دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 محرم 1443هـ/1-09-2021م, 02:37 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الحادي عشر: مجلس مذاكرة القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني

القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني

أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:


تطبيقات الدرس السادس عشر:
بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:
1: قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}
2: قول الله تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }.
3: قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
4: قول الله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}
5: قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)}




تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
(1) قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}
(2) قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
(3) قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}
(4) قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}
(5) قول الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}





تطبيقات الدرس الثامن عشر:
بيّن معاني الاستثناء في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ}
2: قول الله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ}
3: قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}
4: قول الله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}
5: قول الله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا * لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}





توصية:

يوصَى دارسو هذه الدورة بالاستكثار من التمرن على تطبيق ما درسوه من الدلالات على آيات كثيرة، وأن لا يكتفوا بالتطبيقات المذكورة في المجلس؛ فكثرة المران ترسّخ المعرفة، وتصقل المهارة، وتعين الدارس على توسيع مداركه وتقويم دراسته.




تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 صفر 1443هـ/11-09-2021م, 06:48 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني

أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:

تطبيقات الدرس السادس عشر:
بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:

1:قول الله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}

- الآية الكريمة فيها إخبار عن دخول أبناء يعقوب عليه السلام من حيث أمرهم أبوهم، ودخولهم هذا ما كان ليمنع عنهم شيئا قضاه الله عليهم، ولكنه وافق في نفس يعقوب حاجة..
ولو سأل سائل: فماذا حدث لما دخلوا، أي تطلب هذا السائل جوابا...

- قد تنوعت أقوال العلماء والمفسرين في جواب الشرط هنا على أقوال:
القول الأول: أن جواب الشرط هنا جملة (وما كان يغني عنهم من الله من شيء).
- وهذا ما ذكره أبو حيان الأندلسي، وابن عطية احتمالا.
قال الزجاج: (وتأويل (ما كان يغني عنهم من الله من شيء): لو قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون، كما تصيبهم مجتمعين، وجائز أن يكون: لا يغني مع قضاء الله شيء) ا.هــ.
- قال أبو حيان: (وفيه حجة لمن زعم أن (لما) حرف وجوب لوجوب لا ظرف زمان بمعنى حين، إذ لو كانت ظرف زمان ما جاز أن تكون معمولة لما بعد ما النافية، لا يجوز حين قام زيد ما قام عمرو، ويجوز لما قام زيد ما قام عمرو، فدل ذلك على أن
)لما( حرف يترتب جوابه على ما بعده) ا.هــ.

القول الثاني: أن الجواب: (آوى إليه أخاه).
- عن أبي البقاء، قال: (وقيل الجواب هو: (آوى اليه أخاه) قال أبو البقاء وهو جواب (لما) الأولى والثانية، كقولك: (لما جئتك ولما كلمتك أجبتني)، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب.) ا.هــ.
ذكره الطيبي في حاشية الكشاف والسمين الحلبي.
.

- ولعل هذا والله أعلم كما في قول الله تعالى: (ولما جاءهم كتـٰب من عند ٱلله مصدق لما معهم وكانوا من قبل یستفتحون على ٱلذین كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على ٱلكـٰفرین)، قال الفراء: (وقوله:(فلما جآءهم ما عرفوا كفروا به) وقبلها (ولما)، وليس للأولى جواب، فإن الأولى صار جوابها كأنه فى الفاء التى فى الثانية، وصارت (كفروا به) كافية من جوابهما جميعا.) ا.هـــ.

- وعلى هذا فإن جملة الشرط في الآية الأولى، جعل جوابها في قوله الله تعالى: (ولما دخلوا علىٰ یوسف ءاوىٰ إلیه أخاه قال إنی أنا أخوك فلا تبتىٕس بما كانوا یعملون)،ولعل ذكر الدخول في الآية الأولى كانت أنسب لبيان استجابة أبناء يعقوب لأبيهم عليه السلام وطاعتهم له، ولعل هذا – والله أعلم- فيه إنباء عن خير فيهم، فلما عرفهم يوسف بنفسه، وأخبرهم بما وقع قالوا كما في قول الله تعالى: (قالوا تٱلله لقد ءاثرك ٱلله علینا وإن كنا لخاطئين) ولما رجعوا إلى أبيهم قالوا: (قالوا یـا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين)، فهذا الإقرار بالخطأ ورغبتهم أن يستغفر لهم أبيهم دلالة على خير في قلوبهم، وإذعانهم للحق.
- ولعل الدخول الأول غير الدخول الثاني كما ذكر بعض المفسرين مثل: البقاعي، وفهم من قول أبي البقاء المتقدم، إنما ذُكر الإخبار عن الدخول لفوائد عدة منها الفائدة السابقة، ومنها بيان علم يعقوب عليه السلام، وغير ذلك.

القول الثالث:
أن يكون الجواب محذوفا.
- ذكره ابن عطية كاحتمال آخر لجواب الشرط.
- وقدره أبو البقاء:
(امتثلوا وقضوا حاجة أبيهم)، ذكره الطيبي في حاشية الكشاف، والسمين الحلبي.

- وعليه فحذف الجواب هنا كما في قول الله تعالى: (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون)
قال الزمخشري: (وجواب (لما)
محذوف. ومعناه: فعلوا به ما فعلوا من الأذى) ا.هــ.
- وكما في قوله تعالى: (فلما أسلما وتله للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم)
قال الزمخشري: (فإن قلت: أين جواب لما؟ قلت: هو محذوف تقديره: فلما أسلما وتله للجبين ونادينا أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا كان ما كان مما تنطق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما واغتباطهما..) ا.هــ.

-وعند البصريين فالجواب محذوف، واختلفوا في تقديره، فقال سيبويه والخليل: (فلما أسلما سلما وتله)، ومنهم من قدره: (فلما أسلما وتله للجبين أجزل أجرهما)، أما الكوفيون فقالوا أن الجواب: ناديناه، والواو زائدة، وقالت فرقة: الجواب: تله) والواو زائدة. ذكره ابن عطية.
ولعل والله أعلم ان ابن عطية اختار كون الجواب محذوفا، وأن الجواب تقديره ما في معنى جملة (ما كان يغني عنهم...)
- قال ابن عطية: (فجواب (لما) في معنى قوله:
(ما كان يغني عنهم من الله من شيء)، وذكر ابن عطية المعنى فقال: (معناه: ما يرد عنهم قدرا، لأنه لو قضي أن تصيبهم عين لأصابتهم مفترقين أو مجتمعين، وإنما طمع يعقوب أن تصادف وصيته قدر السلامة فوصى، وقضى -بذلك- حاجة نفسه في أن يتنعم برجائه أن تصادف وصيته القدر في سلامتهم.)ا.هـــ.
وقال الطيبي في حاشية الكشاف: (ويجوز أن يكون الجواب معنى : (ما كان يغني عنهم)، وعلى هذا كلام المصنف- الزمخشري- وتلخيصه: فلما دخلوا متفرقين ليسلموا عما حذروا منه، ما أغنى عنهم ذلك شيئاً، حيث أصابهم ما أصابهم.) ا.هــ.
- وذهب الشيخ عبد العزيز بن داخل المطيري أنها جملة اعتراضية، وعليه فالجواب هنا محذوف.


2: قول الله تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }.
- امتنان من الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم بما أوحى إليه وعلمه، وما أتاه من حكمة، وبما بصره بما يراد من إضلاله .
- فــ (لولا) حرف امتناع لوجود متضمن لمعنى الشرط، وجملة جواب الشرط فيها قولان:

الأول: أن الجواب جملة: (لهمت طائفة منهم أن يضلوك).
- وإذا قلنا بهذا فلابد أن نحقق في المنفي بوجود فضل الله ورحمته، أهو الهم، أم أثر الهم.
- قال أبو السعود: ( وإنما نفى همهم مع أن المنفي إنما هو تأثيره فقط إيذانا بانتفاء تأثيره بالكلية. وقيل: المراد هو الهم المؤثر ولا ريب في انتفائه حقيقة). ا.هــ.
- وقال ابن عاشور: (
فكان ما حاولوه من تضليل الرسول طمعا لا هما، لأن الهم هو العزم على الفعل والثقة به، وإنما كان انتفاء همهم تضليله فضلا ورحمة، لدلالته على وقاره في نفوس الناس، وذلك فضل عظيم.
وقيل في تفسير هذا الانتفاء: إن المراد انتفاء أثره، أي لولا فضل الله لضللت بهمهم أن يضلوك، ولكن الله عصمك عن الضلال، فيكون كناية. وفي هذا التفسير بعد من جانب نظم الكلام ومن جانب المعنى.) ا.هــ.
- وقال محي الدين درويش: (
وجملة همت طائفة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وقد يرد على ذلك انتفاء الهمّ، لأن لولا لا تقتضي انتفاء جوابها لوجود شرطها، ولكن المنفي في الحقيقة أثر الهمّ) ا.هــ.

الثاني: الجواب محذوف.
- قال الألوسي: (وجوز أبو البقاء أن يكون الجواب محذوفا، والتقدير: ولولا فضل الله عليك ورحمته لأضلوك، ثم استأنف بقوله سبحانه: (لهمت) أي: لقد همت بذلك.) ا.هــ.
- قال أبو السعود: (أي: لأضلوك، وقوله تعالى: (لهمت) جملة مستأنفة، أي: لقد همت طائفة إلخ) ا.هــ.


تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
- جعل الله تعالى آيةً دالة على صدق نبيه صالح عليه السلام وهى الناقة، فأمر صالح عليه السلام قومه بشيئين تجاه هذه الآية العظيمة، الأول أمرا، كما قال الله تعالى: (فذروها) والثاني تأكيدا للأول وهو نهي كما في قوله تعالى: (ولا تمسوها بسوء) وبيّن لهم العاقبة إن هم خالفوا.
قال أبو حيان: (نهاهم عن مسها بشيء من الأذى، وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى إذا كان قد نهاهم عن مسها بسوء إكراما لآية الله فنهيه عن نحرها وعقرها ومنعها عن الماء والكلأ أولى وأحرى) ا.هــ.

- وقول الله تعالى: (فذروها) أتى جوابه مجزوما وهو الفعل (تأكل)، بتقدير: إن تذروها تأكل في أرض الله، وبعبارة أخرى: إن لم تذروها وتتركوها ترعى بل حبستموها فلن تأكل في أرض الله.
- ومن قرأ (تأكل) بالرفع كأبي جعفر يزيد بن القعقاع، فهو تقديرا على الحال، وقال الأخفش في معاني القرآن: (جزم إذا جعلته جوابا، ورفع إذا أردت فذروها آكلة) ا.هــ.
وذكر د.عبد اللطيف الخطيب في معجم القراءات أن قراءة الجماعة على الجزم.

- وقوله تعالى: (فيأخذكم) منصوبا بأن المضمرة بعد الفاء، وهو جواب النهي لقوله تعالى: (ولا تمسوها بسوء)، قال ابن عاشور: (وانتصب قوله (فيأخذكم) في جواب النهي ليعتبر الجواب للمنهي عنه لأن حرف النهي لا أثر له: أي إن تمسوها بسوء يأخذكم عذاب
.) ا.هــ.
- فاتصال الجواب بالفاء أفاد تقوية الصلة بين الخبر والمبتدأ، فالأخذ بالعذاب الأليم سببه مس الناقة بسوء.
قال الآلوسي: (والمعنى لا تجمعوا بين المس وأخذ العذاب إياكم والأخير وإن لم يكن من صنيعهم حقيقة لكن لتعاطيهم أسبابه كأنه من صنيعهم
.) ا.هــ.

2:قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}

- الآية فيها تعجيب من حال الضالين المعاندين الذين لم يعتبروا بما رأوا أو سمعوا من مآلات أشباههم في تكذيب الأنبياء، وأولى الناس بالاعتبار الذين ساروا في الأرض، لكن لما لم يحقق لهم سيرهم المقصود كان كالعدم فكان التعجب من انتفائه، وهذا ما ذكره ابن عاشور، وكان الزمخشري قد ذكر احتمالا آخر وهو أن فيه حثهم على السفر ليشاهدوا مصارع الكفار فيعتبروا.

- وجواب الاستفهام قوله تعالى: (فتكون لهم قلوب يعقلون بها..)،(فتكون) فعل مضارع منصوب، والأصل الجزم لكن بدخول فاء السببية انصرف إلى النصب.
ومقصد الكلام انتفاء مُدركات الأمور عنهم بانتفاء أدواتها من قلوب وآذان، لما لم يسيروا سير اعتبار وتفكر، فتأمل كيف كان نظم الآية وما أحدثه الحرف في بيان ترتب الخبر على المبتدأ، واقتضاء عدم الانتفاع بالحواس حين لم تستعمل فيما خلقت له، واعلم أن الحواس تنفع صاحبها الذي صح مقصده وسلم.

- وقال ابن عاشور في دخول الفاء على الجواب: (وهذا شأن الجواب بالفاء بعد النفي أن تدخل الفاء على ما هو مسبب على المنفي لو كان ثابتا. وفي هذا المعنى قال المعري
:

وقيل أفاد بالأسفار مالا فقلنا هل أفاد بها فؤادا

- وقال ابن عاشور أيضا: (والفاء في جملة: (فإنها لا تعمى الأبصار) تفريع على جواب النفي في قوله: (فتكون لهم قلوب يعقلون بها)، وفذلكة للكلام السابق، وتذييل له بما في هذه الجملة من العموم.) ا.هــ.

قال البقاعي: (ولما كان الجواب منصوبا، علم أنه منفي لأنه مسبب عن همزة الإنكار التي معناها النفي، وقد دخلت على نفي السير فنفته، فأثبتت السير عريا عما أفاده الجواب، وهو قوله (فتكون) أي فيتسبب عن سيرهم أن تكون (لهم قلوب) واعية (يعقلون بها) ما رأوه بأبصارهم في الآيات المرئيات من الدلالة على وحدانية الله تعالى وقدرته على الإحياء والإماتة متى أراد فيعتبروا به، فانتفاء القلوب الموصوفة متوقف على نفي السير الذي هو إثبات السير، وكذا الكلام في الآذان) ا.هــ.


تطبيقات الدرس الثامن عشر:
بيّن معاني الاستثناء في الآيات التاليات:

1:قول الله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ}
- يخبر تعالى عن المؤمنين في الجنة، فهم في خلود فيها لا يذوقون الموت، ولأن الموت يعرض لكل مخلوق حي في الدنيا،
فقد عرض لهم في الدنيا موتة بها قبضت أرواحهم.

- وإذا نظرنا للاستثناء في الآية لقلنا أنه استثناء متصل، حيث استثنى الموتة الأولى من جنسها الذي هو الموت،
ومن جهة أخرى يمكن اعتبار أن هذا استثناء منقطع، حيث أن ما وقع لهم في الدنيا من موت غير عائد بجميع الأحوال، فلا تكون الموتة الأولى من جنس الموت المنفي عنهم في الجنة.

- وهذا الموضع من الاستثناء مشكل، وقد تأوله بعض أهل اللغة والتفسير، كما سيأتي بيانه.
- من المفسرين من اعتبره استثناء منقطع كأبي حيان الأندلسي، والزمخشري وابن كثير.
- قال أبو حيان:
(هذا استثناء منقطع، أي لكن الموتة الأولى ذاقوها في الدنيا، وذلك تنبيه على ما أنعم به عليهم من الخلود السرمدي، وتذكير لهم بمفارقة الدنيا الفانية إلى هذه الدار الباقية
.) ا.هــ.
- والذي يظهر أنه تأول (إلا) بــ (لكن)، وهو ما ذكره السمين الحلبي.

- وقال الزمخشري:
( فإن قلت: كيف استثنيت الموتة الأولى- المذوقة قبل دخول الجنة- من الموت المنفي ذوقه فيها؟ قلت: أريد أن يقال: لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع قوله: (إلا الموتة الأولى) موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها)
ا.هــ.

- قال ابن كثير: وقوله
: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) هذا استثناء يؤكد النفي، فإنه استثناء منقطع ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال:(يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت) ) ا.هــ.

- ومن أهل اللغة كالفراء والزجاج من قدر أن (إلا) بمعنى (سوى)، ويكون معنى الكلام: لا يذوقون فيها الموت سوى الموتة الأولى، واستدعوا نظيره من الآيات، وهو قول الله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف).
- وضعف هذا التأويل ابن جرير، قال:
(فأما إذا وجهت (إلا) في هذا الموضع إلى معنى (سوى)، فإنما هو ترجمة عن المكان، وبيان عنها بما هو أشدّ التباسًا على من أراد علم معناها منها)
ا.هــ.

- وذهب إلى تأويل (إلا) بــ (بعد)، ويكون معنى الكلام: لا يذوقون فيها الموت بعد الموتة الأولى، وعلل جواز ذلك لتقارب المعنيين في هذا الموضع، ووضحه، فقال:
(أن القائل إذا قال: لا أكلم اليوم رجلا إلا رجلا بعد رجل عند عمرو قد أوجب على نفسه أن لا يكلم ذلك اليوم رجلا بعد كلام الرجل الذي عند عمرو
.) ا.هـــ.

- وهذا الذي ذهب إليه ابن جرير، استدل على جوازه بعادة العرب في وضع كلمة مكان غيرها إذا تقارب المعنيين، فقال:
(وذلك كوضعهم الرجاء مكان الخوف لما في معنى الرجاء من الخوف، لأن الرجاء ليس بيقين، وإنما هو طمع، وقد يصدق ويكذب كما الخوف يصدق أحيانا ويكذب،.. )
ا.هــ.
لكن إن صح ما ذكره في عادة العرب، فهذا باب واسع، وأقول أن ما يقع في الكلمات قد تخالفه بعض الحالات، وقد استدل بقول الشاعر:
فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بألْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سَرَاتُهُمُ في الفَارِسِيّ المُسَرَّدِ

- فجاء الظن هنا موضع اليقين، وهو من المشترك اللفظي، وأما ما ورد في الآية فلا يساعده في هذا التوجيه، والله أعلم.
- واستحسن ابن القيم تأويل (إلا) بـــ (بعد) قال:
(وهذا معنى حسن جدا يفتقر إلى مساعدة اللفظ عليه، ويوضحه أنه ليس المراد إخراج الموتة الأولى من الموت المنفي، ولا ثم شيء متوهم يحتاج لأجله إلى الاستثناء، وإنما المراد الإخبار بأنهم بعد موتتهم الأولى التي كتبها الله عليهم لا يذوقون غيرها
.
وعلى هذا فيقال لما كان ما بعد إلا حكمه مخالف لحكم ما قبلها، والحياة الدائمة في الجنة إنما تكون بعد الموتة الأولى كانت أداة (إلا) مفهمة هذه البعدية، وقد أمن اللبس لعدم دخولها في الموت المنفي في الجنة، فتجردت لهذا المعنى
.
فهذا من أحسن ما يقال في الآية فتأمله.)
ا.هــ.

وقال في المدارج:
(فهذا الاستثناء هو لتحقيق دوام الحياة وعدم ذوق الموت، وهو يجعل النفي الأول العام بمنزلة النص الذي لا يتطرق إليه استثناء ألبتة، إذ لو تطرق إليه استثناء فرد من أفراده لكان أولى بذكره من العدول عنه إلى الاستثناء المنقطع، فجرى هذا الاستثناء مجرى التأكيد، والتنصيص على حفظ العموم، وهذا جار في كل منقطع، فتأمله فإنه من أسرار العربية
.) ا.هــ.

- وقال أبو السعود: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)
بل يستمرون على الحياة أبدا والاستثناء منقطع أو متصل على أن المراد: بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق كأنه قيل: لا يذوقون فيها الموت إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى حينئذ
.) ا.هــ.


2:قول الله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا * لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}

-للمفسرين في الاستثناء في الآية قولان:
- الأول أنه استثناء منقطع:
- وذلك إن كان مرجع الضمير في (لا يملكون) إلى المجرمين، ويراد بالمجرمين هنا المشركون والكفرة. و(من) في محل نصب، والمعنى: لا يملكون أن يشفع لهم ولا سبيل لهم إليها لكن من اتخذ عهدا بأن آمن فيشفع له، ذكره ابن عطية.
- وفُسر العهد بكلمة التوحيد،كما روي عن ابن عباس، وقيل العهد الإيمان.
- قال ابن كثير: (ليس لهم من يشفع لهم، كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض)
ا.هــ.
- وهذا القول ذهب إليه محمد الأمين الشنقيطي أيضا، وقال: ( أي لا يستحقون أن يشفع فيهم شافع يخلصهم مما هم فيه من الهول والعذاب)، واستدل على ذلك بآيات منها قول الله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)، وقوله تعالى: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم)
، وغير ذلك، وقال: (وهذا الوجه يفهم منه بالأحرى أن المجرمين لا يشفعون في غيرهم؛ لأنهم إذا كانوا لا يستحقون أن يشفع فيهم غيرهم لكفرهم فشفاعتهم في غيرهم ممنوعة من باب أولى) ا.هــ.
- قال ابن عاشور:
(استثناء منقطع، أي لكن يملك الشفاعة يومئذ من اتخذ عند الرحمن عهدا، أي من وعده الله بأن يشفع وهم الأنبياء والملائكة) ا.هــ.

- الثاني أن الاستثناء متصل وذكر المفسرون له حالات:
- فإن الاستثناء متصل إن كان المراد بالمجرمين عموم الكفرة والعصاة من المؤمنين:
فالمعنى: لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون فإنهم يشفع فيهم، كما قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: (لا أزال أشفع حتى أقول: يا رب شفعني فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول الله: يا محمد ليست لك، ولكنها لي)، ذكره ابن عطية.
- وقال أبو السعود: (استثناء من لا يملكون أيضا، والمستثنى مرفوع على البدل، أو منصوب على الأصل، والمعنى: لا يملك المجرمون أن يشفع لهم إلا من كان منهم مسلما
.) ا.هــ.

- كذلك يعد الاستثناء متصل إن كان المراد جميع العباد متقيهم ومجرمهم:
- ذكره الشنقيطي وقال: ((من) بدل من الواو في (لا يملكون)، أي: لا يملك من جميعهم أحد الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا وهم المؤمنون) ، وقال: (أي: إلا المؤمنون فإنهم يشفع بعضهم في بعض) ا.هــ.
والأدلة على شفاعة المؤمنين بعضهم في بعض كثيرة ، منها قول الله تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق)، وقوله تعالى: (ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء)،
- قال أبو السعود: (ومحل المستثنى إما الرفع على البدل، أو النصب على أصل الاستثناء. والمعنى: لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم إلا من استعد له بالتحلي بالإيمان والتقوى، أو من أمر بذلك من قولهم: عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به، فيكون ترغيبا للناس في تحصيل الإيمان والتقوى المؤدي إلى نيل هذه الرتبة.) ا.هــ.

- وقال ابن عطية: (وتحتمل الآية أن يراد بـ (من) محمد صلى الله عليه وسلم وبـ (الشفاعة) الخاصة له صلى الله عليه وسلم العامة للناس، ويكون الضمير في (يملكون) لجميع أهل الموقف، ألا ترى أن سائر الأنبياء يتدافعون الشفاعة حتى تصير إليه فيقوم إليها صلى الله عليه وسلم فالعهد - على هذا - النص على أمر الشفاعة في قوله تعالى:
(عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)ا.هــ.

-وما ذكره أبو السعود بتفسير العهد بالأمر رده الشنقيطي وقال: (فهذا القول ليس صحيحا في المراد بالآية وإن كان صحيحا في نفسه،وقد دلت على صحته آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه))ا.هــ.
- وما ذكره ابن عطية بعيد عن سياق الآيات ويحمل فيه العهد على ما رده الشنقيطي من كون المراد به:أمر الشفاعة. والله أعلم.

- وإن أريد بالعباد المتقين:
- قال أبو السعود: ( استثناء من الشفاعة على حذف المضاف، والمستثنى منصوب على البدل، أو على أصل الاستثناء، أي: لا يملك المتقون الشفاعة إلا شفاعة من اتخذ العهد بالإسلام، فيكون ترغيبا في الإسلام.) ا.هــ.
- قال ابن عطية: (وقال بعض هذه الفرقة: معنى الكلام: (إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا) أي: لا يملك المتقون الشفاعة إلا لهذه الصنيفة فيجيء "من" في التأويل الواحد للشافعين، وفي الثاني للمشفوع فيهم
.) ا.هــ.


والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ربيع الأول 1443هـ/28-10-2021م, 11:00 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنشاد راجح مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس القسم الرابع من مقرر أصول التفسير البياني

أدّ تطبيقين من تطبيقات كلّ درس من الدروس التالية:

تطبيقات الدرس السادس عشر:
بيّن معاني الشرط في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:

1:قول الله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}

- الآية الكريمة فيها إخبار عن دخول أبناء يعقوب عليه السلام من حيث أمرهم أبوهم، ودخولهم هذا ما كان ليمنع عنهم شيئا قضاه الله عليهم، ولكنه وافق في نفس يعقوب حاجة..
ولو سأل سائل: فماذا حدث لما دخلوا، أي تطلب هذا السائل جوابا...

- قد تنوعت أقوال العلماء والمفسرين في جواب الشرط هنا على أقوال:
القول الأول: أن جواب الشرط هنا جملة (وما كان يغني عنهم من الله من شيء).
- وهذا ما ذكره أبو حيان الأندلسي، وابن عطية احتمالا.
قال الزجاج: (وتأويل (ما كان يغني عنهم من الله من شيء): لو قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون، كما تصيبهم مجتمعين، وجائز أن يكون: لا يغني مع قضاء الله شيء) ا.هــ.
- قال أبو حيان: (وفيه حجة لمن زعم أن (لما) حرف وجوب لوجوب لا ظرف زمان بمعنى حين، إذ لو كانت ظرف زمان ما جاز أن تكون معمولة لما بعد ما النافية، لا يجوز حين قام زيد ما قام عمرو، ويجوز لما قام زيد ما قام عمرو، فدل ذلك على أن
)لما( حرف يترتب جوابه على ما بعده) ا.هــ.

القول الثاني: أن الجواب: (آوى إليه أخاه).
- عن أبي البقاء، قال: (وقيل الجواب هو: (آوى اليه أخاه) قال أبو البقاء وهو جواب (لما) الأولى والثانية، كقولك: (لما جئتك ولما كلمتك أجبتني)، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب.) ا.هــ.
ذكره الطيبي في حاشية الكشاف والسمين الحلبي.
.

- ولعل هذا والله أعلم كما في قول الله تعالى: (ولما جاءهم كتـٰب من عند ٱلله مصدق لما معهم وكانوا من قبل یستفتحون على ٱلذین كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على ٱلكـٰفرین)، قال الفراء: (وقوله:(فلما جآءهم ما عرفوا كفروا به) وقبلها (ولما)، وليس للأولى جواب، فإن الأولى صار جوابها كأنه فى الفاء التى فى الثانية، وصارت (كفروا به) كافية من جوابهما جميعا.) ا.هـــ.

- وعلى هذا فإن جملة الشرط في الآية الأولى، جعل جوابها في قوله الله تعالى: (ولما دخلوا علىٰ یوسف ءاوىٰ إلیه أخاه قال إنی أنا أخوك فلا تبتىٕس بما كانوا یعملون)،ولعل ذكر الدخول في الآية الأولى كانت أنسب لبيان استجابة أبناء يعقوب لأبيهم عليه السلام وطاعتهم له، ولعل هذا – والله أعلم- فيه إنباء عن خير فيهم، فلما عرفهم يوسف بنفسه، وأخبرهم بما وقع قالوا كما في قول الله تعالى: (قالوا تٱلله لقد ءاثرك ٱلله علینا وإن كنا لخاطئين) ولما رجعوا إلى أبيهم قالوا: (قالوا یـا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين)، فهذا الإقرار بالخطأ ورغبتهم أن يستغفر لهم أبيهم دلالة على خير في قلوبهم، وإذعانهم للحق.
- ولعل الدخول الأول غير الدخول الثاني كما ذكر بعض المفسرين مثل: البقاعي، وفهم من قول أبي البقاء المتقدم، إنما ذُكر الإخبار عن الدخول لفوائد عدة منها الفائدة السابقة، ومنها بيان علم يعقوب عليه السلام، وغير ذلك.

القول الثالث:
أن يكون الجواب محذوفا.
- ذكره ابن عطية كاحتمال آخر لجواب الشرط.
- وقدره أبو البقاء:
(امتثلوا وقضوا حاجة أبيهم)، ذكره الطيبي في حاشية الكشاف، والسمين الحلبي.

- وعليه فحذف الجواب هنا كما في قول الله تعالى: (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون)
قال الزمخشري: (وجواب (لما)
محذوف. ومعناه: فعلوا به ما فعلوا من الأذى) ا.هــ.
- وكما في قوله تعالى: (فلما أسلما وتله للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم)
قال الزمخشري: (فإن قلت: أين جواب لما؟ قلت: هو محذوف تقديره: فلما أسلما وتله للجبين ونادينا أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا كان ما كان مما تنطق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما واغتباطهما..) ا.هــ.

-وعند البصريين فالجواب محذوف، واختلفوا في تقديره، فقال سيبويه والخليل: (فلما أسلما سلما وتله)، ومنهم من قدره: (فلما أسلما وتله للجبين أجزل أجرهما)، أما الكوفيون فقالوا أن الجواب: ناديناه، والواو زائدة، وقالت فرقة: الجواب: تله) والواو زائدة. ذكره ابن عطية.
ولعل والله أعلم ان ابن عطية اختار كون الجواب محذوفا، وأن الجواب تقديره ما في معنى جملة (ما كان يغني عنهم...)
- قال ابن عطية: (فجواب (لما) في معنى قوله:
(ما كان يغني عنهم من الله من شيء)، وذكر ابن عطية المعنى فقال: (معناه: ما يرد عنهم قدرا، لأنه لو قضي أن تصيبهم عين لأصابتهم مفترقين أو مجتمعين، وإنما طمع يعقوب أن تصادف وصيته قدر السلامة فوصى، وقضى -بذلك- حاجة نفسه في أن يتنعم برجائه أن تصادف وصيته القدر في سلامتهم.)ا.هـــ.
وقال الطيبي في حاشية الكشاف: (ويجوز أن يكون الجواب معنى : (ما كان يغني عنهم)، وعلى هذا كلام المصنف- الزمخشري- وتلخيصه: فلما دخلوا متفرقين ليسلموا عما حذروا منه، ما أغنى عنهم ذلك شيئاً، حيث أصابهم ما أصابهم.) ا.هــ.
- وذهب الشيخ عبد العزيز بن داخل المطيري أنها جملة اعتراضية، وعليه فالجواب هنا محذوف.

وفقك الله:
غالب الكلام في بيان جواب الشرط وهو مطلوب, لكن نبدأ بذكر حرف الشرط أولا, وبيان المعاني التي دل عليها في الآية مع الاستشهاد بكلام المفسرين, مثل: بيان الحال وبيان السبب.
ومع كون بعض ذلك مبثوثا في إجابتك؛ لكن الأصل ذكر المعاني تحديدا كما في دروس أصول التفسير البياني.


2: قول الله تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }.
- امتنان من الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم بما أوحى إليه وعلمه، وما أتاه من حكمة، وبما بصره بما يراد من إضلاله .
- فــ (لولا) حرف امتناع لوجود متضمن لمعنى الشرط، وجملة جواب الشرط فيها قولان:

الأول: أن الجواب جملة: (لهمت طائفة منهم أن يضلوك).
- وإذا قلنا بهذا فلابد أن نحقق في المنفي بوجود فضل الله ورحمته، أهو الهم، أم أثر الهم.
- قال أبو السعود: ( وإنما نفى همهم مع أن المنفي إنما هو تأثيره فقط إيذانا بانتفاء تأثيره بالكلية. وقيل: المراد هو الهم المؤثر ولا ريب في انتفائه حقيقة). ا.هــ.
- وقال ابن عاشور: (
فكان ما حاولوه من تضليل الرسول طمعا لا هما، لأن الهم هو العزم على الفعل والثقة به، وإنما كان انتفاء همهم تضليله فضلا ورحمة، لدلالته على وقاره في نفوس الناس، وذلك فضل عظيم.
وقيل في تفسير هذا الانتفاء: إن المراد انتفاء أثره، أي لولا فضل الله لضللت بهمهم أن يضلوك، ولكن الله عصمك عن الضلال، فيكون كناية. وفي هذا التفسير بعد من جانب نظم الكلام ومن جانب المعنى.) ا.هــ.
- وقال محي الدين درويش: (
وجملة همت طائفة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وقد يرد على ذلك انتفاء الهمّ، لأن لولا لا تقتضي انتفاء جوابها لوجود شرطها، ولكن المنفي في الحقيقة أثر الهمّ) ا.هــ.

الثاني: الجواب محذوف.
- قال الألوسي: (وجوز أبو البقاء أن يكون الجواب محذوفا، والتقدير: ولولا فضل الله عليك ورحمته لأضلوك، ثم استأنف بقوله سبحانه: (لهمت) أي: لقد همت بذلك.) ا.هــ.
- قال أبو السعود: (أي: لأضلوك، وقوله تعالى: (لهمت) جملة مستأنفة، أي: لقد همت طائفة إلخ) ا.هــ.


تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
1: قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
- جعل الله تعالى آيةً دالة على صدق نبيه صالح عليه السلام وهى الناقة، فأمر صالح عليه السلام قومه بشيئين تجاه هذه الآية العظيمة، الأول أمرا، كما قال الله تعالى: (فذروها) والثاني تأكيدا للأول وهو نهي كما في قوله تعالى: (ولا تمسوها بسوء) وبيّن لهم العاقبة إن هم خالفوا.
قال أبو حيان: (نهاهم عن مسها بشيء من الأذى، وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى إذا كان قد نهاهم عن مسها بسوء إكراما لآية الله فنهيه عن نحرها وعقرها ومنعها عن الماء والكلأ أولى وأحرى) ا.هــ.

- وقول الله تعالى: (فذروها) أتى جوابه مجزوما وهو الفعل (تأكل)، بتقدير: إن تذروها تأكل في أرض الله، وبعبارة أخرى: إن لم تذروها وتتركوها ترعى بل حبستموها فلن تأكل في أرض الله.
- ومن قرأ (تأكل) بالرفع كأبي جعفر يزيد بن القعقاع، فهو تقديرا على الحال، وقال الأخفش في معاني القرآن: (جزم إذا جعلته جوابا، ورفع إذا أردت فذروها آكلة) ا.هــ.
وذكر د.عبد اللطيف الخطيب في معجم القراءات أن قراءة الجماعة على الجزم.

- وقوله تعالى: (فيأخذكم) منصوبا بأن المضمرة بعد الفاء، وهو جواب النهي لقوله تعالى: (ولا تمسوها بسوء)، قال ابن عاشور: (وانتصب قوله (فيأخذكم) في جواب النهي ليعتبر الجواب للمنهي عنه لأن حرف النهي لا أثر له: أي إن تمسوها بسوء يأخذكم عذاب
.) ا.هــ.
- فاتصال الجواب بالفاء أفاد تقوية الصلة بين الخبر والمبتدأ، فالأخذ بالعذاب الأليم سببه مس الناقة بسوء.
قال الآلوسي: (والمعنى لا تجمعوا بين المس وأخذ العذاب إياكم والأخير وإن لم يكن من صنيعهم حقيقة لكن لتعاطيهم أسبابه كأنه من صنيعهم
.) ا.هــ.
لم تتكلمي عن صيغة الأمر وفوائد إضافة (الناقة) و (الأرض) إلى الله وأثر ذلك على ما أمروا به.

2:قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}

- الآية فيها تعجيب من حال الضالين المعاندين الذين لم يعتبروا بما رأوا أو سمعوا من مآلات أشباههم في تكذيب الأنبياء، وأولى الناس بالاعتبار الذين ساروا في الأرض، لكن لما لم يحقق لهم سيرهم المقصود كان كالعدم فكان التعجب من انتفائه، وهذا ما ذكره ابن عاشور، وكان الزمخشري قد ذكر احتمالا آخر وهو أن فيه حثهم على السفر ليشاهدوا مصارع الكفار فيعتبروا.

والاستفهام هنا أيضا فيه تهديد مبطن لهم بأن يحل بهم ما حل بمن قبلهم من الأمم المكذبة للرسل, إذا ساروا على دروبهم في التكذيب والكفر.

- وجواب الاستفهام قوله تعالى: (فتكون لهم قلوب يعقلون بها..)،(فتكون) فعل مضارع منصوب، والأصل الجزم لكن بدخول فاء السببية انصرف إلى النصب.
ومقصد الكلام انتفاء مُدركات الأمور عنهم بانتفاء أدواتها من قلوب وآذان، لما لم يسيروا سير اعتبار وتفكر، فتأمل كيف كان نظم الآية وما أحدثه الحرف في بيان ترتب الخبر على المبتدأ، واقتضاء عدم الانتفاع بالحواس حين لم تستعمل فيما خلقت له، واعلم أن الحواس تنفع صاحبها الذي صح مقصده وسلم.

- وقال ابن عاشور في دخول الفاء على الجواب: (وهذا شأن الجواب بالفاء بعد النفي أن تدخل الفاء على ما هو مسبب على المنفي لو كان ثابتا. وفي هذا المعنى قال المعري
:

وقيل أفاد بالأسفار مالا فقلنا هل أفاد بها فؤادا

- وقال ابن عاشور أيضا: (والفاء في جملة: (فإنها لا تعمى الأبصار) تفريع على جواب النفي في قوله: (فتكون لهم قلوب يعقلون بها)، وفذلكة للكلام السابق، وتذييل له بما في هذه الجملة من العموم.) ا.هــ.

قال البقاعي: (ولما كان الجواب منصوبا، علم أنه منفي لأنه مسبب عن همزة الإنكار التي معناها النفي، وقد دخلت على نفي السير فنفته، فأثبتت السير عريا عما أفاده الجواب، وهو قوله (فتكون) أي فيتسبب عن سيرهم أن تكون (لهم قلوب) واعية (يعقلون بها) ما رأوه بأبصارهم في الآيات المرئيات من الدلالة على وحدانية الله تعالى وقدرته على الإحياء والإماتة متى أراد فيعتبروا به، فانتفاء القلوب الموصوفة متوقف على نفي السير الذي هو إثبات السير، وكذا الكلام في الآذان) ا.هــ.


تطبيقات الدرس الثامن عشر:
بيّن معاني الاستثناء في الآيات التاليات:

1:قول الله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ}
- يخبر تعالى عن المؤمنين في الجنة، فهم في خلود فيها لا يذوقون الموت، ولأن الموت يعرض لكل مخلوق حي في الدنيا،
فقد عرض لهم في الدنيا موتة بها قبضت أرواحهم.

- وإذا نظرنا للاستثناء في الآية لقلنا أنه استثناء متصل، حيث استثنى الموتة الأولى من جنسها الذي هو الموت،
ومن جهة أخرى يمكن اعتبار أن هذا استثناء منقطع، حيث أن ما وقع لهم في الدنيا من موت غير عائد بجميع الأحوال، فلا تكون الموتة الأولى من جنس الموت المنفي عنهم في الجنة.

- وهذا الموضع من الاستثناء مشكل، وقد تأوله بعض أهل اللغة والتفسير، كما سيأتي بيانه.
- من المفسرين من اعتبره استثناء منقطع كأبي حيان الأندلسي، والزمخشري وابن كثير.
- قال أبو حيان:
(هذا استثناء منقطع، أي لكن الموتة الأولى ذاقوها في الدنيا، وذلك تنبيه على ما أنعم به عليهم من الخلود السرمدي، وتذكير لهم بمفارقة الدنيا الفانية إلى هذه الدار الباقية
.) ا.هــ.
- والذي يظهر أنه تأول (إلا) بــ (لكن)، وهو ما ذكره السمين الحلبي.

- وقال الزمخشري:
( فإن قلت: كيف استثنيت الموتة الأولى- المذوقة قبل دخول الجنة- من الموت المنفي ذوقه فيها؟ قلت: أريد أن يقال: لا يذوقون فيها الموت البتة، فوضع قوله: (إلا الموتة الأولى) موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها)
ا.هــ.

- قال ابن كثير: وقوله
: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) هذا استثناء يؤكد النفي، فإنه استثناء منقطع ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال:(يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت) ) ا.هــ.

- ومن أهل اللغة كالفراء والزجاج من قدر أن (إلا) بمعنى (سوى)، ويكون معنى الكلام: لا يذوقون فيها الموت سوى الموتة الأولى، واستدعوا نظيره من الآيات، وهو قول الله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف).
- وضعف هذا التأويل ابن جرير، قال:
(فأما إذا وجهت (إلا) في هذا الموضع إلى معنى (سوى)، فإنما هو ترجمة عن المكان، وبيان عنها بما هو أشدّ التباسًا على من أراد علم معناها منها)
ا.هــ.

- وذهب إلى تأويل (إلا) بــ (بعد)، ويكون معنى الكلام: لا يذوقون فيها الموت بعد الموتة الأولى، وعلل جواز ذلك لتقارب المعنيين في هذا الموضع، ووضحه، فقال:
(أن القائل إذا قال: لا أكلم اليوم رجلا إلا رجلا بعد رجل عند عمرو قد أوجب على نفسه أن لا يكلم ذلك اليوم رجلا بعد كلام الرجل الذي عند عمرو
.) ا.هـــ.

- وهذا الذي ذهب إليه ابن جرير، استدل على جوازه بعادة العرب في وضع كلمة مكان غيرها إذا تقارب المعنيين، فقال:
(وذلك كوضعهم الرجاء مكان الخوف لما في معنى الرجاء من الخوف، لأن الرجاء ليس بيقين، وإنما هو طمع، وقد يصدق ويكذب كما الخوف يصدق أحيانا ويكذب،.. )
ا.هــ.
لكن إن صح ما ذكره في عادة العرب، فهذا باب واسع، وأقول أن ما يقع في الكلمات قد تخالفه بعض الحالات، وقد استدل بقول الشاعر:
فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بألْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سَرَاتُهُمُ في الفَارِسِيّ المُسَرَّدِ

- فجاء الظن هنا موضع اليقين، وهو من المشترك اللفظي، وأما ما ورد في الآية فلا يساعده في هذا التوجيه، والله أعلم.
- واستحسن ابن القيم تأويل (إلا) بـــ (بعد) قال:
(وهذا معنى حسن جدا يفتقر إلى مساعدة اللفظ عليه، ويوضحه أنه ليس المراد إخراج الموتة الأولى من الموت المنفي، ولا ثم شيء متوهم يحتاج لأجله إلى الاستثناء، وإنما المراد الإخبار بأنهم بعد موتتهم الأولى التي كتبها الله عليهم لا يذوقون غيرها
.
وعلى هذا فيقال لما كان ما بعد إلا حكمه مخالف لحكم ما قبلها، والحياة الدائمة في الجنة إنما تكون بعد الموتة الأولى كانت أداة (إلا) مفهمة هذه البعدية، وقد أمن اللبس لعدم دخولها في الموت المنفي في الجنة، فتجردت لهذا المعنى
.
فهذا من أحسن ما يقال في الآية فتأمله.)
ا.هــ.

وقال في المدارج:
(فهذا الاستثناء هو لتحقيق دوام الحياة وعدم ذوق الموت، وهو يجعل النفي الأول العام بمنزلة النص الذي لا يتطرق إليه استثناء ألبتة، إذ لو تطرق إليه استثناء فرد من أفراده لكان أولى بذكره من العدول عنه إلى الاستثناء المنقطع، فجرى هذا الاستثناء مجرى التأكيد، والتنصيص على حفظ العموم، وهذا جار في كل منقطع، فتأمله فإنه من أسرار العربية
.) ا.هــ.

- وقال أبو السعود: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)
بل يستمرون على الحياة أبدا والاستثناء منقطع أو متصل على أن المراد: بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق كأنه قيل: لا يذوقون فيها الموت إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى حينئذ
.) ا.هــ.


2:قول الله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا * لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}

-للمفسرين في الاستثناء في الآية قولان:
نبين أولا المستثنى
- الأول أنه استثناء منقطع:
- وذلك إن كان مرجع الضمير في (لا يملكون) إلى المجرمين، ويراد بالمجرمين هنا المشركون والكفرة. و(من) في محل نصب، والمعنى: لا يملكون أن يشفع لهم ولا سبيل لهم إليها لكن من اتخذ عهدا بأن آمن فيشفع له، ذكره ابن عطية.
- وفُسر العهد بكلمة التوحيد،كما روي عن ابن عباس، وقيل العهد الإيمان.
- قال ابن كثير: (ليس لهم من يشفع لهم، كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض)
ا.هــ.
- وهذا القول ذهب إليه محمد الأمين الشنقيطي أيضا، وقال: ( أي لا يستحقون أن يشفع فيهم شافع يخلصهم مما هم فيه من الهول والعذاب)، واستدل على ذلك بآيات منها قول الله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)، وقوله تعالى: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم)
، وغير ذلك، وقال: (وهذا الوجه يفهم منه بالأحرى أن المجرمين لا يشفعون في غيرهم؛ لأنهم إذا كانوا لا يستحقون أن يشفع فيهم غيرهم لكفرهم فشفاعتهم في غيرهم ممنوعة من باب أولى) ا.هــ.
- قال ابن عاشور:
(استثناء منقطع، أي لكن يملك الشفاعة يومئذ من اتخذ عند الرحمن عهدا، أي من وعده الله بأن يشفع وهم الأنبياء والملائكة) ا.هــ.

- الثاني أن الاستثناء متصل وذكر المفسرون له حالات:
- فإن الاستثناء متصل إن كان المراد بالمجرمين عموم الكفرة والعصاة من المؤمنين:
فالمعنى: لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون فإنهم يشفع فيهم، كما قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: (لا أزال أشفع حتى أقول: يا رب شفعني فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول الله: يا محمد ليست لك، ولكنها لي)، ذكره ابن عطية.
- وقال أبو السعود: (استثناء من لا يملكون أيضا، والمستثنى مرفوع على البدل، أو منصوب على الأصل، والمعنى: لا يملك المجرمون أن يشفع لهم إلا من كان منهم مسلما
.) ا.هــ.

- كذلك يعد الاستثناء متصل إن كان المراد جميع العباد متقيهم ومجرمهم:
- ذكره الشنقيطي وقال: ((من) بدل من الواو في (لا يملكون)، أي: لا يملك من جميعهم أحد الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا وهم المؤمنون) ، وقال: (أي: إلا المؤمنون فإنهم يشفع بعضهم في بعض) ا.هــ.
والأدلة على شفاعة المؤمنين بعضهم في بعض كثيرة ، منها قول الله تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق)، وقوله تعالى: (ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء)،
- قال أبو السعود: (ومحل المستثنى إما الرفع على البدل، أو النصب على أصل الاستثناء. والمعنى: لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم إلا من استعد له بالتحلي بالإيمان والتقوى، أو من أمر بذلك من قولهم: عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به، فيكون ترغيبا للناس في تحصيل الإيمان والتقوى المؤدي إلى نيل هذه الرتبة.) ا.هــ.

- وقال ابن عطية: (وتحتمل الآية أن يراد بـ (من) محمد صلى الله عليه وسلم وبـ (الشفاعة) الخاصة له صلى الله عليه وسلم العامة للناس، ويكون الضمير في (يملكون) لجميع أهل الموقف، ألا ترى أن سائر الأنبياء يتدافعون الشفاعة حتى تصير إليه فيقوم إليها صلى الله عليه وسلم فالعهد - على هذا - النص على أمر الشفاعة في قوله تعالى:
(عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)ا.هــ.

-وما ذكره أبو السعود بتفسير العهد بالأمر رده الشنقيطي وقال: (فهذا القول ليس صحيحا في المراد بالآية وإن كان صحيحا في نفسه،وقد دلت على صحته آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه))ا.هــ.
- وما ذكره ابن عطية بعيد عن سياق الآيات ويحمل فيه العهد على ما رده الشنقيطي من كون المراد به:أمر الشفاعة. والله أعلم.

- وإن أريد بالعباد المتقين:
- قال أبو السعود: ( استثناء من الشفاعة على حذف المضاف، والمستثنى منصوب على البدل، أو على أصل الاستثناء، أي: لا يملك المتقون الشفاعة إلا شفاعة من اتخذ العهد بالإسلام، فيكون ترغيبا في الإسلام.) ا.هــ.
- قال ابن عطية: (وقال بعض هذه الفرقة: معنى الكلام: (إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا) أي: لا يملك المتقون الشفاعة إلا لهذه الصنيفة فيجيء "من" في التأويل الواحد للشافعين، وفي الثاني للمشفوع فيهم
.) ا.هــ.


والحمد لله رب العالمين
أحسنت نفع الله بك
ب+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الحادي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir