دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1431هـ/30-09-2010م, 10:39 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة المؤمنون

سورة المؤمنون
من الاية 1 الى الاية 56
(مكيّة)
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
ومن السورة التي يذكر فيها المؤمنون.
قوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون (1)
أي قد نالوا البقاء الدائم في الخير، ومن قرأ قد أفلح المؤمنون.
كان معناه: قد أصيروا إلى الفلاح.
ويروى عن كعب الحبر: أن الله عزّ وجلّ لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء، خلق آدم - صلى الله عليه وسلم - بيده وخلق جنّة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، فقال لجنّة عدن تكلمي فقالت ((قد أفلح المؤمنون) لما رأت فيها من الكرامة لأهلها،
[معاني القرآن: 4/5]
و(المؤمنون) المصدّقون بما أتى من عند اللّه، وبأنه واحد لا شريك له.
وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبيّه
وقوله عزّ وجلّ: (الّذين هم في صلاتهم خاشعون (2)
أصل الخشوع في اللغة الخضوع والتواضع، ودليل ذلك قوله: (وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلّا همسا).
وقال الحسن وقتادة: خاشعون خائفون.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا وقف في صلاته رفع بصره نحو السماء، فلما نزلت (الّذين هم في صلاتهم خاشعون) جعل نظره موضع سجوده..
(والّذين هم عن اللّغو معرضون (3)
اللغو كل لعب وهزل، وكلّ معصية فمطّرحة ملغاة، وهم الذين قد شغلهم الجد فيما أمرهم اللّه به عن اللغو.
وقوله: (والّذين هم للزّكاة فاعلون (4)
معنى (فاعلون) مؤتون.
(والّذين هم لفروجهم حافظون (5)
أي يحفظون فروجهم عن المعاصي.
(إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين (6)
موضع " ما " خفض ودخلت " على " ههنا لأن المعنى أنهم يلامون في إطلاق ما حظر عليهم، (إلّا على أزواجهم فإنهم لا يلامون على ما أحلّ لهم من تزوج أربع، ومن ملك اليمين، والمعنى أنهم يلامون على ما سوى أزواجهم وملك أيمانهم.
[معاني القرآن: 4/6]
(فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (7)
أي فمن طلب ما بعد ذلك.
(فأولئك هم العادون).
ومعنى (العادون) الجائرون الظالمون الذين قد تعدّوا في الظلم.
(والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (8)
ويقرأ لأمانتهم واحدا وجمعا.
(وعهدهم راعون).
أي يقومون على حفظ أمانتهم وعهدهم، يرعون ذلك، وأصل الرّعي في اللغة القيام على إصلاح ما يتولّاه الراعي من كل شيء تقول: الإمام يرعى رعيته، والقيّم بالغنم يرعى غنمه، وفلان يرعى ما بينه وبين فلان، أي يقوم على إصلاح ما بينه وبينه.
(والّذين هم على صلواتهم يحافظون (9)
(والّذين هم على صلاتهم).
وصلواتهم يقرأ أن جميعا.
(يحافظون).
معناه يصلونها لوقتها، والمحافظة على الصلوات أن تصلّى في أوقاتها.
فأمّا الترك فداخل في باب الخروج عن الدّين.
والذين وصفوا بالمحافظة هم الذين يرعون أوقاتها.
(أولئك هم الوارثون (10)
أي من وصف بما جرى من الإيمان والعمل بما يلزم المؤمن أولئك هم الوارثون.
(الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (11)
[معاني القرآن: 4/7]
روي أن اللّه - جل ثناؤه - جعل لكل امرئ بيتا في الجنّة وبيتا في النّار فمن عمل عمل أهل النّار ورث بيته من الجنّة من عمل عمل أهل الجنّة، ومن عمل عمل أهل الجنّة ورث بيته من النار من عمل عمل أهل النّار، والفردوس: أصله رومي أعرب وهو البستان، كذلك جاء في التفسير.
وقد قيل إنّ الفردوس يعرفه العرب، وسمّى الموضع الذي فيه كرم فردوسا.
قال أبو إسحاق: روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه " كتاب التفسير "، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن اللّه عزّ وجلّ، بنى جنّة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل جبالها المسك الأذفر.
وروينا عن غيره أن اللّه - جلّ ثناؤه - كنس جنّة الفردوس بيده، وبناها لبنة من ذهب مصفّى ولبنة من مسك مذرّى، وغرس فيها من جيّد الفاكهة وجيّد الريحان.
قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12)
سلالة: فعالة. فخلق اللّه آدم - عليه السلام - من طين.
وقوله عزّ وجلّ: (ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين (13)
على هذا القول يعني ولد آدم.
وقيل من سلالة من طين، من منيّ آدم - صلى الله عليه وسلم - وسلالة: القليل فيما ينسل. وكل مبنى على فعالة، يراد به القليل.
فمن ذلك الفضالة والنّخالة والقلامة. فعلى هذا قياسه.
وقوله: (ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثمّ أنشأناه خلقا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين (14)
(فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما)
وتقرأ على أربعة أوجه:
أحدها ما ذكرنا. وتقرأ: (فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظم لحما)
ويقرأ: (فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظم لحما)
ويقرأ: (فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما).
والتوحيد والجمع ههنا جائزان، لأنه يعلم أن الإنسان ذو عظام، فإذا ذكر على التوحيد فلأنه يدلّ على
[معاني القرآن: 4/8]
الجمع، ولأنّه معه اللحم، ولفظه لفظ الواحد، فقد علم أن العظم يراد به العظام.
وقد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليل على الجمع ما هو أشدّ من هذا قال الشاعر:
في حلقكم عظم وقد شجينا
يريد في حلوقكم عظام.
وقوله عزّ وجلّ: (ثمّ أنشأناه خلقا آخر).
فيه ثلاثة أقوال: قيل جعل ذكرا أو أنثى، وقيل نفخ فيه الروح.
وقيل أنبت عليه الشعر.
ويروى أن عمر كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت هذه الآية، فقال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر إن الله قد ختم بها الآية.
وقوله: (ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون (15)
ويجوز لمائتون، ويجوز لميتون.
وأجودها (لميّتون)، وعليها القراءة.
وجاءت مائتون لأنها لما يستقبل.
وقوله عزّ وجلّ: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنّا عن الخلق غافلين (17)
يعنى به سبع سموات، فكل واحدة طريقة.
(وما كنّا عن الخلق غافلين)، أي لم نكن لنغفل عن حفظهنّ، كما قال: (وجعلنا السّماء سقفا محفوظا).
وجائز أن يكون (وما كنّا عن الخلق غافلين) أي إنا لحفظنا إيّاهم خلقنا هذا الخلق.
[معاني القرآن: 4/9]
(وأنزلنا من السّماء ماء بقدر فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون (18)
ويروى أن أربعة أنهار من الجنة، دجلة والفرات وسيحان وجيحان.
ومعنى (فأسكنّاه في الأرض) جعلناه ثابتا فيها لا يزول.
وقوله: (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغ للآكلين (20)
(شجرة) منصوب، عطف على قوله: (فأنشأنا لكم به جنّات) أي، وأنشأنا لكم به شجرة.
ويقرأ (من طور سيناء) بفتح السين، وبكسر السين، والطور الجبل، وقيل إن سيناء حجارة، وهو - واللّه أعلم - اسم لمكان.
فمن قال سيناء، فهو على وصف صحراء، لا ينصرف، ومن قال سيناء - بكسر السين - فليس في الكلام على وزن فعلاء على أن الألف للتأنيث، لأنه ليس في الكلام ما فيه ألف التأنيث على وزن فعلاء، وفي الكلام نحو علباء منصرف.
إلا أن سيناء ههنا اسم للبقعة فلا ينصرف.
قوله: (تنبت بالذهن).
يقال نبت الشجر وأنبت في معنى واحد، قال زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
ومعنى (تنبت بالدّهن) أي تنبت وفيها دهن ومعها دهن كما تقول: جاءني زيد. بالسيف، تريد جاءني ومعه السيف.
وقوله تعالى: (وصبغ للآكلين).
[معاني القرآن: 4/10]
يعنى بها الزيتون.
قوله: (إن هو إلّا رجل به جنّة فتربّصوا به حتّى حين (25)
(جنّة) في معنى جنون، والجنّة اسم للجن.
وقوله: (وقل ربّ أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين (29)
تقرأ منزلا ومنزلا جميعا، فالمنزل اسم لكل ما نزلت فيه، والمنزل المصدر بمعنى الإنزال، يقول: أنزلته إنزالا ومنزلا ويجوز منزلا، ولم يقرأ بها - فلا تقرأن بها -. على معنى نزلت نزولا ومنزلا.
وقوله عزّ وجلّ: (أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنّكم مخرجون (35) هيهات هيهات لما توعدون (36)
وهذا جواب الملأ من قوم ثمود.
فأمّا " أنّكم " الأولى، فموضعها نصب على معنى أيعدكم بأنكم إذا متم، وموضع " أنّ " الثانية عند قوم كموضع الأولى، وإنما ذكرت توكيدا.
فالمعنى على هذا القول: أيعدكم أنكم تخرجون إذا متم، فلما بعد ما بين أن الأولى والثانية بقوله: (إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما) أعيد ذكر " أنّ " كما قال عزّ وجلّ: (ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم) المعنى فله نار جهنم.
هذا على مذهب سيبويه، وفيها قولان آخران أجودهما أن تكون أن الثانية وما عملت فيه في موضع رفع ويكون المعنى أيعدكم أنكم إخراجكم إذا متم. فيكون أنكم مخرجون في معنى إخراجكم، كأنّه قيل: أيعدكم أنكم إخراجكم وقت موتكم وبعد موتكم، ويكون العامل في " إذا " إخراجكم، على أن " إذا " ظرف، والمعنى أنكم يكون إخراجكم إذا متم.
الثالث أن يكون إذا العامل فيها " متم "، فيكون المعنى إنكم
[معاني القرآن: 4/11]
متى متم يقع إخراجكم، فيكون خبر إنّ مضمرا، والقولان الأولان جيدان.
ويجوز : أيعدكم أنكم إذا متّم أنكم مخرجون، ولم يقرأ بها فلا تقرأنّ بها. ويكون المعنى في يعدكم يقول لكم ولكنها لا تجوز في القراءة لأنّ القراءة سنة.
وقوله: (هيهات هيهات لما توعدون (36)
يقرأ بفتح التاء وبكسر التاء، ويجوز هيهات هيهات - بالتنوين – ويجوز هيهاتا هيهاتا، فأما الفتح والكسر بغير تنوين فكثيرتان في القراءة، وذكرهما القراء والنحويون، وقد قرئت بالكسر والتنوين، فأما التنوين والفتح فلا أعلم أحدا قرأ بهما، فلا تقرأنّ بها.
فأمّا الفتح فالوقف فيه بالهاء. تقول هيهاه هيهاه - إذا فتحت ووقفت بعد الفتح، فإذا فتحت وقفت على التاء سواء عليك كنت تنوّن في الأصل أو كنت ممن لا ينوّن.
فمن فتحها - وموضعها الرفع وتأويلها البعد لما توعدون - فلأنها بمنزلة الأصوات، وليست مشتقة من فعل فبنيت هيهاه كما بنيت ذيّه وذيّه.
فإذا كسرت جعلتها جمعا وبنيتها على الكسر.
قال سيبويه: هي بمنزلة علقاه.
يعني في تأنيثها.
ومن جعلها جمعا فهي بمنزلة قول العرب: استأصل اللّه عرقاتهم
[معاني القرآن: 4/12]
وعرقاتهم. فالذي يقول: عرقاتهم - بالكسر، جعلها جمعا، وواحدها كأنّه عرقة وعرق، وواحد هيهات على هذا اللفظ وأن لم يكن حاله واحدا: هيهة.
فإن هذا تقديره - وإن لم ننطق به.
وأما عرقات فقد تكلم بواحدها.
يقال عرق وعرقاة وعرقة وعرقان.
وإنما كسر في الجمع لأنّ تاء الفتح في الجمع كسر تقول: مررت بالهندات، وكذلك رأيت الهندات.
ويقال أيهات في معنى هيهات. ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت، فمن قال هيهات ما قلت فمعناه البعد ما قلت، ومن قال: هيهات لما قلت فمعناه البعد لقولك، وأنشدوا:
فأيهات أيهات العقيق ومن به... وأيهات خل بالعقيق نواصله
فأمّا من نوّن هيهات فجعلها نكرة، ويكون المعنى: بعد لما توعدون.
وقوله تعالى: (قال عمّا قليل ليصبحنّ نادمين (40)
معناه عن قليل، و " ما " زائدة بمعنى التوكيد، كأنّ معناه: عن قليل ليصبحن نادمين حقّا.
وقوله: (فأخذتهم الصّيحة بالحقّ فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظّالمين (41) ثمّ أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين (42)
الغثاء الهالك والبالي من ورق الشجر الذي إذا جرى السيل رأيته مخالطا زبده.
وقوله: (ثمّ أرسلنا رسلنا تترا كلّ ما جاء أمّة رسولها كذّبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون (44)
ويقرأ تترى، ويجوز تتري غير منوّية بالكسر، ولم يقرأ به فلا تقرأنّ
[معاني القرآن: 4/13]
به.
من قرأ بالتنوين فمعناه وترا فأبدل التاء من الواو كما قالوا تولج وهو من ولج، وأصله وولج، وكما قال الشاعر:
فإن يكن أمسى البلى تيقوري
أي: وقاري، وهو فيعول من الوقار. وكما قالوا: تجاه وإنما هو وجاه من المواجهة، ومن قال تترى بغير تنوين فإنما جعلها على فعلى بألف التأنيث فلم ينون، ومعنى تترى من المواترة، وقال الأصمعي معنى واترت الخبر اتبعت بعضه بعضا وبين الخبرين هنيّة.
وقال غيره: المواترة المتابعة، وأصل كل هذا من الوتر، وهو الفرد، وهو أن جعلت كل واحد بعد صاحبه فردا فردا.
وقوله: (وجعلنا ابن مريم وأمّه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين (50)
ولم يقل آيتين، لأن المعنى فيهما آية واحدة، ولو قيل آيتين لجاز لأنهما قد كان في كل واحد منهما ما لم يكن في ذكر ولا أنثى، من أن مريم ولدت من غير فحل، ولأن عيسى روح من اللّه ألقاه إلى مريم ولم يكن هذا في ولد قط.
وقوله: (وآويناهما إلى ربوة).
في ربوة ثلاث لغات ربوة، وربوة، وربوة، وفيها وجهان آخران، رباوة.
ورباوة. وهو عند أهل اللغة المكان المرتفع وجاء في التفسير أنه يعني بربوة هنا بيت المقدس، وأنه كبد الأرض وأنه أقرب الأرض إلى السماء.
وقيل يعني به دمشق، وقيل فلسطين والرحلة.
وكل ذلك قد جاء في التفسير.
وقوله عزّ وجلّ: (ذات قرار ومعين).
[معاني القرآن: 4/13]
أي ذات مستقر، و " معين " ماء جار من العيون. وقال بعضهم يجوز أن يكون " فعيلا " من المعن، مشتقا من الماعون.
وهذا بعيد لأن المعن في اللغة الشيء القليل، والماعون هو الزكاة، وهو فاعول من المعن، " وإنما سمّيت الزكاة بالشيء القليل، لأنه يؤخذ من المال ربع عشره، فهو قليل من كثير.
قال الراعي:
قوم على التّنزيل لمّا يمنعوا... ماعونهم ويبدّلوا التّنزيلا
وقوله: (يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات واعملوا صالحا إنّي بما تعملون عليم (51)
أي كلوا من الحلال، وكل مأكول حلال مستطاب فهو داخل في هذا.
وإنّما خوطب بهذا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقيل يا أيّها الرسل، وتضمن هذا الخطاب أن الرسل جميعا كذا أمروا.
وروي أن عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمّه، وأطيب الطيبات الغنائم.
وقوله: (وإنّ هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاتّقون (52)
أي فاتقون لهذا.
وقد فسرنا في سورة الأنبياء كل ما يجوز في نظير هذه الآية.
وجملة تأويلها أن دينكم دين واحد، وهو الإسلام.
وأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن قوما جعلوا دينهم أديانا فقال:
(فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرا كلّ حزب بما لديهم فرحون (53)
[معاني القرآن: 4/14]
ويقرأ زبرا، فمن قرأ زبرا فتأويله جعلوا دينهم كتبا مختلفة جمع زبور وزبر، ومن قرأ زبرا أراد قطعا.
وقوله عزّ وجلّ: (فذرهم في غمرتهم حتّى حين (54)
ويجوز في غمراتهم، ومعناه في عمايتهم وحيرتهم.
ومعنى: (حتّى حين).
أي إلى حين يأتيهم ما وعدوا به من العذاب.
وقوله تعالى: (أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون (56)
(نسارع) - بالنون - يسارع - بالياء - ويسارع على ما لم يسم فاعله.
وتأويله أيحسبون أن إمداد اللّه لهم بالمال والبنين مجازاة لهم؛ وإنّما هو استدراج من اللّه لهم، و " ما " في معنى الذي، المعنى أيحسبون أن الّذي نمدهم به من مال وبنين. والخبر معه محذوف المعنى نسارع لهم به في الخيرات، أي أيحسبون إمداد ما نسارع لهم به.
فأمّا من قرأ يسارع فعلى وجهين، أحدهما لا يحتاج إلى إضمار، المعنى: أيحسبون أن إمدادنا لهم يسارع لهم في الخيرات، ويجوز أن يكون على معنى يسارع اللّه لهم به في الخيرات، فيكون مثل نسارع، ومن قرأ يسارع لهم في الخيرات يكون على معنى يسارع الإمداد لهم في الخيرات وعلى معنى نسارع لهم في الخيرات، فيكون تقوم مقام ما لم يسمّ لهم، ويكون مضمرا معه به. كما قلنا.


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir