دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 03:49 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الضمير المستتر


ومِنْ ضَميرِ الرفْعِ ما يَسْتتِرُ = كافعَلْ أُوَافِقْ نَغتبطْ إذْ تَشْكُرُ


  #2  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 03:50 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي منحة الجليل على شرح ابن عقيل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد

ومِن ضميرِ الرفعِ ما يَسْتَتِرُ =كافْعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكُرُ(1)
يَنْقَسِمُ الضميرُ إلى مُسْتَتِرٍ وبَارِزٍ (2) والمُسْتَتِرُ إلى واجبِ الاستتارِ وجائِزِه، والمرادُ بواجبِ الاستتارِ: ما لا يَحِلُّ مَحَلَّه الظاهرُ، والمرادُ بجائزِ الاستتارِ: ما يَحِلُّ مَحَلَّهُ الظاهِرُ.

وذكَرَ المصنِّفُ في هذا البيتِ مِن المواضعِ التي يَجِبُ فيها الاستتارُ أربعةً:
الأوَّلُ: فِعْلُ الأمرِ للواحدِ المخاطَبِ، كافْعَلْ، التقديرُ: أنتَ، وهذا الضميرُ لا يَجُوزُ إبرازُه؛ لأنَّه لا يَحِلُّ مَحَلَّهُ الظاهِرُ، فلا تَقُولُ: افْعَلْ زَيْدٌ، فأَمَّا (افْعَلْ أَنْتَ) فأنتَ تأكيدٌ للضميرِ المُسْتَتِرِ في (افْعَلْ)، وليسَ بفاعلٍ لافْعَلْ؛ لِصِحَّةِ الاستغناءِ عنه، فتقولُ: افْعَلْ، فإنْ كانَ الأمرُ لواحدةٍ أو لاثنيْنِ أو لجماعةٍ بَرَزَ الضميرُ، نحوُ: اضْرِبِي واضْرِبَا واضْرِبُوا واضْرِبْنَ.
الثاني: الفعلُ المضارِعُ الذي في أوَّلِهِ الهمزةُ، نحوُ: (أُوَافِقُ)، والتقديرُ: أنا، فإنْ قُلْتَ (أُوَافِقُ أنا) كانَ (أنا) تأكيداً للضميرِ المُستتِرِ.
الثالثُ: الفعلُ المضارِعُ الذي في أوَّلِه النونُ، نحوُ: (نَغْتَبِطُ)؛ أي: نحنُ.
الرابِعُ: الفِعْلُ المضارِعُ الذي في أوَّلِه التاءُ لخِطَابِ الواحدِ، نحوُ: (تَشْكُرُ)؛ أي: أنتَ، فإنْ كانَ الخِطَابُ لواحدةٍ أو لاثنيْنِ أو لجماعةٍ بَرَزَ الضميرُ، نحوُ: أنتِ تَفْعَلِينَ، وأنتما تَفْعَلاَنِ، وأنتم تَفْعَلُونَ، وأَنْتُنَّ تَفْعَلْنَ.
هذا (3) ما ذَكَرَه المُصَنِّفُ مِن المواضعِ التي يجبُ فيها استتارُ الضميرِ، ومثالُ جائزِ الاستتارِ: زيدٌ يقومُ؛ أي: هو، وهذا الضميرُ جائزُ الاستتارِ؛ لأنَّه يَحِلُّ مَحَلَّه الظاهرُ، فتقولُ: زَيْدٌ يَقُومُ أبوه، وكذلك كلُّ فِعْلٍ أُسْنِدَ إلى غائبٍ أو غائبةٍ، نحوُ: هِنْدٌ تَقُومُ، وما كانَ بمعناه؛ نحوُ: زيدٌ قائمٌ؛ أي: هو.
([1]) (مِن ضَمِيرِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٍ مقدَّمٍ، وضميرِ مضافٌ، و(الرَّفْعِ) مضافٌ إليه، (مَا) اسمٌ موصولٌ مبتدأٌ مؤخَّرٌ، مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعٍ، (يَسْتَتِرُ) فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى ما، والجملةُ لا مَحَلَّ لها؛ صِلَةُ ما، (كافْعَل) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، والجارُّ والمجرورُ يَتَعَلَّقُ بمحذوفٍ خبرٍ لمبتدأٍ محذوفٍ، والتقديرُ: وذلكَ كائنٌ كقولِكَ. وافْعَلْ: فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (أُوَافِقْ) فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ في جوابِ الأمرِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجوباً تقديرُه أنا، (نَغْتَبِطْ) بَدَلٌ مِن أُوَافِقْ، (إذ) ظرفٌ وُضِعَ للزمنِ الماضِي، ويُسْتَعْمَلُ مجازاً في المستقبَلِ، وهو مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (نَغْتَبِطْ) مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نصبٍ، (تَشْكُرُ) فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجوباً تقديرُه أنتَ، والجملةُ في محلِّ جرٍّ بإضافةِ إذ إليها.
([2]) المنقسِمُ هو الضميرُ المتَّصِلُ، لا مُطْلَقُ الضميرِ، والمرادُ بالضميرِ البارِزِ ما له صُورةٌ في اللفظِ حقيقةً، نحوُ: التاءِ والهاءِ في أَكْرَمْتُهُ، والياءِ في ابْنِي، أو حُكماً؛ كالضميرِ المتَّصِلِ المحذوفِ مِن اللفظِ جوازاً في نحوِ قولِكَ: جاءَ الذي ضَرَبْتُ؛ فإنَّ التقديرَ: جاءَ الذي ضَرَبْتُهُ، فحُذِفَتِ الهاءُ من اللفظِ وهي مَنْوِيَّةٌ؛ لأنَّ الصلةَ لا بُدَّ لها من عائدٍ يَرْبُطُها بالموصولِ، ومِن هنا تَعْلَمُ أنَّ البارزَ يَنْقَسِمُ إلى قِسميْنِ: الأوَّلُ: المذكورُ, والثاني: المحذوفُ.
والفرقُ بينَ المحذوفِ والمُسْتَتِرِ من وجهيْنِ:
الأوَّلُ: أن المحذوفَ يُمْكِنُ النطقُ به، وأمَّا المُسْتَتِرُ فلا يُمْكِنُ النطقُ به أصلاً، وإنَّما يَسْتَعِيرُونَ له الضميرَ المنفصِلَ ـ حِينَ يقولون: مُسْتَتِرٌ جوازاً تقديرُه هو، أو يقولون: مُسْتَتِرٌ وجوباً تقديرُه أنا أو أنتَ ـ وذلكَ لقصدِ التقريبِ على المتعلِّمينَ، وليسَ هذا هو نفسَ الضميرِ المُسْتَتِرِ على التحقيقِ.
والوجهُ الثاني: أنَّ الاستتارَ يَخْتَصُّ بالفاعلِ الذي هو عُمْدَةٌ في الكلامِ، وأمَّا الحذفُ فكثيراً ما يَقَعُ في الفَضَلاَتِ، كما في المفعولِ به في المثالِ السابقِ، وقد يَقَعُ في العُمَدِ في غيرِ الفاعلِ؛ كما في المبتدأِ، وذلك كثيرٌ في العربيَّةِ، ومِنه قولُ سُوَيْدِ بنِ أبي كاهِلٍ اليَشْكُرِيِّ، في وصفِ امرئٍ يُضْمِرُ بُغْضَه:
مُسْتَسِرُّ الشَّنْءِ لَوْ يَفْقِدُنِي لَبَدَا مِنْهُ ذُبَابٌ فَنَبَعْ
يريدُ: هو مُسْتَسِرُّ البُغْضِ، فحَذَفَ الضميرَ؛ لأنَّه معروفٌ يَنْسَاقُ إلى الذِّهْنِ، ومثلُ ذلكَ أكثرُ مِن أنْ يُحْصَى في كلامِ العربِ.
([3]) وبَقِيَتْ مواضِعُ أُخْرَى يَجِبُ فيها استتارُ الضميرِ:
الأوَّلُ: اسمُ فِعْلِ الأمرِ، نحوُ: صَهْ، ونَزَالِ. ذَكَرَه في (التسهيلِ).
والثاني: اسمُ فعلِ المضارِعِ، نحوُ: أُفٍّ وأَوْهِ. ذَكَرَه أبو حَيَّانَ.
والثالثُ: فِعْلُ التعجُّبِ، نحوُ: ما أَحْسَنَ مُحَمَّداً.
والرابعُ: أَفْعَلُ التفضيلِ، نحوُ: مُحَمَّدٌ أفضلُ مِن عَلِيٍّ.
والخامسُ: أفعالُ الاستثناءِ، نحوُ: قَامُوا ما خَلا عَلِيًّا، أو ما عَدَا بكراً، أو لا يكونُ مُحَمَّداً. زادَهَا ابنُ هِشامٍ في (التوضيحِ) تَبَعاً لابنِ مالكٍ في بابِ الاستثناءِ مِن التسهيلِ، وهو حقٌّ.
السادسُ: المصدرُ النائبُ عن فعلِ الأمرِ، نحوُ قولِ اللهِ تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}، وأمَّا مرفوعُ الصفةِ الجاريَةِ على مَن هي له فجائزُ الاستتارِ قطعاً، وذلكَ نحوُ: (زيدٌ قائمٌ) ألا تَرَى أنَّكَ تقولُ في تركيبٍ آخرَ: (زيدٌ قائمٌ أَبُوه) وقد ذَكَرَه الشارحُ في جائزِ الاستتارِ، وهو صحيحٌ، وكذلكَ مرفوعُ نِعْمَ وبِئْسَ، نحوُ: (نِعْمَ رَجُلاً أبو بَكْرٍ، وبِئْسَتِ امرأةً هِنْدٌ) وذلكَ لأنكَ تقولُ في تركيبٍ آخرَ: (نِعْمَ الرجلُ زيدٌ، وبِئْسَتِ المرأةُ هِنْدٌ).


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وَيَنْقَسِمُ المُسْتَتِرُ إِلَى مُسْتَتِرٍ وُجُوباً، وَهُوَ مَا لا يَخْلُفُهُ ظَاهِرٌ وَلا ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ، وَهُوَ المرفوعُ بِأَمْرِ الْوَاحِدِ، كـ (قُمْ) أَوْ بِمُضَارِعٍ مَبْدُوءٍ بِتَاءِ خِطَابِ الْوَاحِدِ، كـ (تَقُومُ) أَوْ بِمُضَارِعٍ مَبْدُوءٍ بالهمزةِ، كـ (أَقُومُ) أَوْ بِالنُّونِ، كـ (نَقُومُ) أَوْ بِفِعْلِ اسْتِثْنَاءٍ، كـ (خَلا، وَعَدَا، وَلا يَكُونُ) فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: (قَامُوا مَا خَلا زَيْداً، وَمَا عَدَا عَمْراً، وَلا يَكُونُ زَيْداً، وَمَا عَدَا عَمْراً، وَلا يَكُونُ زَيْداً) أَوْ بِأَفْعَلَ فِي التَّعَجُّبِ أَوْ بِأَفْعَلِ التفضيلِ: كـ (مَا أَحْسَنَ الزَّيْدَيْنِ) وَ {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً} ([1])، أَوْ بِاسْمِ فِعْلٍ غَيْرِ مَاضٍ، كـ (أَوَّهْ، وَنَزَالِ) ([2]).
وَإِلَى مُسْتَتِرٍ جَوَازاً، وَهُوَ مَا يَخْلُفُهُ ذَلِكَ، وَهُوَ المرفوعُ بِفِعْلِ الْغَائِبِ أَو الغَائِبَةِ، أَو الصِّفَاتِ المَحْضَةِ، أَو اسْمِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، نَحْوُ (زَيْدٌ قَامَ، وَهِنْدٌ قَامَتْ، وَزَيْدٌ قَائِمٌ، أَوْ مَضْرُوبٌ، أَوْ حَسَنٌ، وَهَيْهَاتَ)، أَلا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ (زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ) أَوْ (مَا قَامَ إِلاَّ هُوَ) وَكَذَا الْبَاقِي؟!
تَنْبِيهٌ: هَذَا التقسيمُ تَقْسِيمُ ابْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ يَعِيشَ وَغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ ([3])؛ إِذ الاسْتِتَارُ فِي نَحْوِ: (زَيْدٌ قَامَ) وَاجِبٌ، فَإِنَّهُ لا يُقَالُ: (قَامَ هُوَ) عَلَى الفَاعِلِيَّةِ، وَأَمَّا (زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ) أَوْ (مَا قَامَ إِلاَّ هُوَ) فَتَرْكِيبٌ آخَرُ، وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ: يَنْقَسِمُ الْعَامِلُ إِلَى مَا لا يَرْفَعُ إِلاَّ الضَّمِيرَ المُسْتَتِرَ: كَأَقُومُ، وَإِلَى مَا يَرْفَعُهُ وَغَيْرَهُ: كَقَامَ.


([1]) سُورَةُ مَرْيَمَ، الآيَةُ: 74.
([2]) هَهُنَا أَمْرَانِ أُحِبُّ أَنْ أُنَبِّهُكَ إِلَيْهِمَا:
الأَمْرُ الأَوَّلُ: أَنَّهُ بَقِيَ مِمَّا يَسْتَتِرُ وُجُوباً الضميرُ المرفوعُ بِالْمَصْدَرِ النَّائِبِ عَنْ فِعْلِهِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}، وَأَيْضاً الضميرُ المُسْتَتِرُ فِي (نِعْمَ وَبِئْسَ) المُفَسَّرُ بِنَكِرَةٍ، نَحْوَ (نِعْمَ قَوْماً مَعْشَرُهُ)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً}، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ هَذَا الضميرَ لا يَجُوزُ إِظْهَارُهُ.
والأمرُ الثاني: أَنَّ أَفْعَلَ التفضيلِ قَدْ يَرْفَعُ الاسمَ الظاهرَ فِي المسألةِ الَّتِي سَمَّوْهَا مَسْأَلَةَ الكُحْلِ، وَقَدْ يَرْفَعُ الضميرَ البارزَ فِي لغةِ بَعْضِ الْعَرَبِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: رَأَيْتُ رَجُلاً أَحْسَنَ مِنْهُ أَنَا.
([3]) وَجْهُ هَذَا الاعتراضِ أَنَّ المُؤَلِّفَ فَهِمَ فِي قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَابْنِ يَعِيشَ فِي تَعْرِيفِ الضميرِ المُسْتَتِرِ (المُسْتَتِرُ جَوَازاً هُوَ مَا يَخْلُفُهُ الظاهرُ أَو الضميرُ المُنْفَصِلُ) - أَنَّ أَحَدَهُمَا يَخْلُفُهُ فِي تَأْدِيَةِ مَعْنَاهُ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُرَادِهِمَا؛ بَلْ مُرَادُهُمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا يَخْلُفُ المُسْتَتِرَ جَوَازاً فِي رَفْعِ العاملِ إِيَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ المَعْنَى وَاحِداً، وَبِهَذَا يَنْحَلُّ اعْتِرَاضُهُ وَيَصِيرُ مُوَافِقاً لِمَا ذَكَرَ هُوَ أَنَّهُ التحقيقُ.


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني

ولمَّا كانَ الضميرُ المتَّصِلُ على نوعين: بارزٍ- وهو ماله وجودٌ في اللفظِ- ومستترٍ- وهو ما ليس كذلك- وقدَّمَ الكلامَ على الأَوَّلِ، شرعَ في بيانِ الثاني بقولِه:

60- وَمِنْ ضميرِ الرفعِ ما يســتَتَرُ = كافعلْ أُوَافِقُ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكـُــرُ
(وَمِنْ ضميرِ الرفعِ) أي: لا النصبِ ولا الجرِّ (ما يستَتِرُ) وجوبًا، أو جوازًا؛ فالأَوَّلُ هو الذي لا يخلُفُه ظاهرٌ ولا ضميرٌ منفصلٌ ، وهو المرفوعُ بأمرِ الواحدِ المخاطَبِ(كافْعَلْ) يا زيدُ، أو بمضارعٍ مبدوءٍ بهمزةِ المتكلِّمِ، مثل: (أُوَافِقُ)، أو بِنُونِ المتكلِّمِ المشارِكِ أو المعُظَمِّ نفسِه مثل (نَغْتَبِطْ)، أو بتاءِ المخاطبِ، نحوُ: (إِذْ تَشْكُرُ) أو بفعلِ استثناءٍ كخَلا وعَدَا ولا يكونُ في نحوِ: "قامُوا ما خلا زيدًا"، و"ما عدا عمرًا"، و"لا يكونُ بكرًا"، أو بأفعلِ التعجُّبِ، نحوُ: "ما أحسنَ الزيدينِ" أو بأفعلِ التفضيلِ، نحوُ:{هُمْ أحسنُ أَثَاثًا} أو باسمِ فعلٍ ليس بمعنَى المُضِيِّ: كـ "نَزَالِو"مَهْو"أُفِّ" و"أَوَّهْ"، والثاني: هو الذي يخلُفُه الظاهرُ أو الضميرُ المنفصلُ، وهو المرفوعُ بفعلِ الغائبِ أو الغائبةِ أو الصفاتِ المحضةِ.
قال في (التوضيحِ): هذا تقسيمُ ابنِ مالكٍ وابنِ يعيشَ وغيرِهِمَا، وفيه نظرٌ: إذ الاستتارُ في نحوِ: "زيدٌ قامَ" واجبٌ؛ فإنَّهُ لا يقالُ: "قام هو" على الفاعليَّةِ، وأما "زيدٌ قامَ أبوه" أو "ما قامَ إلا هو" فتركيبٌ آخرُ، والتحقيقُ أنْ يقالَ: ينقسِمُ العاملُ إلى ما لا يَرْفَعُ إلا الضميرَ كأَقُومُ، وإلى ما يرفْعُهما كقَامَ، انتَهَى.
تنبيهٌ : إنما خُصَّ ضميرُ الرفعِ بالاستتارِ لأنَّهُ عمدةٌ يجبُ ذكْرُه، فإنْ وُجِدَ في اللفظِ فذاكَ، وإلا فهو موجودٌ في النيَّةِ والتقديرِ، بخلافِ ضميري النصبِ والجرِّ؛ فإنَّهُما فضلةٌ، ولا داعيَ إلى تقديرِ وجودِهما إذا عدُمِا من اللفظِ.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

الضميرُ المستَتِرُ
60- ومِن ضَميرِ الرفْعِ ما يَستَتِرُ = كافعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إذْ تَشْكُرُ
تَقَدَّمَ أنَّ الضمِيرَ قِسمانِ:
1- بارِزٌ، وقد مَضَى.
2- مُسْتَتِرٌ، وهو الذي لَيسَ له صورةٌ في اللفْظِ، وهو قِسمانِ:
1- واجِبُ الاستتارِ. 2- جائزُ الاستتارِ.
والمرادُ بواجِبِ الاستتارِ: ما لا يَحِلُّ مَحَلَّه اسمٌ ظاهِرٌ، ولا ضميرٌ مُنْفَصِلٌ يَرتَفِعُ بالعامِلِ، مثلُ: أقُومُ بوَاجِبِي نحوَ قَرَابَتِي، فالفاعِلُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجُوباً تقديرُه (أنا)، وهذا الضميرُ لا يَحِلُّ مَحَلَّه اسمٌ ظاهِرٌ، فلا تقولُ: أقومُ خالِدٌ - مَثلاً- ولا ضَميرٌ مُنْفَصِلٌ، فلا تقولُ: أقومُ أنا.
على أنْ يكونَ فاعلاً، بل هو توكيدٌ للضميرِ الْمُسْتَتِرِ.
والاستتارُ الواجبُ يكونُ في عَشَرَةِ مَوَاضِعَ:
1- فِعْلُ الأمْرِ المسنَدِ للواحِدِ؛ كقولِه تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}، بخِلافِ أمْرِ الواحدةِ والمُثَنَّى والجمْعِ؛ فإنَّ الضميرَ يكونُ بارِزاً كما تَقَدَّمَ.
2- معَ الفعْلِ المضارِعِ الذي في أوَّلِه هَمزةُ المُتَكَلِّمِ؛؛ كقولِه تعالى عن العبدِ الصالِحِ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ}.
3- الفعْلُ المضارِعُ الذي في أوَّلِه النونُ؛ كقولِه تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}.
4- الفعْلُ المُضَارِع الذي في أوَّلِه تاءُ خِطابِ الواحِدِ؛ كقولِه تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ}، بخِلافِ المبدوءِ بتاءِ خِطابِ الواحدةِ، نحوُ: أنتِ تُحْسِنِينَ الْحِجابَ، أو المُثَنَّى أو الجمْعِ :فإنَّ الضميرَ يكونُ بَارِزاً، نحوُ: أنتما تَصِلانِ أرحامَكُما، وأنتمْ تَصِلُونَ أرحامَكم، وأَنْتُنَّ تَصِلْنَ أرْحَامَكُنَّ، وهذه الأربعةُ ذَكَرَها ابنُ مالِكٍ.
5- معَ اسمِ فِعْلِ الأمْرِ؛ كقولِه تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، ففي اسمِ الفعْلِ {عَلَيْكُمْ} ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجُوباً تقديرُه: أنتمْ.
6- معَ اسمِ الفعلِ المُضَارِع؛ كقولِه تعالَى: {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ففي اسمِ الفعلِ (أفٍّ) ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ؛ لأَنَّ معناه: أَتَضَجَّرُ؛ أيْ: أنا.
7- معَ فِعْلِ التعَجُّبِ، نحوُ: ما أَحْسَنَ الصِّدْقَ.
8- معَ المصدَرِ النائبِ عن فِعْلِه؛ كقولِه تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}، فإحساناً: مَصدَرٌ منصوبٌ بفِعْلٍ محذوفٍ، وفاعِلُه مُسْتَتِرٌ وُجُوباً تقديرُه: أنتَ؛ لأنه بمعنى: أحْسِنْ.
9- معَ أفعالِ الاستثناءِ، مِثلُ: خَلا، عَدَا، حَاشَا، نحوُ: حَضَرَ الضيوفُ خَلا واحِداً.
10- معَ أدواتِ الاستثناءِ الناسخةِ، مِثلُ: ليسَ؛ كقولِه صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ)) متَّفَقٌ عليه، فاسمُ (ليسَ) ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجُوباً تقديرُه هو.
وأمَّا المُسْتَتِرُ جَوَازاً: فهو الذي يَحِلُّ مَحَلَّهُ الاسمُ الظاهرُ أو الضميرُ المُنفصِلُ، وهو المرفوعُ بفعْلِ الغائبِ؛ كقولِه تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أو الغائبةِ؛ كقولِه تعالَى: {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ}، أو اسمِ الفعلِ الماضي، نحوُ: الصديقُ هَيهاتَ؛ أيْ: بَعُدَ، أو الصفاتِ الْمَحْضَةِ؛ كاسمِ الفاعِلِ؛ كقولِه تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ}، ففي {مُصَدِّقٌ} ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ جَوَازاً تقديرُه (هو) يُعودُ على {رَسولٌ}.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المستتر, الضمير

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir