17/430 - وَعَن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَهُ: إذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلا تَصِلْهَا بِصَلاةٍ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ: ((أَنْ لا تُوصَلَ صَلاةٌ بِصَلاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): هُوَ أَبُو يَزِيدَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ فِي الأَشْهَرِ، وُلِدَ فِي الثَّانِيَةِ مِن الْهِجْرَةِ، وَحَضَرَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ أَبِيهِ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ.
(أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ: إذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلا تَصِلْهَا): بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ من الْوَصْلِ، (بِصَلاةٍ حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ)؛ أَيْ: مِن الْمَسْجِدِ؛ (فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ: أَنْ لا نُوصِلَ صَلاةً بِصَلاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ) أَنَّ وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ مِنْ ذَلِكَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ فَصْلِ النَّافِلَةِ عَن الْفَرِيضَةِ، وَأَنْ لا تُوصَلَ بِهَا. وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَلَيْسَ خَاصًّا بِصَلاةِ الْجُمُعَةِ؛ لأَنَّهُ اسْتَدَلَّ الرَّاوِي عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذِكْرِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ بِحَدِيثٍ يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا. قِيلَ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ لِئَلاَّ يَشْتَبِهَ الْفَرْضُ بِالنَّافِلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ذَلِكَ هَلَكَةٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّحَوُّلُ لِلنَّافِلَةِ مِنْ مَوْضِعِ الْفَرِيضَةِ، وَالأَفْضَلُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى بَيْتِهِ؛ فَإِنَّ فِعْلَ النَّوَافِلِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ، وَإِلاَّ فَإِلَى مَوْضِعٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ تَكْثِيرٌ لِمَوَاضِعِ السُّجُودِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ فِي الصَّلاةِ)): يَعْنِي السُّبْحَةَ. وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ: ((لا يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ فِي مَكَانِهِ))، وَلَمْ يَصِحَّ النَّهْيُ.