دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 ذو الحجة 1429هـ/5-12-2008م, 07:35 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 1: قصيدة تأبط شراً: يا عيد ما لك من شوق وإيراق = ومر طيف على الأهوال طراق


قال تأبط شراً:

يا عِيدُ مالَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ = ومَرَّ طَيْفٍ علَى الأَهوالِ طَرَّاقِ
يَسْرِي علَى الأَيْنِ والحيَّاتِ مُحْتَفِياً = نفسي فِداؤُكَ مِن سارٍ علَى ساقِ
إنى إِذا خُلَّةُ ضَنَّتْ بِنَائِلِها = وأَمْسكَتْ بضعيفِ الوصلِ أَحذَاقِ
نَجوْتُ منها نَجائي مِن بَجِيلةَ إِذْ = أَلْقَيْتُ ليلةَ خَبْتِ الرَّهِط أَرواقى
ليلةَ صاحُوا وأَغْرَوْا بِي سِرَاعَهُمُ = بِالعَيْكَتَيْنِ لَدَى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ
كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصًّا قَوادِمُهُ = أَو أُمَّ خِشْفٍ بِذى شَثٍّ وطُبَّاقِ
لا شيءَ أَسْرَعُ مِنَّي ليس ذا عُذَرٍ = وذا جَناحٍ ِبجنْبِ الرَّيْدِ خَفَّاقِ
حتى نَجَوتُ ولمَّا ينْزِعُوا سَلَبي = بِوَالِهِ مِن قَبِيض الشَّدِّ غّيْدَاقِ
ولا أَقولُ إِذا ما خُلَّةٌ صَرَمَتْ = يا وَيحَ نفسيَ مِن شوقٍ وإِشْفاقِ
لكنَّما عَوَلِي إِنْ كنْتُ ذا عَوَلٍ = علَى بَصيرٍ بِكَسبِ الحمدِ سَبَّاقِ
سَبَّاقِ غاياتِ مَجدٍ في عَشِيرَته = مُرَجِّعِ الصَّوتِ هَدَّا بينَ أَرْفَاقِ
عارِى الظَّنَابِيبِ، مُمْتدٍّ نَوَاشِرُهُ = مِدْلاجِ أَدْهَمَ وَاهِي الماءِ غَسَّاقِ
حَمَّالِ أَلويةٍ، شَهَّاِد أَندِيةٍ = قَوَّالِ مُحْكَمَةٍ، جَوَّابِ آفاقِ
فَذَاكَ هَمِّي وغَزْوى أَسْتَغِيثُ به = إذا استَغَثْتَ بِضَافِي الرَّأْسِ نَغَّاقِ
كالحِقْفِ حَدَّأَهُ النَّامُونَ قلتُ له: = ذُو ثَلَّتَيْنِ وذُو بَهْمٍ وأَرباقِ
وقُلَّةٍ كَسِنَانِ الرُّمْحِ بارزَةٍ = ضَحْيَانَةٍ في شُهورِ الصَّيفِ مِحرَاقِ
بادَرتُ قُنَّتَها صَحبي وما كَسِلُوا = حتَّى نَميْتُ إِليها بَعدَ إِشْراقِ
لا شيءَ في رَيْدِها إِلاَّ نَعَامَتُهَا = منهَا هَزيمٌ ومنها قائمٌ باقِ
بِشَرْثَةٍ خَلَقٍ يُوقَى البَنَانُ بها = شددتُ فيها سَرِيحاً بعدَ إِطْرَاقِ
بَلْ من لِعَذَّالةٍ خَذَّالةٍ أَشِبٍ = حَرَّقَ باللَّوم جِلدي أَيَّ تَحْرَاقِ
يقولُ أَهلكْتَ مالاً لَّو قَنِعْتَ به = مِن ثَوبِ صِدْقٍ ومن بَزٍّ وأَعلاقِ
عاذِلَتي إِنَّ بعضَ اللَّومِ مَعْنَفَةٌ = وهَلْ متاعٌ وإِنْ أَبقيْتُهُ باقِ
إِني زَعِيمٌ لئن لم تتركُوا عَذَلي = أَنْ يَسْئَلَ الحيُّ عنِّي أَهلَ آفاقِ
أَن يَسْئَلَ القومُ عني أَهلَ مَعْرِفَةٍ = فلا يُخبِّرُهُمْ عن ثابتٍ لاَقِ
سَدِّدْ خِلاَلَكَ من مالٍ تُجَمِّعُهُ = حتَّى تُلاَقِي الذي كلُّ امرىءٍ لاقِ
لَتَقْرَعَنَّ عليَّ السِّنَّ من نَدَمٍ = إِذا تذكرتَ يوماً بعضَ أَخلاقي


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 05:43 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تأبط شراً:

1: يا عِيدُ مالَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ = ومَرَّ طَيْفٍ علَى الأَهوالِ طَرَّاقِ
2: يَسْرِي علَى الأَيْنِ والحيَّاتِ مُحْتَفِياً = نفسي فِداؤُكَ مِن سارٍ علَى ساقِ
3: إني إِذا خُلَّةُ ضَنَّتْ بِنَائِلِها = وأَمْسكَتْ بضعيفِ الوصلِ أَحذَاقِ
4: نَجوْتُ منها نَجائي مِن بَجِيلةَ إِذْ = أَلْقَيْتُ ليلةَ خَبْتِ الرَّهِط أَرواقى
5: ليلةَ صاحُوا وأَغْرَوْا بِي سِرَاعَهُمُ = بِالعَيْكَتَيْنِ لَدَى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ
6: كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصًّا قَوادِمُهُ = أَو أُمَّ خِشْفٍ بِذى شَثٍّ وطُبَّاقِ
7: لا شيءَ أَسْرَعُ مِنَّي ليس ذا عُذَرٍ = وذا جَناحٍ ِبجنْبِ الرَّيْدِ خَفَّاقِ
8: حتى نَجَوتُ ولمَّا ينْزِعُوا سَلَبي = بِوَالِهِ مِن قَبِيض الشَّدِّ غّيْدَاقِ
9: ولا أَقولُ إِذا ما خُلَّةٌ صَرَمَتْ = يا وَيحَ نفسيَ مِن شوقٍ وإِشْفاقِ
10: لكنَّما عَوَلِي إِنْ كنْتُ ذا عَوَلٍ = علَى بَصيرٍ بِكَسبِ الحمدِ سَبَّاقِ
11: سَبَّاقِ غاياتِ مَجدٍ في عَشِيرَته = مُرَجِّعِ الصَّوتِ هَدَّا بينَ أَرْفَاقِ
12: عارِى الظَّنَابِيبِ، مُمْتدٍّ نَوَاشِرُهُ = مِدْلاجِ أَدْهَمَ وَاهِي الماءِ غَسَّاقِ
13: حَمَّالِ أَلويةٍ، شَهَّاِد أَندِيةٍ = قَوَّالِ مُحْكَمَةٍ، جَوَّابِ آفاقِ
14: فَذَاكَ هَمِّي وغَزْوي أَسْتَغِيثُ به = إذا استَغَثْتَ بِضَافِي الرَّأْسِ نَغَّاقِ
15: كالحِقْفِ حَدَّأَهُ النَّامُونَ قلتُ له: = ذُو ثَلَّتَيْنِ وذُو بَهْمٍ وأَرباقِ
16: وقُلَّةٍ كَسِنَانِ الرُّمْحِ بارزَةٍ = ضَحْيَانَةٍ في شُهورِ الصَّيفِ مِحرَاقِ
17: بادَرتُ قُنَّتَها صَحبي وما كَسِلُوا = حتَّى نَميْتُ إِليها بَعدَ إِشْراقِ
18: لا شيءَ في رَيْدِها إِلاَّ نَعَامَتُهَا = منهَا هَزيمٌ ومنها قائمٌ باقِ
19: بِشَرْثَةٍ خَلَقٍ يُوقَى البَنَانُ بها = شددتُ فيها سَرِيحاً بعدَ إِطْرَاقِ
20: بَلْ من لِعَذَّالةٍ خَذَّالةٍ أَشِبٍ = حَرَّقَ باللَّوم جِلدي أَيَّ تَحْرَاقِ
21: يقولُ أَهلكْتَ مالاً لَّو قَنِعْتَ به = مِن ثَوبِ صِدْقٍ ومن بَزٍّ وأَعلاقِ
22: عاذِلَتي إِنَّ بعضَ اللَّومِ مَعْنَفَةٌ = وهَلْ متاعٌ وإِنْ أَبقيْتُهُ باقِ
23: إِني زَعِيمٌ لئن لم تتركُوا عَذَلي = أَنْ يَسْئَلَ الحيُّ عنِّي أَهلَ آفاقِ
24: أَن يَسْئَلَ القومُ عني أَهلَ مَعْرِفَةٍ = فلا يُخبِّرُهُمْ عن ثابتٍ لاَقِ
25: سَدِّدْ خِلاَلَكَ من مالٍ تُجَمِّعُهُ = حتَّى تُلاَقِي الذي كلُّ امرئٍ لاقِ
26: لَتَقْرَعَنَّ عليَّ السِّنَّ من نَدَمٍ = إِذا تذكرتَ يوماً بعضَ أَخلاقي


ترجمته: هو ثابت بن جابر بن سفيان بن عدي بن كعب بن حرب بن تيم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار.
وسمي (تأبط شرا) لأنه تأبط سيفا وخرج، فقيل لأمه: أين هو؟ فقالت: تأبط شرا وخرج، وهذا أشهر ما قيل في سبب تلقيبه به. وكان أحد لصوص العرب المغيرين، قرينا للشنفرى الأزدي وعمرو بن براق، وكانوا ثلاثتهم من العدائين، الذين يعدون على أرجلهم فلا يدركهم الطلب، بل كانوا أعدى العدائين في العرب، لم تلحقهم الخيل. وسيأتي وصف جيد له في قصيدة ابن أخته الشنفرى رقم 20 في الأبيات 19-27.
وتجد كلاما على تأبط شرا في (الفصول والغايات) لأبي العلاء المعري 1: 388، وفي لسان العرب 7: 176 و14: 267. وفيه أيضا 2: 138 ما يفهم منه أنه إسلامي العصر. وفيه 2: 239 أن له أخا يقال له (ريش لغب).
جو القصيدة: فيها يصف الطيف، ويذكر حادث هربه من بجيلة حين أرصدوا له كمينا على ماء، فأخذوه وكتفوه بوتر، ثم دبر حيلة بارعة هو وعمرو بن براق والشنفرى، تمكن بها الثلاثة من النجاء عدوا على الأقدام، والقصة مفصلة في الخزانة 2: 16-17. وفيها تصوير جيد لقوة جريه، وشدة عدوه. ثم وصف للرجل السيد الذي يركن إليه. ثم فخر بتجشمه الأخطار، وإشادة بكرمه، منددا بمن يلومه على إنفاق ماله.
تخريجها: منتهى الطلب 2: 207-208. والبيت 3-8 في حماسة البحتري 81-82. والبيت 8 في الكنز اللغوي 231. والأبيات السبعة الأخيرة في الشعراء 175-176 وانظر الشرح 2-20.
(1) العيد: ما اعتاد من حزن وشوق. مالك: ما أعظمك. الإيراق: مصدر (آرقه يورقه) من الأرق. أراد: يا أيها المعتادي ما لك من شوق، كقولك: ما لك من فارس، وأنت تتعجب من فروسيته وتمدحه. طراق: يقول يطرقنا ليلا في موضع البعد والمخافة.
(2) يسري الطيف: يسير ليلا. الأين: نوع من الحيات، أو: الأعياء. محتفيا: حافيا.
(3) الخلة: الصداقة. وتقال للصديق، وتطلق على المذكر والمؤنث والمثنى والجمع، وأنث الضمائر من أجل اللفظ. النائل: ما ينال. بضعيف الوصل: بحبل ضعيف. الأحذاق: المتقطع.
(4) بجيلة: القبيلة التي أسرته. الخبت: اللين من الأرض. الرهط: موضع. ألقيت أرواقي: استفرغت مجهودي في العدو. يقول: إذا ضن عني صديقي بنائله، وكان وصاله ضعيفا أحذاقا، خليته ونجوت منه كنجائي من بجيلة.
(5) العيكتان: موضع. معدي: مصدر ميمي، أو اسم مكان، من (عدا يعدو). ابن براق: هو عمرو، وهو والشنفرى صديقا تأبط شرا، وكانا معه ليلة انفلاته من بجيلة.
(6) حثحثوا: حركوا، من الحث. القوادم: ما ولي الرأس من ريش الجناح. والحص: جمع أحص، وهو ما تناثر ريشه وتكسر، يشير بذلك إلى الظليم، وهو ذكر النعام. الخشف: ولد الظبية. الشث والطباق: نبتان طيبا المرعى، يضمران راعييهما ويشدان لحمهما. أي: كأنما حركوا بحركتهم إياي ظليما أو ظبية. والنعام والظباء مضرب المثل في سرعة العدو.
(7) العذر: جمع عذرة، وهي ما أقبل من شعر الناصية على وجه الفرس. الريد: الشمراخ الأعلى من الجبل. يقول: لا شيء أسرع مني إلا الفرس، وإلا الطائر الجارح الذي يأوي إلى الجبل، إذ هو أسرع طيرانا من جارح السهل. وليس في هذا الموضع أداة استثناء، وتترك فيه موحدة في التثنية والجمع، وفي المؤنث بغير علامة التأنيث.
(8) السلب: ما يسلب في الحرب. الواله: الذاهب العقل، الشد القبيض: الجري السريع. الغيداق: الكبير الواسع، من الغدق وهو المطر الكثير. يريد: أنه نجا من بجيلة مسرعا كالواله، فيكون قد جرد من نفسه شخصا كاد يذهب عقله من سرعة الهرب، والطلب وراءه.
(9) صرمت: قطعت.
(10) العول، بفتح الواو مع فتح العين وكسرها: مصدر بمعنى العويل، وهو رفع الصوت بالبكاء والاستغاثة، وبالكسر فقط جمع (عولة) بفتح فسكون. أو بمعنى المعول عليه المستغاث به. بدأ في وصف الرجل الكامل يبكي فقد صداقته، أو الذي يعول عليه.
(11) مرجع الصوت: يصيح أمرا ناهيا. هدا: رافعا صوته، مصدر وقع حالا. الأرفاق: الرفاق، يصفه بأنه رئيسهم، يصدرون عن رأيه فيما يأمر وينهى.
(12) الظنابيب: جمع ظنبوب وهو حرف عظم الساق، جعلها عارية لهزالها، والعرب تمدح الهزال وتهجو السمن. النواشر: عروق ظاهر الذراع. مدلاج: كثير سفر الليالي بطولها. الأدهم: الليل. واهي الماء: مطر شديد، سحابة لا يمسك الماء. الغساق: الشديد الظلمة. وهما نعت للأدهم. يقول: يدلج في الليل الممطر المظلم، فهو ذو عزم وجرأة.
(13) المحكمة: الكلمة الفاصلة. جواب آفاق: صاحب أسفار وغزو.
(14) غزوي: مقصدي، من الغزو وهو القصد. ضافي الرأس: كثير الشعر. نغاق ونعاق بمعنى، وهما روايتان هنا.
(15) الحقف: ما اعوج من الرمل. وحدأه النامون: أي صلبوه بدوسهم إياه وصعودهم عليه، وهذا الحرف لم يذكر في المعاجم، وفسره أبو محمد الأنباري. والنامون من نمى بمعنى صعد وارتفع. والثلة: القطعة من الغنم. والبهم: أولاد الشاة. والأرباق: جمع ربق بكسر فسكون، وهو حبل يجعل كالحلقة يشد به صغار الغنم لئلا ترضع. شبه تلبد شعر الراعي النغاق بالحقف الذي لبده النامون عليه، ثم يقول له: أنت ذو ثلتين، ما لك وللحرب! يحقره بذلك. ويريد أنه يستغيث بمن وصف قبل، إذا استغاث غيره بمثل هذا الراعي.
(16) القلة: أعلى الجبل. ضحيانة: بارزة للشمس. محراق: يحرق من فيها.
(17) القنة والقلة بمعنى، أراد أعلى جزء منها. نميت: ارتفعت. يريد أنه سبقهم وهم على جد.
(18) الريد: أعلى الجبل. النعامة: خشبات تكون في أعلى الجبل يأوي إليها الربيئة، وهو العين والطليعة في القتال. منها: من خشبات النعامة. هزيم: متكسر.
(19) بشرثة خلق: يقول: صعدت إلى هذه القنة بنعل ممزقة. السريح: السيور تشد بها النعل. الإطراق: أن يجعل تحت النعل مثلها.
(20) بل للإضراب الانتقالي. العذالة: الكثير العذل. والخذالة: الذي يكثر خذلان صاحبه. والتاء فيهما للمبالغة. والأشب: المخلط المعترض. يريد: من يعينني على هذا العذالة.
(21) ثوب صدق: مقابل ثوب سوء، عنى به الجيد. والبز: الثياب أو السلاح. الأعلاق: كرائم الأموال: يريد أنه يأمره بالبخل وإمساك ماله.
(22) معنفة: عنف.
(23) زعيم: كفيل وضمين.
(24) ثابت: هو تأبط شرا.
(25) الخلال: جمع خلة، وهي الحاجة والفقر. يقول: سد بمالك فقرك حتى تلاقي الموت. وهذا المعنى أجدر به أن يكون من قول العاذلة، ويؤيده أن ابن قتيبة وضعه في روايته بعد البيت 21. وأما وضعه هنا فيؤول بأنه حض على إنفاق المال وبذله، حتى يعرف بسداد الخصال، من قولهم سدده: قومه وجعله سديدا. والخلال: الخصال، جمع خلة بالفتح.
(26) لنقرعن، وتذكرت: هما خطاب للرجل العاذلة، بكسر العين والتاء، أو بفتحهما، على اللفظ أو على المعنى.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 03:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري


قال أبو عكرمة الضبي: قال أبو عبد الله ابن الأعرابي، قال المفضل الضبي:
1- قال تأبط شرًا
وهو ثابت بن جابر بن سفيان بن عدي بن كعب بن حرب بن تيم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، قال أحمد: هكذا نسبه لنا أبو عمرو إسحاق بن مرار بكسر الميم، وقال: كان عيلان عبدًا لمضر، حضن ابنه الناس، فغلب على نسبه، وقال هشام: ولد مضر بن نزار رجلين: إلياس بن مضر، وفيه العدد، والناس بن مضر، وأمهما الرئاب بنت حيدة بن معد بن عدنان، وأما الناس بن مضر، فكان متلافًا لا يليق شيئًا، وكان إذا نفد ما عنده، أتى أخاه إلياس، فيناصفه ماله أحيانًا، ويريشه أحيانًا، فلما طال ذلك عليه، وأتاه كما كان يأتيه، قال له إلياس: غلبت عليك العيلة، فأنت عيلان، فسمي لذلك عيلان وجهل الناس.

1: يا عيد مالك من شوق وإيراق.......ومر طيف على الأهوال طراق
(العيد): ما اعتاد من مرض، أو حزن، ومنه قول الشاعر:
عاد قلبي من الطويلة عيد.......واعتراني من حبها تسهيد
قوله: (يا عيد)، يريد: أيها المعتادي، «مالك من شوق وإيراق» كقولك مالك من فارس قاتلك الله، وأنت تريد بذلك مدحه لا الدعاء عليه، قال أبو عكرمة، ورواها أبو عمرو الشيباني:
يا هند مالك من شوق وإيراق
و(الطيف) طيف الخيال، قال الأصمعي: يقال طاف الخيال يطيف طيفًا، وأنشد:
أنى ألم بك الخيال يطيف.......ومطافه لك ذكرة وشعوف
وقال أبو زيد، وأبو محمد اليزيدي: يقال: طاف الخيال يطوف، قالا: وإنما (الطيف) تخفيف طيف كما يقال: ميت تخفيف ميت، وهو من مات يموت، و(طراق) من الطروق، ولا يكون إلا بالليل.
قال أحمد بن عبيد: رواية أبي عمرو الشيباني، يا هيد مالك، فإن العرب تقول للرجل، ومن أتاهم: هيد مالك، ويا هيد مالك إذا سألوه عن حاله وتحفوا به: ويقولون: أتاهم، فما قالوا له هيد مالك، والمعنى في هذا: (مالك) أي: ما ينزل بك من الشوق والإيراق، ويحل بك من ممر هذا الطيف إذا طاف بك به، ونزوله عليك، وقوله (على الأهوال طراق) يقول: يطرقنا في موضع البعد، والمخافة، وذلك إذا أغفوا لطول ما قد مر بهم من التعب والسرى، فإذا ناموا طرقهم خيال من يحبون، ويهوون، فيشوقهم، ويؤرقهم حبهم له، وغلبته عليهم، ومثله قول الآخر:
أنى اهتديت، وكنت غير رجيلة.......والقوم قد قطعوا متان السجسج
يقول: نحن قوم سفر، فكيف اهتديت إلينا، وعهدناكِ غير رجيلة: غير قوية على السفر، ومن روى: يا هند مالك، فالمعنى: ما لنا منك من شوق وإيراق إذا طرقنا خيالك، فلما كان ذلك بسببها، جعله لها، ومن روى: يا عيد، فإنه أراد ما يعوده من ذكرها عند طروق خيالها كقول الأعشى:
طاف الخيال فعاده.......من ذكر مية ما يعوده
و(العيد): الوقت الذي يعود إليه فيه الذكر، والوجع، والشوق، وما أشبه ذلك، وأصله من عاد يعود، فانقلبت الواو لسكونها، وكسرة ما قبلها ياءً، ومنه تسمى العيد عيدًا لأنه يعود لوقته، والإيراق مصدر آرقه يؤرقه إيراقًا، حتى: أرق يأرق أرقًا، وأما الطيف خالف فيه جميع الناس ما قاله الأصمعي، فزعم أنه من طاف يطيف.
قال: وهذا في الخيال خاصة، تقول العرب بالياء، قال: وحكي: دامت السماء تديم ديمًا، وحكي عن بعض العرب: مازالت السماء ديمًا ديمًا، وأنشد بيت حميد بن ثور الهلالي:
رعى السرة المحلال ما بين زابن.......إلى الخور وسمي البقول المديما
وزعم أن المديم مفعل من دامت تديم، واحتج أيضًا ببيت كعب بن زهير:
أنى ألم بك الخيال يطيف.......ومطافه لك ذكرة وشعوف
كذا أنشده بالياء، وخالف الرواة كلهم، وأبى ذلك ابن الأعرابي، وسائر العلماء، وقالوا: طاف الخيال يطوف، قالوا جميعًا إنما هو تخفيف طيف كما قالوا: ميت، وهين، ولين تخفيف: ميت، وهين ولين.
قالوا: وأما قول حميد بن ثور: المديما، فإنما هو المفعيل، كأن أصله المديوم فاجتمعت الياء، والواو، وسبقت إحداهما بسكون، فقلبت الواو ياءً، وأدغمت الياء فيها، وترك ما قبلها على ما كان عليه لأن الياء والواو الساكنتين تصحان بعد فتح، ولا تصح ياء ساكنة بعد ضم، ولا واو ساكنة بعد كسر.
قال أحمد: وإنما قرروه في تخفيفه على الياء لأنهم يطالبون الاسم لا المصدر، فكأنهم وإن خففوه يعاملونه معاملة التشديد، وأما المصدر فبالواو لا غير إلا ما ذهب إليه الأصمعي، واختلف الناس في تصغيره، فـأما الفراء، ومن قال بقوله فإنهم يصغرونه على الأصل، فيقولون: طويف، وأما سيبويه، ومن قال بقوله فإنهم يصغرونه طييف، ومييت على لفظه.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: ونصب هيد ما لك كما ينصب الزجر، والزجر ينصب كما تنصب الأدوات، وذلك إذا كان ما قبل الحرف الذي هو آخر الكلمة منجزمًا نصب آخره كقول الله جل وعز: {أف لكم}، وقولهم: لعل، وإن، وما أشبه ذلك، فإذا تحرك ما آخر الكلمة جزمت، وربما رفعت الكلمة، ونصبت، وخفضت إذا كان ما قبلها ساكنًا.

2: يسري على الأين والحيات محتفيًا.......نفسي فداؤك من سار على ساق
وروي: * لله درك من سارٍ على ساق *، و(الساري): الذي يسير بالليل، يقال: سرى، وأسرى بمعنى واحدٍ.
ويقال: (سرى) إذا سار الليل كله، وأسرى إذا سار من آخر الليل، والأيم، و(الأين) ضرب من (الحيات)، و(الأين): الإعياء أيضًا، و(محتف) حاف، وروى غير أبي عكرمة: أحبب بذلك من سار، وروي: أهل بذلك، وروي أهلا بذلك، و(الأين): الإعياء ههنا، يقال: آن يئين أينا إذا أعيا، وقد إنت، أي: أعييت، وإنا أعيينا، وأنشد:
ترى الشطبة الجرداء تنفض رأسها.......كلالاً وأينًا والكميت المفرعا
يعني: فرسًا أفرع نفض كتفيه، وآن الشيء بمعنى: حان يئين أينًا، وأنى يأني، ومنه قول الله عز وجل: {ألم يأن للذين آمنوا}، أي: ألم يحن لهم، والله أعلم، قال الشاعر:
ألما يئن لي أن تجلى عمايتي.......وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا
فجاء هذا الشاعر بهاتين اللغتين جميعًا، وقوله: ألما يئن لي من قولك: آن ثم قال في آخره: بلى قد أنى ليا فجاء باللغتين في بيت وقال الفراء: إن شئت جعلتهما جميعًا من لغة واحدة كأنه أراد بقوله: ألما يئن لي، يأن لي، ثم أدغم النون عند اللام، وألقى حركتها على الهمزة، فيكون حينئذ من أنى يأني، فيصيران جميعًا من لغةٍ واحدة، وفيه لغتان أخريان: العرب تقول: ألم ينل لك أن تفعل ذاك، وألم ينل لك أن تفعل.
قال أحمد بن عبيد: وتقول العرب: كان ذاك في أوان حاجتك، وفي آونة حاجتك، ومعنى آونة: أحيانًا، ويقال: آن يؤون أونًا بمعنى رفق، يقال: أن على نفسك، أي: ارفق بها. أحمد.
وقوله: أهلاً بذلك من سار كأنه دعاء له، وتعجب منه.
العرب تقول: فلان أهل خير، وقد آهله الله له، ومكان مأهول هو الكلام، وقد أهل هذا المكان، وسمعت يقال: مكان آهل، أي: ذو أهل، قال ذو الرمة: * كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل *.
وبنو عامر يقولون: أهلت به فأنا آهل به، أهولاً، أي: آنست به، وجعله محتفيًا، أي: عجل في طلبنا، ولم يتلبث، وقوله: * نفسي فداؤك من سار على ساق *، والخيال لا يمشي على ساق، ولكنه لما قال: يسري، وقال محتفيًا: فوصفه بما يوصف به ذو الساق، قال: * نفسي فداؤك من سار على ساق *، فجعله ممن له ساق، وكذلك قول الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}، وإنما تدخل هذه النون والياء في جمع ذكران الإنس والجن، وما أشبههم، فيقال: الجن والإنس والملائكة ساجدون، فإذا عدوت هذا، صار المؤنث والمذكر إلى التأنيث، فيقال: الغنم، والبقر مذبحة، ومذبحات، وقد ذبحن، ولا يجوز مذبحون.
قال الفراء: وإنما ذلك لأنها وصفت بأفاعيل الآدميين، وقال: ألا ترى أن الركوع والسجود لا يكون إلا من الآدميين، فأخرجت على أفعال الآدميين لما وصفت بصفتهم، ومثله {وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا}، وكأنهم خاطبوا رجالاً إذا كلمتهم وكلموها، ومثله {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، وكل ما ورد عليك موافقًا لفعل الآدميين، وليس من الآدميين، فأجره على هذا، ويجوز أن يكون جعل الخيال ذا ساق، يذهب إلى معناه، يريد: صاحب الخيال. أحمد.
ويقال: (سرى)، وأسرى لغتان قد جاء بهما القرآن، فيقال: سرت الدابة أسيرها سيرًا ومسيرًا، وسرت بالقوم، فأنا أسير بهم وسريت بالقوم فأنا أسري بهم سرى، وسروًا، هم يسرون سراي، وأسريت بهم إسراء، والسرى من أوسط الليل، وأوله وآخره، وأما السير فبالليل والنهار.

3: إني إذا خلة ضنت بنائلها.......وأمسكت بضعيف الوصل أحذاق
(الأحذاق): المتقطع، يقال: حبل أحذاق، وأرمام، وأرماث، وأخلاق كله واحد، وواحد الأحذاق: حذقة وواحدة الإرمام رمة، ومنه قولهم: حذق حبله إذا قطعه، ومنه حذاق الصبي، وهو قطعه ما كان فيه، وخروجه إلى غيره.
و(الخلة) الصداقة، يقال: خاللته مخالة، وخلالاً، وبيني وبين فلان خُلة وخِلة وخِلالة، وهو خلتي، أي صديقي، وهي خُلتي، وهم خلتي وهما خلتي، وهن خلتي، وأنشد:
ألا بلغا خلتي جابرًا.......بأن خليلك لم يقتل
تخاطأت النبل أحشاءه.......وأخر يومي فلم يعجل
وفلان خليلي، قال الشاعر:
ويخبرهم مكان النون مني.......وما أعطيته عرق الخلال
النون: السيف، سمي بذلك لأنه كانت عليه صورة سمكة، فسمي ذا النون بالسمكة، وقوله: عرق الخلال، أي: لم يعرق لي به عن مودة، وإنما أخذته منه غصبًا، وجمع خليل: خلان، وأنشد:
وددت ودادة لو أن حظي.......من الخلان ألا يصرموني
وقول زهير:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة.......يقول لا غائب مالي ولا حرم
ويروى: ولا حرم، وروى أبو عمرو بفتح الراء وكسرها، وروى الأصمعي بكسر الراء، والخليل: الفقير المحتاج، أي: إن أتاه صديق محتاج يقول: لا غائب عنك مالي ولا حرم، وحرم بمعنى حرام مصدر، وروى أبو عبيدة: ولا حرم بالفتح، قال: هو بمنزلة الحرام حرم حرمًا، وفسر أبو عبيدة، قال: إذا كان المال لا يعطى منه، ويحرم أن يجاد به، يقال له: مال حرم، وقال الأصمعي: الحرم: المنع، يقول: ليس لمالي منع عنك، قال: والخليل: الفقير، وهو فعيل من الخلة، وهي الحاجة، قال يعقوب: أنشده أبو عبيدة، والأصمعي حرم بكسر الراء، وقال أحمد: الحرم: الممنوع، قال: لا يقول لمجتديه إن مالي محلوف عليه، ولا إنه سائبة، وفي السائبة يقول أبو دؤاد يصف الإبل:
فهي كالبيض في الأداحي لا يو....... هب منها لمستتم عصام
أي: أنها سائبة، يقول: من نفاستها عنده، لا يعطي من وبرها شيئًا، وقوله: بضعيف الوصل أحذاق، أي: بحبل ضعيف أحذاق، والواحد لا يوصف به إلا في أحرف يسيرة، يقال: حبل أحذاق، وثوب أخلاق، وبرمة أعشار، وقوله: (أحذاق)، يقال: حذق الغلام القرآن، والعمل يحذق حذقًا وحذقا وحذاقة وحذاقا وقد حذق يحذق لغة: وقد حذقت الحبل أحذقه إذا قطعته بالفتح لا غير، وقد حذق الخل يحذق حذوقًا إذا كان حامضًا، ويروى بضعيف الوصل حذاق، أي: قطاع لا يثبت على مودة، ويكون حذاق، أي: قطاع لحبل خليلي إذا ضن علي بنائله، وحاول صرمي.
4: نجوت منها نجائي من بجيلة إذ.......ألقيت ليلة خبت الرهط أرواقي
ويروى: (ليلة خبت الرهط)، ويروى طرحت ليلة خبت الرهط، و(الخبت): اللين من الأرض، و(الرهط): موضع.
وقوله: (ألقيت أرواقي)، أي: لم أدع جهدًا من العدو، وهذا مثل يقال: ألقت السحابة أرواقها إذا صبت ماءها، وقوله: (نجائي من بجيلة)، فإن أبا عمرو الشيباني قال: أغار تأبط شرًا والشنفرى الأزدي، وعمرو بن براق على بجيلة، فوجدوا بجيلة قد أقعدوا لهم على الماء رصدًا، فلما مالوا له في جوف الليل، قال لهم تأبط شرًا: إن بالماء رصدًا، وإني لأسمع وجيب قلوب القوم، قالوا: والله ما نسمع شيئًا، وما هو إلا قلبك يجب، فوضع يده على قلبه، فقال: والله لا يجب، وما كان وجابًا، قالوا: فلا والله، ما لنا بد من ورود الماء، فخرج الشنفرى، فلما رآه الرصد، عرفوه، فتركوه، فشرب ثم رجع إلى أصحابه، فقال: والله ما بالماء أحد، ولقد شربت من الحوض، فقال تأبط شرًا: بلى، ولكن القوم لا يريدونك، ولكن يريدونني، ثم قال للشنفرى: إذا أنا كرعت من الحوض، فإن القوم سيشدون علي، فيأسرونني، فاذهب كأنك تهرب، ثم ارجع، فكن في أصل ذلك القرن، فإذا سمعتني أقول خذوا خذوا، فتعال فأطلقني، قال: وقال لابن براق: إني سآمرك أن تستأسر للقوم، فلا تنأ منهما، ولا تمكنهم من نفسك، ثم اقبل تأبط شرًا حتى ورد الماء، فلما كرع في الحوض، شدوا عليه فأخذوه، وكتفوه بوتر، وطار الشنفرى فأتى حيث أمره، وانحاز ابن براق حيث يرونه، فقال تأبط: يا بجيلة، هل لكم في خير، هل لكم أن تياسرونا في الفداء، ويستأسر لكم ابن براق، فقالوا: نعم، فقال: ويلك يا ابن براق، إن الشنفرى قد طار، فهو يصطلي نار بني فلان، وقد علمت الذي بيننا، وبين أهلك، فهل لك أن تستأسر، ويياسرونا في الفداء، فقال: أما والله حتى أروز نفسي شوطًا أو شوطين، فجعل يستن في قبل الجبل، ثم يرجع حتى إذا رأوا أنه قد أعيا، وطمعوا فيه اتبعوه، ونادى تأبط: خذوا خذوا، فذهبوا يسعون في إثره، فجعل يطمعهم وينأى عنهم، وخالف الشنفرى إلى تأبط فقطع وثاقه، فلما رآه ابن براق قد قطع عنه، انطلق، وكر إلى تأبط، فإذا هو قائم، فقال: أأعجبكم يا معشر بجيلة عدو ابن براق، أما والله لأعدون لكم عدوًا أنسيكموه، ثم انطلق هو والشنفرى.
قال أبو محمد رحمه الله: وكذا روى أحمد بن حسين الخبر فيما أخبرني عن أبي عمرو الشيباني غير أنه قال: وما هو إلا قلبك، ولم يقل يجب، وقال في روايته: فوضع يده على فؤاده ولم يقل: على قلبه وقال في روايته فإن القوم سيشهدون علي فيأخذونني ولم يقل فيأسرونني وزاد في روايته وانحاز ابن براق، قال: وروي، فإنما زاد ابن براق قاله عن غير أبي عمرو، قال أحمد، وفيما روى أبو عمرو، فلما رآه ابن براق، وقد أطلق عنه، وفي رواية ابن الأعرابي، وقد قطع عنه، وروى عدوًا ينسيكموه عن أبي عمرو، وعن غيره أنسيكيموه، وقوله: ما هو إلا قلبك يجب.
يقال: وجب القلب يجب وجيبًا، ووجب الحائط وغيره إذا سقط، ووجبة ووجبت الشمس وجوبًا، ووجب الحق والبيع يجب وجوبًا وجبة، والمعنى في البيت يقول: إذا ضن عني صديقي وخليلي بنائله، وكان وصاله إياي ضعيفًا أحذاقًا خليته وتركته، واستبدلت به، ونجوت منه، أي: تباعدت عنه كما نجوت من بجيلة، وتباعدت عنها ليلة صاحوا بي وأنزلتهم منزلتهم في التباعد عنهم، والمعاداة لهم.
ويقال: ألقى عليه أرواقه وعبالته، وروقه، وجراميزه، أي: ثقله، وإنما قال: أرواقي أي استفرغت مجهودي في العدو، وروي: إذ أرسلت ليلة خبت الرهط أرواقي، يقال: أرسل فلان أرواقه إذا شمر ثيابه واستفرغ عدوه.
5: ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم.......بالعيكتين لدى معدى ابن براق
روى أبو عمرو الشيباني: (وأغروا بي) كلابهم بالجلهتين، وروي بالعيثتين، وقوله: (لدى معدى ابن براق)، أي: حيث عدا، وروي: و(أغروا بي) خيارهم، وروي ليلة خبت الجو، وهذه كلها مواضع، و(معدى ابن براق) حيث عدا، يقال: عدا الفرس، وأعديته، وجرى وأجريته، ولا يقال: ركض وأركضته، وإنما ركضه: ضربه الأرض بحوافره، وركضته ركلته بأعقابك في جنبيه، و(معدى) موضع ومصدر وإذا كانت العين من يفعل مضمومة نحو: يقتل، ويحشر، فالعين من مفعل مفتوحة من مصدر، وموضع نحو مقتل، ومحشر إلا إحدى عشر حرفًا نوادر تحفظ حفظًا: من ذلك المشرق، والمغرب، والمسجد، والمنبت، والمجزر، والمفرق، والمسكن، والمطلع، والمنسك، والمسقط، والمثبر، وهو الموضع الذي تضع فيه الناقة ولدها، وكذلك المضاعف إن كان على يفعل، ويفعل المفعل منه مفتوح كقولك إنه لطيب المشم من شممت تشم، وأما المضموم فمثل قولك الممر والمكر من قولك مر يمر، وكر يكر، وإن كان من المضاعف، وكان على فعل يفعل إن كان اسمًا كسرت كما كنت فاعلاً في غير المضاعف، وقد مضى شرحه، وإن كان مصدرًا فتحت مثل قاع المضل، وما في ثوبه مصح، و{حتى يبلغ الهدي محله}، فهذه أسماء، وكذلك المدب والمدب، والمفر والمفر، وقول الله عز وجل: {أين المفر} فهو مصدر، وإن كان من ذوات الياء كان مصدره بالألف، واسمه بالياء مثل المعاب، والمعيب، والمسار والمسير، وإن كان من ذوات الواو كان بالألف مثل مقام ومنام.
وإن كان الواو فاء، فكله بالكسر مثل موضع وموعد، وإن كان آخر الفعل ياء أو واوًا أو همزة، كان بالفتح لا غير نحو المولى، والمرمى، وليس في الكلام مفعل بضم العين، ومما حكي بالفتح والكسر منها منبت ومنبت ومجزر ومجزر ومطلع ومطلع، ومنسك ومنسك، ومسكن ومسكن، وإذا كانت العين من يفعل مفتوحة نحو: يجمع، ويصنع، ويعلم، ويسمع، فمفعل من مصدر، وموضع مفتوحة العين نحو: مصنع، ومجمع، ومعلم، فإذا كانت العين من يفعل مكسورة، فالمفعل على مذهبين إن أردت الموضع فمكسور، وإن أردت المصدر فمفتوح، تقول: ضربته ضربًا، وهذا المضرب للمكان الذي يفعل فيه، وحبست الدابة محبسًا، وهذا محبسه، ومضرب السيف: الموضع الذي يضرب به منه.
6: كأنما حثحثوا حصًا قوادمه.......أو أم خشف بذي شث وطباق
ويروى (وأم خشف) حثحثوا من الحث، وقوله: (حصًا قوادمه) يعني: الظليم والأحص: الذي تناثر ريشه، وتكسر، ويقال رجل أحص، وامرأة حصاء إذا تناثر شعر رؤوسهما وتكسر، ويقال وقعت في شعره الحاصة.
و(القوادم) من ريش الجناح ما ولي الرأس ثم يلي القوادم الخوافي، ويلي الخوافي الذنابي، و(الشث والطباق) من نبت السراة، وإنما خص (الشث والطباق) لأنهما يضمران راعييهما ويشدان لحمهما، أي: كأنما حركوا بحركتهم إياي ظبية أو ظليمًا وأنشد:
كأن بعيني إذا أطرقت.......حصاة تحثح بالمرود
والمرود: الملمول، و(أم خشف) ظبية ترعى هذين النبتين، غير أبي عكرمة: (حثحثوا): حركوا، وكان الأصل: حثثوا، فاجتمع ثلاث ثاءات، فأبدلوا الوسطى، وهي محركة بالفتح حاء، وتركوا الأولى على سكونها، والثالثة على ضمها، ومثله: {فكبكبوا}، الأصل: فكتبوا، فاجتمعت ثلاث باءات: الأولى ساكنة، والثانية مكسورة، والثالثة مضمومة، فأبدل من الوسطى، وهي مكسورة كافًا مكسورة، وإنما جعل الظليم أحص لأنه أخف له، ومن نبات السراة: الشث، والعرعر، والسرو، والطباق، والضبر، وهو جوز الجبل ينور ولا يعقد، والمظ وهو رمان البر ينور، ولا يعقد، والنحل تأكل المظ، ويجود عليه العسل، وأنشد لأبي ذؤيب يصف عسلاً:
يمانية أحيا لها مظ مأبد.......وآل قراس صوب أسقية كحل
ويروى: صوب أرمية، أحيا لها ما حولها من الأرض: أرمية، وأسقية: سحابات شديدات الوقع، الواحد: رمي، وسقي، وكحل إلى السواد في ألوانها.
7: لا شيء أسرع مني ليس ذا عذر.......وذا جناح بجنب الريد خفاق
يعني بذي عذر فرسًا، والعذر ما أقبل من شعر الناصية على الوجه، قال العجاج
* ينفضن أفنان السبيب والعذر *
يصف خيلاً الواحدة عذرة، و(الريد): الشمراخ الأعلى من الجبل، والجمع ريود، وإنما خص جارح الجبل لأنه أسرع طيرانًا من جارح السهل.
وجارح السهل أكثر ما يصيد الأرانب والحشرات، جارح الجبل يصيد الطير، وما حلق في الهواء، فهو أشد لطيرانه، وروي: * لا شيء أجود مني غير ذي نحم * أو ذي كدوم على العانات نهاق* ذو نحمٍ: يعني فرسًا، والنحيم فوق الهمهمة، وذو كدوم يعني: حمارًا قد كدمته الحمير، إلى ههنا عن أبي عكرمة.
وقال غيره، وروي:
لا شيء أجود مني غير ذي عذر.......أو ذي جناح بأعلى الجو خفاق
وقال الفراء: العرب تؤثر الرفع في أفعل منك إذا وقع خبرًا للتبرئة إذا قيل: لا رجل أفضل منك لأنه مشبه بالمعرفة، ولا رجل خير منك أشبه بالمعرفة لأن الألف واللام لا تدخلانه، وكذا روي بيت زهير:
لا شيء أسرع منها وهي طيبة.......نفسًا بما سوف ينجيها وتترك
يصف قطاة سريعة الطيران، وإنما طيب بنفسها سرعة طيرانها، وما قد وثقت به نفسها، وأن الصقر لا يطمع فيها، قوله: وتترك، قال يعقوب: وسوف تترك بعض اجتهادها في الطيران لا تبلغ أقصى ما عندها، تثق في نفسها بأنه دون اجتهادها ينجيها أي بالطيران الذي ينجيها وهي في ذلك تترك اجتهادها في الطيران لا تبلغ أقصى ما عندها تثق من نفسها بأنه دون اجتهادها ينجيها، قال الفراء: تقول العرب: لا أحد مثلك، ولا رجل غيرك، ولا رجل ضاربك، كل هذا تؤثر العرب الرفع فيه، تجعله خبرًا للتبرئة لشبهه بالمعرفة، وأنشد:
تبكي على زيد ولا زيد مثله.......بريء من الحمى صحيح الجوانح
والنصب في أفعل جائز في النحو، تتبعه النكرة، والرواة على الرفع، وحكى الفراء عن الكسائي أنه سمع العرب تقول: ارحموا من لا أب له ولا أم غير الرحمن، وإذا رأيت النعت الذي بعد النكرة واقعًا كقولك: لا رجلاً ضاربًا زيدًا، ومتعلقًا بالجارية، آثرت العرب فيه النصب بالنون إذا نصبت الاسم، وإذا كان نعتًا غير واقع آثرت النصب بغير نون، فتقول لا رجلاً تاركًا حقه، ولا رجلاً متعلقًا بفرسه، فهذا الواقع، وأما النعت الذي ليس بواقع، فقولك: لا ماء عذب لك، وإنما آثرت العرب التنوين في الواقع لأنه في معنى يفعل، فتباعد من معنى الأسماء، وأما الذي ليس بواقع، فإنهم توهموا فيه الاسم الذي قبله، فتركوا تنوينه، فإن وصلت النكرة بشيء من الصفات قبل أن تنعتها، ثم جاء النعت، نصبت العرب النعت بالنون واقعًا كان أو غير واقع، فقالوا: لا ماء لك باردًا، ولا ماء لك عذبًا، وقالوا: لا رجل لك كفيلاً بالجارية، فهذا وجه الكلام، ويجوز غير هذا، فإذا أتيت بالمعارف: الأعلام بعد النكرة، فجعلتها خبرًا لها، رفعت، ولم يجز أن تنصبها على طريق النعت للنكرة، كما جاز فيما كان نكرة، أو مشبهًا بالنكرة، وكلام العرب: أن تقول لا أحد أخوك فيرفعون الأخ لأنه معرفة، ولم يجز فيه غير الرفع، ولذلك آثرت العرب أن يقولوا لا أحد هو أخوك، وإنما أدخلوا هو لأنه كان من دعائهم أن يتبعوا النكرة أفعالها، فلما جاء ما لا يتبعها أحدثوا هو ليرفع الأخ، وهذا كله عن الفراء، وقوله ليس ذا عذر، يقول ليس شيء يفضلني في السرعة إلا ذو عذر، أي: فرس، أو طائر خفاق بجناحيه في طيرانه ثم استثنى بليس، فنصب، وليس ههنا استثناء اسمها فيها، وهو مجهول، ونصبت ذا على الاستثناء، وهو خبر ليس. وتترك ليس في الاستثناء موحدة من التثنية، والجمع، وفي المؤنث بغير علامة تأنيث تقول: ذهب القوم ليس أخاك، وليس أخويك، وليس إخوتك، ليس موحدة، وذهب النساء ليس جارية أو جاريتين، وقد يقال ذهب النساء ليست جارية أو جاريتين، فتدخل التاء مرة، وتحذفها مرة لأن مذهبها كمذهب الاسم المجهول مثله إنه ذاهبة جاريتك، وإنها ذاهبة جاريتك، فمن قال: إنه ذاهبة جاريتك، فهو الذي يقول: قام النساء، ليس جاريتك، ومن قال: إنها فهو الذي يقول: ليست جاريتك، ويجريه على هذا، ولا تثنية في ليس، ولا جمع لأن الضمير الذي فيها ليس بمعروف إنما هو مجهول، تقول: ذهبت الجواري ليست جاريتك، وليست جاريتيك، وليست جواريك تؤثر التأنيث إذا كان الجمع كثيرًا، فإذا قل آثرت تذكير ليس، فتقول ذهب النساء ليس ثلاثًا أو أربعًا ذكرت لقلته كقول الله عز وجل: {وقال نسوة في المدينة}، ولو كان العدد أكثر من عشر لقلت: ذهب النساء، ليست خمس عشرة لأنك إذا جاوزت العشر قلت: هذه نساء، وإن كان دون العشر، قلت هؤلاء نسوة، فتذكير، ليس لمعنى هؤلاء وتأنيثها لمعنى هذه، ويجوز في هذا ما جاز في هذا، وفي هذا ما جاز في هذا، والكلام هو الأول، وهو قول الفراء، فإذا كنت شئت، قلت: قام القوم ليس إياك، وإياي، وإياني بالنون وبالياء، وليسني، وليسي، ومن روى غير ذي عذر، فهو استثناء أيضًا.
وذو عذر يعني فرسًا، قال أحمد: والعذر ما قدم الكاثبة من مؤخر العرف، وهي خصل من شعر تلي قفاه، والكاثبة موضع الرمح قدام السرج، وأنشد لأبي النجم:
يوم قدرنا والعزيز من قدر.......وفاءت الخيل وقضين الوطر
من الصعافيق، وأدركن المئر.......مشي الجواري الشعث ينفضن العذر
قال: الصعافيق قوم كانوا باليمن ليسوا من العرب والمئر جمع مئرة وهي التراث، يقال مأر فلان فلانًا إذا وتره وعاداه، وقوله: مشي الجواري: يعني الخيل، وإنما جعلها تمشي مشي الجواري لأنها قد وجيت من طول التعب، فهي تظلع إذا مشت تنفض عذرها، والريد جمعه ريود، وهي حروف الجبال التي تشرف على الهواء، وأما الشماريخ فرؤوس الجبال العلى، وقال أحمد بن عبد الله في العذر مثل قول أبي عكرمة:
8: حتى نجوت ولما ينزعوا سلبي.......بواله من قبيض الشد غيداق
(الواله): الذاهب العقل كما يذهب عقل الناقة على ولدها، و(القبيض) السريع، و(الغيداق): الكثير الواسع عيش غيداق: إذا كان مخصبًا واسعًا، عن غير أبي عكرمة، ويروى: ولما يأخذوا سلبي، يقول: أسرعت إسراعًا شديدًا حتى نجوت من بجيلة، وقد قاربوا أن ينزعوا سلبي ولما يفعلوا، بواله أي بشد رجل واهل وهو يشبه بالواله، وهو الذاهب العقل، فليس يستبقي من جهده في عدوه شيئًا، ثم قال: هذا الشد من (قبيض الشد) أي: من سريعه، يقال قبيض بين القباضة، ومنه قول الطرماح يصف ناقة:
مبرزة إذا أبدى المنايا.......سدت بقباضة وثنت بلين
والباء التي في واله صلة، نجوت من بجيلة بهذا العدو الذي هو كعدو الواله، و(قبيض): شديد سريع، ويقال: ما أدري أي القبيض هو وما أدري أي الطنش، وما أدري أي الطبل، وما أدري أي الورى هو، معناه: ما أدري أي الخلق هو، وأنشد:
ثم لحقت بانطلاق رسل.......ستعلمون من خيار الطبل
وما أدري: أي النخط هو، وأي برنساء هو، وأي ترخم هو، وترخم هو لغتان، هذا كله بمعنى: ما أدري، أي الخلق هو، قال أحمد: هو قول الأصمعي، ورواية أبي نصر عنه، غيره زاد: ما أدري أي الأورم هو.
8: ولا أقول إذا ما خلة صرمت.......يا ويح نفسي من شوق وإشفاق
يقول: أنا مالك لنفسي مجرب، مختبر أصل من وصلني، وأقطع من قطعني كما قال أوس بن حجر:
فميطي بمياط وإن شئت فانعمي.......صباحًا وردي بيننا الوصل واسلمي
وكما قال الأعشى:
فميطي تميطي بصلب الفؤاد.......ووصل كريم وكنادها
ميطي اذهبي كما تميط الأذى عن الطريق: تنحيه، غير أبي عكرمة: إذا ما خلة بخلت، يقول أنا صلب القلب قويه، لا يذهب بي الشوق، والإشفاق على صاحب بخل علي، ولم أجد عنده خلة وغناء وبصرًا بكسب الحمد، ولا أبكي إثر من لم أر فيه خيرًا، ولا عنده طائلاً، وإنما بكائي وإعوالي على كل مجرب له بصر بكسب الحمد سباق إليه فأما على غيره فلا، وأما بيت الأعشى، فإن أبا محمد عبد الله بن رستم أخبرني عن يعقوب قال: روى أبو عبيدة:
أميطي تميطي بصلب الفؤاد.......وصال حبل وكنادها
قال: ورواها الأصمعي: وصول حبال وكنادها، ورواها أبو عمرو: ووصل كريم وكنادها
قال الأصمعي: ميطي: تباعدي عني، يقال: مط عني، ولا يقال أمط، وحكاها أبو عبيدة وغيره من العلماء، وكذا روي بيت أوس.
فميطي بمياط: يقول اذهبي بقلب رجل ذهاب بقلوب النساء وتباعدي به.
وكنادها: قطعها كأنه يكفرها، ولا يصلها، وإذا كفر فقد قطع، وبه سمي كندة؛ لأنه كند أباه نعمه أي كفره واسمه عفير، وفي قوله ووصل الكريم كنادها قولان: أحدهما أراد مواصلة كريم، فالهاء في كنادها تعود على المواصلة، كما قال: غفرنا وكانت من سجيتنا الغفر، أراد بقوله الغفر: المغفرة، والقول الآخر: أراد وكنادك: خاطبها، ثم رجع إلى خطاب الغائب، والعرب تفعل هذا كثيرًا تخاطب ثم ترجع إلى الغائب، وتذكر غائبًا ثم ترجع إلى خطابه، من ذلك قول عنترة:
حلت بأرض الزائرين فأصبحت.......عسرًا على طلابك ابنة مخرم
ذكر غائبة ثم رجع إلى خطابها، وقول الله عز وجل: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة}، ومنه قول كثير:
أسيني بنا أو أحسني لا ملولة.......لدينا ولا مقلية إ ن تقلت
ولم يقل إن تقليت ومنه قول الهذلي:
يا لهف نفسي كان جدة خلة.......وبياض وجهك للتراب الأعفر
وأما أبو الحسن الطوسي فإنه روى عن شيوخه أبي عمرو، وغيره من بيت أوس، فميطي بمياط، أي: اذهبي برجل جلد قد كان يذهب بقلوب النساء قبلك كقولك لئن حاولت فلانًا لتحاولن حولاً قلبًا، وإن شئت رددنا عليك التحية، وكنت معنا كما كنت، أي ذينك شئت، فهو لك عندنا، قال، وأما ابن الأعرابي، فإنه قال: إن مطت عني مطت عنك، وكنت إلى ذلك أسرع منك، يقال إنه لمياط، ووصال وصرام، قال الطوسي، وهذا قول ابن الأعرابي، وهو أجود القولين، وقوله: إن شئت فانعمي * صباحًا وردي بيننا الوصل واسلمي*، فيقول إن شئت فاقطعيني، وأقطعك وإن شئت فارجعي إلى ما كنا عليه من قبل، قال ويبين هذا قول الأعشى: فميطي تميطي بصلب الفؤاد، أي صلب على قطيعتك، وقال أحمد بن عبد الله يقول: فميطي بمياط، أي: اذهبي بقلب رجل ذهاب بقلوب النساء إليك خذيه وصليه كما كنت تصلينه، وإن شئت فانعمي صباحًا، أي: سلم عليك الله ردي علينا وصلنا واسلمي، أي ذين شئت فاختاري، فلك: تقول اذهب بهذا معك، أي: اضممه إليك، خذه معك، قال ثعلب: لا يجوز مثل هذا إلا في الحكاية، فأما في غيرها، فلا مثل قوله جل وعز: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه}: ولنبيتنه حكاية، وكل ما ورد عن العرب من هذا فإن تأويله الحكاية، وإلا فباطل لا يجوز.
10: لكنما عولي إن كنت ذا عول.......على بصير بكسب الحمد سباق
أبو عكرمة: (عولي) بكسر العين في اللفظتين جميعًا، وغير أبي عكرمة بفتح العين والواو جميعًا كلتا اللفظتين رواهما كذا وهذه رواية أحمد بن عبيد، وجعلهما مصدرين، ومن كسرهما جعلهما جمع عولة مثل بدرة وبدر، وقال ثعلب أحمد الرواية التي عليها الناس كسر العين من الأول، وفتح الواو وهو جمع عولة وفتح العين من الثاني والواو جميعًا على المصدر، يقول: لو أني بكيت على أحد بكيت على هذا الذي هذه صفته يقول له بصر بكسب ما يحمد عليه، ويمدح به سباق إليه، وعولي إعوالي وهو العويل والحزن، وروي بكسب المجد.
11: سباق غايات المجد في عشيرته.......مرجع الصوت هدا بين أرفاق
(الغايات) جمع غاية، وهو منتهى الشيء ومثله المدى والندى، يريد أنه يسبق إلى المجد من سابقه، وقوله: (مرجع الصوت): يريد أنه يصيح بأصحابه آمرًا ناهيًا، و(أرفاق) يريد الرفاق أي يصيح بينهم، والهد: الصوت الغليظ، ويروى أرباق وهو جمع ربق والربق الحبل تشد فيه أعناق الماشية يريد أنه يصيح بين النعم إذا أغار عليها فتساق معه، غير أبي عكرمة، قال يصف أنه رئيسهم يصدرون عن رأيه وهو فيهم آمر وناه، ولا يقنع أن يسبق إلا إلى غايات المجد، ومن روى أرفاق، فمعناه يتكلم في الرفاق، ويأمرهم وينهاهم عن الغارة، ومن روى أرباق، فهو يغير على الإبل والغنم، فهو يأمر أصحابه بسوقها وجمعها، وأرباق جمع ربق، وهي الحبال التي تشد بها البهم أولاد الغنم، هدا أي رافعًا صوته.
12: عاري الظنابيب ممتد نواشره......مدلاج أدهم واهي الماء غساق
(الظنابيب) جمع ظنبوب، وهو حرف عظم الساق، والعرب تمدح الهزال وتهجو السمن، قال أعشى باهلة:
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها.......من الشواء ويروي شربه الغمر
يصف قلة أكله والغمر قدح صغير، وإنما قل شربه إذا قل أكله، قال وإذا قطعت اللحم طولاً، فكل قطعة حذية وحزة وفلذة، فإن قطعته مجتمعًا، فدرًا فكل قطعة هبرة، والجمع هبر، وبضعة، والجمع بضع، وبضع، ومنه قول زهير يصف البقرة:
أضاعت فلم تغفر لها غفلاتها.......فلاقت بيانًا عند آخر معهد
دمًا عند شلو تحجل الطير حوله.......وبضع لحام في إهاب مقدد
شلوه: بقية جسده والطير الغربان وبضع جمع بضعة في إهاب: في جلد مقدد: مقطع، و(النواشر) عروق ظاهر الذراع الواحدة ناشرة، و(الأدهم) الليل و(الغساق) الشديد الظلمة، يقال غسق الليل وأغسق إذا أظلم، قال أحمد مشتد نواشره، وقال اشتدت النواشر اشتدت الذراع قال ومن روى ممتد إنما أراد طول ذراعيه يصف تمام خلقه، قال أحمد: و(الأدهم) ههنا السحاب في سواده، يقول: يدلج كما يدلج السحاب، وواهٍ منشق بالماء متفتح به، والمعنى أني أفجؤهم من حيث لا يعلمون كما يفجؤهم السحاب، يعني أعداءه، وقال غيره: (الأدهم): الليل في ظلمته، وواهٍ متفتح بالمطر و(غساق) من نعت أدهم، أي كثير الندى والمطر، قال الأصمعي: إنها تغسق بالرمص، أي: يسيل منها، فغساق فعال من هذا، قال: والنواشر عصب في ظاهر الذراع الواحدة ناشرة قال حريث ابن مخفض المازني:
لهم أذرع باد نواشر لحمها.......وبعض الرجال في الحرب غثاء
والرواهش عصب باطن الذراع، قال عمرو بن معديكرب:
وأعددت للحرب فضفاضة.......دلاصًا تثنى على الراهش
والعرب تختلف في النواشر، والرواهش، فقوم جعلوا الرواهش ظاهر الذراع، والنواشر عصب باطن الذراع والقول الأول أكثر، ويقال للرواهش الحوامل الواحدة حاملة:
حمال ألوية شهاد أندية.......قوال محكمة جواب آفاق
قوله: (حمال ألوية): يعني أنه رئيس، و(الأندية) جمع ناد، والنادي: المجلس، وإنما يشهد النادي ذو الرأي، ومن يقري الضيف، و(المحكمة) الكلمة الفاصلة القاطعة للأمور، و(الآفاق) جمع أفق، وهي نواحي الأرض وجوبه إياها خرقه لها وسيره فيها، غيره حمال ألوية لشجاعته، وإنما يحمل اللواء شجاع القوم، ومن يوثق بغنائه وصبره، لأن المقاتلة إنما تقاتل ما رأت لواءها، فإذا أخذ أو انهزم صاحبه، انهزموا فلا يدفعون لواءهم إلا إلى من عرفوا صبره ووثقوا بشجاعته، وإنما يشهد الأندية وهي جمع ندي مثل جريب وأجربة ورغيف وأرغفة، ذوو الرأي الرؤساء، وأهل الكرم لأن طالب الحماية والضيف والمستجير إنما يقصدون الندي، فيقول إن عنده هذه الأشياء، وليس قول أبي عكرمة إنه جمع ناد بشيء، والمحكمة الكلمة التي يقطع بها الأمر ويصرم مما يعيا به غيره فيجدونها عنده، وجواب قطاع أي إنه صاحب أسفار، وغزو في نواحي الأرض، يقول ليس هو ممن يحب الدعة ويقيم في الحي، ومنه سمي جيب القميص، ومنه قوله تعالى: {وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي}، أي: قطعوه وصاروا فيه
وجواب فعال من جاب يجوب، وأصل جاب شق، يقول شق الفلاة يسير فيها، وروي شهاد أنجية يعني المجالس، التي يتناجى فيها، أي يتسار، والمناجاة السرار ومنه {يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم} أي: تساررتم، ومنه الحديث: ((لا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه))، ومنه: {وما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}، ومنه {خلصوا نجيًا} وأنجية جمع نجي، وروي: شهاد أنجية * هباط أودية جوال آفاق، وكل هذا يصفه إنما يريد أنه صاحب غزو وجوال في البلاد.
14: فذاك همي وغزوي أستغيث به.......إذا استغثت بضافي الرأس نغاق
قوله: (بضافي الرأس) أي: برجل كثير شعر الرأس، و(الضافي) الكثير السابغ، وإنما جعله كثير الشعر لكثرة اشتغاله بالغزو، فهو لا يتعاهد شعره، والنفاق ذو الصوت يصيح في إثر الطرائد يعني إذا سرق الإبل، غيره يروي: ذلك همي وغزوي أستغيث به.
قال أحمد بن عبيد: يقول فهذا الذي ذكرت على مثله أعول، ومثله أطلب، وأغزو لأصحبه ويصحبني من قولك هو يغزو كذا وكذا بقوله أي يطلب، ويروى إذا أستغيث، وروي: نعاق، فيقول أنا أستغيث بمثل هذا في شدائد الأمور، أي أنا إذا (استغثت) استغثت بمثل هذا إذا استغاث غيري براعٍ ضافي الرأس نعاق ينعق لغنمه، ثم وصف الراعي، فقال شعره مجتمع متلبد لأنه لا يأخذه، ولا يسرحه كالحقف حدأه النامون وهو بيت يجيء بعد هذا، ولم يروه أبو عكرمة، وقال غير أحمد قوله: (بضافي الرأس) يقول هذا الرجل الذي هو همي وغزوي كضافي الرأس نغاق: يعني غرابًا أي هو في حذره كالغراب لأنه يقال لا أحذر من غراب فتكون الصفة حينئذ كلها للأول.
وقد كان أحمد قال لي هذا مرة وأثبته عنه، وقال لي هذا القول الآخر يقال نغق الغراب ينغق نغقًا إذا صاح، وقال ثعلب قوله بضافي الرأس نعاق: يعني صقرًا والمعنى للرجل الذي وصفه وقوله كالحقف: يعني فرسًا ضامرًا.
15: كالحقف حدأه النامون قلت له.......ذو ثلتين وذو بهم وأرباق
لم يرو هذا البيت أبو عكرمة، قال أحمد بن عبيد يعني حقف رمل وهو المجتمع منه قال وأما أبو عبيدة فقال (الحقف) وجمعه أحقاف وهي الرمال وكانت الأحقاف رمالاً قبل عمان إلى حضر موت، قال وكانت منازل عاد، قال الله عز وجل: {واذكر أخا عادٍ إذا أنذر قومه بالأحقاف}، قال: وإنما حقفه اعوجاجه، قال العجاج:
كأن تحتي ناشطًا مجأفًا * مذرعًا يوشيه موقفًا* بات إلى أرطاة حقف أحقفًا
الناشط: الثور الذي يخرج من بلد إلى بلد، والمجاف: المذعور الفزع يقال: جيف فهو مجؤوف إذا فزع، يقال مذعور ومجؤوف ومزؤود ومذؤوب كل هذا للفزع المذعور، والمذرع الذي بذراعه توقيف أمثال الأسورة، والوقف الخلخال والسوار وهو المسك أيضًا واصل الوقف، والمسك ما كان من عاج، وذبل، وسبج، شبه قوائم هذا الثور بهذه الوقوف من سبج، ووشيه خطوط قوائمه والأرطاة شجرة بات يعني الثور والحقف ما أعوج من الرمل وانعطف وأحقف أميل معوج، والنامون الذين ينمون إليه يرتفعون إليه ويدوسونه ومنه: وأنم القتود على عيرانة أجد، أي: أرفعه، والثلة: القطعة من الغنم، والثلتان القطعتان والثلة من الصوف، والبهم أولاد الشاء كلها الواحدة بهمة والجمع البهام، قال الجعدي:
فضم ثيابه من غير برء.......على شعراء تنقض بالبهام
الشعراء هنا الأدارة، وشعراء عليها شعر، أدرة وجمعها أدر، تنقض بالبهام: النقر باللسان للغنم، يقول فأدرته تنقض بالبهام يعني صوتها، وإنما شبه تلبد شعر الراعي ولزوم بعضه بعضًا بهذا الحقف الذي لبده النامون عليه وحدأوه، أي: صلبوه بدوسهم إياه وصعودهم عليه، وقوله: ذو ثلتين كأنه قال قلت له أنت ذو ثلتين مالك والحرب يعني الذي أغير عليه، وقال غيره كالحقف راجع على صفة فرس، فقال: هو في ضمره كهذا الحقف الذي صلبه النامون عليه، قال وأرباق جمع ربق وهو حبل جعل منه مثل الحلق يشد فيه البهم.
16: وقلة كسنان الرمح بارزة.......ضحيانة في شهور الصيف محراق
(القلة) أعلى الجبل، وجمعها قلل، وقوله( كسنان الرمح) يصف دقتها لطولها، وهو أصعب لصعودها، و(الضحيانة البارزة) والمخراق الشديد الحر، وروي عن أبي عبيدة أنه قال إنما جعلها كسنان الرمح لأن صعودها في شدته كأنه سنان إذا طعن به لأنه لا يتعرض لها إلا موقن بالقتل، وروى أبو عكرمة هذا البيت ههنا أعني: وقلة كسنان الرمح، وسائر الرواة رووا مكانه:
لتقرعن على السن من ندم.......إذا تذكرت يومًا بعض أخلاقي
وأبو عكرمة جاء بهذا البيت في آخر القصيدة، وقوله: ضحيانة، أي بارزة للشمس، ظاهرة لها وذلك لطولها.
محراق يحرق من فيها وإنما وصف القلة وصعب أمرها لأنها مقام الربيئة يقول ربأت لأصحابي في رأس هذه القلة، وروي: وقنة كسنان الرمح باذخة * ضحيانة.
17: بادرت قنتها صحبي وما كسلوا.......حتى نميت إليها بعد إشراق
وروي: (بادرت) قلتها وصخبه أصحابه يقال صاحب وصحب وراكب وركب وقوله: (وما كسلوا) يريد أنه سبقهم وهم على جد وهو أمدح له ونميت ارتفعت والإشراق إضاءة الشمس يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت، وروى غير أبي عكرمة وقد كسلوا أي لما مر بهم من التعب ولم أكسل أنا لفضل قوتي وصبري ونميت ارتفعت ومنه نماه الله أي زاده الله ورفعه ومنه:
وأنم القتود على عيرانة أجد
أي ارفعه ومنه قول الأعشى:
لا يتنمى لها في القيظ يهبطها.......إلا الذين لهم فيما أتوا مهل
يصف فلاة صعبة يقول لا يترفع لها فيسير فيها إلا من عرفها وقدم ما يحتاج إليه لها أي لا يسير بها إلا أهل الخبرة بها، يقال صاحب وصحب وأصحاب وصحاب وصحابة إذا جئت بالهاء فتحت الصاد وإذا أسقطها كسرت الصاد، والرواية المعروفة التي عليها الرواة قبل إشراق.
18: لا شيء في ريدها إلا نعامتها.......منها الهزيم ومنها قائم باق
(النعامة) خشبات تكون في أعلى الجبل يستظل بها الربيئة والربيئة: الرجل و(الهزيم) المتكسر المتقطع ومنه قولهم في السقاء هزوم أي تكسر ومنه سميت الهزيمة لأن أهلها يكسرون، غير أبي عكرمة: (الريد) وجمعه ريود وهي حروف الجبل المشرفة على الهواء و(نعامتها) شخصها وشخص كل شيء نعامته و(الهزيم) المشقق يقول تلك النعامة منها متكسر ومنها (باق) والرواية المعروفة التي عليها الناس لا ظل في ريدها يقول لا ظل في ذلك المكان إلا ظل النعامة والنعامة حالها كذا.
19: بشرثة خلق يوقى البنان بها.......شددت فيها سريحًا بعد إطراق
(الشرثة) النعل الخلق، (السريح) القد الواحدة سريحة، و(الإطراق) أن يجعل تحت النعل مثلها يقال قد أطرق نعله إذا فعل بها ذلك، غيره: السريح السيور التي تشد بها النعال وإطراق مطرقة بعضها عل بعض وروي شددت منها سريحًا يقول نميت إلى هذه القلة بهذه النعل أي وعلي هذه النعل الخلق.
20: بل من لعذالة خذالة أشب.......حرق باللوم جلدي أي تحراق
ويروى يا (من لعذالة) يريد يا هؤلاء من لعذالة وإنما قال عذالة وهو يعني رجلاً أراد المبالغة كقولهم علامة ونسابة، و(الخذالة) التي تخذله في إرادته وتخالفه فيها، وروي جدالة أي كثيرة الجدل والمنازعة، وروي جذالة أخذ من الجاذل، وهو المنتصب أي هو ينتصب لعذله ولائمته، والأشب المخلط عليه المعترض، وروي نشب أي نشب في لائمته لا يفارقها، كذا رواها أبو عكرمة (حرق) بالحاء غير معجمة ورواها الطوسي كذلك، وروي يحرق باللوم جلدي أي تحراق، وغيره يقول من لهذا العذالة يمنعه من عذلي ويكفينيه فإنه يعذلني في ارتكاب هواي ويخذلني فيما أريد، ويعترض دون محبتي يمنعني منها، يحرقني بملامته كما تحرق النار، وروي بل من لعاذلة وروي خرق باللوم جلدي بالخاء المعجمة كذا أخبر أبو العباس أحمد بن يحيى
21: يقول أهلكت مالاً لو قنعت به.......من ثوب صدق ومن بز وأعلاق
(الأعلاق) جمع علق وهو ما كرم من سيف أو ثوب أو نحوه وروى غيره: مالاً لو ضننت به * من ثوب صدق ومن بز وأعلاق، أي يأمرني أن أبخل وأمسك على مالي فلا أبذله لأحد في نوائبه وما يعتريني من حقوقه، يقول لو أمسكته بقي عليك ولم تحتج إلى طلب المال واستغنيت عن الغزو.
22: عاذلتي إن بعض اللوم معنفة.......وهل متاع وإن أبقيته باق
لم يقل أبو عكرمة شيئًا وروي
يا صاحبي وبعض اللوم معنفة.......وهل متاع وإن أبقيته باق
لم يقل أبو عكرمة شيئًا وروي:
يا صاحبي وبعض اللوم معنفة.......وهل متا ولو أبقيته باق
لعاذله ملامتك إياي عنف منك بي ثم رد عليه قوله لو ضننت به ما بقي علي أي ليس بباق علي يأتي عليه الدهر فيذهب به أو يذهبني دونه.
23: إني زعيم لئن لم تتركوا عذلي.......أن يسئل الحي عني أهل آفاق
لم يقل فيه أبو عكرمة شيئًا وروي: أن تسألوا بي حيًا أهل آفاق، وروي: (لئن لم تتركي عذلي أن تسألي بي حيًا)، يقول إني كفيل بهذا القول لئن لم تتركوا لومي لأفارقنكم حتى تسألوا عني أهل الآفاق فلا يعطيكم أحد خبري.
24: أن يسأل القوم عني أهل معرفة.......فلا يخبرهم عن ثابت لاق
ويروى: أهل مملكة أي يخرج إلى مملكة أخرى، ومن روى مغربة إرادته يبعد فلا يسئل عنه أحد من قومه ولا يسئل عنه إلا الغرباء فلا يعرفونه لشدة تباعده، وروي: أن يسألوا بقواي أهل مغربة، أي بقوتي، وأنشد لطرفة:
سائلوا عنا الذي يعرفنا.......بقوانا يوم تحلاق اللمم
قاله طرفة في يوم قضة، وروي: أن يسألوا بقواي أهل منزلة = فلن يخبركم عن ثابت لاق، يعني تغيبه، واللمم جمع لمة واللمة أن يترك الشعر حتى يلم بالكتفين، وهو أكثر من الجمة والوفرة، قال أبو عكرمة وروى أبو عبيدة بعد هذا البيت:
25: سدد خلالك من مال تجمعه.......حتى تلاقي الذي كل امرئٍ لاق
(الخلال) جمع خلة وخلال وجرة وجرار وحربة وحراب، (الخلال): خصاصات الفقر وأصل الخصاصة الفرجة بين الشيئين مثل الشجرتين ويقال للنبت إذا اشتد واستوى قد اشتد خصاصه، قال أبو عكرمة ولم يرو هذا البيت أبو عمرو ولا الأصمعي، يعني سدد خلالك وهذا وهم من أبي عكرمة أو لم يبلغه: قد رواه أبو عمرو وسائر الرواة إلا من لا يلتفت إلى روايته، يقول سد بمالك ثلم فقرك وفرجه حتى تلاقي الموت، قال أبو محمد الأنباري وأنشد بندار إلي هذه القصيدة فلما صرت إلى هذا البيت أنكر علي: (حتى تلاقي) الذي كل امرئٍ لاق وقال الرواية: حتى تلاقي ما كل امرئ لاق
فقصدت أحمد بن عبيد فأخبرته فقال الرواية المعروفة الذي وقال هذه لغة تسكن فيها الياء في نصبها كما تسكن في رفعها وخفضها، وأنشدني:
يا عمرو أحسن نماك الله بالرشد.......واقرأ سلامًا على الأنقاء والثمد
وأبكن عيشًا تولى بعد جدته.......طابت أصائله في ذلك البلد
وقال وأبكن لأن من شأنه ألا يحرك الياء بالنصب كما لم يحركها في الرفع والخفض فتركها ساكنة ولحقتها النون الأولى من المشددة وهي ساكنة فأسقطتها، وروي:
حتى تلاقي ما كل امرئ لاق، وروي ما كلَّ امرئ لاق، قال أبو بكر من نصب كلا أوقع لاقيًا عليه وأي ما هو لاق كل امرئ ومن رفع كلا بلاق وأضمر الهاء أي الذي كل امرئ لاقيه
26: لتقرعن على السن من ندم.......إذا تذكرت يومًا بعض أخلاقي
ويروى (إذا تذكرت مني بعض أخلاقي) أي تجدين فقدي وتذكرين جميل معاشرتي، وإنما يقرع سنه الحزين على شيء قد فاته لا يمكنه استدراكه.

[شرح المفضليات: 1-20]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
1, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir