دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > أسباب النزول > لباب النقول للسيوطي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 رجب 1432هـ/21-06-2011م, 02:22 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة آل عمران

(3) سورة آل عمران
مدنية وآياتها مائتان
أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع، أن النصارى أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخاصموه في عيسى عليه السلام، فأنزل الله: {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) .....} إلى بضع وثمانين آية منها.
وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن سهل بن أبي أمامة قال: لما قدم أهل نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى ابن مريم. نزلت فيهم فاتحة آل عمران إلى رأس الثمانين منها. أخرجه البيهقي في الدلائل.
قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}
روى أبو داود في سننه والبيهقي في الدلائل من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع إلى المدينة، جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال: ((يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريشا))، فقالوا: يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا فأنزل الله {قل للذين كفروا ستغلبون} -إلى قوله: {لأولي الأبصار}.
[لباب النقول: 50]
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة: قال: قال فنحاص اليهودي يوم بدر: لا يغرن محمدا أن قتل قريشا وغلبها إن قريشا لا تحسن القتال، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}
أخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن عكرمة عن ابن عباس قال: دخل رسول صلى الله عليه وسلم بيت المدراس على جماعة من اليهود، فدعاهم إلى الله، فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ قال: ((على ملة إبراهيم ودينه)) قالا: فإن إبراهيم كان يهوديا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهلما إلى التوراة فهي بيننا وبينكم)) فأبيا عليه فأنزل الله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون} -إلى قوله – {يفترون}.
قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل ملك الروم وفارس في أمته فأنزل الله: {قل اللهم مالك الملك} آية.
قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}
أخرج ابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال: كان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم. فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء النفر من اليهود، واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم فأبوأ فأنزل الله فيهم {لا يتخذ المؤمنون} - إلى قوله- {والله على كل شيء قدير}.
قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
[لباب النقول: 51]
أخرج ابن المنذر عن الحسن قال: قال أقوام على عهد نبينا: والله يا محمد إنا لنحب ربنا، فأنزل الله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} الآية.
قوله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم راهبا نجران، فقال أحدهما: من أبو عيسى؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعجل حتى يأمره ربه، فنزل عليه: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم} -إلى- {من الممترين} الآية.
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال: إن رهطا من أهل نجران قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان فيهم السيد والعاقب، فقالوا: ما شأنك تذكر صاحبنا؟ قال: ((من هو؟)) فقالوا: عيسى تزعم أنه عبد الله، فقال محمد: ((أجل))، فقالوا: فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به؟ ثم خرجوا من عنده، فجاءه جبريل فقال: قل لهم إذا أتوك {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} -إلى قوله- {من الممترين} الآية.
(ك) وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه {طس..... سليمان}، باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي الحديث، وفيه: فبعثوا إليه شرحبيل بن وداعة الهمداني، وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي وجبارا الحارثي، فانطلقوا فأتوه فسألوه، فلم يزل به وبهم المسألة، حتى قالوا: ما تقول في عيسى؟ قال: ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركم فأصبح الغد وقد أنزل الله هذه الآيات {إن مثل عيسى عند الله} -إلى قوله- {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} الآية.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن الأزرق بن قيس قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أسقف نجران والعاقب فعرض عليهما الإسلام فقالا: إنا كنا مسلمين قبلك، قال: كذبتما، إنه منع منكما الإسلام ثلاث، قولكما اتخذ الله ولدا، وأكلكما لحم الخنزير، وسجودكما للصنم، قالا: فمن أبو عيسى؟ فما درى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يرد عليهما حتى أنزل الله {إن مثل عيسى عند الله} -إلى قوله- {وإن الله لهو العزيز الحكيم} فدعاهما إلى الملاعنة فأبيا وأقرا بالجزية ورجعا.
قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65)}
[لباب النقول: 52]
روى ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال: اجتمعت نصارى نجران، وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعوا عنده فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديا. وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله {يا أهل الكتاب لم تحاجون} الآية أخرجه البيهقي في الدلائل.
قوله تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)}
روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال: قال عبد الله بن الصيف، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع، فيرجعون عن دينهم، فأنزل الله فيهم {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل} -إلى قوله- {واسع عليم}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك قال: كانت اليهود تقول أحبارهم للذين من دونهم: {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم}. فأنزل الله {قل إن الهدى هدى الله}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)}
روى الشيخان وغيرهما أن الأشعث بن قيس قال: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ألك بينة؟)) قلت لا، فقال: لليهودي: ((احلف))، فقلت يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي فأنزل الله {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} إلى آخر الآية.
وأخرج البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا أقام سلعة في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعطه ليوقع فيها رجلا من المسلمين فنزلت هذه الآية {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: لا منافاة بين الحديثين، بل يحمل على أن النزول كان بالسببين معا.
[لباب النقول: 53]
وأخرج ابن جرير عن عكرمة: أن الآية نزلت في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وغيرهما من اليهود الذين كتموا ما أنزل الله في التوراة وبدلوه وحلفوا أنه من عند الله. قال الحافظ ابن حجر: الآية محتملة، لكن العمدة في ذلك ما ثبت في الصحيح.
قوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)}
أخرج ابن إسحاق والبيهقي عن ابن عباس قال: قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الإسلام: أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى؟ قال: ((معاذ الله))، فأنزل الله في ذلك {ما كان لبشر} -إلى قوله- {بعد إذ أنتم مسلمون}.
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن الحسن قال: بلغني أن رجلا قال: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال: ((لا، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله، فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله))، فأنزل الله {ما كان لبشر} -إلى قوله – {بعد إذ أنتم مسلمون}.
قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)}
روى النسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ثم ندم، فأرسل إلى قومه: أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة؟ فنزلت {كيف يهدي الله قوما كفروا} -إلى قوله- {فإن الله غفور رحيم} فأرسل إليه قومه فأسلم.
وأخرج مسدد في مسنده وعبد الرزاق عن مجاهد قال: جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم كفر، فرجع إلى قومه، فأنزل الله فيه القرآن {كيف يهدي الله قوما كفروا} -إلى قوله- {غفور رحيم} فحملها إليه رجل من قومه، فقرأها عليه، فقال الحارث: إنك والله ما
[لباب النقول: 54]
علمت لصدوق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك وإن الله لأصدق الثلاث، فرجع وأسلم وحسن إسلامه.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 رجب 1432هـ/21-06-2011م, 02:23 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

قوله تعالى: {فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)}
أخرج سعيد بن منصور عن عكرمة قال لما نزلت {ومن يبتغ غير الإسلام دينا} الآية. قالت اليهود: فنحن مسلمون، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فرض على المسلمين حج البيت)) فقالوا: لم يكتب علينا، وأبوا أن يحجوا، فأنزل الله {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)}
أخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر، فبينما هم جلوس ذكروا ما بينهم حتى غضبوا، وقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فنزلت {وكيف تكفرون} الآية والآيتان بعدها.
وأخرج ابن إسحاق وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: مر شاس بن قيس، وكان يهوديا على نفر من الأوس والخزرج يتحدثون فغاظه ما رأى من تآلفهم بعد العداوة، فأمر شابا معه من يهود أن يجلس بينهم فيذكرهم يوم بعاث ففعل، فتنازعوا وتفاخروا حتى وثب رجلان: أوس بن قيظي من الأوس، وجبار بن صخر من الخزرج، فتقاولا وغضب الفريقان وتواثبوا للقتال، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء حتى وعظهم وأصلح بينهم، فسمعوا وأطاعوا، فأنزل الله في أوس وجبار ومن كان معهم {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب} الآية وفي شاس بن قيس {يا أهل الكتاب لم تصدون} الآية.
قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)}
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده في الصحابة عن ابن عباس قال: لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام. قالت أحبار اليهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد واتبعه
[لباب النقول: 55]
إلا أشرارنا، ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله في ذلك {ليسوا سواء من أهل الكتاب} الآية.
وأخرج أحمد‌ وغيره عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال: ((أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم)) وأنزلت هذه الآية {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة} -حتى بلغ – {والله عليم بالمتقين}.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)}
أخرج ابن جرير وابن إسحاق عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم فنهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} الآية.
قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو يعلى عن المسور بن مخرمة قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: أخبرني عن قصتكم يوم أحد فقال: اقرأ بعد العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال} - إلى قوله – {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} قال: هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى قوله: {ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه} قال: هو تمني المؤمنين لقاء العدو إلى قوله: {أفإن مات أو قتل انقلبتم} قال: هو صياح الشياطين يوم أحد: قتل محمد إلى قوله: {أمنة نعاسا} قال ألقى عليهم النوم.
وأخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله قال: فينا نزلت في بني سلمة وبني حارثة {إذ
[لباب النقول: 56]
همت طائفتان منكم أن تفشلا} وما أحب أنها لم تنزل، والله يقول: {والله وليهما}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن الشعبي: أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين. فشق عليهم، فأنزل الله {ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم} - إلى قوله: {مسومين} فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد المسلمين بالخمسة.
قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)}
روى أحمد ومسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في وجه. حتى سال الدم على وجه، فقال: ((كيف يفلح قوم فعلوا هذا بينهم وهو يدعوهم إلى ربهم))، فأنزل الله {ليس لك من الأمر شيء} الآية.
وروى أحمد والبخاري عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم العن فلانا، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية))، فنزلت هذه الآية {ليس لك من الأمر شيء}. إلى آخرها، فتيب عليهم كلهم.
وروى البخاري عن أبي هريرة نحوه.
قال الحافظ ابن حجر: طريق الجمع بين الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم دعا على المذكورين في صلاته بعد ما وقع له من الأمر المذكور يوم أحد، فنزلت الآية في الأمرين معا فيما وقع له وفيما نشأ عنه من الدعاء عليهم. قال: لكن يشكل على ذلك ما وقع في مسلم من حديث أبي هريرة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في الفجر: ((اللهم العن رعلا وذكوان وعصية)) حتى أنزل الله عليه {ليس لك من الأمر شيء}. ووجه الإشكال أن الآية نزلت في
[لباب النقول: 57]
قصة أحد، وقصة رعل وذكوان بعدها، ثم ظهرت لي علة الخبر وأن فيه إدراجا، فإن قوله: حتى أنزل الله منقطع من رواية الزهري عن من بلغه، بين ذلك مسلم، وهذا البلاغ لا يصح لما ذكرته. قال: ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك، وتأخر نزول الآية عن سببها قليلا، ثم نزلت في جميع ذلك. قلت: ورد في سبب نزولها أيضا ما أخرجه البخاري في تاريخه وابن إسحاق عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل من قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنك تنهى عن السب ثم تحول، فحول قفاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكشف أسته، فلعنه ودعا عليه، فأنزل الله {ليس لك من الأمر شيء} الآية، ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه، مرسل غريب.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)}
أخرج الفريابي عن مجاهد قال: كانوا يبتاعون إلى الأجل، فإذا حل الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة}. وأخرج أيضا عن عطاء قال: كانت ثقيف تداين بني النضير في الجاهلية، فإذا جاء الأجل قالوا: نربيكم وتؤخرون عنا؟ فنزلت {لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة}.
قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر خرجن ليستخبرن، فإذا رجلان مقتولان على دابة، فقالت امرأة: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالا: حي قالت: فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء، ونزل القرآن على ما قالت {ويتخذ منكم شهداء}.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
[لباب النقول: 58]
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس: أن رجالا من الصحابة كانوا يقولون: ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر أو: ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلي فيه خيرا أو نلتمس الشهادة والجنة أو الحياة والرزق، فأشهدهم الله أحدا فلم يلبثوا إلا من شاء الله منهم، فأنزل الله {ولقد كنتم تمنون الموت} الآية.
قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}
أخرج ابن المنذر عن عمر قال: تفرقنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فصعدت الجبل فسمعت يهوديا يقول: قتل محمد فقلت: لا أسمع أحدا يقول: قتل محمد إلا ضربت عنقه، فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتراجعون إليه، فنزلت {وما محمد إلا رسول} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال: لما أصابهم يوم أحد ما أصابهم من القرح وتداعوا نبي الله قالوا: قد قتل، فقال أناس: لو كان نبيا ما قتل وقال أناس: قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به، فأنزل الله {وما محمد إلا رسول} الآية.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي نجيح أن رجلا من المهاجرين مر على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال: أشعرت أن محمدا قد قتل، فقال: إن كان محمد قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم فنزلت.
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن الزهري: أن الشيطان صاح يوم أحد إن محمدا قد قتل. قال كعب بن مالك: وأنا أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت عينيه من تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله {وما محمد إلا رسول} الآية.
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
أخرج ابن راهويه عن الزبير قال: لقد رأيتني يوم أحد حين اشتد علينا الخوف
[لباب النقول: 59]
وأرسل علينا النوم، فما منا أحد إلا ذقنه في صدره، فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير: {لو كان لنا من الأمر شيء ما قتالنا ههنا}، فحفظتها، فأنزل الله في ذلك {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا} - إلى قوله – {والله عليم بذات الصدور}.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 رجب 1432هـ/21-06-2011م, 02:24 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}
أخرج أبو داود والترمذي وحسنة عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء، افتقدت يوم بدر فقال بعض الناس: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها فأنزل الله {وما كان لنبي أن يغل} إلى آخر الآية.
وأخرج الطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات عن ابن عباس قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا فردت رايته، ثم بعث فردت، ثم بعث فردت بغلول رأس غزال من ذهب فنزلت {وما كان لنبي أن يغل}.
قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال: عوقبوا يوم أحد بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلكم وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجه، فأنزل الله {أولما أصابتكم مصيبة} الآية.
قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}
روى أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها
[لباب النقول: 60]
وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآية {ولا تحسبن الذين قتلوا} )) الآية وما بعدها، روى الترمذي عن جابر نحوه.
قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: إن الله قذف الرعب في قلب أبي سفيان يوم أحد بعد الذي كان منه فرجع إلى مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب))، وكانت وقعة أحد في شوال، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى وإنهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك، فندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس لينطلقوا معه فجاء الشيطان فخوف أولياءه، فقال: {إن الناس قد جمعوا لكم} فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال: إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد، فانتدب معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو العبيدة بن الجراح في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله {الذين استجابوا لله والرسول} الآية.
(ك) وأخرج الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: لما رجع المشركون من أحد قالوا: لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم، بئس ما صنعتم ارجعوا، فسمع رسول الله فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عتبة، فأنزل الله {الذين استجابوا لله والرسول} الآية وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا، فأنزل الله {فانقلبوا بنعمة من الله} الآية.
[لباب النقول: 61]
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال: {إن القوم قد جمعوا لكم}، قالوا {حسبنا الله ونعم الوكيل} فنزلت فيهم هذه الآية.
قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)}
أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص، فقال له: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير ولو كان غنيا عنا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم. فغضب أبو بكر فضرب وجهه فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد انظر ما صنع صاحبك بي، فقال: ((يا أبا بكر ما حملك على ما صنعت؟)) قال: يا رسول الله قال قولا عظيم يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء فجحد فنحاص، فأنزل الله {لقد سمع الله قول الذين قالوا} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أتت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} فقالوا يا محمد أفقير ربك يسال عباده؟ فأنزل الله {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} الآية.
قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}
روى ابن أبي حاتم وابن المنذر بسند حسن عن ابن عباس أنها نزلت فيما كان بين أبي بكر وفنحاص من قوله: {إن الله فقير ونحن أغنياء}، وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنها نزلت في كعب بن الأشرف فيما كان يهجو به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الشعر.
[لباب النقول: 62]
قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}
روى الشيخان وغيرهما من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: ما لكم وهذه إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فخرجوا قد اروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه.
وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عللاه وسلم إلى الغزو وتخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا: وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن زيد بن أسلم: أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان، فقال مروان: يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}؟. قال رافع: أنزلت في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم اعتذروا وقالوا: ما حبسنا عنكم إلا شغل، فلوددنا أنا كنا معكم، فأنزل الله فيهم هذه الآية، وكأن مروان أنكر ذلك فجزع رافع من ذلك فقال لزيد بن ثابت: أنشدك بالله هل تعلم ما أقول؟ قال: نعم قال الحافظ ابن حجر: يجمع بين هذا وبين قول ابن عباس بأنه يمكن أن تكون نزلت في الفريقين معا، قال: وحكى الفراء أنها نزلت في قول اليهود: نحن أهل الكتاب الأول والصلاة والطاعة، ومع ذلك لا يقرون بمحمد. وروى ابن أبي حاتم من طرق عن جماعة من التابعين نحو ذلك ورجحه ابن جرير، ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك انتهى.
قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)}
أخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أتت قريش اليهود فقالوا: بم جاءكم موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه، ويده بيضاء للناظرين، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان
[لباب النقول: 63]
عيسى؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا، فدعا ربه، فنزلت الآية {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} فليتفكروا فيها.
قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والترمذي والحاكم وابن أبي حاتم عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} إلى آخر الآية.
قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)}
روى النسائي عن أنس قال: لما جاء نعي النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا عليه)) قالوا: يا رسول الله نصلي على عبد حبشي فأنزل الله {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ}
روى ابن جرير نحوه عن جابر.
وفي المستدرك عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت في النجاشي {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الآية.
[لباب النقول: 64]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لم, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir