* قوله: (( ولبثه فوق حاجته )):أي لا يحل له أن يلبث فوق حاجته ، ودليل ذلك ما تقدم من النهي عن كشف العورة إلا لحاجة وأن ذلك محرم.وقد تقدم ترجيح كراهية ذلك وأنه مكروه ليس بمحرم.وقد قال صلى الله عليه وسلم:(الله أحق أن يستحي منه) ([1]).
فالأرجح أنه لا يحرم له كشف عورته ولكنه يكره إلا إذا كان هناك ناظر فإنه يحرم عليه كما تقدم.
وقالوا: إنه يورث بعض المرض.
والجواب على هذا: أنه إن ثبت ذلك فنعم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) ، ومرجع ذلك إلى الطب ، فإن ثبت في ذلك ضرر فإنه يحرم.إذن: الراجح في هذه المسألة الكراهية لكونه كشف عورته من غير حاجة ، وأما التحريم فلا ، إلا إن ثبت ضرر طبي في ذلك فإنه يحرم لذلك.
* قوله: (( وبوله في ظل نافع وتحت شجرة عليها ثمرة )):
لقوله صلى الله عليه وسلم ـ كما في مسلم: (اتقوا اللاعنين ، قالوا: وما اللاعنان، قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم) ([2]).فهذا الحديث يدل على تحريم التخلي في طريق الناس أو ظلهم والمراد بالطريق: قارعة الطريق التي يطرقها الناس ويطؤونها بأقدامهم ، أما الطرق المهجورة فليس لها ذلك الحكم ـ كما أن المراد بالظل ، الظل الذي ينتفع به في الإستظلال وإلا فقد ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقضي حاجته في جانبي النخل وهو ذو ظل ، ولكنه ظل لا يحتاج إليه ولا ينتفع به.إذن: المحرم إنما هو الظل الذي ننتفع به ، ومثل ذلك المجلس المشمس فكل مجلس ينتفع به لا يحل قضاء الحاجة فيه ـ وقد روى أبو داود ـ والحديث حسن ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد ـ أي التي يرد إليها الناس للشرب والسقي ـ وقارعة الطريق والظل) ([3]) والحديث حسن لشواهده.
وأما قوله: (وتحت شجرة عليها ثمرة): فذلك لاحتياج الناس إلى هذه الثمرة فقد يحتاج الرجل إلى صعودها ، وقد تسقط الثمرة فتتنجس بالنجاسة فيحرم ذلك. فإذن: هذا من باب المعنى ، وفي الحديث (لا ضرر ولا ضرار) وقال تعالى {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} ([4]).
وقد ورد هذا عند الطبراني أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (نهى عن قضاء الحاجة تحت شجرة فيها ثمرة) ([5]) لكن الحديث إسناده ضعيف جداً ، ولكن دليله ما تقدم من ثبوت الضرر في ذلك والأذية.وقد ثبت عند الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال: (من آذى المسلمين في طرقهم فقد وجبت عليه لعنتهم)([6]).فالملاعن لكونها تسبب لعنة من الناس ولكونها تسبب قبول الله اللعنة من الناس.
(مسألة):حكم إستقبال بيت المقدس واستدباره في البول أو الغائط. هل يحرم ذلك أم لا ؟؟
روى أبو داود في سننه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (نهى عن إستقبال بيت المقدس بغائط أو بول) ، فالحديث فيه راو مجهول ، فعلى ذلك الحديث ضعيف ، فلا يكره ولا يحرم فعل ذلك وهو أحد القولين ، وهو مذهب المالكية ، وقال الشافعية يكره.