دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 شعبان 1440هـ/13-04-2019م, 04:11 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158(.

(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)
الصفا في اللغة: هي الحجارة الصلبة، والمرة في اللغة: هي الحجارة اللينة، وقد قيل في سبب تأنيث المروة أقوال: أولها أن آدم وقف على الصفا وحواء وقفت على المروة فأنثت المروة لذلك، وقيل: كان على الصفا صنم اسمه اسافاً وعلى المروة صنماً يدعى نائلة فأنثت لذلك.
والمراد منهما الجبلان اللذان كانت هاجر تسعى بينهما بحثاً عن الماء اللذان في مكة، وهاذين الجبيلين هما من شعائر الله أي علم من أعلام المتعبدات بها لله، وهو مأخوذ من قولهم شعرت به أي: علمته.
(فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ)
حجّ في اللغة: قصد وتكرر، واعتمر في اللغة أي: زار وتكرر، وهو مأخوذ من عمرت الموضع، أما المراد منهما هو الج والعمرة المعروفان في الدين.
(فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)
الجناح: الإثم والميل عن الحق والطاعة، وليس المقصود منه إباحة الطواف لمن أراد ذلك، بل المقصد رفع الحرج الذي وقع في نفوس بعض العرب، وفي سبب نزول الآية اختلاف فقد ذكر فيه ثلاث قصص مختلفة:
الأولى: أن طائفة من تهامة كانت لا تطوف بين الصفا والمروة في الجاهلية لأن الجن والشياطين كانت تطوف بينهما، فلما جاء الإسلام كذلك تحرجوا من الطواف بينهما، وهو الذي عليه اين عباس.
الثانية: أن الأنصار كانوا يهلون لمناة التي بالمشلل في الجاهلية ومن تعظيمهم لها كانوا لا يطوفون بين إساف ونائلة اللذان على الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام تحرجوا من السعي بينهما فنزلت الآية، وهذا ما ذكرته عائشة رضي الله عنها.
الثالثة: أن العرب كانت تطوف بين اساف ونائلة في الجاهلية إجلالاً لهما، فلما جاء الإسلام كرهوا السعي هنالك، وهو الذي عليه أنس رضي الله عنه.
وقد رفع الإسلام هذا الحرج بنزول هذه الآية، وأكد على شرعية السعي بينهما، فقد سعى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما وقال عندما أراد السعي: (ابدأ بما بدأ الله به) أي: بدأ بالصفا.
وقد أختلف العلماء في حكم السعي بينهما، فمنهم من قال بأنه ركن، ومنهم من قال بأنه واجب، ومنهم من قال بأنه مستحب.
(وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا)
من قال بوجوب السعي علله بزيادة أعمال البر بعد القيام بالواجب فجعله عاماً، أو التطوع بأداء حجاً أو عمرة بعد الفريضة، أو زاد بعد السعي سبعاً الواجب لثامن أو تاسع ونحوه، أما من قال بالاستحباب فقد كان هذا دليله على منهجه وقال بأن المراد به من تطوع بالسعي بينهما.
(من) إما تكون بمعنى الذي، أي: والذي تطوع دلالة على الماضي، وإما تكون شرطية، ويكون جوابها في (فإن الله شاكر عليم)، فتدل على الاستقبال.
(فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)
شاكر أي: يبذل الثواب والجزاء لعبادة، ويثيب على القليل بالكثير.
عليم: بالنيات والأعمال والجزاء الذي يستحقه عليها فلا يبخسه حقه، وقد يزيد في الثواب لمن يشاء كما في وقوله تعالى: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً).

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.

في المراد بالسفهاء من الناس ثلاثة أقوال:
1. كفار أهل مكة، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وقد كان موقفهم موقف استعلاء وفخر، فقد قالوا ما رجع إلى قبلتنا إلا لعلمه بأن ما نحن عليه هو الحق، وأنه سيرجع إلى ديننا.
2. اليهود والمنافقون، قال به السدي ذكره ابن عطية، وذكره الزجاج وابن كثير.
وقد كان موقفهم موقف استهزاء وازدراء، فقالوا استهزاءً بأن محمد قد اشتاق لموطنه.
3. الأحبار من اليهود، قال به ابن عباس ذكره ابن عطية، ومجاهد ذكره ابن كثير
وقد كان موقفهم هو محاولة إغواء وفتنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومحالة إعادته لما كان عليه، فقد قالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا ارجع إليها ونؤمن بك، وهم لا ينوون الإيمان به في الحقيقة.
والذي رجحه ابن عطية وابن كثير أن الآية تعمهم جميعاً، فهم من جملة ممن قال بهذه المقولة.

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
ينقسم معنى هذه الآية إلى قولين يعودان إلى القولين في المراد بالقبلة في قوله تعالى: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها)، وهما:
1. أن القبلة هي بيت المقدس، وهو قول قتادة والسدي وعطاء وغيرهم، فيكون معنى الآية: لم تكن صلاتك لبيت المقدس إلا فتنة واختبار للعرب الذين يألفون مكة أكثر من بيت المقدس.
وقيل هو كذلك اختبار لليهود الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يصلي للبيت المقدس لأنه قبلة الأنبياء فإن صلى إليه اتبعوه، فلما أمره سبحانه وتعالى بالصلاة إليه اختباراً فلم يتبعوه ويؤمنوا به كما ذكر في قول الضحاك، ذكره عنهم ابن عطية، وذكره ابن كثير أيضاً.
2. أن القبلة هي الكعبة، وهو قول ابن عباس، فيكون معنى الآية: لم تكن صلاتك للكعبة التي أنت عليها الآن وحولناك إليها إلا اختبارً وامتحاناً للجميع فيظهر الصادق من الكاذب، فظهر بسبب ذلك المنافقين واليهود الذين أكثروا الكلام على ذلك مما سبب ارتياب بعض المؤمنين، ذكره ابن عطية.

وفي قوله تعالى (لنعلم) أقوال لتفسير النون:
1. أنها نون العظمة، أي: ليعلم رسوله والمؤمنون الذين هم حزبه الله وخاصته.
2. أنها ذكر لعلم الله وقت فعلتهم تلك، فعلمه الذي سبق لا يتعلق به الثواب والعقاب، أما هذا العلم يتعلق به الثواب والعقاب، فهو علم من نوع آخر ولا يختلف عن علمه السابق.
وقد وردت أقوال أخرى كلاها تصب في معنى التمييز بين من استحق الثواب أو العقاب بسبب عمله، مثل قولهم لنعلم أي: لنثيب أو لنرى أو لنميز.
وجميعها أقوال متقاربة كما قال ابن عطية بعد إيراده للأقوال، وجميعها تصب في نفي العلم بعد أن لم يكن.


3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.

فيه قولين لأهل العلم:
1. أن المخاطبين هم مشركو العرب، وذكرهم يكون بتوحيد الله واتباع شرعه الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكره لهم يكون بمغفرته لذنوبهم ورحمته بهم، وهذا هو قول الزجاج.
2. أن المخاطبين هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم المؤمنون به، وذكرهم لله يكون بطاعته واتباع أوامره واجتناب نواهيه، وكذلك بذكره باللسان، وكل ذلك يدل على شكرهم لنعمه التي أنعمها عليهم وأعظمها هي إرسال رسول إليهم، وذكره لهم يكون مغفرته لذنوبهم ورحمته بهم، وهذا هو قول ابن عطية وابن كثير.

ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
المراد بالإيمان هنا فيه عدة أقوال:
1. الصلاة التي صلوها لبيت المقدس وثوابها، قال به ابن عباس والبراء بن عازب وقتادة والسدي والربيع وغيرهم، وقد سميت كذلك لأنها صدرت من إيمان وتصديق بالقبلة، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
2. التصديق بأمر الاتجاه لبيت المقدس وبالرسول وبأمر التحول للقبلة الأخرى، روي عن ابن عباس، ذكره الزجاج وابن كثير.
3. الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: ما كان الله ليضيع رسوله وانصرافكم معه حيث انصرف، قاله الحسن البصري، ذكره عنه ابن كثير.

وفائدة التعبير بالإيمان عدة فوائد:
1. لأن الإيمان تدور عليه الأعمال وهو الذي يثبت سواء توجه إلى هنا أو هناك في القبلة.
2. لأنه (على القول بأنه الصلاة) لا يندرج تحته صلاة المنافقين إلى بيت المقدس الذي يخلو من الإيمان.
3. لأن الصلاة (على القةل بأنه الصلاة) هي من شعب الإيمان.

ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
الصبر: هو الثبات على الأمر وملازمته حتى وإن نالنا منه مكروه في العاجل، وهو اعتراف منا بما أصابنا مع احتساب الأجر رجاء الثواب من الله عليه، وقيل هو الصوم ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر.
وله نوعان ذكرهما ابن كثير: صبر على المعاصي والمآثم، وصبر على فعل الطاعات، وقد ذكر أهل العلم نوع آخر وهو الصبر على الأقدار المؤلمة.
وفضله عظيم ففي يوم القيامة ينادي مناد أين الصابرون فيدخلون الجنة قبل الحساب فيدخلون الجنة، ويدل على ذلك قوله تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 شعبان 1440هـ/15-04-2019م, 12:19 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة إبراهيم الزبيري مشاهدة المشاركة
المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158(.

(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)
الصفا في اللغة: هي الحجارة الصلبة، والمرة [المروة] في اللغة: هي الحجارة اللينة، وقد قيل في سبب تأنيث المروة أقوال: أولها أن آدم وقف على الصفا وحواء وقفت على المروة فأنثت المروة لذلك، وقيل: كان على الصفا صنم اسمه اسافاً وعلى المروة صنماً يدعى نائلة فأنثت لذلك.
والمراد منهما الجبلان اللذان كانت هاجر تسعى بينهما بحثاً عن الماء اللذان في مكة، وهاذين الجبيلين هما من شعائر الله أي علم من أعلام المتعبدات بها لله، وهو مأخوذ من قولهم شعرت به أي: علمته.
(فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ)
حجّ في اللغة: قصد وتكرر، واعتمر في اللغة أي: زار وتكرر، وهو مأخوذ من عمرت الموضع، أما المراد منهما هو الج والعمرة المعروفان في الدين.
(فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)
الجناح: الإثم والميل عن الحق والطاعة، وليس المقصود منه إباحة الطواف لمن أراد ذلك، بل المقصد رفع الحرج الذي وقع في نفوس بعض العرب، وفي سبب نزول الآية اختلاف فقد ذكر فيه ثلاث قصص مختلفة:
الأولى: أن طائفة من تهامة كانت لا تطوف بين الصفا والمروة في الجاهلية لأن الجن والشياطين كانت تطوف بينهما، فلما جاء الإسلام كذلك تحرجوا من الطواف بينهما، وهو الذي عليه اين عباس.
الثانية: أن الأنصار كانوا يهلون لمناة التي بالمشلل في الجاهلية ومن تعظيمهم لها كانوا لا يطوفون بين إساف ونائلة اللذان على الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام تحرجوا من السعي بينهما فنزلت الآية، وهذا ما ذكرته عائشة رضي الله عنها.
الثالثة: أن العرب كانت تطوف بين اساف ونائلة في الجاهلية إجلالاً لهما، فلما جاء الإسلام كرهوا السعي هنالك، وهو الذي عليه أنس رضي الله عنه.
وقد رفع الإسلام هذا الحرج بنزول هذه الآية، وأكد على شرعية السعي بينهما، فقد سعى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما وقال عندما أراد السعي: (ابدأ بما بدأ الله به) أي: بدأ بالصفا.
وقد أختلف العلماء في حكم السعي بينهما، فمنهم من قال بأنه ركن، ومنهم من قال بأنه واجب، ومنهم من قال بأنه مستحب.
(وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا)
من قال بوجوب السعي علله بزيادة أعمال البر بعد القيام بالواجب فجعله عاماً، أو التطوع بأداء حجاً أو عمرة بعد الفريضة، أو زاد بعد السعي سبعاً الواجب لثامن أو تاسع ونحوه، أما من قال بالاستحباب فقد كان هذا دليله على منهجه وقال بأن المراد به من تطوع بالسعي بينهما.
(من) إما تكون بمعنى الذي، أي: والذي تطوع دلالة على الماضي، وإما تكون شرطية، ويكون جوابها في (فإن الله شاكر عليم)، فتدل على الاستقبال.
(فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)
شاكر أي: يبذل الثواب والجزاء لعبادة، ويثيب على القليل بالكثير.
عليم: بالنيات والأعمال والجزاء الذي يستحقه عليها فلا يبخسه حقه، وقد يزيد في الثواب لمن يشاء كما في وقوله تعالى: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً).

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.

في المراد بالسفهاء من الناس ثلاثة أقوال:
1. كفار أهل مكة، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وقد كان موقفهم موقف استعلاء وفخر، فقد قالوا ما رجع إلى قبلتنا إلا لعلمه بأن ما نحن عليه هو الحق، وأنه سيرجع إلى ديننا.
2. اليهود والمنافقون، قال به السدي ذكره ابن عطية، وذكره الزجاج وابن كثير.
وقد كان موقفهم موقف استهزاء وازدراء، فقالوا استهزاءً بأن محمد قد اشتاق لموطنه.
3. الأحبار من اليهود، قال به ابن عباس ذكره ابن عطية، ومجاهد ذكره ابن كثير
وقد كان موقفهم هو محاولة إغواء وفتنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومحالة إعادته لما كان عليه، فقد قالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا ارجع إليها ونؤمن بك، وهم لا ينوون الإيمان به في الحقيقة.
والذي رجحه ابن عطية وابن كثير أن الآية تعمهم جميعاً، فهم من جملة ممن قال بهذه المقولة.

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
ينقسم معنى هذه الآية إلى قولين يعودان إلى القولين في المراد بالقبلة في قوله تعالى: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها)، وهما:
1. أن القبلة هي بيت المقدس، وهو قول قتادة والسدي وعطاء وغيرهم، فيكون معنى الآية: لم تكن صلاتك لبيت المقدس إلا فتنة واختبار للعرب الذين يألفون مكة أكثر من بيت المقدس.
وقيل هو كذلك اختبار لليهود الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يصلي للبيت المقدس لأنه قبلة الأنبياء فإن صلى إليه اتبعوه، فلما أمره سبحانه وتعالى بالصلاة إليه اختباراً فلم يتبعوه ويؤمنوا به كما ذكر في قول الضحاك، ذكره عنهم ابن عطية، وذكره ابن كثير أيضاً.
2. أن القبلة هي الكعبة، وهو قول ابن عباس، فيكون معنى الآية: لم تكن صلاتك للكعبة التي أنت عليها الآن وحولناك إليها إلا اختبارً وامتحاناً للجميع فيظهر الصادق من الكاذب، فظهر بسبب ذلك المنافقين واليهود الذين أكثروا الكلام على ذلك مما سبب ارتياب بعض المؤمنين، ذكره ابن عطية.

وفي قوله تعالى (لنعلم) أقوال لتفسير النون:
1. أنها نون العظمة، أي: ليعلم رسوله والمؤمنون الذين هم حزبه الله وخاصته.
2. أنها ذكر لعلم الله وقت فعلتهم تلك، فعلمه الذي سبق لا يتعلق به الثواب والعقاب، أما هذا العلم يتعلق به الثواب والعقاب، فهو علم من نوع آخر ولا يختلف عن علمه السابق.
وقد وردت أقوال أخرى كلاها تصب في معنى التمييز بين من استحق الثواب أو العقاب بسبب عمله، مثل قولهم لنعلم أي: لنثيب أو لنرى أو لنميز.
وجميعها أقوال متقاربة كما قال ابن عطية بعد إيراده للأقوال، وجميعها تصب في نفي العلم بعد أن لم يكن.
[ القول الأول فيه تأويل للآية]

3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.

فيه قولين لأهل العلم:
1. أن المخاطبين هم مشركو العرب، وذكرهم يكون بتوحيد الله واتباع شرعه الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكره لهم يكون بمغفرته لذنوبهم ورحمته بهم، وهذا هو قول الزجاج.
2. أن المخاطبين هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم المؤمنون به، وذكرهم لله يكون بطاعته واتباع أوامره واجتناب نواهيه، وكذلك بذكره باللسان، وكل ذلك يدل على شكرهم لنعمه التي أنعمها عليهم وأعظمها هي إرسال رسول إليهم، وذكره لهم يكون مغفرته لذنوبهم ورحمته بهم، وهذا هو قول ابن عطية وابن كثير.

ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
المراد بالإيمان هنا فيه عدة أقوال:
1. الصلاة التي صلوها لبيت المقدس وثوابها، قال به ابن عباس والبراء بن عازب وقتادة والسدي والربيع وغيرهم، وقد سميت كذلك لأنها صدرت من إيمان وتصديق بالقبلة، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
2. التصديق بأمر الاتجاه لبيت المقدس وبالرسول وبأمر التحول للقبلة الأخرى، روي عن ابن عباس، ذكره الزجاج وابن كثير.
3. الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: ما كان الله ليضيع رسوله وانصرافكم معه حيث انصرف، قاله الحسن البصري، ذكره عنه ابن كثير.

وفائدة التعبير بالإيمان عدة فوائد:
1. لأن الإيمان تدور عليه الأعمال وهو الذي يثبت سواء توجه إلى هنا أو هناك في القبلة.
2. لأنه (على القول بأنه الصلاة) لا يندرج تحته صلاة المنافقين إلى بيت المقدس الذي يخلو من الإيمان.
3. لأن الصلاة (على القةل بأنه الصلاة) هي من شعب الإيمان.

ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
الصبر: هو الثبات على الأمر وملازمته حتى وإن نالنا منه مكروه في العاجل، وهو اعتراف منا بما أصابنا مع احتساب الأجر رجاء الثواب من الله عليه، وقيل هو الصوم ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر.
وله نوعان ذكرهما ابن كثير: صبر على المعاصي والمآثم، وصبر على فعل الطاعات، وقد ذكر أهل العلم نوع آخر وهو الصبر على الأقدار المؤلمة.
وفضله عظيم ففي يوم القيامة ينادي مناد أين الصابرون فيدخلون الجنة قبل الحساب فيدخلون الجنة، ويدل على ذلك قوله تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
[تعدية الصبر بـ " على " تفيد لزوم الشيء.
فالصبر على الطاعات يعني فعلها والثبات عليها.
أما التعدية بعن: تفيد اجتنابها.
فنقول في المعاصي، الصبر عن المعاصي وليس على المعاصي]


التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، الخصم للتأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الأول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir