دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > اللقطة والوصايا والفرائض

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 محرم 1430هـ/9-01-2009م, 08:12 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

باب الوصايا

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيئا يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) . زاد مسلم: قال ابن عمر: ما مرت ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي .
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي, فقلت: يا رسول الله: قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ، ولا يرثني إلا ابنة, أفأتصدق بثلثي مالي, قال:((لا)), قلت: فالشطر يا رسول الله , قال: ((لا)), قلت: فالثلث , قال: ((الثلث , والثلث كثير , إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها , حتى ما تجعل في في امراتك)) قال: قلت: يا رسول الله أخلّف بعد أصحابي, قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا أزدت به درجة ورفعة , ولعلَّك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويُضر بك آخرون . اللهم أمض لأصحابي هجرتهم , ولا تردهم على أعقابهم)) لكن البائس سعدبن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الثلث والثلث كثير)) .
الشيخ: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على محمد .
الوصايا ما يوصي به الإنسان بعد موته ، والوصي هو الوكيل على هذه الوصايا ، والإنسان معروف ويعرف من نفسه أنه سوف يموت ، فيحتاج إلى من يخلفه , يخلفه في ذريته , يكون وصيا عليهم ، ويخلفه في ماله , يكون حافظا له ومنفقا على ذريته ونحوهم , ويخلفه في وقفه وفي صدقاته , فيوزعها ويعطيها لمن يستحقها وهكذا .

فلأجل ذلك شرعت الوصيَّة , قال الله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} هذا قد كان مفروضا {كتب عليكم} ،
والكتب هو الإيجاب كما في قوله: {كتب عليكم الصيام} يعني فرض , كتب عليكم الوصية .
ثم هذه الآية فيها أنه عند الموت يوصي فيقول: لوالدي من المال كذا ، ولأخي من المال كذا ، ولابني ولزوجي ونحو ذلك , يوصي لهم بهذه الوصايا , فإذا أوصى لهم فبعد موته تنفذ تلك الوصايا.

ولما نزلت آيات المواريث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث)) فاستقرت الفرائض لأهلها ، والوصية لغير الوارث . وبعد الأذان نكمل إن شاء الله .

فأولى على الإنسان أن يهتم بما عنده ، فيكتبه ، بما عنده من الحقوق ؛ لهذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) والشيء الذي حث عليه مثل الأمانات والديون والأوقاف ، وكذلك وصيته ، ووصايا أبويه إذا كانت على يديه , فيكتب ذلك , يكتب ما سوف يخرجه من ماله ، ويكتب مصارفه الذي يصرف فيها ، ويكتب الناظر عليه والوكيل , ويكتب الديون التي في ذمته ، والديون التي له مثلا ، ويكتب الحقوق والأمانات التي عنده ، ويكتب الأشياء التي قد يجهلها غيره وهو يعلمها من الأملاك التي يملكها ، أو نحو ذلك, حتى لو فجأه الموت لم يكن مفرطا بل وجد ما عنده مكملا ، أما لو فرط مثلا ومات فجأة بقيت ذمته مشغولة ، بقيت حقوق الناس وأماناتهم عنده , ديونهم وأماناتهم مثلا تبقى في ذمته ؛ لأن الورثة قد لا يعلمون شيئا عن ذلك , فيقتسمون ما عنده من الأموال , وقد يكون بعضها أو أكثرها لغيره ، فيأكلون مالا يستحقون ، وسبب ذلك تفريطه هو , حيث لم يثبت ما عنده من الأمور , إن هذا هو السبب ,

فلأجل ذلك يقول ابن عمر: ما أتت علي ليلة بعد إذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ووصيتى عندي ، وبعضهم يجعلها تحت رأسه , ربما أنه يجدد فيها , كلما تجدد له شيء زاد فيها وغير ونقص وأضاف ؛ حتى إذا مات وإذا هو قد أكملها .

وقد روي في الآثار بعض ما تقدم به الوصية عن بعض السلف أنهم كانوا يكتبون في مقدمة وصيتهم: هذا ما أوصيت به وأنا أشهد ألا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله , وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها على مريم وروح منه، وأن الجنة حق وأن النار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن الله يبعث من في القبور . هذه وصية بمعنى الشهادة .

كذلك أيضا الوصية لأهله فيقول: أوصيكم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب , قال الله تعالى: {أم كنتم شهداء إذا حضر يعقوب الموت إذا قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك}
وقال تعالى: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب}
وصاهم بأن يقول أحدهم: أسلمت لرب العالمين ، ووصاهم بقوله: {يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} ويوصيهم بتقوى الله فإنها وصية الله للأولين والآخرين , قال الله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله }
ويوصيهم بالوالدين مثلا لقوله: {ووصينا الإنسان بوالديه} .



أما الوصية في المال ففي حديث سعد هذا الذي سمعنا أنه أمره بأن يقتصر على الثلث ، ذكر سعد رضي الله عنه أنه مرض مرضا شديدا في حجة الوداع في سنة عشر , فعاده النبي صلى الله عليه وسلم , وكان في ذلك الوقت ليس له أولاد إلا بنت واحدة ، وعنده أموال , فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لأنه خاف من الموت ، وقال: إن المرض قد بلغ بي ما ترى , أخبر بأن المرض قد اشتد به ، وأنه يخشى أن يفجأه الموت ، وأنه له أموال كثيرة وليس له ورثة إلا زوجته وبنته , فيكفيهم بعضا من ماله , أراد أن يتصدق بالثلثين ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك ، ثم انتقل إلى النصف , أراد أن يتصدق بنصف المال كله , النصف ويترك للورثة النصف ، ولكن منعه أيضا النبي صلى الله عليه وسلم ، فانتقل إلى الثلث ، فرخص له بالثلث ، ولكن قال له: إن الثلث كثير أيضا ((الثلث ، والثلث كثير))

ثم سمعنا أن ابن عباس رضي الله عنه يقول: لو أن الناس غروا من الثلث إلى الربع , أي اقتصروا على الربع ,فإنه فيه الكفاية .

والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن الثلث كثير ، فالربع يكون وسطا ليس بقليل ولا كثير .
وقد نُقل عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: أختار لنفسي ما اختاره الله , إن الله تعالى اختارَ الخُمس أو رضي لنفسه الخمس في قوله تعالى: {فأن لله خمسه وللرسول} فأوصى بالخمس ، وهكذا
غيره من الصحابة أوصوا بالخمس , الخمس من أموالهم يكون صدقة من بعدهم .

لأجل ذلك يقول العلماء: إن النهاية هو الثلث , لا يزيد الموصي على الثلث إلا برضا الورثة , إلا إذا لم يكن له ورثَة فإنه له أن يتصدق بجميع ماله ؛لأن الحقَّ إنما منع منه لأجل الورثة .

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: ((إنك أن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس))
يقول: إنك إذا خلَّفت مالا أغنيت ورثتك ، وتركت لهم ما يتمتعون به ، وما يأكلون منه ، وينتفعون به , أفضل لك إذا كانوا أغنياء انتفعوا ودعوا لك بالرحمة وبالجنَّة وقرَّت أعينُهم ، ورضوا عنك , بخلاف ما إذا تصدقت بأموالك كلها وتركتهم فقراء يسألون الناسَ, يستجدون ويستعطون , يمدون أكفهم هذا معنى قوله: ((يتكففون الناس))
عالة :يعني فقراء .
يتكففون: الناس يسألونهم بأكفهم .

ثم في هذه القصة عن سعد رضي الله عنه أنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك خاف أن يموت بمكة , فقال: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي ؟ يعني هل أموت في هذا المكان ، أو أشفى وأخلف ؟ فقال: ((إنك لن تخلف)) يعني تعافى ((إنك لن تخلف إلا إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت عليها)) أيَّة نفقة تنفقها على أهلك حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك أي حتى ما تطعم زوجتك ، فإذا ابتغيت بذلك وجه الله فلك أجر عند الله تعالى .

ويقول أيضا في هذا الحديث:((ولعلك أن تخلَّف حتى ينتفع بك أقوام ، ويضر بك آخرون)) ، استجاب الله دعوة نبيه فشفي سعد من هذا المرض ، ورزق بعد ذلك أولادا ، أولادا كثير ، رزق أولادا منهم مصعب وعامر وعمر وغيرهم .
وكذلك انتفع به أقوام فقاد الجيش الذي هو جيش القادسيَّة والذي حصلت به الوقعة العظيمة ، وبقي إلى أن أدرك خلافة معاوية , انتفع به أقوام ، ورويت عنه أحاديث ، وانضر به آخرون من أعداء الله الذين قُتلوا بسيفه وقتلوا بقيادته , فنفع الله به من أراد الله به خيرا.

ثم دعى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ، ولا تردهم على أدبارهم))

لكن البائس سعد بن خولة يرثي له النبي صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة ؛ وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم تركوا مكة لله , هاجروا منها لما أوذوا فيها ، واستبدلوا بها دار هجرتهم وهي المدينة ، ويكرهون أن يموتوا بمكة التي انتقلوا عنها ، فسعد يكره أن يموت بها ؛ لأنه قد تركها لله , فدعى له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم)) أي لا تردهم إلى بلادهم التي تركوها لله ، بل اشفهم وأمض لهم هجرتهم .

أما سعد بن خولةرضي الله عنه فإنه مرض بمكة ومات بها , مع كونه قد هاجر منها ، فرثى له النبي صلى الله عليه وسلم بما حصَلَ له وسماه بائسا مع أنه معذور في ذلك ؛ لأنه جاء مكة لأجل الحج فأصابه مرض فمات بها .

وبكل حال فهذا مراده بهذا الحديث , الشاهد منه هو ذكر الوصيَّة التي اشتمل عليها هذا الحديث ، وهو أنه يستحب أن يوصي الإنسان , فيخرج من مالِه , فيقال مثلا: إذا كان المال ...
...إذا كان المال كثيرا وسوف يترك للورثة ما يكفيهم ويغنيهم جاز أن يتصدق منه بعد موته بثلثه أو بأكثر إذا لم يضر الورثه ووافق عليه الورثة, أي على مازاد من الثلث ، أما الثلث فلا خيار لهم فيه ، بل يخرجه إذا أراد ولو كره الورثة , وعليهم أن ينفذوه .

وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم صدقة من الميت على نفسه ومن الله تعالى ورخصه له , قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تصدَّق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم)) أي: زيادة في حسناتكم أن تخرجو هذا الثلث ، ويكون صدقة منكم على أنفسكم تجدون ثوابها . ولا تجوز الزيادة عن الثلث ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدده بقوله: ((الثلث , والثلث كثير)) .

أما مادام الإنسان حيا فإن له أن يتصدق بما أراد ، فقد ثبت أن أبا بكر رضي الله عنهأخرج جميع مالِه صدقةً لله , في حديث عمر قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة , فوافق ذلك عندي مالا فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن كنت سابقا له , فأتيت بنصف مالي فقال: ((ما تركتَ لأهلك))فقلت: مثله . وإن أبا بكر أتى بجميع ما عنده فقال له:((ما تركت لأهلك)) فقال: تركت لهم الله ورسوله .

هكذا في الحياة , جاء أبو بكر بجميع ماله الذي عنده , واكتفى بأن الله سيرزقه وسيجعل له رزقا , وجاء عمر بنصف ما كان عنده من المال ، وترك النصف ليتمتع به ويعطي منه أهله , وأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك .

وقد ورد الحثُّ على الصدقة في الحياة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح , تأمل الغنى وتخشى الفقر))
ولا تمسك حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا , وقد كان لفلان يرشده إلى أن يخرج الصدقات ويتصدق بها , ما دام حيا وما دام سليما قويا ؛ ليدل صدقته على أنه أنفقها لله وابتغاء مرضات الله ؛ ليكون ذلك أجرا له في الآخرة ، وأنه دليل على كونه قد وقي شح نفسه {ومن يوقى شح نفسه فأولئك هم المفلحون} .

أما الذي يمسك أمواله وكأنه سوف يعمَّر مائة سنةأو مئات السنين ، ثم إذا حضره الموتُ عند ذلك خرجَ أو قال: تصدقوا وأعطوا وأعطوا , نقولُ: لا ينفذ من عطاياه في مرض الموت إلا الثلُث , ما زاد على الثلث فإنه لا ينفذ ولا يعطى إلا برضى الورثة , أما الثلث فإنه ينفذ ولو لم يرضى الورثة
إلا إذا خصَّ به بعض الورثة , فقد ثبتَ أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا وصيَّة لوارث)) فلا يعطي أحد أولاده في الحياة ولا عند الممات أكثر من الثاني بغير مبرر , ولا يوصي لزوجتِه أو زوجاته , ولا لإخوته إذا كانوا وارثين , ولا لغيرهم من الورثة , بل يجعل المال على ما قسمه الله عليه , ويجعل الوصية لغير الوارثين.


كذلك أيضا يجعل من الوصية في العمل الصالح الذي يعود عليه بالخير , وهو الوقف الذي ذكره النبي صلَّى الله عليه وسلم بقوله: ((إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له)) فالصدقة الجارية هي الوقف الذي يخرجه في حياته ليُتصدق منه بعد موته ، أو الوصية التي يخرجها في حياته ليصل إليه أجرها بعد موته.

أما وجوه المصارف فكثيرة ومتعددة , وأفضلها الصدقة على الفقراء , فإذا كانت الأوقاف مثلا والوصايا فيها ثمرات كأن يكون الوقف أو الوصية مثلا .. كأن يكون بستانا فيه نخيل وفيه ثمار , فيقول: هذا النخل قد تصدقت به بعد موتي وخَرَجَ من الثلث , ففي هذه الحال يُتصدق به على المساكين وعلى المستضعفين من قريب وبعيد , ويخص القريب ويفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((صدقتك على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة)).

كذلك من وجوه الخير بناء المساجد وبناء المدارس العلمية لتحفيظ القرآن ونحوه ، وطبع الكتب والمصاحف ونشرها , سيما في البلاد التي يعوزها , التي يعوزها الحصول على الكتب والوسائل ونحوها ، ومثلها في هذه الأزمنة الأشرطة الإسلامية , إذا جعل من ثلثه جزء تشترى به هذه الأشرطة الإسلاميَّة وترسل إلى البلاد التي تحتاج إليها والتى تكون لها نفع وتأثير , زيادة على الرسائل والكتب والخطب ، وما أشبهها .

كذلك أيضا من وجوه الخير: الجهاد في سبيل الله , إذا كان هناك جهاد , ويشترى بهذه الوصيَّة أسلحة وعتاد وعدة للمجاهدين وقوة يتقون بها ونفقة ينفقون منها على أنفسهم , لا شك أن ذلك من القربات التي يكون تأثيرها نافعاً لكل من وفقه الله تعالى . كذلك أيضا وجوه الخير كثيرة ، ومن جملتها الصدقات .

وقد ذكر العلماء أن من الصدقات الأضاحي التي تذبح في يوم عيد الأضحى وفي أيام العيد , هذه من الصدقات , فإذا أوصى بها فإنها تُنفذ وصيته ، وإذا لم يوصي بها فإنه يتصدق على المساكين بما يكون قائما مقامها ، وبالأخص في الأوقات الفاضلة كالصدقة في رمضان ، أو في أوقات الجوع ، وفي البلاد التي يغلب أو يكثر فيها الجوع في أهلها والضرر عليهم ، وما أكثرهم في هذه الأزمنة .

وبكل حال فالثلث , إذا كان الإنسان له أموال كثيرة فإن الثلث لا يضر الورثة ، أما إذا كان ورثته محتاجون فالأولى له ألا يوصي ، وأن يترك ماله لورثته يستغنون به عن التكفف سيما إذا كانوا ذوي حاجة ، وأما إذا لم يكن له ورثة كالمقطوع من الورثة من أولاد وأقارب فإن له أن يتصدق بماله كله في حياته وبعد موته .

فإذا نفذت هذه الوصايا وأوصى بها إلى شخص , فإن ذلك الشخص الذي هو الوكيل عليه أن يتقي الله ، وأن يراقبه في ذلك ، ولهذا قال تعالى: {فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم}
ويقول في الآية بعدها: {فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه}
يعني قد يكون بعض الموصين يحيف على ورثته ويحاول أن يضرهم , فمثل هذا أيضا لا يجوز , فإذا وفقك الله وكنت حاضرا عنده فأصلح بينه وأرشده إلى أنك لا تجور في الوصية , ولا تخرج عن الحد المعتاد ؛ حتى يقبل الله منك وصيتك , وحتى يرضى عنك ورثتك .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوصايا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir