دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 12:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة المسافر والمريض (4/10) [المسافة التي تباح فيها رخص السفر]


وعن أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسيرةَ ثلاثةَ أَميالٍ أو فَراسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رواهُ مسلِمٌ.


  #2  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 02:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


4/402- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ فَرَاسِخَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا خَرَجَ إذَا كَانَ قَصْدُهُ مَسَافَةَ هَذَا الْقَدْرِ، لا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَراً طَوِيلاً فَلا يَقْصُرُ إلاَّ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ. وَقَوْلُهُ: أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخَ، شَكٌّ مِن الرَّاوِي، وَلَيْسَ التَّخْيِيرُ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: شَكَّ فِيهِ شُعْبَةُ. قِيلَ فِي حَدِّ الْمِيلِ: هُوَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الشَّخْصِ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَلا يَدْرِي أَهُوَ رَجُلٌ أَو امْرَأَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ سِتَّةُ آلافِ ذِرَاعٍ، وَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعاً مُعْتَرِضَةً مُتَعَادِلَةً، وَالأُصْبُعُ سِتُّ شَعِيرَاتٍ مُعْتَرِضَةً مُتَعَادِلَةً.
وَقِيلَ: هُوَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ بِقَدَمِ الإِنْسَانِ.
وَقِيلَ: هُوَ أَرْبَعَةُ آلافِ ذِرَاعٍ.
وَقِيلَ: أَلْفُ خُطْوَةٍ لِلْجَمَلِ.
وَقِيلَ: ثَلاثُةُ آلافِ ذِرَاعٍ بِالْهَاشِمِيِّ، وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلاثُونَ أُصْبُعاً، وَهُوَ ذِرَاعُ الْهَادِي عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهُوَ الذِّرَاعُ الْعُمَرِيُّ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ فِي صَنْعَاءَ وَبِلادِهَا. وَأَمَّا الْفَرْسَخُ فَهُوَ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلاةُ عَلَى نَحْوِ عِشْرِينَ قَوْلاً، حَكَاهَا ابْنُ الْمُنْذِرِ، فَذَهَبَ الظَّاهِرِيَّةُ إلَى الْعَمَلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فقَالُوا: مَسَافَةُ الْقَصْرِ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ.
وَأُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلاثَةِ الأَمْيَالِ. نَعَمْ، يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلاثَةِ الْفَرَاسِخِ؛ إذ الأَمْيَالُ دَاخِلَةٌ فِيهَا، فَيُؤْخَذُ بِالأَكْثَرِ احْتِيَاطاً.
لَكِنْ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ إلَى التَّحْدِيدِ بِالثَّلاثَةِ الْفَرَاسِخِ أَحَدٌ. نَعَمْ، يَصِحُّ الاحْتِجَاجُ لِلظَّاهِرِيَّةِ بِمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَافَرَ فَرْسَخاً يَقْصُرُ الصَّلاةَ.
وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْفَرْسَخَ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ. وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفاً، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا خَرَجْتُ مِيلاً قَصَرْتُ الصَّلاةَ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ دَاوُدَ، وَيَلْحَقُ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ: إنَّهُ يَقْصُرُ فِي مَسَافَةِ بَرِيدٍ فَصَاعِداً؛ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُسَافِرُ بَرِيداً إلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالُوا: فَسَمَّى مَسَافَةَ الْبَرِيدِ سَفَراً.
قُلْتُ: وَلا يَخْفَى أَنَّهُ لا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لا يُسَمَّى الأَقَلُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ سَفَراً، وَإِنَّمَا هَذَا تَحْدِيدٌ لِلسَّفَرِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْمَحْرَمُ، وَلا تَلازُمَ بَيْنَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وبينَ مَسَافَةِ وُجُوبِ الْمَحْرَمِ؛ لِجَوَازِ التَّوْسِعَةِ فِي إيجَابِ الْمَحْرَمِ تَخْفِيفاً عَلَى الْعِبَادِ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْمُؤَيَّدُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحَنَفِيَّةُ: بَلْ مَسَافَتُهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخاً؛ لِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعاً: ((لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ فَوْقَ ثَلاثَةٍ أَيَّامٍ إِلاَّ مَعَ مَحْرَمٍ)).
قَالُوا: وَسَيْرُ الإِبِلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَلْ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعاً: ((لا تَقْصُرُوا الصَّلاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ))، وَسَيَأْتِي. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَبِأَنَّهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَعْلِيقاً بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، أَنَّهُ سُئِلَ: أَتُقْصَرُ الصَّلاةُ مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ إلَى عُسْفَانَ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَإِلَى الطَّائِفِ.
وَهَذِهِ الأَمْكِنَةُ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَهَا، وَالأَقْوَالُ مُتَعَارِضَةٌ كَمَا سَمِعْتَ، وَالأَدِلَّةُ مُتَقَاوِمَةٌ.
قَالَ فِي زَادِ الْمَعَادِ: وَلَمْ يَحُدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُمَّتِهِ مَسَافَةً مَحْدُودَةً لِلْقَصْرِ وَالْفِطْرِ، بَلْ أَطْلَقَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي مُطْلَقِ السَّفَرِ وَالضَّرْبِ فِي الأَرْضِ، كَمَا أَطْلَقَ لَهُم التَّيَمُّمَ فِي كُلِّ سَفَرٍ، وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنْهُ مِن التَّحْدِيدِ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةِ فَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فِيهَا شَيْءٌ الْبَتَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَجَوَازُ الْقَصْرِ وَالْجَمْعِ فِي طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِن السَّلَفِ.


  #3  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 02:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


350 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ ـ أَوْ فَرَاسِخَ ـ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخَ: شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ)، وَلَيْسَ بَيَاناً لِمُخْتَلَفِ الأحوالِ.
أَمْيَالٍ: وَاحِدُ (مِيلٍ)، وَالمِيلُ: هُوَ (1600 مِتْرٍ) تَقْرِيباً.
فَرَاسِخَ: وَاحِدُهُ (فَرْسَخٌ)، وَالفَرْسَخُ: ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ، وَالمِيلُ وَالفَرْسَخُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
صَلَّى رَكْعَتَيْنِ: يَعْنِي قَصَرَ الصَّلاةَ الرباعيَّةَ إِلَى رَكْعَتَيْنِ، وَهُنَّ صَلَوَاتُ الظُّهْرِ، وَالعَصْرِ والعشاءِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ منْ بَلَدِ إِقَامَتِهِ ـ الْمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ ـ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أميالٍ أَوْ فَرَاسِخَ ـ قَصَرَ الصَّلاةَ الرُّبَاعِيَّةَ، فَصَلاهَا رَكْعَتَيْنِ.
2 - اعْتِبَارُ أَنَّ هَذِهِ المسافةَ تُبَاحُ فِيهَا رُخَصُ السَّفَرِ، مِنَ الْجَمْعِ والقصرِ وَغَيْرِهَا، وَلَكِنَّهُ لا يُفْهَمُ من الْحَدِيثِ أَنَّهَا أَقَلُّ مَسَافَةٍ للقَصْرِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ هَذَا لأَدِلَّةٍ أُخَرَ.
3 - قَوْلُهُ: (إِذَا خَرَجَ) يَعْنِي: إِذَا قَصَدَ بخروجِهِ هَذِهِ المسافةَ، لا أَنَّهُ لا يَقْصُرُ فِي سَفَرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ هَذِهِ المسافةَ.
4 - الفَرْسَخُ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ، والمِيلُ (1600 مِتْرٍ)، وَقَوْلُ الرَّاوِي: (أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخَ) شَكٌّ مِنَ الراوِي وَلَيْسَ التَّخْيِيرَ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ.
5 - قَالَ فِي (الرَّوْضِ وَحَاشِيَتِهِ) إِذَا فَارَقَ عَامِرٌ قَرْيَتَهُ قَصَرَ، وِفَاقاً للأَئِمَّةِ الثلاثةِ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ من الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعاً؛ لأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ القصرَ لِمَنْ ضَرَبَ فِي الأَرْضِ، وَقَبْلَ المفارقةِ لا يَكُونُ ضَارِباً فِيهَا، وَلا مُسَافِراً؛ ولأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَقْصُرُ إِذَا ارْتَحَلَ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيرِ المسافةِ الَّتِي تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلاةُ، وَيُبَاحُ فِيهَا الرُّخَصُ السَّفَرِيَّةُ.
فَذَهَبَ أَبُو حنيفةَ إِلَى: أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةٍ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلاةُ هِيَ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَتُقَدَّرُ بِثَلاثِ مَرَاحِلَ لِسَيْرِ الإِبِلِ المُحَمَّلَةِ، وَلا يَصِحُّ بأقَلَّ مِنْ هَذِهِ المسافةِ.
وَذَهَبَ الأَئِمَّةُ الثلاثةُ إِلَى: أَنَّ أَقَلَّ مَسَافَةٍ للقصرِ، هِيَ مَرْحَلَتَانِ لِسَيْرِ الإِبِلِ المُحَمَّلَةِ أيضاً.
وَتُقَدَّرُ المسافةُ بِأَرْبَعَةِ بُرُدٍ، وَالْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَالفَرْسَخُ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ، فَتَكُونُ عَلَى وَجْهِ التقريبِ حَوَالِيَ (77) كِليُو مِتْرٍ، وَتُبَاحُ رُخَصُ السفرِ وَلَوْ قَطَعَ هَذِهِ المسافةَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا لَوْ قَطَعَهَا بِسَيَّارَةٍ أَوْ طَيَّارَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ كَثِيرٌ منْ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ إِلَى: أَنَّهُ لا يُوجَدُ دَلِيلٌ صَرِيحٌ صَحِيحٌ عَلَى تحديدِ مسافةِ القصرِ، بَل المُشَرِّعُ الْعَظِيمُ أَبَاحَ رُخَصَ السفرِ، وَلَمْ يُحَدِّدْهُ، لا بِمُدَّةٍ، وَلا بِمَسَافَةٍ، فَكُلُّ مَا عُدَّ سَفَراً أُبِيحَتْ فِيهِ الرُّخَصُ.
قَالَ فِي (المُغْنِي): تَوَاتَرَتِ الأخبارُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْصُرُ فِي أَسْفَارِهِ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِراً، أَوْ غَازِياً، وَكَانَ لا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَافَرَ سَفَراً تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلاةُ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الرُّبَاعِيَّةَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ.
وَذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِلَى أَنَّ القصرَ لا يَجُوزُ فِي أَقَلِّ منْ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخاً، وَالفرسخُ ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ، فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلاً، وَذَلِكَ مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ قَاصِدَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ خِلافُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا، وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ أَقْوَالُهُمْ امْتَنَعَ المَصِيرُ إِلَى التَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُخَالِفٌ للسُّنَّةِ، وَلِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، الَّذِي أَبَاحَ القصرَ لِمَنْ ضَرَبَ فِي الأَرْضِ، فَظَاهِرُ الآيَةِ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ ضَرْبٍ فِي الأَرْضِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّقْدِيرَ بَابُهُ التَّوْقِيفُ، فَلا يَجُوزُ المَصِيرُ إِلَيْهِ بِرَأْيٍ مُجَرَّدٍ، وَالحُجَّةُ مَعَ مَنْ أَبَاحَ القصرَ لِكُلِّ مُسَافِرٍ.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ: الفرقُ بَيْنَ السفرِ الطويلِ والقصيرِ لا أَصْلَ لَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَل الأَحْكَامُ الَّتِي عَلَّقَهَا اللَّهُ بالسفرِ عَلَّقَهَا مُطْلَقاً، فَالمَرْجِعُ فِي السفرِ إِلَى العُرْفِ، فَمَا كَانَ سَفَراً فِي عُرْفِ النَّاسِ فَهُوَ السَّفَرُ، الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الشارعُ الْحَكِيمُ.
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (الْهَدْيِ): لَمْ يَحُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُمَّتِهِ مسافةً محدودةً للقصرِ والفِطْرِ، بَلْ أَطْلَقَ لَهُمْ فِي مُطْلَقِ السفرِ، وَالضَّرْبِ فِي الأَرْضِ.
وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ منْ مُحَقِّقِي علماءِ السَّلَفِيَّةِ فِي (نَجْدٍ).
أَمَّا الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ بُدَيْرٌ فَقَالَ: إِنَّ الْحُكْمَ إِذَا خَلا منْ ضَابِطٍ يَضْبِطُهُ، كَانَ عُرْضَةً للتَّلاعُبِ والخضوعِ لِلْهَوَى، وَإِنَّ الفقهاءَ نَظَرُوا فَوَجَدُوا أَنَّهُ لَيْسَتْ كُلُّ مَسَافَةٍ مُعْتَبَرَةً لاستباحةِ الرُّخَصِ، فَوَجَبَ وَصْفُ السفرِ الَّذِي تُسْتَبَاحُ بِهِ الرُّخَصُ، حَتَّى لا يَتَعَرَّضَ المُكَلَّفُونَ لإِشْكَالاتٍ، أَوْ تَهَاوُنٍ بِسَبَبِ سَحْبِ الرُّخَصِ عَلَى غَيْرِ مَا أُبِيحَتْ لَهُ.
فَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانَ يُحَافِظُ عَلَى الصَّلاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ مِنْ أَقْصَى الْعَوَالِي، وَهَى عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَطَبْعاً لَمْ تَكُنْ لَهُمْ رُخْصَةُ القَصْرِ وَلا الفِطْرِ.
وَوَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَ الحَطَبَ؛ لِيُطْعِمُوا بِهِ الْفُقَرَاءَ، وَمَسَافَةُ الاحتطابِ قَدْ تَزِيدُ عَلَى الواردِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا.
وَالَّذِي يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى بدايةِ القصرِ: لا غايةَ أَوْ نهايةَ السَّفَرِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ السفرَ وَقَدَّرَهُ بِحَدٍّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهُوَ وُجُوبُ المَحْرَمِ للمرأةِ، وَالَّذِي يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ، فَالسفرُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِآرَاءٍ مُتَبَايِنَةٍ لا تَجْتَمِعُ عَلَى مَاهِيَّةِ مَعْلُومٍ، كَمَا قَيَّدَ الْعُلَمَاءُ كُلَّ رَقَبَةٍ فِي الكفَّارَاتِ بالمؤمنةِ، الَّتِي وَرَدَتْ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ، فَهَذِهِ مِثْلُهَا، وَمَهْمَا أَمْكَنَ اتِّبَاعُ عُلَمَائِنَا وَأَئِمَّتِنَا فَهُوَ العِصْمَةُ، وَإِنَّ جُمْهُورَهُم عَلَى هَذَا، وَإِنَّهُمُ قَدِ اسْتَفْرَغُوا وُسْعَهُمْ فِي تَحَرِّي رِضَا اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِنَّهُ مِنَ الْخَطَرِ أَنْ نُعَوِّدَ الطُّلابَ التَّجَرُّؤَ عَلَى مُخَالَفَةِ الأَئِمَّةِ، فَإِنَّهُ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ شَرَدَتْ جَمَاعَاتٌ بِأَسْرِهَا عَنِ الْجَادَّةِ، لَمَّا لَمْ يَعُدْ لِفِقْهِ الأَئِمَّةِ عِنْدَهُمْ وَزْنٌ، وَالخَيْرُ ـ وَاللَّهِ ـ فِي اتِّبَاعِ أَئِمَّتِنَا، وَهُمْ بَيَّنُوا النصوصَ الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا هَذِهِ الأَحْكَامَ، فَلَيْسَ اتِّبَاعُهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ اتِّبَاعِ الأَحْبَارِ، وَالرُّهْبَانِ فِي التحليلِ وَالتَّحْرِيمِ، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نُرَبِّيَ أَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا عَلَى استعظامِ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَتَحَرِّي أَصَحِّ الأُمُورِ، وَأَسْعَدِهَا بالدليلِ فِيمَا لَو اخْتَلَفُوا فِيهِ، بِحَيْثُ لا نَخْرُجُ عَن اتِّفَاقِهِمْ وَلا عَنْ خِلافِهِمْ، فَإِذَا اخْتَرْنَا لا نَخْتَارُ إِلاَّ مِنْ فِقْهِهِم الَّذِي وَضَحَتْ حُجَّتُهُ وَلاحَ دَلِيلُهُ، وَلَيْسَ كُلُّ خِلافٍ مُعْتَبَراً حَتَّى لا يُقَالَ: إِنَّ فُلاناً وَفُلاناً يَقُولُونَ بِعَدَمِ التحديدِ، وَالأَوْلَى الرجوعُ إِلَى أَقْوَالِ الأَئِمَّةِ الجامعةِ المَبْنِيَّةِ عَلَى الاحتياطِ فِيهَا وَالسَّدَادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir