دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الوجوه والنظائر > تحصيل الوجوه والنظائر للحكيم الترمذي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ربيع الثاني 1432هـ/10-03-2011م, 11:14 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي السوء

10- السوء

وأما قوله: «السوء على كذا وجه» فالحسن والسوء هما ضدان، ومنه الحسن والسيئ من الفعل، ومنه الحسنة والسيئة، وهي: الطاعة والمعصية، ومنه الحسنى وهي الجنة، والسوأى وهي دار النار، فالحسن والسوء: لزما أصل الشيء، فإذا صار ذلك الشيء فعلا، قيل: حسن وسيء، فإذا صار إلى الطاعة أو المعصية، قيل حسنة أو سيئة: فإذا صار إلى المكان، قيل: حسنى وسوأى، أي دار الحسنى، ودار السوأى وهما الجنة والنار، وذلك قوله تعالى: {ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى}.
قيل في تفسيرها: الجنة، ومثل قوله تعالى: أيضا:
[تحصيل نظائر القرآن: 35]
{ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى}.
قيل في تفسيرها: النار.
فمن الحسن يتولد السرور، ومن السوء يتولد المساءة، فيقول: سرني كذا، وساءني كذا، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن».
فالسرور يظهر على الوجه، والسوء يظهر على الوجه أيضا، وذلك قوله تعالى:
{ولقاهم نضرة وسرورا}.
وقوله تعالى:
{فلما رآه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا}.
فأعلمك أن السرور والسوء: إنما هما صفتان تحلان بالوجه، وتولدهما من الحسن الذي يظهر في الصدر، والسوء الذي يظهر فيه، فالسرور وإنما سمى سرورا: لانجلال أسرار الوجه وتوسعه، ألا ترى إلى قول عائشة: «دخل على رسول صلى الله عليه وسلم، وأسارير وجه تبرق، فقال:
[تحصيل نظائر القرآن: 36]
«ألم ترين يا عائشة: أن مجزرا المدلحي نظر إلى أسامة بن زيد، وإلى أبيه، وإلى أبيه، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض....».
[تحصيل نظائر القرآن: 37]
وكان أسامة قد طعن المنافقون في نسبته، فلما نظر إليه مجزر- وكان قائفا يقفو آثار الأشياء في الأنساب وغيرها، وذلك علم عظيم من أعطيه فالله عليه نعمة (أقول: فلما نظر إليه مجزر أثبت أن نسبتهما صحيحة ولا شك فيها).
وعلم القيافة، وعلم العيافة، وعلم النجوم، وعلم الخط: فهذه علوم أهل منة الله، قد أعطاها الله للعباد بلوى لهم، واقتضاهم شكرها، فأما علم القيافة: فهو ما ذكرنا، وقد أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حققه لمجزر المدلجي، حتى دخل من قوله من السرور ما تجللت أسارير وجهه، وظهر بروقها، والأسارير: هي الخطوط في الجبين وعلى الأكف.
وأما علم العيافة: فهو علم زجر الطير، وقد روى عن رسول الله صلى عليه وسلم، أنه قال:
«الطير تجرى بقدر».
وأما علم الخط: فكان نبي من الأنبياء بخط وبعث إلى قومه بالخط، وهو قوله تعالى:
[تحصيل نظائر القرآن: 38]
{... أو أثارة من علم}.
رجعنا إلى ذكر السرور والسوء: فيقول القائل: سرني، وهو إذا ولج حسن الشيء إلى الصدر: تأدى إلى الوجه، وتبينت أسرار جبينه، وإنما سميت أسرار، وواحد «سر» لتقبضه، ومنه سمنت «السرة» سرة: لتقبضها وتراكم غضونها، ولذلك سميت «الصرة»: صرة، لأنها تجمع وتقبض بعضها إلى بعض، فحلاوة الشيء ومرارته، إذا وجدت النفس طعمها: تأدى ذلك إلى الوجه، فظهوره على الوجه يقبض جلدة الوجه، حتى تظهر الأسارير وتبرق، وذاك تهلل الوجه.
ويقول القائل: ساءني وذلك إنما يظهر على الوجه، فيذهب بأسارير الوجه ويسوى غضونه، فسمى سوءا، لأنه سوأ غضون وجهه من الذبول والاسترخاء، وذلك من استرخاء النفس، إذا كرهت الشيء استرخت وذبلت وضعفت، فتأدى ذلك إلى الوجه، واسترخت جلدة الوجه، واستوت الأسارير والغضون، وإذا وجدت النفس ما تحب: فرحت وقويت، وصارت كالمنتفخة بذلك الفرح، فتأدى ذلك إلى الوجه، فتبينت الأسارير على جبينه من القوة التي وجدت النفس، فقيل لهذا: سرور، ولذلك سوء.
وأصل الحسن: من ضحك الله تبارك وتعالى.
[تحصيل نظائر القرآن: 39]
وأصل السوء: من ظله، فإذا ظالما الظل صار غشاء على ما يظهر من الضحك، فصار سواء، ومنه سمى الصبح إذا أصبح الناس، وإذا جاء الليل قيل «مساء»، وأصبحنا وأمسينا: مأخوذ من الصباحة والسوء وإنما قيل للصبح «صبح»: لأنه أسفر عن نور النهار، ويقال فلان صبيح الوجه: لتهلله وإسفاره، وللمساء «مساء» لأنه يأتي بظلمة تغشى النهار وتذهب بضوئه.
فكل فعل أو مكان أو خلق أو شيء من الأشياء كائنا ما كان: حل به الإسفار والضوء، فقد حل به الحسن، وقد حسن ذلك الشيء، وكل شيء أو فعل أو مكان أو خلق حل به الغشاء والغطاء والظل فقد حل به السوء وقد ساء ذلك الشيء، فالاسم منه سيء، فإذا صار إلى المكان قيل الحسنى، وهي دار الجنة، والسوأى وهي دار النار.
1- الشدة: فإنما صار السوء في هذا المكان «الشدة» من قوله تعالى:
{يسومونكم سوء العذاب} أي شدة العذاب، لأن تلك كانت عقوبة حلت بهم من تركهم،
[تحصيل نظائر القرآن: 40]
الطاعة، وعملهم المعاصي، فحل بهم من تركهم الطاعة، وعملهم المعاصي: السوء الشديد، وكذلك قوله تعالى:
{سوء الحساب}.
أي: شديد الحساب، من أجل أنهم معاقبون بالشديد من السوء.
2- عقر الناقة: وإنما صار السوء في مكان آخر «عقر الناقة» لأن الناقة آية من آيات الله، والآية دليل على الله تبارك اسمه، فإنما يعرف بالآيات، والدلالات بالقبول، فعقرهم الدليل الذي يدلهم على الله: من السوء.
3- الزنا: وإنما صار السوء في مكان آخر «الزنا»، لأن ذلك سوء، ستره الله بنور الحشمة حين خلق آدم، وأمره بستره، فإذا كشفه بغير حق، ومن حيث لم يطلق له: صار سوءا.
4- البرص: وإنما صار السوء «البرص» في مكان آخر، لأن
[تحصيل نظائر القرآن: 41]
البرص من سمات الله على عبده، كالكية تكون مكانا من الجسد، وه ومقرون بالجذام والجنون، وقد روى عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«إذا بلغ العبد المسلم أربعين سنة أمنه الله من هذه الثلاث خلال: الجنون، والجذام، والبرص».
5- الشرك: وإنما صار السوء «الشرك» في مكان آخر، لأن الشرك تعليق بمن لا ينال، ولا يرى، ولا يدرك، فبقى الشرك في الهوى بلا قرار، لأنه قصد للتعليق ولم يتعلق فبقى في الهوى يهوي وذلك قوله تعالى:
{ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق}.
6- الشتم: وإنما صار السوء في مكان آخر «الشتم» لأنه يصل إلى القلب وجعه، فيتأذى إلى الوجه سوء، وكذلك في شأن المعصية.
7- المعصية: وإنما صار السوء في مكان آخر «المعصية» لأنها تسيء الوجه.
8- الفقر: وإنما صار السوء في مكان آخر «الفقر» للبؤس، ونزوع اللين والعطف، وذاك مما يسئ الوجه.
[تحصيل نظائر القرآن: 42]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصوم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir