دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > أسباب النزول > الصحيح المسند للوادعي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 رجب 1432هـ/17-06-2011م, 11:00 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة آل عمران

سورة آل عمران
قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية 77.
قال الإمام أبو عبد الله البخاري ج5 ص430 حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ هو عليها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية. فجاء الأشعث فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن فيَّ أنزلت هذه الآية كانت لي بئر في أرض ابن عم لي فقال لي: شهودك قلت: ما لي شهود، قال: فيمينك، قلت يا رسول الله إذا يحلف فذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الحديث فأنزل الله ذلك تصديقا له.
الحديث أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها ج6 ص70 وص280 وفيه: كانت بيني وبين رجل من اليهود أرض و210 وفيه كانت بيني وبين رجل خصومة في شيء وص215 وج9 ص280 وج14 ص352 وص368 وج16 ص302 وأخرجه مسلم ج2 ص158 والترمذي ج2 ص254 وأعاد بسنده ج4 ص81 وأبو داود ج3 ص214 و215 وعزاه المباركفوري في تحفة الأحوذي ج2 ص254 –إلى النسائي وابن ماجه مع من تقدم من أصحاب الأمهات ورواه الإمام أحمد في المسند ج1 ص426 وص442 وج5 ص211 و212 من مسند الأشعث بن قيس.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 51]
وأخرج حديث الباب الطيالسي ج1 ص246 وج2 ص16 وابن جرير ج3 ص321.
قال البخاري رحمه الله ج9 ص280: حدثنا علي هو ابن أبي هاشم سمع هشيما أخبرنا العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رجلا أقام سلعة في السوق فحلف فيها لقد أعطى بها ما لم يعطه ليوقع فيها رجلا من المسلمين فنزلت: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} إلى آخر الآية.
ولا منافاة بينهما ويحمل على أن النزول كان بالسببين جميعا ولفظ الآية أعم من ذلك على أن حديث عبد الله بن مسعود أصح لأن حديث عبد الله بن أبي أوفى من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي قال الحافظ الذهبي في الميزان لينه شعبة والنسائي ولم يترك إلى آخر ما ذكره رحمه الله.
وقوله في بعض الروايات في أرض وفي أخرى وفي بئر قال الحافظ في الفتح ج14 ص369: ويجمع بأن المراد أرض البئر لا جميع الأرض والبئر من جملتها. هذا وقد أطال الحافظ رحمه الله في الفتح في هذا الموضوع في توجيه بعض الألفاظ التي ظاهرها يخالف الأخرى فليراجع هنالك.
قوله تعالى:
{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآيات 86، 87 إلى 89.
قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله ج3 ص340: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ البصري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم ندم فأرسل إلى قومه: أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هل من توبة قال: "فنزلت" {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 52]
قوله: {وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
الحديث رجاله رجال الصحيح وقد أعاده مرسلا وموصولا وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمآن ص427 والطحاوي في مشكل الآثار ج4 ص64 والحاكم ج2 ص142 وج4 ص366 وفي كلا الموضعين قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي.
قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} الآية 90.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ج1 ص380: قال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا يزيد بن زريع حدثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} هكذا رواه وإسناده جيد ا.هـ.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 رجب 1432هـ/17-06-2011م, 11:01 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

قوله تعالى:
{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} الآية 113.
قال الإمام أحمد رحمه الله ج1 ص396 حدثنا أبو النضر وحسن بن موسى قالا: حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة قال: ((أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم)). قال: وأنزل الله هؤلاء الآيات {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 53]
حتى بلغ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}.
الحديث حسن كما قال الشوكاني ج1 ص375 نقلا عن السيوطي لأن عاصما في حفظه شيء وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج1 ص312: رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود وهو مختلف في الاحتجاج به وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمآن ص91 وابن جرير ج4 ص55 وأبو نعيم في الحلية ج4 ص187. وأبو يعلى كما في المقصد العلي ج1 ص276.
هذا وقد ورد للآية سبب آخر ففي مجمع الزوائد ج6 ص732 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من يهود فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أحبار يهود أهل الكفر: ما آمن بمحمد وتبعه إلا شرارنا ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قوله: {لَيْسُوا سَوَاءً} إلى قوله تعالى: {مِنَ الصَّالِحِينَ} رواه الطبراني ورجاله ثقات.
واختار الإمام أبو جعفر بن جرير ج7 ص29 الأول حيث قال بعد ذكره جملة من الأقوال غير أن الأولى بتأويل الآية قول من قال عني بذلك – تلاوة القرآن في صلاة العشاء لأنها صلاة لا يصليها أحد من أهل الكتاب فوصف الله أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنهم يصلونها دون أهل الكتاب الذين كفروا بالله ورسوله.
وأقول لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم. كذا قلت: ثم إليك ما في الحديث الثاني من الضعف وإليك ما كتبه بعض الإخوة حفظه الله فقال: والسبب الآخر في نزول الآية: أخرجه الطبراني (4/52) وابن أبي حاتم (2/485) والطبراني (2/87) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/276)، والبيهقي في الدلائل (2/533-534) والاستيعاب لابن عبد البر (1/96) وابن إسحاق في السيرة (1/557)، وقال الهيثمي في المجمع (6/327) رواه الطبراني ورجاله ثقات قلت: كلهم رووه من طريق محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس فذكره.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 54]
ومحمد بن أبي محمد هذا مجهول وكذا قلت في تحقيقي لتفسير ابن كثير قال: في سنده محمد بن أبي محمد وهو مجهول. وفي سند الطبري: محمد بن حميد وقد كُذّب.
قوله تعالى:
{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} الآية 122.
قال الإمام البخاري رحمه الله ج8 ص360: حدثنا محمد بن يوسف عن ابن عيينة عن عمرو عن جابر رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية فينا: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} بني سلمة وبني حارثة وما أحب أنها لم تنزل والله يقول: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} أعاده البخاري ج9 ص393 عن شيخه علي بن المديني عن سفيان به.
وأخرجه مسلم ج16 ص66 وابن جرير ج4 ص73.
قوله تعالى:
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} – الآية 128.
قال الإمام البخاري رحمه الله ج8 ص368: حدثنا يحيى بن عبد الله السلمي أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري حدثني سالم عن أبيه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأولى من الفجر يقول: ((اللهم العن فلانا وفلانا)) بعد ما يقول: ((سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد)) فأنزل الله عز وجل {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} – إلى قوله تعالى – {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} وعن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد لله يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} – إلى قوله تعالى – {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}.
الحديث أخرجه أيضا البخاري في التفسير ج9 ص293 عن شيخه حبان بن موسى عن عبد الله وهو ابن المبارك به. وج17 ص77 عن شيخه أحمد
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 55]
ابن محمد عن عبد الله به. وفيه إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا ولك الحمد، في الأخيرة وأخرجه الترمذي. وقال: حديث حسن غريب. والنسائي ج2 ص160 وأخرجه الإمام أحمد ج2 ص93 وص104 وفيه متابعة نافع لسالم وص118 وص147 من طريقين إلى عبد الله في أحدهما: دعا على أناس من المنافقين. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف ج2 ص446. كما عند الإمام أحمد في بعض الطرق لأن الإمام أحمد رواه من طريق عبد الرزاق أعني فيه دعا على أناس من المنافقين ورواه ابن جرير ج4 ص88.
قال الإمام مسلم ج5 ص178: وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال دعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا يدعو على رعل وذكوان ولحيان وعصية عصت الله ورسوله. قال أنس: أنزل الله عز وجل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس ج3 ص99 وص179 وص201 وص206 وص253 وص288، وأخرجه الترمذي 4/83 وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن سعد مجلد 2 ص31 وابن جرير ج4 ص86 وص87.
قال الإمام البخاري رحمه الله ج9 ص294: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال: إذا قال سمع الله لمن حمده: ((اللهم ربنا لك الحمد اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف)) يجهر بذلك وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: ((اللهم العن فلانا وفلانا)) لأحياء من العرب حتى أنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء}.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 56]
الحديث أخرجه مسلم ج5 ص177 والإمام أحمد ج2 ص255 وابن جرير ج4 ص89 قال الحافظ في الفتح ج9 ص295: وقع تسميتهم في رواية يونس عن الزهري عند مسلم بلفظ ((اللهم العن رعلا وذكوان وعصية)).
ثم قال: تقدم استشكاله في غزوة أحد وأن قصة رعل وذكوان كانت بعد أحد ونزول {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} كان في قصة أحد ثم ظهر لي علة الخبر يعني خبر نزول {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} في قصة رعل وذكوان – وأن فيه إدراجا وأن قوله: حتى أنزل الله منقطع من رواية الزهري عمن بلغه بين ذلك مسلم في رواية يونس المذكورة فقال: هنا قال: يعني الزهري.
ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت، وهذا البلاغ لا يصح لما ذكر ثم قال رحمه الله طريق الجمع بين حديث ابن عمر وأنس المتقدمين فقال: وطريق الجمع بينه وبين حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعا إلى المذكورين بعد ذلك في صلاته فنزلت الآية في الأمرين معا فيما وقع له من الأمر المذكور وفيما نشأ عنه من الدعاء وذلك كله في أحد بخلاف قصة رعل وذكوان فإنها أجنبية. ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلا ثم نزلت في جميع ذلك والله أعلم.
قوله تعالى:
{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} الآية 154.
قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى ج4 ص84: حدثنا عبد بن حميد ثنا روح بن عبادة عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت جحفته من النعاس فذلك قول الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}. هذا حديث حسن صحيح ثم قال: "وعليها إشارة نسخة" حدثنا عبد بن حميد ثنا روح بن عبادة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 57]
أبيه عن أبي الزبير مثله هذا حديث حسن صحيح.
قال المباركفوري: قوله عن أبي الزبير كذا في النسخة الأحمدية وهو غلط والصحيح عن الزبير بحذف لفظة أبي ا.هـ. وحديث الزبير وأخرجه ابن راهويه كما في المطالب العالية ج4 ص219 وهذا لفظه: قال الزبير لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم أحد حين اشتد علينا الخوف وأرسل علينا النوم فما منا أحد إلا وذقنه –أو قال ذقنه- في صدره فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فحفظتها فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} – إلى قوله – {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} – لقول معتب بن قشير قال {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} حتى بلغ {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} قال المعلق حبيب الرحمن الأعظمي سكت عليه البوصيري وإسناده جيد.
قوله تعالى:
{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} الآية 161.
قال الإمام الطبراني رحمه الله ج12 ص134 حدثنا عبدان بن أحمد ثنا عبد الرحمن بن خالد الرقي ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال: بعث نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جيشا فردت رايته ثم بعث فردت بغلول رأس غزال من ذهب فنزلت {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}.
قال الهيثمي في المجمع والسيوطي في لباب النقول إن رجاله ثقات.
قال أبو عبد الرحمن: الأمر كما قالا من حيث الرجال ولكن حبيب بن أبي ثابت مدلس ولم يصرح بالتحديث وهو وإن كان قد سمع من ابن عباس وقد أثبت له علي بن المديني لقي ابن عباس كما في جامع التحصيل وأثبت له العجلي السماع من ابن عباس كما في تهذيب التهذيب لكنه مدلس وقد روى عن ابن عباس بواسطتين وهما محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وأبوه كما في تحقيق الإلزامات والتتبع ص483 فعلم بهذا أن الحديث ضعيف بهذا السند.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 58]
سبب آخر للآية لم يصح أيضا:
قال الإمام الطبراني رحمه الله ج11 ص101 حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي البغدادي ثنا أبو عمر حفص بن عمر المقري الدوري ثنا أبو محمد اليزيدي حدثني أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقرأ {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} وكيف لا يكون له أن يغل وله أن يقتل قال الله: {وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ} ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شيء فأنزل الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} الحديث أخرجه الطبراني في الصغير ج2 ص15.
والواحدي في أسباب النزول ص84 والخطيب في تاريخ بغداد ج1 ص372.
الحديث رجاله ثقات إلا شيخ الطبراني فلم أجد له ترجمة إلا في تاريخ بغداد ج1 ص372 قال الخطيب: روى عنه أبو القاسم الطبراني ثم لم يذكر الخطيب فيه جرحا ولا تعديلا.
وقد أخرج أبو داود والترمذي نحوه ولكنه من طريق خصيف بن عبد الرحمن قال الحافظ في تخريج الكشاف: أعله ابن عدي بن خصيف. ا.هـ.
قال أبو عبد الرحمن خصيف ضعفه الأكثرون وقد اضطرب في هذا الحديث فتارة يرسله وتارة يوصله وتارة يقول عن مقسم وتارة يقول عن عكرمة أو غيره. راجع تفسير ابن جرير ج4 ص155.
ثم وجدت له طريقا صالحا للحجية قال الإمام البزار رحمه الله كما في كشف الأستار ج3 ص43: حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا هارون القارئ عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ما كان لنبي أن يتهمه أصحابه. ا.هـ. هارون هو ابن موسى الأزدي العتكي مولاهم أبو عبد الله ويقال أبو إسحاق النحوي البصري الأعور صاحب القراءات وثقه ابن معين وغيره كما في تهذيب التهذيب.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 59]
وهذا الأثر وإن لم يكن فيه سبب نزول فإنه يؤيد ما تقدم من سبب النزول عن ابن عباس والله أعلم.
قوله تعالى:
{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} الآية 165.
قال الإمام أحمد رحمه الله ج1 ص30 حدثنا أبو نوح قراد أنبأنا عكرمة ابن عمار حدثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قال نظر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أصحابه وهو ثلاثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره ثم قال: ((اللهم أين ما وعدتني، اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا)) قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال: يا بني الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك وأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}، فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين، فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنهم فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما ترى يابن الخطاب))؟ قلت: والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريبا لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليا رضي الله عنه من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما قال أبو بكر رضي الله عنه ولم يهو ما قلت فأخذ منهم الفداء فلما
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 60]
أن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وإذا هما يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الذي عرض على أصحابك من الفداء لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة وأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} – إلى قوله: {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} من الفداء ثم أحل الله لهم الغنائم فلما كان يوم أحد من العام المقبل بمثل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله عز وجل: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} بأخذكم الفداء.
الحديث رجاله رجال الصحيح وقد عزاه ابن كثير والسيوطي لابن أبي حاتم مختصرا وإنما سقته بتمامه لما فيه من العبر.
وسيأتي ذكر بعض مخرجيه في سورة الأنفال إن شاء الله.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 رجب 1432هـ/17-06-2011م, 11:02 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

قوله تعالى:
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الآيات 169 و170 و171.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى ج1 ص265 ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتهوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب شربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم)) فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 61]
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نحوه.
قال الحافظ ابن كثير: وهذا أثبت يعني الذي فيه واسطة بين أبي الزبير وابن عباس.
الحديث أخرجه أبو داود ج2 ص322 وابن هشام في السيرة ج2 ص119 وابن جرير ج4 ص170 والحاكم في المستدرك ج2 ص88 وص297 وابن المبارك في الجهاد ص60 وقال الحاكم في الموضعين: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي ولا يخفي ما فيه، فإن مسلما لم يخرج لابن إسحاق إلا خمسة أحاديث في المتابعات كما في الميزان ولكنه صحيح لغيره لشواهده فقد أخرج الحاكم ج2 ص387 عن ابن عباس أنها نزلت في حمزة وأصحابه وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي.
فائدة في سماع أبي الزبير من ابن عباس:
قال الذهبي في الميزان (4/37) روايته عن عائشة وابن عباس في الكتب إلا البخاري.
وأخرج له البخاري معلقا (3/663) باب الزيارة يوم النحر.
وفي العلل الكبير (1/388) قال الترمذي سألت محمدا وقلت له أبو الزبير سمع عائشة وابن عباس، قال أما ابن عباس فنعم وإن في سماعه من عائشة نظرا.
وفي تعليق التعليق (3/98) بعد ذكر حديث أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل رواه الإمام أحمد في مسنده (1/218) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن أبي الزبير عن ابن عباس وعائشة فذكره. ورواه أبو داود (2/207) والترمذي (3/253) عن بندار وعن ابن مهدي به، ورواه ابن ماجه من حديث يحيى القطان عن الثوري كذلك. قال
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 62]
البخاري في موضع آخر في سماع أبي الزبير عن عائشة نظر وقد تقدم. (قلت) أي الحافظ وحديثه عنها في صحيح مسلم والسنن الأربعة. وأما سماعه من ابن عباس فثابت، والله أعلم نعم ربما روى عنه بواسطة كما روى مسلم حديث التشهد من طريقه عن سعيد بن جبير وغيره عن ابن عباس. اهـ.
جامع التحصيل (ص 330) قال رحمه الله (قلت) أي العلائي حديثه عن ابن عمر وابن عباس وعائشة في صحيح مسلم. وفي المراسيل لابن أبي حاتم (154) قال: سمعت أبي يقول أبو الزبير رأى ابن عباس رواية ولم يسمع من عائشة.
قال الإمام الترمذي رحمه الله ج4 ص84: حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي نا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال: سمعت طلحة بن خراش قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال لي: ((يا جابر ما لي أراك منكسرا؟)) قلت: يا رسول الله أستشهد أبي وترك عيالا ودينا قال: ((ألا أبشرك بما لقي الله به أباك؟)) قال: بلى يا رسول الله قال: ((ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجابه وأحي أباك فكلمه كفاحا فقال: تمن على أعطيك؟ قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية قال الرب تبارك وتعالى: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون)) قال: وأنزلت هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} الآية.
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ولا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم، ورواه علي بن عبد الله بن المديني وغير واحد من كبار أهل الحديث هكذا عن موسى بن إبراهيم، وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئا من هذا.
الحديث أخرجه ابن ماجه رقم 190 رقم 2800 وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية ص74.
وهو يدور على موسى بن إبراهيم بن كثير وهو مستور الحال لكن الحديث له شواهد فيحسن كما قال الترمذي.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 63]
قال الإمام الطبري رحمه الله ج4 ص173: حدثنا محمد بن مرزوق قال: ثنا عمر بن يونس قال: ثنا إسحاق بن أبي طلحة قال: ثنا أنس بن مالك في أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أهل بئر معونة قال: لا أدري أربعين أو سبعين قال: وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى أتوا غارا مشرفا على الماء قعدوا فيه ثم قال بعضهم لبعض: أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أهل هذا الماء؟ فقال: أراه أبو ملحان الأنصاري: أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فخرج حتى أتى حيا منهم فاحتبى أمام البيوت ثم قال: يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فآمنوا بالله ورسوله، فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر فقال: الله أكبر فزت ورب الكعبة فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل قال: قال إسحاق: حدثني أنس بن مالك أن الله تعالى أنزل فيهم قرآنا رفع بعد ما قرأناه زمانا وأنزل الله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} الحديث أخرجه ابن جرير أيضا في التاريخ ج3 ص36 وفيه أن سبب نزول الآية قتلى بئر معونة قال العلامة الشوكاني في تفسيره: وعلى كل حال فالآية باعتبار عمومها تعم كل شهيد.
قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} إلى قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} الآيات 172 و 173 و174.
قال الإمام الطبراني رحمه الله ج11 ص274 حدثنا علي بن عبد الله ثنا محمد بن منصور الجواز ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال سفيان مرة أخرى: أخبرني عكرمة قال لما انصرف أبو سفيان
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 64]
والمشركون عن أحد وبلغوا الروحاء قالوا لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم شر ما صنعتم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد أو بئر أبي عيينة فأنزل الله عز وجل: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا فأنزل الله عز وجل: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الحديث قال الحافظ الهيثمي في المجمع ج6 ص121 رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز وهو ثقة.
وقال السيوطي في لباب النقول: إن سنده صحيح.
وقال الحافظ في الفتح ج9 ص269: أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه عن ابن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره. اهـ.
قلت: فعلى قول الحافظ ابن حجر رحمه الله يكون الوصل شاذا والذي أرسله هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرني كما في تفسير ابن كثير.
وتابعه عبد الرزاق فرواه مرسلا في تفسيره ج1 ص140 فقال رحمه الله: ثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال: كانت بدرا متجرا في الجاهلية فذكر الحديث، وفيه الشطر الأخير الذي هو (فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا) فأنزل الله عز وجل: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء}. اهـ.
وأما محمد بن منصور الطوسي فقد رواه متصلا ومرسلا كما تراه في أسباب النزول.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 65]
ومحمد بن عبد الله المقرئ ومحمد بن المنصور كلاهما.
قال الحافظ في التقريب: إنه ثقة.
وأما عبد الرزاق فقال فيه: ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير وكان يتشيع، فعلى هذا يترجح الإرسال.
قوله تعالى:
{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآية 186.
قال الإمام أبو دواد رحمه الله ج3 ص114: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع حدثهم أن شعيب عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم وكان كعب بن الأشرف يهجو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويحرض عليه كفار قريش وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قدم المدينة وأهلها أخلاط منهم المسلمون والمشركون يعبدون الأوثان واليهود وكانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصبر والعفو ففيهم أنزل الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الآية.
فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سعد بن معاذ أن يبعث رهطا يقتلونه فبعث محمد بن مسلمة وذكر قصة قتله فلما قتلوه فزعت يهود والمشركون فغدوا على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا طرق صاحبنا فقتل فذكر لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي كان يقول، ودعاهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يكتب بينه وبينهم كتابا ينتهون إلى ما فيه فكتب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينه وبينهم وبين المسلمون عامة صحيفة.
الحديث قال المنذري قوله عن أبيه فيه نظر فإن أباه عبد الله بن كعب ليست له صحبة ولا هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم ويكون الحديث على هذا مرسلا ويحتمل أن يكون أراد بأبيه جده وهو كعب بن مالك فيكون الحديث على هذا مسندا إذ قد سمع عبد الرحمن من جده كعب بن مالك
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 66]
وكعب هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم وقد وقع مثل هذا في الأسانيد في غير موضع ا.هـ. من عون المعبود بتصرف وذكره الواحدي في أسباب النزول بهذا السند وبهذا اللفظ.
هذا وقد ذكر لها سبب آخر، قال الحافظ في الفتح ج9 ص298 وروى ابن أبي حاتم وابن المنذر بإسناد حسن أنها نزلت فيما بين أبي بكر وبين فنحاص اليهودي في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} - تعالى الله عن قوله – فغضب أبو بكر فنزلت.
وذكره السيوطي في اللباب وقال: إن سنده حسن. ولا تنافي بينهما إذ يحتمل أن الآية نزلت في هذا وهذا. ثم ظهر أن الحديث من طريق محمد بن أبي محمد وهو مجهول فعلى هذا فهذا السبب ضعيف.
قوله تعالى:
{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} – الآية 188.
قال الإمام البخاري رحمه الله ج8 ص233 طبعة سلفية مع الفتح حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجالا من المنافقين على عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتذروا إليه وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.
الحديث أخرجه مسلم ج17 ص123 وابن جرير ج4 ص205.
سبب آخر: قال الإمام البخاري رحمه الله ج9 ص301 حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم عن ابن أبي مليكة أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 67]
معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس: ما لكم ولهذه الآية إنما دعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يهودا وسألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما أتوا من كتمانهم. ثم قرأ ابن عباس {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كذلك حتى قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} تابعه عبد الرزاق عن ابن جريج.
حدثنا ابن مقاتل أخبرنا الحجاج عن ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره مروان بهذا.
الحديث أخرجه مسلم ج17 ص123 والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب صحيح والإمام أحمد في المسند ج1 ص298 وابن جرير ج4 ص207.
هذا ويمكن الجمع بين الحديثين بأن تكون الآية نزلت في الفريقين معا، قاله الحافظ في الفتح ج9 ص31 وأقول: ولو رجح حديث أبي سعيد لكان أولى لأن حديث ابن عباس مما انتقد على الشيخين كما في مقدمة الفتح ج2 ص132.
وكما في الفتح ج9 ص302 ولا معنى لقصرها على أهل الكتاب، قال الحافظ في الفتح: وعمومها يشمل كل من أتى بحسنة ففرح بها فرح إعجاب وأحب أن يحمده الناس ويثنوا عليه بما ليس فيه. هذا ومما يؤيد ما قلته في الترجيح أن الحافظ رحمه الله قال في الفتح في أبي رافع الرسول إلى ابن عباس الذي يدور عليه: لم أر له ذكرا في كتب الرواة إلا بما أتى في الحديث والذي يظهر لي من سياق الحديث أنه توجه إلى مروان فبلغه الرسالة ورجع مروان بالجواب فلولا أنه معتمد عند مروان ما قنع برسالته إلى آخر ما قال رحمه الله فعلى هذا فأبو رافع مجهول.
قوله تعالى:
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} الآية 199.
قال الإمام أبو بكر البزار رحمه الله ج1 ص392 حدثنا محمد بن
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 68]
عبد الرحمن بن المفضل الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
"ح" حدثنا أحمد بن بكار الباهلي ثنا المعتمر بن سليمان ثنا حميد الطويل عن أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى على النجاشي حين نعي فقيل يا رسول الله تصلي على عبد حبشي؟ فأنزل عز وجل: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ... } الآية الحديث بالسند الأول ينظر في بعض رجاله ورجال الإسناد الثاني صالحون للحجية إلا أن حميد مدلس ولم يصرح بالتحديث. ولكن للحديث طريق أخرى إلى حميد قال النسائي رحمه الله في التفسير ج1 ص41: أنا عمرو بن منصور أنا يزيد بن مهران أنا أبو بكر بن عياش عن حميد عن أنس قال: لما جاء نعي النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((صلوا عليه)). قالوا يا رسول الله نصلي على عبد حبشي. فأنزل الله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ}.
أنا عمرو بن منصور أنا يزيد بن هارون أبو خالد الخباز أنا أبو بكر بن عياش عن حميد عن الحسن مثله.
وهذا أيضا حميد مدلس ولم يصرح بالتحديث والظاهر أنه رواه على الوجهين عن الحسن مرسلا وعن أنس والله أعلم.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله ج1 ص443 وروى ابن أبي حاتم وأبو بكر بن مردويه من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك وذكره نحوه ثم قال: ورواه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق أخرى عن حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ا.هـ المراد منه.
وحديث أنس أخرجه أيضا البزار (1/392) رقم (832) والطبراني في الأوسط (3/323) رقم (2188) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: لما مات النجاشي قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {{استغفروا لأخيكم)) فقال بعض الناس: يأمرنا أن نستغفر له وقد مات بأرض الحبشة
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 69]
فنزلت الآية ومؤمل بن إسماعيل صدوق سيء الحفظ.
وأخرجه الطبراني من حديث أبي سعيد (5/326) و(6/68) وقال الهيثمي: في إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو خطأ. صوابه: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف كما في الأوسط (5/326) والكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف (4/37) رقم (308).
وعن وحشي قال: لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ثم قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وفيه سليمان بن أبي دواد الحراني وهو ضعيف وهذا خطأ. صوابه محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني: وهو صدوق.. وفيه أيضا حرب بن وحشي بن حرب وأبوه وحشي وقد ذكرهما ابن حبان في الثقات. وقال البزار عن (حرب) مجهول الرواية معروف النسب، أما (وحشي) فقال العجلي لا بأس به، وقال صالح بن محمد لا يشتغل به ولا بأبيه، وقال الحافظ في حرب (مقبول) وفي وحشي (مستور).
ورواه الحاكم (2/300) وفي سبب النزول قصة أخرى وهي أنه نزل بالنجاشي عدو من أرضهم فجاء المهاجرون فقالوا: إنا نحب أن نخرج إليهم حتى نقاتل معك وترى جرأتنا ونجزيك بما صنعت معنا فقال: لا دواء بنصرة الله خير من دواء بنصرة الناس قال فيه نزلت الآية.
قلت في تحقيقي لتفسير ابن كثير (2/226) الحديث له طرق يرتقي بمجموعها إلى الصحة. على أن الحديث له أصل في الصحيحين. البخاري مناقب الأنصار (5/64-65) وباب الجنائز (2/108-109) ومسلم كتاب الجنائز (3/54-55).
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 70]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لم, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir