دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 11:04 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صلاة المسافر

( فصلٌ ) مَنْ سافَرَ سَفَرًا مُباحًا أربعةَ بُرُدٍ سُنَّ له قَصْرُ رُباعيَّةٍ رَكعتينِ إذا فَارَقَ عامِرَ قَريتِه أو خِيامَ قَوْمِه، وإن أَحْرَمَ ثم سافَرَ ، أو في سَفَرٍ ثم أَقامَ أو ذَكَرَ صلاةَ حَضَرٍ في سَفَرٍ أو عَكْسَها أو ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ أو بِمَنْ يَشُكُّ فيه ، أو أَحْرَمَ بصلاةٍ يَلْزَمُه إتمامُها ففَسَدَتْ وأَعادَها ، أو لم يَنْوِ الْقَصْرَ عندَ إحرامِها ، أو شَكَّ في نِيَّتِه ، أو نَوَى إقامةَ أكثرَ من أربعةِ أيَّامٍ ، أو مَلَّاحًا معه أهلُه لا يَنْوِي الإقامةَ ببَلَدٍ لَزِمَه أن يُتِمَّ .
وإن كان له طريقان فَسَلَكَ أبعدَهما، أو ذَكَرَ صلاةَ سَفَرٍ في آخَرَ قَصَرَ، وإن حُبِسَ ولم يَنْوِ إقامةً أو أَقامَ لقَضاءِ حاجةٍ بلا نِيَّةِ إقامةٍ قَصَرَ أَبَدًا.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 08:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

....................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 08:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فَصْلٌ
في قَصْرِ المُسَافِرِ الصَّلاةَ

وسَنَدُه قَوْلُه تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ...} الآيَةَ.
(مَنْ سَافَرَ)؛ أي: نَوَى (سَفَراً مُبَاحاً)؛ أي: غَيْرَ مَكْرُوهٍ ولا حَرَامٍ, فيَدْخُلُ فيهِ الوَاجِبُ والمَنْدُوبُ والمُبَاحُ المُطْلَقُ- ولو نُزْهَةً وفَرْجَةً- يَبْلُغُ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ), وهي سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخاً بَرًّا أو بَحْراً, وهي يَوْمَانِ قَاصِدَانِ,(سُنَّ له قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ رَكْعَتَيْنِ)؛ لأنَّه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ دَاوَمَ عليه بخِلافِ المَغْرِبِ والصُبْحِ, فلا يُقْصَرَانِ إِجْمَاعاً، قالَهُ ابنُ المُنْذِرِ.
(إذا فَارَقَ عَامِرَ قَرْيَتِه), سَوَاءٌ كَانَت البُيُوتُ دَاخِلَ السُّورِ أو خَارِجَهُ. (أو) فَارَقَ (خِيَامَ قَوْمِه) أو ما نُسِبَ إليه عُرْفاً؛ كسُكَّانِ قُصُورٍ وبَسَاتِينَ ونَحْوِهم؛ لأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إِنَّمَا كانَ يَقْصُرُ إذا ارْتَحَلَ.
ولا يُعِيدُ مَن قَصَرَ بشَرْطِه ثُمَّ رجَعَ قَبْلَ استِكْمَالِ المَسَافَةِ، ويَقْصُرُ مَن أَسْلَمَ, أو بَلَغَ, أو طَهُرَتْ بسَفَرٍ مُبِيحٍ, ولو كانَ البَاقِي دُونَ المَسَافَةِ, لا مَن تَابَ إذنْ، ولا يَقْصُرُ مَنْ شَكَّ في قَصْرِ المَسَافَةِ ولا مَن لم يَقْصِدْ جِهَةً مُعَيَّنَةً كالتَّائِهِ، ولا مَن سَافَرَ ليَتَرَخَّصَ، ويَقْصُرُ المُكْرَهُ كالأسِيرِ، وامرَأَةٌ وعَبْدٌ تَبَعاً لزَوْجٍ وسَيِّدٍ.
(وإن أَحْرَمَ) في الحَضَرِ (ثُمَّ سَافَرَ, أو) أَحْرَمَ (في سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ), أَتَمَّ؛ لأنَّها عِبَادَةٌ اجتَمَعَ لها حُكْمُ الحضَرِ والسَّفَرِ, فغُلِّبَ حُكْمُ الحَضَرِ، وكذا لو سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ أَتَمَّهَا وُجُوباً؛ لأنَّها وَجَبَتْ تَامَّةً، (أو ذَكَرَ صَلاةَ حَضَرٍ في سَفَرٍ), أَتَمَّهَا؛ لأنَّ القَضَاءَ مُعْتَبَرٌ بالأداءِ وهو أَرْبَعٌ، (أو عَكْسُها)؛ بأن ذكَرَ صَلاةَ سَفَرٍ في حَضَرٍ أَتَمَّ؛ لأنَّ القَصْرَ مِن رُخَصِ السَّفَرِ, فبَطَلَ بزَوَالِه، (أو ائتَمَّ) مُسَافِرٌ (بمُقِيمٍ), أَتَمَّ، قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: تلكَ السُّنَّةُ. رواهُ أَحْمَدُ.
ومنه لو ائتَمَّ مُسَافِرٌ بمُسَافِرٍ فاستَخْلَفَ مُقِيماً لعُذْرٍ, فيَلْزَمُه الإتمَامُ. (أو) ائتَمَّ مسافرٌ (بمَن يَشُكُّ فيهِ)؛ أي: في إِقَامَتِه وَسَفَرِه, لَزِمَهُ أن يُتِمَّ، وإن بانَ أنَّ الإمامَ مُسَافِرٌ؛ لعَدَمِ نِيَّتِه، لكنْ إذا عَلِمَ أو غلَبَ على ظَنِّهِ أنَّ الإمامَ مُسَافِرٌ بأَمَارَةٍ؛ كهَيْئَةِ لِبَاسٍ، وأَنَّ إمَامَهُ نَوَى القَصْرَ, فله القَصْرُ, عَمَلاً بالظَّاهِرِ، وإنْ قالَ: إنْ أَتَمَّ أَتْمَمْتُ، وإن قَصَرَ قَصَرْتُ. لم يَضُرَّ. (أو أَحْرَمَ بصَلاةٍ يَلْزَمُه إِتْمَامُهَا)؛ لكَوْنِه اقتَدَى بمُقِيمٍ أو لم يَنْوِ قَصْرَهَا مَثَلاً (ففَسَدَتْ) بحَدَثٍ أو نَحْوِه (وأعَادَهَا) أَتَمَّهَا؛ لأنَّها وَجَبَتْ عليهِ تَامَّةً بتَلَبُّسِه بها، (أو لم يَنْوِ القَصْرَ عِنْدَ إِحْرَامِهَا), لَزِمَهُ أن يُتِمَّ؛ لأنَّه الأَصْلُ, وإِطْلاقُ النِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إليه، (أو شَكَّ في نِيَّتِهِ)- أي: نِيَّةِ القَصْرِ- أَتَمَّ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّهُ لم يَنْوِه.
(أو نَوَى إِقَامَةَ أَكْثَرَ مِن أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ), أَتَمَّ، وإنْ أقامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ, قَصَرَ؛ لمَا في المُتَّفَقِ عليهِ مِن حديثِ جَابِرٍ وابنِ عَبَّاسٍ, (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مِن ذِي الحِجَّةِ, فَأَقَامَ بها الرَّابِعَ والخَامِسَ والسَّادِسَ والسَّابِعَ, وصلَّى الصُّبْحَ فِي اليَوْمِ الثَّامِنِ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِنًى, وكَانَ يَقْصُرُ الصَّلاةَ في هذهِ الأيَّامِ وقَدْ أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَتِهَا).
(أو) كانَ المُسَافِرُ (مَلاَّحاً)؛ أي: صَاحِبَ سَفِينَةٍ, (معَهُ أَهْلُه لا يَنْوِي الإقَامَةَ ببَلَدٍ, لَزِمَهُ أن يُتِمَّ)؛ لأنَّ سَفَرَهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ معَ أنَّهُ غَيْرُ ظَاعِنٍ عَن وَطَنِه وأَهْلِه، ومِثْلُه مُكَارٍ ورَاعٍ ورَسُولُ سُلْطَانٍ ونَحْوُهم.
ويُتِمُّ المُسَافِرُ إذا مَرَّ بوَطَنِه أو ببَلَدٍ, له بها امرَأَةٌ, أو قَدْ تَزَوَّجَ فيه, أو نَوَى الإتْمَامَ ولو في أَثْنَائِهَا بَعْدَ نِيَّةِ القْصَرِ.
(وإن كانَ له طَرِيقَانِ)؛ بعَيِدٌ وقَرِيبٌ, (فَسَلَكَ أَبْعَدَهُمَا), قَصَرَ؛ لأنَّه مُسَافِرٌ سَفَراً بَعِيداً، (أو ذَكَرَ صَلاةَ سَفَرٍ في) سَفَرٍ (آخَرَ, قَصَرَ)؛ لأنَّ وُجُوبَهَا وفِعْلَهَا وُجِدَا في السَّفَرِ, كما لو قَضَاهَا فيه نَفْسِه، قالَ ابنُ تَمِيمٍ وغَيْرُه: وقَضَاءُ بَعْضِ الصَّلاةِ في ذلكَ كقَضَاءِ جَمِيعِهَا. اقتَصَرَ عليه في (المُبْدِعِ) وفيه شَيْءٌ.
(وإن حُبِسَ) ظُلْماً أو بمَرَضٍ أو مَطَرٍ ونَحْوِه (ولم يَنْوِ إقامَةً), قَصَر أَبَداً؛ لأنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنه أَقَامَ بأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلاةَ وقَدْ حَالَ الثَّلْجُ بَيْنَهُ وبَيْنَ الدُّخُولِ. رواهُ الأَثْرَمُ، والأَسِيرُ لا يَقْصُرُ ما أَقَامَ عِنْدَ العَدُوِّ، (أو أَقَامَ لقَضَاءِ حَاجَةٍ بلا نِيَّةِ إِقَامَةٍ) لا يَدْرِي مَتَى تَنْقَضِي, (قَصَرَ أَبَداًً), غَلَبَ على ظَنِّهِ كَثْرَةُ ذلكَ أو قِلَّتُه؛ لأنَّه عليهِ السَّلامُ (أَقَامَ بتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْماً يَقْصُرُ الصَّلاةَ). رواهُ أَحْمَدُ وغَيْرُه, وإسنادُه ثِقَاتٌ.
وإن ظَنَّ أن لا تَنْقَضِيَ إلاَّ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ, أَتَمَّ. وإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ القَصْرَ لم يُبَحْ, لم تَنْعَقِدْ صَلاتُه كما لو نَوَاهُ مُقِيمٌ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 07:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل في قصر المسافر الصلاة([1])
وسنده قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ..}الآية ([2]).
(من سافر) أي نوى (سفرًا مباحًا) أي غير مكروه ولا حرام([3]).فيدخل فيه الواجب والمندوب([4]) والمباح المطلق([5]) ولو نزهة وفرجة([6]). يبلغ (أربعة برد)([7]) وهي ستة عشر فرسخًا([8]).برا وبحرا([9]) وهي يومان قاصدان([10]). (سن له قصر الرباعية ركعتين)([11]). لأنه عليه الصلاة والسلام دوام عليه([12]). بخلاف المغرب والصبح فلا يقصران إجماعا، قاله ابن المنذر([13]) (إذا فارق عامر قريته) ([14]) سواء كانت البيوت داخل السور أو خارجه([15]). (أو) فارق (خيام قومه) ([16]) أو ما نسبت إليه عرفا سكان قصور وبساتين ونحوهم ([17]) لأنه عليه الصلاة والسلام إنما كان يقصر إذا ارتحل([18]) ولا يعيد من قصر بشرطه ثم رجع قبل استكماله المسافة ([19]) ويقصر من أسلم أو بلغ ([20]). أو طهرت بسفر مبيح، ولو كان الباقي دون المسافة([21])، لا من تاب إذا([22]) ولا يقصر من شك في قدر المسافة([23]) ولا من لم يقصد جهة معينة كالتائه([24]) ولا من سافر ليترخص([25]). ويقصر المكره كالأسير([26]) وامرأة وعبد تبعا لزوج وسيد([27]) (وإن أحرم) في الـ (حضر ثم سافر([28]) أو) أحرم (سفرا ثم أقام) أتم([29]) لأنها عبادة اجتمع لها حكم الحضر والسفر، فغلب حكم الحضر([30]).وكذا لو سافر بعد دخول الوقت أتمها وجوبا، لأنها وجبت تامة([31]).
(أو ذكر صلاة حضر في سفر) أتمها([32]) لأن القضاء معتبر بالأداء وهو أربع([33]) (أو عكسها) بأن ذكر صلاة سفر في حضر أتم، لأن القصر من رخص السفر، فبطل بزواله([34]) (أو ائتم) مسافر (بمقيم) أتم، قال ابن عباس: تلك السنة، رواه أحمد([35]).ومنه لو ائتم مسافر بمسافر فاستخلف مقيما لعذر فيلزمه الإتمام([36]) (أو) ائتم مسافر (بمن يشك فيه) أي في إقامته وسفره، لزمه أن يتم([37]) وإن بان أن الإمام مسافر، لعدم نيته([38]) لكن إذا علم أو غلب على ظنه، أن الإمام مسافر بأمارة كهيئة لباس([39]) وأن إمامه نوى القصر فله القصر، عملا بالظاهر([40]).
وإن قال: إن أتم أتممت، وإن قصر قصرت، لم يضر([41]) (أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها) لكونه اقتدى بمقيم، أو لم ينو قصرها مثلا (ففسدت) بحدث أو نحوه (وأعادها) أتمها، لأنها وجبت عليه تامة بتلبسه بها([42]) (أو لم ينو القصر عند إحرامها) لزمه أن يتم، لأنه الأصل، وإطلاق النية ينصرف إليه([43]). (أو شك في نيته) أي نية القصر أتم لأن الأصل أنه لم ينوه([44]) (أو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام) أتم([45]).
وإن أقام أربعة أيام فقط قصر، لما في المتفق عليه من حديث جابر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة، فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع، وصلى الصبح في اليوم الثامن، ثم خرج إلى منى، وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها([46]) (أو) كان المسافر (ملاحا) أي صاحب سفينة([47]) (معه أهله، لا ينوي الإقامة ببلد، لزمه أن يتم) لأن سفره غير منقطع، مع أنه غير ظاعن عن وطنه وأهله([48]). ومثله مكار وراع ورسول سلطان ونحوهم([49]) ويتم المسافر إذا مر بوطنه([50]) أو ببلد له به امرأة([51]) أو كان قد تزوج فيه([52]).أو نوى الإتمام ولو في أثنائها بعد نية القصر([53]) (وإن كان له طريقان) بعيد وقريب (فسلك أبعدهما) قصر([54]) لأنه سافر سفرا بعيدا([55]) (أو ذكر صلاة سفر في) سفر (آخر قصر) ([56]) لأن وجوبها وفعلها وجدا في السفر، كما لو قضاها فيه نفسه([57]) قال ابن تميم وغيره: وقضاء بعض الصلاة في ذلك كقضاء جميعها([58]).واقتصر عليه في المبدع، وفيه شيء([59]) (وإن حبس) ظلما أو بمرض أو مطر ونحوه([60]). (ولم ينو إقامة) قصر أبدا([61]) لأن ابن عمر رضي الله عنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول، رواه الأثرم([62]) والأسير لا يقصر ما أقام عند العدو([63]). (أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة) لا يدري متى تنقضي (قصر أبدا) ([64]) غلب على ظنه كثرة ذلك أو قلته([65]).لأنه عليه السلام أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة رواه أحمد وغيره، وإسناده ثقات([66]) وإن ظن أن لا تنقضي إلا فوق أربعة أيام أتم([67]) وإن نوى مسافر القصر حيث لم يبح لم تنعقد، صلاته([68]) كما لو نواه مقيم([69]).


([1]) أي رد الرباعية من أربع إلى ركعتين، من قصر الشيء، إذا نقصه أو نقص منه أو حبسه، وهو مشروع بالكتاب والسنة، جائز بإجماع أهل العلم، منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتواتر، واختاره فقهاء الحديث وغيرهم، كأحمد وغيره، وشيخ الإسلام وغيره اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يصل في السفر قط إلا مقصورة، حتى إن من العلماء من يوجبه، ومن صلى أربعا لم يبطلوا صلاته، لأن الصحابة أقروا من فعل ذلك منهم، بل منهم من يكره ذلك، ومنهم من لا يكرهه، وإن رأى تركه أفضل، قال الموفق وغيره: القصر أفضل من الإتمام، في قول جمهور العلماء، ولا نعلم خالف فيه إلا الشافعي في أحد قوليه، قال الشيخ: وإذا كان القصر أفضل عند جماهير أهل العلم، لم يجز أن يحتج بنفي الجناح على أنه مباح لا فضيلة فيه، وفي الصحيحين فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر، وقال عمر: صلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر، وغير ذلك، وأوله بعضهم: لمن أراد القصر، لا أنها أصل، لمخالفة نص القرآن وإجماع المسلمين في أنها مقصورة، وأن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام، وقال غير واحد: متى خالف خبر الآحاد نص القرآن أو إجماعا وجب ترك ظاهره.
([2]) ضـربتم في الأرض، أي سـافرتم في البلاد، تقصـروا، مـن كميتها وخفتم خرج مخرج الغالب، قاله غير واحد، وأنه إنما علق القصر على الخوفلأن غالب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم لم تخل منه وقال الشيخ: القصر قصران قصر الأفعال، وقصر العدد كصلاة الخوف حيث كان مسافرا، فإنه يرتكب فيها ما لا يجوز في صلاة الأمن، والآية وردت على هذا «ومقيد» وهو ما اجتمع فيه قصر العدد فقط، كالمسافر، أو قصر العمل فقط، كالخائف وهو حسن لكن يرد على هذا قول يعلى لعمر: ما لنا نقصر وقد أمنا؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته» رواه مسلم، فظاهر ما فهماه تقييد قصر العدد بالخوف، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على ذلك: وقيل: قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ} كلام مبتدأ معناه وإن خفتم، وقال ابن عمر: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبو بكر وعمر وعثمان كذلك متفق عليه.
([3]) سن له قصر الرباعية ركعتين، وأجمعوا على جوازه في سفر الطاعة وأما السفر المحرم فمذهب مالك والشافعي وأحمد لا يقصر، وعن أحمد يقصر في سائر جنس الأسفار، وهو مذهب أبي حنيفة وطوائف من السلف والخلف، قال الموفق: الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه، وقال شيخ الإسلام: الحجة مع من جعل القصر مشروعًا في جنس السفر، ولم يخص سفرًا من سفر، وهذا القول هو الصحيح، فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص سفرًا من سفر، ولو كان مما يختص بنوع لكان بيانه من الواجبات، ولو بين لنقلته الأمة، وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئًا، ولم يذكر تقييده في شيء من الكتاب والسنة بنوع دون نوع، فكيف يجوز أن يكون معلقًا بأحد نوعي السفر؟ ولا يبين الله ولا رسوله ذلك، بل يكون بيان الله ورسوله متناولاً سفر الطاعة وسفر المعصية.وقال أيضًا: ويجوز قصر الصلاة في كل ما يسمى سفرًا، قل أو كثر، وسواء كان مباحا أو محرما ونصره ابن عقيل، وقاله بعض المتأخرين من أصحاب أحمد والشافعي اهـ وعليه العمل، وأما من ارتكب المعاصي في سفره فله الترخص بلا خلاف، لأنه ليس ممنوعًا من السفر، وإنما منع من المعصية، وقول الشارح «نوى» صرفٌ لعبارة الماتن عن مقتضاها كالمنقح لما يرد عليها، كخروج من طلب ضالة أو آبقًا جاوز ستة عشر فرسخا على التقييد به، فإنه يصدق عليه أنه مسافر، وكون المعتبر المسافة لا حقيقتها فلو نواها ثم رجع قبل استكمالها وقد قصر لم يعد، لكن قد يقال بأنه قد ينوي السفر ولا يسافر، فيرد على عبارة الشارح عدم الاكتفاء بالنية، ويجاب بأنه إذا فارق عامر قريته يدل على السفر، إلا أنه يحتاج إلى إضمار: إذا فارقها مسافرًا، وقال عثمان: الأخلص في العبارة أن يقال: من ابتدأ سفرًا مباحًا ناويًا، فله القصر إذا فارق.. إلخ، والسفر قطع المسافة، وجمعه أسفار، سمي بذلك لأنه يسفر عن أخلاق الرجال أي يكشفها وقيل غير ذلك.
([4]) كحج وجهاد متعينين، وكزيارة رحم وإخوان، وعيادة مريض، وأحد المساجد الثلاثة بلا نزاع، لا المشاهد، على القول بعدم جواز القصر في السفر المحرم. لقوله عليه الصلاة والسلام «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»، الحديث متفق عليه، قال الشيخ: لم ينقل جوازه عن أحد من المتقدمين، وذكر أنه بدعة، واختار القاضي والجويني تحريم السفر لزيارة القبور مطلقا، وغلط أهل التحقيق من استثنى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن الاستثناء في قوله «لا تشد الرحال» ونحوه عند أهل الأصول معيار العموم.
([5]) أي غير المقيد بالواجب والمستحب.
([6]) قال النووي: قطع به أهل التحقيق، وكرهه شيخ الإسلام وغيره والنزهة الخروج إلى البساتين والخضر والرياض، يقال، نزه المكان ككرم، نزاهـة فهو نزيه، إذا كان ذا ألوان حسان، قال ابن قتيبة: ذهب بعض أهل العلم في قول الناس: خرجوا يتنزهون،أنه غلط، وهو عندي ليس بغلط لأن البساتين في كل بلد إنما تكون خارج البلد، فإذا أراد أحد أن يأتيها فقد أراد البعد عن المنازل والبيوت ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر والجنان اهـ والفرجة بالضم عطف تفسير، وفي المجمل: الفرجة التقضي عن الهم، قال في الفروع: أطلق أصحابنا إباحة السفر للتجارة، ولعل المراد: غير مكاثر في الدنيا، وأنه يكره، وقال ابن حزم: اتفقوا أن الاتساع في المكاسب والمباني من حل إذا أدى جميع حقوق الله قبله مباح، ثم اختلفوا فمن كاره و وغير كاره، وقال النووي: من سافر لأي قصد من المقاصد دينًا أو دنيا ترخص بلا خلاف، ولغير قصد إلا الترخص ترخص، وفاقًا لأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي.
([7]) جمع بريد، أربعة فراسخ، أو اثنا عشر ميلاً، أو ما بين المنزلتين قال الشيخ: والبريد هو نصف يوم بسير الإبل والإقدام، وهو ربع مسافة يومين وليلتين.
([8]) يعني أربعة البرد قال الشاعر:
إن البريد من الفراسخ أربع والفرسخ فثلاث أميال ضعوا
=
والـميل ألفًا قدروا بالباع والـباع أربـعة من الذراع
والفرسخ واحد الفراسخ، فارسي معرب، ويقال: الفرسخ ثلاثة أميال، والميل اثنا عشر ألف قدم ستة آلاف ذراع، وهو الأشهر وأربعة آلاف خطوة، وجزم الجوهري أنه منتهى مدى البصر، لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض، والذراع أربعة وعشرون أصبعا معترضة معتدلة، كل أصبع ست شعيرات، كل شعيرة ست شعرات برذون، وصحح غير واحد أن مقدار المسافة تقريب لا تحديد وقال في الإنصاف: هذا مما لا نشك فيه.
([9]) لعدم الفرق بينهما وفاقا، فمسافة البحر كالبر، ولو قطعها في ساعة، كما لو قطعها في البر في نصف يوم، ويأتي كلام الشيخ رحمه الله تعالى.
([10]) أي الستة عشر فرسخا مسيرة يومين قاصدين، أي معتدلين بسير الأثقال، ودبيب الأقدام، هينتي السير بلا تعب ولا بطء، فإن القصد الاعتدال بذلك، مع المعتاد من النزول والاستراحة ونحوها، وهذا مذهب مالك والشافعي، وقيل غير ذلك، وقال شيخ الإسلام، قال أبو محمد: لا أعلم لما ذهب إليه الأئمة وجها، لمخالفة السنة وظاهر القرآن، فإن ظاهر القرآن إباحة القصر لمن ضرب في الأرض، وهو كما قال، فإن التحديد بذلك ليس بثابت بنص ولا إجماع ولا قياس، ولا حجة لتحديده، بل الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر، واستظهر جواز القصر لمن سافر يوما، وقال: والمسافر يريد أن يذهب إلى مقصوده ويعود إلى وطنه، وأقل ذلك مرحلة يذهب في نصفها، ويرجع في نصفها، وهذا هو البريد وقد حدوا بهذه المسافة الشهادة على الشهادة غير ذلك. وقال الفرق بين السفر الطويل والقصير لا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل الأحكام التي علق الله بالسفر علقها مطلقا، وذكر الآيات في ذلك والآثار، ثم قال: فهذه النصوص وغيرها من نصوص الكتاب والسنة ليس فيها تفريق بين سفر طويل وسفر قصير، فمن فرق بين هذا وهذا فقد فرق بين ما جمع الله بينه، فرقا لا أصل له من كتاب الله ولا سنة رسوله، فالمرجع فيه إلى العرف، فما كان سفرا في عرف الناس فهو السفر، الذي علق به الشارع الحكم، وذكر مثل سفر أهل مكة إلى عرفة، وقال: أي فرق بين سفر أهل مكة إلى عرفة، وبين سفر سائر المسلمين إلى قدر ذلك من بلادهم، فإن هذه مسافة بريد، وهذا سفر ثبت فيه جواز القصر والجمع.وقال: إن حد فتحديده ببريد أجود إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه، والمعلوم أن الإجماع لم ينعقد على خلافه، وهو اختيار طائفة من علماء أحمد، كان بعضهم يقصر الصلاة في مسيرة بريد، وهذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه، لمن تبين السنة وتدبرها، قال: والمحددون لهم طريقان: بعضهم يقول: لم أجد أحدا قال بأقل من ذلك، وقد علم من قال ذلك، وبعضهم يقول: هذا قول ابن عمر وابن عباس، ولا مخالف لهما، وهذا باطل فقد ثبت عنهما وغيرهما ما يخالف ذلك، وتحديد السفر بالمسافة لا أصل له في شرع ولا لغة ولا عرف ولا عقل، ولا يعرف عموم الناس مساحة الأرض، فلا يجعل ما يحتاج إليه عموم المسلمين معلقا بشيء لا يعرفونه والاعتبار بما هو سفر فمن سافر ما يسمى سفرا قصرا وإلا فلا.وأدنى ما يسمى سفرا في كلام الشارع البريد، وكان يأتي قباء راكبا وماشيا، ويأتي إليه أصحابه ولم يقصر هو ولا هم، ويأتون إلى الجمعة من نحو ميل وفرسخ، والنداء يسمع من نحو فرسخ، وقصر أهل مكة بعرفة اهـ، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم يوما وليلة سفرا، فقال في المرأة: «لا تسافر يومًا وليلة إلا مع ذي محرم»، قال البغوي: وعامة الفقهاء يقولون مسيرة يوم تام، وكان ابن عمر يقصر في مسيرة يوم، وقال الأوزاعي وآخرون: يقصر في مسيرة يوم تام، وهو قول ابن المنذر وداود وغيرهما لإطلاق الكتاب والسنة، ولحديث يحيى ابن يزيد، سألت أنسا عن قصر الصلاة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين رواه مسلم.
([11]) قال في الإقناع والمنتهى وغيرهما: ولو قطعها في ساعة، وذكر شيخ الإسلام أن السفر ليس محدودا بمسافة بل يختلف، فيكون مسافرا في مسافة بريد، وقد يقطع أكثر من ذلك ولا يكون مسافرًا، فلو ركب رجل فرسا سابقا إلى عرفة ثم رجع من يومه إلى مكة لم يكن مسافرا، يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن» فلو قطع البريد في ثلاثة أيام كان مسافرًا ثلاثة أيام، فيمسح مسح مسافر، ولو قطع البريد في نصف يوم لم يكن مسافرا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما اعتبر ثلاثة أيام، سواء كان حثيثا أو بطيئا وذكر أن ابن عباس نهى من ذهب ورجع من يومه إلى أهله أن يقصر. وقال: الذين جعلوا المسافة الواحدة حدا يشترك فيه جميع الناس، مخالفون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل يخرج من القرية إلى صحراء لحطب يأتي به، فيغيب اليومين والثلاثة فيكون مسافرا، وإن كانت المسافة أقل من ميلن بخلاف من يذهب ويرجع من يومه، فإنه لا يكون في ذلك مسافرا فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد، بخلاف الثاني، فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرا، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرا، فالسفر يكون بالعمل الذي يسمى سفرا لأجله، والعمل لا يكون إلا في زمان، فإذا طال العمل وزمانه فاحتاج إلى ما يحتاج إليه المسافر سمي مسافرا، وإن لم تكن المسافة بعيدة، وإذا قصر العمل والزمان بحيث لا يحتاج إلى زاد ومزاد لم يسم سفرا، وإن بعدت المسافة، فالأصل هو العمل الذي يسمى سفرا، ولا يكون العمل إلا في زمان، فيعتبر العمل الذي هو سفر، ولا يكون ذلك إلا في مكان يسفر عن الأماكن، وهذا مما يعرفه الناس بعاداتهم فما سموه سفرا فهو سفر وإلا فلا.
([12]) قال شيخ الإسلام وغيره: فإن المسلمين قد نقلوا بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في السفر إلا ركعتين، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى أربعا قط، واختار أنه سنة، وأن الإتمام مكروه، وذكر أن القصر أفضل عند عامة أهل العلم، ليس فيه إلا خلاف شاذ، وأن أكثرهم يكرهون التربيع للمسافر.وقال: يكره إتمام الصلاة في السفر ونقل عن أحمد أنه توقف في الأجزاء، ولم يثبت أن أحدا من الصحابة كان يتم الصلاة في السفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن حديث عائشة في مخالفة ذلك لا تقوم به الحجة.
([13]) لأن المغرب وتر النهار، فإن سقط منها ركعة بطل كونها وترا، وإن سقط ركعتان بقي ركعة، ولا نظير لها في الفرض، والصبح لو سقط منها ركعة بقيت ركعة، ولا نظير لها في الفرض، ولم يقصرا بإجماع المسلمين.
([14]) أي إذا فارق من نوى سفرا مباحا عامر قريته مسافرا، بما يقع عليه اسم المفارقة، بنوع من البعد عرفا، قصر وفاقا للأئمة الثلاثة، وجماهير العلماء من الصحابة ومن بعدهم، وحكاه ابن المنذر وغيره إجماعا لأن الله أباح القصر لمن ضرب في الأرض، وقبل المفارقة لا يكون ضاربا فيها ولا مسافرا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل قال شيخ الإسلام: فيه ما يبين أنه لا اعتبار بمسافة محدودة فإن المسافر في المصر الكبير لو سافر يومين أو ثلاثة لم يكن مسافرا والمسافر عن قرية صغيرة إذا سافر مثل ذلك كان مسافرا، وأن المسافر لا بد أن يسفر أي يخرج إلى الصحراء، وأن لفظ السفر يدل على ذلك، فلا يكون إلا في مكان يسفر عن الأماكن، وقال: لا بد أن يسفر، أي يخرج إلى الصحراء فإن لفظ السفر يدل على ذلك، يقال: سفرت المرأة عن وجهها، إذا كشفته فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن لم يكن مسافرا.
([15]) فإن ولي البيوت الخارجة عامرة فحتى يفارقها قال شيخ الإسلام والمدينة كانت محلا أي أمكنه والمحلة القرية ومنزلة القوم وجماعة بيوت الناس.وكل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قرارا وجمع الناس، وتقع على المدن وغيرها، فإن لم يل الخراب عامر لكن جعل مزارع وبساتين يسكنه أهله، ولو في فصل النزهة فله القصر قبل مفارقته، في ظاهر كلامهم، وصرح به الموفق وغيره فيما إذا خرج من البلد، وصار بين حيطان بساتينه، لأنها غير معدة للسكنى.
([16]) أي فله القصر وفاقا، إن استوطنوا الخيام، جمع خيمة كتمرة وتمر، قاله الواحدي، وقال الجوهري، جمع خيم بمعنى خيمة وعلى الأول فالخيام جمع جمع.
([17]) كأهل العزب من قصب ونحوه، وسكان بالرفع نائب فاعل نسبت أي أو فارق سكان قصور وبساتين ونحوهم ذلك المحل الذي نسبت إليه عرفا تلك القصور والبساتين والعزب ونحوها، إن كان الباقي قدر مسافة، ولم ينو عودا قبل استكمالها وإن فارق عامر قريته ونحوه بنية رجوعه بقرب لحاجة لم يترخص حتى يرجع ويفارق، ومن رجع إلى بلد أقام به إقامة مانعة يترخص مطلقا، حتى فيه نص عليه وفاقا، لزوال نية إقامته كعوده مجتازا.
([18]) كما ثبت من غير وجه في الصحيحين وغيرهما، ولم يرو عنه القصر قبل البروز، ولو برزوا بمكان لقصد الاجتماع ثم ينشئون السفر منه فلهم القصر قبل مفارقته، قال في الفروع: وهو متجه اهـ، وينتهى سفره ببلوغه مبدأ سفره.
([19]) لأن المعتبر نية المسافة لا حقيقتها، وشرطه هو ما إذا سافر على ما تقدم.
([20]) أو عقل، بسفر مبيح، ولو كان الباقي دون المسافة.
([21]) لأن عدم تكليفه في السفر المبيح لا أثر له في ترك القصر في آخره، وعدم التكليف غير مانع في القصر، بخلاف من أنشأ سفر معصية ثم تاب وقد بقي دونها على المذهب.
([22]) أي فلا يقصر إذا لم يبق إلا دون مسافة القصر، وتقدم قول الشيخ.
([23]) بأن جهل كونها مسافة قصر، لأن الأصل الإتمام، ولم يعلم المبيح للقصر أو لم يعلم قدره، كمن خرج في طلب آبق أو ضال، ناويا أن يعود به أين وجده لعدم تحقق المبيح للقصر، وقال ابن عقيل: يباح له القصر إذا بلغ مسافة القصر، واختار الشيخ وغيره القصر للحشاش والخطاب فيما يطلق عليه اسم السفر، والحجة مع من قال: له القصر في كل ما يسمى سفرا.
([24]) أي ضال الطريق، الذاهب في الأرض تحيرا، والهائم الذي لا يدري أين يذهب، لأنه يشترط للقصر قصد جهة معينة، صرح به في الإقناع وغيره، وليس بموجود منهم، وكذا سائح لا يقصد مكانا معينا، لأن السفر إذا ليس بمباح وقال في جمع الجوامع وغيره في التائه ونحوه: يقصر، وهو المختار والسياحة لغير موضع معين مكروهة، وقال في الاختيارات، السياحة في البلاد لغير قصد شرعي - كما يفعله بعض النساك - أمر منهي عنه، قال أحمد: ليست السياحة من الإسلام في شيء، ولا هي من فعل النبيين والصالحين، ومراده والله أعلم السياحة لغير غرض شرعي، فأما السياحة للجهاد وطلب العلم، وتعليم الجاهل، ونحو ذلك فمشروع مندوب كما هو معلوم.
([25]) قال في الفروع: ولو سافر ليترخص، فقد ذكروا أنه لو سافر ليفطر حرم.قال في المغني: الحجة مع من أباح القصر في كل سفر لم يخالف إجماعا واختاره شيخ الإسلام، وقاله في سفر المعصية، وذكر أن ابن عقيل رجحه في بعض المواضع، كأكل الميتة فيه، في رواية اختارها في التلخيص، واستظهرها في الفروع وفاقا، وقال: وكعاص في سفره، أو به وفاقا، وتقدم قول النووي وغيره: من سافر ليترخص ترخص، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي.
([26]) أي يقصر المكره على السفر، كما يقصر الأسير، تبعا لسفرهم، ومتى صار ببلدهم أتم تبعا لإقامتهم، وكالبكر الزاني المغرب، ومحرم المغربة، وقاطع الطريق المشرد إذا خاف السبيل، ولم يقتل ولم يأخذ مالا، لأن سفرهما ليس بمعصية وإن كان بسبب المعصية.
([27]) في سفر ونية، فإذا نوى الزوج والسيد سفرا مباحا يبلغ مسافة القصر، قصرا تبعا لهما، وفيه لف ونشر مرتب، وهو من أنواع البديع المحسنة، وكذا جندي مع أمير تبع له.
وفي الفروع: تقصر المرأة تبعا لزوجها وفاقا، وكذا عبد تبعا لسيده وفاقا، فلا يعتبر نيتهما السفر، وهو ظاهر.
([28]) أي أحرم بالصلاة في الحضر، بنحو سفينة، ثم سارت به مسافرا أتم بإجماع المسلمين، تغليبا لحكم الحضر، لأنه الأصل.
([29]) كراكب سفينة أحرم بالصلاة مقصورة فيها ثم وصل إلى وطنه في أثناء الصلاة لزمه أن يتمها.
([30]) لأنه الأصل، كالمسـح علـى الخف، وقال النووي وغيره: اجتماع الحضر والسفر في العبادة يوجب تغليب حكم الحضر، ونقل أبو حامد وغيره إجماع المسلمين عليه.
([31]) قاله أصحابنا، وذكر ابن عقيل رواية: له قصرها وفاقا، وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه، لأنها مؤداة في السفر، أشبه ما لو دخل وقتها فيه لأنه سافر قبل خروج وقتها، أشبه ما لو سافر قبل وجوبها.
([32]) وجوبا، إجماعا، حكاه أحمد، وابن المنذر، والنووي، والموفق وغيرهم.
([33]) أي الأداء فوجب إتمامها لأن الحضر هو الصلاة، ولأن الأصل يتعين فعلها فلم يجز له النقصان من عددها، كما لو لم يسافر.
([34]) ولأن الحضر هو الأصل، فوجب الإتمام، وكما لو أحرم بالصلاة مقصورة بنحو سفينة، ثم وصلت إلى وطنه، أو محل نوى الإقامة به، وقال مالك وأبو حنيفة: يقصر، لأنه إنما يقضي ما فاته، وهو ركعتان.
([35]) وفاقا لأبي حنيفة ومالك، وحكاه أبو حامد عن عامة العلماء، وكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعا، رواه مسلم وحكى أحمد وابن المنذر عن ابن عباس وابن عمر أن المسافر إذا ائتم بمقيم صلى بصلاته، ولا يعرف لهما مخالف فكان إجماعا.وقول ابن عباس: تلك السنة ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه»، ولأنها صلاة مردودة من أربع، فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة، وسواء اقتدى به في جميع الصلاة أو بعضها، اعتقده مسافرا أو لا، وقال مالك: إن أدرك أقل من ركعة قصر، لقوله: «من أدرك ركعة» إلخ، يعني فمن أدرك أقل فلا يسمى مدركا.
([36]) أي يلزم المأموم دون الإمام المستخلف.
([37]) لعدم الجزم بكونه مسافرا عند الإحرام، وكذا إن ائتم بمن يغلب على ظنه أنه مقيم.
([38]) أي وإن ائتم بمن يشك في إقامته وسفره، فبان أنه مسافر، لزمه أن يتم، لعدم نية القصر، ويأتي أن الأصل القصر.
([39]) فله القصر، إقامة الظن مجرى العلم، لأن ألباس المسافر تغاير ألباس المقيم غالبا.
([40]) أي وغلب على ظنه أن إمامه نوى القصر، ولا يشترط أن يعلم أن إمامه نوى القصر، عملا بالظن لأنه يتعذر العلم غالبا.
([41]) أي لم يؤثر ذلك في النية، وله القصر، وإن نوى الإتمام أتم، وإن صلى مقيم ومسافر خلف مسافر أتم المقيم إذا سلم إمامه إجماعا، لصلاة أهل مكة خلفه عليه الصلاة والسلام وقوله لهم: «أتموا فإنا قوم سفر» وإذا أم مسافر مقيمين فأتم بهم الصلاة صح، لأن المسافر يلزمه الإتمام بنيته، ويسن للمسافر إذا أم مقيمين أن يقول: أتموا فإنا قوم سفر، لفعله عليه الصلاة والسلام، وخليفتيه من بعده بمكة، ولئلا يلتبس على الجاهل عدد الركعات، وإن قصر الصلاتين في وقت أولاهما ثم قدم وطنه قبل دخول وقت الثانية أجزأه، قال غير واحد: على الصحيح من المذهب.
([42]) فلزمه إعادتها تامة، ولا يجوز أن تعاد مقصورة، وإن ابتدأها جاهلا حدثه فله القصر، والفساد ضد الاستقامة.
([43]) كما لو نوى الصلاة وأطلق، فإن نيته تنصرف إلى الانفراد، ولكونه الأصل، وكذا لو نوى القصر عند الإحرام ثم رفضه فنوى الإتمام لزمه أن يتم لعدم افتقاره إلى التعيين، فبقيت النية مطلقة، وعنه: أن القصر لا يحتاج إلى نية وفاقا لمالك وأبي حنيفة، وعليه عامة العلماء.واختاره شيخ الإسلام وجمع، وقـال: لم ينقل أحد عن أحمد أنـه قال: لا يقصر إلى بنية، وإنـما هذا قـول الخرقي ومـن اتبعه.ونصوص أحمد وأجوبته كلها مطلقة في ذلك، كما قاله جماهير العلماء وهواختيار أبي بكر، موافقة لقدماء الأصحاب، وما علمت أحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان اشترط نيته، لا في قصر، ولا في جمع، ولم ينقل قط أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه لا بنية قصر، ولا بنية جمع، ولا كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأمرون بذلك من يصلي خلفهم، قال: وإذا كان فرضه ركعتين فإذا أتى بهما أجزأه ذلك، سواء نوى القصر أو لم ينوه، وهذا قول الجماهير كمالك وأبي حنيفة وعامة السلف، وما علمت أحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان اشترط نية، لا في قصر ولا في جمع، ولو نوى المسافر الإتمام كانت السنة في حقه الركعتين، ولو صلى أربعا كان ذلك مكروها، كما لو لم ينوه، وقال ابن رزين: والنصوص صريحة في أن القصر أصل فلا يحتاج إلى نية.
([44]) ولو ذكر في أثناء الصلاة أنه كان نواه، لوجود ما أوجب الإتمام في بعضها، فغلب، لأنه الأصل، هذا المذهب، وتقدم قول الجمهور فيمن لم ينو القصر، فالشك في النية أولى، ولا يعتبر أن يعلم أن إمامه نواه، عملا بالظن، لأنه يتعذر العلم غالبا كما تقدم، وإن أم مسافر مسافرين فنسي فصلاها تامة صحت صلاة الجميع.
([45]) لحديث جابر وابن عباس الآتي، سواء كان ببلده أو مفازة، وقال شيخ الإسلام وغيره: للمسافر القصر والفطر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن وتقسيم الإقامة إلى مستوطن وغير مستوطن، لا دليل عليه من جهة الشرع، بل هو مخالف للشرع، فإن هذه حال النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في غزوة الفتح، وفي حجة الوداع، وحاله بتبوك والتمييز بين المقيم والمسافر بنية أيام معدودة يقيمها ليس هو أمرا معلوما، لا بشرع ولا عرف، وذكر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وقصرهم في تلك المدة، وأنهم مجمعون على إقامة أكثر من أربعة أيام، وفي البلغة، إقامة الجيش للغزو لا تمنع الترخص وإن طالت لفعله صلى الله عليه وسلم بمكة وتبوك، وفعل السلف ويأتي الجواب عن الحديث إن شاء الله تعالى.
([46]) أي عزم على إقامة تلك الأيام الأربعة، لأن الحاج لا يخرج إلا يوم التروية، ودلالته على جواز القصر في نحو تلك الأيام وما دونها، وأما ما فوقها فلا حجة فيه لمنع القصر، وإنما يستفاد من أدلة أخر، وقال أنس: أقمنا بمكة عشرا نقصر الصلاة متفق عليه.
([47]) وهو كل من يتعاطى سيرها، من مالك ورئيس ونحوهما.
([48]) أشبه المقيم، ولأنه يعتبر للسفر المبيح كونه منقطعا، بخلاف الدائم، وعنه: يترخص وفاقا، واختاره الموفق والشيخ وغيرهما، وقالا: سواء كان معه أهله أو لا، لأنه أشق، وكونه يعتبر انقطاعه لم يكتفوا به، ونص عليه وخلاف ما ذهب إليه الأئمة، ومفهوم كلامه أنه إن كان له أهل وليسوا معه، أو معه وينوي الإقامة ببلد، فله القصر كغير من المسافرين، وهذا بلا نزاع.
([49]) أي ومثل ملاح على ما تقدم من المذهب في أنه لا يقصر إن كان معه أهله، ولم ينو الإقامة ببلد مكار، وهو من يكري دابته، وفي الكافي، وفيج وهو الساعي المسرع، وقيل: البريد فارسي معرب، وإباحة القصر لهما أظهر لدخولهما في عموم النص اهـ، وراع لإبل أو بقر أو غنم، ورسول سلطان الذي يتابع أخبار السلطان ونحوهم، كساع، وهو الوالي على أمر قوم، وبريد، وهو المرتب، سمي بذلك لقطعه المسافة، ومن لا أهل له ولا وطن، ولا منزل يقصده، ولا يقيم بمكان ولا يأوي إليه، وعنه: يقصرون وفاقا، واختاره الموفق وغيره: وشيخ الإسلام كما مر والبادية الذين حيث وجدوا المرعى رعوه يتمون، لأنهم مقيمون في أوطانهم، فإن كان لهم سفر من المصيف إلى المشتى، ومن المشتى إلى المصيف فإنهم يقصرون في مدة سفرهم، لعموم الأخبار، وكل من جاز له القصر جاز له الفطر والجمع، ولا عكس، والأحكام المتعلقة بالسفر أربعة القصر، والجمع والمسح ثلاثا، والفطر، وأما أكل الميتة، والصلاة على الراحلة إلى جهة السير، فلا تختص بالسفر المبيح للقصر.
([50]) وفاقا لأبي حنيفة، وقول لمالك، ولو لم تكن له به حاجة، غير أنه طريقه إلى بلد يطلبه.
([51]) أي زوجة وإن لم يكن وطنه، لزمه أن يتم حتى يفارقه.
([52]) صوابه أو تزوج فيه، فالمراد إذا دخل بلدا، وتزوج فيه بعد دخوله لزمه أن يتم، لما رواه أحمد عن عثمان، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تأهل الرجل ببلدة فإنه يصلي بها صلاة مقيم» رواه الحميدي والبخاري في تاريخه، ونص أحمد وابن عباس قبله أن المسافر إذا تزوج لزمه الإتمام وهو قول أبي حنيفة ومالك وأصحابهما وليس المراد أنه قد تزوج فيها أو لا، ثم أتاها بعد، وعنه: يقصر وفاقا للأئمة الثلاثة، وفي المستوعب فإن دخل بلدا فيه والده أو أولاده أو له فيه مال أو دار، أو بلدا كان وطنا له قديما فانتقل عنه واستوطن غيره، لم يمنعه ذلك من القصر.
([53]) لزمه أن يتم، لأنه رجع إلى الأصل.
([54]) قال ابن عقيل: قولا واحدا، إذا كان سلوكه لغير القصر، كجلب مال أو نفي ضرر، وظاهر الإقناع وغيره جواز القصر ولو سلكه للقصر، أو غيره، وتقدم كلام شيخ الإسلام، وقال في الفروع: وظاهر كلامهم منع من قصد قرية بعيدة لحاجة هي في قريته.
([55]) يبلغها أشبه ما لو لم يكن له سواها، فأعطي حكمه، واختار الشيخ وغيره عدم القصر إذا لم يغب عن أهله يومه، لأنه لا يسمى مسافرا، ولا يدخل في حكم المسافر وهو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار.
([56]) إجماعا.
([57]) أي في السفر الذي وجبت عليه فيه.
([58]) أي لا فرق، وابن تميم هو محمد بن تميم الحراني الفقيه، له المختصر في الفقه، توفي قريبا من سنة ست مائة وخمس وسبعين.
([59]) أي في كلام ابن تميم وغيره كصاحب الرعاية، ولعل وجهه أنه لو شرع في قضاء الصلاة في السفر، ثم قدم بلده في أثنائها قصر، وليس بظاهر، على ما تقدم من تغليب الحضر.
([60]) كثلج وبرد.
([61]) إجماعا، ما دام حبسه بذلك.
([62]) وقيس عليه الباقي، وهذا الأثر ونحوه من حجج القائلين بنفي التقدير بأربعة أيام ونحوه، وأذربيجان بفتح الهمزة وسكون الذال، وفتح الراء، وهو جنوبي بحر الخزر بين روسيا وإيران.
([63]) أي مدة إقامته عند العدو تبعا لسفرهم، وتقدم، والأسير هو المأسور عند الكفار.
([64]) وفاقا لأبي حنيفة ومالك، وعند الشافعية إلى غاية عشرين يوما، وفي الإنصاف: أبدا بلا خلاف.
([65]) أي المقام، وأقام دام واستقر، والفرق بين هذه والتي بعدها أنه في التي بعدها نوى الإقامة نفسه، ظانا أنها لا تنقضي حاجته قبل أربعة أيام، فكأنه بذلكنوى أربعة أيام، وفي هذه الإقامة ليست مقصودة، ولا منوية، وإنما المنوي، قضاء حاجته، والإقامة صارت تبعا، ومن قصد بلدا غير عازم على الإقامة به مدة تقطع حكم السفر فله القصر، لفعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكذا إن عزم على إقامة طويلة في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى قرية، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في مقامه بمكة ومني وعرفات.
([66]) فرواه: أبو داود والبيهقي وابن حبان، وصححه ابن حزم والنووي، ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة أقام فيها تسعة عشر يصلي ركعتين، رواه البخاري وغيره، وقال أنس: أقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برام هرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة، ورواه البيهقي بإسناد حسن، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسافر يقصر ما لم يجمع على إقامة، ولو أتى عليه سنون.
([67]) كما لو علم ذلك أو نواه، قال في الإنصاف: على الصحيح من المذهب وتقدم ما أوضحه شيخ الإسلام، وعبارة غيره: أو نوى إقامته لحاجة، يعني مع نية الإقامة فوق الأربعة الأيام لأنه تقدمه قوله: أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة، ثم قال الشارح: غلب ظنه كثرة ذلك أو قلته، وتقدم الفرق بينهما.
([68]) كأن لم يكن سفره مباحا، وعلى ما تقدم، وتسميته سفرا يقضي بصحتها، لإطلاق الشارع.
([69]) فإنها لا تنعقد بالإجماع، لكنها ليست كهي من كل وجه.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 03:58 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

مَنْ سَافَرَ سَفَرَاً مُبَاحاً ..........
قوله: «فصل» ، ذكر المؤلف رحمه الله أن الأعذار التي تتغير بها الصلاة ثلاثة:
1 ـ السفر.
2 ـ المرض.
3 ـ الخوف.
ولما ذكر المؤلف العذر بالمرض أعقبه بذكر العذر بالسفر فقال: «من سافر سفراً مباحاً» «من»: اسم شرط، والمعروف أن أسماء الشرط تفيد العموم، فيشمل كل من سافر من ذكر أو أنثى، حر أو عبد، صغير أو كبير.
وقوله: «سفراً مباحاً» «السفر» في اللغة: مفارقة محل الإِقامة، وسمي بذلك؛ لأن الإِنسان يسفر بذلك عن نفسه، فبدلاً من أن يكون مكنوناً في بيته أصبح ظاهراً بيِّناً بارزاً، ومنه قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ *} [المدثر] أي: تبين وظهر.
وقال بعض العلماء: إنما سمّي السفر سفراً؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، أي: يوضحها ويبيّنها، فإن كثيراً من الناس لا تعرف أخلاقه ولا حسن سيرته إلا إذا سافرت معه، وكان بعض القضاة من السلف إذا شهد شخص لآخر بتزكية قال له: هل سافرت معه؟ فإن قال: لا، قال: هل عاملته؟ قال: لا، قال: إذن لا تعرفه.فالسفر يبيّن أخلاق الرجال، وكم من إنسان في البلد تراه كل يوم وتشاهده ولا تعرف عن أخلاقه ومعاملاته شيئاً، فإذا سافرت معه تبين لك من أخلاقه ومعاملاته، لا سيما فيما سبق من الزمان حيث كانت الأسفار تستمر أياماً كثيرة، أما سفرنا اليوم فإنه لا يبيّن عن أخلاق الرجال؛ لأن السفر من الرياض إلى القصيم في الطائرة في خمس وثلاثين دقيقة. ولكن الأسفار الطويلة هي التي تبيّن الرجال.
وقوله: «سفراً مباحاً» هذا هو الشرط الأول للقصر. والمراد بالمباح هنا: ما ليس بحرام ولا مكروه، فيشمل الواجب والمستحب والمباح إباحة مطلقة، لأن الأسفار تنقسم إلى خمسة أقسام:
1 ـ حرام.
2 ـ مكروه.
3 ـ مباح.
4 ـ مستحب.
5 ـ واجب.
فالسفر لفعل المحرم: محرم، ومن السفر المحرم سفر المرأة بلا محرم.
وسفر المرء وحده: مكروه.
والسفر للنزهة: مباح.
والسفر لفريضة الحج: واجب، وللمرة الثانية في الحج مستحب.
وقوله: «سفراً مباحاً» خرج به المحرم والمكروه، وعلى هذا فلو سافر الإِنسان سفراً محرماً لم يبح له القصر؛ لأن المسافر سفر معصية لا ينبغي أن يرخص له إذ إن الرخصة تسهيل وتيسير على المكلف، والمسافر سفراً محرماً لا يستحق أن يسهل عليه ويرخّص له، فلهذا منع من رخص السفر، فمنع القصر، ومنع من المسح على الخفين ثلاثة أيام، ومنع من الفطر في رمضان، ولكن العلاج سهل فنقول: تب إلى الله، فإذا كان في منتصف الطريق في السفر المحرم، وقال: أستغفر الله وأتوب إليه رجعت الآن إلى بلدي ففي رجوعه هنا يقصر، لأنه انقلب السفر المحرم مباحاً.وذهب الإِمام أبو حنيفة وشيخ الإِسلام ابن تيمية وجماعة كثيرة من العلماء؛ إلى أنه لا يشترط الإِباحة لجواز القصر وأن الإِنسان يجوز أن يقصر حتى في السفر المحرم، وقالوا: إن هذا ليس برخصة، فإن صلاته الركعتين في السفر، ليست تحويلاً من الأربع إلى الركعتين، بل هي من الأصل ركعتان، والرخصة هو التحويل من الأثقل إلى الأخف، أما صلاة المسافر فهي مفروضة من أول الأمر ركعتين، وعلى هذا فيجوز للمسافر سفراً محرماً أن يصلِّي ركعتين، ولا يشترط على هذا الرأي إباحة السفر، وهذا القول قول قوي، لأن تعليله ظاهر، فالقصر منوط بالسفر على أن الركعتين هما الفرض فيه، لا على أن الصلاة حوّلت من أربع إلى ركعتين، كما ثبت ذلك في «صحيح البخاري» وغيره عن عائشة رضي الله عنها: «أن أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على ركعتين» وحينئذ تبين أن الركعتين في السفر عزيمة لا رخصة وعليه فلا فرق بين السفر المحرم والسفر المباح.
وقال بعض العلماء: لا قصر إلا في سفر الطاعة كالحج والعمرة، وزيارة الوالدين ونحوها، وأما المباح فلا قصر فيه، وهذا القول مقابل لقول من قال: إنه يقصر حتى في السفر المحرم.

أَرْبَعَة بُرُدٍ ...........
قوله: «أربعة برد» هذا هو الشرط الثاني من شروط القصر.
والبرد: جمع بريد، والبريد نصف يوم وسمّي بريداً، لأنه فيما سبق كانوا إذا أرادوا المراسلات السريعة يجعلونها في البريد، فيرتبون بين كل نصف يوم مستقراً ومستراحاً يكون فيه خيل إذا وصل صاحب الفرس الأول إلى هذا المكان نزل عن الفرس لتستريح، وركب فرساً آخر إلى مسيرة نصف يوم، فيجد بعد مسيرة نصف يوم مستراحاً آخر فيه خيل ينزل عن الفرس التي كان راكبها ثم يركب آخر، وهكذا لأن هذا أسرع وفي الرجوع بالعكس، فالبريد عندهم مسيرة نصف يوم فتكون أربعة البرد يومين، وقدروه بالمساحة الأرضية بأربعة فراسخ، فتكون أربعة برد ستة عشر فرسخاً، والفرسخ قدّروه بثلاثة أميال، فتكون ثمانية وأربعين ميلاً، هذا هو مسافة القصر فهو مقدر بالمسافة، والميل المعروف = كيلو وستمائة متر.
وأما في الزمن فقالوا: إن مسيرته يومان قاصدان بسير الإِبل المحملة.
فـ«قاصدان» يعني: معتدلان بمعنى أن الإِنسان لا يسير فيها ليلاً ونهاراً سيراً بحتاً، ولا يكون كثير النزول والإِقامة، فهما يومان قاصدان.
وقوله: «أربعة برد» يقتضي أن ما دونها ولو بشبر واحد لا يبيح القصر، وما بلغها فهو سفر قصر يترخص فيه ولو قطعه بنصف ساعة أو أقل ولو رجع في ساعته، وهذا هو الذي عليه أكثر العلماء.
والصحيح: أنه لا حد للسفر بالمسافة؛ لأن التحديد كما قال صاحب المغني: «يحتاج إلى توقيف، وليس لما صار إليه المحددون حجة، وأقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، ولأن التقدير مخالف لسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم ولظاهر القرآن، ولأن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإِجماع على خلافه».اهـ. والتوقيف معناه الاقتصار على النص من الشارع، والله عزّ وجل يعلم أن المسلمين يسافرون في الليل والنهار ولم يرد حرف واحد يقول: إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا، ولم يتكلم أحد من الصحابة بطلب التحديد في السفر، مع أنهم في الأشياء المجملة يسألون النبي صلّى الله عليه وسلّم عن تفسيرها وبيانها، فلما لم يسألوا علم أن الأمر عندهم واضح، وأن هذا معنى لغوي يرجع فيه إلى ما تقتضيه اللغة وإذا كان كذلك ننظر هل للسفر حد في اللغة العربية؟ ففي مقاييس اللغة لابن فارس: ما يدل على أنه مفارقة مكان السكنى.وإذا كان لم يرو عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم تقييد السفر بالمسافة، وليس هناك حقيقة لغوية تقيده كان المرجع فيه إلى العرف وقد ثبت في «صحيح مسلم» عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلَّى ركعتين. ومعلوم أن ثلاثة فراسخ نسبتها إلى ستة عشر فرسخاً يسيرة جداً.فالصحيح أنه لا حد للمسافة، وإنما يرجع في ذلك إلى العرف، ولكن شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إن المسافة الطويلة في الزمن القصير سفر، والإِقامة الطويلة في المسافة القصيرة سفر، فالمسألة لا تخلو من أربع حالات:
1 ـ مدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه، كما لو ذهب في الطائرة من القصيم إلى مكة، وبقي فيها عشرة أيام.
2 ـ مدة قصيرة في مسافة قصيرة فهذا ليس بسفر، كما لو خرج مثلاً من عنيزة إلى بريدة في ضحى يوم ورجع، أو إلى الرس أو إلى أبعد من ذلك، لكنه قريب لا يعد مسافة طويلة.
3 ـ مدة طويلة في مسافة قصيرة بمعنى أنه ذهب إلى مكان قريب لا ينسب لبلده، وليس منها، وبقي يومين أو ثلاثة فهذا سفر، فلو ذهب إنسان من عنيزة إلى بريدة مثلاً ليقيم ثلاثة أيام أو يومين أو ما أشبه ذلك فهو مسافر.
4 ـ مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمَن ذهب مثلاً من القصيم إلى جدة في يومه ورجع فهذا يسمى سفراً؛ لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون.
مسألة: إن أشكل هل هذا سفر عرفاً أو لا؟ فهنا يتجاذب المسألة أصلان:
الأصل الأول: أن السفر مفارقة محل الإِقامة، وحينئذٍ نأخذ بهذا الأصل فيحكم بأنه سفر.
الأصل الثاني: أن الأصل الإِقامة حتى يتحقق السفر، وما دام الإِنسان شاكاً في السفر، فهو شاك هل هو مقيم أو مسافر؟ والأصل الإِقامة، وعلى هذا فنقول في مثل هذه الصورة: الاحتياط أن تتم؛ لأن الأصل هو الإِقامة حتى نتحقق أنه يسمى سفراً.

سُنَّ لَهُ قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ إِذَا فَارَقَ عَامِرَ قَرْيَتِهِ، أَوْ خِيَامَ قَوْمِهِ.
قوله: «سنّ له قصر رباعيةٍ ركعتين» «سنّ له» السنّة لها اصطلاحان: اصطلاح عند الفقهاء، واصطلاح في لغة الصحابة وسلف الأمة.
فالسُّنَّة عند سلف الأمة وعند الصحابة هي الطريقة التي كان عليها النبي صلّى الله عليه وسلّم سواء كانت واجبة أم مستحبة، ومن ذلك قول أنس بن مالك رضي الله عنه: «من السنّة إذا تزوج البكر على الثيب أن يقيم عندها سبعاً»فهذه سنّة واجبة.
وقول ابن عباس رضي الله عنهما حين سئل عن الرجل يصلي مع الإِمام المقيم أربعاً، وإذا صلّى وحده وهو مسافر صلّى ركعتين قال: «تلك هي السنّة»أي: السنّة الواجبة.
أما في اصطلاح الفقهاء فهي: التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.فقول المؤلف هنا: «سنّ له قصر رباعية» هذه سنّة اصطلاحية يعني: أن الراجح والذي يثاب عليه قصر الرباعية ركعتين.والرباعية هي: الظهر والعصر والعشاء، ودليل ذلك: كتاب الله، وسنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإجماع الأمة..
أما في القرآن فقال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فقال: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} ونفي الجناح هنا لا يعني ارتفاع الإِثم فقط كقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] بل معناه انتفاء المانع، أي: ليس بمانع أن يطوف بهما، وليس بمانع أن تقصروا من الصلاة، فإذا انتفى المانع نرجع إلى ما تقتضيه الأدلة الأخرى، فالأدلة الأخرى في الصلاة تقتضي أن القصر راجح على الإِتمام.والدليل فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سافر صلّى ركعتين، ولم يحفظ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه صلّى أربعاً في سفر قط، بل في كل أسفاره الطويلة والقصيرة كان يصلي ركعتين.
وأما إجماع المسلمين: فهذا أمر معلوم بالضرورة، كما قال ابن عمر: «إنِّي صَحِبتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم في السَّفَرِ، فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبتُ أبا بكرٍ؛ فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبتُ عُمَر فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، ثم صَحِبتُ عثمان فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ».ولكن في دليل الكتاب شيء من التوقف والإِشكال، وهو أن الله تعالى قال: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فقيد الله عزّ وجل هذا بخوف الفتنة من الكفار، والمراد بخوف الفتنة هنا: أن يمنعوكم من إتمام صلاتكم، ولكن هذا الشرط مرتفع بسنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم التي أخبر بها عن ربِّه، فإن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أشكل عليه هذا القيد، فسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّها صدقةٌ، تصدَّقَ اللهُ بها عليكم، فاقبلوا صَدَقَته»، فصارت إباحة القصر في الأمن صدقةٌ تصدَّق الله بها علينا.
وقال بعض العلماء: إن قصر الصلاة ينقسم إلى قسمين: قصر عدد وقصر هيئة، فإذا اجتمع الخوف والسفر اجتمع القصران، وإن انفرد أحدهما انفرد بالقصر الذي يلائمه، فإذا انفرد السفر صار القصر بالعدد، وإذا انفرد الخوف صار القصر بالهيئة، وإن اجتمعا صار في هذا وفي هذا. وهذه مناسبة جيدة وطلب للعلة والحكمة، ولكن الذي يَفْصِلُ هو قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنها صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته».
وقوله: «سنّ له قصر رباعية» الرباعية ثلاث صلوات: الظهر والعصر والعشاء، أما الثلاثية فلا تقصر؛ لأنها لو قصرت لفات المقصود منها وهي الوترية؛ ولأنها لا يمكن أن تقصر على سبيل النصف؛ إذ ليس هناك صلاة تكون ركعة ونصفاً، وأما الثنائية فلا تقصر أيضاً لأنها لو قصرت لكانت وتراً ففات المقصود، وهذا التعليل الذي قلته إنما هو بيان لوجه الحكمة، وإلا فالأصل هو اتباع النص، لأن ركعات الصلاة من الأمور التي لا تبلغها العقول، ولكننا نقول هذا من باب ذكر المناسبة وهي: لماذا لم يشرع القصر إلا في الرباعيات؟
وأفادنا المؤلف رحمه الله بقوله: «من سافر» أنه لا يمكن قصر بدون سفر حتى لو كان الإِنسان في أشد المرض، فإنه لا يقصر.فالمرض والشغل والتعب لا يمكن أن يكونا سبباً للقصر، ولهذا لو زار أحدكم مريضاً وسأله كيف تصلي؟ فقال: الحمد لله على كل حال لي مدة أقصر الصلاة من شدة المرض، فنقول للمريض: أعِد صلاتك؛ لأنه ليس للقصر سبب سوى السفر.ولو زار أحدكم مريضاً فسأله عن حاله وعن صلاته؟ قال: الحمد لله على كل حال لي خمسة عشر يوماً أجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فنقول: فعلك صحيح؛ لأن الجمع يجوز في حال المشقة، فأينما وجدت المشقة في سفر أو حضر جاز الجمع بخلاف القصر. ولو زار أحدكم مريضاً آخر فقال له: كيف حالك، وكيف صلاتك؟ فقال: الحمد لله على كل حال لست أصلي الصلوات الخمس إلا جميعاً عند النوم؛ لأن ذلك يتعبني... فماذا نقول له؟
الجواب: نقول له: تب فقط، لأنه لو أعاد صلاته ما استفاد؛ لأنه يصلي الصلاة كاملة، لكنه يؤخر الظهر والعصر عن وقتها، وإذا كان يصلي العشاء أيضاً بعد نصف الليل فإنه أخرج الصلوات كلها عن وقتها، فنقول لهذا أخطأت، ولا يحل لك أن تؤخر الصلاة عن وقتها، بل صلِّ الصلاة لوقتها على أي حال كانت.
وقوله: «سنّ له قصر رباعية» أفادنا المؤلف أن القصر سنّة، وهذا موضع خلاف، فعلى ما قال المؤلف إن القصر سنّة لو أتم لم يأثم، ولا يوصف بأن عمله مكروه؛ لأنه لا يلزم من ترك السُّنّة الوقوع في المكروه، ولهذا لو أن الإِنسان لم يرفع يديه في الصلاة عند الركوع لم يفعل مكروهاً.
وهذه قاعدة: أنه لا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه.
وقال بعض أهل العلم: إن الإِتمام مكروه؛ لأن ذلك خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم المستمر الدائم فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما أتم أبداً في سفر وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وهذا القول اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو قول قوي، بل لعله أقوى الأقوال.
وقال بعض أهل العلم: إن القصر واجب، وأن من أتم فهو آثم.ودليل هذا ما يلي:
1 ـ حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أول ما فرضت الصلاة ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر على الفريضة الأولى». وهذا قول صحابي يعلم الحكم، ويعلم مدلول الألفاظ وقد صرحت بأن الركعتين فريضة المسافر.
2 ـ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وهذا كما تدخل فيه الهيئة وهي الكيفية يدخل فيه القدر وهو الكمية، فكما أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم في سفر لا يزيد على الركعتين أبداً، وقد أمرنا أن نصلي كما صلّى.
3 ـ أنه فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم المستمر.
4 ـ ورود ذلك عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما.
ولكن يعارض القول بالوجوب أصول:
الأصل الأول: أن المؤتم بالمقيم إذا كان مسافراً يصلّي أربعاً تبعاً للإِمام، ومتابعة الإِمام واجبة، والزيادة على الفريضة تبطل الصلاة، ولهذا لو قام إمامك إلى خامسة وأنت تتيقن أنها الخامسة وجب عليك أن تفارقه وأن لا تتابعه، فهنا نقول: لو كان القصر واجباً لكانت متابعة الإِمام في الإِتمام حراماً، كما لو صلى إنسان الفجر خلف من يصلّي الظهر فإنه لا يمكن أن يتابعه على أربع، بل إذا قام إلى الثالثة جلس. ولكن هذا الأصل قد يعارض فيقال: إنما لا تجوز الزيادة على الأربع فيما لو قام الإِمام إلى الخامسة لأن هذا غير مشروع أي لم تشرع صلاة عددها خمس ومتابعة المسافر للإِمام المتم مشروعة، بل هي الأصل في صلاة الحاضر المقيم فبينهما فرق، وكذلك نقول في من صلّى الفجر خلف من يصلي الظهر لا يمكن أن يقوم معه فيتم الأربع، لأن صلاة الفجر لا يمكن أن تكون أربعاً لا في الحضر، ولا في السفر، بخلاف من تابع الإِمام في صلاة مقصورة، والإِمام يتم فإن هذه الصلاة نفسها أربع في الحضر، إذن هذا الأصل فيه ضعف.
الأصل الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم أتموا خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما صلّى في منى، وذلك «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر وعمر وعثمان في أول خلافته إلى ست أو ثمان سنين كان يصلي ركعتين ثم صار في آخر خلافته يصلي أربعاً، وكان الصحابة يصلون خلفه مع إنكارهم عليه حتى إن ابن مسعود لما بلغه أنه صلّى أربعاً استرجع قال: إنّا لله وإنا إليه راجعون»فلو كان القصر واجباً لم يتابعه الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه إذا كان واجباً فإن الإِتمام معصية لله، ولا يمكن أن يتابع الصحابة رضي الله عنهم عثمان فيما يرونه معصية لله عزّ وجل، ولكن هذا الأصل أيضاً ربما يعارض بما عورض به الأصل الأول في أنهم إنما يتابعونه فيصلون أربعاً في صلاة تصلى أربعاً فلا غرابة أن يدعوا الركعتين الواجبتين، لا سيما وأنهم لاحظوا معنى آخر وهو الخلاف بين الناس وبين خليفتهم، ولهذا لما سئل ابن مسعود رضي الله عنه: كيف تتم أربعاً وأنت تنكر على عثمان؟ قال: «الخلاف شر» رضي الله عن الصحابة ما أفقههم وأعمق علمهم يتابعون عثمان في أمر عظيم، زيادة عما هو مشروع في العدد، وبعض إخواننا الذين يرون أنهم متبعون للسلف والسنّة يخرجون من المسجد الحرام لئلا يتابعوا الإِمام على دعاء الختمة، وبعضهم لئلا يتابع الإِمام على ثلاث وعشرين ركعة، وكأن ثلاثاً وعشرين ركعة من الفسوق والمعصية العظيمة التي يخالف عليها الإِمام، ويخرج من المسجد الحرام من أجلها، وبعضهم يجلس بين المصلين يتحدث إلى أخيه، وربما يجهر بالحديث من أجل أن يشوش ـ والله أعلم ـ على هذه الصلاة البدعية على زعمه!!! على كلٍ أقول: إن هذا من قلة الفقه في الدين، وقلة اتباع السلف والبعد عن منهجهم، فالسلف يكرهون الخلاف، فإنهم وإن اختلفت الأقوال فقلوبهم متفقة، وما أمروا بالاتفاق فيه فعلوه ولو كانوا لا يرونه وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم، وهذه المخالفات التي تقع من قلة الفقه بيننا، وبعدنا عن عصر النبوة عصر النور، ولهذا كلما كانت الأمة أقدم كانت للصواب أقرب بلا شك.
والذي يترجح لي وليس ترجحاً كبيراً هو أن الإِتمام مكروه وليس بحرام، وأن من أتم فإنه لا يكون عاصياً، هذا من الناحية النظرية.
وأما من الناحية العملية فهل يليق بالإِنسان أن يفعل شيئاً يخشى أن يكون عاصياً فيه.
فلا ينبغي من الناحية المسلكية والتربوية، بل افعل ما يكون هو السنة، فإن ذلك أصلح لقلبك حتى وإن كان يجوز لك خلافه، وليس المعنى إما أن يكون الشيء واجباً أو حراماً، أو لك الحرية في فعله أو تركه، فلا ينبغي للإِنسان أن يتم فأقل ما نقول: إنَّ الإِتمام مكروه، لأن النصوص تكاد تكون متكافئة، فاحرص على أن تصلي ركعتين في سفرك، ولا تزد على ذلك، ولكن إذا أتم الإِمام فإنه يلزمك الإِتمام، لئلا تقع في المخالفة، وهذا من نظر الشرع لاتفاق الأمة، وإن كان ذلك خلاف الأولى بك لو صليت منفرداً.
وقوله: «سنّ له قصر رباعية» خرج بـ رباعية الثنائية والثلاثية فلا تقصر؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولدينا قاعدة مهمة وهي: كما أن الفعل سنّة، فالترك مع وجود سبب الفعل سنّة، مع أنه ترك وليس بفعل، ولهذا أمثلة منها: سنية السواك عند دخول المسجد.
فبعض العلماء قال: يسنّ له أن يتسوّك عند دخول المسجد، وبنى ذلك على «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك»، فقاسوا: دخول المسجد على دخول البيت، وقالوا: إذا كان الإِنسان يتسوّك إذا دخل بيته من أجل أن يقابل أهله بطهارة فم، فكذلك إذا دخل المسجد من أجل أن يناجي ربه بطهارة فم، فنقول: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدخل المسجد ولم يرو عنه أنه كان إذا دخل المسجد بدأ بالسواك، ولو كان هذا سنّة لفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالسنّة أن لا يتسوّك إذا دخل المسجد بناء على أن سبب سواكه دخول المسجد، أما لو كان إذا دخل المسجد سيصلي ركعتين فوراً، وأراد أن يتسوّك من أجل الصلاة، لا من أجل دخول المسجد فإن هذا مشروع.
قوله: «إذا فارق عامر قريته» هذا شرط ابتداء القصر، يعني: لا يقصر إلا إذا فارق عامر قريته.
والمفارقة: ليس المراد بها أن يغيب عن قريته؛ لأنها ربما لا تغيب عن نظره إلا بعد مسافة طويلة، وقد ذكر أن زرقاء اليمامة تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، بل المراد بالمفارقة: المفارقة البدنية، لا المفارقة البصرية، أي: أن يتجاوز البيوت، ولو بمقدار ذراع، فإذا خرج من مسامتة البيوت ولو بمقدار ذراع فإنه يعتبر مفارقاً.
وقوله: «عامر قريته» لم يقل بيوت قريته؛ لأنه قد يكون هناك بيوت قديمة في أطراف البلد هجرت وتركت ولم تسكن، فهذه لا عبرة بها، بل العبرة بالعامر من القرية، فإذا قدر أن هذه القرية كانت معمورة كلها، ثم نزح أهلها إلى جانب آخر وهجرت البيوت من هذا الجانب فلم يبق فيها سكان فالعبرة بالعامر، فإن كان في القرية بيوت عامرة ثم بيوت خربة ثم بيوت عامرة، فالعبرة بمفارقة البيوت العامرة الثانية وإن كان يتخللها بيوت غير عامرة.
وقوله: «إذا فارق عامر قريته» أضافها إلى نفسه ليفيد أن المراد قريته التي يسكنها، فلو فرض أن هناك قريتين متجاورتين، ولو لم يكن بينهما إلا ذراع أو أقل، فإن العبرة بمفارقة قريته هو، وإن لم يفارق القرية الثانية الملاصقة أو المجاورة.
قوله: «أو خيام قومه» أي: إذا كانوا يسكنون الخيام فالعبرة بمفارقة الخيام، فإذا فارق الخيام حل له القصر، وعلم من كلامه رحمه الله: أنه لا يجوز أن يقصر ما دام في قريته ولو كان عازماً على السفر ولو كان مرتحلاً، ولو كان راكباً يمشي بين البيوت، فإنه لا يقصر حتى يبرز، وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كان لا يقصر إلا إذا خرج وارتحل».
ولأن السفر هو أن يسفر الإِنسان ويبرز ويخرج كما سبق أن السفر مفارقة محل الإِقامة، ومن كان في محل إقامته فإنه ليس مسافراً.
مسألة: إذا كان في القصيم وخرج إلى المطار، هل يقصر في المطار؟
الجواب: نعم يقصر؛ لأنه فارق عامر قريته فجميع القرى التي حول المطار منفصلة عنه، أما من كان من سكان المطار؛ فإنه لا يقصر في المطار، لأنه لم يفارق عامر قريته.
مسألة: وهل له أن يفطر في المطار؟
الجواب: نعم له أن يفطر، فلو أراد أن يسافر في رمضان وخرج وبقي في المطار ينتظر الطائرة، وأقصد بذلك مطار القصيم فإنه يفطر، لأنه فارق عامر قريته، ولو قدر أن الطائرة لم تقلع ولم يحصل السفر ذلك اليوم، هل يعيد الصلاة التي كان قصرها؟
الجواب: لا، لأنه أتى بها بأمر الله موافقة لشرعه، فتكون مقبولة لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليها أمرنا فهو رد» فمفهومه أن من عمل عملاً عليه أمر الله ورسوله فهو مقبول.
مسألة: وهل يلزمه إذا لم تأتِ الطائرة ورجع إلى بلده بعد أن أفطر الإِمساك؟
فيه قولان لأهل العلم.
والصحيح: أنه لا يلزمه، لأنه أفطر بعذر شرعي على وجه مباح، فزالت حرمة النهار في حقه فبقي آخر النهار غير ملزم به. وسيأتي لهذا مزيد بحث في كتاب الصيام إن شاء الله.
مسألة: رجل سافر من أجل أن يترخص فهل يترخص؟
الجواب: لا، لأن السفر حرام حينئذ، ولأنه يعاقب بنقيض قصده فكل من أراد التحيُّل على إسقاط الواجب أو فعل المحرم عوقب بنقيض قصده فلا يسقط عنه الواجب ولا يحل له المحرم.
مسألة: إنسان خرج من بلده يتمشّى فهبت رياح أضلته عن الطريق، فصار تائهاً يطلب الطريق، ولم يهتدِ إليه، فهل يقصر الصلاة؟.
الجواب: لا يقصر، لأنه لم ينو مسافة القصر وقد يهتدي إلى الطريق قبل بلوغ المسافة، وكذلك من خرج لطلب بعير شارد لا يقصر؛ لأنه لم ينوِ المسافة.
ولكن الصحيح: أنه يقصر لأنه على سفر.

وَإِنْ أَحْرَمَ حَضَراً ثُمَّ سَافَرَ،...........
قوله: «وإن أحرم حضراً ثم سافر» إلخ تضمن كلامه عدة مسائل يجب فيها الإِتمام:
المسألة الأولى: أحرم ثم سافر، يعني دخل في الصلاة، فالدخول في الصلاة يعتبر إحراماً، ولهذا نسمي التكبيرة الأولى تكبيرة الإِحرام، فهذا رجل كبر للإِحرام وهو مقيم ثم سافر، كما لو كان في سفينة تجري في نهر يشق البلد وكانت راسية فكبّر للصلاة، ثم مشت السفينة ففارقت البلد وهو في أثناء الصلاة فيلزمه أن يتم؛ لأنه ابتداء الصلاة في حال يلزمه إتمامها، فلزمه الإِتمام.

أَوْ فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ،...........
قوله: «أو في سفر ثم أقام» .
هذه هي المسألة الثانية: أي: أحرم للصلاة في سفر ثم أقام، عكس المسألة الأولى، كما لو كانت السفينة مقبلة على البلد والنهر قد شق البلد فكبّر للإِحرام وهو في السفينة قبل أن يدخل البلد، ثم دخل البلد فيلزمه الإِتمام هذا هو المذهب؛ لأنه اجتمع في هذه العبادة سببان: أحدهما يبيح القصر والثاني يمنع القصر فغلب جانب المنع، فالذي يبيح القصر السفر وهو الذي ابتدأ الصلاة فيه، والذي يمنعه الإِقامة وهو الذي أتم الصلاة فيها فيغلب هذا الجانب؛ لأن الفقهاء عندهم قاعدة وهي: إذا اجتمع مبيح وحاظر فالحكم للحاظر، أو إذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر.
ودليل هذه القاعدة: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «دَعْ ما يَرِيْبُكَ إلى ما لا يَريْبُكَ».وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».والقول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمه الإِتمام لأنه ابتدأ الصلاة في حال يجوز له فيها القصر فكان له استدامة ذلك ولا دليل بيّناً على وجوب الإِتمام.

أَوْ ذَكَرَ صَلاَةَ حَضَرٍ فِي سَفَرٍ، أَوْ عَكْسَهَا، أَوْ ائْتَمَّ بِمُقِيْمٍ،..........
هذه هي المسألة الثالثة: مثاله: رجل مسافر، وفي أثناء السفر ذكر أنه لم يصل الظهر في الحضر فإنه يصلي أربعاً؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» أي: يصلي هذه الصلاة كما هي إذا ذكرها، ولأن هذه الصلاة لزمته تامة فوجب عليه فعلها تامة، وهذا واضح.
قوله: «أو عكسها» .
هذه هي المسألة الرابعة: مثال ذلك: رجل وصل إلى بلده ثم ذكر أنه لم يصل الظهر في السفر، فيلزمه أن يصلي أربعاً، لأنها صلاة وجبت عليه في الحضر فلزمه الإِتمام، ولأن القصر من رخص السفر وقد زال السفر فيلزمه الإِتمام.
هذا هو المذهب، ولكن القول الراجح خلافه، وأنه إذا ذكر صلاة سفر في حضر صلاها قصراً لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» أي: فليصلها كما هي، وهذا الرجل ذكر أنه لم يصل الظهر وهي ركعتان في حقه، فلا يلزمه الإِتمام، ونقول: كما قلنا في التي قبلها فهذه صلاة وجبت عليه في سفر، وصلاة السفر مقصورة فلا يلزمه إتمامها.
قوله: «أو ائتم بمقيم» .
هذه هي المسألة الخامسة : إذا ائتم المسافر بمقيم فإنه يتم.لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما جعل الإِمام ليؤتم به».
وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»، فيشمل كل ما أدرك الإِنسان وكل ما فاته.
ولأن «ابن عباس سئل: ما بال الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإِمام أربعاً؟ فقال: تلك هي السنّة».
ومراده بالسُّنة الشريعة الشاملة للواجب.ولأن الصحابة رضي الله عنهم: «كانوا يصلون خلف عثمان بن عفان وهم في سفر في منى أربعاً»، فهذه أدلة أربعة كلها تدل على أن المأموم يتبع إمامه في الإِتمام.
مسألة: إذا أدرك المسافر من صلاة الإِمام ركعة في الصلاة الرباعية فبكم يأتي؟
الجواب: يأتي بثلاث، وإن أدرك ركعتين أتى بركعتين، وإن أدرك ثلاثاً أتى بركعة، وإن أدرك التشهد أتى بأربع؛ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وما فاتكم فأتموا».

أَوْ بِمَنْ يَشُكُّ فِيهِ، أَوْ أَحْرَمَ بِصَلاَةٍ يَلْزَمُهُ إِتْمَامُهَا فَفَسَدَتْ وَأَعَادَهَا،.......
قوله: «أو بمن يشك فيه».
هذه هي المسألة السادسة: إذا ائتم بمن يشك فيه هل هو مسافر أو مقيم، وهذا إنما يكون في محل يكثر فيه المسافرون، كالمطار مثلاً، ففيه مقيمون، وفيه مسافرون أحياناً يكونون بعلامة وأحياناً بلا علامة، فإن كانوا بعلامة فالأمر ظاهر، وإن لم تكن علامة لزمه الإِتمام للشك في جواز القصر. وظاهر كلامه لزوم الإِتمام وإن تبين أن الإِمام مسافر.
والقول الراجح: عندي أنه لا يلزمه الإِتمام في هذه الصورة لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، ولا يلزمه الإِتمام خلف الإِمام إلا إذا أتم الإِمام وهنا لم يتم الإِمام. ولو قال حينما رأى إماماً يصلي بالناس في مكان يجمع بين مسافرين ومقيمين: إن أتمّ إمامي أتممت وإن قصر قصرت، صح وإن كان معلقاً؛ لأن هذا التعليق يطابق الواقع، فإن إمامه إن قصر ففرضه هو القصر، وإن أتم ففرضه الإِتمام، وليس هذا من باب الشك، وإنما هو من باب تعليق الفعل بأسبابه، وسبب الإِتمام هنا إتمام الإِمام والقصر هو الأصل.
قوله: «أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها».
هذه هي المسألة السابعة: يعني: أن المسافر أحرم بصلاة يلزمه إتمامها، كما إذا ائتمّ بمقيم فقد أحرم بصلاة يلزمه إتمامها، فإذا فسدت بحدث أو غيره ثم أعادها فإنه يلزمه الإِتمام، لأن هذه الصلاة إعادة لصلاة يجب إتمامها، فيلزمه أن يصلي أربعاً.
تنبيه: إذا دخل مع الإِمام المقيم وهو مسافر ولما شرع في الصلاة ذكر أنه على غير وضوء، فذهب وتوضأ فلما رجع وجد الناس قد صلوا فلا يلزمه الإِتمام؛ لأن المؤلف يقول: «أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت» فدلّ قوله: «ففسدت» أن الفساد طارئ، أما إذا ذكر أنه على غير وضوء فإن الصلاة لم تنعقد أصلاً، وعلى هذا فلا يلزمه الإِتمام، بخلاف المسألة الأولى إذا فسدت بعد أن انعقدت فإنه يلزمه الإِتمام كما قال المؤلف.
ولكن هذا غير مسلم به؛ وذلك لأن الصلاة الأولى التي شرع فيها إنما يلزمه إتمامها تبعاً لإِمامه لا من حيث الأصل، وبعد أن فسدت زالت التبعية فلا يلزمه إلا صلاة مقصورة، وهذا التعليل أقوى من التعليل الذي ذكروه رحمهم الله، فيكون هذا أرجح إن لم يمنع منه إجماع، أي: أنه إذا أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها في حال يجوز له القصر، فإنه لا يلزمه الإِتمام.
مسألة: لو دخل وقت الصلاة وهو في بلده ثم سافر فإنه يقصر، ولو دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم اعتباراً بحال فعل الصلاة.

أَوْ لَمْ يَنْوِ القَصْرَ عِنْدَ إِحْرَامِهَا، أَوْ شَكَّ فِي نِيَّتِهِ،............
قوله: «أو لم ينوِ القصر عند إحرامها».
هذه هي المسألة الثامنة: إذا لم ينو القصر عند إحرامها، يعني: دخل في صلاة الظهر وهو مسافر، لكن نوى صلاة الظهر، ولم يستحضر تلك الساعة أن ينويها ركعتين، فهنا يقول المؤلف: يلزمه أن يتم، وهذه المسألة لها ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن ينوي الإِتمام.
الصورة الثانية: أن ينوي القصر.
الصورة الثالثة: أن ينسى فلا ينوي قصراً ولا إتماماً.
فإذا نوى الإِتمام لزمه الإِتمام على رأي من يرى جواز إتمام المسافر.وإذا نوى القصر قصر، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى». وإذا لم ينوِ القصر ولا الإِتمام؛ فالمذهب أنه يتم، وعللوا ذلك: أن الأصل وجوب الإِتمام، فإذا لم ينوِ القصر لزمه الأصل؛ وهو الإِتمام.
والقول الثاني في المسألة:
أنه يقصر وإن لم ينوِ القصر، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، وهذا يقع كثيراً يكبّر الإِنسان في الصلاة الرباعية، وهو مسافر ولا يخطر على باله القصر، لكن بعدما يكبّر ويقرأ الفاتحة أو يركع أو ما أشبه ذلك يذكر أنه مسافر فينوي القصر، فعلى المذهب يجب عليه الإِتمام.
والصحيح: أنه لا يلزمه الإِتمام، بل يقصر؛ لأنه الأصل، وكما أن المقيم لا يلزمه نية الإِتمام، كذا المسافر لا يلزمه نية القصر.
قوله: «أو شك في نيته».
هذه هي المسألة التاسعة: إذا شك في نية القصر، يعني: شك هل نوى القصر أم لم ينوِ؟ فيلزمه الإِتمام، وهذه المسألة غير المسألة الأولى، فالأولى جزم بأنه لم ينوِ، والثانية شك هل نوى أم لا؟ فالمذهب أنه يلزمه الإِتمام، لأن الأصل عدم النية.
ومن القواعد المقررة: أن من شك في وجود شيء أو عدمه فالأصل العدم، وإذا لم يتيقن أنه نوى القصر لزمه الإِتمام، ووجوب الإِتمام في هذه المسألة أضعف من وجوب الإِتمام في المسألة التي قبلها وهي: إذا جزم بأنه لم ينوِ، فإذا كان القول الصحيح في المسألة الأولى: أنه يقصر كان القول بجواز القصر في هذه المسألة من باب أولى، وعلى هذا فنقول: إذا شك هل نوى القصر أو لم ينوه؟ فإنه يقصر ولا يلزمه الإِتمام، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر.

أَوْ نَوَى إِقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ،...........
قوله: «أو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام».
هذه هي المسألة العاشرة: فإذا نوى المسافر إقامة أكثر من أربعة أيام في أي مكان كان، سواء نوى الإِقامة في البر أو نوى الإِقامة في البلد، فيلزمه أن يتم.
مثاله: رجل سافر إلى العمرة ونوى أن يقيم في مكة أسبوعاً فيلزمه الإِتمام؛ لأنه نوى إقامة أكثر من أربعة أيام.
ومثال الإقامة في غير البلد: رجل مسافر انتهى إلى غدير فأعجبه المكان فنزل، ونوى أن يبقى في هذا المكان خمسة أيام فيلزمه أن يتم؛ لأنه نوى إقامة أكثر من أربعة أيام. والدليل على هذا: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وأقام فيها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، وخرج يوم الخميس إلى مِنَى، فأقام في مكة أربعة أيام يقصر الصلاة فنأخذ من هذا أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام فإنه يقصر لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ونحن نعلم علم اليقين أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد عزم على أن يبقى هذه الأيام الأربعة؛ لأنه قدم إلى الحج، ولا يمكن أن ينصرف قبل الحج. فإذا قال قائل: إقامة النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه الأيام الأربعة هل وقعت اتفاقاً أم قصداً؟
الجواب: أنها وقعت اتفاقاً بلا شك أي أن رحلته صلّى الله عليه وسلّم صادفت القدوم في اليوم الرابع من ذي الحجة؛ لأنه لم يرد عنه أنه حدد يوماً معيناً للقدوم حتى نقول: إن هذا القدوم وقع عن قصد، لكنه وقع كما يقع للمسافر، فيقدم قبل الحج بيوم أو أقل أو أكثر كما هي العادة.
فإذا قال قائل: ألا يمكن أن نقول: إنه لو أقام خمسة أيام أو أكثر يقصر ما دمتم قلتم: إنه وقع اتفاقاً لا قصداً؟
قلنا: الأصل أن إقامة المسافر في أي مكان تقطع السفر، لأن المعروف أن المسافر يسير ولا ينزل إلا ضحوة أو عشية، أما أن ينزل أكثر من ذلك فإن هذا خلاف الأصل، فالأصل أن المسافر إذا أقام في البلد أو في المكان غير البلد أن إقامته تقطع السفر، ولكن سمح في الأيام الأربعة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقامها وقصر فيبقى ما زاد عليها على الأصل، وهو المنع من الترخص ووجوب الإِتمام وامتناع المسح على الخفين أكثر من يوم وليلة، ومنع الإِفطار في رمضان، فجميع أحكام السفر تنقطع إلا حكماً واحداً فإنه يبقى وهو صلاة الجمعة، فإن صلاة الجمعة تلزم هذا الرجل كغيره، ولا يصح أن يكون إماماً فيها، ولا خطيباً، ولا أن يتم به العدد، فصار مسافراً من وجه، مقيماً من وجه، ففي الجمعة ليس من المقيمين؛ لأنه لا تنعقد به الجمعة، ولا يصح أن يكون إماماً فيها ولا خطيباً، ولا تسقط عنه، بل تجب عليه، وفيما عدا ذلك حكمه حكم المقيم، هذا تعليل كلام المؤلف. وهذه المسألة من مسائل الخلاف التي كثرت فيها الأقوال فزادت على عشرين قولاً لأهل العلم، وسبب ذلك أنه ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فلهذا اضطربت فيها أقوال أهل العلم، فأقوال المذاهب المتبوعة هي:
أولاً: مذهب الحنابلة رحمهم الله: كما سبق أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام انقطع حكم السفر في حقه ولزمه الإِتمام، لكن لا ينقطع بالنسبة للجمعة؛ لأن الجمعة يشترط فيها الاستيطان، وهذا غير مستوطن، وبناء على هذا القول ينقسم الناس إلى: مسافر، ومستوطن، ومقيم غير مستوطن.
فالمسافر أحكام السفر في حقه ثابتة.
والمستوطن أحكام الاستيطان في حقه ثابتة، ولا يستثنى من هذا شيء.
والمقيم غير المستوطن تثبت في حقه أحكام السفر من وجه وتنتفي من وجه آخر، لكن هذا التقسيم يقول شيخ الإِسلام: إنه ليس عليه دليل لا من الكتاب ولا السنّة.
ثانياً: مذهب الشافعي: إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإِتمام، لكن لا يحسب منها يوم الدخول، ويوم الخروج وعلى هذا تكون الأيام ستة، يوم الدخول، ويوم الخروج، وأربعة أيام بينها.
ثالثاً: مذهب أبي حنيفة: إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً أتم، وإن نوى دونها قصر.
وفيها أيضاً مذاهب أخرى فردية، مثل ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما بأنه إذا نوى إقامة تسعة عشر يوماً قصر، وما زاد فإنه لا يقصر.
ولكن إذا رجعنا إلى ما يقتضيه ظاهر الكتاب والسنّة وجدنا أن القول الذي اختاره شيخ الإِسلام رحمه الله هو القول الصحيح، وهو أن المسافر مسافر، سواء نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أو دونها.وذلك لعموم الأدلة الدالة على ثبوت رخص السفر للمسافر بدون تحديد، ولم يحدد الله في كتابه ولا رسوله صلّى الله عليه وسلّم المدة التي ينقطع بها حكم السفر.
1 ـ فمن القرآن قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} [النساء: 101] فقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} عام يشمل كل ضارب، ومن المعلوم أن الضرب في الأرض أحياناً يحتاج إلى مدة طويلة بحسب حاجته. قال الله تعالى: {مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ} [المزمل: 20] فالذين يضربون في الأرض للتجارة مثلاً، هل يكفيهم أن يقيموا أربعة أيام فأقل في البلد؟ ربما يكفيهم وربما لا يكفيهم، فالتاجر قد يكفيه يوم واحد، وقد يتأخر أربعة أيام أو خمسة أيام أو عشرة أيام، وقد يطلب سلعة لا تحصل له في أربعة أيام؛ لأنه يجمعها من هنا وهناك.
2 ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقام مدداً مختلفة يقصر فيها فأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، «وأقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة» وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام يقصر الصلاة، لأن أنساً رضي الله عنه سئل كم أقمتم في مكة ـ أي: في حجة الوداع ـ قال: أقمنا بها عشراً» لأنه أضاف أيام الحج إلى الأيام الأربعة، ومن المعلوم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وخرج في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، فتكون إقامته عشرة أيام.
فإن قال قائل: ما تقولون في حجة من رأى أنه إذا أقام أكثر من أربعة أيام لزمه الإِتمام، وهو أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أقام أربعة أيام قبل أن يخرج إلى منى؟.
فالجواب: أن هذا دليل عليهم وليس دليلاً لهم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في اليوم الرابع اتفاقاً، ولا أحد يشك في هذا، وهل هناك دليل على أنه لو قدم في اليوم الثالث أتم؟ بل نعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم بأن الناس يقدمون للحج قبل اليوم الرابع، وليس كل الحجاج لا يقدمون إلا من الرابع فأكثر، بل منهم من يقدم في ذي الحجة، وفي ذي القعدة وفي شوال، لأن أشهر الحج تبتدئ من شوال، ولم يقل للأمة من قدم مكة قبل اليوم الرابع فليتم، ولو كانت شريعة الله أن من قدم قبل اليوم الرابع من ذي الحجة إلى مكة لزمه أن يتم لوجب على النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يبيّنه لدعاء الحاجة للبلاغ والتبيين، فلما لم يبين ولم يقل للناس من قدم قبل اليوم الرابع فليتم علم أنه لا يلزمه الإِتمام، فيكون هذا الحديث دليلاً على أنه لا يلزم الإِتمام من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام.إذاً لا دليل على التحديد بأربعة أيام، لأن بقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة أربعة أيام وقع مصادفة لا تشريعاً، وهذه قاعدة، ولهذا لا يسن للحاج إذا دفع من عرفات إلى مزدلفة أن ينزل في الطريق، ثم يبول، ثم يتوضأ وضوءاً خفيفاً، لأن هذا وقع منه صلّى الله عليه وسلّم على سبيل الاتفاق.
وأيضاً كيف نقول: من نوى الإِقامة ستاً وتسعين ساعة فله أن يقصر، ومن نوى الإِقامة ستاً وتسعين ساعة وعشر دقائق فليس له أن يقصر؛ لأن الأول مسافر والثاني مقيم، أين هذا التحديد في الكتاب والسنّة؟ والصلاة كما نعلم أعظم أركان الإِسلام بعد الشهادتين فكيف نقول للأمة: إنَّ هذا الرجل الذي نوى إقامة ست وتسعين ساعة وعشر دقائق لو قصر لكانت صلاته باطلة؟ فمثل هذا لا يمكن أن يترك بلا بيان، وترك البيان في موضع يحتاج إلى بيان يعتبر بياناً، إذ لو كان خلاف الواقع والواجب لبين، وعلى هذا فنقول: إن القول الراجح ما ذهب إليه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله من أن المسافر مسافر ما لم ينوِ واحداً من أمرين:
1 ـ الإِقامة المطلقة.
2 ـ أو الاستيطان.
والفرق: أن المستوطن نوى أن يتخذ هذا البلد وطناً، والإِقامة المطلقة أنه يأتي لهذا البلد ويرى أن الحركة فيه كبيرة، أو طلب العلم فيه قوي فينوي الإِقامة مطلقاً بدون أن يقيدها بزمن أو بعمل، لكن نيته أنه مقيم لأن البلد أعجبه إما بكثرة العلم وإما بقوة التجارة أو لأنه إنسان موظف تابع للحكومة وضعته كالسفراء مثلاً، فالأصل في هذا عدم السفر؛ لأنه نوى الإِقامة فنقول: ينقطع حكم السفر في حقه.
أما من قيد الإِقامة بعمل ينتهي أو بزمن ينتهي فهذا مسافر، ولا تتخلف أحكام السفر عنه. ثم إننا إذا تأملنا القول بأنه تنقطع أحكام السفر إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام وجدنا هذا القول متناقضاً. ووجه التناقض: أنه في الجمعة في حكم المسافرين، وفي غير الجمعة في حكم المقيمين، فمثل هذه الأمور تحتاج إلى دليل وتوضيح، ولهذا ما أحسن قول صاحب المغني رحمه الله لما ذكر أن تحديد السفر بالمسافة مرجوح قال: إن التحديد توقيف، أي: أنه حد من حدود الله يحتاج إلى دليل، فأي إنسان يحدد شيئاً أطلقه الشارع فعليه الدليل، وأي إنسان يخصص شيئاً عمّمه الشارع فعليه الدليل، لأن التقييد زيادة شرط، والتخصيص إخراج شيء من نصوص الشارع، فلا يحل لأحد أن يضيف إلى ما أطلقه الشارع شرطاً يقيده، ولهذا قلنا في المسح على الخف: إن الصحيح أنه لا يشترط فيه ما يشترطه الفقهاء من كونه ساتراً لمحل الفرض بحيث لا يتبين فيه ولا موضع الخرز، وقلنا: إن ما سمي خفاً فهو خف، سواء كان مخرقاً أو رقيقاً أو ثخيناً أو سليماً. ولنا في هذا رسالة بيّنّا فيها من اختار هذا القول من العلماء أمثال: شيخ الإِسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ محمد رشيد رضا، وعلى كل حال نحن لا نعرف الحق بكثرة الرجال، وإنما نعرف الحق بموافقة الكتاب والسنّة.


أَوْ مَلاَّحاً مَعَهُ أَهْلُهُ لاَ يَنْوِي الإِقَامَةَ بِبَلَدٍ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ..........
قوله: «أو ملاحاً» الملاح قائد السفينة.
قوله: «معه أهله» أي: مصاحبون له، والجملة في محل نصب على أنها صفة لملاح.
قوله: «لا ينوي الإِقامة ببلد» يعني: لا ببلد المغادرة، ولا ببلد الوصول، فهذا يجب عليه أن يتم؛ لأن بلده سفينته.
وعلم من قول المؤلف: «معه أهله» أنه لو كان أهله في بلد فإنه مسافر ولو طالت مدته في السفر.
وعلم منه أيضاً: أنه لو كان له نية الإِقامة في بلد فإنه يقصر إذا غادره؛ لأنه مسافر، فمثلاً: إذا كان ملاحاً في سفينة وأهله في جدة، لكنه يروح يجوب البحار كالمحيط الهندي والهادي، ويأتي بعد شهر أو شهرين إلى جدة فهذا مسافر؛ لأنه ليس معه أهل، بل له بلد يأوي إليه.
وكذلك أيضاً: لو فرض أن الملاح ينوي الإِقامة في بلد فهذا نقول له: إنك مسافر إذا فارقته، لأن لك بلداً معيناً عيّنته للإِقامة.
ومثل ذلك أصحاب سيارات الأجرة الذين دائماً في البر نقول: إن كان أهلهم معهم ولا ينوون الإِقامة ببلد فهم غير مسافرين لا يقصرون ولا يفطرون في رمضان، وإن كان لهم أهل في بلد فإنهم إذا غادروا بلد أهلهم فهم مسافرون يفطرون ويقصرون، وكذلك لو لم يكن لهم أهل لكنهم ينوون الإِقامة في بلد يعتبرونه مثواهم ومأواهم، فهم مسافرون حتى يرجعوا إلى البلد الذي نووا أنه مأواهم.
فإذا قال قائل: هؤلاء الملاحون أو السائقون لسيارات الأجرة دائماً في سفر، فإذا قلنا: أنتم مسافرون لكم الفطر فمتى يصومون؟
نقول: يمكن أن يصوموا في سفرهم في أيام الشتاء؛ لأنها أيام قصيرة وباردة، فالصوم فيها لا يشق، كذلك لو قدموا إلى بلدهم في رمضان فإنه يلزمهم الصوم ما داموا في بلدهم. فإن قدموا في أثناء اليوم إلى بلدهم ففي لزوم الإِمساك عليهم قولان لأهل العلم، هما روايتان عن الإِمام أحمد رحمه الله[(556)].
والصحيح: أنه لا يلزمهم الإِمساك؛ لأنهم لا يستفيدون بهذا الإِمساك شيئاً، وليس هذا اليوم في حقهم يوماً محترماً؛ لأنهم يأكلون ويشربون في أوله وهم مباح لهم ذلك، فهم لم ينتهكوا حرمة اليوم، بخلاف من أفطر أول النهار لغير عذر فإنه يلزمه الإِمساك ولا يقول أفسدت صومي فآكل وأشرب، بل نقول: أنت انتهكت حرمة اليوم فيلزمك الإِمساك. ومثل ذلك أيضاً: لو أن الحائض طهرت في أثناء اليوم من رمضان فإنه لا يلزمها على القول الراجح أن تمسك؛ لأن هذه المرأة يباح لها الفطر أول النهار إباحة مطلقة، فاليوم في حقها ليس يوماً محترماً، ولا تستفيد من إلزامها بالإِمساك إلا التعب.
مسألة: من أفطر لإنقاذ معصوم هل يلزمه الإِمساك بقية اليوم كمَن رأى شخصاً غرق في الماء ولا يستطيع أن ينجيه من الغرق إلا إذا أفطر بأكل أو شرب فأفطر ثم أنقذه وأنجاه؟
الجواب: لا يلزمه على القول الراجح؛ لأنه أفطر بسبب مباح. بخلاف الرجل الذي بلغ في أثناء اليوم فإنه يلزمه الإِمساك. والفرق بين هذه المسألة والمسائل التي قبلها: أن المسائل التي قبلها زال فيها المانع، وهذه وجد سبب الوجوب، فإذا وجد سبب الوجوب في أثناء النهار لزمه الإِمساك، كالصغير يبلغ، والمجنون يعقل والكافر يسلم، وفي المسألة خلاف لكن الصحيح وجوب الإِمساك ولا يقضي اليوم.

وَإِنْ كَانَ لَهُ طَرِيقَانِ فَسَلَكَ أَبْعَدَهُمَا، أَوْ ذَكَرَ صَلاَةَ سَفَرٍ فِي آخِرَ قَصَرَ،.......
قوله: «وإن كان له طريقان فسلك أبعدهما» يعني: رجل في بلد يريد أن يسافر إلى بلد آخر، وللبلد هذا طريقان: أحدهما بعيد، والثاني قريب، أي: أن أحدهما يبلغ المسافة، والآخر لا يبلغها، فسلك أبعدهما فإنه يقصر، لأنه يصدق عليه أنه مسافر سفر قصر، ولكن لو فرض أنه تعمد أن يسلك الطريق الأبعد في رمضان من أجل أن يفطر فهنا نقول له: لا يجوز لك الفطر؛ لأنه يمكنك أن تسلك طريقاً قصيراً بدون فطر، هذا هو الظاهر ومع ذلك ففي النفس من هذا شيء.
قوله: «أو ذكر صلاة سفر في آخر قصر» «آخر» صفة لموصوف محذوف، التقدير: في سفر آخر.
مثاله: سافر إلى العمرة وصلّى بغير وضوء ناسياً، ولما رجع من العمرة سافر إلى المدينة وفي أثناء سفره إلى المدينة ذكر أنه صلّى في سفره للعمرة صلاة بغير وضوء، فنقول: يصلّيها قصراً؛ لأن الصلاة وجبت في السفر أداءً وقضاءً، وكذلك لو نسيها في سفر العمرة، ثم ذكرها في سفر زيارة المدينة فإنه يقصر، لأن هذه الصلاة سفرية أداءً وقضاءً.
وإن ذكر صلاة سفر في حضر أو صلاة حضر في سفر فقد سبق الكلام فيها.
وإن ذكر صلاة حضر في حضر فإنه يصلّي أربعاً، وعلى هذا فللمسألة أربع صور:
1 ـ ذكر صلاة سفر في سفر، يقصر.
2 ـ ذكر صلاة حضر في حضر، يتم.
3 ـ ذكر صلاة سفر في حضر، يقصر على الصحيح.
4 ـ ذكر صلاة حضر في سفر، يتم.

وَإِنْ حُبِسَ وَلَمْ يَنْوِ إِقَامَةً، أَوْ أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ بِلاَ نِيَّةِ إِقَامَةٍ قَصَرَ أَبَداً.
قوله: «وإن حبس» أي: منع من السفر.
قوله: «ولم ينوِ إقامة» أي: لم ينوِ أن يبقى مدة محددة فإنه يقصر ولو طالت المدة.
وقول المؤلف: «حبس» لم يبيّن نوع الحبس فيشمل: من حبس ظلماً، ومن حبس بحق، ومن حبس بعدو، ومن حبس بمرض، ومن حبس في تغيرات جوية، ومن حبس بخوف على نفسه، فمن منع السفر بأي سبب كان فإنه يقصر. ودليل ذلك: أن ابن عمر رضي الله عنهما: «حبسه الثلج بأذربيجان لمدة ستة أشهر يقصر الصلاة»، وابن عمر صحابي، والقول الراجح أن فعل الصحابي وقوله حجة بشرطين وهما:
1 ـ أن لا يخالف نصاً.
2 ـ وأن لا يعارضه قول صحابي آخر.
فإن خالف نصاً أخذ بالنص مهما كان الصحابي، وإن عارضه قول صحابي آخر طلب المرجح واتبع ما ترجح من القولين، ثم إن فعل ابن عمر هذا رضي الله عنه مؤيد بعمومات الكتاب والسنّة الدالة على أن المسافر يقصر حتى لو بقي باختياره على القول الراجح.
وقوله: «ولم ينوِ إقامة» هذا شرط لا بد منه، فإن نوى إقامة مطلقة لا إقامة ينتظر بها زوال المانع فإنه يتم.
قوله: «أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة» أي: لم ينوِ إقامة مطلقة.
قوله: «قصر أبداً» ولو بقي طول عمره فإنه يقصر، لأنه إنما نوى الإِقامة من أجل هذه الحاجة، ولم ينوِ إقامة مطلقة، وهناك فرق بين شخص ينوي الإِقامة المطلقة وشخص آخر ينوي الإِقامة المقيدة، فالذي ينوي الإِقامة المقيدة لا يعد مستوطناً، والذي ينوي الإِقامة المطلقة يعد مستوطناً.
فالإِقامة المطلقة: أن ينوي أنه مقيم ما لم يوجد سبب يقتضي مغادرته، ومن ذلك سفراء الدول، فلا شك أن الأصل أن إقامتهم مطلقة لا يرتحلون إلا إذا أمروا بذلك، وعلى هذا فيلزمهم الإِتمام، ويلزمهم الصوم في رمضان، ولا يزيدون عن يوم وليلة في مسح الخفين؛ لأن إقامتهم مطلقة، فهم في حكم المستوطنين، وكذلك أيضاً الذين يسافرون إلى بلد يرتزقون فيها هؤلاء إقامتهم مطلقة، لأنهم يقولون: سنبقى ما دام رزقنا مستمراً.
والإِقامة المقيدة: تارة تقيد بزمن، وتارة تقيد بعمل.
فالمقيد بزمن سبق لنا أن المشهور من المذهب أنه إذا نوى أكثر من أربعة أيام يتم ودونها يقصر، وكما سبق بيان الخلاف فيها أيضاً.
والمقيدة بعمل يقصر فيها أبداً ولو طالت المدة، ومن ذلك لو سافر للعلاج ولا يدري متى ينتهي، فإنه يقصر أبداً حتى لو غلب على ظنه أنه سيطول، لأنه ينتظر هذه الحاجة، وهذا هو عمدة من قال: إنه لا حد للإِقامة؛ لأنهم يقولون: ما دام الحامل له على الإِقامة هي الحاجة، فلا فرق في الحقيقة بين أن يحدد أو لا يحدد، فهو مقيم لشيء ينتظره متى انتهى منه رجع إلى بلده.
وقوله: «قصر أبداً» هذا هو المشهور من المذهب.
وذهب بعض العلماء: إلى أنه إذا أقام وانتهت المدة المحددة لانقطاع حكم السفر فإنه يجب عليه الإِتمام، وعليه فإذا أقام لحاجة لا يدري متى تنقضي وانتهت أربعة الأيام لزمه الإِتمام.والأول قول الجمهور ـ حتى إن ابن المنذر حكى الإِجماع عليه ـ وأنه لا يلزمه الإِتمام ما دام ينتظر انتهاء الحاجة.


  #6  
قديم 14 شوال 1433هـ/31-08-2012م, 06:24 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي أسئلة طلاب الدورات

سؤال الطالب: أبو ذؤالة
سؤال من موضوع: صلاة المسافر

قال في الروض المربع:
"ويقصر المكره كالأسير
".
قال ابن قاسم في حاشيته:
‏"أي: يقصر المكره على السفر كما يقصر الأسير تبعا لسفرهم، ومتى صار ببلدهم أتم تبعا لإقامتهم، وكالبكر الزاني المغرب، ومحرم المغربة...".

ثم إنه قال صاحب الروض في نفس الفصل أيضا:
‏"(وإن حبس ظلما) أو بمرض أو مطر ونحوه (ولم ينو إقامة) قصر أبدا [1]، لأن ابن عمر رضي الله عنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة وحال الثلج بينه وبين الدخول، رواه الأثرم.
والأسير يقصر ما أقام عند العدو[2]‏"
قال صاحب الحاشية:
‏[1] "إجماعا، ما دام حبسه بذلك."
‏[‏2] "أي: مدة إقامته عند العدو تبعا لسفرهم، وتقدم. والأسير: هو المأسور عند الكفار."

والذي أشكل علي تحديدا هو وجه التفريق بين المحبوس ظلما والأسير، إذ إن الأسير محبوس ظلما، فلماذا تكون نيته تبعا لآسره ولا يقصر الصلاة كالمحبوس ظلما؟
أرجو شيخي الفاضل أن توضح ضابط المسألة أحسن الله إليكم.

جواب الشيخ: عبدالعزيز الداخل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

العلة هنا السفر ؛ فمتى تحققت جاز القصر .
والمحبوس ظلماً إذا كان محبوساً في بلد إقامته ولم ينو مغادرتها فهو مقيم لا يقصر الصلاة، وأما إذا نوى مغادرتها وإنما منعه الحبس فله أن يقصر الصلاة على هذا القول وفي المسألة خلاف.

وأما الأسير خارج بلده مسافة سفر والمحبوس هناك فله القصر لأنه مسافر ، ولا يحدد له مدة بأربعة أيام ولا ثلاثة ولا أقل ولا أكثر بإجماع العلماء.
فالأسير هو كالمسافر الذي لا يدري متى يعود ، وهو عازم على العودة متى أمكنه ذلك، وهذا له القصر بلا خلاف بين أهل العلم رحمهم الله.
وقوله: (المحبوس ظلماً) ليخرج غير المظلوم على المذهب لأنه لا يحق له الترخص برخص السفر، وهو قول مرجوح، والراجح أنه متى كان مسافراً فله القصر .

وأما المكره على السفر فهو مسافر حكماً فله القصر ، وإن لم ينو السفر.

الطالب: أبو ذؤالة
إذا، هل نستطيع أن نقول: إن الأسير تكون نيته تبعا لنية الآسر إذا أسره في محل إقامته؟ فحينئذ لا تعتبر نيته؛ لأنه فاقد الإرادة.
الشيخ: عبدالعزيز الداخل
لا ، ليست تبعاً لنية الآسر.
وإنما لتحقق وصف السفر.
فإن كان آسره قد سافر به فيكون مسافراً له قصر الصلاة ، وإن لم يكن مختاراً للسفر ولا مريداً له.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المسافر, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir