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير أنه دخل بغداد ثمان مرات وفي كل مرة منها يجتمع بالإمام أحمد بن حنبل فيحثه على الإقامة
[إرشاد الساري: 1/36]
ببغداد ويلومه على الإقامة بخراسان وقال يعقوب بن إبراهيم الدورقي ونعيم الخزاعي محمد بن إسماعيل فقيل هذه الأمة وقال بندار بن بشار هو أفقه خلق الله في زماننا وقال نعيم بن حماد هو فقيه هذه الأمة وقال اسحق بن راهويه يا معشر أصحاب الحديث انظروا إلى هذا الشاب واكتبوا عنه فإنه لو كان في زمن الحسن البصري لاحتاج الناس إليه لمعرفته بالحديث وفقهه وقد فضله بعضهم في الفقه والحديث على الإمام أحمد بن حنبل واسحق بن راهويه وقال رجاء بن مرجي فضل محمد بن إسماعيل «يعني في زمانه» على العلماء كفضل الرجال على النساء وهو آية من آيات الله تمشي على الأرض وقال الفلاس كل حديث لا يعرفه البخاري فليس بحديث وقال يحيى بن جعفر البيكندي لو قدرت أن أزيد من عمري في عمر محمد بن إسماعيل لفعلت فإن موتي يكون موت رجل واحد وموت محمد بن إسماعيل فيه ذهاب العلم وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي رأيت العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق فما رأيت فيهم أجمع من محمد بن إسماعيل وقال أبو سهل محمود بن النضر الفقيه سمعت أكثر من ثلاثين عالمًا من علماء مصر يقولون حاجتنا في الدنيا النظر إلى محمد بن إسماعيل وقال أيضًا كنت أستملي له ببغداد فبلغ من حضر المجلس عشرين ألفا وقال إمام الأئمة أبو بكر محمد بن اسحق بن خزيمة ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال عبد الله بن حماد الآملي لوددت أني كنت شعرة في جسد محمد بن إسماعيل وقال محمد بن عبد الرحمن الدغولي كتب أهل بغداد إلى محمد بن إسماعيل كتابًا فيه
المسلمون بخير ما بقيت لهم = وليس بعدك خير حين تفتقد
وكان رحمه الله غاية في الحياء والشجاعة والسخاء والورع والزهد في دار الدنيا دار الفناء والرغبة في دار البقاء وكان يختم في رمضان كل يوم ختمة ويقوم بعد صلاة التراويح كل ثلاث ليال بختمة وقال وراقه كان يصلي في وقت السحر ثلاث عشر ركعة وقال أيضًا دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان فلما صلى بهم الظهر قام يتطوع فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه وقال لبعض من معه انظر هل ترى تحت قميصي شيئًا فإذا زنبور قد لسعه في ستة عشر أو سبعة عشر موضعًا وقد تورم من ذلك جسده فقال له بعض القوم كيف لم تخرج من الصلاة أول ما لسعك قال كنت في سورة فأحببت أن أتمها وقال أرجو أن ألقي الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا ويشهد لهذا كلامه في التجريح والتضعيف فإنه أبلغ ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط فيه نظر أو سكتوا عنه ولا يكاد يقول فلان كذاب. وقال وراقه سمعته يقول لا يكون لي خصم في الآخرة فقلت يا أبا عبد الله إن بعض الناس ينقم عليك التاريخ يقول فيه اغتياب الناس فقال إنما روينا ذلك رواية ولم نقله من عند أنفسنا وقد قال صلى الله عليه وسلم بئس أخو العشيرة وقال ما اغتبت أحدًا منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها وكان قد ورث من أبيه مالاً كثيرًا فكان يتصدق به وكان قليل الأكل جدًا كثير الإحسان إلى الطلبة مفرطًا في الكرم وحمل إليه بضاعة أنفذها إليه أبو حفص فاجتمع بعض التجار إليه بالعشية وطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم فقال لهم انصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجار آخرون يطلبونها بربح عشرة آلاف درهم فردهم وقال إني نويت البارحة بيعها للذين أتوا البارحة ولا أحب أن أغير نيتي وجاءته جاريته فعثرت على محبرة بين يديه فقال لها كيف تمشين فقالت إذا لم تكن طريق فكيف أمشي فقال اذهبي فأنت حرة لوجه الله فقيل له يا أبا عبد الله أغضبتك وأعتقتها قال أرضيت نفسي بما فعلت وقال وراقه إنه كان يبني رباطًا مما يلي بخارا فاجتمع بشر كثير يعينونه على ذلك وكان ينقل اللبن فكنت أقول له أنك تكفي ذلك فيقول هذا الذي ينفعني وكان ذبح لهم بقرة فلما أدركت القدور دعا الناس إلى الطعام وكان بها مائة نفس أو أكثر ولم يكن علم أنه اجتمع ما اجتمع وكنا أخرجنا خبزًا بثلاثة دراهم أو أقل فأكل جميع من حضر وفضلت
[إرشاد الساري: 1/37]
أرغفة


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 02:12 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

ولما قدم نيسابور تلاقه أهلها من مرحلتين أو ثلاث وكان محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه فقال من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله فإني أستقبله فاستقبله الذهلي وعامة علماء نيسابور فدخلها فقال الذهلي لأصحابه لا تسألوه عن شيء من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه وقع بيننا وبينه وشمت بنا كل ناصبي ورافضي وجهمي ومرجئي فازدحم الناس على البخاري حتى امتلأت الدار والسطوح فلما كان اليوم الثاني أو الثالث من يوم قدومه قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن فقال أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا فوقع بين الناس اختلاف فقال بعضهم إنه قال لفظي بالقرآن مخلوق وقال آخرون لم يقل فوقع بينهم في ذلك اختلاف حتى قام بعضهم على بعض فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم ذكره مسلم بن الحجاج وقال ابن عدي لما ورد نيسابور واجتمع الناس عنده حسده بعض شيوخ الوقت فقال لأصحاب الحديث أن محمد بن إسماعيل يقول لفظي بالقرآن مخلوق فلما حضر المجلس قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن أمخلوق هو أم غير مخلوق فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ثلاثًا فألح عليه فقال البخاري القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وأفعال العبادة مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وقال قد قال لفظي بالقرآن مخلوق اهـ. وقد صح أن البخاري تبرأ من هذا الإطلاق فقال كل من نقل عني أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فقد كذب علي وإنما قلت أفعال العباد مخلوقة أخرج ذلك عنجار في ترجمة البخاري بسند صحيح إلى محمد بن نصر المروزي الإمام المشهور أنه سمع البخاري بقول ذلك وقال أبو حامد الشرقي سمعت الذهلي يقول القرآن كلام الله غير مخلوق ومن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع لا يجلس إلينا ولا نكلم من يذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل فانقطع الناس عن البخاري إلا مسم بن الحجاج وأحمد بن سلمة وبعث مسلم إلى الذهلي جميع ما كان كتب عنه على ظهر حمال وقال الذهلي لا يساكنني محمد بن إسماعيل في البلد فخشي البخاري على نفسه وسافر منها قال في المصابيح ومن تمام رسوخ البخاري في الورع أنه كان يحلف بعد هذه المحنة أن الحامد عنده والذام من الناس سواء يريد أنه لا يكره ذامه طبعًا ويجوز أن يكرهه شرعًا فيقول بالحق لا بالحظ وتحقق ذلك من حالته أنه لم يعج اسم الذهلي من جامعه بل أثبت روايته عنه غير أنه لم يوجد في كتابه إلا على أحد وجهين إما أن يقول حدثنا محمد ويقتصروا ما أن يقول حدثنا محمد بن خالد فينسبه إلى جد أبيه وقد سئل عن وجه إجماله واتقاء ذكره بنسبه المشهور فأجاب بأن قال لعله لما اقتضى التحقيق عنده أن تبقى روايته عن خشية أن يكتم علمًا رزقه الله تعالى على يديه وعذره في قدحه بالتأويل خشي على الناس أن يقعوا فيه بأنه قد عدل من جرحه وذلك يوهم أنه صدقه على نفسه فيجر ذلك إلى البخاري وهنا فأخفى اسمه وغطى رسمه وما كتم علمه والله أعلم بمراده من ذلك ولو فتحنا باب تعديد مناقبه الجميلة ومآثره الحميدة لخرجنا عن غرض الاختصار ولما رجع إلى بخار انصبت له القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهلها حتى لم يبق مذكور ونثر عليه الدراهم والدنانير وبقي مدة يحدثهم فأرسل إليه أمير البلد خالد بن محمد الذهلي نائب الخلافة العباسية يتلطف معه ويسأله أن يأتيه بالصحيح ويحدثهم به في قصره فامتنع البخاري من ذلك وقال لرسوله قل له أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضر إلى مسجدي أو داري فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة إني لا أكتم العلم فحصلت بينهما وحشة فأمره الأمير بالخروج عن البلد فدعا عليه وكان مجاب الدعوة فلم يأت شهر حتى ورد أمر الخلافة بأن ينادي على خالد في البلد فنودي على خالد على أتان وحبس إلى أن مات ولم يبق أحد ممن ساعده إلا ابتلى ببلاء شديد ولما خرج البخار يمن بخارا كتب إليه أهل سمرقند يخطبونه إلى بلدهم فسار إليهم فلما كان يخرتنك بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء وفتح الفوقية
[إرشاد الساري: 1/38]
وسكون النون بعدها كاف وهو على فرسخين من سمرقند بلغه أنه قد وقع بينهم بسببه فتنة فقوم يريدون دخوله وآخرون يكرهونه وكان له أقرباء بهم فنزل عندهم حتى ينجلي الأمر فأقام أيامًا فرض حتى وجه إليه رسول من أهل سمرقند يلتمسون خروجه إليهم فأجاب وتهيأ للركوب ولبس خفية وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها إلى الدابة ليركبها قال أرسلوني فقد ضعفت فأرسلوه فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى فال عرق كثير لا يوصف وما سكن منه العرق حتى أدرج في أكفانه وروى أنه ضجر ليلة فدعا بعد أن فرع من صلاة الليل اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فمات في ذلك الشهر ليلة السبت ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين عن اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يومًا وكان أوصى أن يكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ففعل به ذلك ولما صلى عليه ووضع في حفرته فاح من تراب قبره رائحة طيبة كالمسك ودامت أيامًا وجعل الناس يختلفون إلى قبره مدة يأخذون منه وقال عبد الواحد بن آدم الطواويسي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت ما وقوفك هنا يا رسول الله قال أنتظر محمد بن إسماعيل قال فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرت فإذا هو في الساعة التي رأيت فيها النبي صلى الله عليه وسلم ولما ظهر أمره بعد وفاته خرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهروا التوبة والندامة. وقال أبو علي الحافظ أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن السمرقندي قدم علينا بلنسية عام أربعة وستين وأربعمائة قال قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام فاستسقى الناس مرارًا فلم يسقوا فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضي سمرقند وقال له إني قد رأيت رأيا أعرضه عليك قال وما هو قال أرى أن تخرج ويخرج الناس معك إلى قبر الإمام محمد بن إسماعيل البخاري وتستسقى عنده فعسى الله أن يسقينا فقال القاضي نعم ما رأيت فخرج القاضي ومعه الناس واستسقى بهم وبكى الناس عند القبر وتشفعوا بصاحبه فأرسل الله تعالى السماء بماء عظيم غزير أقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام أو نحوها لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر وغزارته وبين سمرقند وخرتنك ثلاثة أيام وبالجملة فمناقب أبي عبد الله البخاري كثيرة ومحاسنه شهيرة وفيما ذكرته كفاية ومقنع وبلاغ.
(تنبيه وإرشاد) روينا عن الفربري أنه قال سمع صحيح البخاري من مؤلفه تسعون ألف رجل فأبقي أحد يرويه عنه غيري قال الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى أطلق ذلك بناء على ما في عمله وقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمد بن علي بن قرينة بقاف ونون بوزن كبيرة البزدوي بفتح الموحدة وسكون الزاي وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وهو آخر من حدث عن البخاري بصحيحه كما جزم به أبو نصر بن ماكولا وغيره وقد عاش بعده ممن سمع من البخاري القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي ببغداد ولكن لم يكن عنده الجامع الصحيح وإنما سمع منه مجالس أملاها ببغداد في آخر قدمة قدمها البخاري وقد غلط من روى الصحيح من طريق المحاملي المذكور غلطًا فاحشًا. ومن رواة الجامع الصحيح ممن اتصلت لنا روايته بالإجازة إبراهيم بن معقل السنفي الحافظ وفاته منه قطعة من آخره رواها بالإجازة وتوفى سنة أربعين ومائتين وكذلك حماد بن شاكر النسوي بالنون والمهملة وأظنه توفى في حدود التسعين وله فيه فوت أيضًا واتصلت لنا روايته من طريق المستملي والسرخسي والكشميهني وأبي علي بن السكن الأخسيكن وأبي زيد المروزي وأبي علي بن شبويه وأبي أحمد الجرجاني والكشاني وهو آخر من حدث عن الفربري بالصحيح فأما المستملي فرواه عنه الحافظ أبو ذر وعبد الرحمن الهمداني وأما السرخسي فأبو ذر أيضًا وأبو الحسن الداودي وأما الكشميهني فأبو ذر أيضًا وأبو سهل الحفصي وكريمة وأما أبو علي بن السكن فإسماعيل بن إسحق بن إسماعيل الصفار وأما أبو زيد المروزي فأبو نعيم الحافظ
[إرشاد الساري: 1/39]
وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي وأبو الحسن علي بن محمد القابسي وأما ابن شبويه فسعيد بن أحمد بن محمد الصيرفي العيار وعبد الرحمن بن عبد الله الهمداني أيضًا وأما الجرجاني فأبو نعيم والقابسي أيضًا وأما الكشاني فأبو العباس جعفر بن محمد المستغفري فمشايخ أبي ذر ثلاثة المستملي والكشميهني والسرخسي ومشايخ أبي نعيم نعيم الجرجاني وأبو زيد المروزي وأما الأصيلي والقابسي فكلاهما عن أبي زيد المروزي وأما العيار فابن شبويه وأما الداودي فالسرخسي وأما الحفصي وكريمة فالكشميهني وأما المستغفري فالكشاني وكلهم عن الفربري ويأتي إن شاء الله تعالى قريبًا أسانيدي بالجامع الصحيح متصلة بهم على وجه بديع جامع بعون الله تعالى وقد اعتنى الحافظ شرف الدين أبو الحسن علي بن شيخ الإسلام ومحدث الشام تقي الدين بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن عبد الله اليونيني الحنبلي رحمه الله تعالى بضبط رواية الجامع الصحيح وقابل أصله الموقوف بمدرسة اقبغا آص بسويقة العزى خارج باب زويلة من القاهرة المعزية الذي قيل فيما رأيته بظاهر بعض نسخ البخاري الموثوق بها وقف مقر هابر واق الجبرت من الجامع الأزهر بالقاهرة إن اقبغا بذل فيه نحو عشرة آلاف دينار والله أعلم بحقيقة ذلك وهو في جزأين فقد الأول منهما بأصل مسموع على الحافظ أبي ذر الهروي وبأصل مسموع على الأصيلي وبأصل الحافظ مؤرخ الشام أبي القاسم بن عساكر وبأصل مسموع على أبي الوقت وهو أصل من أصول مسموعا في وقف خانكاه السميساطي بقراءة الحافظ أبي سعيد عبد الركيم بن محمد بن منصور السمعاني بحضرة سيبويه وقته الإمام جمال الدين بن مالك بدمشق سنة ست وسبعين وستمائة مع حضور أصلي سماعي الحافظ أبي محمد المقدسي وقف السميساطي وقد بالغ رحمه الله في ضبط ألفاظه الصحيح جامعا فيه روايات من ذكرناه راقا عليه ما يدل على مراده فعلامة أبي ذر الهروي. والأصيلي ص وابن عساكر الدمشقي ش وأبي الوقت ظ لمشايخ أبي ذر الثلاثة الحموي ح والمستملي ست والكشميهني هـ فما كان من ذلك بالحمرة فهو ثابت في النسخة التي قرأها الحافظ عبد الغني المقدسي على الحافظ أبي عبد الله الارتاحي بحق إجازته من أبي الحسين الفراء الموصلي عن كريمة عن الكشميهني وفي نسخة أبي صادق مرشد بن يحيى المديني وقف جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه بمصر وله رقوم أخرى لم أجد ما يدل عليها وهي عط ق ج صع ولعل الجيم للجرجاني والعين لابن السمعاني والقاف لأبي الوقت فإن اجتمع ابن حمويه والكشميهني فرقهما هكذا حهـ والمستملي والحوي فرقهما حسـ هكذا وإن اتفق الأربعة الرواة عنهم رقم لهم ص ش ظ وما سقط عند الأربعة زاد معها لا وما سقط عند البعض أسقطه رقه من غير لا مثالة أنه وقع في أصل سماعه في حديث بدء الوحي جمعه لك في صدرك ووقع عند الأربعة جمعه لك صدرك بإسقاط في فيرقم على في لا ويرقم فوقها إلى جانبها ص ش ظ هذان إن وقع الاتفاق على سقوطها فإن كانت عندهم 2 وليست عند الباقين رقم رسمه وترك رسمهم وكذا إن لم تكن عند واحد وكانت عند الباقين كتب عليها لا ورقم فوقها الحرف المصطلح عليه وما صح عنده سماعه وخالف مشايخ أبي ذر الثلاثة رقم هـ وفوقها صح وإن وافق أحد مشايخه وضعه فوقه فالله تعالى يثيبه على قصده ويجزل له من المكرمات جوائز رفده فلقد أبدع فيما رقم وأنقن فيما حرر وأحكم ولقد عول الناس عليه في روايات الجامع لمزيد اعتنائه وضبطه ومقابلته على الأصول المذكورة وكثرة ممارسته له حتى أن الحافظ شمس الدين الذهبي حكى عنه أنه قابله في سنة واحدة إحدى عشرة مرة ولكونه ممن وصف بالمعرفة الكثيرة والحفظ التام للمتون والأسانيد كان الجمال بن مالك لما حضر عند المقابلة المذكورة إذا مر من الألفاظ ما يتراءى أنه مخالف لقوانين العربية قال للشرف اليونيني هل الرواية فيه كذلك فإن أجابه بأنه منها شرع ابن مالك في توجيهها حسب
[إرشاد الساري: 1/40]
إمكانه ومن صم وضع كتابه المسمى بشواهد التوضيح ولقد وقفت على فروع مقابلة على هذا الأصل الأصيل فرأيت من أجلها الفرع الجليل الذي لعله فاق أصله وهو الفرع المنسوب للإمام المحدث شمس الدين محمد بن أحمد المزي الغزولي وقف التنكزية بباب المحروق خارج القاهرة المقابل على فرعي وقف مدرسة الحاج مالك وأصل اليونيني المذكور غير مرة بحيث إنه لم يغادر منه شيئًا كما قيل فلهذا اعتمدت في كتابة متن البخاري في شرحي هذا عليه ورجعت في شكل جميع الحديث وضبطه إسنادًا ومتنًا إليه ذاكرًا جميع ما فيه من الروايات وما في حواشيه من الفوائد المهمات. ثم وقفت في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة ست عشرة وتسعمائة بعد ختمي لهذا الشرح على المجلد الأخير من أصل اليونيني المذكور ورأيت بحاشية ظاهر الورقة الأولى منه ما نصه سمعت ما تضمنه هذا المجلد من صحيح البخاري رضي الله عنه بقراءة سيدنا الشيخ الإمام العالم الحافظ المتقن شرف الدين أبي الحسين علي بن محمد بن أحمد اليونيني رضي الله عنه وعن سلفه وكان السماح بحضرة جماعة من الفضلاء ناظرين في نسخ معتمد عليها فكلما مر بهم لفظ ذو إشكال بينت فيه الصواب وضبط على اقتضاه علمي بالعربية وما افتقر إلي بسط عبارة وإقامة دلالة أخرت أمره إلى جزء أستوفى فيه الكلام مما يحتاج إليه من نظير وشاهد ليكون الانتفاع به عامًا والبيان تامًا إن شاء الله تعالى وكتبه محمد بن عبد الله بن مالك حامد الله تعالى (قلت) وقد قابلت متن شرحي هذا إسنادًا وحديثًا على هذا الجزء المذكور من أوله إلى آخره حرفًا وحكيته كما رأيته حسب طاقتي وانتهت مقابلتي له في العشر الأخير من المحرم سنة سبع عشرة وتسعمائة نفع الله تعالى به ثم قابلته عليه مرة أخرى فعلى الكاتب لهذا الشرح وفقه الله تعالى أن يوافقني فيما رسمته من تمييز الحديث متنًا وسندًا من الشرح واختلاف الروايات بالألوان المختلفة وضبط الحديث متنا وسندا بالقلم كما يراه ثم رأيت بآخر الجزء المذكور ما نصه بلغت مقابلة وتصحيحًا وإسماعا بين يدي شيخنا شيخ الإسلام حجة العرب مالك أزمة الأدب الإمام العلامة أبي عبد الله بن مالك الطابي الجياني أمد الله تعالى عمره في المجلس الحادي والسبعين وهو يراعى قراءتي ويلاحظ نطقي فما اختاره ورجحه وأمر بإصلاحه أصلحته وصححت عليه وما ذكر أنه يجوز فيه إعرابان أو ثلاثة فاعملت ذلك على ما أمر ورجح وأنا أقابل بأصل الحافظ أبي ذر والحافظ أبي محمد الأصيلي والحافظ أبي القاسم الدمشقي ما خلا الجزء الثالث عشر والثالث والثلاثين فإنهما معدومان وبأصل مسموع على الشيخ أبي الوقت بقراءة الحافظ أبي منصور السمعاني وغيره من الحفاظ وهو وقف بخانكاه السميساطي وعلامات ما وافقت أبا ذر. والأصيلي ص والدمش ش وأبا الوقت ظ فيعلم ذلك وقد ذكرت ذلك في أول الكتاب في فرخه لتعلم الرموز كتبه علي بن محمد الهاشمي اليونيني عفا الله عنه. اهـ ثم وجد الجزء الأول من أصل اليونيني المذكور ينادي عليه للبيع بسوق الكتب فعرف وأحضر إلي بعد فقده أزيد من خمسين سنة فقابلت عليه متن شرحي هذا فكملت مقابلتي عليه جميعه حسب الطاقة ولله الحمد. وقد اعتنى الأئمة بشرح هذا الجامع فشرحه الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي بشرح لطيف فيه نكت لطيفة ولطائف شريفة. واعتنى الإمام محمد التميمي بشرح ما لم يذكره الخطابي مع التنبيه على أوهامه. وكذا أبو جعفر أحمد بن سعيد الداودي وهو ممن ينقل عنه ابن التين الآتي. ومنهم المهلب بن أبي صفرة وهو ممن اختصر الصحيح. ومنهم أبو الزناد سراج واختصر شرح المهلب تلميذه أبو عبد الله محمد بن خلف بن المرابط وزاد عليه فوائد وهو ممن نقل عنه ابن رشيد. وشرحه أيضًا الإمام أبو الحسن علي بن خلف المالكي المغربي المشهور بابن بطال وغالبه في فقه الإمام مالك من غير تعرض لموضوع الكتاب غالبًا وقد طالعته. وشرحه أيضًا الإمام أبو حفص عمر بن الحسن بن عمر الفوزني الأشبيلي وكذا أبو القاسم
[إرشاد الساري: 1/41]
أحمد بن محمد بن عمر بن فرد التميمي وهو واسع جدًا. والإمام عبد الواحد بن التين بفوقية بعدها تحتية ثم نون السفاقسي وقد طالعته. والزين بن المنير في نحو عشر مجلدات. وأبو الأصبع عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي. والإمام قطب الدين عبد الكريم الحلبي الحنفي. والإمام مغلطاي التركي قال صاحب الكواكب وشرحه بتتميم الأطراف أشبه وبصحف تصحيح التعليقات أمثل وكأنه من إخلائه من مقاصد الكتاب على ضمان ومن شرح ألفاظه وتوضيح معانيه على أمان. واختصره الجلال التباني وقد رأيته. والعلامة شمس الدين محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن سعيد الكرماني فشرحه بشرح مفيد جامع لفرائد الفوائد وزوائد العوائد وسماه الكواكب الدراري لكن قال الحافظ بن حجر في الدرر الكامنة وهو شرح مفيد على أوهام فيه في النقل لأنه لم يأخذه إلا من الصحف. اهـ. وكذا شرحه ولده التقي يحيى مستمدًا من شرح أبيه وشرح ابن الملقن وأضاف إليه من شرح الزركشي وغيره من الكتب وما سنح له من حواشي الدمياطي وفتح الباري والبدر العنتابي وسماه مجمع البحرين وجواهر الحبر بن وقد رأيته وهو في ثمانية أجزاء كبار بخطه مسودة. وكذا شرحه العلامة السراج ابن الملقن وقد طالعت الكثير منه. وكذا شرحه العلامة شمس الدين البرماوي في أربعة أجزاء أخذه من شرح الكرماني وغيره كما قال في أوله ومن أصوله أيضًا مقدمة فتح الباري وسماه اللامع الصبيح ولم يبيض إلا بعد موته وقد استوفيت مطالعته كالكرماني وكذا شرح الشيخ برهان الدين الحلبي وسماه التلقيح لفهم قارئ الصحيح وهو بخطه في مجلدين وبخط غيره في أربعة وفيه فوائد حسنة. وقد التقط منه الحافظ ابن حجر حيث كان بحلب ما ظن أنه ليس عنده لكونه لم يكن معه إلا كراريس يسيرة من الفتح وشرحه أيضًا شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل بن حجر وسماه فتح الباري وهو في عشرة أجزاء ومقدمته في جزء وشهرته وإنفراده بما اشتمل عليه من الفرائد الحديثية والنكات الأدبية والفوائد الفقهية تغني عن وصفه لاسيما وقد امتاز كما نبه عليه شيخنا بجمع طرق الحديث التي ربما يتبين من بعضها ترجيح أحد الاحتمالات شرحًا وإعرابًا وطريقته في الأحاديث المكررة أنه يشرح في كل موضع ما يتعلق بمقصد البخاري بذكره فيه ويحيل بباقي شرحه على المكان المشروح فيه قال شيخنا وكثيرًا ما كان رحمه الله تعالى يقول أود لو تتبعت الحوالات التي تقع لي فيه فإن لم يكن المحال به مذكورًا أو ذكر في مكان آخر غير المحال عليه ليقع إصلاحه فما فعل ذلك فاعلمه وكذا ربما يقع له ترجيح أحد الأوجه في الإعراب أو غيره من الاحتمالات أو الأقوال في موضع ثم يرجح في موضع آخر غيره إلى غير ذلك مما لا طعن عليه بسببه بل هذا أمر لا ينفك عنه كثير من الأئمة المعتمدين. وكان ابتداء تأليفه في أوائل سنة سبع عشرة وثمانمائة على طريق الإملاء ثم صار يكتب بخطه شيئًا فشيئًا فيكتب الكراس ثم يكتبه جماعة من الأئمة المعتبرين وبعارض بالأصل مع المباحثة في يوم من الأسبوع وذلك بقراءة العلامة ابن خضر فصار السفر لا يكمل منه شيء إلا وقد قوبل وحرر إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة سوى ما ألحق فيه بعد ذلك فلم ينته إلا قبيل وفاة المؤلف بيسير. ولما تم عمل مصنفه وليمة بالمكان المسمى بالتاج والسبع وجوه في يوم السبت ثاني شعبان سنة اثنتين وأربعين وقرىء المجلس الأخير هناك بحصرة الأئمة كالقاياتي والوناني والسعد الديري. وكان المصروف على الوليمة المذكورة نحو خمسمائة دينار وكملت مقدمته وهي في مجلد ضخم في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وقد استوفيت بحمد الله تعالى مطالعتهما. وقد اختصر فتح الباري شيخ مشايخنا الشيخ أبو الفتح محمد ابن الشيخ زين الدين بن الحسين المراغي وقد رأيته بمكة وكتبت كثيرًا منه. وشرحه العلامة بدر الدين العيني الخنفي في عشرة أجزاء وأزيد وسماه عمدة القارىء وهو بخطه في أحد وعشرين جزًا مجلدًا بمدرسته التي أنشأها بحارة كتامة
[إرشاد الساري: 1/42]
بالقرب من الجامع الأزهر. وشرع في تأليه في أواخر رجب سنة إحدى وعشرين وثمانمائة وفرغ منه في آخر الثلث الأول من ليلة السبت خامس شهر جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وثمانمائة واستمد فيه من فتح الباري كان فيما قيل يستعيره من البرهان بن خضر بإذن مصنفه له وتعقبه في مواضع وطوله بما تعمد الحافظ بن حجر في الفتح حذفه من سياق الحديث بتمامه وإفراد كل من تراجم الرواة بالكلام وبيان الأنساب واللغات والإعراب والمعاني والبيان واستنباط الفرائد من الحديث والأسئلة والأجوبة وغير ذلك وقد حكى أن بعض الفضلاء ذكر للحافظ ابن حجر ترجيح شرح العيني بما اشتمل عليه من البيدع وغيره فقال بديهة هذا شيء نقله من شرح لركن الدين وكنت وقد وقفت عليه قبله ولكنت تركت النقل منه لكونه لم يتم إنما كتب منه قطعة وخشيت من تعبي بعد فراغها في الاسترسال في هذا المهيع ولذا لم يتكلم البدر العيني بعد تلك القطعة بشيء من ذلك اهـ. وبالجملة فإن شرحه حافل كامل في معناه لكنه لم ينتشر كانتشار فتح الباري من حياة مؤلفه وهلم جرا. وكذا شرح مواضع من البخاري الشيخ بدر الدين الزركشي في التنقيح وللحافظ ابن حجر نكت عليه لم تكمل. وكذا شرح العلامة بدر الدين الدماميني وسماه مصابيح الجامع وقد استوفيت مطالعتها كشرح العيني وابن حجر والبرماوي. وكذا شرح الحافظ الجلال السيوطي فيما بلغني في تعليق لطيف قريب من تنقيح الزركشي سماه التوشيح على الجامع الصحيح وكذا شرح منه شيخ الإسلام أبو زكريا يحيى النووي قطعة من أوله إلى آخر كتاب الإيمان طالعتها وانتفعت ببركتها. وكذا الحافظ ابن كثير قطعة من أوله إلى آخر كتاب الإيمان طالعتها وانتفعت ببركتها. وكذا الحافظ ابن كثير قطعة من أوله والزين بن رجب الدمشقي ورأيت منه مجلدة. والعلامة السراج البقليني رأيت منه مجلدة أيضًا. والبدر الزركشي في غير التنقيح مطولاً رأيت منه قطعة بخطه. والمجد الشيرازي اللغوي مؤلف القاموس سماه منح الباري بالسيح الفسيح المجاري في شرح البخاري كل ربع العبادات منه في عشرين مجلدًا وقدر تمامه في أربعين مجلدًا قال التقي الفاسي لكنه قد ملأه بغرائب المنقولات لاسيما لما اشتهر باليمن مقالة ابن عربي وغلب ذلك على علماء تلك البلاد وصار يدخل في شرحه من فتوحاته الكثير ما كان سببًا لشين شرحه عند الطاعنين فيه. وقال الحافظ بن حجر أنه رأى القطعة التي كملت في حياة مؤلفه قد أكلتها الأرضة بكمالها بحيث لا يقدر على قراءة شيء منها اهـ. وكذا بلغني أن الإمام أبا الفضل النويري خطيب مكة شرح مواضع من البخاري وكذا العلامة محمد بن أحمد بن مرزوق شارح بردة البوصيري وسماه المتجر الربيح والمسعى الرجيح في شرح الجامع الصحيح ولم يكمل أيضًا وشرح العارف القدوة عبد الله بن أبي جمرة ما اختصره منه وسماه بهجة النفوس وقد طالعته والبرهان النعماني إلى أثناء الصلاة ولم يف بما التزمه رحمه الله تعالى وإيانا. وشيخ المذهب وفقيهه شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري السنيكي والشمس الكوراني مؤدب السلطان المظفر أبي الفتح محمد بن عثمان فاتح القسطنطينية سماه الكوثر الجاري إلى رياض صحيح البخاري وهو في مجلدين. وللعلامة شيخ الإسلام جلال الدين البلقيني بيان ما فيه من الإبهام وهو في مجلدة وصاحبنا الشيخ أبو البقاء الأحمدي أعانه الله تعالى على الإكمال. وشيخنا فقيه المذهب الجلال البكري وأظنه لم يكمل. وكذا صاحبنا الشيخ شمس الدين الدلجي كتب منه قطعة لطيفة. ولابن عبد البر الأجوبة على المسائل المستغربة من البخاري سأله عنها المهلب بن أبي صفرة وكذا لأبي محمد بن خرم عدة أجوبة عليه ولابن المنير حواش على ابن بطال وله أيضًا كلام على التراجم سماه المتواري. وكذا لأبي عبد الله بن رشيد ترجمان التراجم. وللفقيه أبي عبد الله محمد بن منصور بن حمامة المغراوي السجلماسي حل أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة وهي مائة ترجمة ولشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر
[إرشاد الساري: 1/43]
انتقاض الاعتراض يجيب فيه عما اعترضه عليه العيني في شرحه طالعته لكنه لم يجب عن أكثرها ولعله كان يكتب الاعتراضات ويبض لها ليجيب عنها فاخترمته المنية. وله أيضًا الاستنصار على الطاعن المعثار وهو صورة فتيا عما وقع في خطبة شرح البخاري للعلامة العيني وله أيضًا أحوال الرجال المذكورين في البخاري زيادة على ما في تهذيب الكمال وسماه الإعلام بمن ذكر في البخاري من الأعلام. وله أيضًا تعليق أحاديث الجامع المرفوعة وآثاره الموقوفة والمتابعات ومن وصلها بأسانيده إلى الموضع المعلق وهو كتاب حافل عظيم في بابه لم يسبقه إليه أحد فيما أعلم وقرض له عليه العلامة اللغوي المجد صاحب القاموس كما رأيته بخطه على نسخة بخط مؤلفه ولخصه في مقدمة الفتح فحذف الأسانيد ذاكرا من خرجه موصولا وكذا شرح البخاري العلامة المفنن الأوحد الزيني عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد العباسي الشافعي شرحًا رتبه على ترتيب عجيب وأسلوب غريب فوضعه كما قال في ديباجته على منوال مصنف ابن الأثير وبناه على مثال جامعه المنير وجرده من الأسانيد راقمًا على هامشه بإزاء كل حديث حرفًا أو حروفًا يعلم بها من وافق البخاري على إخراج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الخمسة جاعلاً إثر كل كتاب جامع منه بالشرح غريبه واضعا الكلمات الغريبة بهيئتها على هامش الكتاب موازيًا لشرحها ليكون أسرع في الكشف وأقرب على التناول وقرض له عليه شيخنا شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف والزين عبد البر بن الشحنة والعلامة الرضى الغزي. ونظم شيخ الإسلام البلقيني مناسبات ترتيب تراجم البخاري فقال:
أتى في البخاري حكمة في التراجم = مناسبة في الكتب مثل البراجم
فبدأ وحي الله جاء نبيه = وإيمان يتلوه بعقد المعالم
وإن كتاب العلم يذكر بعده = فبالوحي إيمان وعلم العوالم
وما يعد إعلام سوى العمل الذي = به يرد الإنسان ورد الأكارم
ومبدؤه طهر أتى لصلاتنا = وأبوابه فيها بيان الملائم
وبعد صلاة فالزكاة تبيعها = وحج وصوم فيهما خلف عالم
روايته جاءت بخلف بصحة = كذا جاء في التصنيف طبق الدعائم
وفي الحج أبواب كذاك بعمرة = لطيبة جاء الفضل من طيب خاتم
معاملة الإنسان في طوع ربه = يلها ابتغاء الفضل سوق المواسم
وأنواعها في كل باب تميزت = وفي الرهن والأعتاق فك الملازم
فجاء كتاب الرهن والعتق بعده = مناسبة تخفى على فهم صارم
كتابة عبد ثم فيها تبرع = كذا هبة فيها شهود التحاكم
كتاب شهادات تلي هبة جرت = وللشهدا في الوصف أمر لحاكم
وكان حديث الإفك فيه افتراؤهم = فويل لأفاك وتبا لآثم
وكم فيه تعديل لعائشة التي = يبرئها المولى بدفع العظائم
كذا الصلح بين الناس يذكر بعده = فبالصلح إصلاح ورفع المظالم
وصلح وشرط جائزان لشرعه = فذكر شروط في كتاب لعالم
كتاب الوصايا والوقوف لشارط = بهما عمل الأعمال تم لقائم
معاملتا رب وخلق كل مضى = وثالثها جمع غريب لفاهم
كتاب الجهاد أجهد لإعلاء كلمة = وفيه اكتساب المال إلا لظالم
فيملك مال الحرب قهرا غنيمة = كذا الفيء يأتينا بعز المغانم
وجزيتهم بالعقد فيه كتابتها = موادعة معها أتت في التراجم
[إرشاد الساري: 1/44]
كتاب لبدء الخلق بعد تمامه = مقابلة الإنسان بيد المقاسم
وللأنبيا فيه كتاب يخصهم = تراجم فيها رتبة للأكارم
فضائل تتلو ثم غزو نبينا = وما قد جرى حتى الوفاة لخاتم
وإن نبي الله وصى وصية = تخص كتاب الله يا طيب عازم
كتاب لتفسير تعقبه به = وإن أولى التفسير أهل العزائم
وفي ذاك أعجاز لنا ودليلنا = وأحياؤه أرواح أهل الكرائم
كتاب النكاح انظره منه تناسل = حياة أتت منه لطفل محالم
وأحكامه حتى الوليمة تلوها = ومن بعدها حسن العشير الملائم
كتاب طلاق فيه أبواب فرقة = وفي النفقات افرق ليسر وعادم
وأطعمة حلت وأخرى فحرمت = ليجتنب الإنسان إثم المحارم
وعق عن المولود يتلو مطاعما = كذا الذبح مع صيد بيان الملائم
وأضحية فيها ضيافة ربنا = ومن بعدها المشروب يأتي لطاعم
وغالب أمراض بأكل وشربه = كتاب لمرضانا لرفع المآثم
فبالطب يستشفى من الدابرقية = بفاتحة القرآن ثم الخواتم
لباس به التزيين وانظره بعده = كذا أدب يؤتى به بالكرائم
وإن بالاستئذان حلت مصالح = به تفتح الأبواب وجه المسالم
وبالدعوات الفتح من كل مغلق = وتيسير أحوال لأهل المعازم
رقاق بها بعد الدعاء تذكر = وللقدر اذكره لأهل الدعائم
ولا قدر إلا من الله وحده = تبررنا بالنذر شوقا لخاتم
وأيمان من كتب وكفارة لها = كذا النذر في لج بدا من ملاحم
وأحوال أحياء تتم وبعدها = مواريث أموات أتت للقاسم
فرائهم فيها كتاب يخصهم = وقد تمت الأحوال حالات سالم
ومن يأت قآذورا تبين حده = محاربهم فيها أتت حتم حاتم
وفي غرة فاذكر ديات لأنفس = وفيه قصاص جا لأهل الجرائم
وردة مرتد ففيه استتابة = بردته زالت عقود العواصم
ولكنما الإكراه رافع حكمه = كذا حيل جاءت لفك التلازم
وفي باطن الرؤيا لتعبير أمرها = وفتنتها قامت فما من مقاوم
وأحكامها خلفًا يزيل تنازعا = كتاب التمني جاء رمزًا لراقم
ولا تتمنوا جاء فيه تواتر = وأخبار آحاد حجاج لعالم
كتاب اعتصام فاعتصم بكتابه = وسنة خير الخلق عصمة عاصم
وخاتمة التوحيد طاب ختامها = بمبدئها عطر ومسك لخاتم
فجاء كتاب جامع من صحاحها = لحافظ عصر قد مضى في التقادم
أتى في البخاري مدحه لصحيحه = وحسبك بالإجماع في مدح حازم
أصح كتاب بعد تنزيل ربنا = وناهيك بالتفضيل فأجار لراحم
وقل رحم الرحمن عبدا موحدا = تحري صحيح القصد سبل العلائم
وفي سنة المختار بيدي صحيحها = بإسناد أهل الصدق من كل حازم
وإنا توخينا كتابا يخصه = على أوجه تأتي عجابا لغانم
[إرشاد الساري: 1/45]
عسى الله يهدينا جميعا بفضله = إلى سنة المختار رأس الأكارم
وصلى على المختار الله ربنا = يقارنها التسليم في حال دائم
وآل له والصحب مع تبع لهم = يقفون آثارا أتت بدعائم
بتكرير ما يبدو وتضعيف عده = وفي بدئها والختم مسك الخواتم
[إرشاد الساري: 1/46]


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخامس, الفصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir