(1) وهذا لا شَكَّ فيه؛ لأنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالهُدَى ودِينِ الحقِّ.
والهُدَى: هو العلمُ النافعُ والأخبارُ الصادقةُ.
ودينُ الحقِّ: هو الأعمالُ الصالحةُ والشرائعُ المستقيمةُ.
فبَعَثَه اللَّهُ بالعلمِ والعملِ، بَعَثَه اللَّهُ بالأخبارِ عمَّا مَضَى مِن الأمورِ العظيمةِ، وبَعَثَه اللَّهُ بأعمالٍ شرعِيَّةٍ وشَرَائِعَ عادِلَةٍ يَسِيرُ عليها العِبَادُ، كما بَعَثَه بالإيمانِ بالمَبْدَأِ والمَعَادِ، وهو الإيمانُ باللَّهِ واليومِ الآخِرِ.
فالإيمانُ باللَّهِ: يَشْمَلُ الإيمانَ بالمبدأِ، وهو الإيمانُ بأنَّ اللَّهَ هو ربُّ الجميعِ وإلهُ الجميعِ، وهو المعبودُ بالحقِّ سبحانه وتعالى.
والإيمانُ باليومِ الآخِرِ: يَشْمَلُ الإيمانَ بالمعَادِ بالآخرةِ وما يكونُ فيها من أهوالٍ في يومِ القيامةِ، وما يُنْتَهَى بعدَ ذلك إليه مِن أمرِ الجنَّةِ والنَّارِ.
فجَمَعَ بينَ هذا وهذا؛ بينَ المبدأِ والمعادِ؛ الإيمانِ باللَّهِ وما شَرَعَ لهم مِن الدِّينِ، وما أخْبَرَ به عن مآلِ الماضِينَ، واليومِ الآخرِ، وما يكونُ فيه مِن الأمورِ العظيمةِ، التي تَنْتَهِي بعدَ ذلك بدخولِ أهلِ الجنَّةِ الجنَّةَ، وأهلِ النَّارِ النَّارَ، هذا كلُّه جاءَ به عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فعلى أتباعِه الإيمانُ بهذا وهذا، الإيمانُ بالمبدأِ والأخبارِ التي أخْبَرَ بها، وهي الهدَى، والإيمانُ باليومِ الآخِرِ وما بعدَه مِن الأهوالِ، وما يكونُ هناكَ إلى انتهاءِ أمرِ العالَمِ بدخولِ الجنَّةِ أو النَّارِ، وبهذا يَنْتَهِي أمرُ العالَمِ.
(2) يعني: في السُّهُولَةِ عليه جلَّ وعلا؛ فإنَّه سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} كلُّ شيءٍ سَهْلٌ عليه , يَسِيرٌ جَلَّ وعلا، {مَا خَلْقُكُمْ} هذا المَبْدَأُ، {وَلاَ بَعْثُكُمْ} هذه النهايةُ. واللَّهُ المُسْتَعَانُ.