دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > باب الوصايا

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 08:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


832- وعَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنها ـ أنَّ رَجُلاً أتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ فقالَ: يَا رَسولَ اللَّهِ, إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَلَمْ تُوصِ، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَلَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قالَ: ((نَعَمْ)). مُتَّفَقٌ عليهِ, واللفظُ لمُسلِمٍ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مُفْرداتُ الحَديثِ:
- رَجُلاً: هو سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ الأنصاريُّ الخَزْرَجِيُّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ـ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، اسْمُ أُمِّه عَمْرَةُ بِنْتُ مَسْعودٍ الأنصاريَّةُ، من بَنِي النَّجَّارِ.
- افْتُلِتَتْ: بضَمِّ الهَمْزَةِ، وسُكونِ الفاءِ، وضمِّ التاءِ المُثَنَّاةِ، ثم لامٍ مُكْسُورَةٍ، مَبْنِيٌّ للمَجهُولِ، ومَعْناهُ: مَاتَتْ بَغْتَةً وفَجْأَةً.
- نَفْسُها: فيها إعرابانِ: إمَّا مَرْفُوعَةٌ على أنَّها نائِبُ فَاعِلٍ، وإمَّا مَنْصُوبَةٌ علَى أنَّها مَفْعُولٌ ثَانٍ، بمَعْنَى: سُلِبَتْ نَفْسَها، قالَ في (النهايةِ): مَاتَتْ فَجْأَةً.
* ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1- أنَّ الصَّدَقَةَ عن المَيِّتِ جَائِزَةٌ، وأنَّ ثَوابَها يَصِلُ إليه، وهذا لا يُعارِضُ قَوْلَه تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم:39].
فإنَّه إذا مَنَحَه أَحَدٌ مِن سَعْيِه كانَ له زِيادَةً على مالَهُ مِن السَّعْيِ.
2- اسْتِحبابُ الصَّدَقةِ عن المَيِّتِ، ولو لمْ يُوصِ بذلك، لا سِيَّما إذا عُرِفَ أنه لو تَكَلَّمَ، أو حَصَلَتْ له مُهْلَةٌ؛ لأَوْصَى بالصَّدَقَةِ.
3- فَضِيلَةُ برِّ الوَالِدَيْنِ، وأنَّ مِن بِرِّهِما بعدَ مَمَاتِهِمَا الدُّعَاءَ لهما، والصَّدَقَةَ عنهما، وفِعْلَ القُرَبِ الصَّالِحَةِ، وإهداءَها إليهما.
4- أنَّه يَنْبَغِي لمَن أَرَادَ الوَصِيَّةَ أَنْ يُبادِرَ بها؛ ليُنَفِّذَ وَصِيَّتَه بنَفْسِه، ليُحْرِزَ ثَوابَه كُلَّه، وليُخْرِجَها حَسَبَ رَغْبَتِه فيها؛ مِن قَدْرِها, ونَوْعِها، وطَرِيقِ مَصْرِفِها.
5- المُبادَرَةُ بتَنْفِيذِ وصايا المَيِّتِ؛ ليُحْرِزَ أَجْرَها، وأهَمُّ مِن ذلك المُبادَرَةُ بأداءِ الوَاجِبَاتِ والحُقوقِ التي عليه، سَواءٌ كَانَتْ للهِ؛ كالحَجِّ والزَّكَاةِ، والكَفَّارَاتِ والنُّذُورِ، أو كانَتْ للناسِ كالدُّيونِ.
6- مُبادَرَةُ الحَياةِ بفِعْلِ الطَّاعاتِ، وعَمَلِ الخيراتِ، فالدنيا سِباقٌ في تَحْصيلِ الفَضائِلِ واقْتِنَاصِ الثوابِ، فمَن عَلَتْ مَرْتَبَتُه في الفَضائِلِ، زَادَتْ مَرْتَبَتُه فِي دَارِ الجزاءِ.


* خِلافُ العُلماءِ:
أجْمَعَ العُلماءُ علَى أنَّ الدُّعاءَ والاستغفارَ والعِبَاداتِ المَالِيَّةَ؛ مِن الصَّدَقاتِ والحَجِّ والعُمْرَةِ، أنَّه يَصِلُ ثَوابُها إلى المَيِّتِ.
فالدُّعاءُ والاسْتِغْفَارُ دَلِيلُه قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}. [الحشر: 10] وقولُه صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ؛ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ)). رواهُ أبو دَاوُدَ.
وأمَّا الصَّدَقَةُ فدَلِيلُها حديثُ البابِ.
وفي الحَجِّ ما في البُخارِيِّ أَنَّ امْرَأَةً مِن جُهَيْنَةَ قالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، ولَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أفَأحُجُّ عنها؟ قالَ: ((نَعَمْ, حُجِّي عَنْهَا، اقْضُوا اللَّهَ؛ فإِنَّهُ أَحَقُّ بالوَفَاءِ)).
والأحادِيثُ والآثارُ في هذا البابِ كَثِيرةٌ جِدًّا.
وقدْ سَاقَ منها ابنُ القَيِّمِ في كتابِ (الرُّوحِ) جُمْلَةً صَالِحَةً.
قالَ شيخُ الإسلامِ: أئِمَّةُ الإسلامِ مُتَّفقونَ على انتفاعِ المَيِّتِ بدُعاءِ الخَلْقِ له، وبما يُعْمَلُ عنه مِن البِرِّ، وهذا مِمَّا يُعْلَمُ بالاضطرارِ مِن دِينِ الإسلامِ, وقَدْ دلَّ عليهِ الكتابُ والسُّنةُ والإجماعُ، فمَن خالَفَ فيهِ كَانَ مِن أهْلِ البِدَعِ.
وهذا لا يُنافِي قولَه تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}. [النجم:39] وقولَه صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ))؛ لأنَّ ذلك مِن عَمَلِهِ.
وذَلِكَ بأنْ يُثِيبَ السَّاعِيَ علَى سَعْيِه وعَمَلِه, ويَرْحَمَ المَيِّتَ بسَعْيِ هذا الحيِّ ويَزِيدَ في حَسناتِهِ.
واخْتَلَفَ العُلماءُ في العِباداتِ البَدَنِيَّةِ كالصلاةِ والصيامِ وقِراءَةِ القرآنِ, فذَهَبَ أبو حَنِيفَةَ وأَحْمَدُ إلى وُصولِ ثَوابِها.
وذهَبَ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ إلى عَدَمِ وُصولِها والاقتصارِ على العِباداتِ المَالِيَّةِ، والدُّعاءِ، والاسْتِغْفَارِ.
ومِن أَدِلَّةِ أبي حَنِيفَةَ وأَحْمَدَ.
1- أنَّ الدُّعاءَ والاستغفارَ مِن العباداتِ البَدَنيَّةِ وغيرَها مِثْلُها.
2- أنَّ الصِّيامَ مِن العِباداتِ البَدَنِيَّةِ، وقدْ جَاءَ في الصحيحيْنِ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: ((مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)).
3- ما جاءَ في البُخارِيِّ أنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يا رسولَ اللَّهِ, إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وعليها صِيامُ نَذْرٍ، فقالَ: ((صُومِي عَنْ أُمِّكِ)).
وأما دَلِيلُ مَالِكٍ والشافِعِيِّ فقولُه تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِإِلاَّ مَا سَعَى} [النجم:39].
وأُجِيبَ بأنَّ كونَ الإنسانِ لا يَمْلِكُ إلاَّ سَعْيَه، لا يُنافِي أنَّ غَيْرَه يُهْدِي إليهِ مِن سَعْيِه، فيَزِيدُ في حَسناتِه.
وقدْ أَجَابَ ابنُ القَيِّمِ عن أَدِلَّتِهما في كتابِ (الرُّوحِ) بما لا مَزِيدَ عليه.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوصايا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir