دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الفتوى الحموية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 29 صفر 1435هـ/1-01-2014م, 08:03 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي شرح الشيخ يوسف بن محمد الغفيص

[وروى أبو القاسم الأزجي بإسناده عن مطرف بن عبد الله قال: سمعت مالك بن أنس إذا ذكر عنده من يدفع أحاديث الصفات يقول: قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولاة الأمر بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله ليس لأحد من خلق الله تعالى تغييرها، ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.
وروى الخلال بإسناد كلهم أئمة ثقات عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق.
وهذا الكلام مروي عن مالك بن أنس تلميذ ربيعة بن أبي عبد الرحمن من غير وجه.
منها: ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني وأبو بكر البيهقي عن يحيى بن يحيى قال: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله! {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء! ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة؛ وما أراك إلا مبتدعاً.
فأمر به أن يُخرَج].

هذا القاعدة التي ذكرها مالك رحمه الله وغيره مطردة، ويظهر فيها أن السلف رحمهم الله لا يتكلمون في التأويل ولا يتكلمون في التشبيه ولا يتكلمون في التفويض الذي هو التجهيل، وهذا صريح بقول مالك: الاستواء غير مجهول.
فلو كان مفوضاً فإن التفويض إما أن يكون في الكيفية أو يكون في المعنى، ولو كان الجميع مفوضاً -كما يقول المفوضة- لما خص مالك الجهل بمسألة الكيفية، فإنه قال: الكيف غير معقول.
فلو أن مالكاً فقط قال: الكيف غير معقول.
لأخذنا من هذا الحرف أن المعنى من حيث هو معلوم؛ لأنه خص القدر الزائد بالنفي فدل على إثبات ما دونه، إذاً: كيف ومالك فصّل فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول؟ فهذا التفصيل تفصيل قاطع، ولهذا من يذكر جملة مالك رحمه الله هذه، ويستدل بها على طريقة التفويض فهذا تأخر في العقل، فأين حرف التوقف فيها؟؟ إذاً: قول مالك رحمه الله: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول يدل على أن المعنى من حيث هو معلوم، وهو معنى لائق بجلال الله سبحانه وتعالى.
[فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب موافق لقول الباقين: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة.
ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه -على ما يليق بالله- لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف.
فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حرف المعجم.
وأيضاً: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم من اللفظ معنى؛ وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.
وأيضاً: فإن من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج إلى أن يقول: بلا كيف.
فمن قال: إن الله ليس على العرش.
لا يحتاج أن يقول: بلا كيف].

أي: أن الشيء إذا كان ممتنعاً من أصله لا تحتاج في العقل والخطاب -أياً كان المخاطب- إلى التصريح بنفي القدر الزائد.
ولنفرض لذلك مثالاً مناسباً قريباً، من أراد أن يقول: إن زيداً ليس في المسجد، لا يحتاج إلى أن يقول: إن زيداً ليس قائماً في المسجد؛ لأنه من الأصل ليس موجوداً، فإذا خصص النفي بنفي قدر معين زائد على أصل الوجود أو أصل المعنى أو أصل الثبوت دل على أن ما دونه ثابت.
إذاً السلف لما صرحوا بنفي العلم بالكيفية دل على أن ما دون الكيفية -وهو العلم بأصل المعنى- معلوم اللفظ.
[فلو كان من مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف].
سبحان الله هي فطرة! لكن التأويل يلحقها، ولهذا ترى أن المتكلم ممن ينفي غضب الله إذا دعا على اليهود قال: اللهم أنزل عليهم غضبك.
فترى أن الفطرة تقرر هذه المعاني من الصفات، وإذا سأل الله لنفسه أو للمسلمين قال: اللهم إني أسألك رحمتك وهلم جرا، فترى أن الفطرة تستقر على هذا، ولهذا ما ترك العامة من المسلمين على ظاهر القرآن إلا ولم يتأثروا فيه، ولهذا يضاف عوام المسلمين بأمصارهم إلى أهل السنة والجماعة، ولو كان يختص بهذا المصر من هم من علماء المعتزلة أو الأشاعرة إلى غير ذلك.
وبهذا يتبين أن ما يردده البعض أحياناً من أن علماء الأشاعرة هم جمهور علماء الأمة، أو أن الأشاعرة هم جمهور الأمة، ويقصد بذلك استنكار القول عنهم: أنهم مبتدعة أو ضلال وقعوا في ضلال عن الحق باطل وخطأ، وإن كان الأشاعرة أصابوا في مسائل كثيرة ووافقوا السنة في مسائل كثيرة، لكنهم ليسوا موافقين للسنة موافقةً محضة، فهم كما قال شيخ الإسلام: أقرب الطوائف الكلامية إلى مذهب أهل السنة والجماعة.
وذلك لأن علماء الأمة -وأخصهم الصحابة رضي الله عنهم، وعنهم انتشر العلم في الأرض، وأئمة التابعين ومن بعدهم أهل القرون الثلاثة الفاضلة- ليس فيهم أشعري، بل هؤلاء ظهروا قبول ظهور مدرسة أبي الحسن الأشعري، كذلك سواد المسلمين في عصورهم من العامة وأمثالهم يضافون إلى أهل السنة والجماعة؛ إلا من تلبس من العامة ببدع الأئمة كما يوجد في بعض الطوائف، ولا سيما من الطوائف المتشيعة وأمثالها.
[وأيضاً: فإن من ينفى الصفات الخبرية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج إلى أن يقول: بلا كيف، فمن قال: إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان من مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف.
وأيضاً فقولهم: أمروها كما جاءت.
يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظها دالة على معاني؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا ألفاظها.
مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا ألفاظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ بلا كيف؛ إذ نفي الكيف عن ما ليس بثابت لغو من القول].

نفي الكيف عما ليس بثابت من جهة نصه أو معناه لغو من القول؛ لأنه تخصيص للقدر الزائد بالنفي في أمر منتف من أصله، هذا لا يكون، بل هو لون منه.
النقولات التي نقلها المصنف يمكن تقسيمها على أصناف: 1 - صنف منها عن السلف.
2 - صنف منها عن بعض علماء الكلام الكبار.
3 - صنف منها عن كبار الفقهاء في المذاهب الأربعة -كبار أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة وغير ذلك- 4 - صنف منها عن قوم من متأخري المتكلمين، تبين لهم غلط طريقتهم الأولى كـ الجويني.
والمصنف هنا لا يريد أن يقرر عقيدة أهل السنة بهذه النقولات كلها، حيث إن من أصحاب هذه النقولات من لا يعتبر في تقرير اعتقاد السلف، لكن مقصوده منها أن يبين أن الطريقة التي حققها هو وقررها هو ومن قبله من علماء أهل السنة ليست كما قال كثير من متأخري الأشاعرة أنها مختصة بالحنابلة، بل هي طريقة شائعة في كلام السلف -الذين هم المعتبر في هذا الباب- كذلك شائعة في كلام بعض أئمة الكلام.
وهو ينقل عن بعض الصوفية ليبين أن هذا شائع حتى في المتصوفة، خلافاً لطريقة أبي القاسم القشيري وأبي حامد الغزالي.
كذلك ينقل عن الفقهاء ليبين أن هذا ليس اختصاصاً حنبلياً بل هو مشهور عند كبار المالكية، والحنابلة، وأن المحققين من أصحاب الأئمة الأربعة كأئمة أصحاب مالك وأصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة فضلاً عن أصحاب أحمد هم على هذا الاعتقاد، وإن كان الغلط الذي وقع فيه بعض الشافعية والمالكية والحنفية ليس خاصاً بهم، بل من حتى الحنابلة من وقعوا في هذا الغلط.
إذاً الصواب ليس مختصاً بالحنابلة، والغلط ليس مختصاً بالحنابلة، بل فيهم صواب وغلط، وإن كان مذهب الصواب فيهم أكثر من غيرهم.
ومما يشار إليه هنا: أنه في مناظرة الواسطية قال بعض كبار القضاة من فقهاء الشافعية والمالكية للسلطان: ليقل -يعنون شيخ الإسلام - أن هذا معتقد أحمد بن حنبل أو معتقد الحنابلة.
وقد كان شيخ الإسلام استفتح الواسطية بقوله: أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة.
لذلك طرحوا عليه سؤالاً وقالوا: على هذا يكون اعتقاد أئمة الأشعرية الذين ماتوا قبله ليسوا من أهل الفرقة الناجية ولا المنصورة وأنهم في النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كلها في النار إلا واحدة).
مما ينبه إليه هنا أنه ينبغي لطالب العلم ولا سيما الناظر في مسائل الاعتقاد واختلاف الإسلاميين أن يعي أن تقرير المقالة بقوة وأنها مخالفة للسلف أو مخالفة للكتاب والسنة حتى لو قال: إن المقالة كفرية إذا كانت كذلك في الشرع.
فإن هذا لا يعني أن يكون الأخذ بنفس القوة لأصحابها، فإن هناك فرقاً بين المقالة وبين قائلها، فأنت تأخذ المقالة بقوة، لكن إذا جئت إلى صاحبها فكذلك يجب أن تلتزم بلوازم الشرع وتأخذها بقوة، أي: تأخذ بالقوة الشرعية التي هي العدل الشرعي.
ولهذا كان جواب شيخ الإسلام على هذا السؤال أن قال: أنا أقول: من اعتقد هذا الاعتقاد -يعني: الذي كتبه في الواسطية- فإنه يكون ناجياً عند الله؛ لأنه الاعتقاد المذكور في القرآن والحديث، وأنا أنذر من خالفه ثلاث سنين أن يأتوا بجملة من الكتاب أو السنة أو كلام أئمة السلف -الأئمة الأربعة أو غيرهم- مخالفة لما ذكرت.
ثم قال: وأما من لم يعتقد هذا الاعتقاد وإنما اعتقد في بعضه -غلط في بعض- كما وقع فيه أئمة الأشعرية وغيرهم فإن هذا لا يقال فيه: إنه يكون ممن هم في النار.
بل هذا أمره إلى الله.
وهذا الحكم يناء على أصل ذكره في درء التعارض وغيره، وهو: أن كل من أراد الحق واجتهد في طلبه من جهة الرسول فأخطأه فإن خطأه مغفور له.
فالشرط الأول: أنه أراد الحق.
الشرط الثاني: أنه اجتهد في طلبه.
الشرط الثالث: من جهة الرسول لا من جهة قائله: فأخطأ فإن خطأه مغفور له.
أي: من اجتمعت فيه الشروط الثلاثة.
فالشرط الأول: وهو أن يكون مراده الحق.
فإذا ترك هذا كان كافراً؛ فإن من أراد الباطل في صفات الله يكون كافراً، وكثير من أهل البدع كما يقول شيخ الإسلام: وأهل القبلة المخالفون للسلف في هذا الباب هم في الجملة مريدون للحق وإن كانت إرادتهم يدخلها شيء من التقصير والقصور.
كإرادة نصرة المذهب، والعناية بالانتصار للأصحاب، وهذا نقص في الإخلاص والإرادة.
قوله: واجتهد في طلبه.
يقول: هم في الجملة مقصرون في الاجتهاد في طلب الحق.
فمن أعرض عن أخذ الهدى من القرآن إعراضاً فإنه يكون كافراً، لكن لو قصر في طلبه فإنه يكون ظالماً لنفسه.
وقوله: من جهة الرسول أي أن الخطأ يغفر إذا كان الاجتهاد يرجع إلى القرآن والسنة، أما إذا كان أعرض عن الكتاب والسنة واتخذ العلوم الفلسفية منهجاً له -كما هي طريقة أبي يعقوب السجستاني وأمثاله من غلاة الباطنية- فإن هذا لا يصار فيه إلى هذا الكلام.
ولهذا لا يتوهم متوهم فيقول -مثلاً-: بعض النصارى الآن يظنون أنهم على الحق.
فيقال: لأنهم لم يجتهدوا فيه من جهة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يريدوا الحق إرادةً صحيحة، بل مقصودهم الانتصار لدينهم، وهم يعرفون ما فيه من الآيات الدالة على تعدد النبوة بعدهم، أي: ليس في دين النصارى ولا في دين اليهود أن دينهم خاتم الأديان، بل فيه تصريح بذكر النبوات بعدهم.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
3, ما

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإمام مالك بن أنس علي بن عمر سير العلماء 0 13 جمادى الأولى 1431هـ/26-04-2010م 09:39 PM


الساعة الآن 11:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir