دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى السابع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ذو القعدة 1440هـ/27-07-2019م, 12:22 AM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
المقصد الرئيسي للرسالة : بيان الفرق بين العبادات الشرعية و العبادات البدعية .
المقاصد الفرعية :
معرفة أصل الدين :
- أن الحلال ما أحله الله ورسوله و الحرام ما حرمه الله و رسوله .
- ليس لأحد أن يخرج عن صراط الله الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}.
- أن الله تعالى قد أمرنا أن نؤمن بجميع الأنبياء صلوات الله عليهم و أن نقتدي بهم و بهداهم قال تعالى : {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
- أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين , وقد نسخت شريعته ما نسخه من شريعة غيره .
- لا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ .
- لا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ .
- العبادات التي يتقرب بها إلى الله إما واجبة , و إما مستحبة ,كما في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه), مثل الصلاة منها فرض وهي الصلوات الخمس و منها النوافل كصلاة الليل .
الفرق بين العبادات المشروعة - سواء كانت مستحبة أم واجبة - و غير المشروعة :
- العبادات المشروعة : هو ما يتقرب به إلى الله على سبيل البر والطاعة , وهذا يدخل فيه جميع العبادات من الصلوات المشروعة الواجبة والمستحبة , و الصيام الشرعي , و كل سفر شرعي .
- أصول العبادات الدينية ثلاثة : الصلاة , والصيام , والقراءة , ودليل ذلك حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
- الخلوة والعزلة والانفراد المشروع : هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
- فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}.
- و الثاني كاعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه,قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
أجناس العبادات غير المشروعة :
-أولا : الخلوات : فإنها تشبه الاعتكاف الشرعي , و الاعتكاف الشرعي في المساجد , ويستدلون لها بتحنث النبي صلى الله عليه وسلم بغار حراء .
- الرد عليهم : 1- إنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة بضع عشرة سنة ,وعام الفتح مكث بها قريبا من عشرين ليلة , ودخلها في عمرة القضاء و غار حراء قريب منه ولم يفعله .
- هناك طائفة تجعل الخلوة أربعين يوما ؛ كمواعدة موسى لربه أربعين يوما , وهذا غلط لأنها ليست من شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بل من شريعة موسى .
- ثانيا : الذكر بالاسم المفرد مظهرا و مضمرا : وهو ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
- الرد عليه :1 - الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا. وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
فائدة :أمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء.
ثالثا : المبالغة في مدح الزهد كالفلاسفة وقولهم أن النبوة مكتسبة :
- يزعمون أنّ كلّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال"؛ ولهذا يقولون النّبوّة مكتسبةٌ، فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء.
- وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى.
- الرد على أبي حامد : وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب، وهذا كلّه لنقص إيمانهم بالرّسل وأنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض، وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له كما قد بسط هذا في موضعٍ آخر.
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا، والملائكة والشّياطين أحياءٌ ناطقون كما قد دلّت على ذلك الدّلائل الكثيرة من جهة الأنبياء وكما يدّعي ذلك من باشره من أهل الحقائق، وهم يزعمون أنّ الملائكة والشّياطين صفاتٌ لنفس الإنسان فقط، وهذا ضلالٌ عظيمٌ.
الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي، ومنهم من كلّمه اللّه تعالى فقرّبه وناداه كما كلّم موسى عليه السّلام، لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان؛ فإنّ الشّيطان إنّما يمنعه من الدّخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر اللّه الّذي أرسل به رسله فإذا خلا من ذلك تولّاه الشّيطان، قال اللّه تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون}، وقال الشّيطان فيما أخبر اللّه عنه: {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلّا عبادك منهم المخلصين}، وقال تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا من اتّبعك من الغاوين}، والمخلصون هم الّذين يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وإنّما يُعبد اللّه بما أمر به على ألسنة رسله فمن لم يكن كذلك تولّته الشّياطين.
وهذا بابٌ دخل فيه أمرٌ عظيمٌ على كثيرٍ من السّالكين؛ واشتبهت عليهم الأحوال الرّحمانيّة بالأحوال الشّيطانيّة وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهّان والسّحرة وظنّوا أنّ ذلك من كرامات أولياء اللّه المتّقين كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ لا توجب الوصول إلى المطلوب إلّا بطريق الاتّفاق بأن يقذف اللّه تعالى في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟ وهذا قد يحصل لكلّ أحدٍ ليس هو من لوازم هذه الطّريق، ولكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه، فيفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه، وكذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه، وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى، وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه، وهذا هو الإسلام المتضمّن للإيمان الّذي يمدّه القرآن ويقوّيه لا يناقضه وينافيه، كما قال جندبٌ وابن عمر: " تعلّمنا الإيمان ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا إيمانًا ".
وأمّا الاقتصار على الذّكر المجرّد الشّرعيّ مثل قول: "لا إله إلّا اللّه" فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا لكن ليس هذا الذّكر وحده هو الطّريق إلى اللّه تعالى دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنيّة الصّلاة ثمّ القراءة ثمّ الذّكر ثمّ الدّعاء، والمفضول في وقته الّذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتّسبيح في الرّكوع والسّجود فإنّه أفضل من القراءة، وكذلك الدّعاء في آخر الصّلاة أفضل من القراءة، ثمّ قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل، وقد ييسّر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقّه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسّرًا عليه والفاضل متعسّرًا عليه فإنّه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذٍ أولى به.
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ فاسدٌ؛ لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وقد بيّنّا في غير هذا الموضع أنّ "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيظنّ الجاهل أنّهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشّرع فأخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفًا في الرّدّ على " الاتّحاديّة " لمّا ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربيٍّ وما يوجد في كلام أبي حامدٍ ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الّذين يحرّفون كلام اللّه ورسوله عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة الباطنيّة.
والمقصود هنا أنّه لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
رابعا : الأمر بالجوع والسهر مع الخلوة بلا حدود شرعية :
- يكون ذلك في أماكن لا تقام فيها الجمعة ولا الجماعة إما مساجد مهجورة أو كهوف في الجبال.
- يحصل لهم بسبب ذلك أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات ربانية , يدعون فيها سماع أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم .
- و منهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
العبادات البدعية سبب للتنزلات الشيطانية :
- قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}.
- قال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.
- وقد جرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها.
- أهل العبادات البدعيّة يزيّن لهم الشّيطان تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره .
- حينما ظنوا أن هذا يحصل لهم بلا واسطة صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول .
- الرد على هؤلاء من طريقين :
الأول : أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم، فإنّ هذه الأحوال قد تكون شيطانيّةً وقد تكون رحمانيّةً فلا بدّ من الفرقان بين أولياء الرّحمن وأولياء الشّيطان.
الثاني : أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا، فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج .
تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم زمانا أو مكانا بعبادة كان تخصيصه ذلك سنة :
- ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه .
- ويشترط فيه أن يكون بقصد التأسي؛ بأن يقصد مثل ما قصد صلى الله عليه وسلم .
- كتخصيصه للعشر الأواخر بالاعتكاف , و تخصيصه لمقام إبراهيم بالصلاة فيه .
- و كمن سافر لحج أو عمرة أو جهاد كسفره صلى الله عليه وسلم كان متابعا له .
- أما إن فعل و لم يكن قصده غير قصده فهو غير متابع .
- و أما من حصل له شيء من ذلك بحكم الاتفاق قاختلف فيه على أقوال :
1- ابن عمر استحبه .
2 - الخلفاء الراشدون وجمهور الصحابة لم يستحبوه لأن المتابعة يلزم فيها القصد.
- أما قصد الأماكن التي كان ينزل فيها صلى الله عليه وسلم , فالصحابة متفقون على أنه لا يعظم منها إلا ما عظمه الشارع .
أسباب إخبار الشياطين ببعض الغيب و قضاء الحوائج لمتبوعيهم :
- سماع المعازف فهي أم الفواحش و هي رقية الشيطان .
- القتل : وهو يحدث كثيرا في السماع .
- السحر .
- النذر لغير الله سبحانه و تعالى .
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 ذو القعدة 1440هـ/28-07-2019م, 12:56 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد مشاهدة المشاركة
رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
المقصد الرئيسي للرسالة : بيان الفرق بين العبادات الشرعية و العبادات البدعية .
المقاصد الفرعية :
معرفة أصل الدين :
- أن الحلال ما أحله الله ورسوله و الحرام ما حرمه الله و رسوله .
- ليس لأحد أن يخرج عن صراط الله الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}.
- أن الله تعالى قد أمرنا أن نؤمن بجميع الأنبياء صلوات الله عليهم و أن نقتدي بهم و بهداهم قال تعالى : {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
- أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين , وقد نسخت شريعته ما نسخه من شريعة غيره .
- لا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ .
- لا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ .
- العبادات التي يتقرب بها إلى الله إما واجبة , و إما مستحبة ,كما في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه), مثل الصلاة منها فرض وهي الصلوات الخمس و منها النوافل كصلاة الليل .
الفرق بين العبادات المشروعة - سواء كانت مستحبة أم واجبة - و غير المشروعة :
- العبادات المشروعة : هو ما يتقرب به إلى الله على سبيل البر والطاعة , وهذا يدخل فيه جميع العبادات من الصلوات المشروعة الواجبة والمستحبة , و الصيام الشرعي , و كل سفر شرعي .
- أصول العبادات الدينية ثلاثة : الصلاة , والصيام , والقراءة , ودليل ذلك حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
- الخلوة والعزلة والانفراد المشروع : هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
- فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}.
- و الثاني كاعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه,قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
أجناس العبادات غير المشروعة :
-أولا : الخلوات : فإنها تشبه الاعتكاف الشرعي , و الاعتكاف الشرعي في المساجد , ويستدلون لها بتحنث النبي صلى الله عليه وسلم بغار حراء .
- الرد عليهم : 1- إنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة بضع عشرة سنة ,وعام الفتح مكث بها قريبا من عشرين ليلة , ودخلها في عمرة القضاء و غار حراء قريب منه ولم يفعله .
- هناك طائفة تجعل الخلوة أربعين يوما ؛ كمواعدة موسى لربه أربعين يوما , وهذا غلط لأنها ليست من شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بل من شريعة موسى .
- ثانيا : الذكر بالاسم المفرد مظهرا و مضمرا : وهو ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
- الرد عليه :1 - الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا. وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
فائدة :أمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء.
ثالثا : المبالغة في مدح الزهد كالفلاسفة وقولهم أن النبوة مكتسبة :
- يزعمون أنّ كلّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال"؛ ولهذا يقولون النّبوّة مكتسبةٌ، فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء.
- وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى.
- الرد على أبي حامد : وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب، وهذا كلّه لنقص إيمانهم بالرّسل وأنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض، وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له كما قد بسط هذا في موضعٍ آخر.
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا، والملائكة والشّياطين أحياءٌ ناطقون كما قد دلّت على ذلك الدّلائل الكثيرة من جهة الأنبياء وكما يدّعي ذلك من باشره من أهل الحقائق، وهم يزعمون أنّ الملائكة والشّياطين صفاتٌ لنفس الإنسان فقط، وهذا ضلالٌ عظيمٌ.
الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي، ومنهم من كلّمه اللّه تعالى فقرّبه وناداه كما كلّم موسى عليه السّلام، لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان؛ فإنّ الشّيطان إنّما يمنعه من الدّخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر اللّه الّذي أرسل به رسله فإذا خلا من ذلك تولّاه الشّيطان، قال اللّه تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون}، وقال الشّيطان فيما أخبر اللّه عنه: {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلّا عبادك منهم المخلصين}، وقال تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا من اتّبعك من الغاوين}، والمخلصون هم الّذين يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وإنّما يُعبد اللّه بما أمر به على ألسنة رسله فمن لم يكن كذلك تولّته الشّياطين.
وهذا بابٌ دخل فيه أمرٌ عظيمٌ على كثيرٍ من السّالكين؛ واشتبهت عليهم الأحوال الرّحمانيّة بالأحوال الشّيطانيّة وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهّان والسّحرة وظنّوا أنّ ذلك من كرامات أولياء اللّه المتّقين كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ لا توجب الوصول إلى المطلوب إلّا بطريق الاتّفاق بأن يقذف اللّه تعالى في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟ وهذا قد يحصل لكلّ أحدٍ ليس هو من لوازم هذه الطّريق، ولكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه، فيفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه، وكذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه، وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى، وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه، وهذا هو الإسلام المتضمّن للإيمان الّذي يمدّه القرآن ويقوّيه لا يناقضه وينافيه، كما قال جندبٌ وابن عمر: " تعلّمنا الإيمان ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا إيمانًا ".
وأمّا الاقتصار على الذّكر المجرّد الشّرعيّ مثل قول: "لا إله إلّا اللّه" فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا لكن ليس هذا الذّكر وحده هو الطّريق إلى اللّه تعالى دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنيّة الصّلاة ثمّ القراءة ثمّ الذّكر ثمّ الدّعاء، والمفضول في وقته الّذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتّسبيح في الرّكوع والسّجود فإنّه أفضل من القراءة، وكذلك الدّعاء في آخر الصّلاة أفضل من القراءة، ثمّ قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل، وقد ييسّر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقّه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسّرًا عليه والفاضل متعسّرًا عليه فإنّه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذٍ أولى به.
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ فاسدٌ؛ لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وقد بيّنّا في غير هذا الموضع أنّ "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيظنّ الجاهل أنّهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشّرع فأخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفًا في الرّدّ على " الاتّحاديّة " لمّا ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربيٍّ وما يوجد في كلام أبي حامدٍ ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الّذين يحرّفون كلام اللّه ورسوله عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة الباطنيّة.
والمقصود هنا أنّه لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
رابعا : الأمر بالجوع والسهر مع الخلوة بلا حدود شرعية :
- يكون ذلك في أماكن لا تقام فيها الجمعة ولا الجماعة إما مساجد مهجورة أو كهوف في الجبال.
- يحصل لهم بسبب ذلك أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات ربانية , يدعون فيها سماع أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم .
- و منهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
العبادات البدعية سبب للتنزلات الشيطانية :
- قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}.
- قال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.
- وقد جرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها.
- أهل العبادات البدعيّة يزيّن لهم الشّيطان تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره .
- حينما ظنوا أن هذا يحصل لهم بلا واسطة صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول .
- الرد على هؤلاء من طريقين :
الأول : أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم، فإنّ هذه الأحوال قد تكون شيطانيّةً وقد تكون رحمانيّةً فلا بدّ من الفرقان بين أولياء الرّحمن وأولياء الشّيطان.
الثاني : أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا، فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج .
تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم زمانا أو مكانا بعبادة كان تخصيصه ذلك سنة :
- ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه .
- ويشترط فيه أن يكون بقصد التأسي؛ بأن يقصد مثل ما قصد صلى الله عليه وسلم .
- كتخصيصه للعشر الأواخر بالاعتكاف , و تخصيصه لمقام إبراهيم بالصلاة فيه .
- و كمن سافر لحج أو عمرة أو جهاد كسفره صلى الله عليه وسلم كان متابعا له .
- أما إن فعل و لم يكن قصده غير قصده فهو غير متابع .
- و أما من حصل له شيء من ذلك بحكم الاتفاق قاختلف فيه على أقوال :
1- ابن عمر استحبه .
2 - الخلفاء الراشدون وجمهور الصحابة لم يستحبوه لأن المتابعة يلزم فيها القصد.
- أما قصد الأماكن التي كان ينزل فيها صلى الله عليه وسلم , فالصحابة متفقون على أنه لا يعظم منها إلا ما عظمه الشارع .
أسباب إخبار الشياطين ببعض الغيب و قضاء الحوائج لمتبوعيهم :
- سماع المعازف فهي أم الفواحش و هي رقية الشيطان .
- القتل : وهو يحدث كثيرا في السماع .
- السحر .
- النذر لغير الله سبحانه و تعالى .
والله أعلم

أحسنت أحسن الله إليك
المقصد العام من الرسالة : بيان وجوب الاتباع والتحذير من الابتداع وبيان أثره.
والقصد من هذه التطبيقات هو بيان مقاصد الرسالة الرئيسية و الفرعية ، ثم تلخيص الرسالة على هذه المقاصد الفرعية .
فنقوم باستخراج المسائل أولا , ثم باستخلاص الجمل الرئيسة ونجعلها المقاصد الفرعية , ثم تلخيص المسائل المتشابهة تحت المقاصد مع ترتيبها ترتيبا موضوعيا.
فخطوات العمل هي :
- استخراج المسائل.
- استخلاص المقاصد الفرعية.
- تلخيص الرسالة تحت هذه المقاصد.
- استخلاص المقصد الرئيسي.
وعند التلخيص يجب أن تكون العبارات وافية مع اختصارها , فلا يكون الاختصار مخلا ولا مسهبا شديد التفصيل.
لعلك تراجع الدرس هنا
الدرجة ج+
تم خصم نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir