دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > عقود الجمان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1433هـ/22-01-2012م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباب الخامس: الْقصر

الباب الخامس : الْقَصْرُ
302 إِمَّا حَقِيقِيٌّ وَإِمَّا غَيْرُ ذَا = فَالْقَصْرُ لِلْمَوْصُوفِ وَالْوَصْفِ اللَّذَا
303 أَعَمُّ مَعْنًى أَوَّلُ الْحَقِيقِي = كَـ"إِنَّمَا مُحَمَّدٌ صَدِيقِي
"
304 أَيْ مَا لَهُ وَصْفٌ سِوَاهُ يُورَدُ = وَهْوَ عَزِيزٌ لاَ يَكَادُ يُوجَدُ
305 وَالثَّانِ مِنْهُ غَالِبٌ كَـ"لَيْسَ فِي = ذِي الدَّارِ إِلاَّ ذَا" وَرُبَّمَا يَفِي
306 مُبَالَغًا إِذْ غَيْرُهُ مَا اعْتُدَّ بِهْ = وَأَوَّلَ الْمَجَازِ خُذْ لاَ يَشْتَبِهْ
307 تَخْصِيصُ أَمْرٍ صِفَةً دُونَ صِفَةْ = أَوْ وُضِعَتْ عَنْهَا وَثَانِي ذِي الصِّفَةْ
308 تَخْصِيصُهُ الْوَصْفَ بِأَمْرٍ دُونَ مَا = سِوَاهُ أَوْ مَكَانَ ذَاكَ فَهُمَا
309 ضَرْبَانِ فَالْخِطَابُ بِالْأَوَّلِ مِنْ = ضَرْبَيْهِمَا لِمَنْ لِشِرْكَةٍ يَظُنْ
310 فَقَصْرُ
إِفْرَادٍ لِقَطْعِ الشِّرْكَةِ، = وَالثَّانِ مَنْ يَعْتَقِدُ الْعَكْسَ لِتِي
311 فَقَصْرُ
قَلْبٍ، أَوْ تَسَاوَيَا لَدَى = مُخَاطَبٍ فَقَصْرُ تَعْيِينٍبَدَا
312 وَالشَّرْطُ فِي الْمَوْصُوفِ إِذْ مَا يُفْرَدُ = أَنْ لاَ تَنَافِيْ فِي الصِّفَاتِ يُوجَدُ،
313 وَالْقَلْبُ أَنْ
يُوجَدَ، وَالتَّعْيِينُ عَمْ، = وَطُرُقُ الْقَصْرِ كَثِيرَةٌ تُضَمْ
314 كَالْعَطْفِ "زَيْدٌ قَائِمٌ لاَ قَاعِدُ" = وَ"لَيْسَ عَمْرٌو شَاعِرًا بَلْ
حَامِدُ"
315 وَالنَّفْيُ مَعْ (إِلاَّ) كَـ"مَا مُحَمَّدُ = إِلاَّ رَسُولٌ"، "مَا الْحِمَى إِلاَّ الْيَدُ
"
316 وَ(إِنَّمَا) -وَمَا أَصَابَ الْجَاحِدُ- = كَـ"إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدُ
"
317 كَذَا إِذَا قَدَّمْتَهُ نَحْوُ "بِنَا = مَرَّ" وَفِي الْوَصْفِ "تَمِيمِيٌّ أَنَا
"
318 قُلْتُ: وَقِيلَ (أَنَّ) بِالْفَتْحِ وَ(مَا) = كَـ"إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا
"
319 وَذِكْرُ مُسْنَدٍ إِلَيْهِ، وَكَذَا = تَعْرِيفُهُ وَمُسْنَدٍ، وَغَيْرُ ذَا
320 وَاخْتَلَفَتْ مِنْ أَوْجُهٍ فَالْوَضْعُ قُلْ = لِلْكُلِّ لاَ التَّقْدِيمِ فَالْفَحْوَى يَدُلْ
321 وَالْأَصْلُ ذِكْرُ مُثْبَتٍ وَالْمَنْفِي = فِي
أَوَّلٍ يُعْنَى بِهِ فِي الْعَطْفِ
322 وَرُبَّمَا لِكُرْهِ الاِطْنَابِ سَقَطْ = وَفِي الْبَوَاقِي ذِكْرُ مُثْبَتٍ فَقَطْ
323 وَالنَّفْيُ لاَ يُجَامِعُ الثَّانِيْ فَـ(لاَ) = لاَ تَنْفِ إِنْ نَفْيٌ بِغَيْرِهَا خَلاَ
324 وَلِلْأَخِيرَيْنِ فَقَدْ تُـجَامِعُ = كَـ"إِنَّمَا أَنَا النَّدَى لاَ اللاَّمِعُ
"
325 وَقِيلَ: شَرْطُ جَمْعِهِ مَعْ (إِنَّمَا) = أَنْ لاَ يُخَصَّ الْوَصْفُ بِالَّذِي انْتَمَى
326 وَقِيلَ: شَرْطُ الْحُسْنِ، وَهْوَ أَقْرَبُ، = وَأَصْلُ ثَانٍ جَهْلُ مَنْ يُخَاطَبُ
327 وَجَحْدُهُ لِمَا لَهُ يُسْتَعْمَلُ = وَيُجْعَلُ الْمَعْلُومُ كَاللَّذْ يُجْهَلُ
328 فَخُذْ لَهُ الثَّانِيْ لِأَمْرٍ نَاسَبَا = وَاسْتَعْمِلَنْهُ مُفْرِدًا وَقَالِـبَا
329 كَمِثْلِ
"مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولْ" = إِذْ عَظَّمُوا مَمَاتَهُ مِثْلَ الْجَهُولْ
330 أَيْ هُوَ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا مَا عَدَا = إِلَى التَّبَرِّي مِنْ هَلاَكٍ وَرَدَى
331 وَقَوْلُهُ: "إِنْ أَنْتُمُو إِلاَّ بَشَرْ" = لِزَاعِمِ الرُّسْلِ سِوَاهُ وَأَصَرْ
332 مُخَاطَبٌ عَلَى ادِّعَا الرِّسَالَهْ = وَقَوْلُهُمْ: "إِنْ نَحْنُ مِثْلُ الْقَالَهْ
"
333 مِنَ الْمُجَارَاةِ لِخَصْمٍ كَيْ عَثَرْ = إِرَادَةَ التَّبْكِيتِ لاَ لِلنَّفْيِ قَرْ
334 وَ(إِنَّمَا) بِعَكْسِهِ كَـ"إِنَّمَا = هَذَا أَخُوكَ" أَيْ فَرِقَّ وَارْحَمَا
335 وَرُبَّمَا يُنَزَّلُ الْمَجْهُولُ فِي = دَعْوَى الظُّهُورِ كَسِوَاهُ فَـيَـفِي
336 ثُمَّ عَلَى الْعَطْفِ لَهَا مَزِيَّةْ = إِذْ يُعْلَمُ الْحُكْمَانِ بِالْمَعِيَّةْ
337 وَمِثْلُهَا التَّقْدِيمُ فِي التَّعْوِيضِ = وَخَيْرُ مَا يُورَدُ فِي التَّعْرِيضِ


مَسْأَلَة
338 يَجِيءُ بَيْنَ مُبْتَدًا وَخَبَرِ = وَالْفِعْلِ مَعْ تَعَلُّقٍ لاَ الْمَصْدَرِ
339 وَأَخِّرَنَّ مَا عَلَيْهِ قَدْ قُصِرْ = مُسْتَثْنِيًا مَعَ الْأَدَاةِ وَنَدَرْ
340 تَقْدِيمُ هَذَيْنِ لِئَلاَّ يَلْزَمَا
= قَصْرُ الصَّفَاتِ قَبْل أَنْ تُتَمَّمَا
341 وَأَخِّرَنْ فِي (إِنَّمَا) لِئَلاَّ = يَعْرِضَ لَبْسٌ، (غَيْرُ) مِثْلُ (إِلاَّ)
342 فِي الْقَصْرِ وَالْمَنْعِ مِنَ
الْجَمْعِ بِـ(لاَ) = وَإِنَّمَا جَا الْقَصْرُ فِي الَّذِي خَلاَ
343 لِأَنَّ نَفْيَ فَارِغِ الْإِسْتِثْنَا = مُوَجَّهٌ إِلَى الَّذِي يُسْتَثْنَى
344 مِنْهُ مُقَدَّرًا وَعَامًا نَاسَبَا = تَالِيهِ جِنْسًا، فَإِذَا مَا أُوجِبَا
345 شَيْءٌ بِـ(إِلاَّ) مِنْهُ جَاءَ قَطْعَا، = وَوَضْعُ ذِي هُنَا أَتَمُّ صُنْعَا

  #2  
قديم 28 صفر 1433هـ/22-01-2012م, 09:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عقود الجمان للسيوطي


الباب الخامس القصر
إما حقيقي وإما غير ذا = فالقصر للموصوف والوصف اللذا
أعم معنى أول الحقيقي = كأنما محمد صديقي
أي ماله وصف سواه يورد = وهو عزيز لا يكاد يوجد
والثاني منه غالب كليس في = ذا الدار إلا ذا وربما يفي
مبالغا إذ غيره ما اعتد به = وأول المجاز خذ لا يشتبه
تخصيص أمر صفة دون صفة = أو وضعت عنها وثاني ذي الصفة
تخصيصه الوصف بأمر دون ما = سواه أو مكان ذاك فهما
ضربان فالخطاب بالأول من = ضربهما لمن لشركة يظن
فقصر إفراد لقطع الشركة = والثاني من يعتقد العكس التي
فقصر قلب أو تساويا لدى = مخاطب فقصر تعيين بدا
هذا هو الباب الخامس، والقصر تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص وهو حقيقي ومجازي وكل منهما قصر الوصوف على الصفة بأن لا يتجاوزها إلى صفة أخرى ويجوز أن تكون تلك الصفة لموصوف آخر وقصر الصفة على الموصوف بأن لا تتجاوزه إلى موصوف آخر ويجوز أن يكون لذلك الموصوف على الصفة نحو ما زيد إلا كاتب أي لا صفة له غيرها وهو عزيز لا يكاد يوجد لتعذر الإحاطة بصفات الشيء حتى يمكن إثبات شيء منها ونفي ما عداها بالكلية، والثاني من الحقيقي وهو قصر الصفة على الموصوف كثير نحو ما في الدار إلا زيد وربما يقصد به المبالغة لعد الاعتداد بغير المذكور حتى كأنه كالعدم والأول من المجازي وهو قصر الموصوف على الصفة تخصيص أمر بصفة دون صفة أخرى أو مكانها وعكسه تخصيص صفة بأمر دون آخر أو مكانه فعلم أن كلا من قصر الموصوف على الصفة وعكسه ضربان: الأول التخصيص بشيء دون شيء، والثاني التخصيص بشيء مكان شيء، والمخاطب بالأول وهو التخصيص بشيء دون شيء من ضربي قصر الموصوف وقصر الصفة من يعتقد الشركة أي شركة صفتين في موصوف واحد في قصر الموصوف وشركة موصوفين في صفة واحدة في قصر الصفة فالمخاطب بقولنا ما زيد إلا كاتب من يعتقد اتصافه بالشعر والكتابة وبقولنا ما كاتب إلا زيد من يعتقد اشتراك زيد وعمرو في الكتابة ويسمى هذا قصر إفراد لقطع الشركة التي اعتقدها المخاطب والمخاطب بالثاني وهو التخصيص بشيء مكان شيء من ضربي كل منهما من يعتقد عكس الحكم الذي أثبته المتكل فالمخاطب بقولنا ما زيد إلا قائم من يعتقد اتصافه بالقعود دن القيام وبقولنا ما شاعر إلا زيد من اعتقد أن الشاعر عمرو لا زيد ويسمى هذا قصر قلب لقلبه ما عند المتكلم وإن تساوى الأمران عند المخاطب بمعنى أنه غير حاكم على أحدهما بعينه
[شرح عقود الجمان: 43]
ولا بإحدى الصفتين بعينها فإنه يسمى قصر تعيين لتعيينه ما هو غير معين عند المخاطب فالمخاطب بقولنا ما زيد إلا قائم من يعتقد أنه إما قاعد وإما قائم من غير علم بالتعيين وبقولنا ما شاعر إلا زيد من يعتقد أن الشاعر زيد أو عمرو من غير أن يعلمه على التعيين:
والشرط في الموصوف إذ ما يفرد = أن لا تنافي في الصفات يوجد
والقلب أن يوجد والتعيين عم = وطرق القصر كثيرة تضم
كالعطف زيد قائم لا قاعد = وليس عمرو شاعرا بل حامد
والنفي مع إلا كما محمد = إلا رسول الله ما الحمى إلا اليد
وإنما وما أصاب الجاحد = كأنما الله إله واحد
كذا إذا قدمته نحو بنا = مر وفي الوصف تميمي أنا
قلت وقيل أن بالفتح وما = كأنما يوحى إلى أنما
وذكر مسند إليه وكذا = تعريفه ومسند وغير ذا
شروط قصر الموصوف على الصفة إفراد عدم تنافي الوصفين ليصح اعتقاد المخاطب اجتماعهما في الموصوف حتى تكون الصفة المنفية في قولنا ما زيد إلا شاعر كونه كاتبا أو منجما لا كونه مفحما أي عاجزا عن الشعر لأن ذلك ينفيه قولنا هو شاعر بلا قصر والسامع لا يمكن أن يتخيل اجتماعهما في ذهنه بخلاف ما لا ينافي الشعر وشرط قصره قلبا أن يوجد تنافي الوصفين حتى يكون المنفي في قولنا ما زيد إلا قائم كونه قاعدا أو مضطجعا ونحو ذلك لا كونه أبيض أو أسود وقصر التعيين أعم من أن يكون الوصفان فيه متنافيان أولا فكل ما يصلح مثالا لقصر الإفراد أو القلب يصلح لقصر التعيين من غير عكس فقولي في النظم والتعيين عم إما أن يكون أفعل تفضيل حذف منه الهمزة أي أعم كقوله: وحب شيء إلى الإنسان ما منعا، أو فعلا ماضيا أي عم الأمرين على حد قول ابن مالك والقول عم ثم القصر له طرق: منها العطف بلا وبل مثال قصر الموصوف إفرادا زيدا كاتب لا شاعر وما زيد كاتبا بل شاعر وقلبا زيد قائم لا قاعد وما زيد قائما بل قاعد وقصرها إفرادا زيد شاعر لا عمرو وقلبا ما عمرو شاعر بل حامد فجئت في النظم بمثالين: أحدهما لقصر الموصوف بلا والثاني لقصر الصفة ببل، ومنها النفي والاستثناء بإلا نحو ما زيد إلا شاعر وما زيد إلا قائم وما محمد إلا رسول في الموصوف ما شاعر إلا زيد في الصفة ومنها إنما وأنكر قوم كونها للحصر واستدل المثبتون بقوله تعالى: إنما حرم عليكم الميتة بالنصب إذ معناه ما حرم عليكم إلا الميتة وهو المطابع لقراءة الرفع فإنها للقصر فكذا قراءة النصب والأصل استواء القراءتين كقوله تعالى: إنما الله إله واحد، ومنها تقديم ما حقه التأخير كتقديم الخبر على المبتدأ أو العمولات على الفعل مثاله في الموصوف أنا كفيت مهمك وفي الوصف تميمي أنا أي لا قيسي ثم نبهت من زيادتي على طرق مختلف فيها منها إنما بالفتح قال الزمخشري والبيضاوي في قوله تعالى: إنما يوحي إلي إنما إلهكم إله واحد إنما لقصر الحكم على شيء أو لقصر الشيء على حكم كقولك إنما زيد قائم وإنما يقوم زيد وقد اجتمع المثالان في هذه الآية لأن إنما يوحى إلى مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد وإنما إلهكم بمنزلة إنما زيد قائم وفائدة اجتماعهما الدلالة على أن الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مقصور على استئثار الله تعالى
[شرح عقود الجمان: 44]
بالوحدانية وصرح التنوخي في الأقصى القريب بكونها للحصر فقال كل ما أوجب أن إنما بالكسر للحصر أوجب أن أنما بالفتح للحصر ورد أبو حيان على الزمخشري ما زعمه بأنه يلزمه انحصار الوحي في الوحدانية، وأجيب بأنه حصر مجازي باعتبار المقام، ومنها ذكر المسند إليه كما تقدم نقله عن السكاكي، ومنها تعريف الجزءين المسند إليه والمسند نحو زيد المنطلق، قال الإمام في نهاية الإيجاز إذا قلت زيد المنطلق فاللام تفيد انحصار المخبر به في المخبر عنه، ومنها غير ذلك فقد قبل إن من أدوات الحصر جاء زيد نفسه وأن زيدا لقائم ولم يقم أحد غير زيد وقلب بعض حروف الكلمة نقله في الكشاف في قوله تعالى- والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها- فأنه فعلوت كملكوت ورحموت من الطغيان قلب بتقديم اللام فوزنه فلعوت للاختصاص إذ لا يطاق على غير الشيطان:
واختلفت من أوجه فالوضع قل = للكل لا التقديم فالفحوى يدل
والأصل ذكر مثبت والمنفي = في ألو نعنى به في العطف
وربما لكره الأطناب سقط = وفي البواقي ذكر مثبت فقط
والنفي لا يجامع الثاني فلا = لا تنف إن نفي بغيرها خلا
وللآخرين وقد تجامع = كأنما أنا الندى لا اللامع
وقيل شرط جمعه مع إنما = أن لا يخص الوصف بالذي انتمى
وقيل شرط الحسن هو أقرب = وأصل ثان جهل من يخاطب
وجحده لما له يستعمل = ويجعل المعلوم كالذي يجهل
فخذ له الثاني لأمر ناسبا = واستعملته مفردا أو قالبا
كمثل ما محمد إلا رسول = إذ أعظموا مماته مثل الجهول
أي هو مقصور عليها ما عدا = إلى التبرى من هلاك وردي
وقوله: إن أنتم إلا بشر = لزاعم الرسل سواه وأصر
مخاطب على ادعا الرسالة = وقولهم إن نحن مثل القالة
من المجاراة لخصم كي عثر = إرادة التبكيت لا النفي قر
وإنما بمكه كإنما = هذا أخواك أي فرق وارحما
وربما ينزل المجهول في = دعوى الظهور كسواه فتفي
ثم على العطف لها مزيه = إذ يعلم الحكمان بالمعيه
ومثلها التقديم في التعريض = وخير ما تورد في التعريض
طرق القصر تختلف من وجوه، احدها أن التقديم يفيد بالفحوى يعني بمفهوم الكلام بمعنى أنه إذا تأمل الذوق السليم فيه فهم القصر وإن لم يعرف اصطلاح البلغاء في ذلك والبواقي تفيده بالوضع لأن الواضع وضعها لمعان نفيد الحصر، الثاني أن الأصل في الأول من طرق القصر يعني العطف ما بينته في النظم من زيادتي ذكر المثبت والمنفي كما تقدم فلا يترك إلا لكراهة الإطناب كما إذا قيل زيد يعلم النحو والتصريف والعروض أو زيد يعلم النحو وعمرو وبكر فتقول زيد يعلم النحو لا غير أي لا غير النحو أولا غير زيد ونحو ذلك، وأما الثلاثة البواقي فالأصل فيها النص على المثبت فقط دون المنفي، الثالث أن المنفي بلا لا يجامع الثاني أعنى النفي والاستثناء
[شرح عقود الجمان: 45]
فلا يصح ما زيد إلا قائم لا قاعد لأن شرط المنفي بلا العاطفة أن لا يكون منفيا قبلها بغيرها من أدوات النفي لأنها وضعت لنفي ما أوجب للمتبوع لا فعادة النفي في شيء نفيته وهو مفقود في النفي والاستثناء لأن قولك ما زيد إلا قائم فيه نفي كل صفة وقع فيها التنازع فيه حتى كأنك قلت ليس هو بقاعد ولا نائم ونحو ذلك، فإذا قلت: لا قاعد فقد نفيت بلا شيئا هو منفي قبلها بما، وأما الأخيران وهما إنما والتقديم فقد يجامعهما النفي بلا، فيقال: إنما أنا تميمي لا قيسي وهو يأتيني لا عمرو لأن النفي في الأخيرين غير مصرح به بخلافه الثاني، وقيل شرط مجامعته لأنما أن لا يكون الوصف مختصا بالموصوف فتحصل الفائدة نحو: إنما يستجيب الذين يسمعون فإنه يمتنع أن يقال لا الذين لا يسمعون فإن كل أحد يعلم أن الذي لا يسمع لا يستجيب كذا قاله السكاكي والشيخ عبد القاهر جعل ذلك شرطا في حسن العطف لا في جوازه، قال القزويني: وهو أقرب على الصواب إذ لا دليل على الامتناع عند قصد التحقيق والتأكيد، الرابع أن أصل الثاني وهو النفي والاستثناء أن يكون المخاطب يجهل ما استعمل له وهو إثبات الحكم المذكور إن كان قصر إفراد أو نفيه إن كان قصر قلب وينكره بخلاف الثالث وهو إنما فإن أصله أن يكون الحكم بما يعلمه الخاطب ولا ينكره مثاله: وما من إله إلا الله، وقد يخرج عن ذلك فينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب فيستعمل له القصر بما وإلا إفرادا وقلبا، مثال الإفراد وما محمد إلا رسول أي هو مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبري من الهلاك فإنه خطاب للصحابة وهم عالمون بأنه غير جامع للرسالة والتبري من الهلاك لكنهم لما استعظموا مماته نزل منزلة إنكارهم إياه فاستعمل له النفي وإلا، ومثال القلب: إن أنتم إلا بشر مثلنا فالمخاطبون وهم الرسل لم يكونوا جاهلين بأنهم بشر ولا منكرين لكنهم نزلوا منزلة المنكرين لاعتقادهم القائلين وهم الكفار إن الرسول لا يكون بشرا مع إصرار الرسالة والبشرية فقلبوا الحكم وقالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا: أي مقصورون على البشرية ليس لكم وصف الرسالة التي تدعونها، فإن قيل قد اعترف المخاطبون بكونهم مقصورين على البشرية حيث قالوا إن نحن إلا بشر مثلكم فكأنهم سلموا انتفاء الرسالة عنهم، فجوابه أن قولهم ذلك من باب مجاراة الخصم بتسليم بعض مقدماته ليعثر حيث يراد تبكيته وإلزامه لا لتسليم انتفاء الرسالة فكأنهم قالوا ما ادعيتم من كوننا بشرا حق لا ننكره ولكن هذا لا ينافي أن يمن الله تعالى علينا بالرسالة، وأما إنما فالأصل فيها أن تستعمل فيما لا ينكره المخاطب كما أفصحت به في النظم كقولك إنما زيد أخوك لمن يعلم ذلك ويقربه ترقيقا عليه وقد ينزل المجهول منزلة المعلوم لإدعاء ظهوره فيستعمل له إنما نحو: إنما نحن مصلحون ادعوا أن ذلك أمر ظاهر من شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره ولذلك جاء رده مؤكدا بأن والجملة الاسمية وتعريف الخبر وتوسيط ضمير الفصل وتصدير الكلام بحرف التنبيه الدال على مضمون الكلام مما له خطر في قوله ألا أنهم هم المفسدون، ثم عقب بما يدل على التقريع والتوبيخ وهو قوله ولكن لا يشعرون، ثم نبهت على أن إنما لها مزية على العطف لأنه يعلم منها الحكمان أي الإثبات للمذكور والنفي عن غيره معا بخلاف العطف فإنه يعلم فيه أولا الإثبات ثم النفي أو عكسه ويشاركه إنما في ذلك التقديم كما بينته من زيادتي وأحسن مواقعها التعريض نحو إنما يتذكر أولوا الألباب فإنه تعريض بذم الكفار وأنهم في حكم البهائم
[شرح عقود الجمان: 46]
الذين لا يتذكرون وقوله، وإنما يعذر العشاق من عشقا، عرض أن الواشي لو ابتلى ببلوى العاشق لعذره.
يجيء بين مبتدأ وخبر = والفعل مع تعلق لا المصدر
وأخرن ما عليه قد قصر = مستثنيا مع الأداة وندر
تقديم هذين لئلا يلزما = قصر الصفات قبل أن تتمها
وأخرن في إنما لئلا = يعرض لبس غير مثل إلا
في القصر والمنع من الجمع للا = وإنما جاء القصر في الذي خلا
لأن نفي فارغ الاستثناء = موجه إلى الذي يستثنى
منه مقدر وعاما ناسبا = تاليه جنسا فإذا ما أوجبا
شيء بإلا منه جاء قطعا = ووضع ذي هنا أتم صنعا
القصر بين المبتدأ والخبر كما تقدم والفعل والفاعل نحو ما قام إلا زيد والفاعل والمفعول نحو ما ضرب زيدا إلا عمرا أو ما ضرب عمرا إلا زيدا والمفعولين نحو ما أعطيت زيدا إلا درهما وسائر المتعلقات كالحال والظروف، قال تعالى- وأرسلناك للناس رسولا- قدم المجرور واللام للاستغراق مريدا به قصر قلب ردا لزعم اليهود اختصاص بعثه بالعرب فلا يحمل على العهد لئلا يختص بهم ولا الجنس لئلا يخرج الجن، نعم لا يقع بين الفعل والمصدر المؤكد بالإجماع ذكره السبكي وردته في النظم فلا يقال ما ضربت إلا ضربا، وإما قوله تعالى- إن نظن إلا ظنا- فتقديره ظنا ضعيفا ثم إن المقصور عليه يؤخر مع كلمة الاستثناء عن المقصور فاعلا كان أو مفعولا أم غيرهما كما تقدم وكقول لبيد:
لو خير المنبر في شأنه = ما اختار إلا منكم فارسا
إذ لو أخر منكم صار الاختصاص في فارس وليس المراد وندر تقديم المقصور عليه والأداة على المقصور نحو:
فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا = عشية لاقينا جذاما وحميرا
وإنما كان ذاك نادرا لاستلزامه قصر الصفة قبل تمامها كالضرب الصادر من زيد في ما ضرب زيد إلا عمرا والواقع على عمرو في ما ضرب عمرا إلا زيدا وأما إنما فلا يجوز في القصر بها تقديم المقصور عليه على غيره أصلا لقصد الإلباس كما إذا قلنا في إنما ضرب زيدا عمرا إنما ضرب عمرا زيدا بخلاف النفي والاستثناء فإنه لا إلباس فيه فما يندر هناك لا يجوز هنا أصلا ثم نبهت على أن غير كإلا في إفادة القصر الإفرادي والقلبي والتعييني صفة وموصوفا وامتناع مجامعة لا لأنها حرف استثناء فلا يعطف عليها بلا يقال ما زيد غير شاعر ولا كاتب ولا ما شاعر غير زيد ولا عمرو وقولي: إنما جاء القصر إلى آخره: أي وجه الخصر في النفي والاستثناء بأن الاستثناء المفرغ لابد أن يتوجه المنفي فيه إلى مقدر وهو مستثنى منه لأن الاستثناء إذا خرج فيحتاج إلى مخرج منه والمراد التقدير، المعنوي لا الصناعي ولابد أن يكون عاما لأن الإخراج لا يكون إلا من عام ولابد أن يكون مناسبا للمستثنى في جنسه مثل ما قام إلا زيد: أي أحد وما أكلت إلا تمرا: أي مأكولا ولابد أن يوافقه في صفته أي إعرابه وحينئذ يجب القصر إذا أوجب منه شيء بإلا ضرورة ببقاء ما عداه على صفة الانتفاء وهذا الكلام وقع التلخيص بين تأخير المقصور عليه في إلا وتأخيره في إنما ولا محل له كما نبه عليه السبكي ولذا توهم بعض شارحيه أنه علة للتأخي لما رآه فاصلا بين بعض الكلام وبعض قال السبكي
[شرح عقود الجمان: 47]
لكن هذا لا يظهر علة لذلك بل يظهر أنه علة لحصول القصر ولذا أخرته في النظم ونبهت عليه بقولي:
* ووضع ذي هنا أتم صنعا *

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الباب, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir