دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


تَتقَدُّمُ الحالِ على صاحبِها المجرورِ بالحرْفِ
339- وسَبْقَ حالٍ بحرفِ جَرٍّ قَدْ = أَبَوْ ولا أَمْنَعُه فقد وَرَدْ

صاحبُ الحالِ إمَّا أنْ يكونَ مَرفوعاً أو مَنصوباً أو مَجروراً، فإنْ كانَ مَرفوعاً أو مَنصوباًَ جازَ تَقَدُّمُ الحالِ عليه، نحوُ: رَجَعَ القائدُ مَنصوراً، لا تَشْرَبِ الماءَ كَدِراً، فيَجوزُ في الحالَيْنِ (مَنصوراً، كَدِراً) تَقَدُّمُهما على صاحبِهما وهو الفاعِلُ في الأوَّلِ والمفعولُ في الثاني.
وجوازُ التقديمِ مَشروطٌ بما إذا لم يُوجَدْ ما يُوجِبُ التقديمَ ولا ما يُوجِبُ التأخيرَ.
فالأوَّلُ: أنْ يكونَ صاحِبُ الحالِ مَحصوراً، نحوُ: ما جاءَ راكِباً إلاَّ أُسامَةُ، فـ (راكباً) حالٌ مِن الفاعلِ (أسامةُ) ويَجِبُ تَقَدُّمُها عليه.
والثاني: أنْ تكونَ الحالُ مَحصورةً، نحوُ: ما جاءَ أُسامةُ إلاَّ راكِباً، قالَ تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} فـ (مُبَشِّرِينَ ومُنذرينَ) حالٌ مِن المفعولِ (الْمُرسَلِينَ) ولا يَصِحُّ تَقَدُّمُها عليه؛ لِئَلاَّ يَفْسُدَ التركيبُ ويَزولَ الحصْرُ.
أمَّا إذا كان صاحِبُ الحالِ مَجروراً، فإنْ كانَ مجروراً بالإضافةِ وَجَبَ تأخُّرُ الحالِ، نحوُ: تَمَتَّعْتُ بجمالِ الحديقةِ واسعةً، فـ (واسعةً)، حالٌ مِن المضافِ إليه (الحديقةِ) ولا يَجُوزُ تَقديمُها عليه لئلا تكونَ فاصلةً بينَ المضافِ والمضافِ إليه.
وإنْ كانَ مجروراً بحرْفِ جَرٍّ أصْلِيٍّ كقولِك: جَلستُ في المكتَبَةِ مُرَتَّبَةً، ففي تقديمِ الحالِ قَولانِ:
الأوَّلُ: أنه لا يَجُوزُ وهو قولُ الْجُمهورِ.
الثاني: أنه يَجُوزُ وهو قولُ الفارِسِيِّ وابنِ جِنِّي وابنِ كَيْسَانَ وابنِ مالِكٍ، كما في (التسهيلِ) قالَ: وهذا هو الصحيحُ واسْتَدَلُّوا بالسماعِ؛ فقد وَرَدَ في القرآنِ قولُه تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ} فـ (كافَّةً) بمعنى: جميعاً حالٌ مِن المجرورِ وهو (الناسُ) وقد تَقَدَّمَ عليه، أيْ: ما أَرسلناكَ إلاَّ للناسِ كافَّةً.
وقالَ الشاعرُ:
فَإنْ تَكُ أذَوَادٌ أُصِبْنَ وَنَسْوَةٌ = فَلَنْ يَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ
فقولُه (فَرْغاً) حالٌ مِن (قَتْلِ) المجرورِ بالياءِ، وقد تَقَدَّمَ عليه وقالَ آخَرُ:
تَسَلِّيْتُ طُرًّا عَنْكُمُ بَعْدَ بَيْنِكُمُ = بِذكْرَاكُمُ حتّى كَأنَّكُمُ عِندي
فـ (طُرًّا) حالٌ مِن كافِ المخاطَبِ في (عنكمُ) وهي مجرورةٌ مَحَلاًّ بـ (عن) وقد تَقَدَّمَ الحالُ عليه.
ولا داعِيَ للتعَسُّفِ في تأويلِ ما وَرَدَ أو الْحُكْمِ عليه بأنه ضَرورةٌ لمسايَرَةِ قولِ الجمهورِ، فقد وَرَدَ شَواهِدُ متَعَدِّدَةٌ تُؤَيِّدُ ذلك، فإنَّ الذين أجَازُوا التقديمَ معهم النصُّ مِن القرآنِ الكريمِ والسماعِ عن العرَبِ، وليس مع المانِعِينَ سِوَى التعليلِ.
يقولُ ابنُ مالِكٍ: (وسَبْقَ حالٍ بحرفِ جَرٍّ قَدْ أَبَوْا.. إلخ) أيْ: أَبَى النُّحَاةُ أنْ يَسْبِقَ الحالُ صاحبَه الذي جُرَّ بحرْفٍ، ولا أَمْنَعُ ذلك؛ لأنه وارِدٌ في كلامِ العربِ فكيف يُمْنَعُ؟
وقولُه: (بحرْفٍ) المرادُ به الحرْفُ الأصلِيُّ؛ لأنَّ تَقَدُّمَ الحالِ على صاحبِه المجرورِ بحَرْفِ جَرٍّ زائدٍ جائزٌ بالإجماعِ كقولِك: ما جاءَ مِن أحَدٍ راكباً، فيَجوزُ تَقَدُّمُ الحالِ في هذا الْمِثالِ؛ لأنَّ صاحبَه مجرورٌ بـ (مِن) الزائدةِ، وإنما أَطْلَقَ ابنُ مالِكٍ رَحِمَه اللهُ ولم يُقَيِّدْهُ بالزائدِ؛ لأنَّ الزائدَ لا يُقَيَّدُ به، فإنَّ الحرْفَ إذا أُطْلِقَ انصرَفَ إلى الأَصْلِيِّ؛ فلذا تَرَكَه لوُضوحِه، واللهُ أعْلَمُ.
مواضِعُ مَجيءِ الحالِ مِن الْمُضافِ إليه

340- ولا تُجِزْ حالاً مِن المضافِ لَهْ = إلا إِذَا اقْتَضَى المضافُ عَمَلَهْ
341- أو كان جُزْءَ ما لَهُ أُضِيفَا = أو مِثلَ جُزئهِ فَلَا تَحِيفَا
تَقَدَّمَ أنَّ صاحِبَ الحالِ قد يكونُ مَجروراً بالإضافةِ، وذَكَرَ هنا أنه لا يَجُوزُ مَجيءُ الحالِ مِن المضافِ إليه المجرورِ بالإضافةِ إلاَّ في ثلاثِ مسائلَ:
الأُولَى: أنْ يكونَ المضافُ مِمَّا يَصِحُّ أنْ يَعملَ في الحالِ كاسمِ الفاعلِ والمصدَرِ ونحوِهما، نحوُ: هذا كاتبُ الدرْسِ واضِحاً.
فـ (واضِحاً) حالٌ مِن المضافِ إليه (الدرْسِ) لأنَّ الْمُضافَ (كاتِبُ) اسْمُ فاعلٍ يَصِحُّ عَمَلُه في الحالِ.
وكقولِك: ساءَنِي قَطْعُ الأشجارِ مُثْمِرَةً، فـ (مُثْمِرَةً) حالٌ مِن المضافِ إليه (الأشجارِ) لأنَّ المضافَ (قَطْعُ) مَصدَرٌ يَصِحُّ عَمَلُه في الحالِ، ومنه قولُه تعالى: {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} فـ (جَميعاً) حالٌ مِن المضافِ إليه وهو الكافُ؛ لأنَّ المضافَ (مَرْجِعُ) مَصدرٌ يَصِحُّ عَمَلُه في الحالِ.
الثانيةُ: أنْ يكونَ المضافُ جُزْءاً مِن المضافِ إليه، نحوُ: أعْجَبَتْنِي أسنانُ الرجُلِ نَظيفاً، فـ (نَظيفاً) حالٌ مِن الْمُضافِ إليه (الرجُلِ) لأنَّ المضافَ (أسنانٌ) جُزءٌ مِن الْمُضافِ إليه.
ومنه قولُه تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً} فـ (إخواناً) حالٌ مِن المضافِ إليه، وهو الضميرُ؛ لأنَّ المضافَ (صُدورٍ) جزءٌ مِن المضافِ إليه.
ومِثلُه قولُه تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} على القولِ بأنَّ (مَيْتاً) حالٌ مِن المضافِ إليه وهو (الأَخُ).
الثالثةُ: أنْ يكونَ المضافُ بِمَنْزِلَةِ الْجُزءِ مِن المضافِ إليه بأنْ يَصِحَّ حَذْفُ المضافِ وإقامةُ المضافِ إليه مَقامَه، دونَ أنْ يَتَأَثَّرَ المعنى كقولِك، تَمَتَّعْتُ بجمالِ الحديقةِ ناضِرَةً، فـ (ناضِرَةً) حالٌ مِن المضافِ إليه (الحديقةِ) ويَصِحُّ أنْ يُقالَ: تَمَتَّعْتُ بالحديقةِ ناضِرَةً، ومنه قولُه تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} فـ (حَنيفاً) حالٌ مِن المضافِ إليه (إبراهيمَ) لأنَّ المضافَ (مِلَّةَ) كالجزءِ مِن المضافِ إليه، إذ يَصِحُّ الاستغناءُ بالمضافِ إليه عنه، فلو قِيلَ في غيرِ القرآنِ (أنِ اتبِّعْ إبراهيمَ حَنيفاً) لصَحَّ.
فإنْ لم يَتَحَقَّقْ واحِدٌ مِن الأمورِ الثلاثةِ لم يَصِحَّ مَجيءُ الحالِ مِن المضافِ إليه عِنْدَ مَن يَشتَرِطُ ذلك، نحوُ: جاءَ غُلامُ هِنْدَ ضاحكةً، وأمَّا مَن لا يَشترِطُ ذلك فهو يُجيزُ الحالَ مِن المضافِ إليه مُطْلَقاً فيَصِحُّ عندَه المثالُ المذكورُ.
وهذا معنى قولِه: {ولا تُجِزْ حالاً مِن المضافِ لَهْ.. إلخ) أيْ: لا تُجِزْ مَجيءَ الحالِ مِن المضافِ إليه إلاَّ إذا اسْتَوْفَى الْمُضافُ عمَلَه في الحالِ، وهذا يَدُلُّ على اشتراطِ أنْ يكونَ المضافُ مما يَعْمَلُ، أو كان المضافُ جُزءاً مِن المضافِ إليه أو مِثْلَ جُزْئِه، (فلا تَحِيفَا) الأصلُ: فلا تَحِيفَنَ بنونِ التوكيدِ الخفيفةِ لكنها قُلِبَتْ ألِفاً لأَجْلِ الوقْفِ، والمعنى: لا تَظْلِمْ نفْسَكَ أو اللغةَ بمخالَفَةِ ما ذُكِرَ، والمقصودُ تَكْمِلَةُ البيتِ، واللهُ أعْلَمُ.
تقديمُ الحالِ على عامِلِها

342- والحالُ إن يُنْصَبْ بفعلٍ صُرِّفَا = أو صِفةٍ أَشْبَهَت الْمُصَرَّفَا
343- فجائزٌ تَقديمُه كمُسْرِعَا = ذا راحلٌ ومُخْلِصاً زيدٌ دَعَا
الأصلُ في الحالِ أنْ تَتأخَّرَ عن عامِلِها، نحوُ: أَستيقظُ مِن النومِ مُبَكِّراً، ويَجوزُ تَقَدُّمُه على عامِلِه في مَوضعينِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ العامِلُ في الحالِ فِعْلاً متَصَرِّفاً، نحوُ: جاءَ المذنِبُ مُعْتَذِراً، فتقولُ: مُعْتَذِراً جاءَ الْمُذْنِبُ، قالَ تعالى: {خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} فـ (خُشَّعاً) حالٌ مِن الواوِ في (يَخرجونَ) وقد تَقَدَّمَ على عامِلِه.
الثاني: أنْ يكونَ العامِلُ صِفةً تُشْبِهُ الفعلَ في التَّصَرُّفِ، نحوُ: هِشامٌ مُنْطَلِقٌ مُسْرِعاً، فتقولُ: هِشامٌ مُسْرِعاً مُنْطَلِقٌ.
فإنْ كانَ العامِلُ فِعْلاً غَيرَ متَصَرِّفٍ، أو صِفَةً تُشْبِهُ الفعْلَ الجامدَ، وهو اسمُ التفضيلِ لم يَجُزْ تقديمُ الحالِ على عامِلِها فالأوَّلُ، نحوُ: ما أَحْسَنَ الغنيَّ مُتواضِعاً، فـ (مُتواضِعاً) حالٌ مِن (الْغَنِيِّ) وهو واجِبُ التأخيرِ عن العامِلِ (أحْسَنَ) لأنه فِعْلٌ غيرُ مُتَصَرِّفٍ بسببِ استعمالِه في التَّعَجُّبِ.
ومِثالُ الثاني: هذا أَفْصَحُ الناسِ خَطيباً، فـ (خَطيباً) حالٌ مِن فاعِلِ (أفْصَحَ) المستَتِرِ فيه، وهو واجبُ التأخيرِ عن العامِلِ (أفْصَحَ) لأنه وصْفٌ لا يُشْبِهُ الفعْلَ الْمُتَصَرِّفَ.
ويُستثنَى مِن ذلك مَسألةٌ سيَذْكُرُها ابنُ مالِكٍ رَحِمَه اللهُ.
وهذا معنى قولِه: (والحالُ إن يُنْصَبْ بفعلٍ صُرِّفَا.. إلخ) أيْ: إنَّ الحالَ إذا نُصِبَ بفِعْلٍ مُتَصَرِّفٍ أو بصِفَةٍ تُشبِهُ الفعْلَ الْمُتَصَرِّفَ جازَ تقديمُه على عامِلِه وتَأخيرُه عنه، ثم مَثَّلَ بِمِثالَيْنِ الأوَّلُ: للصِّفَةِ، والثاني: للفِعْلِ فـ (مُسْرِعاً) حالٌ تَقَدَّمَ على عامِلِه (راحِلٌ) وهو اسم فاعِلٍ، و (مُخْلِصاً) حالٌ تَقَدَّمَ على عامِلِه (دَعَا) وهو فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ.
مسألةٌ لا يَجُوزُ فيها تَقَدُّمُ الحالِ على عامِلِها

344- وعَامِلٌ ضُمِّنَ مَعَنَى الفعلِ لَا = حُروفَهُ مُؤَخَّراً لن يَعْمَلَا
345- كتلك ليتَ وكأنَّ ونَدَرْ = نحو سعيدٌ مُسْتَقِرًّا في هَجَرْ
فُهِمَ مما تَقَدَّمَ أنَّ العامِلَ في الحالِ إذا كان فِعْلاً غيرَ مُتَصَرِّفٍ أو صِفَةً تُشْبِهُ الفعْلَ غيرَ المتصَرِّفِ، فإنه لا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الحالِ على هذا العامِلِ.
وذَكَرَ هنا مسألةً ثالثةً لا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الحالِ فيها على عامِلِها، وهي أنْ يكونَ العامِلُ مَعنوِيًّا، والمرادُ به: كلُّ لفْظٍ تَضَمَّنَ معنى الفعْلِ دونَ حُروفِه، كأسماءِ الإشارةِ وحَرْفِ التمَنِّي والتشبيهِ والظرْفِ والجارِّ والمجرورِ، نحوُ: هذا مَنْزِلُكَ وَاسِعاً؟ فـ (واسعاً) حالٌ مِن الخبَرِ (مَنْزِلُ) والعامِلُ هو اسمُ الإشارةِ، وهو مُتَضَمِّنٌ معنى الفعْلِ (أُشِيرُ) دونَ حُروفِه، ومنه قولُه تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} فـ (خَاوِيَةً) حالٌ مِن (بُيُوتِهم) والعامِلُ فيه اسمُ الإشارةِ.
ومِثالُ حَرْفِ التَّمَنِّي: ليتَ الطالِبَ مُتَعَلِّماً مُستقيمٌ في أخلاقِه.
ومِثالُ حرْفِ التشبيهِ: كأنَّ الباخرةَ واقِفَةً فُنْدُقٌ كَبيرٌ.
فـ (مُتَعَلِّماً) حالٌ مِن (الطالِبِ) والعامِلُ فيها (ليتَ) لأنها بمعنى الفعْلِ (أتمنى) دونَ حُروفِه، و (واقِفَةً) حالٌ مِن (الباخرةَ) والعامِلُ فيها (كأنَّ) لأنها بمعنى الفعْلِ (أَشْبَهَ) دونَ حُروفِه.
ومِثالُ شِبْهِ الْجُملةِ: الغُرفةُ عِنْدَكَ واسعةً.
النخلةُ في مَزرَعَتِكَ مُثْمِرَةً.
فـ (واسعةً) حالٌ مِن الضميرِ في الظرْفِ و (مُثْمِرَةً) حالٌ مِن الضميرِ في الجارِّ والمجرورِ، والعامِلُ فيهما شِبْهُ الْجُملةِ.
فلا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الحالِ على العامِلِ في الأمثلةِ المذكورةِ، وقدْ أَجازَ بَعْضُ النُّحاةِ تَقَدُّمَ الحالِ على عامِلِها شِبْهِ الجملةِ، بشَرْطِ أنْ تَتَوَسَّطَ الحالُ بينُ مُبتدأٍ مُتَقَدِّمٍ وخَبَرِه شِبْهِ الْجُملةِ المتأَخِّرِ عنه وعن الحالِ معاً، واسْتَدَلُّوا بالسماعِ كقولِ الشاعرِ:
بِنَا عاذَ عَوْفٌ وهو بادِيَ ذِلَّةً = لَدَيْكُم فلم يُعْدَمْ وَلاءً ولا نَصْرَا
فـ (بَادِيَ) حالٌ، وقد تَقَدَّمَ على عامِلِه الظرْفِ مع تَوَسُّطِه بينَ المبتدأِ والخبرِ.
وهذا معنى قولِه: (وعاملٌ ضُمِّنَ مَعَنَى الفعلِ.. إلخ) أيْ: أنَّ العاملَ المعنويَّ (وهو الذي يَتَضَمَّنُ معنى الفعْلِ لا حُروفَه) لا يَعْمَلُ النصبَ في الحالِ إذا كان مُتَأَخِّراً عنها، بحيثُ تَتَقَدَّمُ عليه، ثم ذَكَرَ أمْثِلَةً مِن العاملِ المعنويِّ، ثم بَيَّنَ أنَّ تقديمَ الحالِ على عامِلِها المعنويِّ شِبْهِ الْجُملةِ نادرٌ عندَه ثم مَثَّلَ بقولِه: (سعيدٌ مُسْتَقِرًّا في هَجَرْ) فتَقَدَّمَ الحالُ (مُسْتَقِرًّا) على العاملِ (في هَجَرْ) و (هجَرُ) اسمٌ لثلاثةِ مَوَاضِعَ: لجميعِ نواحِي البَحْرَينِ، ولقريةٍ قُرْبَ المدينةِ النَّبَوِيَّةِ، وبلَدٍ في اليمَنِ.
مسألةٌ مُستثناةٌ مِن مَنْعِ تَقَدُّمِ الحالِ على عامِلِها

346- ونحوُ زيدٌ مُفْرَداً أَنْفَعُ مِنْ = عَمْرٍو ومُعَاناً مُستجازٌ لن يَهِنْ
تَقَدَّمَ أنَّ أفعلَ التفضيلِ لا يَعملُ في الحالِ مُتَقَدِّمَةً، وذَكَرَ هنا أنه يُستثنَى مِن ذلك مَسألةٌ، وهي ما إذا فُضِّلَ شيءٌ في حالٍ على نفْسِه أو غيرُه في حالٍ أُخْرى، فإنَّ أفعَلَ التفضيلِ يَعملُ في حالينِ: إحْدَاهُما مُتَقَدِّمَةٌ عليه والأُخْرَى مُتَأَخِّرَةٌ عنه، فمِثالُ الْمُفَضَّلِ على نفْسِه: هذا التمْرُ بُسْراً أَطْيَبُ منه رُطَباً، فـ (بُسْراً) حالٌ مِن الضميرِ في (أَطيبَ) الواقعِ فاعلاً و (رُطَباً) حالٌ مِن الضميرِ المجرورِ (منه) وهو مُتَعَلِّقٌ بأطيبَ، والعامِلُ فيهما (أَطيبُ) والمعنى: هذا التمْرُ في حالِ كونِه بُسراً أَطيبُ مِن نفْسِه في حالِ كونِه رُطَباً.
ومِثالُ الْمُفَضَّلِ على غيرِه: زيدٌ مُفْرَداً أَنْفَعُ مِن عمرٍو مُعَاناً، فـ (مُفْرَداً) حالٌ مِن الضميرِ الْمُسْتَتِرِ في (أنْفَعُ) و (مُعاناً) حالٌ مِن (عمرٍو) والعامِلُ فيهما (أَنْفَعُ) والمعنى: أنَّ زيداً في حالِ انفرادِه أنْفَعُ مِن عمرٍو في حالةِ إعانتِه.
فعَمِلَ أفعلُ التفضيلِ في حالَيْنِ: إحداهما مُتَقَدِّمَةٌ، والأُخْرَى متَأَخِّرَةٌ ولا يَجُوزُ تقديمُ هَذَيْنِ الحالَيْنِ على أفْعَلَ التفضيلِ ولا تَأْخِيرُهما عنه.
وقولُه: (مُستجازٌ لن يَهِنْ) أيْ: أجازَه النُّحاةُ، وقولُه: لنْ يَهْنِ: بكسْرِ الهاءِ، أيْ: لن يَضْعُفَ مِثلُ هذا الأسلوبِ، بل هو استعمالٌ صحيحٌ لا مانِعَ عنه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحال, تقديم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir