دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب النفقات

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:47 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ

وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ طَعَاماً، وَكِسْوَةً، وَسُكْنَى، وَأَنْ لاَ يُكَلِّفَهُ مُشِقّاً كَثِيراً، وَإِنِ اِتَّفَقَا عَلَى المُخَارَجَةِ جَازَ، وَيُريحُهُ وَقْتَ الْقَائِلَةِ، وَالنَّوْمِ، وَالصَّلاَةِ، وَيُرْكِبُهُ في السَّفَر عُقْبَةً، وَإِنْ طَلَبَ نِكَاحاً زَوَّجَهُ، أَوْ بَاعَهُ، وَإِنْ طَلَبَتْهُ أَمَةٌ وَطِئَهَا، أَوْ زَوَّجَهَا، أَوْ بَاعَهَا.

قوله: «وعليه» أي: على المالك السيد.
قوله: «نفقة رقيقه» أي: المملوك من ذكر وأنثى، والرق له أسباب منها الكفر، فالكفار إذا حاربناهم وسبيناهم، فمن كان من أهل القتال خير الإمام فيه، ومن لم يكن من أهل القتال فهو رقيق.
وإذا تزوج الحر بالرقيقة صار أولاده أرقاء يباعون؛ ولهذا قال الإمام أحمد: إذا تزوج الحر رقيقة رَقَّ نصفُه؛ لأن الأولاد يكونون أرقاء، إلا إذا شرط أنهم أحرار فهم أحرار.
قوله: «طعاماً» عليه أن يوفر لرقيقه طعاماً مطبوخاً، وكذلك شراباً، ولم يذكره المؤلف؛ لأنه داخل في الطعام.
قوله: «وكسوة وسكنى» بالمعروف، أي: بما جرى به العرف، وليس بلازم أن يسكنه كما يسكن نفسه، أو يلبسه كما يلبس نفسه، وإنما الواجب بالمعروف، ولا شك أن الكمال أن يكون مما اكتسى، ومما سكن.
قوله: «وأن لا يكلفه» يعني وعليه ألاَّ يكلفه، وكيف نقدر «أن» المصدرية هنا؟ التقدير وعدمُ تكليفه؛ لأنهم يقولون: إن حرف النفي يقدر بـ (عدم) فإذا دخل حرف مصدري على حرف نفي، فإذا أردت أن تحوّله إلى مصدر فقدر بدلاً عن أداة النفي (عدم) أي: عدم تكليفه.
قوله: «مشقاً» المُشق هو الذي يبلغ به المشقة والتعب، ولكن قال:

«كثيراً» وأما أصل المشقة فلا بد منها، لكن أن يكون مشقاً كثيراً لا يطيقه ويتعب منه، فهذا لا يجوز، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق» [(239)]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يكلف» يجوز الرفع على الاستئناف، ويجوز بالنصب بتقدير (أن).
وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق» دليل على أنه يجوز أن يكلفه من العمل ما يطيق، فلو أمره أن يفعل شيئاً، كأن يكلفه أن يحرث مثلاً، فقال المملوك: لن أفعل، أنا لا أعرف إلاّ الخياطة، تريدني أن أخيط سأفعل، أما أن أحرث فلا، فهل له أن يلزمه؟ نعم، فإن قال له: خُطْ، وهو لا يعرف إلاّ الحراثة، فهنا يجب عليه أن يخيط، والمسؤولية على السيد، فإن خاط خياطة سيئة فلا شيء عليه.
قوله: «وإن اتفقا على المخارجة جاز» المخارجة مأخوذة من الخراج، ويقال: الخرج، وهو الرزق، قال تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] ، والمخارجة هي أن يتفق السيد والرقيق على شيء معلوم، يدفعه الرقيق كل يوم، أو كل أسبوع، أو كل شهر لسيده، فهذا جائز، ولكن بشرط أن يكون ذلك القدر من كسبه فأقل، فإذا كان هذا الرقيق يكسب كل يوم عشرة ريالات في الغالب، واتفقا على المخارجة بثمانية فإنه جائز، فإن كان من عادته أن يكتسب عشرة واتفقا على المخارجة باثني عشر فإنه لا يجوز؛ لأنه أكثر مما يتحمل، ويقال: إنه كان للزبير ألف رقيق، وقد اتفق معهم على المخارجة، كل يوم يأتي له كل واحد منهم بدرهم[(240)]، فيأتيه كل يوم ألف درهم، وهو على فراشه.
فما فائدة المخارجة؟ اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إن فائدتها أن الرقيق إذا حصَّل القدر الذي اتفق عليه فهو حُرٌّ في بقية وقته، إن شاء عمل، وإن شاء نام، وإن شاء ذهب مع إخوانه وزملائه، ولنفرض أنهما اتفقا على المخارجة كل يوم عشرة ريالات، وصار هذا الرقيق يحصل عشرة ريالات من الصبح إلى الظهر، فهنا الرقيق حر في بقية يومه من الظهر إلى العصر، إن شاء نام، أو طلب العلم، أو خرج للبَرِّ، ولنفرض أن هذا الرقيق حصَّل في آخر النهار خمسة ريالات، فقال السيد: أعطنيها، أنت ملكي وما ملكتَ، فأخذها منه، فهل يجوز؟
المذهب أنه يجوز، وعلى هذا ففائدة المخارجة على المذهب أنه إذا حصَّل القدر الذي اتفق عليه يرتاح، إن شاء عمل وإن شاء لم يعمل، بينما لو لم يكن بينهما مخارجة لكان السيد يملك أن يشغِّله من الصباح إلى آخر النهار.
وقال بعض أهل العلم: إن فائدة المخارجة أن ما اكتسبه العبد زائداً على القدر الذي اتفق عليه فهو له، وهو حر فيه، فمثلاً هذا العبد الذي اكتسب خمسة ريالات في آخر النهار، وقال السيد: أعطنيها، هي لي، فرفض المملوك، فالمذهب أن المملوك لا يملك ذلك، وأن للسيد أخذها.
والقول الصحيح أنه يملك ذلك، وأن ما كسبه زائداً على القدر المتفق عليه فهو له، ولا يرد على ذلك أن العبد لا يملك؛ لأن ملكه لسيده، فإذا وافق سيده على أن يكون ما ملكه له فإن الحق له وقد أسقطه، لكن لو شاء السيد فيما بعد وأبطل المخارجة فهل يجوز؟ نعم؛ لأنها عقد جائز، وليست عقداً لازماً والعبد مملوك.
قوله: «ويريحه وقت القائلة» القائلة التي تكون في منتصف النهار قبل الظهر، ولكن الظاهر أن مرادهم في الأيام الطويلة دون أيام الشتاء؛ لأن أيام الشتاء قصيرة، والراحة قد حصلت بنوم الليل، ثم ليس هناك تعب ولا مشقة، لكن في أيام الصيف تكون الحاجة ماسة إلى إراحته في وقت القائلة حتى وإن لم يشق عليه، فمثلاً لو كان يتمكن من الشغل في وقت القائلة بدون أن يشق عليه كثيراً فإنه يجب أن يريحه.
قوله: «والنوم» هل المراد نوم الليل أو النهار وقد قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[الروم: 23] ؟ لكن سبق أن عماد النوم الليل بلا شك، فيريحه وقت النوم.
قوله: «والصلاة» أي: يريحه أيضاً وقت الصلاة، أي: المفروضة؛ لأن التطوع الحق للسيد، فإن قال: أنا سأصلي التراويح ـ قيام رمضان ـ فللسيد منعه وأمره بأن يشتغل.
قوله: «ويركبه في السفر عقبة» الناس فيما مضى مراكبهم إبل، وحمير، وبغال، وخيل، وهذه الأشياء المركوبة قد لا تحتمل أن يركبها اثنان، فيجب عليه أن يركبه عقبة، والعُقبة أن يتعاقب معه فيركب السيد قليلاً، والعبد قليلاً.
وظاهر كلام المؤلف سواء كان ذلك يشق على الرقيق أو لا يشق، ولكننا إذا نظرنا إلى الحديث السابق: «ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق» [(241)]، قلنا: إذا كان هذا الرقيق نشيطاً لا يهمه أن يمشي فإنه لا يلزمه أن يعقبه، ولكنه على سبيل الأفضل والتواضع.
قوله: «وإن طلب نكاحاً زوَّجه أو باعه» إذا طلب العبد نكاحاً وجب عليه أن يزوجه؛ لأن تزويجه من الإنفاق، أو يبيعه على من يغلب على ظنه أنه يزوجه، أما أن يبيعه على شخص لا يزوجه أو قد يكون أقسى من صاحبه الأول، فهذا لا فائدة في بيعه.
قوله: «وإن طلبته أمة وطئها أو زوَّجها أو باعها» إذا طلبت الأمة الزواج فإنه يتخلص من الواجب عليه في إعفافها بواحد من أمور ثلاثة: إما بأن يطأها، أو يزوجها، أو يبيعها.
وقوله: «أو باعها» ليس على إطلاقه، بل لا بد أن يبيعها على من يمكنه أن يعفها إما بوطئها أو بكونه صاحب تقوى، فعلم أنه إذا لم يقدر على وطئها فإنه لن يتركها هملاً، أما أن يبيعها على من لا يقوم بالواجب فهذا لا يجوز؛ لأنه لا فرق بين أن تبقى عنده مهجورة، أو تباع على رجل يهجرها.
هذا الفصل في نفقة البهائم، والبهائم جمع بهيمة، وهي تقال مطلقة ومقيدة، فيقال: بهائم، ويقال: بهيمة الأنعام، فإذا قيدت ببهيمة الأنعام فتكون من الأصناف الأربعة التي ذكرها الله عزّ وجل في سورة الأنعام، فقال سبحانه: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 142، 143] الآية، ثم قال سبحانه: {وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 144] ، فبهيمة الأنعام عند الإضافة يراد به هذه الأصناف الأربعة.
وأما إذا أطلقت الأنعام فالمراد بها كل الدواب، وسميت بذلك من البُهم؛ لأن هذه البهائم لا تستطيع أن تعبِّر عما في نفسها، فإذا جاعت أو عطشت لا تتكلم، وتقول: أريد ماءً أو علفاً، بل غاية ما عندها أن تمد صوتها، لكن هل لها لغة معروفة فيما بينها؟ نعم، كل البهائم ـ بإذن الله ـ لها لغة معروفة فيما بينها من جنسها، ولهذا قال داود وسليمان عليهما السلام: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] ، وسبب وجوب النفقة على البهائم هو الملك.


[239] أخرجه مسلم في النذر/ باب إطعام المملوك مما يأكل.. (1662) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[240] ذكره ابن قدامة في المغني (8/203).
[241] سبق تخريجه ص(523)
[242] أخرجه أحمد (2/160)، وأبو داود في الزكاة/ باب في صلة الرحم (1692) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وصححه الألباني في الإرواء (3/406).


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرقيق, نفقة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir