المراد بالثمار ما على النخيل وغيرها من الثمار المقصودة للأكل.
إذا بيعت هذه الثمار دون أصولها؛ فإنه لا يصح ذلك قبل بدو صلاحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها؛ نهى البائع والمبتاع))؛ متفق عليه؛ فنهى صلى الله عليه وسلم البائع عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها؛ لئلا يأكل المال بالباطل، ونهى المشتري؛ لأنه يعين على أكل المال بالباطل.
وفي "الصحيحين": أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهو قيل: وما زهوها؟ قال: ((تحمار أو تصفار)).
والنهي في الحديثين يقتضي فساد المبيع وعدم صحته.
وكذا لا يجوز بيع الزرع قبل اشتداد حبه؛ لما روى مسلم عن ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخيل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة؛ نهى البائع والمشتري"؛ فدل هذا الحديث على منع بيع الزرع حتى يبدو صلاحه، وبدو صلاحه أن يبيض ويشتد ويأمن العاهة.
والحكمة في النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، وعن بيع الزرع قبل اشتداد حبه؛ لأنه في تلك الفترة معرض للآفات غالبا، معرض للتلف؛ كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:((أرأيت إن منع الله الثمرة؛ بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟))، وقال في السنبل: ((حتى يبيض ويأمن العاهة))، والعاهة هي الآفة التي تصيبه فيفسد، وفي ذلك رحمة بالناس، وحفظ لأموالهم، وقطع للنزاع الذي قد يفضي إلى العداوة والبغضاء.
ومن هنا ندرك حرمة مال المسلم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((أرأيت إن منع الله الثمرة؛ بم يستحل أحدكم مال أخيه؟))؛ ففي هذا تنبيه وزجر للذين يحتالون على الناس لاقتناص أموالهم بشتى الحيل؛ كما أن في الحديث حثا للمسلم على حفظ ماله وعدم إضاعته؛ حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم المشتري أن يشتري الثمرة قبل بدو صلاحها وغلبة السلامة عليها؛ لأنها لو تلفت وقد بذل فيها ماله؛ لضاع عليه، وصعب استرجاعه من البائع أو تعذر.
كما نفهم من الحديث الشريف تعليق الحكم بالغالب؛ لأن الغالب على الثمرة قبل بدو صلاحها التلف؛ فلا يجوز بيعها، والغالب عليها بعد بدو صلاحها السلامة؛ فيجوز بيعها.
ونأخذ من الحديث أيضا أنه لا يجوز للإنسان أن يخاطر بماله ويعرضه للضياع، ولو عن طريق المعاوضة غير المأمونة العاقبة.
[ الملخص الفقهي:2/49-51]