النوع الخامس والسادس: النهاري والليلي
الأول كثير وللثاني أمثلة لم يستوفها البلقيني، أحدها: آية القبلة ففي الصحيحين: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آتٍ فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن.
ثانيها: ولم أر من ذكره: خواتيم سورة البقرة، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سدرة المنتهى. الحديث وفيه فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئاً (المقحمات) وقد أعطي الصلوات ليلة الإسراء فالظاهر أنه أعطي الأخرى ليلتئذ. لكن الأحاديث في الصحيح في بيان نزولها عن ابن عباس – رضي الله عنه – وغيره تحالف هذا ويجمع بين ذلك بأنها نزلت بعد إعطائه إياها ليلة الإسراء.
ثالثها: {والله يعصمك من الناس} فقد روى الحاكم والترمذي عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية: {والله يعصمك من الناس} فأخرج رأسه من القبة فقال لهم: ((يا أيها الناس: انصرفوا فقد عصمني الله))، وهذه الآية مثال للفراشي أيضاً.
رابعها: سورة الأنعام بكمالها فقد روى أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً جملة.
خامسها: آية الثلاثة الذين خلفوا – ففي الصحيحين من حديث كعب فأنزل الله توبتنا حين بقي الثلث الأخير من الليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة.
سادسها: روى الترمذي من حديث أنس أن هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة وقال: حسن صحيح، وظاهره أنها نزلت في ذلك الوقت.
سابعها: آية الإذن في خروج النسوة في الأحزاب، قال البلقيني: والظاهر أنها: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك} الآية.
ففي البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه ليتعشى وفي يده عرق فقلت: يا رسول الله خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر: كذا وكذا، فأوحى الله إليه وإن العرق في يده ما وضعه فقال: ((إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)).
قال البلقيني: وإنما قلنا إن ذلك كان ليلاً لأنهن إنما كن يخرجن للحاجة ليلاً كما في الصحيحين عن عائشة في حديث الإفك.
ثامنها: سورة الفتح كما تقدم، وبينا أنها لم تنزل كلها ليلاً، وفي بعض الأحاديث أنها إلى: {صراطاً مستقيماً}.
تاسعها: سورة المنافقين كما تقدم.
فرع: ومنه ما نزل بين الليل والنهار في وقت الصبح ويصلح أن يجعل نوعاً مستقلاً، ويحضرني منه مثالان:
الأول: {ليس لك من الأمر شيء} فقد تقدم أنها نزلت وهو في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح.
الثاني: آية من الفتح، فقد روى مسلم والترمذي وغيرهما عن أنس أن ثمانين هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الصبح يريدون أن يقتلوه فأخذوا أخذاً فأعتقهم فأنزل الله: {وهو الذي كف أيديهم عنكم..} الآية.