دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1441هـ/22-01-2020م, 04:13 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي

تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي
الدرس (هنا)
- مجلس مناقشة دروس دورة أساليب التفسير.

تنبيه:
- الآيات موضوع التطبيق تكون من الأجزاء الثلاثة الأخيرة.
وفقكم الله وسددكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1441هـ/25-01-2020م, 10:27 PM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}


- في هذه الآية يحث الله عباده المؤمنين بالتوبة , وفي خطابه لهم باسم الإيمان ما يشعر أن المؤمنين يقع منهم الذنب والمعصية فحثهم على التوبة منه ؛ فيلجأوا إلى الله تعالى ليتوب عليهم من هذه الذنوب والمعاصي .
- والإيمان في اللغة : هو التصديق , وفي الشرع : قول وعمل ونية ؛ فيجتمع فيه قول اللسان , وقول القلب وعمله , وعمل الجوارح .
- التوبة لغة: التوبة مصدر قولك: تاب يتوب وهو مأخوذ من مادة (ت وب) التي تدل على الرجوع، يقال: تاب من ذنبه، أي رجع عنه توبة ومتابا، والوصف منه تائب، والتوب: ترك الذنب على أجمل الوجوه وهو أبلغ وجوه الاعتذار .
- والتوبة في الاصطلاح : قال الراغب: التوبة في الشرع: ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة.
وقيل: التوبة في الشرع: الندم على معصيته من حيث هي معصية، مع عزم ألا يعود إليها إذا قدر عليها.
فالتوبة في الشرع تشمل ترك الذنب وعدم الرجوع إليه , والندم على فعل هذا الذنب مع العزم على عدم العودة إليه مرة أخرى .
- وقد حث القرآن العبد على التوبة في أكثر من موضع فقد قال تعالى : (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) , وقال تعالى : (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ) , وقوله تعالى : (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) , وقوله تعالى : (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) .
ففي هذه الآيات وغيرها كثير يحث الله تعالى عباده على التوبة من الذنوب والمعاصي والآثام فهو سبحانه يقبل التوبة من عبده المؤمن بل من كرمه تعالى يجعل هذه الذنوب حسنات فقد قال تعالى بعد أن ذكر أنواع من الذنوب يقترفها العبد من شرك وزنا وقتل للنفس قال : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) .
- وأيضا وردت أحاديث كثيرة عن نبينا صلى الله عليه وسلم تحث العبد على التوبة فمنها :
عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله- عز وجل- يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها ) .
وعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) .
وحديث قاتل التسعة وتسعين نفسا فعن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا.فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة.
انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط. فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له.فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد. فقبضته ملائكة الرحمة ) .
- وأيضا ذكرت بعض الآثار عن السلف في الحث على التوبة النصوح منها :
عن النّعمان بن بشيرٍ، قال: سئل عمر عن التّوبة النّصوح، قال: التّوبة النّصوح: أن يتوب الرّجل من العمل السّيّئ، ثمّ لا يعود إليه أبدًا.
عن قتادة، {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا}. قال: هي الصّادقة النّاصحة.
قال يحيى بن معاذ- رحمه الله تعالى: الذي حجب الناس عن التوبة طول الأمل، وعلامة التائب إسبال الدمعة وحب الخلوة والمحاسبة للنفس عند كل همة .
قال محمود الوراق- رحمه الله-:
قدم لنفسك توبة مرجوة ... قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غلق النفوس فإنها ... ذخر وغنم للمنيب المحسن
وغيرها كثير من آثار السلف في الحث على التوبة فهم كانوا أنقى قلوبا , وأطهر أفئدة ممن جاء بعدهم ومع هذا كانوا كثيري التوبة والإنابة إلى ربهم , وكثير الاستغفار من ذنوبهم
- شروط التوبة :
قال النووي- رحمه الله تعالى-: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها شروط ثلاثة وهي:
1- أن يقلع عن المعصية.
2- أن يندم على فعلها.
3- أن يعزم على أن لا يعود إليها أبدا. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته .
ويزاد شرط رابع إذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي: أن يبرأ من حق صاحبه؛ فإن كان مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حد قذف مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كان غيبة استحله منها، هذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته من ذلك الذنب .
فينبغي على العبد إذا جمع قلبه على التوبة أن يستجمع هذه الشروط جميعا لكي تقبل توبته عند الله تعالى وتكون توبة صادقة نصوحا .
- وورد في قوله تعالى "نصوحا" قراءتان :
الأولى : بفتح النون : والمعنى أي : توبة بالغة في النصح .
الثانية : بضم النون : والمعنى ينصحون بهذا نصوحا، يقال: نصحت له نصحا ونصاحة ونصوحا .
- من فوائد التوبة :
1 – إذا علمت أن الله يقبل التوبة من عباده فإن ذلك يورث القلب تعظيم الله تعالى وحبه وإجلاله على ما أنعم به على عباده .
2 – أن التوبة سبب من أسباب دخول الجنة وتكفير السيئات .
3 – أنه ينبغي على العبد أن تكون توبته توبة نصوحا بأن يعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى .
4 – أن يتحلل العبد من مظالم العباد في الدنيا قبل أن لا يكون دينار ولا درهم .
5 – على العبد أن يكثر من التوبة والاستغفار لأن كل ابن آدم صاحب خطأ وذنوب وعاصي .

والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1441هـ/26-01-2020م, 01:07 AM
أريج نجيب أريج نجيب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 341
افتراضي

رسالة تفسيرية وعظية
الحمد لله والصلاة والسلام على الرسول النبي الكريم نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال تعالى : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )
معنى الإستعاذة : الاستجارة كان رجال من العرب في الجاهلية إذا سافر في أرض قفر قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه فيبيت في أمن وجوار منهم حتى يصبح .

فالإستعاذة لاتكون إلا بالله الخالق مثل قوله تعالى ( قل أعوذ برب الفلق ) و( وقل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس )
و قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعوذ بوجهك ) و( أعوذ بكلمات الله التامات ) و( أعوذ برضاك من سخط ) ونحو ذلك
ولايستعان بمخلوق لأنه ضعيف لايملك لنفسه ضرا ولا نفعا قال تعالى ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو )
فالملجأ إليه والفرار إليه فالله يعصمهم ويحميهم من الشرور .
وقوله ( فزادوهم رهقا )
والرهق : الإثم وغشيان المحارم .
أي زادوهم طغيانا وإثما وشرا فأمرنا الله بالإستعاذة من الشيطان في مواضع عديدة في كتابه الكريم .
قال تعالى ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فأستعذ بالله من إنه سميع عليم ) .
فهو سميع لوسوسته وعليم بها سبحانه وتعالى .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1441هـ/26-01-2020م, 08:38 AM
ندى توفيق ندى توفيق غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 237
افتراضي

الأسلوب الوعظي
رسالة في تفسير قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) ) ) سورة الملك)

الحمد لله حمدا يليق بجلاله و عظيم سلطانه ، على كريم إنعامه، و لطيف إحسانه، و جميل بره وغفرانه ، و الصلاة على من اصطفى، سيد الأولين و الآخرين، و أفضل الخلق أجمعين، المبعوث رحمة للعالمين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين

سبحان من خلق فأبدع على غير مثال سابق، و أودع خلقه أسرار صنعته، ففي كل ذرة من هذا الكون، براهين ربوبيته، و دلائل حكمته في تدبيره، و عظمة قدرته في تسيير ملكه، خلق كل شيء بقدر، لحكمة بالغة علمها من علمها، وجهلها من جهلها
خلق الإنسان فكرمه، على جميع المخلوقات، و سخرها ، و جعلها مذللة له، ووهبه العقل الذي يميز به بين الخير والشر، وأرسل له الرسل، تهديه الى خير دينه ودنياه، وأيدهم بالمعجزات الباهرة، و البراهين الواضحة، وأنزل عليهم الكتب المطهرة، تحمل الشرائع البينة، التي تسعده في دنياه و أخراه، ووعده على إخلاص الاتباع، و إحسان العمل، في الدنيا الفانية، دار الابتلاء و الاختبار؛ جنات النعيم في دار الحيوان، فقال عز من قائل : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا( [ الملك :2]، و قبلها في سورة هود ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا( [ هود :7 ]
و هو سبحانه العليم بالسرائر و البواطن، لا تخفى عليه خافية، إنما يختبركم إقامة للحجة، و بياناً للمحجة ، لا جهلاً بما تكون عليه أعمالكم و قلوبكم، حاشاه سبحانه
و إحسان العمل يقاس بإخلاصه و صوابه معاً، و الإخلاص هو التوحيد الخالص للخالق عزوجل، الذي لا شرك فيه و لا رياء، و الصواب هو موافقة هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم

و الآية خبرية تتضمن الأمر بإحسان العمل، فمن أحسن له الحسنى و زيادة، و من أساء فله العذاب المقيم، فناسب ختم الآية بالاسمين الكريمين، أصناف العاملين؛ فمن عصى و اتبع هواه استحق عقاب العزيز القاهر الذي لا يُغالب سبحانه، و أما من اهتدى و أناب استحق عفو الغفور الرحيم، جعلنا الله جميعاً من أهل مغفرته و رضوانه، و من السابقين الى جناته، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 جمادى الآخرة 1441هـ/27-01-2020م, 08:48 AM
أمل حلمي أمل حلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 253
افتراضي

رسالة في تفسير قول الله تعالى: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الله تعالى في سورة النازعات محذرًا عباده من الطغيان فيقول: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا}
والطغيان: معناه مجاوزة الحد في الكفر والعتو والعصيان لأوامر الله والاستكبار عن عبادته.
ومعنى: آثر الحياة الدنيا:
الإيثار معناه تفضيل شئ على شئ في حال لا يتيسر الجمع بين أحوال كل منهما، فهنا هو فضل الحياة الدنيا ومتاعها على كرامة الآخرة وما أعد الله فيها لأولياءه، فيعمل للدنيا ويسعى لها ويتبع شهواته وهواه ويترك العمل للآخرة.
قال حذيفة : أخوف ما أخاف على هذه الأمة أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون .
ويروى أنه وجد في الكتب : إن الله تعالى قال : " لا يؤثر عبد لي دنياه على آخرته ، إلا بثثت عليه همومه وضيعته ، ثم لا أبالي في أيها هلك " .
وقد حذرنا الله في كتابه العزيز من الطغيان وذكر الله مصير أقوام طغت مثل ثمود وماذا حل بهم من عذاب الله حيث يقول الله: {كذبت ثمود بطغواها} فكان عاقبتهم {فدمدم الله عليهم بذنبهم فسواها}، وقال تعالى: {فأما ثمود فأُهلكوا بالطاغية} حيث كان جزاؤهم من جنس عملهم حيث أرسل عليهم عذاب مجاوز للحد فأهلكلهم.
والطغيان من أكبر أسباب إيثار الحياة الدنيا ولذلك قدّم الله الطغيان في الآية على إيثار الحياة الدنيا، وقد قال الله تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} فكان سبب طغيانه أنه استغنى بالنعم التي منّ الله عليه بها عن الله فطغى وجاوز الحد في الكفر والعصيان ومن ثَم اختار الدنيا وشهواتها وملذاتها المؤقتة على النعيم الأبدي في الجنة.
ويكون عقوبة ذلك: قوله تعالى: {فإن الجحيم هي المأوى} أي تكون النار هي مسكنه ومستقره ومرجعه يوم القيامة، وهذا جزاء عدل من الله تعالى مقابل استكباره وعدم امتثاله لأوامر الله فهو نسي الله فتركه وأهمله ولم يبالي به وأسكنه النار قال تعالى: {نسوا الله فنسيهم}.

وعلى الجانب الآخر يخبر الله تعالى عن عباده المؤمنين فيقول:
{وما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى}
فمعنى خاف مقام ربه:
أي خاف الوقوف بين يدي ربه يوم القيامة وخاف من هذا المقام الجليل فيظل هذا العبد في طاعة، حتى عندما تدعوه نفسه إلى المعصية فإنه هذا المقام فيرجع سريعًا إلى الله بالتوبة والندم.
{ونهى النفس عن الهوى}
أي نهى نفسه عما تحبه من المعاصي والشهوات التي لا يرضاها الله فزجر هواه عن ذلك وصار هواه تبعًا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن كان هذا صفته كان عاقبته كما أخبر الله تعالى: {فإن الجنة هي المأوى} حيث تكون الجنة هي مسكنه ومستقره الذي يرجع إليه يوم القيامة فيتنعم من هذا النعيم الذي فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ويُلاحظ الترتيب في الآيات فالطغيان يقابله الخوف من الله تعالى فالخوف ضد الطغيان، وإيثار الحياة الدنيا يقابله نهي النفس عن هواها.
لذلك يمكن القول أن علاج النفس الطاغية المتمردة على أوامر الله هو تذكيرها بالله ولقاءه حتى تنزجر وتخاف وتصبح ممن يخافون مقام ربهم، وأيضًا علاج حب الدنيا وشهواتها وملذاتها الذي يشغل عن الله وطاعته هو نهي النفس عن الهوى.
ويُلاحظ في الآيات أيضًا وجود الفاء حين ذكر عاقبة كل فريق والفاء تدل على سرعة العاقبة فوقت الدنيا مهما طال فهو قصير بالنسبة للدار الخالدة وهي دار الخلود.
ويُستفاد من هذه الآيات عدة فوائد:
1- الحذر من صفتي الطغيان وإيثار الحياة الدنيا حتى لا نكون من أهل النار.
2- لا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
3- العبد يختار مصيره يوم القيامة هل يختار النار أم يختار النعيم الأبدي في الجنة.
4- الآخرة خير وأبقى وما الدنيا إلا سويعات قليلة فلا تختار لذة مؤقتة على لذة أبدية.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 جمادى الآخرة 1441هـ/27-01-2020م, 07:38 PM
مريم البلوشي مريم البلوشي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 343
افتراضي

الأسلوب الوعظي

(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)
في الايات التي سبقتها يقول الله عن نفسه ان بطشه لشديد ليخوف و ينذر به عباده المستمرين على عصيانهم ، و هنا يخبرنا بانه الغفور أي الذي يغفر و يعفو عن الذنوب
و السيئات مهما كانت لمن استغفر و تاب ( إن الله يغفر الذنوب جميعا) .الودود قال ابن عبّاسٍ وغيره: هو الحبيب ،
الذي يحبه عباده المخلصون محبة لا يشبهها شيء من المحاب و في المقابل فهو الواد لأحبابه متودد إليهم بالنعم ، و الذي يحب و يود من تاب و اقبل عليه من عباده ( يحبهم و يحبونه).

فالأيات جمعت بين الترهيب من الذنوب في قوله ( إن بطش ربك لشديد ) و الترغيب إلى التوبة و الإنابة ( و هو الغفور الودود) .

و هنا سر لطيف بين اقتران اسم الله الودود بالغفور وأيضا رد على بعض الغالطين ممن قالوا ان الله يغفر ذنوب عباده، و لكنه لا يرجع المودة و المحبة إليهم ،
وقد قارنوا الامر بما يحدث للبشر و لله المثل الأعلى فإن الرجل قد يغفر و يرحم و يعفو عمن أساء إليه و لكن لا يحبه و لا ترجع المودة كما كانت. بل الله يحب عباده التوابين
و يرحمهم و يفرح بتوبتهم و رجوعهم إليه.
فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ
مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ
.

فعلى العبد ان لا يقطع امله و رجائه بمغفرة ربه له حتى و إن أسرف في الذنوب و المعاصي ( يا عبادي الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) و يحسن ظنه بالله بأن يبدل سيئاته حسنات ، و ان لا يمل من التوبة كلما أذنب . فالله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل كما اخبر النبي عليه الصلاة و السلام
عن ربنا عز وجل. فهذه دعوة و ترغيب من الله لعباده بالتوبة و الرجوع و الإقبال عليه. فقد توعد الله عباده التائبين بالمغفرة المقترنة بالمحبة الصافية ( إن الله يحب التوابين)
ومحبة الله للعبد توجب محبة الخلق له ،فيا له من فضل عظيم أعده الله لعباده التائبين. فالبدار البدار و المسارعة للتوبة و الاوبة إلى الله و ملازمتها حين الوقوع في معصية أو ذنب قبل ان يأتي هادم اللذات.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 جمادى الآخرة 1441هـ/29-01-2020م, 11:39 PM
أمل سالم أمل سالم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 135
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى :"ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون *ولاتكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون "

الحمد لله الذي أرشد عباده لما فيه صالحهم ونفعهم ، وبين لهم الحق والباطل ،والهدى والضلال،وبين طريق أهل الجنة وطريق أهل النار ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين.
-يقول الله تعالى:
" ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
- هذه الآية فيها من الوعظ والتذكير والدعوة إلى التأمل والتفكر ، والتحذير ممن لا تخفى عليه خافية .
- يقول الله تعالى مخاطبا عباده المؤمنين آمرا لهم بما ينفعهم ، وبما يوجبه عليهم الإيمان بلزوم تقواه ،باتخاذ الوقاية مما يوجب عذاب الله ،بالقيام بأوامره والالتزام بحدوه وشرائعه، واجتناب نواهيه ، فتقوى الله هي الدافع لكل خير ، والرادع عن كل شر .
-"ولتنظر نفس ما قدمت لغد"
ثم دعاهم للعمل للآخرة ، والاستعداد للعرض عليه بالنظر والتأمل فيما قدمت كل نفس لغد من الخير والشر ،ومحاسبة النفس قبل أن تحاسب، وتفقد أحوالها ، كما قيل "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر"،
فينظر ويتأمل فيما قدم من عمل ، فإن علم فيه تقصيرا أو وقوعا في المحظور بادر بالتوبة والإنابة وأداء الحقوق ، وإن قدم صالحا بادر بالمحافظة على العمل من الحبوط بالعجب أو الرياء ، مع مراقبة الله لما يستقبله من أعمال .
- "وغدا" تطلق على المستقبل المقابل للماضي؛ لقرب مجيئه وتحقق وقوعه ، فالموت واقع وآت لا محالة ،فالغد لكل إنسان بمعنى يوم القيامة ويتحقق بيوم موته .
قال قتادة :" قرب الله تعالى القيامة حتى جعلها غدا".
- والتنكير في "لغد" للتعظيم من شأن ذلك اليوم وشدة هوله ، الذي لا يعلم كنهه إلا الله .
- والتعبير بالماضي في قوله تعالى "ماقدمت لغد" للحث على الإسراع في العمل وعدم التأخير؛ لأنه لا يملك إلا الماضي أما المستقبل فبيد الله .
- " واتقوا الله " للتوكيد ، والحث على مدوامة التقوى ، واتقاء المعاصي في المستقبل.
- ثم ختم الآية بالتحذير ممن لا تخفى عليه خافية، فقال:"إن الله خبير بما تعملون " فهو سبحانه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم ، لا يخفى عليه منكم خافية ، ويعلم مقدار اجتهادكم في التقوى .
- ثم حذر الله عباده من الترك والغفلة والنسيان ، فقال تعالى " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون"
فدوام ذكر الله يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده ، فالحرمان كل الحرمان أن يغفل العبد عن ذكر الله ومشابهة الذين نسوا الله ، وغفلوا عن ذكره والقيام بحقه، وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها وإراداتها ، فإن الجزاء من جنس العمل فنسيان الرب يوجب نسيان العبد مصالح نفسه أن يفعلها، وعيوبها أن يصلحها ، والأعظم من ذلك أن نسيان الإيمان بالله ومحبته وذكره وشكره ، وهذا من كمال عدل الله في حكمه وقضائه ، فهؤلاء رجعوا بخسارة الدارين ؛لأنهم هم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله الهالكون يوم القيامة .

-المراجع
تفسير ابن كثير
تفسير السعدي
التحرير والتنوير
أضواء البيان
تفسير ابن القيم

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 جمادى الآخرة 1441هـ/9-02-2020م, 01:05 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم تطبيقات الأسلوب الوعظي

أحسنتم جميعا سددكم الله وبارك فيكم.

يُوصى في الخطاب الوعظي ما يلي:
- تحديد المسائل التي ستتكلّم عنها الرسالة ووضع تصوّر أولي لما سيكون عليه عرض كل مسألة، فإننا في الرسائل الوعظية أيضا نستخلص مسائل الآية ونختار منها ما نجعله أصلا للرسالة ثم ننظر كيف نعرض هذا الهدف وكيف نخاطب القلب من خلاله تحبيبا وترغيبا وترهيبا.
- البعد عن التفصيلات العلمية التي لا يُحتاج إليها في الخطاب الوعظي وليس لها تأثير على القلب، ويمكن التعرّض لبعض المسائل البيانية التي تبيّن لطائف وهدايات الآيات بما يناسب مستوى المخاطبين.
وللطالب أن يحكم على رسالته من خلال تحقيقها لهذا الهدف، فلو خوطب هو بهذه الرسالة تساءل: هل تأثّرت مشاعره؟ هل دمعت عينه وخشع قلبه؟ هل عزم على شيء بعدها أخذا أو تركا؟ ، فهذا هو الحاكم على الخطاب الوعظي.

- يلاحظ على كثير من الرسائل عدم تخريج الأحاديث والآثار وهذا خطأ، لأن الخطاب الوعظي يجب أن يكون قائما على أصول صحيحة ثابتة في الشرع، وهذا المعيار سبق وأن نبّهنا عليه في إرشادات الخطاب الوعظي، وبسببه تأثّر تقويم بعض الرسائل الممتازة.

- توظيف الفوائد السلوكية المستنبطة من الآيات يساعد في الخطاب الوعظي.
- الأمانة العلمية لا ينبغي إغفالها، فعند اقتباس عبارات المفسرين ينبغي نسبتها لهم، وهذا لا يقلل من شأن الرسالة إلا إذا اعتمدت بشكل كبير على النقول.
- نوصي بذكر مصادر الرسالة وقد أحسنت الطالبة أمل سالم بذلك.


1: صلاح الدين محمد.ب
أحسنت بارك الله فيك، تكلمت عن معظم المسائل مع حضور أسلوبك، وإليك بعض الملحوظات التي فاتتك ليتضح لك الفرق بين الأسلوب الوعظي وغيره من الأساليب منها:
- التفصيل في المعنى اللغوي للألفاظ وكذلك ذكر القراءات لا يناسب مقام الوعظ، لأن التركيز غالبا فيه يكون على استحثاث محركات القلب الثلاث؛ المحبة والخوف والرجاء، واستنباط الفوائد السلوكية وتوظيفها بما يخدم معنى الآيات.
- عرضك للرسالة بصورة نقاط من سمات الأسلوب الاستنتاجي حيث فيه سرد متتابع للفوائد، أما الأسلوب الوعظي فهو حوار وخطاب يتوجّه إلى القلب، فبدلا من طريقة السرد اربط بين المسائل بعبارات مناسبة، بحيث يكون فيها الانتقال متناسب وجاذب للقارئ.
مع الإشادة بإحسانك في ذكر الشواهد القرآنية والنبوية.

2:أريج نجيب.ج
أحسنتِ وفقكِ الله في إتيانك على أغلب المسائل،لكن ما ينقص رسالتك هو عنصر التأثير في الخطاب، وكأن أسلوب التقرير العلمي هو الغالب عليه، فلو أعدتِ قراءة الرسالة هل ستجدين ما يحرك به القلب؟!!
هذا ما يميز الأسلوب الوعظي ألا وهو تحريك القلوب من جهة الخوف والمحبة والرجاء، وهذه العناصر تأتي بالعناية بأسلوب التقديم وذكر الآثار والشواهد القرآنية والقصص المؤثرة التي تخدم المعنى، وإحسان الانتقال في الخطاب بين تفسيرك للألفاظ، تماما كأنكِ تلقين خطبة أو درس على مجموعة من الناس تبتغين فيها الموعظة.

3: ندى توفيق.أ
أحسنتِ جدا في رسالتك وأسلوبك الوعظي واضح ومؤثر وإن كان الاختصار فيها واضحا، فقط وددت الإشارة إلى أنه كان ينبغي أن تبيني ألفاظ الآية خلال التفسير، حتى يكون وقوفك على جميع مسائل الآية أكثر وضوحا وشمولا.

4:أمل حلمي.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ، رسالتك قيّمة وأسلوبك الوعظي حاضر مع بعض الملحوظات منها:افتقار رسالتك لمقدمة تمهيدية وهي مهمة لتهيئة القارئ لما يستقبل، وأيضا عند اقتباس نص من كلام أحد المفسرين فينبغي أن يُنسب إليه مراعاة للأمانة العلمية.


5: مريم البلوشي.ب+
أحسنتِ بارك الله في اجتهادك،وأسلوبك في الوعظ جيّد ومؤثر، وإليكِ بعض الملحوظات:عدم تخريج الأحاديث والآثار، وهو مأخذ لا يستهان به رغم جودة رسالتك.
وأيضا ينبغي إسناد القول للمفسر إذا اقتبست بعض من عباراته،واعتني بالكتابة الإملائية الصحيحة وبالأخص همزة القطع.

6: أمل سالم.ب

أحسنتِ وفقكِ الله في تقديمك للرسالة وأسلوبك حاضر وذكرتِ أبرز مسائل الآيات، وإليكِ بعض الملحوظات تفيدك بإذنه تعالى: لو نظمتِ الرسالة بصورة نص وفقرات أفضل، لأن الصورة التي عرضتِ رسالتكِ فيها أخذت منحى الأسلوب الاستنتاجي، وبرزت كأنها فوائد منتقاة من الآية.
اعتني بالفوائد السلوكية وذكر الآثار والشواهد القرآنية والقصص المؤثرة التي تخدم المعنى.
أحسنتِ بذكرك لمصادر الرسالة فبارك الله فيك

سددكم الله وتقبل منكم

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 رجب 1441هـ/6-03-2020م, 01:16 PM
الصورة الرمزية وسام عاشور
وسام عاشور وسام عاشور غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 347
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)"التغابن


الحمد لله الذي قدر مقادير الخلائق ، وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، وجعل الدنيا دار ابتلاء والآخرة دار جزاء ، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
ثم أما بعد:
من منا لم يصب بمصاب فضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه التي بين جنبيه وحدثته نفسه بالجزع والهلع فراح يتصبر حتى لا يفوته أجر وجزاء الصابرين
ففي الآية سلوى لكل محزون وتسلية لكل مصاب تتنزل بها السكينة على قلوب المكروبين وفيها من الهدايات والفوائد ما يعين عند المصائب:


*فإذا علم المؤمن أن كل ما يأتيه هو من الله ،قد سبق علم الله به وجرى به قلمه ونفذت به مشيئته سكنت نفسه وعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فذهب عن نفسه الهلع الذي جبلت عليه نفسه"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)"الإنسان

*ثم إن هو استرجع فقال إنا لله وأنا إليه راجعون غفر الله له وأمنه من العذاب وأرشده للهدى قال تعالى:
"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)"البقرة
-قال عمر رضي الله عنه: نعم العدلين والعلاوة
-وقال سعيد بن جبير "لم يعط هذه الكلمات نبي قبل نبينا ولو عرفها يعقوب ما قال: " يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ"
فقد جمعت هذه الكلمات من المعاني المباركة الكثير ففيها توحيد لله والإقرار له بالعبودية والبعث من القبور واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو له
فسبحان من أنزل البلاء ثم علمنا الاسترجاع ليجزل لنا به العطاء مغفرة وأمنا من العذاب وهداية ورشدا.....سبحان من أنزل على نبينا هذه الكلمات دون سائر الأنبياء فنحن أمة مرحومة

*ثم إن هو جمع مع هذه الكلمات الدعاء بأن يأجره الله في مصيبته ويخلف له خيرا منها فقد فاز
ولا يخفى علينا حديث أم سلمة أنه لما مات زوجها تعلمت هذه الكلمات من النبي فقالتها وكانت تتعجب في نفسها فتقول:(ومن أين لي بخير من أبي سلمة؟) فما لبثت أن خطبها رسول الله لنفسه
فعلم يا يرعاك الله أنك إن سلمت لله واتبعت هدي النبي عند المصيبة فاسترجعت ودعوت، فقد فزت بالرضا والسكينة في القلب ويزيدك الله فوقها عوضا خيرا مما فقدت في الدنيا وقبل ذلك كله أجر وجزاء الصابرين في الآخرة
فأي فوز أكبر من هذا!!!!!

*واعلم أن المصيبة ما وقعت إلا بإذن الله وبحكمته ومن حكمته أن يتفقد عباده بالمصائب حفظاً للعبودية وتحقيقاً للافتقار إليه سبحانه
فمن حديث أبي هريرة عن النبي" مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" رواه البخاري
وعن سعد بن أب وقاص عن النبي:" أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ... "الحديث رواه الترمذي

وليعلم العبد أنه لولا البلاء لغرق العبد في الكبر والعجب وقسوة القلب فكان سببا في هلكه عاجلا أو آجلا، فمن أحبه الله حماه كما يحمي أحدكم سقيمه بالماء

*والمؤمن لا يركن إلى الأسباب بل يتعلق برب الأسباب "ومن يؤمن بالله" فينزع نفسه من التفاصيل ويلجأ إليه وحده هو القادر على أن يملأ قلبه يقينا وسكينة "يهد قلبه"

*ومن أدب المؤمن في المصيبة ألا يشكو لغير الله قال يعقوب:" إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ" يوسف وإنما يهرع للصلاة والذكر قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (153)البقرة
وفي السنة من حديث أنس الذي رواه البخاري أن النبي قال للمرأة التي رآها تبكي عند قبر النبي وقد جزعت "إنما الصبر عند الصدمة الأولى"
فلا يتسخط المؤمن ولا يعترض على قضاء الله ولا يحزن وقد امرنا الله في كتابه في غير ما موضع بألا نستسلم للحزن فإنه إحدى مداخل الشيطان لقلب المؤمن
قال تعالى:
-" وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)" آل عمران
-" إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40)" التوبة
-"فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" (١٥٣ آل عمران)




*وختم الآية بقوله تعالى: "والله بكل شيء عليم" لا يخفى عليه تسليم من انقاد وسلم لأمره، ولا كراهة من كرهه فيجازي كل بما علم من حاله وقد بين عز وجل في غير ما موضع ما أعد للصابرين وهذا مما يربط على قلب المؤمن فيثمر الرضا واحتساب الأجر
-قال تعالى: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)"الزمر
-وفي الحديث من حديث أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغةً، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا، والله ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدةً قط" رواه مسلم.


*واعلم رحمك الله أن مما يعين على الصبر على المصائب الزهد في الدنيا
-قال تعالى ".... قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) "النساء
-وقال :"أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) "العنكبوت

وأن يوطن نفسه أنها ليست دار جزاء ولا دار قرار وإنما هي دار ابتلاء وارتحال، ومن ينشد السلامة في دار البلاء فليتهم عقله


ولست أرى للختام أجمل من أبيات ابن القيم:
فحي على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

فالعدو سبانا إلى دار الدنيا فنجتهد في فكاك أسرنا ثم حث السير للوصول لدارنا الأولى دار السلام من جميع الآفات والأحزان وفيها الخلود

أسأل الله لي ولكم الخلود في دار السلام حيث نناجي فيها ربنا فنقول:
".. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34)" فاطر

المراجع:
مستفاد بتصرف من :
-كتاب تسلية اهل المصائب: محمد بن محمد بن محمد، شمس الدين المنبجي (المتوفى: 785هـ)
-المكتبة الشاملة
-موقع جمهرة العلوم
-موقع الدرر السنية

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 رجب 1441هـ/7-03-2020م, 06:46 PM
منى فؤاد منى فؤاد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 162
افتراضي تطبيق علي الأسلوب الوعظي

تفسير قوله تعالي :(ياأيها الذين ءامنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم* تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) من سورة الصف

مما لاشك فيه أن العبد يسعي لما فيه الفوز بالجنة والنجاة من النار وواجبنا كمسلمين أعزنا الله بالإسلام وبإنزال القرآن نورا وهداية لنا أن نتلمس قوارب النجاة التي بسطها الله عز وجل لنا في محكم التنزيل . وهاتان الآيتان من سورة الصف توضحان أهم مقومات التجارة الرابحة التي أشارات إليها أيضا آية سورة فاطر في قوله تعالي:
)(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)
ووقد بينت الآيتان مفردات التجارة المنجية من عذاب الله والموصلة إلي الجنة وهي ماكانت تدور حولها دندنة النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
فهيا معا نعيش مع مفردات هذه التجارة الرابحة بإذن الله :
صُدرت الآية المباركة بهذا النداء الذي يستجيش مشاعر المؤمنين ويحثهم علي التحلي بما يقتضيه هذا الوصف (ياأيها الذين ءامنوا) ومما ورد في شأن هذا النداء ماذكر في كتاب الزهد لابن المبارك أنه قال: أخبرنا مسعر ، قال حدثني معن وعون أو أحدهما أن رجلا أتي عبد الله ابن مسعود فقال اعهد إليّ؟
فقال إذا سمعت الله يقول : ياأيها الذين آمنوا )فارعها سمعك فإنها خيرُُ يأمر به أو شر ينهي عنه) فقد ورد هذا النداء الكريم في كتاب الله كثيرا قرابة التسعين مرة وحين نزلت هذه الآية قال المسلمون : لوعلمنا ماهذه التجارة لأعطينا فيها الأموال والأهلين فبين لهم التجارة:(تؤمنون بالله ورسوله) الدر المنثور للسيوطي
ونحن إذا تدبرنا مفردات هذه التجارة لوجدناها تدور حول الركيزة الأساسية لكل خير ألا وهي الإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلي الله عليه وسلم ثم الجهاد بالأموال والأنفس ابتغاء مرضاة الله .
ويبقي السؤال الذي يفرض نفسه كيف يحقق العبد الإيمان بالله والإيمان برسوله صلي الله عليه وسلم لكي تكون تجارته هذه تجارة رابحة؟

أما الإيمان بالله فيستلزم الإيمان بأركان الإيمان الستة :
الإيمان بالله عز وجل ووحدانيته وربوبيته وألوهيته وكمال أسمائه وصفاته والإيمان بالملائكة والكتب السماوية والرسل والأنبياء واليوم الآخر والقدر خيره وشره
والإيمان برسوله يستلزم تصديقه واتباعه فيما أمر به والإنتهاء عما نهي عنه وزجر .
وقد حث الله عز وجل المؤمنين علي الجهاد بالأموال والأنفس في غير موضع من كتابه العزيز ومن ذلك قوله تعالي في سورة التوبة :
(إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة )وهو أصدق من وعد سبحانه وتعالي.
وكذلك وعده لهم في سورة الصف بالمغفرة ودخول الجنات فقال تعالي :(يغفر لكم من ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم)
ويحتاج المؤمن الموحد أن يجاهد نفسه وشيطانه ليتيسر له الجهاد بنفسه وماله فالشيطان يخيفه من القتل ومن الفقر كما قال تعالي: ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم)البقرة 268
ومن اللافت للنظر مناداتهم بوصف الإيمان في صدر الآية ثم دلهم علي أول ركيزة من ركائز التجارة المنجية فقال سبحانه وتعالي (تؤمنون بالله ورسوله )ليؤكد علي أهمية هذه الصفة وضرورة تلبسهم بها وتحقيقهم لمقتضياتها أبدا ما أحياهم الله إذا كانوا يرغبون في النجاة من العذاب الأليم والفوز بالجنات.
يسعي العبد في حياته الي تحقيق المكاسب في دنياه وأخراه والعبد الموفق هو الذي يضع نصب عينيه تجارة الآخرة التي لن تبور بإذن الله فيجتهد في الإقبال علي كتاب الله حفظا وتدبرا وعملا يجتهدفي اقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله كما دلت آية سورة فاطر لتكمل مع آية سورة الصف منظومة ركائز التجارة الرابحة .فالله أسأل أن يوفقنا الي طاعته وإلي الفوز بجنات النعيم والنجاة من السعير فهو ولي ذلك والقادر عليه.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 16 رجب 1441هـ/10-03-2020م, 08:58 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسام عاشور مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قوله تعالى "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)"التغابن


الحمد لله الذي قدر مقادير الخلائق ، وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، وجعل الدنيا دار ابتلاء والآخرة دار جزاء ، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
ثم أما بعد:
من منا لم يصب بمصاب فضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه التي بين جنبيه وحدثته نفسه بالجزع والهلع فراح يتصبر حتى لا يفوته أجر وجزاء الصابرين
ففي الآية سلوى لكل محزون وتسلية لكل مصاب تتنزل بها السكينة على قلوب المكروبين وفيها من الهدايات والفوائد ما يعين عند المصائب:


*فإذا علم المؤمن أن كل ما يأتيه هو من الله ،قد سبق علم الله به وجرى به قلمه ونفذت به مشيئته سكنت نفسه وعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فذهب عن نفسه الهلع الذي جبلت عليه نفسه"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)"الإنسان

*ثم إن هو استرجع فقال إنا لله وأنا إليه راجعون غفر الله له وأمنه من العذاب وأرشده للهدى قال تعالى:
"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)"البقرة
-قال عمر رضي الله عنه: نعم العدلين والعلاوة
-وقال سعيد بن جبير "لم يعط هذه الكلمات نبي قبل نبينا ولو عرفها يعقوب ما قال: " يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ"
فقد جمعت هذه الكلمات من المعاني المباركة الكثير ففيها توحيد لله والإقرار له بالعبودية والبعث من القبور واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو له
فسبحان من أنزل البلاء ثم علمنا الاسترجاع ليجزل لنا به العطاء مغفرة وأمنا من العذاب وهداية ورشدا.....سبحان من أنزل على نبينا هذه الكلمات دون سائر الأنبياء فنحن أمة مرحومة

*ثم إن هو جمع مع هذه الكلمات الدعاء بأن يأجره الله في مصيبته ويخلف له خيرا منها فقد فاز
ولا يخفى علينا حديث أم سلمة أنه لما مات زوجها تعلمت هذه الكلمات من النبي فقالتها وكانت تتعجب في نفسها فتقول:(ومن أين لي بخير من أبي سلمة؟) فما لبثت أن خطبها رسول الله لنفسه
فعلم يا يرعاك الله أنك إن سلمت لله واتبعت هدي النبي عند المصيبة فاسترجعت ودعوت، فقد فزت بالرضا والسكينة في القلب ويزيدك الله فوقها عوضا خيرا مما فقدت في الدنيا وقبل ذلك كله أجر وجزاء الصابرين في الآخرة
فأي فوز أكبر من هذا!!!!!

*واعلم أن المصيبة ما وقعت إلا بإذن الله وبحكمته ومن حكمته أن يتفقد عباده بالمصائب حفظاً للعبودية وتحقيقاً للافتقار إليه سبحانه
فمن حديث أبي هريرة عن النبي" مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" رواه البخاري
وعن سعد بن أب وقاص عن النبي:" أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ... "الحديث رواه الترمذي

وليعلم العبد أنه لولا البلاء لغرق العبد في الكبر والعجب وقسوة القلب فكان سببا في هلكه عاجلا أو آجلا، فمن أحبه الله حماه كما يحمي أحدكم سقيمه بالماء

*والمؤمن لا يركن إلى الأسباب بل يتعلق برب الأسباب "ومن يؤمن بالله" فينزع نفسه من التفاصيل ويلجأ إليه وحده هو القادر على أن يملأ قلبه يقينا وسكينة "يهد قلبه"

*ومن أدب المؤمن في المصيبة ألا يشكو لغير الله قال يعقوب:" إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ" يوسف وإنما يهرع للصلاة والذكر قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (153)البقرة
وفي السنة من حديث أنس الذي رواه البخاري أن النبي قال للمرأة التي رآها تبكي عند قبر النبي وقد جزعت "إنما الصبر عند الصدمة الأولى"
فلا يتسخط المؤمن ولا يعترض على قضاء الله ولا يحزن وقد امرنا الله في كتابه في غير ما موضع بألا نستسلم للحزن فإنه إحدى مداخل الشيطان لقلب المؤمن
قال تعالى:
-" وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)" آل عمران
-" إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40)" التوبة
-"فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" (١٥٣ آل عمران)




*وختم الآية بقوله تعالى: "والله بكل شيء عليم" لا يخفى عليه تسليم من انقاد وسلم لأمره، ولا كراهة من كرهه فيجازي كل بما علم من حاله وقد بين عز وجل في غير ما موضع ما أعد للصابرين وهذا مما يربط على قلب المؤمن فيثمر الرضا واحتساب الأجر
-قال تعالى: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)"الزمر
-وفي الحديث من حديث أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغةً، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا، والله ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدةً قط" رواه مسلم.


*واعلم رحمك الله أن مما يعين على الصبر على المصائب الزهد في الدنيا
-قال تعالى ".... قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) "النساء
-وقال :"أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) "العنكبوت

وأن يوطن نفسه أنها ليست دار جزاء ولا دار قرار وإنما هي دار ابتلاء وارتحال، ومن ينشد السلامة في دار البلاء فليتهم عقله


ولست أرى للختام أجمل من أبيات ابن القيم:
فحي على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

فالعدو سبانا إلى دار الدنيا فنجتهد في فكاك أسرنا ثم حث السير للوصول لدارنا الأولى دار السلام من جميع الآفات والأحزان وفيها الخلود

أسأل الله لي ولكم الخلود في دار السلام حيث نناجي فيها ربنا فنقول:
".. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34)" فاطر

المراجع:
مستفاد بتصرف من :
-كتاب تسلية اهل المصائب: محمد بن محمد بن محمد، شمس الدين المنبجي (المتوفى: 785هـ)
-المكتبة الشاملة
-موقع جمهرة العلوم
-موقع الدرر السنية
أحسنتِ في رسالتك بارك الله فيكِ، وأسلوبك الوعظي حاضر ومؤثر.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 21 رجب 1441هـ/15-03-2020م, 07:02 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى فؤاد مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالي :(ياأيها الذين ءامنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم* تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) من سورة الصف

مما لاشك فيه أن العبد يسعي لما فيه الفوز بالجنة والنجاة من النار وواجبنا كمسلمين أعزنا الله بالإسلام وبإنزال القرآن نورا وهداية لنا أن نتلمس قوارب النجاة التي بسطها الله عز وجل لنا في محكم التنزيل . وهاتان الآيتان من سورة الصف توضحان أهم مقومات التجارة الرابحة التي أشارات إليها أيضا آية سورة فاطر في قوله تعالي:
)(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)
ووقد بينت الآيتان مفردات التجارة المنجية من عذاب الله والموصلة إلي الجنة وهي ماكانت تدور حولها دندنة النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
فهيا معا نعيش مع مفردات هذه التجارة الرابحة بإذن الله :
صُدرت الآية المباركة بهذا النداء الذي يستجيش مشاعر المؤمنين ويحثهم علي التحلي بما يقتضيه هذا الوصف (ياأيها الذين ءامنوا) ومما ورد في شأن هذا النداء ماذكر في كتاب الزهد لابن المبارك أنه قال: أخبرنا مسعر ، قال حدثني معن وعون أو أحدهما أن رجلا أتي عبد الله ابن مسعود فقال اعهد إليّ؟
فقال إذا سمعت الله يقول : ياأيها الذين آمنوا )فارعها سمعك فإنها خيرُُ يأمر به أو شر ينهي عنه) فقد ورد هذا النداء الكريم في كتاب الله كثيرا قرابة التسعين مرة وحين نزلت هذه الآية قال المسلمون : لوعلمنا ماهذه التجارة لأعطينا فيها الأموال والأهلين فبين لهم التجارة:(تؤمنون بالله ورسوله) الدر المنثور للسيوطي
ونحن إذا تدبرنا مفردات هذه التجارة لوجدناها تدور حول الركيزة الأساسية لكل خير ألا وهي الإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلي الله عليه وسلم ثم الجهاد بالأموال والأنفس ابتغاء مرضاة الله .
ويبقي السؤال الذي يفرض نفسه كيف يحقق العبد الإيمان بالله والإيمان برسوله صلي الله عليه وسلم لكي تكون تجارته هذه تجارة رابحة؟

أما الإيمان بالله فيستلزم الإيمان بأركان الإيمان الستة :
الإيمان بالله عز وجل ووحدانيته وربوبيته وألوهيته وكمال أسمائه وصفاته والإيمان بالملائكة والكتب السماوية والرسل والأنبياء واليوم الآخر والقدر خيره وشره
والإيمان برسوله يستلزم تصديقه واتباعه فيما أمر به والإنتهاء عما نهي عنه وزجر .
وقد حث الله عز وجل المؤمنين علي الجهاد بالأموال والأنفس في غير موضع من كتابه العزيز ومن ذلك قوله تعالي في سورة التوبة :
(إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة )وهو أصدق من وعد سبحانه وتعالي.
وكذلك وعده لهم في سورة الصف بالمغفرة ودخول الجنات فقال تعالي :(يغفر لكم من ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم)
ويحتاج المؤمن الموحد أن يجاهد نفسه وشيطانه ليتيسر له الجهاد بنفسه وماله فالشيطان يخيفه من القتل ومن الفقر كما قال تعالي: ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم)البقرة 268
ومن اللافت للنظر مناداتهم بوصف الإيمان في صدر الآية ثم دلهم علي أول ركيزة من ركائز التجارة المنجية فقال سبحانه وتعالي (تؤمنون بالله ورسوله )ليؤكد علي أهمية هذه الصفة وضرورة تلبسهم بها وتحقيقهم لمقتضياتها أبدا ما أحياهم الله إذا كانوا يرغبون في النجاة من العذاب الأليم والفوز بالجنات.
يسعي العبد في حياته الي تحقيق المكاسب في دنياه وأخراه والعبد الموفق هو الذي يضع نصب عينيه تجارة الآخرة التي لن تبور بإذن الله فيجتهد في الإقبال علي كتاب الله حفظا وتدبرا وعملا يجتهدفي اقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله كما دلت آية سورة فاطر لتكمل مع آية سورة الصف منظومة ركائز التجارة الرابحة .فالله أسأل أن يوفقنا الي طاعته وإلي الفوز بجنات النعيم والنجاة من السعير فهو ولي ذلك والقادر عليه.
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
ولعل رسالتك قد تضمنت أيضا على التفسير الموضوعي لمسألة التجارة الرابحة، ويحسن التركيز على تفسير الآيات والوقوف أكثر على صور الجهاد بالنفس والمال، وبيان مناسبة ختام الآية ، ليكون وقوفك على معاني الآيات أكمل وأشمل.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir